قال في الجواب عن حديث " من ناصب علياً الخلافة فهو كافر "، قال:
إنّ هذه الأحاديث تقدح في علي، وتوجب أنّه كان مكذّباً لله ورسوله، فيلزم من صحّتها كفر الصحابة كلّهم هو وغيره، أمّا الذين ناصبوه الخلافة فإنّهم في هذا الحديث المفترى كفّار، وأمّا علي فإنّه لم يعمل بموجب هذه النصوص.
|
وأما علي فكثير من السابقين الأولين لم يتّبعوه ولم يبايعوه، وكثير من الصحابة والتابعين قاتلوه(1).
|
ونصف الأُمّة أو أقل أو أكثر لم يبايعوه، بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم، وكثير منهم لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه(2).
|
ثمّ يقول ـ ولاحظوا عباراته، كلمات حتّى سماعها يحزّ في النفس، فكيف قراءتها والنظر فيها والتأمل فيها ـ يقول:
لكنّ نصف رعيّته يطعنون في عدله، فالخوارج يكفّرونه، وغير الخوارج من أهل بيته وغير أهل بيته يقولون: إنّه لم ينصفهم، وشيعة عثمان يقولون: إنّه ممّن ظلم عثمان. وبالجملة، لم يظهر لعلي من العدل، مع كثرة الرعية وانتشارها، ما ظهر لعمر، ولا قريب منه(3).
|
____________
1- منهاج السنة 8 / 234.
2- منهاج السنة 4 / 105.
3- منهاج السنة 6 / 18.
وأمّا تخلّف من تخلّف عن مبايعته، فعذرهم في ذلك أظهر من عذر سعد بن عبادة وغيره لمّا تخلّفوا عن بيعة أبي بكر(1).
|
وروي عن الشافعي وغيرهم أنّهم قالوا: الخلفاء ثلاثة أبوبكر وعمر وعثمان(2).
|
والخلفاء الثلاثة فتحوا الأمصار، وأظهروا الدين في مشارق الأرض ومغاربها، ولم يكن معهم رافضي، بل بنو أميّة بعدهم، مع انحراف كثير منهم عن علي وسبّ بعضهم له، غلبوا على مدائن الإسلام كلّها من مشارق الأرض إلى مغربها، وكان الإسلام في زمنهم أعزّ منه فيما بعد ذلك بكثير... وأظهروا الإسلام فيها وأقاموه... ويقال: إنّ فيهم من كان يسكت عن علي، فلا يربّع به في الخلافة، لأنّ الأُمّة لم تجتمع عليه... وقد صنّف بعض علماء الغرب كتاباً كبيراً في الفتوح، فذكر فتوح النبي (صلى الله عليه وسلم)، وفتوح الخلفاء بعده أبي بكر وعمر وعثمان، ولم يذكر عليّاً مع حبّه له وموالاته له، لأنّه لم يكن في زمنه فتوح(3). وكان بالأندلس كثير من بني أُميّة... يقولون: لم يكن خليفة، وإنّما الخليفة من اجتمع الناس عليه، ولم يجتمعوا على علي. وكان من هؤلاء من يربّع بمعاوية في خطبة الجمعة، فيذكر الثلاثة ويربّع |
____________
1- منهاج السنة 4 / 388.
2- منهاج السنة 4 / 404.
3- منهاج السنّة 6 / 419 ـ 420.
بمعاوية ولا يذكر عليّاً...(1). |
فلم يظهر في خلافته دين الإسلام، بل وقعت الفتنة بين أهله، وطمع فيهم عدوّهم من الكفّار والنصارى والمجوس(2).
|
وأمّا علي فلم يتفق المسلمون على مبايعته، بل وقعت الفتنة في تلك المدّة، وكان السيف في تلك المدّة مكفوفاً عن الكفّار مسلولاً على أهل الإسلام(3). وهذا كان حجّة من كان يربّع بذكر معاوية ولا يذكر عليّاً(4). ولم يكن في خلافة علي للمؤمنين الرحمة التي كانت في زمن عمر وعثمان، بل كانوا يقتتلون ويتلاعنون، ولم يكن لهم على الكفّار سيف، بل الكفّار كانوا قد طمعوا فيهم، وأخذوا منهم أموالاً وبلاداً(5). فإذا لم يوجد من يدّعي الإماميّة فيه أنّه معصوم وحصل له سلطان بمبايعة ذي الشوكة إلاّ علي وحده، وكان مصلحة المكلّفين واللّطف الذي حصل لهم في دينهم ودنياهم في ذلك الزمان أقلّ منه في زمن الخلفاء الثلاثة، وعلم بالضرورة أن ما يدّعونه من |
____________
1- منهاج السنّة 4 / 401 ـ 402.
