كتاب الغدير:
كتاب يتجدّد أثره ويتعاظم كلّما ازداد به الناس معرفة، ويمتدّ في الافاق صيته كلّما غاص الباحثون في أعماقه وجلّوا أسراره وثوّروا كامن كنوزه... إنّه العمل الموسوعي الكبير الّذي يعدّ بحقّ موسوعة جامعة لجواهر البحوث في شتّى ميادين العلوم: من تفسير، وحديث، وتاريخ، وأدب، وعقيدة، وكلام، وفرق، ومذاهب...
جمع ذلك كلّه بمستوى التخصّص العلمي الرفيع وفي صياغة الاديب الذي خاطب جميع القرّاء، فلم يبخس قارئاً حظّه ولا انحدر بمستوى البحث العلمي عن حقّه.
ونظراً لما انطوت عليه أجزاؤه الاحد عشر من ذخائر هامة، لا غنى لطالب المعرفة عنها، وتيسيراً لاغتنام فوائدها، فقد تبنّينا استلال جملة من المباحث الاعتقادية وما لها صلة بردّ الشبهات المثارة ضدّ مذهب أهل البيت عليهم السلام، لطباعتها ونشرها مستقلّة، وذلك بعد تحقيقها وتخريج مصادرها وفقاً للمناهج الحديثة في التحقيق.
مقدمة الاعداد:
الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى، وآله الائمة الشرفاء.
وبعد،
بين يديك عزيزي القارئ دراسة نقدية لبعض ما احتواه كتاب (الفِصَل(1) في الملل والاهواء والنحل) من افتراءات وأكاذيب نسبها مؤلّفه ابن حزم الظاهري الاندلسي إلى الشيعة الامامية
____________
(1) الفِصَلُ، جمع فَصْلة: وهي النخلة المنقولة المحوّلة وقد افتصلها عن موضعها، لسان العرب 11: 523 «فصل».
وفي المجلد الاول منه أيضاً بيّن الشيخ الاميني (رحمه الله) بعض الاراء الشاذة لابن حزم تحت عنوان (الرأي العام في ابن حزم الاندلسي).
فقمتُ بمراجعتهما وتصحيحهما، واستخراج مالم يستخرجه العلاّمة الاميني من المصادر; لعدم توفّرها لديه آنذاك، وحوّلتُ بعض الاستخراجات من طبعاتها القديمة الحجرية إلى الحروفية الحديثة، وأدرجتُ بعض التعليقات ـ في الهامش ـ التي أشار إليها الاميني إشارة عابرة; لانه ذكرها في موضع آخر من كتابه.
ولا يخفى على العلماء الاعلام وذوي الاطلاع في التأريخ، حال ابن حزم وتعصّبه، وهجومه على علماء المسلمين الذين يختلفون معه في الرأي.
مال ابن حزم في ابتداء أمره إلى المذهب الشافعي وناضل عنه حتى نُسب إلى الشذوذ واستهدف كثيراً من فقهاء عصره بالنقد والجرح، ثم انتقل إلى المذهب الظاهري وتعصّب له وصنّف فيه وردّ على مخالفيه، ثم خلع الكل واستقل وزعم أنّه إمام الائمة يضع ويرفع ويحكم ويشرّع، وأنشأ مذهباً خاصاً له يُدعى (الحزمية)،
وقد أجمع المؤرّخون على صدور أخطاء وأوهام من ابن حزم، وأثبتوا مناظرة أبي الوليد الباجي له.
قال ابن حجر العسقلاني: وقع له أوهام شنيعة، تتبّع كثيراً منها الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري من المحلّى خاصة.
وقال الحميدي: وقد تتبّع أغلاطه في الاستدلال والنظر عبد الحقّ بن عبد الله الانصاري في كتاب سمّاه (الردّ على المحلّى).
وقال مؤرّخ الاندلس أبو مروان بن حبّان: لا يخلو ـ ابن حزم ـ في فنونه من غلط.
وذكر عزّ الدين بن عبد السلام نبذة من أغلاطه في وصف الرواة، أثبت بعضها ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان.
وفي هامش كتاب (الاعلام) للزركلي: انّ ابن حبّان يحطّ من ابن حزم، وينال من علمه ومكانته.
وأخذ المؤرّخون على ابن حزم أيضاً انتقاده لكثير من العلماء والفقهاء، وردّه لاهل كلّ دين، ووقوعه في الائمة الكبار بأقبح عبارة وأشنع ردّ، حتى لا يكاد يسلم أحد من لسانه، ممّا حدا بأبي العباس ابن العريف الصالح الزاهد أن يقول كلمته المشهورة التي بقيت ليومنا هذا تُطارد ابن حزم الاندلسي، وهي (لسان ابن حزم
ولم يكن ابن حزم في نقاشه ومحاوراته هادئاً ليّناً، قال ابن حجر العسقلاني: ولم يكن يلطف في صدعه بما عنده بتعريض ولا تدريج، بل يصك معارضاً صك الجندل، وينسفه في أنفه إنساف الخردل. فتمالا عليه فقهاء عصره، وأجمعوا على تضليله، وشنّعوا عليه، وحذّروا أكابرهم من قبيله، ونهوا عوامهم عن الاقتراب منه. فطفقوا يعصونه وهو مصر على طريقته، حتى كمل له من تصانيفه وقر بعير، لم يتجاوز أكثرها بابه; لزهد العلماء فيها.
