الصفحة 80
ابن عساكر، تاريخ ابن كثير، كنز العمّال 6 ص394(1) عن ابن أبي شيبة والنسائي وابن أبي عاصم والعقيلي والحاكم وأبي نعيم.

35 ـ زيد بن وهب قال سمعت عليّاً (عليه السلام) على المنبر وهو يقول: «أنا عبد الله وأخو رسوله، لم يقلها أحدٌ قبلي ولا يقولها أحدٌ بعدي إلاّ كذّاب أو مفتر»، فقام إليه رجلٌ فقال: أنا أقول كما يقول هذا. فضُرب به الارض، فجاءه قومه فغشّوه ثوباً، فقيل لهم: أكان هذا فيه قبل؟! قالوا: لا.

فرائد السمطين في الباب 44(2) ، كنز العمّال 6 ص396(3) عن أبي يحيى من طريق الحافظ العدني وفيه: فقالها رجلٌ فأصابته جنّة، الاستيعاب 2 ص460 من دون ذيله وقال: رويناه من وجوه: آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين، ثمَّ آخى بين المهاجرين والانصار، وقال في كلِّ واحدةِّ منهما لعلّي: «أنت أخي في الدنيا والاخرة». فلذلك كان هذا القول وما أشبهه من عليّ (رضي الله عنه).

36 ـ معاذة عن علي (عليه السلام) إنّه قال على رؤس الاشهاد خطيباً: «أنا عبد الله وأخو رسوله; وأنا الصدّيق الاكبر، والفاروق الاعظم، صلّيت قبل الناس سبع سنين، وأسلمت قبل إسلام أبي

____________

(1) انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13، 122/36389.

(2) انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 227.

(3) انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 129 / 36410.


الصفحة 81
بكر وآمنت قبل إيمانه».

شرح ابن أبي الحديد 3 ص257(1) ، راجع الجزء الثاني من كتابنا ص313(2) .

37 - حنان قال: سمعتُ عليّاً يقول: «لاقولنَّ قولاً لم يقله أحدٌ قبلي ولا يقوله بعدي إلاّ كذّابٌ، أنا عبد الله وأخو رسوله، وزير نبيِّ الرَّحمة، نكحت سيِّدة نساء هذه الامِّة، وأنا خير الوصيِّين».

«فرائد السمطين» الباب57(3) .

38 ـ إن عليّاً كرَّم الله وجهه أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول: «أنا عبد الله وأخو رسول الله»، فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: «أنا أحقُّ بهذا الامر منكم، لا أُبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي».

«الامامة والسياسة» 12/13.

39 ـ أبو الطفيل عامر بن واثلة في حديث مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الشورى قال: قال: «أُنشدكم الله أفيكم أحدٌ آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بينه وبين نفسه حيث آخى بين المسلمين غيري»؟! فقالوا: اللّهمّ لا.

____________

(1) شرح نهج البلاغة 7: 58.

(2) شرح نهج البلاغة 3: 257.

(3) انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 311.


الصفحة 82
أخرج ابن عبد البرّ خصوص هذه الفقرة من حديث المناشدة في الاستيعاب 2 ص460، وهى ممّا صحَّحه ابن أبي الحديد في شرحه 2 ص61(1) من فقرات الحديث وعدَّها ممّا استفاض في الرِّوايات، وقد أسلفنا طرق الحديث في ج1 ص159-163.

40 ـ اخرج الحافظ الدار قطني: انَّ عمر سأل عن عليّ فقيل له: ذهب إلى أرضه، فقال: اذهبوا بنا إليه. فوجدوه يعمل، فعملوا معه ساعة ثمَّ جلسوا يتحدَّثون، فقال له عليٌّ: «يا أمير المؤمنين؟ أرأيت لو جاءك قومٌ من بني إسرائيل فقال لك أحدهم: أنا ابن عمِّ موسى (صلى الله عليه وآله)أكانت له عندك أثرة على أصحابه»؟! قال: نعم، قال: «فأنا والله أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن عمِّه»، قال: فنزع عمر ردائه فبسطه فقال: لا والله لا يكون لك مجلسٌ غيره حتّى نفترق، فلم يزل جالساً عليه حتّى تفرَّقوا. «الصواعق» 107.

41 ـ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث عن حوريَّة من الجنَّة قال قالت: أنا الراضية المرضيَّة، خلقني الجبّار من ثلاثة أصناف: أعلاي من عنبر، ووسطي من كافور، وأسفلي من مسك. وعجني بماء الحيوان، ثمَّ قال: كوني فكنت، خلقني لاخيك وابن عمَّك عليِّ بن أبي طالب. «ذخاير العقبى» 90.

____________

(1) شرح نهج البلاغة 4: 81.


الصفحة 83
42 ـ مرّ في كتاب لامير المؤمنين (عليه السلام) كتبه إلى معاوية بن أبي سفيان قوله:
محمّد النبيُّ أخي وصنوي وحمزة سيِّد الشهداء عمّي
راجع ج2 ص25ـ30(1) .

43 ـ قال جابر بن عبد الله الانصاري سمعت عليّاً (عليه السلام) ينشد

____________

(1) أخرجه الخاصة والعامة، فمن الخاصة: الشيخ المفيد في الفصول المختارة 2: 78، والكراجكي في الفوائد: 122، والفتّال النيسابوري في روضة الواعظين: 76، والطبرسي في الاحتجاج: 97، وابن شهر آشوب في المناقب 1: 356، والاربلي في كشف الغمة: 92، وابن سنجر النخجواني في تجارب السلف: 42، والمجلسي في البحار 9: 375.

ومن العامة: يوسف بن محمد البلوي المالكي في كتابه ألف باء 1: 439، وزيد بن الحسن الكندي الحنفي في المجتنى: 39، وياقوت الحموي في معجم الادباء 5: 266، ومحمد بن طلحة الشافعي في مطالب السئول: 11، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: 62، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 2: 377، ومحمد بن يوسف الكنجي في المناقب: 41، وابن كثير في البداية والنهاية 8: 8، وابن الصّباغ المالكي في الفصول المهمة: 16، وابن حجر في الصواعق: 79، والاسحاقي في لطائف أخبار الدول: 33، والحلبي الشافعي في السيرة النبوية 1:286، والشبراوي الشافعي في الاتحاف بحبّ الاشراف: 181، والسيد محمود الالوسي البغدادي في شرح عينية الشاعر عبد الباقي العمري: 78، والقندوزي في ينابيع المودّة: 291، والسيد أحمد زيني دحلان في السيرة النبوية بهامش السيرة النبوية الحلبية 1: 190، والشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي المالكي في كفاية الطالب: 36، والمتقي الهندي في كنز العمال 13: 112/36366.


الصفحة 84
ورسول الله (صلى الله عليه وآله)يسمع شعره:
أنا أخو المصطفى لاشك في نسبي معه رُبيت وسبطاه هما ولدي
جدّي وجدُّ رسول الله منفردٌ وزوجتي فاطمٌ لا قول ذي فندِ
صدّقته وجميع الناس في بُهم من الضَّلالة والاشراك والنَّكد
الحمد لله شكراً لا شريك له البرّ بالعبد والباقي بلا أمدِ
فقال له النَّبيُّ (صلى الله عليه وآله): «صدقت يا عليّ».

فرائد السمطين في الباب 44(1) ، نظم درر السمطين للزرندي، كفاية الكنجي ص84، مناقب الخوارزمي ص95، تاريخ ابن عساكر، كنز العمّال 6 ص398(2) .

44 ـ قال ابن عبّاس: إنَّ عليّاً كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنَّ الله تعالى يقول: (أفإن مات أو قُتل)(3) ، لاُقاتلنَّ على ما قاتل عليه حتّى أموت، والله إنّي لاخوه ووليّه ووارثه (وارث

____________

(1) انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 226.

