الصفحة 29
تاريخه قال أبو جعفر: روى أبو مويهبة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أرسل إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في جوف الليل فقال: يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم، قال: السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة أشر من الأولى، ثم أقبل علي وقال: يا أبا مويهبة إني قد أتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها وخيرت بينها وبين الجنة فاخترت الجنة فقلت: بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها والجنة جميعا، فقال: يا أبا مويهبة اخترت لقاء ربي، ثم استغفر لأهل البقيع وانصرف فبدأ بوجعه الذي قبض فيه(1).

السادس: أبو المؤيد موفق بن أحمد بن أعيان علماء العامة قال: أنبأني صدر الحفاظ أبو العلا الحسن بن أحمد العطار الهمداني قال: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، أخبرني أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا حرمي بن عمارة قال: حدثني الفضل بن عميرة القيسي أبو قتيبة، حدثني ميمون الكردي أبو نصير عن أبي عثمان النهدي عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: كنت أمشي مع النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض طرق المدينة فأتينا على حديقة فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة! فقال: ما أحسنها ولك في الجنة مثلها، ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة! فقال: لك في الجنة أحسن منها حتى انتهينا إلى سبع حدائق وأقول: يا رسول الله ما أحسنها! ويقول: لك في الجنة أحسن منها، فلما خلا له الطريق اعتنقني وأجهش باكيا فقلت:

يا رسول الله ما يبكيك؟ قال: ضغاين في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا بعدي، فقلت: في سلامة من ديني؟ فقال: في سلامة من دينك(2).

السابع: إبراهيم بن محمد الحمويني من العامة قال: أنبأني: الشيخ عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر عن الشيخ جمال الدين الديني إجازة عن ناصر بن أبي المكارم المطرزي بإسناده عن أبي عثمان النهدي عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كنت أمشي مع النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض طرق المدينة فأتينا على حديقة، وساق الحديث إلى آخره(3).

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 13 / 27.

(2) مناقب الخوارزمي: 65 / 35.

(3) فرائد السمطين 1: 152 / 115.


الصفحة 30
الثامن: ابن أبي الحديد في الشرح عن أبي الفرج قال: حدثني محمد بن جرير الطبري بإسناد ذكره في الكتاب عن أبي عبد الرحمن السليمي قال: قال الحسن بن علي (عليه السلام) خرجت وأبي يصلي في المسجد فقال لي: يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة يوم بدر لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان فملكتني عيناي فسنح لي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ فقال لي: أدع عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم وأبدلهم بي من هو شر لهم مني فقال الحسن بن علي (عليه السلام): وجاء ابن أبي النباح فآذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه فاعتوره الرجلان فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، وأما الآخر فأثبتها في الرأس(1).

التاسع: ابن أبي الحديد يرفعه إلى سدير الصيرفي عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) قال:

اشتكى علي شكاية فعاده أبو بكر وعمر وخرجا من عنده فأتيا النبي (صلى الله عليه وآله) فسألهما: من أين جئتما؟

قالا: عدنا عليا، قال: كيف رأيتماه؟ قالا: رأيناه يخاف عليه لما به، فقال: كلا إنه لن يموت حتى يوسع غدرا وبغيا وليكونن في هذه الأمة عبرة يعتبر به الناس من بعده(2).

العاشر: ابن أبي الحديد قال روى أبو جعفر الإسكافي أيضا أن النبي (صلى الله عليه وآله) دخل على فاطمة (عليها السلام) فوجد عليا نائما فذهبت تنبهه فقال: دعيه فرب سهر له بعدي طويل، ورب جفوة لأهل بيتي من أجله شديدة، فبكيت، فقال: لا تبكي فإنكما معي وفي موقف الكرامة بعدي(3).

الحادي عشر: ابن أبي الحديد قال: روى جابر الجعفي عن محمد بن علي (عليه السلام) قال: قال علي (عليه السلام): ما رأيت منذ بعث الله محمدا (عليه السلام) رخاء، لقد أخافتني قريش صغيرا وأنصبتني كبيرا حتى قبض الله رسوله فكانت الطامة الكبرى والله المستعان على ما يصفون(4).