وفي مكان آخر من كتابه قال ابن حجر: تعصّب عليه فقهاء المالكية باُمراء تلك الديار، فمقتوه وآذوه وطردوه وحرقوا كتبه علانية.
ونتيجة لذلك كلّه هاجر ابن حزم إلى بادية لَبْلَة من بلاد لاندلس وتوفي فيها سنة456هـ.
ومما يؤآخذ به ابن حزم أيضاً اعتقاده في أحقيّة عدالة دولة بني أُميّة:
قال أبن حجر: وممّا يزيد في بغض الناس له اعتقاده بصحة إمامتهم ـ بني أُميّة ـ حتى نُسب إلى النصب.
وقال التلمساني في (نفح الطيب): قال ابن حزم: إنّ دولة بني
فلا عجب أن يصدر من هذا الرجل انتقاد لائمة أهل البيت (عليهم السلام)ولعقائد محبّيهم والسائرين على نهجهم، فإن هجم عليهم هو ببنانه في هذا الكتاب فقد سلَّ مواليه بنو أُميّة بالامس السيوف عليهم وذبحوا أبناء الرسول في كربلاء وغيرها، علماً بأنّ جدّه يزيد كان مولىً ليزيد بن أبي سفيان وهو أوّل مَن أسلم من أجداده، كما ذكره ابن خلكان في الوفيات(1) .
والذي يطّلع على حياة ابن حزم لا يستبعد هجومه وتشنيعه على أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، كيف وقد كان نصيب كبار علماء اخواننا أبناء السنّة مقداراً كبيراً من النقد والتشنيع منه، حتى قالوا: لا يكاد يسلم أحد من لسانه، وقالوا: لسان ابن حزم وسيف الحجّاج شقيقان، كما أوضحناه قبل عدّة أسطر في ترجمته.
فنراه في كتابه هذا يلصق بأتباع أهل البيت (عليهم السلام) أكاذيب
____________
(1) انظر ترجمته في وفيات الاعيان لابن خلكان 3: 325-330، لسان الميزن لابن حجر العسقلاني 4: 198-203، نفح الطيب للتلمساني 1: 313، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 3: 299-300، هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي 5: 690-691، الاعلام لخير الدين الزركلي 4: 254-255.
والعجب من هذا الرجل الذي تصفه المصادر بالفقيه والحافظ، أن يناقش في أمور متسالم عليها عند جميع المسلمين، وهي مسطورة في كتبهم القديمة والحديثة، فنراه ينكر حديث الموآخاة التي جرت بين النبي (صلى الله عليه وآله) والامام علي(عليه السلام) وحديث ردّ الشمس لعلي (عليه السلام)ونزول سورة (هل أتى) في علي وأهل بيته (عليهم السلام)، بل ينكر أنّ علياً (عليه السلام)أكثر الصحابة علماً !!!.
لذلك تصدّى للردّ عليه العلاّمة الاميني رضوان الله تعالى عليه، وأثبت بطلان مدّعاه مستدلاً بالمصادر الرئيسية لاخواننا أبناء السنّة. علماً بأنّ العلاّمة الاميني ليس أول مَن ردَّ على ابن حزم، فقد ردّه كثير من علماء العامة كالاستاذ عبد الفتاح عبد المقصود في كتابه الامام علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، والاستاذ محمد كرد علي في خطط الشام. وألّف عدد كبير من علماء العامة كتباً ورسائل مستقلة في اثبات ما أنكره ابن حزم كحديث الموآخاة وردّ الشمس وسورة (هل أتى) وأعلمية الامام علي (عليه السلام)
والحمد لله أوّلاً وآخراً، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد المصطفى.
محمّد الحسّون
29 رمضان 1416هـ
نظرة في كتاب
الفِصَل في الملل والاهواء والنحل
يجب على مَن يكتب في الملل والنحل قبل كلّ شيء الالتزام بالصدق والامانة أكثر ممّن يؤلّف في التأريخ والادب، حتى يأمن بوائق هذا الفن من قذف الاُمم من غير استناد إلى ركن وثيق، وتشويه سمعة الابرياء بمجرّد الوهم أو الخيال، فلا يخطّ إلاّ وهو مُثبّت في النقل، مُعتمد على أوثق المصادر، حتى يكون ذلك معذراً له عند المولى سبحانه، فلا يؤآخذ بالبهت على الناس والوقيعة فيهم.
غير أنّ ابن حزم لم يلتزم بهذا الواجب، بل التزم بضده في كلّ
1 ـ قال: إنَّ الروافضَ ليسوا من المسلمين، إنَّما هي فِرقٌ أوّلها بعد موت النبيِّ بخمس وعشرين سنة، وكان مبدؤها إجابةً ممَّن خذله الله لدعوة مَن كاد الاسلام، وهي طائفةٌ تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر(1) . |
وليت شعري كيف يُمكن سلب الاسلام عن قوم يستقبلون القبلة في فرائضهم، ويلهجون بالشَّهادتين فيها، ويحملون القرآن ويعملون به، ويتَّبعون سُنَّة النبيِّ الاقدس؟! وملءُ الدّنيا كتبهم في العقائد والاحكام، فهي شهيدةٌ لهم على ما قُلناه بعد أعمالهم الخارجيَّة.
