الصفحة 365

الباب الثالث والأربعون ومائتان

في قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا
من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) *

من طريق العامة وفيه حديثان


الأول: روى صاحب كتاب " الصراط المستقيم " وأظن أن طريقه من طرق العامة عن القاسم بن جندب عن ابن عباس وعن الباقرين (عليهما السلام) في قوله تعالى: * (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس) * هما الأول والثاني(1).

الثاني: عكرمة - وهو من الخوارج - عن ابن عباس قال (عليه السلام) - يعني عليا: أول من يدخل النار في مظلمتي عتيق وابن الخطاب وقرأ الآية. قال: وروي أنها عندما نزلت دعاهما النبي (صلى الله عليه وآله) وقال فيكما نزلت(2).

الباب الرابع والأربعون ومائتان

في قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا
من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) *

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث


الأول: محمد بن يعقوب عن أحمد بن محمد القمي عن عمه عبد الله بن الصلت عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان عن حسين الجمال عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى:

* (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) * قال: هما، ثم قال: وكان فلان شيطانا(3).

الثاني: ابن يعقوب بهذا الإسناد عن يونس عن سورة بن كليب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تبارك وتعالى: * (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) *

____________

(1) الصراط المستقيم: 3 / 39، وتأويل الآيات: 2 / 535.

(2) الصراط المستقيم: 3 / 39.

(3) الكافي: 8 / 334 ح 523.


الصفحة 366
قال: يا سورة هما والله هما - ثلاثا - والله يا سورة إنا لخزان علم الله في السماء وإنا لخزان علم الله في الأرض(1).

الثالث: أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري عن أبيه عن علي بن محمد بن سالم عن محمد بن خالد عن عبد الله بن حماد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يصف فيه حال أبي بكر وعمر يوم القيامة فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت من مشرقها إلى مغربها ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا فيضربان بها ثم يجثو أمير المؤمنين (عليه السلام) للخصومة بين يدي الله مع الرابع ويذهب الثلاثة في جب فيطبق عليهم لا يراهم أحد ولا يرون أحدا فيقول الذين كانوا في ولايتهم * (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين) * قال الله عز وجل: * (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) *(2).

الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: قال العالم: من الجن إبليس الذي دل على قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في دار الندوة وأضل الناس بالمعاصي وجاء بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أبي بكر وبايعه، ومن الإنس فلان نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين(3).

____________

(1) الكافي: 8 / 334 ح 524.

(2) كامل الزيارات: 551 / 12.

(3) تفسير القمي: 2 / 265.


الصفحة 367

الباب الخامس والأربعون ومائتان

في قوله تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) *
إلى قوله تعالى: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى) *

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: الثعلبي في تفسيره في تفسير قوله تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض) * إن الآية نزلت في بني أمية أولئك الذين لعنهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم(1).

الثاني: محمد بن العباس رواه من طريق العامة قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب عن حسين ابن خزيمة الرازي عن عبد الله بن بشير عن أبي هودة عن إسماعيل بن عباس عن جويبر عن الضحاك عن ابن عياش في قوله عز وجل: * (فهل عسيتم إن توليتم) * أن الآية نزلت في بني أمية وبني المغيرة أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم(2).

الثالث: كتاب " الصراط المستقيم " رواه من طريق العامة قال أسند سليم إلى معاذ بن جبل أنه عند وفاته دعا على نفسه بالويل والثبور، قلت: إنك لتهذي، قال: لا والله، قلت: فلم ذلك؟

قال: لموالاتي عتيقا وعمر على أن أزوي خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن علي. قال: وروي مثل ذلك عن عبد الله بن عمر أن أباه عمر قاله، قال: وروي عن محمد بن أبي بكر أن أباه قاله وزاد فيه أن أبا بكر قال: هذا رسول الله ومعه علي بيده الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة وهو يقول: وقد وفيت بها وتظاهرت على ولي الله أنت وأصحابك، فأبشر بالنار في أسفل السافلين، ثم لعن ابن صهاك وقال: هو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جائني، قال: قال العباس بن الحارث: لما تعاقدوا عليها نزلت * (الذين ارتدوا على أدبارهم) * الآية قال: وقد ذكرها أبو إسحاق في كتابه وابن حنبل في مسنده والحافظ في حليته والزمخشري في فائقه ونزل * (ومكروا مكرا، ومكرنا مكرا) * الآيتان(3).