الثاني عشر: ابن أبي الحديد قال روى جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما لعلي ما يلقى بعده من العنت فأطال له فقال له علي:

أنشدك الله والرحم يا رسول الله لما دعوت الله أن يقبضني إليه قبلك فقال: كيف أسأله في أجل مؤجل؟ قال: يا رسول الله فعلام أقاتل من أمرتني؟ قال: على الحدث والدين(5).

الثالث عشر: ابن أبي الحديد قال: روى الأعمش عن عمار الدهني عن أبي صالح الحنفي عن علي (عليه السلام) قال: قال لنا يوما: لقد رأيت الليلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام فشكوت إليه ما لقيت حتى

____________

(1) شرخ نهج البلاغة: 6 / 121.

(2) شرح نهج البلاغة: 4 / 106.

(3) شرح نهج البلاغة: 4 / 107.

(4) شرح نهج البلاغة: 4 / 108.

(5) شرح نهج البلاغة: 4 / 108.


الصفحة 31
بكيت، فقال لي: انظر فنظرت فإذا جلاميد وإذا رجلان مصفدان، قال الأعمش: هما معاوية وعمرو ابن العاص فجعلت أرضخ رؤوسهما ثم تعود ثم أرضخ ثم تعود حتى انتبهت(1).

الرابع عشر: ابن أبي الحديد قال: روى نحو هذا الحديث عمرو بن مرة عن عبد الله بن مسلمة عن علي (عليه السلام) قال: رأيت الليلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فشكوت إليه فقال: هذه جهنم فانظر من فيها فإذا معاوية وعمرو بن العاص معلقين بأرجلهما منكسين، ترضخ رؤوسهما بالحجارة أو قال: تشدخ(2).

الخامس عشر: صدر الأئمة عند المخالفين موفق بن أحمد بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبي رفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وساق حديثه بطوله إلى أن قال له - يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) -: اتق الضغاين التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون، ثم بكى صلى الله عليه وآله فقيل له: مما بكاؤك يا رسول الله؟

قال: أخبرني جبرئيل أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرئيل عن الله عز وجل أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الأمة على محبتهم، وكان الشاني لهم قليلا والكاره لهم ذليلا وساق الحديث بطوله(3)، وسيأتي الحديث بتمامه إن شاء الله تعالى في الباب التاسع والثلاثين ومائة في أنه حامل اللواء يوم القيامة وإلى آخره.

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 4 / 109.

(2) شرح نهج البلاغة: 4 / 109.

(3) مناقب الخوارزمي: 62 / 31.


الصفحة 32

الباب السادس والستون

في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي ستغدر بك الأمة من بعدي
وما يلاقيه (عليه السلام) من الشدة من بعده وأمره له بالصبر
وأمره له بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين

من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث


الأول: السيد المرتضى (رضي الله عنه) في كتاب الشافي قال: روى إبراهيم الثقفي عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن عمرو بن حريث عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحماني عن علي (عليه السلام) قال:

سمعته يقول: كان فيما عهد إلي النبي الأمي أن الأمة ستغدر بك الأمة بعدي(1).

الثاني: السيد أيضا في الشافي قال: روى إبراهيم بن إسماعيل بن عمرو البجلي قال: حدثنا هشام بن بشر الواسطي عن إسماعيل عن أبي إدريس الأودي عن علي (عليه السلام) قال: لئن أخر من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أحب إلي من أن أقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم أسمعه قال لي: يا علي ستغدر بك الأمة بعدي(2).

الثالث: السيد في الشافي قال: وروى زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) كان علي (عليه السلام) يقول: بايع الناس أبا بكر، وأنا أولى بهم مني بقميصي هذا، فكظمت غيظي وانتظرت أمري وألصقت كلكلي بالأرض، ثم إن أبا بكر هلك واستخلف عمر وقد والله علم أني أولى الناس بهم مني بقميصي هذا، وكظمت غيظي وانتظرت أمري وألزقت كلكلي بالأرض، ثم إن عمر هلك وجعلها شورى وجعلني فيهم، ثم كان من أمر القوم بعد بيعتهم لي ما كان، سادس ستة كسهم الجدة فقال: اقتلوا الأقل [ وما أراد غيري ] فكظمت غيظي وانتظرت أمري وألصقت كلكلي بالأرض حتى ما وجدت إلا القتال أو كفرت بالله(3).