وكيف يسع الرجل هذا الحكم الباتّ؟! وآلافٌ من الشيعة هم مشايخ أعلام السنَّة ورواة الحديث في صحاحهم الستّ وغيرها
____________
(1) الفصل في الملل والاهواء والنحل 1:290.
1 - أبان بن تغلب الكوفي
2 - أحمد بن المفضل الحفري
3 - أسماعيل بن زكريّا الكوفي
4 - تليد بن سليمان الكوفي
5 - جابر بن يزيد الجعفي
6 - جعفر بن سليمان البصري
7 - الحارث بن عبد الله الهمداني
8 - حكم بن عُتيبة الكوفي
9 - أبو الجحّاف ابن أبي عوف
10 - سالم بن أبي الجعد الكوفي
11 - سعيد بن خثيم الهلالي
12 - سليمان بن صرد الكوفي
13 - سليمان بن مهران الكوفي
14 - طاووس بن كيسان الهمداني
15 - عبّاد بن يعقوب الكوفي
16 - عبد الله بن عُمر الكوفي
17 - عبد الرَّحمن بن صالح الازدي
18 - عبيد الله بن موسى الكوفي
20 - علي بن بديمة
21 - عليّ بن صالح
22 - عليّ بن المنذر الطرائفي
23 - عمّار بن زُريق الكوفي
24 - فضل بن دكين الكوفي
25 - مالك بن إسماعيل الكوفي
26 - محمّد بن فضيل الكوفي
27 - محمّد بن عمّار الكوفي
28 - المنهال بن عمرو الكوفي
29 - نوح بن قيس الحدّاني
30 - هُبيرة بن بُريم الحميري
31 - وكيع بن الجراح الكوفي
32 - إبراهيم بن يزيد الكوفي
33 - إسماعيل بن أبان الكوفي
34 - إسماعيل بن عبد الرَّحمن
35 - ثابت أبو حمزة الِّثمالي
36 - جرير بن عبد الحميد الكوفي
37 - جُميع بن عُميرة الكوفي
38 - حبيب بن أبي ثابت الكوفي
40 - زُبيد بن الحارث الكوفي
41 - سالم بن أبي حفصة الكوفي
42 - سلمة بن الفضل الابرش
43 - سليمان بن طاخان البصري
44 - شعبة بن الحجّاج البصري
45 - ظالم بن عمرو الدؤلي
46 - عبد الله بن داود الكوفي
47 - عبد الله بن لهيعة الحضرمي
48 - عبد الرزاق بن همام الحميري
49 - عثمان بن عُمير الكوفي
50 - العلاء بن صالح الكوفي
51 - عليّ بن الجعد الجوهري
52 - علي بن غراب الكوفي
53 - عليّ بن هاشم الكوفي
54 - عمرو بن عبد الله السبيعي
55 - فضيل بن مرزوق الكوفي
56 - محمّد بن حازم الكوفي
57 - محمّد بن مسلم الطائفي
58 - معروف بن خربوذ الكرخي
60 - هارون بن سعد الكوفي
61 - هشام بن زياد البصري
62 - يحيى بن الجزّار الكوفي
63 - أبو عبد الله الجدلي
64 - إسماعيل بن خليفة الكوفي
65 - إسماعيل بن موسى الكوفي
66 - ثُوير بن أبي فاختة الكوفي
67 - جعفر بن زياد الكوفي
68 - الحارث بن حُصيرة الكوفي
69 - الحسن بن حيِّ الهمداني
70 - خالد بن مخلّد القطواني
71 - زيد بن الحباب الكوفي
72 - سعد بن طريف الكوفي
73 - سلمة بن كهيل الحضرمي
74 - سليمان بن قرم الكوفي
75 - صعصعة بن صوحان العبيدي
76 - أبو الطفيل عامر المكّي
77 - عبد الله بن شدّاد الكوفي
78 - عبد الله بن ميمون القداح
80 - عديّ بن ثابت الكوفي
81 - علقمة بن قيس النخعي
82 - عليّ بن زيد البصري
83 - عليّ بن قادم الكوفي
84 - عمّار بن معاوية الكوفي
85 - عوف بن أبي جميلة البصري
86 - فطر بن خليفة الكوفي
87 - محمّد بن عُبيد الله المدني
88 - محمّد بن موسى المدني
89 - منصور بن المعتمر الكوفي
90 - نفيع بن الحارث الكوفي
91 - هاشم بن البريد الكوفي
92 - هشام بن عمّار الدمشقي
93 - يزيد بن أبي زياد الكوفي(1) .
هؤلاء جمعُ ممَّن احتجّ بهم الائمَّة الستَّة في صحاحهم، أضف إليهم رجال الشيعة من الصحابة الاكرمين، والتابعين الاوَّلين،
____________
(1) راجع في ترجمة هؤلاء وتفصيل حديثهم المراجعات لسيّدنا المجاهد حجّة الاسلام شرف الدين ص41ـ105 «المؤلف».
