وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من أتى ذا بدعة فوقره فقد سعى في هدم الاسلام)(1).
واعتقادنا فيمن خالفنا في شئ(2) من أمور الدين كاعتقادنا فيمن خالفنا في جميع أمور الدين.
(40)
باب الاعتقاد في آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم(3).
قال الشيخ - رضي الله عنه -: اعتقادنا في آباء النبي(4) أنهم مسلمون من آدم إلى أبيه عبد الله، وأن أبا طالب كان مسلما، وأمه آمنة بنت وهب كانت مسلمة.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لن آدم).
وروي أن عبد المطلب كان حجة وأبا طالب كان وصيه(5).
____________
(1) الفقيه 3: 375 باب معرفة الكبائر ح 1771.
(2) في ر، ح زيادة: واحد.
(3) و (4) في ر زيادة: وعلي - عليه السلام.
(5) ق، س: وروي أن عبد المطلب كانت حجة أبا طالب ووصيه، وفي ر: إن عبد الله كانت حجة... وما أثبتناه من ج وبحار الأنوار 15: 117.
(41)
باب الاعتقاد في العلوية
قال الشيخ - رضي الله عنه -: اعتقادنا في العلوية أنهم(1) آل رسول الله، وأن مودتهم واجبة، لأنها أجر النبوة(2).
قال عز وجل: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)(3).
والصدقة عليهم محرمة، لأنها أوساخ(4) أيدي الناس وطهارة لهم، إلا صدقتهم لإمائهم وعبيدهم، وصدقة بعضهم على بعض.
وأما الزكاة فإنها تحل لهم اليوم(5) عوضا عن الخمس، لأنهم قد منعوا منه.
واعتقادنا في المسئ منهم أن عليه ضعف العقاب، وفي المحسن منهم أن له ضعف الثواب.
وبعضهم أكفاء بعض، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين نظر إلى بنين وبنات علي وجعفر ابني (أبي) طالب: (بناتنا كبنينا، وبنونا كبناتنا)(6).
وقال الصادق - عليه السلام -: (من خالف دين الله، وتولى أعداء الله، أو عادى أولياء الله، فالبراءة منه واجبة، كائنا من كان، من أي قبيلة كان).
____________
(1) في ر زيادة: من.
(2) في ح: الرسالة.
(3) الشورى 42: 23.
(4) في ر، ج زيادة: ما في.
(5) أثبتناها من ر.
(6) رواه مرسلا المصنف في الفقيه 3: 249 باب الأكفاء ح 1184. وفي بعض النسخ: بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا.
وقال الصادق - عليه السلام -: (ولايتي لأمير المؤمنين - عليه السلام - أحب إلي من ولادتي منه).
وسئل الصادق - عليه السلام - عن آل محمد، فقال: (آل محمد من حرم على رسول الله نكاحه)(1).
وقال الله عز وجل: (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون)(2).
وسئل الصادق - عليه السلام - عن قول الله عز وجل: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) فقال: (الظالم لنفسه منا من لا يعرف حق الإمام، والمقتصد العارف بحق الإمام، والسابق بالخيرات بإذن الله هو الإمام)(3).
وسأل إسماعيل أباه الصادق - عليه السلام -، فقال: ما حال المذنبين منا؟
فقال - عليه السلام -: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به)(4).
وقال أبو جعفر الباقر - عليه السلام - في حديث طويل: (ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب الخلق إلى الله أتقاهم له وأعملهم بطاعته. والله ما يتقرب إلى الله عز وجل ثناؤه إلا بالطاعة، ما معناه براءة من النار، ولا على الله لأحد من حجة. من
____________
(1) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار: 93 باب معنى الآل ح 1.
(2) الحديد 57: 26.
(3) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار: 104 باب معنى الظالم لنفسه ح 2. والآية الكريمة في سورة فاطر 35: 32.
(4) رواه مسندا المصنف في عيون أخبار الرضا - عليه السلام - 2: 234 ح 5. والآية الكريمة في سورة النساء 4: 123.
وقال نوح - عليه السلام -: (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين)(2).
