الصفحة 118
الشَّمس.

وهناك لفظٌ آخر نصفح عنه روماً للاختصار.

ويُعرب عن شهرة هذه الاثار بين الصحابة الاقدمين إحتجاج الامام أمير المؤمنين بها على الملا يوم الشورى بقوله: «أُنشدكم الله أفيكم أحدٌ ردَّت عليه الشَّمس بعد غروبها حتّى صلّى العصر غيري»؟ قالوا: لا(1) .

وأخرج الخوارزمي في «المناقب» ص260 عن مجاهد عن ابن عبّاس قال: قيل له: ما تقول في عليِّ بن أبي طالب؟! فقال: ذكرت والله أحد الثقلين، سبق بالشهادتين، وصلّى بالقبلتين، وبايع البيعتين، وأُعطي السبطين، وهو أبو السبطين الحسن والحسين، وردَّت عليه الشمس مرَّتين بعد ما غابت من الثقلين.

ووردت في شعر كثير من شعراء القرون الاُولى حتّى اليوم، يوجد منه شطرٌ مهمٌّ في غضون كتابنا. راجع ج2 ص293(2)

____________

(1) مرّ الايعاز إلى حديث المناشدة يوم الشورى ج1 ص159-163 «المؤلّف».

وبعض مصادره: المناقب للخوارزمي: 217، الصواعق المحرقة: 75، الاستيعاب بهامش الاصابة 3: 35، تفسير الطبري 3: 418.

(2) كقول الشاعر العبدي الكوفي سفيان بن مصعب، الذي كان معاصراً للامام الصادق (عليه السلام):

لك المناقب يعيى الحاسبون بها عدّاً ويعجز عنها كلّ مكتتبِ
كرجعة الشمس إذ رُمتَ الصلاة وقد راحت توارى عن الابصار بالحجبِ
رُدّت عليك كأنّ الشهب ما اتّضحت لناظر وكأنّ الشمس لم تغبِ

الصفحة 119
ج3 ص29، 57(1) .

فبهذه كلّها نعرف قيمة ابن حزم وقيمة كتابه، ونحن لا يسعنا إيقاف القارئ على كلِّ ما في «الفِصَل» من الطامّات، ولا على شطر مهمٍّ منه، إذ جميع أجزائه ولاسيَّما الجزء الرابع مشحونٌ بالتحكّم والتقوُّل والتحريف والتدجيل والافك والزور، وهناك مذاهب مختلقة لا وجود لها إلاّ في عالم خيال مؤلِّفه.

وأمّا من القذف والسباب المقذع فلا نهاية له، بحيث لو أردنا إستيفاءه لكلّفنا ذلك جزءً، ولا يسلم أحدٌ من لدغ لسانه لا في فِصَله ولا في بقيَّة تآليفه، حتّى نبيُّ العظمة قال في «الاحكام»: قد غاب عنهم «يعني الشيعة» إنَّ سيِّد الانبياء هو ولد كافر وكافرة(2) .

أيُساعده في هذه القارصة أدب الدين؟! أدب

____________

(1) كقول الشاعر ابن الرومي علي بن عبّاس بن جريح المتوفّى سنة 283هـ:

رُدّت عليه الشمس بعد غروبها بيضاءَ تلمع وقدةً وتأججا
وقول الشاعر الحِمّاني الافوه علي بن محمد ـ وهو من أحفاد زيد بن علي (عليه السلام)ـ المتوفّى سنة 301هـ:

ابن الذي رُدّت عليه الشمـ ـس في يوم الحجاب
(2) الاحكام 5: 171.


الصفحة 120
التأليف؟! أدب العلم؟! أدب العفَّة؟!

(أأُلقي الذِّكرُ عَليه مِنْ بينِنا بَلْ هُوَ كذّابٌ أشِر * سيَعلمونَ غداً مَنِ الكذّابُ الاشرِ)(1) .

____________

(1) القمر: 25-26.


الصفحة 121

الرأي العام في ابن حزم الاندلسي
المتوفّى 456 هـ

ما عساني أن أكتب عن شخصيّة أجمع فقهاء عصره على تضليله، والتشنيع عليه، ونهي العوام عن الاقتراب منه، وحكموا بإحراق تآليفه ومدوّناته مهما وجدوا الضلال في طيّاتها، كما في لسان الميزان 4: 200.

ويُعرِّفه الالوسي عند ذكره بقوله: الضالّ المُضلّ، كما في تفسيره 21: 76.

ما عساني أن أقول في مؤلِّف لا يتحاشا عن الكذب على الله


الصفحة 122
ورسوله، ولا يبالي بالجُرأة على مقدَّسات الشرع النبويِّ، وقذف المسلمين بكلّ فاحشة، والاخذ بمخاريق القول وسقطات الرأي.