(2) انظر كنز العمال طبعة مؤسسة الرسالة 13: 137 / 36434.

(3) آل عمران: 144.


الصفحة 85
علمه) وابن عمِّه، فمن أحقُّ به منّي»؟!.

مناقب أحمد(1) ، خصائص النسائي 18، مستدرك الحاكم 3 ص126 وصحّحه هو والذهبي، الرِّياض النضرة 2 ص226، ذخائر العقبى ص100، فرائد السمطين الباب 24(2) ، مجمع الزوائد 9 ص134 من طريق الطبراني وقال: رجاله رجال الصحيح.

45 ـ قال عديّ بن حاتم في خطبة له: لئن كان إلى الاسلام إنَّه لاخو نبيِّ الله والرأس في الاسلام.

جمهرة الخطب 1 ص202.

46 ـ قال الثعلبي في «العرائس» ص149: قال أهل التفسير وأصحاب الاخبار: إن الله أهبط تابوتاً على آدم (عليه السلام) من الجنَّة حين أهبط إلى الارض فيه صور الانبياء من أولاده وفيه بيوتٌ بعدد الرسل منهم، وآخر البيوت بيت محمّد من ياقوتة حمراء ـ إلى أن قال ـ: وبين يديه عليُّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه شاهرٌ سيفه على عاتقه و مكتوبٌ على جبهته: هذا أخوه وابن عمِّه، المؤيَّد بالنصر من عند الله.

47 ـ في كتاب لمحمّد بن أبي بكر إلى معاوية: فكان أوَّل من

____________

(1) انظر فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام) لاحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية: 187.

(2) انظر الطبعة المحقّقة من فرائد السمطين 1: 124.


الصفحة 86
أجاب وأناب وآمن وصدَّق وأسلم وسلم أخوه وابن عمِّه عليُّ بن أبي طالب.

كتاب صفِّين لابن مزاحم 133، مروج الذهب 2 ص59.

48 ـ قال أبان بن عيّاش سألت الحسن البصري عن عليّ (عليه السلام)فقال: ما أقول فيه؟! كانت له السابقة، والفضل، والعمل، والحكمة، والفقه، والرأي، والصحبة، والنجدة، والبلاء، والزهد، والقضاء، والقرابة ـ إلى أن قال ـ: وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): «زوَّجتك خير أُمَّتي»، فلو كان في أُمِّته خير منه لاستثناه، ولقد آخى رسول الله بين أصحابه فآخى بين علي ونفسه، فرسول الله (صلى الله عليه وآله)خير النّاس نفساً وخيرهم أخاً.

شرح ابن أبي الحديد 1 ص369(1) .

49 ـ في خطبة لعمّار بن ياسر في البصرة قوله: أيّها الناس؟ اخو نبيّكم وابن عمِّه يستنفركم لنصر دين الله.

شرح ابن أبي الحديد 3 ص293(2) .

50 ـ مرَّ ج1 ص201 من كتاب لعمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان قوله: وأمّا ما نسبت أبا الحسن ـ أخا رسول الله

____________

(1) شرح نهج البلاغة 4: 122.

(2) شرح نهج البلاغة 14: 17.


الصفحة 87
ووصيَّه ـ إلى البغي والحسد على عثمان، وسمَّيت الصحابة فسقة، وزعمت أنَّه أشلاهم على قتله، فهذا كذبٌ وغوايةٌ(1) .

ولشهرة هذه الاثار وثبوتها لامير المؤمنين، ولاهميَّتها الكبرى عند الاُمَّة، وإعرابها عن المماثلة والمشاكلة في الفضيلة بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أخذها رجال القريض من الصحابة والتابعين كحسّان بن ثابت والنجاشي، وتبعهم شعراء القرون من الفريقين حتّى اليوم، فصبّوها في بوتقة النظم، ونحن نصفح عن كلّ ذلك النظم الرائق روماً للاختصار، غير أنَّ القارئ يقف على شيء كثير منه في طيِّ أجزاء كتابنا، راجع الجزء الثاني ص40، 43، 115، 218، 226، 229، 286، 291، 292، 293، 330، 350، ج3 ص66(2) .

10 ـ قال: جمهور متكلّمي الرافضة كهشام بن

____________

(1) المناقب للخوارزمي: 124.

(2) صحيح البخاري 4: 323و5: 269- 270و6: 191، صحيح مسلم 2: 324، سنن الترمذي 2: 300، مسند أحمد بن حنبل 1: 99و5: 353-358، الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 158، السيرة النبوية لابن هشام 3: 386، تأريخ الطبري 2: 93، الخصائص الكبرى للنسائي: 4و8و16و33، مستدرك الصحيحين 3: 116و190، تأريخ بغداد 7: 387، حلية الاولياء 1: 62و4: 356، الاستيعاب 2: 363، الرياض النضرة 2: 187، مرآة الجنان 1: 109، المواقف 3: 10و12.


الصفحة 88
الحكم الكوفي وتلميذه أبي علي الصكاك وغيرهما يقول: إنَّ علم الله تعالى محدثٌ، وإنَّه لم يكن يعلم شيئاً حتّى أحدث لنفسه علماً. وهذا كفرٌ صحيحٌ، وقد قال هشام هذا في عين مناظرته لابي الهذيل العلاّف: إنّ ربَّه سبعة أشبار بشبر نفسه. وهذا كفرٌ صحيحٌ، وكان داود الجوازي من كبار متكلّميهم يزعم أنَّ ربّه لحمٌ ودمٌ على صورة الانسان(1) .
ج ـ أمّا جمهور متكلّمي الشيعة فلن تجد هذه المزعمة في شيء من مؤلّفاتهم الكلاميَّة، بل فيها نقيض هذه كلّها ودحض شبه الزاعمين خلافهم، ضع يدك على أيّ من تلك الكتب مخطوطها ومطبوعها، حتّى تأليف هشام نفسه ومَن قصدهم الرجل بالقذف المائن، تجده على حدَّ ما وصفناه.

وأمّا هشام فأوَّل مَن نسب إليه هذه الفرية الجاحظ(2) عن النظام، ورواها ابن قتيبة في «مختلف الحديث» ص59 والخطّاط

____________

(1) الفصل في الملل والاهواء والنحل 4: 126.

(2) قال أبو جعفر الاسكافي: إنّ الجاحظ ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب، وهو من دعوى الباطل غير بعيد. فمعناه نزر، وقوله لغو، ومطلبه سجع، وكلامه لعب ولهو. يقول الشيء وخلافه، ويحسن القول وضده، ليس له من نفسه واعظ، ولا لدعواه حد قائم. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3: 267 «المؤلّف».


الصفحة 89
في «الانتصار»، وكلٌّ منهم هو العدوُّ الالدُّ للرَّجل، لا يُؤتمن عليه فيما ينقله ممّا يشوِّه سمعة هشام، فهو لا يزال يتحرّى الوقيعة فيه وفي نظرائه من أيِّ الوسائل كانت صادقةً أو مكذوبةً، والمذاهب والعقائد يجب أن تُؤخذ من أفواه المعتنقين بها، أو من كتبهم الثابتة نسبتها إليهم، أو ممَّن يُؤتمن عليه في نقلها، وهذه النسب المفتعلة لم يتسنَّ لها الحصول على شيء من الحالة، وإنَّما الحالة فيها كما وصفناها.

ثمَّ تبع أولئك في العصور المتأخِّرة أهل الهوس والهياج حنقاً على هشام ومبدئه، ومن حذى حذوه كإبن حزم وأمثاله، ولم يقنع الرجل تفريد هشام بهاتيك الشائنة المائنة حتىّ شركه فيها جمهور متكلّمي الرافضة وهم براء، والرَّجل غير مكترث لما أعدَّ الله لكلِّ أفّاك أثيم.