وسئل الصادق - عليه السلام - عن قوله تعالى: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) قال: (من زعم أنه إمام وليس بإمام) قيل: وإن كان علويا فاطميا؟ قال: (وإن كان علويا فاطميا)(3).
وقال الصادق - عليه السلام -: (ليس بينكم وبين من خالفكم إلا المطمر). قيل:
فأي شئ المطمر؟ قال: الذي تسمونه التر، فمن خالفكم وجازه فابرؤوا منه وإن كان علويا فاطميا)(4).
وقال الصادق - عليه السلام - لأصحابه(5) في ابنه عبد الله: (إنه ليس على شئ مما أنتم عليه، وإني أبرأ منه، برئ الله منه).
____________
(1) رواه مسندا المصنف في أماليه: 499 المجلس الحادي والتسعين ح 3، والكليني في الكافي 2: 60 باب الطاعة والتقوى ح 3.
(2) هود 11: 45 - 47.
(3) رواه مسندا المصنف في ثواب الأعمال: 254 باب عقاب من ادعى الإمامة ح 1. والآية الكريمة في سورة الزمر 39: 60.
(4) رواه مسندا المصنف في معاني الأخبار: 212. وفي النسخ كافة: (المضمر) بدل (المطمر)، و (البراءة) بدل (التر) وهو تصحيف بين. والمطمر - بكسر الميم الأولى وفتح الثانية - الخيط الذي يقوم عليه البناء، ويسمى التر أيضا. مجمع البحرين 3: 377، النهاية لابن الأثير 3: 138.
(5) أثبتناها من ر، ج.
(42)
باب الاعتقاد في الأخبار المفسرة والمجملة
قال الشيخ - رضي الله عنه -: اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المجمل، كما قال الصادق - عليه السلام -.
(43)
باب الاعتقاد في الحظر والإباحة
قال الشيخ - رضي الله عنه -: اعتقادنا في ذلك أن الأشياء كلها مطلقة حتى يرد في شئ منها نهي.
(44)
باب الاعتقاد في الأخبار الواردة في الطب
قال الشيخ أبو جعفر - رضي الله عنه -: اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطب أنها على وجوه:
منها: ما قيل على هواء مكة والمدينة، فلا يجوز استعماله في سائر الأهوية.
ومنها: ما أخبر به العالم - عليه السلام - على ما عرف من طبع الرسائل ولم يتعد موضعه، إذ كان أعرف بطبعه منه.
ومنها: ما دلسه المخالفون في الكتب لتقبيح صورة المذهب عند الناس.
ومنها: ما وقع فيه سهو من ناقله(1).
ومنها: ما حفظ بعضه ونسي بعضه.
وما روي في العسل أنه شفاء من كل داء(2) فهو صحيح، ومعناه أنه شفاء من كل داء بارد.
وما روي في الاستنجاء بالماء البارد لصاحب البواسير(3) فإن ذلك إذا كان
____________
(1) العبارة بأكملها ليست في م، ق، س، وأثبتناها من ج وبحار الأنوار 62: 64، وقد تقرأ في ر - إ ذ كتبت في الهامش -: ما وقع وهم فيه وسهو من ناقله.
(2) رواه مسندا المصنف في الخصال 2: 623 باب حديث الأربعمائة ح 10.
(3) المصدر السابق ص 612.
وما روي في الباذنجان من الشفاء(1) فإنه في وقت إدراك الرطب لمن يأكل الرطب، دون غيره من سائر الأوقات(2).
وأما أدوية العلل الصحيحة عن الأئمة - عليهم السلام - فهي آيات القرآن وسوره والأدعية على حسب ما وردت به الآثار(3) بالأسانيد القوية والطرق الصحيحة.
وقال الصادق - عليه السلام -: (كان فيما مضى يسمى الطبيب: المعالج، فقال موسى - عليه السلام -: يا رب، ممن الداء؟ فقال: مني يا موسى. قال: يا رب، فممن الدواء؟ فقال: مني. قال: فما يصنع الناس بالمعالج؟ فقال: يطيب أنفسهم بذلك، فسمي الطبيب لذلك(4).
