وقال: (وما الله يريد ظلما للعباد).(2).
فهذا اعتقادنا في الإرادة والمشيئة ومخالفونا يشنعون علينا في ذلك ويقولون:
إنا نقول إن الله تعالى أراد المعاصي وأراد المعاصي وأراد قتل الحسين بن علي عليهما السلام وليس هكذا نقول.
ولكنا نقول: إن الله تعالى أراد أن يكون معصية العاصين خلاف طاعة المطيعين.
واردا أن تكون المعاصي غير منسوبة إليه من جهة الفعل وأراد أن يكون موصوفا بالعلم بها قبل كونها.
ونقول: أراد الله أن يكون قتل الحسين معصية خلاف الطاعة(3).
ونقول: أراد الله أن يكون قتله(4) منهيا عنه غير مأمور به.
ونقول: أراد الله تعالى أن يكون قتله مستقبحا غير مستحسن.
ونقول: أراد الله تعالى أن يكون قتله سخطا لله غير رضي.
ونقول أراد الله ألا يمنع من قتله بالجبر والقدرة(5) كما منع منه بالنهي.(6).
____________
(1) النساء 4: 27 (2) غافر 40: 31 (3) العبارة في ق: على معصية له خلاف الطاعة، وفي ر: معصية له...
(4) في م: القتل (5) في هامش م، ر: والقهر (6) في ق زيادة: والقول لا ندفع القتل عنه - عليه السلام - كما دفع...، والسقط واضح فيها. وفي ج:
والقول، ولو منع منه بالجبر والقدرة كما منع منه بالنهي والقول لا ندفع القتل عنه - عليه السلام - كما اندفع. وكأن الإضافة هنا لتدارك السقط في ق.
ونقول: لم يزل الله تعالى عالما بأن الحسين سيقتل(2) ويدرك بقتله سعادة الأبد، ويشقى قاتله شقاوة الأبد.
ونقول: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
هذا اعتقادنا في الإرادة والمشيئة دون ما نسبه(3) إلينا أهل الخلاف والمشنعون علينا من أهل الالحاد.
____________
(1) الأنبياء 21: 69.
(2) في هامش ر: بالجبر، وفي ج زيادة: جبرا.
(3) في ر، ج: ينسبه.
(7)
باب الاعتقاد في القضاء والقدر
قال الشيخ أبو جعفر - رحمة الله عليه - اعتقادنا في ذلك قول الصادق - عليه السلام - لزرارة حين سأله فقال: ما تقول - يا سيدي(1) - في القضاء والقدر؟ قال:
(أقول إن الله تعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما قضى عليهم(2).
والكلام في القدر منهي عنه، كما قال أمير المؤمنين - عليه السلام - لرجل قد سأله عن القدر، فقال: (بحر عميق فلا تلجه).
ثم سأله ثانية فقال: (طريق مظلم فلا تسلكه)، ثم سأله ثالثة فقال: (سر الله فلا تتكلفه)(3).
وقال أمير المؤمنين - عليه السلام - في القدر: (ألا إن القدر سر من سر الله) وستر من ستر الله، وحرز من حرز الله، مرفوع في حجاب الله، مطوي عن خلق الله، مختوم
____________
(1) أثبتناها من ر.
(2) رواه مسند المصنف في التوحيد: 365 / باب القضاء والقدر ج 2.
(3) المصدر السابق، ح 3 وفي ق، س: سر الله فلا تتكلمه، وفي هامش ر:... تكشفه، وفي التوحيد... تكلفه.
وروي أن أمير المؤمنين - عليه السلام - عدل من عند حائط مائل إلى مكان آخر، فقيل له: يا أمير المؤمنين، تفر من قضاء الله؟ فقال - عليه السلام -: (أفر من قضاء الله إلى قدر الله)(5).
وسئل الصادق - عليه السلام - عن الرقي، هل تدفع من القدر شيئا؟ فقال:
(هي من القدر)(6).