____________

(1) تفسير الثعلبي المخطوط، مورد الآية، ونبشر القراء الأعزاء أنه قيد الطبع.

(2) بحار الأنوار: 23 / 385 ح 89.

(3) الصراط المستقيم: 2 / 300.


الصفحة 368

الباب السادس والأربعون ومائتان

في قوله تعالى: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) *
إلى قوله: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى) *

من طريق الخاصة وفيه ثلاثة عشر حديثا


الأول: محمد بن يعقوب عن حسن بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عباس المالكي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:

إن عمر لقي عليا (عليه السلام) فقال له: أنت الذي تقرأ هذه الآية * (بأيكم المفتون) * تعرض بي وبصاحبي فقال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أمية: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * فقال: كذبت بنو أمية أوصل للرحم منكم ولكنك أبيت إلا عداوة لبني تيم وبني عدي وبني أمية(1).

الثاني: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد عن الحسن بن علي الخزاز عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي العباس المكي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن عمر لقي عليا. الحديث المتقدم(2).

الثالث: شرف الدين النجفي في " تأويل الآيات الباهرة " قال: ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره في تأويل هذه السورة قال: حدثني أبي عن إسماعيل بن مراد عن محمد بن الفضيل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) * فقال تعالى: * (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم أسرارهم) * قال:

إن رسول الله لما أخذ الميثاق لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال: أتدرون من وليكم من بعدي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: إن الله يقول: * (وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين) * يعني عليا هو وليكم من بعدي هذه الأولى، وأما الثانية لما أشهدهم يوم غدير خم وقد كانوا يقولون لئن قبض الله محمدا لا نرجع هذا الأمر في آل محمد ولا نعطيهم من الخمس شيئا فاطلع الله نبيه على ذلك وأنزل عليهم * (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) * وقال

____________

(1) الكافي: 8 / 203 ح 76 و: 239 ح 325.

(2) تفسير القمي: 2 / 308.


الصفحة 369
أيضا فيهم: * (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم * أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها * إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) * والهدى سبيل أمير المؤمنين * (الشيطان سول لهم وأملى لهم) * قال:

وقرأ أبو عبد الله (عليه السلام) هذه الآية هكذا: فهل عسيتم إن توليتم وسلطتم وملكتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، نزلت في بني عمنا بني أمية، وفيهم يقول الله تعالى: * (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن) * فيقضوا ما عليهم من الحق * (أم على قلوب أقفالها) * قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدعو أصحابه من أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه ومن أراد به سوءا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قول الله عز وجل: * (إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوائهم) * وقال (عليه السلام): لا يخرج من شيعتنا أحد إلا أبدلنا الله به من هو خير منه، وذلك لأن الله يقول: * (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) *(1).

الرابع: شرف الدين النجفي - أيضا - قال: ومنها ما رواه مرفوعا عن ابن أبي عمير عن حماد بن عيسى عن محمد الحلبي قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): * (فهل عسيتم إن توليتم وسلطتم وملكتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) * قال: نزلت هذه الآية في بني عمنا بني العباس وبني أمية ثم قرأ: * (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم) * عن الدين * (وأعمى أبصارهم) * عن الوصي ثم قرأ: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم) * بعد ولاية علي * (من بعدما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم) *، ثم قرأ: * (والذين اهتدوا) * بولاية علي * (زادهم هدى) * حيث عرفهم الأئمة من بعده والقائم (عليه السلام) * (وأتاهم تقواهم) * أي ثواب تقواهم أمانا من النار.

وقال (عليه السلام): وقوله عز وجل: * (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين) * وهم علي صلوات الله عليه وأصحابه * (والمؤمنات) * وهن خديجة وصويحباتها وقال (عليه السلام): وقوله * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد) * في علي * (هو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) * ثم قال: * (والذين كفروا) * بولاية علي * (يتمتعون) * بدنياهم * (ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم) * ثم قال (عليه السلام): * (مثل الجنة التي وعد المتقون) * وهم آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأشياعهم ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): أما قوله * (فيها أنهار) * فالأنهار رجال، وقوله: * (ماء غير آسن) * فهو علي (عليه السلام) في الباطن وقوله تعالى: * (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) * فإنه الإمام (عليه السلام)، وأما قوله: * (وأنهار

____________

(1) بحار الأنوار: 23 / 387 ح 93 و 94.