وأصل الطب التداوي.
وكان داود - عليه السلام - تنبت في محرابه في كل يوم حشيشة، فتقول: خذني فإني أصلح لكذا وكذا، فرأى آخر عمره حشيشة نبتت في محرابه، فقال لها: ما اسمك، فقالت: أنا الخروبية(5) فقال دواد - عليه السلام -: خرب المحراب، فلم ينبت فيه شئ بعد ذلك).
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من لم تشفه (الحمد لله) فلا شفاه الله تعالى)(6).
____________
(1) المحاسن: 525 باب الباذنجان ح 755.
(2) في س: الآفات.
(3) في هامش ر: الأخبار.
(4) رواه مسندا المصنف في علل الشرائع: 525 ح 1، والكليني في الكافي 8: 88 ح 52. وفي ق، ر:
فسمي الطبيب طبيبا لذلك.
(5) في بعض النسخ: الخرنوبة.
(6) نحوه رواه مسندا الكليني في الكافي 2: 458 باب فضل القرآن ح 22.
(45)
باب الاعتقاد في الحديثين المختلفين
قال الشيخ أبو جعفر - رضي الله عنه -: اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة - عليهم السلام - أنها موافقة لكتاب الله تبارك وتعالى، متفقة المعاني غير مختلفة، لأنها مأخوذة من طريق(1) الوحي عن الله تعالى، ولو كانت من عند غير الله تعالى لكانت مختلفة. ولا يكون اختلاف ظواهر الأخبار إلا لعلل مختلفة.
مثل ما جاء في كافرة الظهار عتق رقبة.
وجاء في خبر آخر صيام شهرين متتابعين.
وجاء في خبر آخر إطعام ستين مسكينا.
وكلها صحيحة، فالصيام لمن لم يجد العتق، والاطعام لمن لم يستطع الصيام.
وقد روي(2) أنه يتصدق بما يطيق، وذلك محمول على من لم يقدر على الاطعام.
ومنها ما يقوم كل واحد منها مقام الآخر، مثل ما جاء في كفارة اليمين
____________
(1) في ق زيادة غير.
(2) في هامش ر: قيل.
وفي الأخبار ما ورد للتقية.
وروي عن سليم بن قيس الهلالي أنه قال: قلت لأمير المؤمنين - عليه السلام -:
إني سمعت من سلمان ومقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن، ومن الأحاديث عن النبي أنتم تخالفونهم فيها وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم؟.
قال: فقال علي - عليه السلام -: (قد سألت فافهم الجواب: إن ما في أيدي الناس: حق وباطل، وصدق وكذب، وناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه، وحفظ ووهم.
وقد كذب على رسول الله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس، قد كثرت الكذابة علي(3) فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعد.
وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:
رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالاسلام، لا يتأثم ولا يتحرج(4)
____________
(1) المائدة 5: 89.
(2) العبارة: فإذا ورد... بتحرير رقبة، ليست في ق، س.
(3) العبارة في م: (قد كثر الكذب علي).
(4) العبارة في ق، س، ر: لم يأثم ولم / لا يخرج / يجزع.
ورجل آخر سمع من رسول الله(5) شيئا لم يحفظه على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا، فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه، ويقول: أنا سمعته من رسول الله(6). فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.
ورجل ثالث سمع من رسول الله شيئا أمر به، ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ، ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ. فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه أنه منسوخ لرفضوه.
ورجل رابع لم يكذب على رسول الله، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله، لم يسه(7) بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به كما سمع، لم يزد ولم
____________
(1) في م: صاحب.
(2) المنافقون 63: 4.
(3) أثبتناها من ج، وهامش م، وفي النسخ: فتفرقوا.
(4) في م، ر: عصمه.
(5) أثبتناها من ر، وفي النسخ: وسمع رجل آخر من رسول الله.
(6) في م: أنا سمعت رسول الله.
(7) في م: ينسه، وفي ر: يتشبه به، وفي هامشها: يشتبه به.