____________
(1) العبارة في ر: (وضع العباد عن علمه) وفي باقي النسخ والتوحيد: (وضع الله العباد عن علمه)، وفي هامش التوحيد: هكذا في كل النسخ إلا ج ففيها: (ومنع الله العباد عن علمه) وما أثبتناه هي عبارة البحار 5: 97 كما أوردها عن كتابنا هذا.
(2) العبارة في ق، ر: (لأنه لا ينالونه بحقيقته الربانية، ولا بقدرة / بقدر الصمدانية، ولا بعظمة / بالعظمة النورانية، ولا بعزة الوحدانية).
(3) كذا في النسخ، وفي التوحيد: (إليها) والظاهر أنها الأنسب.
(4) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 383 باب القضاء والقدر ح 32.
(5) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 369 باب القضاء والقدر ح 8 (6) المصدر السابق، ص 382 ح 29.
(8)
باب الاعتقاد في الفطرة والهداية
قال الشيخ أبو جعفر - رحمه الله - اعتقادنا في ذلك أن الله تعالى فطر جميع الخلق على التوحيد، وذلك قوله تعالى: (فطرت الله التي فطر الناس عليها)(1).
وقال الصادق - عليه السلام - في قول الله تعالى: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون) قال: - حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه).
وقال في قوله تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها) قال: (بين لها ما تأتي وما تترك).
وقال في قوله تعالى: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) قال (عرفناه إما آخذا وإما تاركا).
وفي قوله تعالى: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) قال:
(وهم يعرفون)(2).
____________
(1) الروم 30: 30.
(2) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 11 4 باب التعريف والبيان والحجة ح 4، والكليني في الكافي 1: 124 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة ح 3.
والآيات الكريمة على التوالي في التوبة 9: 15، الشمس 91: 8، الإنسان 76: 3، فصلت 41: 17.
وصيغة تفسير الآية الثانية في م هي: (يبين لها ما أتى وما ترك).
وصدر تفسير الآية الأخيرة في المصدرين هو: (عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى وهم...).
وقال - عليه السلام -: (ما حجب الله علمه عن العباد فهو، وضوع عنهم)(2).
وقال - عليه السلام -: (إن الله احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم)(3).
____________
(1) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 411 باب التعريف والبيان والحجة ح 5، والكليني في الكافي 1: 124 باب البيان والتعريف ح 4.
و الآية الكريمة في سورة البلد 90: 10.
(2) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 413 باب التعريف والبيان ح 9، والكليني في الكافي 1: 125 باب حجج الله على خلقه ح 3.
(3) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 410 باب التعريف والبيان والحجة ح 2، والكليني في الكافي 1: 124 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة ح 1.
(9)
باب الاعتقاد في الاستطاعة
قال الشيخ - رحمه الله - اعتقادنا في ذلك ما قاله موسى بن جعفر - عليه السلام - حين قال له: أيكون العبد مستطيعا؟
قال: (نعم، بعد أربع خصال: أن يكون مخلى السرب(1)، صحيح الجسم، سليم الجوارح، له سبب وارد من الله تعالى: فإذا تمت هذه فهو مستطيع).
فقيل له: مثلي أي شئ؟.
قال: (يكون الرجل مخلى السرب صحيح الجسم سليم الجوارح لا يقدر أن يزني إلا أن يرى امرأة، فإذا وجد المرأة فأما أن يعصم فيمتنع كما امتنع يوسف، وأما أن يخلى بينه وبينها فيزني فهو زان، ولم يطع الله بإكراه، ولم يعص بغلبة)(2).
وسئل الصادق - عليه السلام - عن قول الله تعالى: (وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سلمون) قال - عليه السلام -: (مستطيعون يستطيعون الأخذ بما أمروا به،
____________
(1) السرب: الطريق مجمع البحرين 2: 82 مادة سرب.
(2) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 348 باب الاستطاعة ح 7 عن أبي الحسن الرضا - عليه السلام - والكليني في الكافي 1: 122 باب الاستطاعة ح 1.