2- منهاج السنّة 4 / 117.
3- منهاج السنّة 4 / 161.
4- منهاج السنّة 4 / 162.
5- منهاج السنّة 4 / 485.
اللطف والمصلحة الحاصلة بالأئمّة المعصومين باطل قطعاً(1).
|
ومن ظنّ أنّ هؤلاء الاثني عشر هم الذين تعتقد الروافض إمامتهم، فهو في غاية الجهل، فإنّ هؤلاء ليس فيهم من كان له سيف إلاّ علي بن أبي طالب، ومع هذا فلم يتمكّن في خلافته من غزو الكفّار، ولا فتح مدينة ولا قتل كافراً، بل كان المسلمون قد اشتغل بعضهم بقتال بعض، حتّى طمع فيهم الكفّار بالشرق والشام، من المشركين وأهل الكتاب، حتّى يقال إنّهم أخذوا بعض بلاد المسلمين، وإنّ بعض الكفّار كان يحمل إليه كلام حتّى يكفّ عن المسلمين، فأيّ عزّ للإسلام في هذا ـ أي في حكومة علي. ... وأيضاً فالإسلام عند الإماميّة هو ما هم عليه، وهم أذلّ فرق الأُمّة، فليس في أهل الأهواء أذلّ من الرافضة(2). |
فإنّ عليّاً قاتل على الولاية، وقُتل بسبب ذلك خلق كثير، ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفّار ولا فتح لبلادهم، ولا كان المسلمون في زيادة خير(3). فما زاد الأمر إلاّ شدّة، وجانبه إلاّ ضعفاً، وجانب من حاربه إلاّ قوّة والأُمّة إلاّ افتراقاً(4). |
____________
1- منهاج السنّة 3 / 379.
2- منهاج السنّة 8 / 241 ـ 242.
3- منهاج السنّة 6 / 191.
4- منهاج السنّة 7 / 452.
ولهذا جعل طائفة من الناس خلافة علي من هذا الباب، وقالوا: لم تثبت بنص ولا إجماع(1).
|
لأن النص والإجماع المثبتين لخلافة أبي بكر ليس في خلافة عليّ مثلها، فانه ليس في الصحيحين ما يدلّ على خلافته، وإنّما روى ذلك أهل السنن، وقد طعن بعض أهل الحديث في حديث سفينة(2).
|
ويقول:
وأحمد بن حنبل، مع أنه أعلم أهل زمانه بالحديث، احتج على إمامة علي بالحديث الذي في السنن: " تكون خلافة النبوة ثلاثين سنة، ثم تصير مُلكاً " وبعض الناس ضعّف هذا الحديث، لكن أحمد وغيره يثبتونه(3).
|
وعلي يقاتل ليطاع ويتصرّف في النفوس والأموال، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين(4).
|
حتّى أنّه يجعل عليّاً مصداقاً لقوله تعالى: ( تِلْكَ الدَّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلاَ فَسَاداً والعَاقِبَةُ للمُتَّقِينَ )(5).
____________
1- منهاج السنّة 8 / 243.
2- منهاج السنّة 4 / 388.
3- منهاج السنّة 7 / 50.
4- منهاج السنّة 8 / 329.
5- القصص: 83.
فمن أراد العلوّ في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة(1).
|
قاتل ليطاع هو (2).
|
والذين قاتلوا من الصحابة لم يأت أحد منهم بحجّة توجب القتال، لا من كتاب ولا من سنّة، بل أقرّوا بأنّ قتالهم كان رأياً رأوه، كما أخبر بذلك علي (رضي الله عنه) عن نفسه(3). وأمّا قتال الجمل وصفّين، فقد ذكر علي (رضي الله عنه) أنّه لم يكن معه نصّ من النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإنّما كان رأياً، وأكثر الصحابة لم يوافقوه على هذا القتال(4). أن القتال كان قتال فتنة بتأويل، لم يكن من الجهاد الواجب ولا المستحب(5). وقتل خلقاً كثيراً من المسلمين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويصومون ويصلّون(6). |
____________
1- منهاج السنّة 4 / 500.