فلو كانت الشيعة ـ كما زعمه ابن حزم ـ خارجين عن الاسلام فما قيمة تلك الصحاح؟! وتلك المسانيد؟! وتلك السنن؟! وما قيمة مؤلِّفيها أُولئك المشايخ وأُولئك الائمَّة وأُولئك الحفّاظ؟! وما قيمة تلكم المعتقدات والاراء المأخوذة ممَّن ليسوا من المسلمين؟! اللهمَّ غفرانكَ وإليكَ المصير، وأنت القاضي بالحقِّ.
نعم، ذنبهم الوحيد الَّذي لا يُغفر عند ابن حزم أنَّهم يُوالون عليّاً أمير المؤمنين (عليه السلام)وأولاده الائمَّة الاُمناء صوات الله عليهم، إقتداءً بالكتاب والسنَّة، ومن جرّاء ذلك يستبيح صاحب (الفصل) من أعراضهم ما لا يُستباح من مسلم، والله هو الحكم الفاصل.
وأمّا ما حسبه مِن أنَّ مبدأ التشيّع كان إجابةً ممَّن خذله الله لدعوة مَن كاد الاسلام، وهو يريد عبد الله بن سبأ، الذي قتله أمير المؤمنين (عليه السلام) إحراقاً بالنار على مقالته الالحاديَّة، وتبعته شيعته على لعنه والبراءة منه.
فمتى كان هذا الرجس من الحزب العلويِّ حتى تأخذ الشيعة منه مبدأها القويم؟! وهل تجد شيعيّاً في غضون أجيالها وأدوارها
____________
(1) في الجزء الثالث الصفحة 78ـ79 من هذا الكتاب ـ الغدير ـ عدّة روايات دالة على ذلك:
منها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «أنت وشيعتك في الجنة» تأريخ بغداد 12: 289.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا كان يوم القيامة دُعي الناس بأسمائهم وأسماء أُمهاتهم إلاّ هذا ـ يعني علياً ـ وشيعته، فإنّهم يُدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم; لصحة ولادتهم» مروج الذهب2: 51.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «يا علي إنّ الله قد غفر لك ولذريتك ولولدك ولاهلك وشيعتك ولمحبّي شيعتك» الصواعق المحرقة: 96و139و140.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «إنّك ستقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيين» النهاية في غريب الحديث والاثر 3: 276.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «أنت أول داخل الجنة من أُمتي، وأنّ شيعتك على منابر من نور مسرورين، مبيضّة وجوههم حولي، أشفع لهم فيكونون في الجنة جيراني» مجمع الزوائد 9: 131، كفاية الطالب: 135.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحهما، والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا ورقها. وأصل الشجرة في جنة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنة» مستدرك الصحيحين 3: 160، تأريخ ابن عساكر 4: 318، الرياض النضرة 2: 253، الفصول المهمة: 11، نزهة المجالس 2: 222.
ومنها: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا علي إنّ أول أربعة يدخلون الجنة: أنا، وأنت، والحسن، والحسين. وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا» تأريخ ابن عساكر 4: 318، الصواعق المحرقة: 96، تذكرة الخواص: 31، مجمع الزوائد 9: 131، كنوز الحقائق بهامش الجامع الصغير 2: 16.
2 ـ قال: كذب مَن قال: بأنَّ عليّاً كان أكثر الصحابة علماً 4 ص136. ثمَّ بسط القول في تقرير أعلميَّة أبي بكر وتقدُّمه على عليٍّ في العلم ببيانات تافهة، إلى أن قال: عَلِمَ كلُّ ذي حظٍّ من العلم أنَّ الذي كان عند أبي بكر من العلم أضعاف ما كان عند عليٍّ منه. وقال في تقدُّم عمر على عليٍّ في العلم: عَلِمَ كلُّ ذي حسٍّ علماً ضروريّاً أنَّ الذي كان عند عمر من |
العلم أضعاف ما كان عند عليٍّ من العلم. إلى أن قال: فبطل قول هذه الوقّاح الجهّال، فإن عاندنا معاندٌ في هذا الباب جاهلٌ أو قليل الحياء لاح كذبه وجهله، فإنّا غير مُهتمّين على حطِّ أحد من الصحابة عن مرتبته. |
وقوله (صلى الله عليه وآله) لها: «زوّجتكِ خير أُمَّتي،أعلمهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأوَّلهم سلماً»(2) .
وقوله (صلى الله عليه وآله) لها: إنَّه «لاوَّل أصحابي إسلاماً»، أو: «أقدم أُمَّتي
____________
(1) مستدرك الصحيحين 3: 129، كنز العمال 6 ص13 «المؤلف»
وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 605 / 32925.
(2) أخرجه الخطيب في المتفق، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 398 «المؤلف».
وقوله (صلى الله عليه وآله): «أعلم أُمَّتي من بعدي عليُّ بن أبي طالب»(2) .
وقوله (صلى الله عليه وآله): «عليٌّ وعاء علمي، ووصييّ، وبابي الذي أوتى منه»(3) .
وقوله (صلى الله عليه وآله): «عليٌّ باب علمي، ومبيِّن لاُمّتي ما أُرسلت به من بعدي»(4) .
وقوله (صلى الله عليه وآله): «عليٌّ خازن علمي»(5) .