قال أبو جعفر - عليه السلام -: (في التوراة مكتوب: يا موسى، إني خلقتك واصطفيتك وقويتك، وأمرتك بطاعتي، ونهيتك عن معصيتي، فإن أطعتني أعنتك على طاعتي، وإن عصيتني لم أعنك على معصيتي، ولي المنة عليك في طاعتك لي، ولي الحجة عليك في معصيتك لي)(2).
____________
(1) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 349 باب الاستطاعة ح 9. وتنفرد نسخة م بصيغة للحديث كالتالي: (... لأخذ ما أمروا به، وترك ما نهوا..).
والآية الكريمة في سورة القلم 68: 43.
(2) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 406 باب الأمر والنهي ح 2، وفي أماليه: 254 المجلس الحادي والخمسون ح 3. وفي م: (في التوراة مسطور).
(10)
باب الاعتقاد في البداء
قال الشيخ أبو جعفر - رحمة الله عليه -: إن اليهود قالوا إن الله قد فرغ من الأمر.
قلنا: بل هو تعالى كل يوم هو في شأن، لا يشغله شأن عن شأن، يحيي ويميت(1)، ويخلق ويرزق، ويفعل ما يشاء.
وقلنا: يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، وإنه لا يمحوا إلا ما كان ولا يثبت إلا ما لم يكن.
وهذا ليس ببداء، كما قالت اليهود وأتباعهم(2) فنسبتنا اليهود في ذلك إلى القول بالبداء، وتابعهم على ذلك من خالفنا من أهل الأهواء المختلقة(3).
وقال الصادق - عليه السلام -: (ما بعث الله نبيا قط حتى يأخذ عليه الاقرار بالعبودية، وخلع الأنداد، وإن الله تعالى يؤخر ما يشاء ويقدم ما يشاء)(4).
____________
(1) العبارة: لا يشغله شأن... ويميت، ليست في ق، س. وفي ر: يحيي ويميت.
(2) السطر بأكمله ليس في ق، س.
(3) في م زيادة: من المخالفين.
(4) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 333 باب البداء ح 3، والكليني في الكافي 1: 114 باب البداء ح 3. وفي كلا المصدرين: (يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء).
وقال الصادق - عليه السلام -: (من زعم أن الله بدا (له) في شئ اليوم لم يعلمه أمس فابرؤا منه).(1)
وقال - عليه السلام -: (من زعم أن الله بدا له في شئ بداء ندامة، فهو عندنا كافر بالله العظيم).
وأما قول الصادق - عليه السلام -: (ما بدا لله في شئ كما بدا له في ابني إسماعيل) فإنه يقول: ما ظهر لله سبحانه أمر في شئ كما ظهر له في ابني إسماعيل، (إذ اخترمه قبلي، ليعلم أنه ليس بإمام بعدي)(2).
____________
(1) رواه مسندا المصنف في كمال الدين: 69 باب اعتراض الزيدية على الإمامية. وفي ق، س، ر: (من زعم أنه يريد الله عز وجل في شي) وما أثبتناه في المتن من م وهامش ر. وفي م: (أنا برئ) بدلا عن (فابرؤا).
(2) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 336 باب البداء ح 10.
(11)
باب الاعتقاد
في التناهي عن الجدل والمراء في الله عز وجل وفي دينه
قال الشيخ أبو جعفر - رحمة الله عليه -: الجدل في الله تعالى منهي عنه، لأنه يؤدي إلى ما لا يليق به.
وسئل الصادق - عليه السلام - عن قول الله عزو جل: (وأن إلى ربك المنتهى) قال: (إذا انتهى الكلام إلى الله تعالى فأمسكوا)(1).
وكان الصادق - عليه السلام - يقول: (يا بن آدم، لو أكل قلبك طائر ما أشبعه، وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والأرض: إن كنت صادقا فهذه الشمس خلقا من خلق الله، إن قدرت أن تملأ عينك منها فهو كما تقول)(2).
والجدل في جميع(3) أمور الدين منهي عنه.
____________
(1) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 456 باب النهي عن الكلام والمراء ح 9، والكليني في الكافي 1: 72 باب النهي عن الكلام في الكيفية ح 2. والآية الكريمة في سورة النجم 53: 42.