2- منهاج السنّة 4 / 500.
3- منهاج السنّة 1 / 526.
4- منهاج السنّة 6 / 333.
5- منهاج السنّة 7 / 57.
6- منهاج السنّة 6 / 356.
وأين أخذ المال وارتفاع بعض الرجال، من قتال الرجال الذين قتلوابصفّين ولم يكن في ذلك عزّ ولا ظفر؟... حرب صفّين التي لم يحصل بها إلاّ زيادة الشر وتضاعفه لم يحصل بها من المصلحة شيء(1). ولهذا كان أئمّة السنّة كمالك وأحمد وغيرهما يقولون: إنّ قتاله للخوارج مأمور به، وأمّا قتال الجمل وصفّين فهو قتال فتنة. ولهذا كان علماء الأمصار على أن القتال كان قتال فتنة وكان من قعد عنه أفضل ممن قاتل فيه(2). وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنه)ندم على أمور فعلها من القتال وغيره... وكان يقول ليالي صفّين: لله درّ مقام قامه عبدالله بن عمر وسعد بن مالك، إن كان برّاً إنّ أجره لعظيم، وإن كان إثماً إنّ خطره ليسير(3). |
يضيف إنّ عليّاً كان يقول لابنه الحسن (عليه السلام) في ليالي صفّين:
يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الأمر يبلغ إلى هذا، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة(4).
|
____________
1- منهاج السنّة 8 / 143.
2- منهاج السنّة 8 / 233.
3- منهاج السنّة 6 / 209.
4- منهاج السنّة 6 / 209.
يقول:
ولمّا رجع من صفّين تغيّر كلامه... وتواترت الآثار بكراهته الأحوال في آخر الأمر(1). وكان علي أحياناً يظهر فيه الندم والكراهة للقتال، ممّا يبيّن أنّه لم يكن عنده فيه شيء من الأدلّة الشرعيّة(2). وممّا يبيّن أنّ عليّاً لم يكن يعلم المستقبل، إنّه ندم على أشياء ممّا فعلها... وكان يقول ليالي صفّين: يا حسن يا حسن، ما ظنّ أبوك أنّ الأمر يبلغ هذا، لله درّ مقام قامه سعد بن مالك وعبدالله بن عمر...(3). |
هذا رواه المصنّفون(4).
|
يقول:
وتواتر عنه أنّه كان يتضجّر ويتململ من اختلاف رعيّته عليه، وأنّه ما كان يظنّ أنّ الأمر يبلغ ما بلغ، وكان الحسن رأيه ترك القتال، |
____________
1- منهاج السنّة 6 / 209.
2- منهاج السنّة 8 / 526.
3- منهاج السنّة 8 / 145.
4- منهاج السنّة 8 / 145.
وقد جاء النصّ الصحيح بتصويب الحسن... وسائر الأحاديث الصحيحة تدلّ على أنّ القعود عن القتال والإمساك عن الفتنة كان أحبّ إلى الله ورسوله(1).
|
لابدّ وأن يكذّبه، لأنّه يصرّ على أنّ عليّاً لم يكن عنده دليل شرعي على قتاله، فلابدّ وأن يكون هذا الحديث كذباً.
نصّ العبارة:
لم يرو علي (رضي الله عنه) في قتال الجمل وصفّين شيئاً... وأمّا قتال الجمل وصفّين فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلاّ القاعدون، فإنّهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة، وأمّا الحديث الذي يُروى أنّه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين، فهو حديث موضوع على النبي (صلى الله عليه وسلم)(2).
|
1 ـ أبو أيّوب الأنصاري.
2 ـ أمير المؤمنين.
3 ـ عبدالله بن مسعود.
4 ـ أبو سعيد الخدري.
5 ـ عمّار بن ياسر.
وغيرهم.
ومن الحفّاظ:
____________
1- منهاج السنّة 8 / 145.
2- منهاج السنّة 6 / 112.
2 ـ البزّار.
3 ـ أبو يعلى.
4 ـ ابن مردويه.
5 ـ أبوالقاسم الطبراني.
6 ـ الحاكم النيسابوري.
7 ـ الخطيب البغدادي.
8 ـ ابن عساكر.
9 ـ ابن الأثير.
10 ـ الجلال السيوطي.
11 ـ ابن كثير.
12 ـ المحب الطبري.