الصفحة 370
من خمرة لذة للشاربين) * فإنه علمهم يتلذذ منه شيعتهم وإنما كنى عن الرجال بالأنهار على سبيل المجاز، أي أصحاب الأنهار ومثله * (واسأل القرية) * الأئمة صلوات الله عليهم هم أصحاب الجنة وملاكها ثم قال (عليه السلام) فذلك قوله * (ومغفرة من ربهم) * فإنها ولاية أمير المؤمنين ثم قال (عليه السلام): * (كمن هو خالد في النار) * أي أن المتقين كمن هو خالد في ولاية عدو آل محمد، وولاية عدو آل محمد هي النار من دخلها فقد دخل النار، ثم أخبر سبحانه عنهم * (وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم) * قال جابر:

ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): نزل جبرائيل بهذه الآية على محمد (صلى الله عليه وآله) هكذا * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * في علي (عليه السلام) * (فأحبط أعمالهم) *. وقال جابر: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (أفلم يسيروا في الأرض) * فقرأ أبو جعفر (عليه السلام) * (الذين كفروا) * حتى بلغ إلى * (أفلم يسيروا في الأرض) * ثم قال: هل لك في رجل يسير بك فيبلغ بك من المطلع إلى المغرب في يوم واحد؟ قال: فقلت: يا بن رسول الله جعلني الله فداك ومن لي بهذا؟ فقال: ذاك أمير المؤمنين (عليه السلام) ألم تسمع قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لتبلغن بك الأسباب والله لتركبن السحاب والله لتعطين عصى موسى والله لتعطين خاتم سليمان، ثم قال: هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)(1).

الخامس: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أرومة وعلي ابن محمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى) * فلان وفلان وفلان ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) قلت: قوله تعالى: * (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله سنطيعكم في بعض الأمر) * قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) * (بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله) * في علي سنطيعكم في بعض الأمر، قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم أن لا يصيروا الأمر فينا بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ولا يعطونا من الخمس شيئا وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ولم يبالوا أن لا يكون الأمر فيهم، فقالوا سنطيعكم في بعض الأمر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئا. وقوله كرهوا ما نزل الله والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية علي (عليه السلام) وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله عز وجل * (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم) * الآية(2).

السادس: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا محمد بن القاسم عن عبيد الكندي قال:

حدثنا عبد الله بن الفارس عن محمد بن علي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (إن الذين ارتدوا على

____________

(1) بحار الأنوار: 24 / 321 ح 31.

(2) الكافي: 1 / 421 ح 44.


الصفحة 371
أدبارهم عن الإيمان) * بتركهم ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) * (الشيطان سول لهم وأملى لهم) * يعني الثاني قوله: * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * وهو ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) * (سنطيعكم في بعض الأمر) * قال: دعوا بني أمية إلى ميثاقهم أن لا يصيروا الأمر لنا بعد النبي، ولا يعطونا من الخمس شيئا، وقالوا: إن أعطيناهم الخمس استغنوا به، وقالوا: سنطيعكم في بعض الأمر، أي لا تعطوهم من الخمس شيئا، فأنزل الله على نبيه: * (أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) *(1).

السابع: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن سليمان الرازي عن محمد بن الحسين عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) * قال: الهدى هو سبيل علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

الثامن: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن إسماعيل بن يسار عن علي بن جعفر الحضرمي عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:

* (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) *(3)، قال: كرهوا عليا وكان على رضا الله ورضا رسوله، أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين وببطن نخلة ويوم التروية نزلت فيه اثنتان وعشرون آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (عليه السلام) عن المسجد الحرام بالجحفة وبخم.(4)

التاسع: علي بن إبراهيم في تفسيره أيضا في قوله: * (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى) *(5) نزلت في الذين نقضوا عهد الله في أمير المؤمنين (عليه السلام) * (الشيطان سول لهم) * أي:

هين وهو فلان * (وأملى لهم) * أي: بسط لهم أن لا يكون مما يقول محمد (صلى الله عليه وآله) شئ * (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) * يعني: في أمير المؤمنين (عليه السلام) * (سنطيعكم في بعض الأمر) *(6) يعني:

في الخمس أن لا يردوه في بني هاشم والله يعلم أسرارهم، قال الله: * (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) *(7) بنكثهم وبغيهم وإمساكهم الأمر من بعد أن أبرم عليهم إبراما يقول:

إذا ماتوا ساقهم الملائكة إلى النار فيضربونهم من خلفهم ومن قدامهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله، يعني: هؤلاء فلان وفلان وظالمي أمير المؤمنين * (فأحبط الله أعمالهم) *(8) يعني: التي عملوها

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 308.

(2) بحار الأنوار: 23 / 386 ح 90.

(3) محمد: 28.

(4) بحار الأنوار: 24 / 92 / ح 2.

(5) محمد: 25.

(6) محمد: 26.

(7) محمد: 27.

(8) الأحزاب: 19.


الصفحة 372
من الخير.(1)

العاشر: الطبرسي في مجمع البيان في معنى الآية قال: المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهم السلام) " إنهم بنو أمية كرهوا ما أنزل الله في ولاية علي (عليه السلام) ".(2)

الحادي عشر: ابن شهرآشوب عن الباقر (عليه السلام) في معنى الآية قال: كرهوا عليا وكان أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين ويوم بطن نخلة ويوم التروية ويوم عرفة نزلت فيه خمس عشرة آية في الحجة التي صد فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن المسجد الحرام والجحفة وبخم ".(3)

ورواه عن الباقر (عليه السلام) ابن الفارسي في روضة الواعظين.(4)

الثاني عشر: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " نزل جبرائيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه الآية هكذا * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * في علي * (فأحبط أعمالهم) *(5) ".(6)

الثالث عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن ابن الفضيل عن أبي حمزة عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال قوله تعالى: " * (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) * في علي * (فأحبط أعمالهم) * ".(7)

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 309.

(2) مجمع البيان: 9 / 160.

(3) مناقب آل أبي طالب: 3 / 120.

(4) روضة الواعظين: 106.

(5) محمد: 9.

(6) تفسير القمي: 2 / 302.

(7) بحار الأنوار: 23 / 385 / ح 87.


الصفحة 373
في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *

الباب السابع والأربعون ومائتان

في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *(1)

من طريق العامة وفيه ثلاثة أحاديث


الأول: أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات من طريق العامة قال: حدثني جعفر بن محمد الزرار عن محمد بن الحسين عن الحكم بن مسكين عن داود بن عيسى الأنصاري عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن إبراهيم النخعي قال: خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله فجاء الحسين (عليه السلام) حتى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال: " يا بني إن الله غير أقواما بالقرآن فقال: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * وأيم الله لتقتلن من بعدي ثم تبكيك السماء والأرض ".(2)

الثاني: أبو القاسم هذا قال: حدثني أبي (رحمه الله) عن سعد بن عبد الله عن محمد بن حسين بن أبي الخطاب بإسناده مثله.(3)

الثالث: الثعلبي في تفسيره قال السدي: لما قتل الحسين (عليه السلام) بكت عليه السماء وبكاؤها حمرتها. قال: وحكى ابن سيرين: أن الحمرة لم تر قبل قتله، وعن سليم القاضي: مطرنا دما أيام قتله.(4)

____________

(1) الدخان: 29.

(2) كامل الزيارات: 180 / 2، بحار الأنوار: 45 / 209.

(3) كامل الزيارات: 180 / 3.

(4) نقله عنه ابن البطريق في العمدة: 404 / ح 836، ورواه السيوطي في الدر المنثور: 6 / 31.