(2) المصدرين السابقين، الأول ص 455 ح 5، والثاني ص 73 ح 8.
(3) ليست في م، س.
وقال الصادق - عليه السلام -: (يهلك أصحاب الكلام وينجو المسلمون، إن المسلمين هم النجباء)(1).
فأما الاحتجاج على المخالفين(2) بقول الأئمة أو بمعاني كلامهم لمن يحسن الكلام فمطلق، وعلى من لا يحسن فمحظور محرم.
وقال الصادق - عليه السلام -: (حاجوا الناس بكلامي، فإن حاجوكم كنت أنا المحجوج لا أنتم).
وروي عنه - عليه السلام - أنه قال: (كلام في حق خير من سكوت على باطل).
وروي أن أبا هذيل العلاف قال لهشام بن الحكم: أناظرك على أنك إن غلبتني رجعت إلى مذهبك، وإن غلبتك رجعت إلى مذهبي.
فقال هشام: ما أنصفتني! بل أناظرك على أني إن غلبتك رجعت إلى مذهبي، وإن غلبتني رجعت إلى إمامي.
____________
(1) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 458 باب النهي عن الكلام والمراء ح 22.
(2) في ر، ح زيادة: بقول الله تعالى وبقول رسوله و.
(12)
باب الاعتقاد في اللوح والقلم
قال الشيخ أبو جعفر - رضي الله عنه -: اعتقادنا في اللوح والقلم أنهما ملكان.
(13)
باب الاعتقاد في الكرسي
قال أبو جعفر - رحمه الله -: اعتقادنا في الكرسي أنه وعاء جميع الخلق من(1) العرش والسماوات والأرض، وكل شئ خلق الله تعالى في الكرسي.
وفي وجه آخر(2) هو العلم.
وقد سئل الصادق - عليه السلام - عن قوله تعالى: (وسع كرسيه السماوات والأرض)؟
قال: (علمه)(3).
____________
(1) في ق، س: و.
(2) في م زيادة: الكرسي.
(3) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 327 باب معنى (وسع كرسيه السماوات والأرض) ح 1.
والآية الكريمة من سورة البقرة 2: 255.
(14)
باب الاعتقاد في العرش
قال الشيخ أبو جعفر - رحمه الله - اعتقادنا في العرض أنه جملة جميع الخلق.
والعرض في وجه آخر هو العلم.
وسئل الصادق - عليه السلام - عن قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)؟
فقال: (استوى من كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ)(1).
فأما العرش الذي هو جملة جميع الخلق فحملته ثمانية من الملائكة، لكل واحد منهم ثمانية أعين، كل عين طباق الدنيا:
واحد منهم على صورة بني آدم، فهو يسترزق الله تعالى لولد آدم. واحد منهم(2) على صورة الثور، يسترزق الله للبهائم كلها، وواحد منهم على صورة الأسد، يسترزق الله تعالى للسباع، وواحد منهم على صورة الديك، فهو يسترزق الله للطيور.
فهم اليوم هؤلاء الأربعة، فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.
____________
(1) رواه مسندا المصنف في التوحيد: 315 باب معنى (الرحمن على العرش استوى) ح 1، والكليني في الكافي: 1: 99 باب الحركة والانتقال ح 6. والآية الكريمة في سورة طه 20: 5.
(2) في م. والآخر، بدلا عن: واحد منهم، وكذا في الموضعين الآتيين.
فأما الأربعة من الأولين: فنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى. وأما الأربعة من الآخرين: فمحمد، وعلي، والحسن، والحسين، صلى الله عليهم،. هكذا روي بالأسانيد الصحيحة عن الأئمة - عليهم السلام - في العرش وحملته.
وإنما صار هؤلاء حملة العرش الذي هو العلم(1) لأن الأنبياء الذين كانوا قبل نبينا (ص) كانوا على شرائع الأربعة(2): نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، ومن قبل هؤلاء(3) صارت العلوم إليهم، وكذلك صار العلم من بعد محمد وعلي والحسن والحسين - عليهم السلام - إلى من بعد الحسين من الأئمة - عليهم السلام.