13 ـ أبو بكر الهيثمي.
14 ـ والمتقي الهندي.
ومن أسانيده الصحيحة مارواه البزّار والطبراني في الأوسط، وترون النص على صحّته في مجمع الزوائد يقول بعد روايته: وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح، غير الربيع بن سعيد ووثّقه ابن حبّان، وله أسانيد أُخرى صحيحة.
افتراء ابن تيميّة على أمير المؤمنين (عليه السلام)
وأمّا الأشياء التي نسبها إلى أمير المؤمنين، والأكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه، في كلماته كثيرة، منها: إنّ عليّاً كان يقول مراراً: إنّ أبابكر وعمر أفضل منّي، وكان يفضّلهما على نفسه.
يقول:
حتى قال: لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني على أبي بكر وعمر إلاّ جلدته جلد المفتري(1).
|
إنّ ابن حزم في الفصل(2)، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب(3) بترجمة أمير المؤمنين، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم.
وأمّا هذا الخبر، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في
____________
1- منهاج السنة 7 / 511.
2- الفصل في الملل والنحل 4 / 181.
3- الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3 / 1090.
وكذب على علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي:
كما في الصحيح عن علي (رضي الله عنه)، قال: طرقني رسول الله (صلى الله عليه وسلم)وفاطمة، فقال: " ألا تقومان تصليان؟ " فقلت: يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا، قال: فولّى، وهو يقول: ( وَكَانَ الاِْنسَانُ أَكثَرَ شَيء جَدَلا )(2).
|
أكتفي بما ذكرت، وأكرّر دعاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ".
وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين.
____________
1- منهاج السنة 7 / 511، الهامش.
2- منهاج السنة 3 / 85، الآية سورة الكهف: 54.
3- منهاج السنة 7 / 237.
التحريفات والتصرفات
في كتب السنّة
تمهيد:
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
وبعد، فإنّي أحمد الله سبحانه وتعالى على أنْ وفّقني لهذه البحوث في هذه الليالي المباركة، بطلب من " مركز الأبحاث العقائديّة "، وكانوا قد طلبوا منّي أن أبحث عن الموضوعات التي عيّنوها هم، وبطلب منهم، وعلى أن تكون البحوث على أساس الكتاب والسنّة المعتبرة المتّفق عليها بين المسلمين، ولذا فقد لاحظتم أنّي أثبتُّ حتّى مسألة تفضيل الأئمّة على الأنبياء على أساس أحاديث الفريقين، وأثبتُ العصمة كما يقول بها أصحابنا على أساس أحاديث الفريقين.
وحاولت أن تكون الأدلّة التي أستند إليها من أقدم كتب أهل السنّة وأتقنها، حتّى في مسائل مظلوميّة الزهراء (عليها السلام)، لم أعتمد إلاّ على كتبهم وعلى أقدم المصادر الواصلة إلينا من مؤلّفاتهم ومصنّفاتهم، ونقلنا عنها ما جاء فيها من تلك القضايا، وما كنّا نتوقّع منهم أن ينقلوا أكثر من هذا فيما يتعلّق بالزهراء (عليها السلام).
وأمّا ما في كتبنا، وما في رواياتنا، وعن أهل البيت فيما يتعلّق بالعصمة، وما يتعلّق بمظلوميّة الزهراء، وما يتعلّق بمسائل تفضيل الأئمّة على الأنبياء، وكذا ما يتعلّق بمسائل الإمامة وغير ذلك من المسائل، فلابدّ وأن نعقد مجالس وبحوثاً أُخرى، لأنْ تكون تلك
أساليب القوم في التحريف
كما لاحظتم في خلال البحوث أنّي تعرّضت ونبّهت على بعض التحريفات الواقعة منهم في نقل الأحاديث، وفي رواية الأخبار والقضايا والحوادث، ونبّهت أيضاً على أنّهم ـ أي أهل السنّة ـ حاولوا قدر الإمكان أن يتكتّموا على حقائق القضايا ولا ينقلوا لنا الحوادث كما وقعت، ومع ذلك فقد عثرنا على ما كنّا نريده من خلال رواياتهم والنظر في أخبارهم وكتبهم، ثمّ طلبتم أن أذكر موارد أُخرى من التحريفات في هذه اللّيلة، فأقول:
إنّ للقوم أساليب عديدة في ردّ ما يتعلّق بأهل البيت وبمسائل الإمامة، وكلّ ما يستدل به الإماميّة في بحوثهم.