وهؤلاء متكلّموا الشيعة لا يعترفون بشيء من ذلك، وفيما كتبه عَلمٌ من أعلامهم، ألا وهو علم الهدى الشريف المرتضى في «الشافي» ص12 مقنعٌ وكفايةٌ في الدِّفاع عن هشام، على أنَّ نصَّ مناظرة هشام مع أبي الهذيل المذكورة في «الملل والنحل»(1) للشهرستاني ليس فيه إلاّ إلزام مَن يناظره بلازم قوله من أنَّه تعالى

____________

(1) الملل والنحل: 93.


الصفحة 90
جسمُ لا كالاجسام. وأين هو من الاعتقاد به؟!

وبقيَّة النِسب المعزوَّة إلى غير هشام من رجالات الشيعة من التجسّم وغيره ممّا ذُكر لدة ما يُنسب إلى هشام بعيدةٌ عن مستوى الصِّدق.

11 ـ قال: الرافضة لا يختلفون في أنَّ الشمس رُدَّت على عليِّ بن أبي طالب مرَّتين، أفيكون في صفاقة الوجه، وصلابة الخدّ، وعدم الحياء، والجرأة على الكذب أكثر من هذا على قرب العهد وكثرة الخلق؟!(1) .

وقال ج5 ص3 بعد نقل جملة من الخرافات: لا فرق بين من ادَّعى شيئاً ممّا ذُكر وبين دعوى الرافضة ردَّ الشمس على عليِّ بن أبي طالب مرَّتين.

وقال ج2 ص78: وأقلُّ الروافض غلوّاً يقولون: إنَّ الشمس رُدَّت على عليِّ ابن أبي طالب مرَّتين.

ج ـ ربما يحسب قارئ هذه القوارص أنَّ القول بردِّ الشمس على أمير المؤمنين (عليه السلام) من خاصّة الشيعة ليس إلاّ، وأنَّ الحديث به

____________

(1) الفصل في الملل والاهواء والنحل 4: 126.


الصفحة 91
منكرٌ وقول زور، لا يرى الاسلام لقائله قدراً ولا حرمةً، بل يحقّ بكلِّ ذلك السباب والقذف المقذع، ولا يتصوَّر أن تكون هذه الوقيعة والتحامل من الرَّجل دون حقيقة راهنة، وقول صحيح، ورأي ثابت بالسنَّة.

فأدب الشيعة وإن يمنعنا عن السباب والتقابل بالمثل، غير أنَّا نمثِّل بين يدي القارئ تلك الحقيقة، ونوقفه على حقِّ القول وقائليه ومحدِّثيه، فيرى عندئذ نصب عينيه مثال صفاقة الوجه، وصلابة الخدِّ، وعدم الحياء، والجرأة على الكذب، فنقول:

إنَّ حديث ردِّ الشمس أخرجه جمعٌ من الحفّاظ الاثبات بأسانيد جمَّة، صحَّح جمعٌ من مهرة الفنِّ بعضها، وحكم آخرون بحسن آخر، وشدَّد جمعٌ منهم النكير على مَن غمز فيه وضعَّفه، وهم الابناء الاربعة حملة الروح الامويَّة الخبيثة، ألا وهم: ابن حزم، ابن الجوزي، ابن تيميَّة، ابن كثير.

وجاء آخرون من الاعلام وقد عظم عليهم الخطب بإنكار هذه المأثرة النبويَّة والمكرمة العلويَّة الثابتة، فأفردوها بالتأليف، وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها، فمنهم:

1 ـ أبو بكر الورّاق، له كتاب «من روى ردَّ الشمس» ذكره له ابن شهر آشوب في «المناقب» 1 ص458.


الصفحة 92
2 ـ أبو الحسن شاذان الفضيلي، له رسالةٌ في طرق الحديث، ذكر شطراً منها الحافظ السيوطي في «اللالئ المصنوعة» 2 ص175، وقال: أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصحّحه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض مَن طعن فيه من رجاله.

3 ـ الحافظ أبو الفتح محمَّد بن الحسين الازدي الموصلي، له كتابٌ مفردٌ فيه، ذكره له الحافظ الكنجي في «الكفاية»(1) .

4 ـ أبو القاسم الحاكم ابن الحدّاد الحسكاني النيسابوري الحنفي المترجم 1: 112(2) ، له رسالةٌ في الحديث أسماها «مسألة في تصحيح ردِّ الشمس وترغيم النواصب الشمس» ذكر شطراً منها ابن كثير في البداية والنهاية 6 ص80، وذكره له الذَّهبي في تذكرته 3 ص368.

5 ـ أبو عبد الله الجعل الحسين بن عليّ البصريّ ثمَّ البغداديّ المتوفّى 399هـ، ذلك الفقيه المتكلّم، له كتاب «جواز ردَّ الشمس» ذكره له ابن شهر آشوب(3) .

6 ـ أخطب خوارزم أبو المؤيّد موفَّق بن أحمد المتوفّى 568هـ

____________

(1) كفاية الطالب: 218.

(2) ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 390.

(3) المناقب 1: 281.


الصفحة 93
المترجم في الجزء الرابع من كتابنا هذا(1) ، له كتاب «ردّ الشمس لامير المؤمنين» ذكره له معاصره ابن شهر آشوب(2) .

7 ـ أبو علي الشريف محمّد بن أسعد بن علي بن المعمّر الحسني النقيب النسّابة المتوفّى 588هـ، له جزءٌ في جمع طرق حديث ردّ الشمس لعليّ، أورد فيه أحاديث مستغربة. «لسان الميزان» 5: 76.

8 ـ أبو عبد الله محمَّد بن يوسف الدمشقي الصالحي تلميذ ابن الجوزي المتوفّى 597هـ، له جزء «مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس»، ذكره له برهان الدين الكوراني المدني في كتابه «الاُمم لايقاظ الهمم» ص63 كما يأتي لفظه.

9 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفّى 991هـ، له رسالةٌ في الحديث أسماها «كشف اللبس عن حديث ردِّ الشمس».

ولا يسعنا ذكر تلكم المتون وتلكم الطرق والاسانيد، إذ يحتاج إلى تأليف ضخم يخصُّ به، غير أنّا نذكر نماذج ممَّن أخرج من الحفّاظ والاعلام بين مَن ذكره مِن غير غمز فيه، وبين مَن تكلّم حوله وصحَّحه، وفيها مقنعٌ وكفايةٌ:

____________

(1) ترجمته في الجزء الرابع الصفحة 398-407، ومصادرها: بغية الوعاة: 401، الفوائد البهية: 39، روضات الجنّات: 21، تأريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان 3: 60، معجم المطبوعات: 1817.

(2) المناقب 1: 282.


الصفحة 94
1 ـ الحافظ أبو الحسن عثمان بن أبي شيبة العبسي الكوفي المتوفّى 239هـ، رواه في سننه(1) .

2 ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن صالح المصريّ المتوفّى 248هـ، شيخ البخاري في صحيحه ونظرائه، المجمع على ثقته، رواه بطريقين صحيحين عن أسماء بنت عميس، وقال: لا ينبغي لمن كان سبيله العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء، الذي روي لنا عنه (صلى الله عليه وآله); لانَّه من أجلِّ علامات النبوَّة(2) .

3 ـ محمّد بن الحسين الازدي المتوفّى 277هـ، ذكره في كتابه في مناقب عليّ(رضي الله عنه) وصحَّحه، كما ذكره ابن النديم والكوراني وغيرهما. راجع لسان الميزان 5: 140.

قال الاميني: أحسب أنّ كتاب «المناقب» للازدي غير ما أفرده في حديث ردّ الشمس.