____________
(1) مسند أحمد بن حنبل 5: 26، الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 36،الرياض النضرة 2: 194، مجمع الزوائد 9: 101و114 بطريقين صحّح أحدهما ووثّق رجال الاخر، المرقاة في شرح المشكاة 5: 569، كنز العمال 6 ص153، السيرة الحلبية 1: 285، سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية 1: 188 «المولّف».
وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 605/32925.
(2) أخرجه الديلمي عن سلمان، وذكره الخوارزمي في المناقب: 49 ومقتل الحسين (عليه السلام) 1: 43، والمتقي في كنز العمال 6 ص153 «المؤلف».
وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 614 / 32977.
(3) شمس الاخبار: 39، كفاية الكنجي: 70و93 «المؤلف».
(4) أخرجه الديلمي عن أبي ذر كما في كنز العمال 6 ص156، كشف الخفاء 1: 204 «المؤلّف».
وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 614 / 32981.
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 448 «المؤلّف»
وانظر شرح نهج البلاغة الطبعة المحققة 7: 60.
وقوله (صلى الله عليه وآله): «أقضى أُمَّتي عليّ»(2) .
وقوله (صلى الله عليه وآله): «أقضاكم عليّ»(3) .
وقوله (صلى الله عليه وآله): «يا عليُّ اخصمك بالنبوَّة ولا نبوَّة بعدي، وتخصم بسبع»، إلى أن عدَّ منها: «وأعلمهم بالقضيَّة»، وفي لفظ: «وأبصرهم بالقضيَّة»(4) .
وقوله (صلى الله عليه وآله): «قسّمت الحكمة عشرة أجزاء، فاُعطي عليُّ تسعة
____________
(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 448، الجامع الصغير للسيوطي، جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 153، شرح العزيزي 2: 417، حاشية شرح العزيزي للحنفي 2: 417، مصباح الظلام 2: 56 «المؤلّف».
وانظر شرح نهج البلاغة الطبعة المحققة 7: 60 والجامع الصغير للسيوطي الطبعة المحققة 2: 177/5593.
(2) مصابيح البغوي 2: 277، الرياض النضرة 2: 198، المناقب للخوارزمي:50، فتح الباري 8: 136،بغية الوعاة: 447 «المؤلّف».
(3) الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 38، مواقف القاضي الايجي 3: 276، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2: 235، مطالب السئول: 23، تمييز الطيّب من الخبيث: 25، كفاية الشنقيطي: 46 «المؤلّف».
وانظر شرح نهج البلاغة الطبعة المحققة 1: 18.
(4) حلية الاولياء 1: 66، الرياض النضرة 2: 198 عن الحاكمي، مطالب السئول: 34، تأريخ ابن عساكر، كفاية الطالب: 139، كنز العمال «المؤلّف».
وانظر مختصر تأريخ دمشق 2: 325، وكنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 617/ 32994.
وكيف كان (صلى الله عليه وآله) يقول لَمّا يقضي عليٌّ في حياته: «الحمد للهِالذي جعل الحكمة فينا أهل البيت»(2) .
وإذا كان عليٌّ باب مدينة علم رسول الله وحكمته بالنصوص المتواترة عنه(3) (صلى الله عليه وآله) فأيُّ أحد يُوازيه؟! أو يُضاهيه!؟ أو يقرب منه في شيء من العلم؟!.
وهذا الحديث ممّا لا شكَّ في صدوره عن مصدر النبوَّة، وقد أفرده بتدوين طرقه غير واحد في مؤلَّفات مستقلّة.
وبعده (صلى الله عليه وآله) عائشة فإنَّها قالت: عليٌّ أعلم الناس بالسنَّة(4) .
____________
(1) حلية الاولياء 1: 65، أسنى المطالب للحافظ الجزري: 14 «المؤلّف».
(2) أخرجه أحمد في المناقب، ومحبّ الدين الطبري في الرياض النضرة 2: 194 «المؤلّف».
وانظر فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لابن حنبل، الطبعة الحروفية: 137.
(3) أخرجه كثير من الحفّاظ بعدّة طرق، وصححه الطبري، وابن معين، والحاكم، والخطيب البغدادي، والسيوطي وغيرهم «المؤلّف».
وانظر الرياض النضرة 3: 159، مستدرك الصحيحين 3: 126، تأريخ بغداد 2: 377 و 4: 348 و 7: 173 و 11: 204-205، الجامع الصغير 1: 415/2705.
(4) الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 40، الرياض النضرة 2: 193، المناقب للخوارزمي: 54، الصواعق المحرقة: 76، تأريخ الخلفاء للسيوطي: 115 «المؤلّف».
وقوله: أقضانا عليٌّ(2) .
ولعمر كلماتٌ مشهورةٌ تعرب عن غاية احتياجه في العلم إلى أمير المؤمنين، منها قوله غير مرَّة: لولا عليٌّ لهلك عمر(3) .
وقوله: اللّهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب(4) .
وقوله: لا أبقاني الله بأرض لستَ فيها أبا الحسن(5) .
وقوله: لا أبقاني الله بعدك يا عليُّ(6) .
____________
(1) حلية الاولياء 1: 65، الطبقات الكبرى لابن سعد: 459و460و461، الاستيعاب بهامش الاصابة 4:38و39، الرياض النضرة 2: 198و244، تأريخ ابن كثير 7: 359 وقال: وثبت عن عمر، أسنى المطالب للجزري: 14، تأريخ الخلفاء للسيوطي: 115 «المؤلّف».