فأوّل شيء نراه في كتبهم أنّهم يغفلون الخبر، ويحاولون التعتيم عليه وعدم نقله وعدم نشره، ولذا نرى أنّ كثيراً من الأخبار الصحيحة بأسانيدهم غير مخرّجة في الصحيحين، أو الصحاح الستّة من كتبهم، فأوّل محاولة منهم هي إغفال الأخبار الصحيحة التي يستند إليها الشيعة فلا ينقلونها.
ثمّ إذا نقلوا حديثاً يحاولون أن يحرّفوه، والتحريف يكون على أشكال في كتبهم.
تارة ينقلون الحديث مبتوراً وينقصون منه محلّ الاستدلال ومورد الحاجة، وتارة يبهمون في ألفاظه، فيرفعون الأسماء الصريحة ويضعون في مكانها كلمة فلان إبهاماً للأمر.
وتارة يحذفون من الخبر ويضعون في مكان المقدار المحذوف كلمة كذا وكذا.
وتارة نراهم يصحفون الألفاظ.
فإن لم يمكنهم التلاعب بمتنه، انبروا للطعن في سنده، وحاولوا تضعيف الحديث أو تكذيبه.
وهذه أساليبهم.
أمّا المستنسخون، والناشرون للكتب، والرواة لتلك الروايات والمؤلفات، فحدّث عنهم ولا حرج.
أتذكر أنّي رأيت في أحد المصادر، عندما يروي خبر مبيت أمير المؤمنين (عليه السلام) على فراش رسول الله في ليلة الهجرة، الرواية تقول: بات علي على فراش رسول الله، أتذكّر أنّه في أحد المصادر كلمة التاء بدّلها الناسخ باللام، التاء من بات بدّلها باللام.
ينقلون عن بعض الصحابة، وكما قرأنا في الجلسات الماضية، أنّهم كانوا يعرضون أولادهم على أمير المؤمنين، يأتون بأبنائهم ويوقفونهم على الطريق، فإذا مرّ أمير المؤمنين قالوا للولد: أتحبّ هذا؟ فإنْ قال: نعم، علم أنّه منه وإلاّ...
فينقلون عن بعض الصحابة أنّهم كانوا يقولون ـ وهذا موجود في المصادر ـ: كنّا نبور أبناءنا بحبّ علي بن أبي طالب، نبور أي نختبر، نختبرهم نمتحنهم، لنعرف أنّهم من صلبنا أو لا، كنّا نبور أبناءنا بحبّ علي بن أبي طالب.
لاحظوا التصحيف: كنّا بنور إيماننا نحبّ علي بن أبي طالب.
الباء أصبحت نوناً، نبور أصبحت بنور، أبناءنا أصبحت إيماننا، كنّا بنور إيماننا نحبّ علي بن أبي طالب.
وهكذا يصحّفون الأخبار.
وإمّا أنْ يرفعوا الحديث أو قسماً من الحديث ويتركوا مكانه بياضاً، ويكتبون هاهنا بياض في النسخة، وهذا أيضاً كثير في كتبهم، هنا بياض في النسخة، لاحظوا المصادر، حتّى الكتب الكلاميّة أيضاً.
أتذكّر أنّ موضعاً من شرح المقاصد حذف منه مقدار، وقد كتب محقّقه أنّ هنا بياضاً في النسخة، وكذا في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وفي تاريخ دمشق لابن عساكر،
فهكذا يفعلون، وكلّ ذلك لئلاّ يظهر الحق، وما أكثر هذا.
ويا حبّذا لو انبرى أحد لجمع هذه القضايا وتأليف كتاب في ذلك.
وأمّا أنّكم لو قارنتم الطبعات الجديدة للكتب، وقابلتموها مع الطبعات السابقة، حتّى تفسير الكشّاف للزمخشري، له أبيات، أربع خمس أبيات في تفسيره، هي في بعض الطبعات غير موجودة، لأنّ تلك الأبيات فيها طعن على المذاهب الأربعة.
وهكذا في قضايا أُخرى.
وكثيراً ما ترى أنّ المؤلِّف اللاّحق يلخّص كتاب أحد السابقين، وليس الغرض من تلخيصه لذلك الكتاب إلاّ طرح ما في ذلك الكتاب ممّا يضرّ بأفكاره ومبادئه، والكتاب الأصلي ربّما يكون مخطوطاً، أو لربّما لا تعثر على نسخة منه أبداً، وقد حكموا عليه بالإعدام.