4 ـ الحافظ أبو بشر محمَّد بن أحمد الدولابي المتوفّى 310هـ، أخرجه في كتابه (الذريَّة الطاهرة)، وسيأتي لفظه وإسناده.

5 ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمَّد الطحاوي المتوفّى 321هـ،

____________

(1) مصنف ابن أبي شيبة 8: 413.

(2) حكاه عنه الحافظ الطحاوي في مشكل الاثار2:11 وتبعه جمع آخرون كما يأتي«المؤلّف».


الصفحة 95
في «مشكل الاثار» 2 ص11 أخرجه بلفظين وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات.

قال الاميني: تواتر نقل هذا التصحيح والتثبيت عن أبي جعفر الطَّحاوي في كتب القوم كالشفاء للقاضي، وستقف على نصوص أقوالهم، غير أنّ يد الطبع الامينة على ودائع الاسلام حرَّفته عن «مشكل الاثار»، حيَّا الله الامانة!!!

6 ـ الحافظ أبو جعفر بن محمّد بن عمرو العقيلي المتوفّى 322هـ والمترجم 1 ص161(1) .

7 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفّى 360هـ والمترجم 1 ص105(2) ، رواه في معجمه الكبير وقال: إنَّه حسنٌ(3) .

8 ـ الحاكم أبو حفص عمر بن أحمد الشهير بابن شاهين المتوفّى 385هـ، ذكره في مسنده الكبير.

9 ـ الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المتوفّى 405هـ والمترجم 1 ص107(4) ، رواه في تأريخ نيسابور في ترجمة عبد الله بن حامد

____________

(1) ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 52، لسان الميزان 2: 157، ميزان الاعتدال 1: 205.

(2) ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 26-131.

(3) المعجم الكبير 11: 218.

(4) ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 242، تأريخ ابن كثير 6: 273.


الصفحة 96
الفقيه الواعظ(1) .

10 ـ الحافظ ابن مردويه الاصبهاني المتوفّى 416هـ، والمترجم 1 ص108(2) ، أخرجه في «المناقب» بإسناده عن أبي هريرة.

11 ـ أبو إسحاق الثعلبي المتوفّى 427ـ37هـ، والمترجم 1 ص109(3) ، رواه في تفسيره، وقصص الانبياء الموسوم بـ «العرائس» ص139.

12 ـ الفقيه أبو الحسن عليّ بن حبيب البصريّ البغداديّ الشافعيّ الشهير بالماوردي المتوفّى 450هـ، عدّه من أعلام النبوَّة في كتابه «أعلام النبوَّة» ص79، ورواه من طريق أسماء.

13 ـ الحافظ أبو بكر البيهقيُّ المتوفّى 458هـ، والمترجم 1 ص110(4) ، رواه في «الدلائل»(5) كما في «الفيض القدير» للمناوي 5 ص440.

14 ـ الحافظ الخطيب البغداديّ المتوفّى 463هـ والمترجم 1 ص111(6) ، ذكره في «تلخيص المتشابه» و «الاربعين».

____________

(1) تأريخ نيسابور: 285.

(2) ترجمته في تذكرة الحفّاظ 3: 252.

(3) ترجمته في وفيّات الاعيان 1: 22.

(4) ترجمته في طبقات الشافعية 3: 3.

(5) دلائل الامامة: 264.

(6) ترجمته في الكامل في التأريخ 10: 26.


الصفحة 97
15 ـ الحافظ أبو زكريّا الاصبهاني الشهير بإبن مندة المتوفّى 512هـ، والمذكور 1 ص113(1) ، أخرجه في كتابه «المعرفة».

16 ـ الحافظ القاضي عياض أبو الفضل المالكيّ الاندلسيّ إمام وقته المتوفّى 544هـ، رواه في كتابه «الشفاء» وصحَّحه.

17 ـ أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفّى 568هـ أحد شعراء الغدير في القرن السادس، يأتي شعره وترجمته في الجزء الرابع من كتابنا(2) ، رواه في «المناقب»(3) .

18 ـ الحافظ أبو الفتح النطنزي المترجم 1 ص115، رواه في «الخصائص العلويَّة».

19 ـ أبو المظفَّر يوسف قزاوغلي الحنفيّ المتوفّى 654هـ، رواه في «التذكرة» ص30، ثمَّ ردّ على جدِّه ابن الجوزي في حكمه [بأنَّه موضوعٌ وروايته مضطربةٌ لمكان أحمد بن داود، وفضيل بن مرزوق، وعبد الرحمن بن شريك، والمتَّهم هو ابن عقدة فإنَّه كان رافضيّاً]، فقال ما ملخَّصه:

____________

(1) ترجمته في وفيات الاعيان 2: 366.

(2) المناقب للخوارزمي: 214.

(3) ترجمته في الجزء الرابع الصفحة 398-407، ومصادرها: بغية الوعاة: 401، الفوائد البهية: 39، روضات الجنّات: 21، تأريخ اللغة العربية لجرجي زيدان 3: 60، معجم المطبوعات: 1817.


الصفحة 98
قول جدِّي بأنَّه موضوعٌ دعوى بلا دليل، وقدحه في رواته لا يرد; لانّا رويناه عن العدول الثقات الذين لا مغمز فيهم وليس في إسناده أحدٌ ممّن ضعّفه، وقد رواه أبو هريرة أيضاً، أخرجه عنه ابن مردويه، فيحتمل أنَّ الذين أشار إليهم في طريقه.

واتِّهام جدِّي بوضعه ابن عقدة من باب الظنِّ والشكِّ لا من باب القطع واليقين، وابن عقدة مشهورٌ بالعدالة، كان يروي فضائل أهل البيت ويقتصر عليها، ولا يتعرَّض للصحابة رضي الله عنهم بمدح ولا بذمّ، فنسبوه إلى الرَّفض.

والمراد منه حبسها ووقوفها عن سيرها المعتاد لا الرد الحقيقيُّ، ولو رُدَّت على الحقيقة لم يكن عجباً; لانَّ ذلك يكون معجزة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وكرامة لعليّ (عليه السلام)، وقد حُبست ليوشع بالاجماع، ولا يخلوا إمّا أن يكون ذلك معجزةً لموسى أو كرامة ليوشع، فإن كان لموسى فنبيّنا (صلى الله عليه وآله) أفضل منه، وإن كان ليوشع فعلي (عليه السلام) أفضل من يوشع، قال (صلى الله عليه وآله): «علماء أُمّتي كأنبياء بني إسرائيل». وهذا في حقِّ الاحاد; فما ظنّك بعليّ (عليه السلام)؟!

ثمَّ استدلَّ على فضل عليّ (عليه السلام) على أنبياء بني إسرائيل، وذكر شعر الصاحب بن عبّاد في ردِّ الشمس فقال:

وفي الباب حكايةٌ عجيبةٌ حدَّثني بها جماعةٌ من مشايخنا بالعراق، قالوا: شهدنا أبا منصور المظفّر بن أردشير العبادي


الصفحة 99
الواعظ، وقد جلس بالتاجيَّة مدرسة بباب برز محلّة ببغداد، وكان بعد العصر، وذكر حديث ردِّ الشمس لعليّ (عليه السلام)، وطرَّزه بعبارته ونمَّقه بألفاظه، ثمَّ ذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام)، فنشأت سحابةٌ غطَّت الشمس حتّى ظنَّ النّاس أنَّها قد غابت، فقام أبو منصور على المنبر قائماً وأومأ إلى الشمس وأنشد:
لا تغربي يا شمسُ حتّى ينتهي مدحي لال المصطفى ولنجلهِ
واثني عنانكِ إن أردت ثناءهم أنسيتِ إن كان الوقوف لاجلهِ؟!
إن كان للمولى وقوفكِ فليكن هذا الوقوف لخيله ولرجلهِ
قالوا: فانجاب السحاب عن الشمس وطلعت.