____________
(1) العبارة في ق، س: وإنما صار هؤلاء حملة العلم.
(2) في ر زيادة: من الأولين.
(3) في ر زيادة: الأربعة.
(15)
باب الاعتقاد في النفوس والأرواح
قال الشيخ أبو جعفر - عليه السلام - رحمه الله: اعتقادنا في النفوس أنها هي الأرواح التي بها الحياة، وأنها الخلق الأول، لقول النبي (ص): (إن أول ما أبدع الله سبحانه وتعالى هي النفوس المقدسة المطهرة(1)، فأنطقها بتوحيده، ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه).
واعتقادنا فيها أنها خلقت للبقاء ولم تخلق للفناء، لقول النبي (ص): (ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء، وإنما تنقلون من دار إلى دار).
وأنها في الأرض غريبة، وفي الأبدان مسجونة.
واعتقدنا فيها أنها إذا فارقت الأبدان فهي باقية، منها منعمة، ومنها معذبة، إلى أن يردها الله تعالى بقدرته إلى أبدانها.
وقال عيسى بن مريم للحواريين: (بحق أقول لكم، أنه لا يصعد إلى السماء إلا ما نزل منها).
وقال تعالى: (ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه)(2) فما
____________
(1) ف س: مقدسة مطهرة.
(2) الأعراف 7: 176.
وقال تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه)(1).
وقال تعالى: (إن المتقين في جنت ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر)(2).
وقال تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(3)
وقال تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)(4).
وقال النبي (ص): (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)(5).
وقال الصادق - عليه السلام -: (إن الله تعالى آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة، ولم يرث(6) الأخ من الولادة).
وقال - عليه السلام -: (إن الأرواح لتلتقي في الهواء فتعارف فتساءل، فإذا أقبل
____________
(1) المعارج 70: 4.
(2) القمر 54: 54 و 55.
(3) آل عمران 3: 169، 170.
(4) البقرة 2: 154.
(5) رواه مسندا المصنف في علل الشرائع 1: 84 عن الصادق - عليه السلام.
(6) كذا في النسخ وموضع من البحار 61: 78، وفي موضع آخر 6: 249 يورث.
وقال تعالى: (ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى)(3).
وقال تعالى: (وأما من خفت موازينه فأمه هواية وما أدراك ما هية نار حامية)(4).
ومثل الدنيا وصاحبها(5) كمثل البحر والملاح والسفينة.
وقال لقمان - عليه السلام - لابنه: يا بني، إن الدنيا بحر عميق وقد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله، واجعل زادك فيها تقوى الله، واجعل شراعها التوكل على الله. فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك)(6).
وأشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات(7): يوم يولد، ويوم يموت، يوم يبعث حيا.
ولقد سلم الله تعالى على يحيى في هذه الساعات، فقال الله تعالى: (وسلم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا)(8).
____________
(1) العبارة في النسخ: (فإذا أقبل روح من الأرض فدعوه) وما أثبتناه من ج وهامش ر.
(2) نحوه رواه مرسلا المصنف في الفقيه 1: 123 ح 593، ورواه مسندا الكليني في الكافي 3: 244 باب في أرواح المؤمنين.
(3) طه 20: 81.
(4) القارعة 101: 8 - 11.
(5) ليست في ق، س.
(6) رواه مرسلا المصنف في كتابه الفقيه 2: 185 باب الزاد في السفر ح 833. وفي ر، وهامش م:
(واجعل شراعك فيها التوكل). وفي ق، ر: (وإن هلكت فبذنوبك لا من الله).
(7) العبارة في ق، س: وأشد ساعاته.
(8) مريم 19: 15.
واعتقدنا في الأنبياء والرسل والأئمة - عليهم السلام - إن فيهم خمسة أرواح: روح القدس، وروح الإيمان، وروح القوة، وروح الشهوة، وروح المدرج.
وفي الكافرين والبهائم ثلاثة أرواح: روح القوة، روح الشهوة، وروح المدرج.