الصفحة 374

الباب الثامن والأربعون ومائتان

في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *

من طريق الخاصة وفيه عشرة أحاديث


الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن حنان بن سدير عن عبد الله بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " مر عليه رجل عدو لله ولرسوله فقال: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) *(1) ثم مر عليه الحسين بن علي (عليه السلام) فقال لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض - وقال: وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي (عليه السلام) ".(2)

الثاني: أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارات قال: حدثني أبي (رحمه الله) وجماعة مشايخنا عن علي بن الحسين ومحمد بن الحسن عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن أحمد بن الحسن الميثمي عن علي الأزرق عن الحسن بن الحكم النخعي عن رجل قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرحبة وهو يتلو هذه الآية: " * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * إذ خرج عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) من بعض أبواب المسجد فقال له: " أما هذا سيقتل وتبكي عليه السماء والأرض ".(3)

الثالث: أبو القاسم هذا قال: حدثني علي بن الحسين بن موسى عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * قال: " لم تبك السماء أحدا منذ قتل يحيى بن زكريا حتى قتل الحسين (عليه السلام) فبكت عليه ".(4)

الرابع: أبو القاسم هذا قال: حدثني أبي وعلي بن الحسين جميعا عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد البرقي عن محمد بن خالد عن عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن زيد الحسني عن الحسن بن الحكيم النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال: بينا نحن جلوس عند أمير

____________

(1) الدخان: 29.

(2) تفسير القمي: 2 / 291.

(3) كامل الزيارات: 180 / 2.

(4) كامل الزيارات: 182 / 8.


الصفحة 375
المؤمنين (عليه السلام) في الرحبة إذ طلع الحسين (عليه السلام) فضحك علي ضحكا حتى بدت نواجده ثم قال: " إن الله ذكر قوما فقال * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * والذي فلق الحبة وبرء النسمة ليقتلن هذا ولتبكين عليه السماء والأرض ".(1)

الخامس: أبو القاسم هذا قال: حدثني أبي عن سعد بن عبد الله عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد الرقي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني العلوي عن الحكم بن الحسن النخعي عن كثير بن شهاب الحارثي قال بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنين (عليه السلام) بالرحبة إذ طلع الحسين (عليه السلام) قال: فضحك علي (عليه السلام) حتى بدت نواجده ثم قال: " إن الله ذكر قوما فقال * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * والذي فلق الحبة وبرء النسمة ليقتلن هذا ولتبكين عليه السماء والأرض ".(2)

السادس: أبو القاسم هذا، حدثني أبي عن محمد بن الحسن بن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " كان الذي قتل الحسين ولد زنا والذي قتل يحيى بن زكريا ولد زنا وقد أحمرت السماء حين قتل الحسين (عليه السلام) سنة ثم قال بكت السماء والأرض على الحسين بن علي ويحيى بن زكريا وحمرتها بكاؤها ".(3)

السابع: عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: * (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) * إذا قبض الله نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة إذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما، وأما الحسين (عليه السلام) فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر وتصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما، وإن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين (عليه السلام) ولم تر قبله أبدا وإن يوم قتله (عليه السلام) لم يرفع حجر في الدنيا إلا وجد تحته دم.(4)

الثامن: الطبرسي عن زرارة بن أعين عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي أربعين صباحا ولم تبك إلا عليهما " قلت: فما بكاؤها؟ قال: " كانت تطلع حمراء وتغيب حمراء ".(5)

التاسع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " كان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه

____________

(1) كامل الزيارات: 187 / 24.

(2) كامل الزيارات: 186 / 21.

(3) كامل الزيارات: 188 / 27، بحار الأنوار: 45 / 213.

(4) لم نجده في المصادر.

(5) مجمع البيان: 9 / 99.


الصفحة 376
لقتل الحسين (عليه السلام) ومن معه حتى تسيل على خده بوأه الله في الجنة غرفا، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى تسيل على خده لأذى مسنا من عدونا بوأه الله مبوء صدق، وأيما مؤمن مسه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خديه من مضاضته ما أوذي فينا، صرف [ الله ] عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار ".(1)

العاشر: علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه دمع مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ".(2)

أقول: ما نزل في أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) في القرآن كثير من طريق العامة والخاصة، وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى، والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

كتبه أقل السادات والطلاب ابن محمد الرضوي الملقب بميرزا بابا محمد علي الخوانساري (مقابله ارزوى امل سحه مدت شده) خامس شهر شعبان معظم 1271 هـ ش اللهم اغفر لي وتب علي.

____________

(1) تفسير القمي: 2 / 191.

(2) تفسير القمي: 2 / 292.