قال الاميني: حكى ابن النجار نحو هذه القضيّة لابي الوفاء عبيد الله بن هبة الله القزويني الحنفي الواعظ المتوفّى 585هـ قال: أنشدني أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن هبة الله القزويني باصبهان، أنشدني والدي ببغداد على المنبر في المدرسة الناجية مرتجلاً لنفسه وقد دانت الشمس للغروب، وكان ساعتئذ شرع في مناقب عليّ (رضي الله عنه):
لا تعجلي يا شمس حتّى ينتهي مدحي لفضل المرتضى ولنجلهِ

الصفحة 100
يثني عنانك إن غربت ثناؤه أنسيت يوماً قد رُددت لاجله
... الخ.

وذكره محيي الدين ابن أبي الوفاء القرشي الحنفي في «الجواهر المضيَّة» في طبقات الحنفيّة ج1 ص342.

20 ـ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي المتوفّى 658هـ، جعل في كتابه «كفاية الطالب» ص237-244 فصلاً في حديث ردِّ الشمس، وتكلّم فيه من حيث الامكان تارة، ومن حيث صحَّة النقل أُخرى، فلا يرى للمتشرِّع وُسعاً في إنكاره من ناحية الامكان لحديث ردِّ الشِّمس ليوشع المتَّفق على صحَّته.

وقال في الكلام عن صحّته ما ملخّصه: فقد عدَّه جماعةٌ من العلماء في معجزاته (صلى الله عليه وآله)، ومنهم ابن سبع ذكره في «شفاء الصدور» وحكم بصحَّته، ومنهم القاضي عياض في «الشفاء» وحكى عن الطحاوي من طريقين صحيحين ونقل كلام أحمد بن صالح المصري.

وقد شفى الصدور الامام الحافظ أبو الفتح محمّد بن الحسين الازدي الموصلي في جمع طرقه في كتاب مفرد، ثمَّ رواه من طريق الحاكم في تأريخه، والشيخ أبي الوقت في الجزء الاوّل من أحاديث أمير أبي أحمد. ثمَّ ردّ على مَن ضعَّفه إمكاناً ووقوعاً سنداً ومتناً، وذكر مناشدة أمير المؤمنين (عليه السلام) به يوم الشّورى، فقال:


الصفحة 101
أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمّد بن محمود المعروف بإبن النجّار، أخبرنا أبو محمّد عبد العزيز بن الاخضر قال: سمعت القاضي محمّد بن عمر بن يوسف الارموي يقول: جلس أبو منصور المظفّر بن أردشير العبادي الواعظ. (وذكر إلى آخر ما مرَّ عن السبط ابن الجوزي)، ثمَّ ذكر شعر الصاحب بن عبّاد في حديث ردِّ الشمس.

21 ـ أبو عبد الله شمس الدين محمّد بن أحمد الانصاري الاُندلسي المتوفّى 671هـ، قال في «التذكرة بأحوال الموتى وأُمور الاخرة»: إنّ الله تعالى ردَّ الشمس على نبيِّه بعد مغيبها حتّى صلّى عليُّ. ذكره الطحاوي وقال: إنَّه حديثٌ ثابتٌ، فلو لم يكن رجوع الشمس نافعاً وأنَّه لا يتجدَّد الوقت لما ردَّها عليه.

22 ـ شيخ الاسلام الحمّويي المتوفّى 722هـ والمترجم 1 ص123(1) ، رواه في «فرائد السمطين»(2) .

23 ـ الحافظ وليُّ الدين أبو زرعة العراقي المتوفّى 826هـ، أخرجه في «طرح التثريب»(3) ج6ص247 من طريق الطبراني

____________

(1) ترجمته في تذكرة الحفّاظ 4: 298.

(2) فرائد السمطين 1: 381.

(3) هذا الكتاب وإن كان مشتركاً بينه وبين والده، غير أنّ إخراج هذا الحديث يُعزى إليه في كتب القوم «المؤلّف».


الصفحة 102
في معجمه الكبير، وقال: حسنٌّ.

24 ـ الامام أبو الربيع سليمان السبتي الشهير بإبن سبع ذكره في كتابه «شفاء الصدور»، وصحّحه.

25 ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفّى 852هـ والمترجم 1 ص130(1) ، ذكره في فتح الباري 6 ص168، وقال: روى الطحاوي والطبراني في «الكبير» والحاكم والبيهقي في «الدلائل» عن أسماء بنت عميس: أنَّه (صلى الله عليه وآله) دعا لمّا نام على ركبة عليٍّ ففاتته صلاة العصر، فردَّت الشمس حتّى صلّى عليٌّ ثمَّ غربت. وهذا أبلغ في المعجزة وقد أخطأ ابن الجوزي بايراده له في الموضوعات، وهكذا ابن تيميَّة في كتاب الردِّ على الروافض في زعم وضعه، والله أعلم.

26 ـ الامام العيني الحنفي المتوفّى 855هـ والمترجم 1 ص131(2) ، قال في «عمدة القاري» شرح صحيح البخاري 7 ص146: وقد وقع ذلك أيضاً للامام عليّ (رضي الله عنه)، أخرجه الحاكم عن أسماء بنت عميس ـ وذكر الحديث ثمَّ قال: وذكره الطحاوي في «مشكل الاثار» ـ ثمَّ ذكر كلام أحمد بن صالح المذكور ـ فقال: وهو حديثٌ متَّصل ورواته ثقات، وإعلال ابن الجوزي هذا الحديث

____________

(1) ترجمته في الضوء اللامع 2: 36-40، شذرات الذهب 7: 270-273.

(2) ترجمته في الضوء اللامع 10: 131-135، بغية الوعاة: 386.


الصفحة 103
لا يلتفت إليه.

27 ـ الحافظ السيوطي المتوفّى 911 هـ والمترجم 1ص133(1) ، رواه في «جمع الجوامع» كما في ترتيبه 5 ص277 عن عليّ (عليه السلام) في عدِّ معجزات النبي (صلى الله عليه وآله).

وقال في «الخصائص الكبرى» 2 ص184 أوتي يوشع حبس الشمس حين قاتل الجبّارين، وقد حُبست لنبيّنا (صلى الله عليه وآله) في الاسراء، وأعجب من ذلك ردُّ الشمس حين فات عصر عليّ (رضي الله عنه).

ورواه في «اللالئ المصنوعة» 2 ص174-177 عن أمير المؤمنين وأبي هريرة وجابر الانصاري وأسماء بنت عميس من طريق ابن مندة والطحاوي والطبراني وابن أبي شيبة والعقيلي والخطيب والدولابي وابن شاهين وابن عقدة. وذكر شطراً من رسالة أبي الحسن الفضلي في الحديث، وقال: الحديث صرَّح جماعةٌ من الائمَّة والحفّاظ بأنَّه صحيحٌ.

وروى في «اللالئ» 1 ص176 من غير غمز في سنده عن أبي ذرّ أنَّه قال: قال عليُّ يوم الشورى: «أُنشدكم بالله هل فيكم من رُدَّت له الشمس غيري حين نام رسول الله وجعل رأسه في حجري»؟! إلخ.

____________

(1) ترجمته في شذرات الذهب 8: 51-55، النور السافر: 54-55.


الصفحة 104
وقال في «نشر العلَمين» ص13 بعد ذكر كلام القرطبي المذكور قلت: وهو في غاية التحقيق، واستدلاله على تجدّد الوقت بقصَّة رجوع الشمس في غاية الحسن، ولهذا حكم بكون الصلاة أداءً وإلاّ لم يكن لرجوعها فائدةٌ، إذ كان يصحُّ قضاء العصر بعد الغروب.