الرابع: الشيخ في أماليه قال: حدثنا بإسناده عن محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني محمد ابن أبي القاسم عن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمرو عن أبي عبد

____________

(1) الغارات: 2 / 487.

(2) بحار الأنوار: 28 / 375، وتلخيص الشافي: 3 / 44.

(3) بحار الأنوار: 29 / 579، والأمالي للمفيد: 154.


الصفحة 33
الله الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: بلغ أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أن مولى لها ينتقص عليا ويتناوله فأرسلت إليه، فلما صار إليها قالت له: يا بني بلغني إنك تنتقص عليا وتتناوله، قال: نعم يا أماه، قالت له: اقعد ثكلتك أمك حتى أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم اختر لنفسك، إنا كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليلة تسع نسوة، وكانت ليلتي ويومي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتيت الباب فقلت: أدخل يا رسول الله؟ قال: لا، قالت: فكبوت كبوة شديدة مخافة أن يكون ردني من سخطة أو نزل في شئ من السماء، ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثانية فقلت: أدخل يا رسول الله؟

فقال: لا، فكبوت كبوة أشد من الأولى، ثم لم ألبث حتى أتيت الباب الثالثة فقلت: أدخل يا رسول الله؟ فقال: ادخلي يا أم سلمة، فدخلت وعلي جالس بين يديه وهو يقول: فداك أبي وأمي يا رسول الله إذا كان كذا وكذا فما تأمرني؟ قال آمرك بالصبر، ثم أعاد عليه القول ثانية فأمره بالصبر فأعاد عليه القول ثالثة فقال له: يا علي، يا أخي إذا كان ذلك منهم فسل سيفك وضعه على عاتقك واضرب قدما قدما حتى تلقاني وسيفك شاهر يقطر من دمائهم، ثم التفت (عليه السلام) إلي فقال: لي تالله ما هذه الكآبة يا أم سلمة؟ قلت: الذي كان من ردك إياي يا رسول الله، فقال لي: والله ما رددتك من موجدة وإنك لعلى خير من الله ورسوله، ولكن أتيتني وجبرائيل يخبرني بالأحداث التي تكون بعدي، فأمرني أن أوصي بذلك عليا، يا أم سلمة اسمعي واشهدي، هذا علي بن أبي طالب أخي في الدنيا وأخي في الآخرة.

يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وزيري في الدنيا ووزيري في الآخرة، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب حامل لوائي في الدنيا وحامل لواء الحمد غدا في القيامة، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب وصيي وخليفتي من بعدي وقاضي عداتي والذائد عن حوضي، يا أم سلمة اسمعي واشهدي هذا علي بن أبي طالب سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين قلت: يا رسول الله من الناكثون؟ قال: الذين يبايعونه بالمدينة وينكثون بالبصرة قلت: ومن القاسطون؟

قال: معاوية وأصحابه من أهل الشام، قلت: من المارقون؟ قال أصحاب النهروان، فقال مولى أم سلمة: فرجت عني فرج الله عنك والله لا سببت عليا أبدا(1).

وروى هذا الحديث من طريق العامة موفق بن أحمد من أعيان العامة بإسناده عن أبي بكر أحمد ابن موسى بن مردويه، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن السري بن يحيى التميمي حدثنا المنذر

____________

(1) أمالي الطوسي: 425 / 952، أمالي الصدوق: 463 / 619.


الصفحة 34
ابن محمد بن المنذر بن محمد بن المنذر، وحدثنا أبي، حدثنا عمي الحسين بن سعيد بن محمد ابن المنذر بن أبي الجهم، حدثني أبي عن أبان بن تغلب عن علي عن محمد بن المنكدر عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) وكانت ألطف نسائه وأشدهن له حبا قال: وكان لها مولى يحضنها ورباها وكان لا يصلي صلاة إلا سب عليا وشتمه فقالت له: يا أبة ما حملك على سب علي؟ قال:

لأنه قتل عثمان وشرك في دمه.