(2) الطبقات الكبرى لابن سعد: 860، الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 41، تأريخ ابن عساكر 2: 325، مطالب السئول: 30 «المؤلّف».
(3) أخرجه أحمد والعقيلي وابن السّمان، ويوجد في الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 39، والرياض النضرة 2: 194، وتفسير النيسابوري في سورة الاحقاف، والمناقب للخوارزمي: 48، وشرح الجامع الصغير للشيخ محمد الحنفي بهامش السراج المنير 1: 417، وتذكرة الخواص: 87، ومطالب السئول: 13، وفيض القدير 4: 357 «المؤلّف».
(4) تذكرة الخواص: 87، المناقب للخوارزمي: 58، مقتل الحسين (عليه السلام)للخوارزمي 1: 45 «المؤلّف».
(5) ارشاد الساري 3: 195 «المؤلّف».
(6) الرياض النضرة 2: 197، المناقب للخوارزمي: 60، تذكرة الخواص: 88، فيض القدير 4: 357 «المؤلّف».
وقوله: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لستَ فيهم ياأباالحسن(2) .
وقوله: أعوذ بالله أن أعيش في قوم ليسَ فيهم أبو الحسن(3) .
وقوله: اللهمّ لا تنزل بي شديدة إلاّ وأبو الحسن إلى جنبي(4) .
وقوله: لا بقيتُ لمعضلة ليس لها أبو الحسن. ترجمة عليّ بن أبي طالب ص79.
وقوله: لا أبقاني الله إلى أن أدرك قوماً ليس فيهم أبو الحسن. حاشية شرح العزيزي 2 ص417، مصباح الظلام 2 ص56.
وقال سعيد بن المسيِّب: كان عمر يتعوَّذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن(5) .
____________
(1) تأريخ ابن كثير 7: 359، الفتوحات الاسلامية 2: 306 «المؤلّف».
(2) الرياض النضرة 2: 197، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد 2: 352 «المؤلّف».
(3) فيض القدير 4: 357 قال: أخرج الدار قطني عن أبي سعيد: أنّ عمر كان يسأل علياً عن شيء، فأجابه، فقال عمر، أعوذ بالله إلى آخره «المؤلّف».
(4) أخرجه ابن البحتري كما في الرياض النضرة 2: 194 «المؤلّف».
(5) أخرجه احمد في المناقب، ويوجد في الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 39، صفة الصفوة 1: 121، الرياض النضرة 2: 194، تذكرة الخواص: 85، طبقات الشافعية للشيرازي: 10، الاصابة 2: 509، الصواعق المحرقة: 76، فيض القدير 4: 357، ألف باء 1: 222 «المؤلّف».
انظر فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لاحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 186.
ولمّا بلغ معاوية قتل الامام قال: لقد ذهب الفقه والعلم بموت ابن ابي طالب. أخرجه أبو الحجّاج البلوي في كتابه «ألف باء» ج1 ص222.
ثمّ الامام السبط الحسن الزكيّ فإنَّه قال في خطبة له: «لقد فارقكم رجلٌ بالامس لم يسبقه الاوَّلون، ولا يُدركه الاخرون بعلم»(2) .
وقال ابن عبّاس حَبر الاُمَّة: والله لقد أُعطي عليُّ بن أبي طالب تسعةُ أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العُشر العاشر(3) .
وقال: ما علمي وعلم أصحاب محمَّد (صلى الله عليه وآله) في علم عليٍّ (رضي الله عنه) إلاّ
____________
(1) مناقب أحمد، الرياض النضرة 2: 195 «المؤلّف».
وانظر فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لاحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 181.
(2) أخرجه أحمد كما في تأريخ ابن كثير 7: 332، وأبو نعيم في الحلية 1: 65، وابن أبي شيبة كما في ترتيب جمع الجوامع 6: 412، وأبو الفرج ابن الجوزي في صفة الصفوة 1: 121 «المؤلّف».
وانظر فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لاحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 189، ومصنّف ابن أبي شيبة 12: 75/12159.
(3) الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 40، الرياض النضرة 2: 194، مطالب السئول: 30 «المؤلّف».
وقال: العلم ستَّة أسداس، لِعليٍّ من ذلك خمسة أسداس، وللنّاس سُدسٌ، ولقد شارَكنا في السّدس حتّى لهو أعلم به منّا(2) .
____________
(1) راجع الجزء الثاني من كتابنا ص44-45 ط ثاني «المؤلّف».
قال السيد أحمد زيني دحلان في الفتوحات الاسلامية 2: 37: كان عليٌ (رضي الله عنه)أعطاه الله علماً كثيراً وكشفاً غزيراً، قال أبو الطفيل: شهدتُ علياً يخطب وهو يقول: «سلوني من كتاب الله، فوالله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل. ولو شئتُ أوقرتُ سبعين بعيراً من تفسير فاتحة الكتاب».
وقال ابن عباس (رضي الله عنه): علم رسول الله من علم الله تبارك وتعالى، وعلم علي (رضي الله عنه)من علم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، وعلمي من علم علي (رضي الله عنه). وما علمي وعلم أصحاب محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم في علم علي (رضي الله عنه) إلاّ كقطرة في سبعة أبحر.