وذكر هذا الاستدلال والاستحسان في «التعظيم والمنّة» ص8.

28 ـ نور الدين السمهودي الشافعي المتوفّى 911هـ والمترجم 1 ص133(1) ، قال في «وفاء الوفاء» 2 ص33 في ذكر مسجد الفضيخ المعروف بمسجد الشَّمس: قال المجد: لا يظنُّ ظانَّ أنَّه المكان الذى أُعيدت الشَّمس فيه بعد الغروب لعليٍّ (رضي الله عنه); لانَّ ذلك إنَّما كان بالصهباء من خيبر.

ثمّ روى حديث القاضي عياض وكلمته وكلمة الطحاوي فقال: قال المجد: فهذا المكان أولى بتسميته بمسجد الشَّمس دون ما سواه. وصرَّح ابن حزم بأنَّ الحديث موضوعٌ، وقصَّة ردِّ الشَّمس على عليٍّ (رضي الله عنه) باطلةٌ بإجماع العلماء، وسفَّه قائله. قلت: والحديث رواه الطبراني بأسانيده، قال: الحافظ نور الدين الهيتمي: رجال أحدها رجال الصحيح غير أبراهيم بن الحسن وهو ثقةٌ، وفاطمة

____________

(1) ترجمته في شذرات الذهب 8: 50، النور السافر: 58-60، النور الطالع 1: 470.


الصفحة 105
بنت عليِّ بن أبي طالب لم أعرفها.

وأخرجه ابن مندة وابن شاهين من حديث أسماء بنت عميس، وابن مردويه من حديث أبي هريرة، وإسنادهما حسنٌ، وممَّن صحَّحه الطحاوي وغيره. وقال الحافظ ابن حجر في فتح البارى بعد ذكر رواية البيهقي له: وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده في الموضوعات.

29 ـ الحافظ أبو العبّاس القسطلاني المتوفّى 923هـ والمترجم 1 ص134(1) ، ذكره في «المواهب اللدنيَّة» 1 ص358 من طريق الطحاوي، والقاضي عياض، وابن مندة، وابن شاهين، والطبراني، وإبي زرعة من حديث أسماء بنت عميس، ومن طريق ابن مردويه من حديث أبي هريرة.

30 ـ الحافظ ابن الدبيع المتوفّى 944هـ، والمترجم 1 ص134(2) رواه في «تمييز الطيِّب من الخبيث» ص81 وذكر تضعيف أحمد وابن الجوزي له، ثمَّ استدركه بتصحيح الطحاوي وصاحب «الشفاء» فقال: وأخرجه ابن مندة، وابن شاهين وغيرهما من حديث أسماء بنت عميس وغيرها.

____________

(1) ترجمته في النور السافر: 113-115،النور الطالع 1: 102.

(2) ترجمته في النور السافر: 212-221، البدر الطالع 1: 335، تيسير الوصول إلى جامع الاُصول 3: 271.


الصفحة 106
31 ـ السيِّد عبد الرَّحيم بن عبد الرَّحمن العبّاسي المتوفّى 963هـ، ذكر في «معاهد التنصيص» 2 ص190 من مقصورة ابن حازم:(1)
فيالها من آية مبصرة أبصرها طرفُ الرقيب فامترى
واعتورته شبهةٌ فضلَّ عن تحقيق ما أبصره وما اهتدى
وظنَّ أنَّ الشمس قد عادت له فانجاب جنح الليل عنها وانجلى
والشمس ما رُدَّت لغير يوشع لمّا غزا ولعلّي إذ غفا
ثمَّ ذكر الحديث بلفظ الطحّاوي من طريقيه، وأردفه بذكر قصَّة أبي المنصور المظفَّر الواعظ المذكورة.

32 ـ الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي المتوفّى 974هـ والمترجم 1 ص134(2) ، عدّه في «الصواعق» ص76 كرامةً باهرةً لامير المؤمنين (عليه السلام)وقال: وحديث ردِّها صحَّحه الطحاوي

____________

(1) شرحها الشريف أبو عبد الله السبتي المتوفّى 760هـ، والشيخ جلال الدين المحلّي المتوفّى 864هـ «المؤلّف».

(2) ترجمته في النور السافر: 287-292، البدر الطالع 1: 109.


الصفحة 107
والقاضي في «الشفاء»، وحسَّنه شيخ الاسلام أبو زرعة وتبعه غيره وردّوا على جمع قالوا: إنَّه موضوعٌ. وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردِّها(1) في محلِّ المنع، بل نقول: كما أنَّ ردَّها خصوصيَّة كذلك إدراك العصر الان أداءً خصوصيَّةٌ وكرامةٌ. ثمَّ ذكر قصَّة أبي المنصور المظفَّر بن أردشير العبادي المذكورة.

وقال في شرح همزيَّة البوصيري ص121 في حديث شق القمر: ويُناسب هذه المعجزة ردُّ الشمس له (صلى الله عليه وآله) بعد ما غابت حقيقةَ لمّا نام (صلى الله عليه وآله) ـ إلى أن قال ـ: فرُدَّت ليصلّى ـ عليُّ ـ العصر أداءً كرامةً له (صلى الله عليه وآله). وهذا الحديث اختلف في صحَّته جماعةٌ، بل جزم بعضهم بوضعه، وصحَّحه آخرون، وهو الحقُّ. ثمَّ صرَّح بأنّ إحدى رواية أسماء صحيحةٌ وأُخرى حسنةٌ.

33 ـ الملاّ علي القارىء المتوفّى 1014هـ قال في «المرقاة» شرح «المشكاة» 4 ص287: أمّا ردُّ الشمس (صلى الله عليه وآله) فرُوي عن أسماء ـ ثمَّ ذكر الحديث ـ وقال بعد ذكر كلام العسقلاني المذكور: وبهذا يُعلم أنَّ ردَّ الشمس بمعنى تأخيرها، والمعنى أنَّها كادت أن تغرب فحبسها، فيندفع بذلك ما قال بعضهم: ومن تغفّل واضعه أنَّه نظر إلى صورة فضيلة ولم يلمح إلي عدم الفائدة فيها، فإنّ صلاة العصر بغيبوبة الشمس تصير قضاءً ورجوع الشمس لا يعيدها أداءً.

____________

(1) زعمه ابن الجوزي «المؤلّف».


الصفحة 108
مع أنَّه يمكن حمله على الخصوصيّات، وهو أبلغ في باب المعجزات، والله أعلم بتحقيق الحالات.

قيل: يعارضه قوله في الحديث الصحيح: لم تحبس الشمس على أحد إلاّ ليوشع.

ويُجاب بأنّ المعنى لم تحبس على أحد من الانبياء غيري إلاّ ليوشع(1) .

34 ـ نور الدين الحلبي الشافعي المتوفّى 1044هـ والمترجم 1 ص139(2) ، قال في «السيرة النبويَّة» 1 ص413: وأمّا عود الشمس بعد غروبها فقد وقع له (صلى الله عليه وآله) في خيبر، فعن أسماء بنت عميس ـ وذكر الحديث ـ ثمَّ قال: قال بعضهم: لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلّف عن حفظ هذا الحديث لانَّه من أجلَّ أعلام النبوَّة، وهو حديثٌ متَّصلٌ، وقد ذكر «في الامتاع» أنَّه جاء عن أسماء من خمسة طرق وذكرها.

وبه يردُّ ما تقدَّم عن ابن كثير بأنَّه تفرَّدت بنقله امرأةٌ من أهل البيت مجهولةٌ لا يعرف حالها(3) .

وبهُ يردّ على ابن الجوزي حيث قال فيه: إنَّه حديثٌ موضوعٌ

____________

(1) هذا الجمع ذكره جمعٌ من الحفّاظ والاعلام «المؤلّف».