وإن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل القرآن(1)، ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه. وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص، مثل القرآن، قال الله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)(2) فاشتبه على من لم يعرف ما عني الله ورسوله، وليس كل أصحاب رسول الله يسألونه ويستفهمونه، لأن فيهم قوما كانوا يسألونه ولا يستفهمونه، لأن الله تعالى نهاهم عن السؤال، حيث يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم * قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين)(3).
فامتنعوا من السؤال حتى إن كانوا يحبون أن يجئ الأعرابي والبدوي فيسأل وهم يسمعون.
وكنت أدخل على رسول الله في كل ليلة دخلة، وأخلو به في كل يوم خلوة، يجيبني عما أسأل، وأدور به حيثما دار، وقد علم أصحاب رسول الله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري، وربما كان ذلك في بيتي.
وكنت إذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي(4) وأقام نساءه، فلم يبق غيري وغيره، وإذا أتاني هو للخلوة وأقام من في بيتي لم يقم عنا فاطمة ولا أحد ابناي(5).
____________
(1) في م زيادة: كذلك.
(2) الحشر 59: 7.
(3) المائدة 5: 101، 102.
(4) في م، ر: أخلاني.
(5) في بعض النسخ: ولا أحدا من أبنائي.
فما نزلت على رسول الله آية من القرآن، ولا شئ علمه الله تعالى من حلال أو حرام، أو أمر أو نهي، أو طاعة أو معصية، أو شئ كان أو يكون، إلا وقد علمنيه وأقرأنيه، وأملاه علي وكتبته بخطي، وأخبرني بتأويل ذلك وظهره وبطنه، فحفظته ثم لم أنس منه حرفا.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أخبرني بذلك كله يضع يده على صدري، ثم يقول:
اللهم املأ قلبه علما، وفهما، ونورا، وحلما، وحكما(1) وإيمانا وعلمه ولا تجهله، واحفظه ولا تنسه.
فقلت له ذات يوم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، هل تتخوف علي النسيان؟.
فقال: يا أخي، لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل، وقد أخبرني الله تعالى أنه قد استجاب لي فيك(2) ولشركائك الذين يكونون بعدك.
قلت: يا رسول الله ومن شركائي؟
قال: الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وبطاعتي.
قلت: من هم يا رسول الله؟
قال: الذين قال الله تعالى فيهم: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)(3).
قلت: يا نبي الله، من هم؟
____________
(1) أثبتناها من م، ر.
(2) في ق، ر: أجابني فيك.
(3) النساء 4: 59.
قلت: يا رسول الله، سمهم لي.
قال: أنت يا علي، ثم ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن، ثم ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسين، ثم ابنه سميك يا أخي سيد العابدين، ثم ابنه يسمى محمدا، باقر علمي، وخازن وحي الله، وسيولد في زمانك يا أخي فاقرأه مني السلام، ثم(2) تكملة اثني عشر إماما من ولدك إلى مهدي أمة(3) محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت قبله ظلما وجورا.
والله إني لأعرفه - يا سليم - حيث يبايع بين الركن والمقام، وأعرف أسماء أنصاره وقبائلهم.
قال سليم بن قيس: ثم لقيت الحسن والحسين - عليهما السلام - بالمدينة بعد ما ملك معاوية، فحدثتهما بهذا الحديث عن أبيهما، قالا: (صدق، قد حدثك أمير المؤمنين بهذا الحديث ونحن جلوس، وقد حفظن ذلك عن رسول الله كما حدثك، فلم يزد فيه حرفا ولم ينقص منه حرفا).
قال سليم بن قيس: ثم لقيت علي بن الحسين، وعنده ابنه محمد بن علي
____________
(1) العبارة في م: قال (الأوصياء الذين هم الأصفياء الأوصياء بعدي).
(2) في ر، ج زيادة: (ثم جعفر بن محمد، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي الزكي، ثم من اسمه اسمي، ولونه لوني، القائم بأمر الله في آخر الزمان، مهدي أمة محمد جده، الذي يملأ...).
(3) تقرأ في م: اسمه، وفي ر: إنه.