حتّى أنّ كتب أبي الفرج ابن الجوزي في القضايا التافهة طبعوها ونشروها، له كتاب في أخبار المغفّلين، له كتاب في أخبار الحمقى، وأخبار الطفيليين، وكتبه من هذا القبيل طبعت.
لكنّ لابن الجوزي رسالة كتبها في تكذيب ما رووه من أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد صلّى خلف أبي بكر في تلك الصلاة التي جاء إلى المسجد بأمر من عائشة لا من الرسول، حتّى إذا، إطّلع على ذلك خرج معتمداً على رجلين، ونحّى أبابكر عن المحراب وصلّى تلك الصلاة بنفسه الشريفة، فيروون أنّ رسول الله اقتدى بأبي بكر في تلك الصلاة وصلّى خلفه.
فلابن الجوزي كتاب في تكذيب ما ورد في هذا الباب، أي في صلاة النبي خلف أبي بكر، يكذّب هذه الروايات ابن الجوزي، هذه الرسالة لم ينشروها، وحتّى لم يكثّروا نسخها ولم يستنسخوها.
أتذكّر أنّي راجعت كتاباً أُلّف في مؤلّفات ابن الجوزي المخطوط منها والمطبوع، فلم
ولماذا؟
لأنّهم يعلمون بأنّ تكذيب مثل هذا الخبر يضرّ باستدلالهم بصلاة أبي بكر المزعومة على إمامة أبي بكر بعد رسول الله.
وكم لهذه الأُمور من نظائر، ويا حبّذا لو تجمع في مكان واحد.
نماذج من التحريفات
وأمّا أنّكم إذا طلبتم أن أذكر لكم بعض الأشياء، إضافةً إلى ما اطّلعتم عليه في خلال البحوث، أذكر لكم موارد معدودة فقط، ولا أُطيل عليكم:
1 ـ هناك حديث يروونه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ".
هذا الحديث موجود في المصادر، ومن المصادر التي يروى عنها هذا الحديث: مسند أحمد، وهذا الحديث ليس الآن موجوداً فيه.
2 ـ قوله: " أنا مدينة العلم وعلي بابها "، مصادره كثيرة، ومن مصادره صحيح الترمذي، ينقل عن صحيح الترمذي هذا الحديث في جامع الأُصول لابن الأثير، وأيضاً في تاريخ الخلفاء للسيوطي، وأيضاً في الصواعق لابن حجر، والفضل ابن روزبهان يعترف بوجود هذا الحديث في صحيح الترمذي ويحكم بصحّته.
وأنتم لا تجدونه الآن في صحيح الترمذي، وكم لهذا من نظير!
وأمّا في الصحيحين، فكنت أتذكّر موردين أحببت أن أذكرهما لكم في هذه الليلة بطلب منكم طبعاً واكتفي بهذا المقدار.
3 ـ لاحظوا هذا الحديث في صحيح مسلم، يروي هذا الحديث مسلم بن الحجّاج بسنده عن شقيق، عن أُسامة بن زيد، قال شقيق: قيل له ـ أي لأُسامة ـ: ألا تدخل على عثمان فتكلّمه؟ فقال: أترون أنّي لا أُكلّمه إلاّ أُسمعكم، والله لقد كلّمته فيما بيني وبينه، مادون أنْ أفتتح أمراً لا أُحبّ أن أكون أوّل من فتحه، ولا أقول لأحد يكون عليّ أميراً إنّه
قيل له: ألا تدخل على عثمان فتكلّمه؟ قال: قد كلّمته مراراً، وناصحته، وأمرته بالمعروف ونهيته عن المنكر، لكن لا أُريد أنْ تطّلعوا على ما قلته له، كلّمته بيني وبينه... ثمّ ذكر هذا الحديث عن رسول الله.
هذا في الصفحة 224 من صحيح مسلم في الجزء الثامن في هذه الطبعة.
ولا بأس أن أقرأ لكم ما في صحيح البخاري، لتعرفوا كيف يحرّفون الكلم: قال: قيل لأُسامة: ألا تكلّم هذا؟ قال: قد كلّمته مادون أن أفتح باباً أكون أوّل من يفتحه، وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميراً على رجلين: أنت خير، بعدما سمعت من رسول الله يقول: يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار، فيقولون: أيْ فلان، ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إنّي كنت آمر بالمعروف ولا أفعله.