ويقال: إنّ عبد الله بن عباس أكثر البكاء على علي (رضي الله عنه) حتى ذهب بصره.
وقال ابن عباس أيضاً: لقدأُعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارك الناس في العشر العاشر.
وكان معاوية يسأله ويكتب له فيما ينزل به، فلّما توفّي علي (رضي الله عنه) قال معاوية: لقد ذهب الفقه والعلم بموت علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
وكان عمر بن الخطاب يتعوّذ من معضلة ليس فيها أبو الحسن.
وسُئل عطاء: أكان في أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم أحد أعلم من علي؟ قال: لا والله ما أعلمه.
وأخرج أبو نعيم في حلية الاولياء 1: 65 قول عبد الله بن مسعود: إنّ القرآن نزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلاّ وله ظهر وبطن، وإنّ علياً عنده علم الظاهر والباطن.
(2) المناقب للخوارزمي: 55، فرائد السمطين في الباب 68 بطريقين «المؤلّف».
وانظر الطبعة المحققة من فرائد السمطين 1: 369/298.
وقال: أعلم أهل المدينة بالفرائض عليُّ بن أبي طالب(2) .
وقال: كنّا نتحدَّث أنَّ أقضى أهل المدينة عليٌّ(3) .
وقال: أفرض أهل المدينة وأقضاها عليٌّ(4) .
وقال: إنَّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف، إلاّ وله ظهرٌ وبطنٌ، وإنَّ عليّ بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن. مفتاح السعادة ج1 ص400.
وقال هشام بن عتيبة في علي (عليه السلام): هو أوّل مَن صلّى مع رسول الله، وأفقهه في دين الله، وأولاه برسول الله(5) .
وسُئل عطاء: أكان في أصحاب محمّد أحد أعلم من عليٍّ؟!
____________
(1) كنز العمال نقلاً عن غير واحد من الحفّاظ «المؤلّف».
وانظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 11: 615/32982.
(2) الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 41، الرياض النضرة 2: 194 «المؤلّف».
(3) مستدرك الصحيحين للحاكم 3: 135 وصحّحه، الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 41، أسنى المطالب للجزري: 14، تمييز الطيّب من الخبيث لابن البديع: 15، الصواعق المحرقة: 76 «المؤلّف».
(4) مستدرك الصحيحين للحاكم 3: 135، الرياض النضرة 2: 198، الصواعق المحرقة: 76، تأريخ الخلفاء للسيوطي: 115 «المؤلّف».
(5) كتاب صفين لنصر بن مزاحم: 403.
وقال عديّ بن حاتم في خطبة له: والله لئن كان إلى العلم بالكتاب والسنَّة انِّه ـ يعني عليّاً ـ لاعلم النّاس بهما، ولئن كان إلى الاسلام إنَّه لاخو نبيِّ الله والرأس في الاسلام، ولئن كان إلى الزهد والعبادة انَّه لاظهر الناس زهداً وأنهكهم عبادةً، ولئن كان إلى العقول والنَّحائز(2) إنَّه لاشدُّ الناس عقلاً وأكرمهم نحيزةً(3) .
وقال عبد الله بن حجل في خطبة له: أنت أعلمنا بربِّنا، وأقربنا بنبيِّنا، وخيرنا في ديننا(4) .
وقال أبو سعيد الخدري: أقضاهم عليّ، وأخرج عبد الرزاق عن قتادة مثله. فتح الباري 8: 136.
وقد أمتدح جمعٌ من الصحابة أمير المؤمنين (عليه السلام) في شعرهم بالاعلميَّة كحسَّان بن ثابت، وفضل بن عبّاس، وتبعهم في ذلك أُمَّة كبيرةٌ من شعراء القرون الاُولى، لا نطيل بذكرهم المقام.
والاُمَّة بعد أُولئك كلّهم مُجمعةٌ على تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام)
____________
(1) الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 40، الرياض النضرة 2: 194، ألف باء 1: 222، الفتوحات الاسلامية 2: 337 «المؤلّف».
(2) النحائز، جمع النحيزة: الطبيعة. الصحاح 3: 898 «نحز».
(3) جمهرة خُطب العرب 1: 202 «المؤلّف».
(4) جمهرة خُطب العرب 1: 203 «المؤلّف».
قال الحاكم في المستدرك 3 ص226 في ذيل حديث وراثته النبيَّ دون عمِّه العبّاس ما نصّه: لا خلاف بين أهل العلم أنَّ ابن العمّ لا يرث مع العمِّ، فقد ظهر بهذا الاجماع أنَّ عليّاً ورث العلم من النبىِّ دونهم.
وبهذه الوراثة الثابتة صحَّ عن عليّ (عليه السلام) قوله: «والله انّي لاخوه ووليّه وابن عمِّه ووارث علمه، فمَن أحقُّ به منّي»؟!(1) .
وهذه الوراثة هي المُتسالم عليها بين الصحابة، وقد وردت في كلام كثير منهم. وكتبَ محمّد بن أبي بكر إلى معاوية فيما كتب: يا لك الويل، تعدل نفسك بعليّ؟! وهو وارث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيّه(2) .