قالت: إنه لولا أنك مولاي ربيتني وأنت عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسر رسول لله (صلى الله عليه وآله)، ولكن اجلس حتى أحدثك عن علي وما رأيته منه، إعلم أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وكان يومي وإنما كان نصيبي في تسعة أيام يوم واحد فدخل النبي صلى الله عليه وآله مخللا أصابعه في أصابع علي (عليه السلام) واضعا يده عليه وقال: يا أم سلمة أخرجي من البيت وأخليه لنا، فخرجت وأقبلا يتناجيان وأسمع الكلام ولا أدري ما يقولان حتى إذا قلت: قد انتصف النهار أقبلت فقلت: السلام عليكم ألج؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لا تلجي وارجعي مكانك، ثم تناجيا طويلا حتى قام عمود الظهر فقلت: ذهب يومي، وشغله علي عني، فأقبلت أمشي حتى وقفت على الباب فقلت:

السلام عليكم، ألج؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله) لا تلجي فرجعت وجلست مكاني حتى إذا قلت: قد زالت الشمس الآن يخرج إلى الصلاة ويذهب يومي ولم أرقط أطول منه، فأقبلت أمشي حتى وقفت وقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): فنعم فلجي، فدخلت وعلي واضع يده على ركبتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أدنى فاه من أذن النبي (صلى الله عليه وآله) وفم النبي على أذن علي يتساران وعلي يقول:

أفأمضي وأفعل؟ والنبي (صلى الله عليه وآله) يقول: نعم فدخلت وعلي معرض وجهه حتى دخلت وخرج وأخذني النبي (صلى الله عليه وآله) وأقعدني في حجره وألزمني فأصاب ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار، ثم قال: يا أم سلمة لا تلوميني فإن جبرائيل أتاني من الله تعالى يأمر أن أوصى به عليا من بعدي وكنت بين جبرائيل وعلي، وجبرائيل عن يميني وعلي عن شمالي، فأمرني جبرائيل أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة فاعذريني ولا تلوموني، إن الله عز وجل اختار من كل أمة نبيا واختار لكل نبي وصيا، فأنا نبي هذه الأمة وعلي وصيي في عترتي وأهل بيتي وأمتي من بعدي.

وهذا ما شاهدت من علي الآن يا أبتاه فسبه أو فدعه فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار ويقول:

اللهم اغفر لي ما جهلت من أمر علي فإن وليي ولي علي وعدوي عدو علي، وتاب المولى توبة نصوحا وأقبل فيما بقي من دهره يدعو الله تعالى أن يغفر له(1).

____________

(1) مناقب الخوارزمي: 146 - 147 / 171.


الصفحة 35
الخامس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل، حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمار أبي العباس قال: حدثنا إسحاق بن إسرائيل قال: حدثنا جعفر بن أبي سليمان يعني الضبعي قال: حدثنا أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال: أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بما يلقى بعده فبكى (عليه السلام) وقال: يا رسول الله أسألك بحقي عليك وحق قرابتي وحق صحبتي لما دعوت الله عز وجل أن يقبضني إليه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتسألني أن أدعو ربي لأجل مؤجل، قال: فعلى ما أقاتلهم؟ قال: على الإحداث في الدين(1).

وروى هذا الحديث من طريق العامة موفق بن أحمد قال: أخبرنا الشيخ والإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمرودي فيما كتب إلي من همدان، أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد بأصبهان فيما أذن لي في الرواية عنه، حدثنا الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن أحمد بن مردويه الأصفهاني، قال أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمرودي، وأخبرنا بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصفهاني في كتابه إلي من أصفهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه، حدثنا محمد بن علي بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم، أخبرنا بنهان بن عياد، أخبرنا جعفر بن سليمان عن أبي هارون عن أبي سعيد قال ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) ما يلقي بعده قال: فبكى وقال: أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي إلا ما دعوت الله أن يقبضني إليه، فقال له: يا علي تسألني أن أدعو الله لأجل مؤجل، قال: فقال: يا رسول الله على ما أقاتل القوم؟ قال: على الإحداث في الدين(2).

____________

(1) أمالي الطوسي: 50 / 1098.

(2) مناقب الخوارزمي: 175 / 211.