(2) خلاصة الاثر للمحبّي 3: 122.

(3) ذكر كلام ابن كثير في صفحة: 411.


الصفحة 109
بلا شك.

ثمَّ ذكر عن «الامتاع» خامس أحاديثه، وحكى عن سبط ابن الجوزي قصّة أبي المنصور المظفَّر الواعظ 412.

35 ـ شهاب الدين الخفاجيّ الحنفيّ المتوفّى 1069هـ والمترجم 1 ص140(1) ، قال في شرح الشفا 3 ص11: ورواه الطبراني بأسانيد مختلفة رجالُ أكثرها ثقاتٌ.

وقال: اعترض عليه بعض الشّراح وقال: (إنَّه موضوعٌ ورجاله مطعونٌ فيهم كذّابون ووضّاعون). ولم يدرِ أنَّ الحقَّ خلافه، والّذي غرَّه كلام ابن الجوزي، ولم يقف على أنَّ كتابه أكثره مردودٌ، وقد قال خاتمة الحفّاظ السيوطي وكذا السخّاوي: إنَّ ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملاً كثيراً حتّى أدرج فيه كثيراً من الاحاديث الصحيحة، كما أشار إليه ابن الصَّلاح.

وهذا الحديث صحّحه المصنِّف (رحمه الله) أشار إلى أنَّ تعدُّد طرقه شاهد صدق على صحَّته، وقد صحّحه قبله كثيرٌ من الائمَّة كالطحاوي، وأخرجه ابن شاهين، وابن مندة، وابن مردويه، والطبراني في معجمه وقال: إنَّه حسنٌ وحكاه العراقيُّ في التقريب (ثمَّ ذكر لفظه فقال): وإنكار ابن الجوزي فائدة ردِّها مع القضاء لا وجه له، فإنَّها فاتته بعذر مانع عن الاداء وهو عدم تشويشه على

____________

(1) خلاصة الاثر 1: 331-343.


الصفحة 110
النبيِّ (صلى الله عليه وآله) وهذه فضيلةٌ أيَّ فضيلة، فلمّا عادت الشمس حاز فضيلة الاداء أيضاً.

إلى أن قال:

إنَّ السيوطي صنَّف في هذا الحديث رسالةً مستقلّة سمّاها «كشف اللبس عن حديث ردِّ الشمس». وقال: إنَّه سبق بمثله لابي الحسن الفضلي أورد طرقه بأسانيد كثيرة وصحَّحه بما لا مزيد عليه، ونازع ابن الجوزي في بعض مَن طعن فيه من رجاله.

وقال في قول الطحاوي: (لانَّه من علامات النبوَّة): وهذا مؤيِّدٌ لصحَّته، فإنَّ أحمد هذا من كبار أئمَّة الحديث الثقات، ويكفي في توثيقه أنَّ البخاري روى عنه في صحيحه، فلا يُلتفت إلى مَن ضعَّفه وطعن في روايته.

وبهذا أيضاً سقط ما قاله ابن تيميِّة وابن الجوزي من: أنّ هذا الحديث موضوعٌ. فإنَّه مجازفةٌ منهما. وما قيل من: أنَّ هذه الحكاية لا موقع لها بعد نصِّهم على وضع الحديث وإنّ كونه من علامات النبوَّة لا يقتضي تخصيصه بالحفظ، خلطٌ وخبطٌ لا يُعبأ به بعد ما سمعت، وذكر من الهمزيَّة:
رُدَّت الشمس والشروق عليه لعليٍّ حتّى يتمَّ الاداءُ

الصفحة 111
ثمَّ ولّت لها صريرٌ وهذا لفراق له الوصال دواءُ(1)
وذكر ص15 قصَّة أبي المنصور الواعظ وشعره.

36 ـ أبو العرفان الشيخ برهان الدين إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكردي الكوراني ثمَّ المدني المتوفّى 1102هـ، ذكره في كتابه «الاُمم لايقاظ الهمم» ص63 عن «الذريَّة الطاهرة» للحافظ ابن بشير الدولابي، قال: قال: حدَّثني إسحق بن يونس، حدّثنا سُويد بن سعيد، عن مطلب بن زياد، عن إبراهيم بن حيّان، عن عبد الله بن الحسين، عن فاطمة بنت الحسين، عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: «كان رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجر علّي وكان يوحى إليه، فلمّا سرى عنه قال لي: يا عليُّ صلّيت الفرض؟! قال: لا، قال: أُللّهم أنك تعلم أنُه كان في حاجتك وحاجة رسولك فردَّ عليه الشمس، فردَّها عليه فصلّى وغابت الشمس».

ثمَّ رواه من طريق الطبراني عن أسماء بنت عميس بلفظها الاتي ثمَّ قال: قال الحافظ جلال الدين السيوطي في جزء «كشف اللبس في حديث ردّ الشمس»: إنَّ حديث ردِّ الشمس معجزةٌ لنبيِّنا محمّد (صلى الله عليه وآله)، صحّحه الامام أبو جعفر الطحاوي وغيره، وأفرط الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي فأورده في كتاب الموضوعات،

____________

(1) لا يوجد هذان البيتان في همزية البوصيري «المؤلّف».


الصفحة 112
وقال تلميذه المحدِّث أبو عبد الله محمّد يوسف الدمشقي الصالحي في جزء «مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس»: إعلم أنَّ هذا الحديث رواه الطحاوي في كتابه «شرح مشكل الاثار» عن أسماء بنت عميس من طريقين وقال: هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات، ونقله القاضي عياض في «الشفاء»، والحافظ ابن سيِّد الناس في «بشرى اللبيب»، والحافظ علاء الدين مغلطاي في كتاب «الزهر الباسم»، وصحَّحه الحافظ ابن الفتح(1) الازدي، وحسَّنه الحافظ أبو زرعة ابن العراقيِّ، وشيخنا الحافظ جلال الدين السيوطي في «الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة». وقال الحافظ أحمد بن صالح ـ وناهيك به ـ: لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حديث أسماء، لانَّه من أجلِّ علامات النبوَّة.

وقد أنكر الحفّاظ على ابن الجوزي ايراده الحديث في كتاب الموضوعات، فقال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في باب قول النبي (صلى الله عليه وآله): «أُحلّت لكم الغنائم» من فتح الباري بعد أن أورد الحديث: أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات إنتهى، ومن خطّه نقلت، ثمَّ قال: إنَّ هذا الحديث ورد من طريق أسماء بنت عميس، وعليّ بن أبي طالب، وإبنه الحسين، وأبي سعيد، وأبي

____________

(1) كذا والصحيح: أبو الفتح «المؤلّف».


الصفحة 113
هريرة رضي الله عنهم(1) . ثمَّ ساقها وتكلّم على رجالها ثمَّ قال: قد علمت ممّا أسلفناه من كلام الحفّاظ في حكم هذا الحديث وتبيّن حال رجاله انّه ليس فيه متَّهمٌ ولا من أُجمع على تركه، ولاح لك ثبوت الحديث وعدم بطلانه، ولم يبق إلاّ الجواب عمّا أُعلّ به، وقد أُعلّ بأُمور، فساقها وأجاب عن الاُمور التي أُعلّ بها بأجوبة شافية.