لاحظوا كم اختصر من الحديث من الأشياء التي قالها أُسامة بالنسبة لعثمان، وليس في نقل البخاري هنا اسم عثمان، قيل لأُسامة: ألا تكلّم هذا، فمن هذا؟ غير معلوم في هذا الموضع، ألا تكلّم هذا؟
أمّا في موضع آخر، أتذكّر أنّي رأيته يذكره على العادة: فلان، ألا تكلّم فلان، مع الاختصار للحديث.
قال: قيل لأُسامة: لو أتيت فلاناً فكلّمته؟ قال: إنّكم لترون أنّي لا أُكلّمه إلاّ أسمعكم، إنّي أُكلّمه في السرّ دون أن أفتح باباً، لا أكون أوّل من فتحه، ولا أقول لرجل إن كان عليّ أميراً إنّه خير الناس، بعد شيء سمعته من رسول الله، قالوا: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول... إلى آخره.
وهذا في صحيح البخاري ص566 من المجلد الثاني.
وذلك المورد الذي لم أعطكم عنوانه، هو في ص687 من المجلد الرابع.
هذا بالنسبة إلى عثمان.
4 ـ وأمّا بالنسبة إلى الشيخين، فأقرأ لكم حديثاً آخر في صحيح مسلم، ثمّ أقرأ ما جاء في صحيح البخاري:
في حديث طويل يقول: ثمّ نشد عبّاساً وعليّاً ـ نشد أي عمر بن الخطّاب ـ بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك؟ قالا: نعم، قال: فلمّا توفي رسول الله قال أبوبكر: أنا وليّ رسول الله، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ـ يعني علي والعباس ـ فقال أبوبكر: قال رسول الله: ما نورّث ما تركنا صدقة، فرأيتماه ـ عمر يقول لعلي والعباس ـ فرأيتماه، أي فرأيتما أبابكر كاذباً آثماً غادراً خائناً، ثمّ يقول عمر: والله يعلم إنّه لصادق بارّ راشد تابع للحقّ، فليكنْ على بالكم، فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً، ثمّ توفّي أبوبكر وأنا ولي رسول الله وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً، والله يعلم إنّي لصادق بارّ راشد تابع للحقّ... فولّيتها ثمّ جئتني أنت وهذا، وأنتما جميع، وأمركما واحد، فقلتما إدفعها إلينا... إلى آخر الحديث.
ومحلّ الشاهد هذه الجملة: فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً.
هذا في صحيح مسلم (5/152) في باب حكم الفيء من كتاب الجهاد.
وللننظر في صحيح البخاري: ثمّ قال لعلي وعباس: أُنشدكما بالله، هل تعلمان ذلك؟ قال عمر: ثمّ توفّى الله نبيّه، فقال أبوبكر: أنا ولي رسول الله فقبضها أبوبكر، فعمل فيها بما عمل رسول الله، والله يعلم إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحقّ.
فأين صارت الجملة: فرأيتماه... والله يعلم إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحقّ.
ثمّ توفّى الله أبابكر، فكنت أنا ولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها
هذه في الصفحة 506 من المجلد الثاني.
أمّا في ص552 من المجلّد الرابع يقول: فتوفّى الله نبيّه فقال أبوبكر: أنا ولي رسول الله، فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله، ثمّ توفّى الله أبابكر فقلت: أنا وليّه وولي رسول الله، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله وأبوبكر، ثمّ جئتماني وكلمتكما واحدة، وأمركما جميع... إلى آخره.
فلا يوجد: فرأيتماه كذا وكذا... والله يعلم إنّه بارّ راشد تابع للحق، فرأيتماني كذا وكذا والله يعلم أنّي بارّ راشد تابع للحق، فلا هذا موجود ولا ذاك موجود.
أمّا في ص121 من المجلّد الرابع يقول: أُنشدكما بالله، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، ثمّ توفّى الله نبيّه فقال أبوبكر: أنا ولي رسول الله، فقبضها أبوبكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله، وأنتما حينئذ، وأقبل على علي وعباس تزعمان أنّ أبابكر كذا وكذا، والله يعلم إنّه فيها صادق بارّ راشد تابع للحق.
كذا وكذا بدل تلك الفقرة.