وأما قوله تعالى: (ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)(4) فإنه خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله والأئمة - عليهم السلام -(5) ومع الملائكة، وهو من الملكوت.
وأنا أصنف في هذا المعنى كتابا أشرح فيه معاني هذه الجمل إن شاء الله تعالى.
____________
(1) أثبتناها م، ج.
(2) مريم 19: 33.
(3) المؤمنون 23: 14.
(4) الاسراء 17: 85.
(5) والأئمة - عليهم السلام -، ليست في ق، س، وقد أثبتت في هامش م، ر مذيلة بإشارة غير واضحة إن كانت تعني بدلا عن الملائكة أو إضافة إليها. مع ملاحظة أن أحاديث الباب في الكافي 1:
215، والمنقول عن كتابنا في بحار الأنوار 61: 79، أثبتا الأئمة فقط.
(16)
باب الاعتقاد في الموت
قيل لأمير المؤمنين علي - عليه السلام - صف لنا الموت؟.
فقال - عليه السلام -: (على الخبير سقطتم، هو أحد ثلاثة أمور يرد عليه:
إما بشارة بنعيم الأبد، وإما بشارة بعذاب الأبد، وإما بتحزين(1) وتهويل وأمر مبهم(2) لا يدري من أي الفرق هو.
أما ولينا والمطيع لأمرنا فهو المبشر بنعيم الأبد.
وأما عدونا والمخالف لأمرنا، فهو المبشر بعذاب الأبد.
وأما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله، فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤول حاله(3) يأتيه الخبر مبهما مخوفا(4) ثم لن يسويه الله بأعدائنا، ويخرجه من النار بشفاعتنا.
فاعلموا(5) وأطعيوا ولا تتكلوا(6) ولا تستصغروا عقوبة الله، فإن من
____________
(1) في ق: بتخويف.
(2) (وأمر مبهم) أثبتناها من م.
(3) (لا يدري ما يؤول حاله) أثبتناها من م.
(4) العبارة في النسخ مضطربة، فهي ما بين: (الخير / الخبر، مبهما / منهما) ولكنها تتفق في: (محرفا) وما أثبتناه من ج ومعاني الأخبار.
(5) في هامش س: (فاعقلوا) وفي بعض النسخ: (فاعتملوا).
(6) في ر: (تتكلموا)، وتقرأ في بقية النسخ: (تنكلوا).
وسئل الحسن بن علي - عليهما السلام -، ما الموت الذي جهلوه؟
فقال - عليه السلام: (أعظم سرور يرد على المؤمنين إذ نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الأبد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين إذ نقلوا عن جنتهم إلى نار لا تبيد ولا تنفد(2).
ولما اشتد الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب - عليهما السلام -: نظر إليه من كان معه فإذا هو بخلافهم، لأنهم إذا اشتد بهم الأمر تغيرت ألوانهم، وارتعدت فرائصهم، ووجلت قلوبهم، ووجبت جنوبهم. وكان الحسين - عليه السلام - وبعض من معه من خواصه(3) تشرق ألوانهم، وتهدأ جوارحهم، وتسكن نفوسهم.
فقال بعضهم لبعض: أنظروا إليه لا يبالي بالموت.
فقال لهم الحسين - عليه السلام -: (صبرا بني الكرام، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضر(4) إلى الجنان الواسعة والنعم(5) الدائمة، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر، وهؤلاء أعداؤكم كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب أليم: إن أبي حدثني عن رسول الله: إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر.
والموت جسر(6) هؤلاء إلى جناتهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كذبت ولا كذبت)(7).
____________
(1) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار: 288 باب معنى الموت ح 2.
(2) المصدر السابق، ح 3.
(3) في جميع النسخ والبحار ومعاني الأخبار: خصائصه، وما أثبتناه من ج.
(4) في م: والضراء.
(5) في م، س: والنعيم، وفي ر: والنعمة.
(6) في ق: حشر، وكذا التبي بعدها.
(7) رواه المصنف في معاني الأخبار: 288 باب معنى الموت ح 3.