37 ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفّى 1122هـ والمترجم 1 ص142(2) ، صحّحه في «شرح المواهب» 5 ص113-118 وقال: أخطأ ابن الجوزي في عدِّه من الموضوعات. وبالغ في الردِّ على ابن تيميّة وقال: العجب العجاب إنمّا هو من كلام ابن تيميَّة. وقال بعد نقل نفي صحَّته عن أحمد وابن الجوزي قال الشامي: والظاهر أنّه وقع لهم من طريق بعض الكذّابين ولم يقع لهم من الطرق السابقة وإلاّ فهي يتعذَّر معها الحكم عليه بالضعف فضلاً عن الوضع، ولو عرضت عليه أسانيدها لاعترفوا بأنَّ للحديث أصلاً وليس بموضوع. قال: وما مهّدوه من القواعد وذكر جماعة من الحفّاظ له في كتبهم المعتمدة وتقوية من قوّاه يردُّ على من حكم

____________

(1) فالحديث متواتر أخذاً بما ذهب إليه جمع من أعلام القوم في التواتر «المؤلّف».

(2) سلك الدرر 4: 32.


الصفحة 114
بالوضع.

وقال: وبهذا الحديث أيضاً بان أنَّ الصلاة ليست قضاء بل يتعيَّن الاداءُ، وإلاّ لم يكن للدعاء فائدةٌ.

ثمَّ قال: ومن القواعد أنَّ تعدُّد الطريق فيه يُفيد أنَّ للحديث أصلاً، ومن لطائف الاتِّفاقات الحسنة أنَّ أبا المنصور المظفَّر الواعظ، وذكر القصِّة كما مرَّت.

38 ـ شمس الدين الحنفي الشافعيّ المتوفّى 1181هـ والمترجم 1 ص144(1) ، قال في تعليقه على «الجامع الصغير» للسيوطي 2 ص293 في قوله (صلى الله عليه وآله): «ما حُبست الشمس على بشر إلاّ على يوشع بن نون»: لا ينافيه حديث ردِّ الشَّمس لسيِّدنا عليٍّ (رضي الله عنه); لانّ ذلك ردُّ لها بعد غروبها، وما هنا حبسٌ لها لا ردٌّ لها بعد الغروب، والمراد ما حُبست على بشر غير يوشع فيما مضى من الزَّمان; لانَّ (حُبس) فعل ماض، فلا ينافي وقوع الحبس بعد ذلك لبعض أولياء الله تعالى.

39 ـ ميرزا محمَّد البدخشي المذكور في ج1 ص143 قال في «نزل الابرار» ص40: الحديث صرَّح بتصحيحه جماعةٌ من الائمَّة الحفّاظ كالطحاوي والقاضي عياض وغيرهما. وقال الطحاوي:

____________

(1) سلك الدرر 4: 49، الخطط الجديدة 10: 74.


الصفحة 115
هذا حديثٌ ثابتٌ، رواته ثقاتٌ. ثمَّ نقل كلام الطحّاوي وذكر حكاية أبي المنصور المظفَّر الواعظ وقال: إنّ للحافظ السيوطي جزء في طرق هذا الحديث وبيان حاله.

40 ـ الشيخ محمَّدالصبّان المتوفّى1206هـ والمترجم 1 ص145، عدَّه في إسعاف الراغبين ص62 من معجزات النبيِّ (صلى الله عليه وآله)ومن كرامات أمير المؤمنين (عليه السلام)وذكر الحديث ثمَّ قال: وصحَّحه: الطحاوي، والقاضي في «الشفاء»، وحسَّنه شيخ الاسلام أبو زرعة وتبعه غيره، وردّوا على جمع قالوا: إنَّه موضوعٌ، وزعم فوات الوقت بغروبها فلا فائدة لردِّها في محلِّ المنع لعود الوقت بعودها كما ذكره ابن العماد واعتمد غيره وإن اقتضى كلام الزركشي خلافه; وعلى تسليم عدم عود الوقت نقول: كما أنَّ ردَّها خصوصيَّةٌ كذلك إدراك العصر أداءً خصوصيَّةٌ.

41 ـ الشيخ محمَّد أمين بن عمر الشهير بإبن عابدين الدمشقي إمام الحنفيَّة في عصره المتوفّى 1252هـ قال في حاشيته(1) 1 ص252 عند قول المصنِّف: لو غربت الشمس ثمِّ عادت هل يعود الوقت؟ الظاهر: نعم بحث لصاحب النهر حيث قال: ذكر الشافعيَّة أنَّ الوقت يعود لانّه عليه الصّلاة والسّلام نام في حجر

____________

(1) تُسمّى بردّ المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار في فقه الحنفية «المصنّف».


الصفحة 116
عليٍّ (رضي الله عنه)حتّى غربت الشمس فلمّا استيقظ ذكر له إنّه فاتته العصر. فقال: «اللهمَّ إنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فارددها عليه»، فردَّت حتّى صلّى العصر، وكان ذلك بخيبر، والحديث صحَّحه الطحاوي وعياض، وأخرجه جماعةٌ منهم الطبراني بسند صحيح، وأخطأ مَن جعله موضوعاً كإبن الجوزي، وقواعدنا لا تأباه.

ثمَّ قال: قلت: على أنَّ الشيخ إسماعيل ردَّ ما بحثه في النهر تبعاً للشافعيَّة بأنَّ صلاة العصر بغيبوبة الشَّمس تصير قضاء ورجوعها لا يعيدها أداءً، وما في الحديث خصوصيَّةٌ لعلّي كما يُعطيه قوله (عليه السلام): «أنَّه كان في طاعتك وطاعة رسولك».

42 ـ السيِّد أحمد زيني دحلان الشافعي المتوفّى 1304هـ والمترجم 1 ص147(1) قال في «السيرة النبويَّة» هامش «السيرة الحلبيَّة» 3 ص125: ومن معجزاته (صلى الله عليه وآله) ردُّ الشمس له، روت أسماء بنت عُميس (وذكر الحديث ورواية الطحاوي وكلام أحمد بن صالح المصري فقال): وأحمد بن صالح من كبار أئمَّة الحديث الثقات وحسبه أنّ البخاري روى عنه في صحيحه. ولا عبرة بإخراج ابن الجوزي لهذا الحديث في الموضوعات، فقد أطبق العلماء على تساهله في كتاب الموضوعات حتّى أدرج فيه

____________

(1) أفرد أبو بكر عثمان بن محمد البكري الدمياطي في ترجمته كتاباً أسماه نفحة الرحمان في مناقب السيد أحمد زيني دحلان.


الصفحة 117
كثيراً من الاحاديث الصحيحة، قال السيوطي:
ومن غريب ما تراه فاعلمِ فيه حديثٌ من صحيح مسلمِ
ثمّ ذكر كلام القسطلاني في «المواهب اللدنيَّة» وجملة من مقال الزرقاني في شرحه ومنها قصَّة أبي المنصور الواعظ وشعره، ثمَّ حكى عن الحافظ ابن حجر نفي التنافي بين هذا الحديث وبين حديث: «لم تُحبس الشمس على أحد إلاّ ليوشع بن نون» بأنَّ حبسها ليوشع كان قبل الغروب، وفي قصَّة علّي كان حبسها بعد الغروب. ثمَّ قال: قيل: كان علم النجم صحيحاً قبل ذلك فلمّا وقف الشمس ليوشع (عليه السلام) بطل أكثره، ولمّا رُدِّت لعليٍّ (رضي الله عنه) بطل جميعه.

43 ـ السيِّد محمَّد مؤمن الشبلنجي، عدَّه في «نور الابصار» ص28 من معجزات رسول الله (صلى الله عليه وآله).

لفظ الحديث

عن أسماء بنت عميس، أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى الظهر بالصهباء من أرض خيبر، ثمَّ أرسل عليّاً في حاجة، فجاء وقد صلّى رسول الله العصر، فوضع رأسه في حجر علّي ولم يحرِّكه حتّى غربت الشَّمس، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «اللّهمَّ إنَّ عبدك عليّاً احتبس نفسه على نبيّه فردَّ عليه شرقها»، قالت أسماء: فطلعت الشَّمس حتّى رفعت على الجبال، فقام عليٌّ فتوضَّأ وصلّى العصر، ثمَّ غابت