الصفحة 36

الباب السابع والستون

في الردة الواقعة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والحق مع علي (عليه السلام)

من طريق العامة وفيه خمسة عشر حديثا


الأول: من مسند أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا أحمد بن منصور وعلي بن مسلم وغيرهما قالوا: حدثنا عمر بن طلحة القتاد، حدثنا أسباط عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن عليا (عليه السلام) كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل قال: *(أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)* والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، ولئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه، من أحق به مني(1)؟.

الثاني: ومن صحيح البخاري في الجزء الخامس على حد ثلثه الأخير في تفسير قوله تعالى *(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم)* قال: حدثنا شعبة قال: أخبرنا المغيرة بن النعمان قال: سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عزلا ثم قال *(كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين)*(2) إلى آخر الآية، ثم قال: ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: *(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد)*(3) فقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم(4).

الثالث: ومن صحيح البخاري في الجزء الثامن في آخره من باب قول النبي (صلى الله عليه وآله) " لتتبعن سنن من قبلكم " قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا ابن أبي زيد عن المقيري عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع، فقيل:

يا رسول الله كفارس والروم؟ قال: ومن الناس إلا أولئك(5).

____________

(1) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 652 ح 1110.

(2) الأنبياء: 104.

(3) المائدة: 117.

(4) صحيح البخاري: 5 / 192.

(5) صحيح البخاري: 8 / 151.


الصفحة 37
الرابع: ومن صحيح مسلم في الجزء الثالث من أجزاء ثلاثة في ثلثه الأخير قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع، وحدثنا عبد الله بن معاد، وحدثنا أبي كلاهما عن شعبة، وحدثنا محمد بن مثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن مثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال قام فينا خطيبا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموعظة فقال: يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله عراة عزلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين، ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم (عليه السلام)، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح: *(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم - إلى قوله - إن تعذبهم فإنهم عبادك)* قال: فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم قال: وفي حديث وكيع ومعاذ: فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك(1).

الخامس: ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي في الجزء الثالث منه في أجزاء ثلاثة في الحديث والسابع والستين بعد المائتين من مسند أبي هريرة من المتفق عليه في الصحيحين من البخاري ومسلم قال: عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: والذي نفسي بيده لأذودن رجالا عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض(2).

السادس: البخاري من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كان يحدث عن بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يرد علي الحوض رجال من أمتي فيجلون عنه فأقول: يا رب أصحابي فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى(3).

السابع: البخاري أخرجه أيضا تعليقا من حديث بن سهل عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يرد علي الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقول: إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى(4).

الثامن: البخاري قال: فقال شعيب عن الزهري عن محمد بن علي عن ابن أبي رافع عن أبي هريرة يحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله) بهذا قال: وقال ابن مسعود: حديث عقيل مرسل هو عن الزهري عن أبي هريرة ولم يبينه(5).

____________

(1) صحيح مسلم: 8 / 157.

(2) الجمع بين الصحيحين: 3 / 194 ح 2434.

(3) صحيح البخاري: 7 / 208.

(4) صحيح البخاري: 7 / 208.

(5) المصدر السابق.


الصفحة 38
التاسع: البخاري أخرجه أيضا من حديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: بينا أنا قائم إذ أقبلت زمرة حتى إذا عرفتهم خرج بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: إلى أين فقال إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه أن يخلص منهم الأمثل همل النعم(1).

العاشر: ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري من الجزء الثاني من جزءين اثنين قريبا من آخره من موطأ مالك قال عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قال: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم(2).

الحادي عشر: موفق بن أحمد قال: روى السيد بإسناده عن أبي طالب عن علقمة والأسود قالا:

أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا: أبا أيوب إن الله أكرمك بنبيه إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضيفا لك فضيلة من الله فضلك بها، أخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالب، قال أبو أيوب فإني أقسم لكما لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا البيت الذي أنتما فيه وما في البيت غير رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلي جالس عن يمينه وأنا جالس عن يساره وأنس بن مالك قائم بين يديه إذ تحرك الباب فقال (صلى الله عليه وآله): انظر من بالباب فخرج أنس ونظر فقال: هذا عمار بن ياسر فقال (صلى الله عليه وآله):

افتح له الطيب المطيب ففتح أنس ودخل عمار، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرحب به وقال لعمار:

إنه سيكون في أمتي هنات من بعدي حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع الذي عن يميني وهو علي بن أبي طالب وإذا سلك كلهم واديا وسلك علي واديا فاسلك وادي علي بن أبي طالب وخل الناس، إن عليا لا يردك عن هدى ولا يدلك على ردى، يا عمار وطاعة علي طاعتي وطاعة الله.