قال أبان بن أبي عياش: فحدثت علي بن الحسين بهذا(1) كله عن سليم بن قيس الهلالي، فقال: (صدق، وقد جاء جابر بن عبد الله الأنصاري إلى ابني محمد وهو يختلف إلى كتاب، فقبله واقرأه السلام من رسول الله).
قال أبان بن أبي عياش: فحججت بعد موت علي بن الحسين، فلقيت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين فحدثته بهذا الحديث كله عن سليم، فاغرورقت عيناه وقال: (صدق سليم(2)، وقد أتى أبي بعد قتل جدي الحسين وأنا عنده، فحدثه بهذا الحديث بعينه، فقال له أبي: صدقت والله - يا سليم - قد حدثني بهذا الحديث أبي عن أمير المؤمنين)(3).
وفي كتاب الله ما يحسبه الجاهل مختلفا متناقضا وليس بمختلف ولا متناقض.
وذلك مثل قوله تعالى: (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا)(4).
وقوله تعالى: (نسوا الله فنسيهم)(5).
ثم يقول بعد ذلك: (ما كان ربك نسيا)(6).
____________
(1) أثبتناها من ج.
(2) في ق، س، ر، زيادة: رحمه الله.
(3) رواه سليم في كتابه: 61، والمصنف في الخصال إلى قوله - عليه السلام -: (واحفظه ولا تنسه) 1:
255 باب الأربعة ح 131.
(4) الأعراف 7: 51.
(5) التوبة 9: 67.
(6) مريم 19: 64.
ومثل قوله تعالى: (ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا)(2).
وقوله تعالى: (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار)(3).
ثم يقول تعالى: (لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد)(4).
ويقول تعالى: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون)(5).
ومثل قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة)(6).
ثم يقول تعالى: (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)(7).
وقال تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب)(8).
ثم يقول: (وكلم الله موسى تكليما)(9).
____________
(1) النبأ 78: 38.
(2) العنكبوت 29: 25.
(3) ص 38: 64.
(4) ق 50: 28.
(5) يس 36: 65.
(6) القيامة 75: 22، 23.
(7) الأنعام 6: 103.
(8) الشورى 42: 51.
(9) النساء 4: 164.
وقال تعالى: (يا أيها النبي)(2) و (يا أيها الرسول)(3).
ومثل قوله: (عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر في كتاب مبين)(4).
ثم يقول تعالى: (ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم)(5).
ثم يقول: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)(6).
ومثل قوله تعالى: (أمنتم من في السماء أن يخف بكم الأرض فإذا هي تمور)(7).
وقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)(8).
وقوله تعالى: (وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سرّكم وجهركم)(9).
ثم يقول تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا)(10).
ويقول تعالى عز وجل: (وهو معكم أين ما كنتم)(11).
____________
(1) الأعراف: 7: 22.
(2) الأنفال 8: 64، التوبة 9: 73.
(3) المائدة 5: 41، 67.
(4) سبأ 34: 3.
(5) آل عمران 3: 77.
(6) المطففين 83: 15.
(7) الملك: 67: 16.
(8) طه 20: 5.
(9) الأنعام 6: 3.
(10) المجادلة 58: 7.
(11) الحديد 57: 4.
ويقول تعالى: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك)(2).
ومن قوله تعالى: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)(3).
ثم يقول تعالى: (توفته رسلنا وهم لا يفرطون)(5).
ويقول تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها)(6).
ومثله في القرآن كثير.
وقد سأل عنه رجل من الزنادقة أمير المؤمنين - عليه السلام - فأخبره بوجوه اتفاق معاني هذه الآيات، وبين له تأويلها. وقد أخرجت الخبر في ذلك مسندا بشرحه في كتاب التوحيد(7).
وسأجرد كتابا في ذلك بمشيئة الله وعونه إن شاء الله تعالى.
____________
(1) ق 50: 16.
(2) الأنعام 6: 158.
(3) السجدة 32: 11.
(4) الأنعام 6: 61.
(5) النحل 16: 32.
(6) الزمر 39: 42.
(7) التوحيد: 255.