ثمّ توفّى الله أبابكر فقلت: أنا ولي رسول الله وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر، ثمّ جئتماني وكلمتكما واحدة، وأمركما جميع...
في بقيّة الحديث لا يوجد ما قالاه بالنسبة إلى عمر نفسه: فرأيتماني... وأنّه حلف بأنّه أي هو بارّ راشد صادق تابع للحق.
وهذا حديث واحد، والقضيّة واحدة، والراوي واحد.
في صحيح مسلم على ما جاء عليه مشتمل على الفقرتين: فرأيتماه... فرأيتماني.
أمّا في صحيح البخاري، في أكثر من ثلاث موارد على أشكال مختلفة.
وهذا فيما يتعلّق بالشيخين.
ولماذا هذا التحريف؟ لأنّ عمر بن الخطّاب ينسب إلى علي والعباس أنّهما كانا
نحن لا نقول هذا الحديث صدق أو كذب، نحن لا ندري بأصل القضيّة، إنّما ننظر في الصحيحين والفرق بين الروايتين، أمّا لو أردتم أن تستفيدوا من هذا الخبر أشياء فالأمر إليكم، ولسنا الآن بصدد التحقيق عن مفاهيم هذا الحديث ومداليله، وإنّما أردنا أن نذكر لكم الفرق بين الشيخين البخاري ومسلم في نقلهما للخبر الواحد، أي لقضيّة واحدة.
فهذه من جملة الموارد، وقضيّة عثمان مورد آخر، وهكذا موارد أُخرى.
كلمة الختام
وأرى من المناسب أن أقطع الكلام بهذا المقدار، وأكتفي بهذا الحد، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفّق كلّ من يريد معرفة الحق، والأخذ بالحقّ، أن يوفّقه في هذا السبيل، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدنا علماً وبصيرةً وفهماً ودقّة وتأمّلاً في القضايا العلميّة والتحقيقيّة وخاصّة العقائديّة منها، فإنّ الإنسان إن فارق هذه الدنيا وهو على شكّ من دينه، إن فارق هذه الدنيا ولم يكن على ثقة بما يعتقد به، فإنّه سيحشر مع من لا اعتقاد له.
إنّ الأُمور الاعتقاديّة يعتبر فيها الجزم، ولابدّ فيها من اليقين، وكلّ أمر اعتقادي لم يصل إلى حدّ اليقين فليس باعتقاد.
فعلى من عنده شكّ، على من لم يصل إلى حدّ اليقين أن يبحث، أن يحقّق، وإلاّ فإنْ مات على هذه الحال كانت ميتته ميتة جاهليّة، فكيف بمن كان على شكٍّ أو حتّى إذا لم يكن عنده شكّ يحاول أن يشكّك في الأُمور الاعتقاديّة، ويوقع الناس في الشكّ.
إنّ الأُمور الاعتقاديّة لابدّ فيها من اليقين والقطع والجزم، ولربّما يكون هناك رجل قد بلغ من العمر ما بلغ ويكون في أوّل مرحلة من مراحل فهم عقائده الدينيّة، وقد تقرّر عند علمائنا أنْ لا تقليد في الأُصول العقائديّة، فحينئذ لا يجوز الأخذ بقول هذا وذاك لأنّه قول هذا وذاك، ولا يجوز اتّباع أحد لأنّه كذا وكذا، والاعتبارات والعناوين الموجودة في هذه الدنيا لا تجوّز لأحد ولا تسوّغ لأحد أن يتّبع أحداً من أصحاب هذه العناوين، لأنّ له
وقد عرفنا أنّ القطع واليقين إنّما يتحقّقان ويحصلان عن طريق القرآن العظيم، وعن طريق السنّة المعتبرة، ولاسيّما السنّة المتّفق عليها بين المسلمين، فإنّ تلك السنّة ستكون يقينيّة، والله سبحانه وتعالى هو الموفّق.
وفي الختام أُذكّركم بأنّ بحوثنا هذه لم تكن نقداً لأحد أو ردّاً لآخر، وإنّما كانت بحوثاً علميّة، ودروساً عقائديّة، ومن أراد أن يقف على هذه البحوث ويطّلع عليها فليتّصل بـ " مركز الأبحاث العقائديّة "، فإنّ المسؤولين في هذا المركز سيحاولون أن يوفّروا لمن يراجع هذا المركز ما يحتاج من هذه البحوث أو غيرها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.