يقال: فيه هنات وهنوات وهنيات: خصال سوء قال لبيد: إن البرئ من الهنات سعيد(3).

الثاني عشر: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال: جاء في الأسانيد الصحيحة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه، فقيل: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن إذا، قال. ومن الأخبار الصحيحة:

أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى(4).

الثالث عشر: ابن أبي الحديد قال: وفي صحيح مسلم والبخاري رحمهما الله إنه سيجاء برجال

____________

(1) صحيح البخاري: 7 / 209 ط. دار الفكر، بيروت.

(2) مسند أحمد: 2 / 301، وصحيح مسلم: 8 / 186 ط. دار الفكر بيروت.

(3) مناقب الخوارزمي: 194 / 232.

(4) شرح نهج البلاغة: 9 / 284.


الصفحة 39
يوم القيامة من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فإذا رأيتهم اختلجوا دوني قلت: أي ربي أصحابي فيقال لي: إنك لا تدري ما عملوا بعدك فأقول ما قال العبد الصالح: " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد " الإسناد في هذا الحديث عن ابن عباس (رضي الله عنه)(1).

الرابع عشر: ابن أبي الحديد قال: في الصحيحين أيضا عن زينب بنت جحش قال: استيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما من نومه، محمرا وجهه وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون! فقال: نعم إذا كثر الخبث.

وفي الصحيحين أيضا: يهلك أمتي هذا الحي من قريش.

قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم. رواه أبو هريرة عن رسول لله (صلى الله عليه وآله)(2).

الخامس عشر: ابن أبي الحديد قال نصر يعني بن مزاحم، وحدثنا يحيى بن يعلى عن الأصبغ ابن نباته قال: جاء رجل إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء الذين نقاتلهم، الدعوة واحدة والرسول واحد والصلاة واحدة والحج واحد فماذا نسميهم؟ فقال: سمهم بما سماهم الله في كتابه، قال: ما كل ما في الكتاب أعلمه، قال: أما سمعت الله تعالى يقول *(تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله إلى قوله ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر)* فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله وبالكتاب وبالنبي وبالحق، فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا وشاء الله قتالهم، فقتالهم بمشيئته وإرادته(3).

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 9 / 284.

(2) شرح نهج البلاغة: 9 / 287.

(3) شرح نهج البلاغة: 5 / 258.


الصفحة 40

الباب الثامن والستون

في الردة الواقعة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والحق مع علي (عليه السلام)

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا


الأول: محمد بن يعقوب بإسناده عن حنان عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كان الناس أهل ردة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) إلا ثلاثة فقلت ومن الثلاثة فقال: المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم، ثم عرف الناس بعد يسير وقال هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى وأبوا أن يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين (عليه السلام) مكرها فبايع وذلك قول الله عز وجل *(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)*(1)(2).

الثاني: ابن يعقوب أيضا بإسناده عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضا لله عز ذكره وما كان الله ليفتن أمة محمد (صلى الله عليه وآله) من بعده فقال أبو جعفر (عليه السلام): أو ما يقرؤون كتاب الله؟ أوليس يقول *(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين)* قال: فقلت له: إنهم يفسرون على وجه آخر فقال:

أوليس قد أخبر الله عز وجل عن الذين من قبلهم من الأمم إنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات حيث قال *(وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد)*(3)(4).

الثالث: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري قراءة قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وحدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الري قال: حدثني أبو زرعة عبد الله بن عبد الكريم قالا: حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة القياد قال:

____________

(1) آل عمران: 144.

(2) الكافي 8: 245 / 341.

(3) البقرة: 253.

(4) الكافي 8: 270 / 398.