فلينظر الرجل الان إلى من يوجِّه قوارصه وقذائفه؟! وما حكم من يقول ذلك ومن المفضِّلين النبيُّ الاعظم (صلى الله عليه وآله)؟! وأمّا حكم من يقع في الصحابة وفيمن يقع فيه الامام السبط الحسن وعائشة
____________
(1) خصائص النسائي: 18، مستدرك الصحيحين 3: 126 صحّحه هو والذهبي «المؤلّف».
(2) كتاب صفين لنصر بن مزاحم: 133، مروج الذهب 2: 59 «المؤلّف».
3 ـ قال: من قول الاماميَّة كلّها قديماً وحديثاً: إنَّ القرآن مُبدَّلٌ زيد فيه ما ليس منه، ونقص منه كثيرٌ، وبُدِّل منه كثيرٌ، حاشا عليّ بن الحسن(1) بن موسى بن محمّد، وكان إماميّاً يظاهر بالاعتزال مع ذلك، فإنَّه كان يُنكر هذا القول ويُكفِّر مَن قاله(2) . |
لكن القارئ إذا فحص ونقَّب لا يجد في طليعة الاماميَّة إلاّ نُفاة هذه الفرية، كالشيخ الصدوق في عقائده(3) والشيخ المفيد(4) ،
____________
(1) كذا في الفصل والمحكي عنه في كتب العامة، والصحيح: علي بن الحسين، وهو الشريف علم الهدى المرتضى «المؤلّف».
(2) الفصل في الملل والاهواء والنحل 4: 181.
(3) اعتقادات الامامية: 93ـ94.
(4) اوائل المقالات: 54ـ56.
فهؤلاء أعلام الاماميَّة وحملة علومهم، الكالئين لنواميسهم وعقائدهم قديماً وحديثاً، يوقفونك على مين الرجل فيما يقول، وهذه فرق الشيعة ـ وفي مقدَّمهم الاماميَّة ـ مجمعةٌ على أنَّ ما بين الدفّتين هو ذلك الكتاب الّذي لا ريب فيه، وهو المحكوم بأحكامه ليس إلاّ.
وإن دارت بين شدقي أحد من الشيعة كلمة التحريف، فهو يريد التأويل بالباطل بتحريف الكَلِمِ عن مواضعه، لا الزيادة والنقيصة، ولا تبديل حرف بحرف، كما يقول التحريف بهذا المعنى هو وقومه ويرمون به الشيعة كما مرَّ ص80.
4 ـ قال: من الاماميَّة من يُجيز نكاح تسع |
____________
(1) قاله في رسالته الجوابية الاولى عن المسائل الطرابلسيات، كما حكاه عنه الطبرسي في مجمع البيان 1: 15.
(2) التبيان 1: 3.
(3) مجمع البيان 1: 15.
نسوة، ومنهم من حرَّم الكُرنْب(1) ; لانَّه نَبَتَ على دم الحسين ولم يكن قبل ذلك 4 ص182. |
ولولا أنَّ هذه نسبةٌ مائنةٌ إلى بعض الاماميَّة، لدلَّ القارئ عليه ونوَّه باسمه أو بكتابه، لكنَّه لم يعرفه، ولا قرأ كتابه، ولا سمعتْ اذناه ذكره، غير أنَّ حقده المحتدم أبى إلاّ أن يفتري على بعضهم حيث لم تسعه الفرية على الجميع.
كما كنتٌ أودّ أن لا يُملي عن الكرنب حديثاً يفتري به قبل استطراقه بلاد الشيعة، حتّى يجدهم كيف يزرعون الكرنب ويستمرأون أكله مزيجاً بمطبوخ الارز ومقلى القمح [البلغور]، يفعل ذلك علماؤهم والعامَّة منهم وأعوانهم وساقتهم، وما سمعت أُذنا أحد منهم كلمة حظر عن أحد منهم، ولا نُقل عن مُحدِّث أو مؤرِّخ أو لغويٍّ أو قصّاص أوخضرويٍّ بأنَّه نبت على دم الحسين (عليه السلام) ولم يكن قبل ذلك.
____________
(1) قال ابن منظور في لسان العرب 1: 716 «كرنب»: الكُرُنْبُ: بقلة. قال ابن سيّده: الكرنب: هذا الذي يقال له السِّلق.
5 ـ قال: وجدنا عليّاً (رضي الله عنه) تأخَّر عن البيعة ستَّة أشهر، فما أكرهه أبو بكر على البيعة حتّى بايع طائعاً مراجعاً غير مكره ص96. وقال ص97: وأظرف من هذا كلّه بقاء عليّ مُمسكاً عن بيعة أبي بكر (رضي الله عنه) ستَّة أشهر، فما سألها، ولا أُجبر عليها، ولا كلّفها وهو متصرِّفٌ بينهم في أُموره، فلولا أنَّه رأى الحقَّ فيها واستدرك أمره فبايع طالباً حظَّ نفسه في دينه راجعاً إلى الحقِّ، لما بايع. دعا الانصار إلى بيعة سعد بن عبادة، ودعا المهاجرون الى بيعة أبي بكر; وقعد عليٌّ (رضي الله عنه) في بيته لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ليس معه أحد غير الزبير بن العوام، ثمَّ استبان الحقّ للزبير (رضي الله عنه)فبايع سريعاً، وبقي عليٌّ وحده لا يرقب عليه. |