ما عساني أن أذكر عن بحّاثة لا يُعرف مبدؤه في أقواله، ولا يستند على مصدر من الكتاب والسنّة في آرائه، غير أنّه إذا أفتى تحكّم، وإذا حكم مان، يعزو إلى الاُمّة الاسلاميّة ما هي بريئةٌ منه، ويضيف إلى الائمّة وحفّاظ المذهب ماهم بُعداء منه، تعرب تآليفه عن حقِّ القول من الرأي العام في ضلاله، وإليك نماذج من آرائه:

قال في فقهه (المحلّى) 10: 482، مسألة: مقتولٌ كان في أوليائه غائبٌ أو صغيرٌ أو مجنون، اختلف الناس في هذا. ثمَّ نقلَ عن أبي حنيفة أنّه يقول: إنَّ للكبير أن يَقْتُلَ ولا ينتظر الصغار، وعن الشافعي: إنَّ الكبير لا يستقيد حتى يبلغ الصغير. ثمّ أورد على الشافعية بأنّ الحسن بن علي قد قتل عبد الرحمن بن ملجم ولعليّ بنون صغار، ثمَّ قال: هذه القصّة ـ يعني قتل ابن ملجم ـ عائدةٌ على الحنفيّين بمثل ما شنّعوا على الشافعيِّين سواء سواء; لانَّهم والمالكيِّين لايختلفون في أنَّ مَن قتل آخر على تأويل فلا قَود في ذلك، ولا خلاف بين أحد من الاُمَّة في أنَّ عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل عليّاً (رضي الله عنه) إلاّ متأوِّلاً مجتهداً مقدِّراً على أنَّه صواب، وفي ذلك قول عمران بن حطّان شاعر الصفريَّة:
يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها إلاّليبلغ من ذي العرش رضوانا

الصفحة 123
إنّي لاذكره حيناً فأحسبه أوفى البريَّة عند الله ميزانا
أي لاُفكّر فيه ثمَّ أحسبه، فقد حصل الحنفيّون في خلاف الحسن بن عليّ على مثل ماشنَّعوا به على الشافعيِّين، وما ينقلون أبداً من رجوع سهامهم عليهم، ومن الوقوع فيما حفروه(1) .

فهلمّ معي نُسائل كلُّ معتنق للاسلام أين هذه الفتوى المجرَّدة من قول النبيِّ (صلى الله عليه وآله) في حديث صحيح لعليّ (عليه السلام): «قاتلك أشقى الاخرين» ـ وفي لفظ: «أشقى الناس»، وفي الثالث: «أشقى هذه الاُمة» ـ كما أنَّ عاقر الناقة أشقى ثمود؟! أخرجه الحّفاظ الاثبات والاعلام الائمّة بغير طريق، ويكاد أن يكون متواتراً على ما حدّد ابن حزم التواتر به، منهم:

إمام الحنابلة أحمد في المسند 4: 263، والنسائي في الخصائص: 39، وابن قتيبة في الامامة والسياسة 1: 135، والحاكم في المستدرك عن عمّار 3: 140، والذهبيُّ في تلخيصه، وصحّحاه، ورواه الحاكم عن ابن سنان الدؤلي: 113، وصحَّحه وذكره الذهبيُّ في تلخيصه، والخطيب في تأريخه عن جابر بن سمرة 1: 135، وابن عبد البرّ في الاستيعاب (هامش الاصابة) 3: 60 ذكره

____________

(1) حكاه عنه ابن حجر في تلخيص الخبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، ط هند، سنة 1303، ص 416 «المؤلّف».


الصفحة 124
عن النسائي ثمّ قال: وذكره الطبري وغيره أيضاً، وذكره ابن إسحاق في السير، وهو معروف من رواية محمّد بن كعب القرظي عن يزيد بن جشم(1) عن عمّار بن ياسر، وذكره ابن أبي خيثمة من طرق، وأخرجه محبُّ الدين الطبريُّ في رياضه عن عليّ من طريق أحمد وابن الضحاك، وعن صهيب من طريق أبي حاتم والملا.

ورواه ابن كثير في تأريخه 7: 323 من طريق أبي يعلى، و ص 325 من طريق الخطيب، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 411 عن ابن عساكر والحاكم والبيهقي، و ص 412 بعدَّة طرق عن ابن عساكر، و ص 413 من طريق ابن مردويه، و ص157 من طريق الدارقطني، و ص 399 من طريق أحمد والبغوي والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبي نعيم وابن عساكر وابن النجّار.

وأين هذا من قوله الاخر (صلى الله عليه وآله) لعلي: «ألا أخبرك بأشدِّ الناس عذاباً يوم القيامة؟ قال: أخبرني يا رسول الله، قال: فإنّ أشد الناس عذاباً يوم القيامة عاقر ناقة ثمود وخاضب لحيتك بدم رأسك»، رواه ابن عبد ربّه في العقد الفريق 2: 298.

____________

(1) كذا في النسخ، والصحيح عن أبي يزيد بن خثيم «المؤلف».


الصفحة 125
وأين هذا من قوله الثالث (صلى الله عليه وآله): «قاتلك شبه اليهود وهو يهود»، أخرجه ابن عدي في الكامل(1) ، وابن عساكر كما في ترتيب جمع الجوامع 6: 412.

وأين هذا ممّا ذكره ابن كثير في تأريخه 7: 323 من أنَّ علياً كان يكثر أن يقول: «ما يحبس أشقاها؟» وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 411 بطريقين عن أبي سعد وأبي نعيم وابن أبي شيبة، و ص 413 من طريق ابن عساكر.

وأين من قول أمير المؤمنين الاخر لابن ملجم: «لا أراك إلاّ من شرّ خلق الله» رواه الطبري في تأريخه 6: 85، وابن الاثير في الكامل 3: 169.

وقوله الاخر(عليه السلام): «ما ينظر بي إلاّ شقيّ» أخرجه أحمد باسناده كما في البداية والنهاية 7: 324.

وقوله الرابع لاهله: «والله لودّدت لو انبعث أشقاها» أخرجه أبو حاتم والملا في سيرته كما في الرياض 2: 248.

وقوله الخامس: «ما يمنع أشقاكم» كما في الكامل 3: 168، وفي كنز العمّال 6: 412 من طريق عبد الرزّاق وابن سعد.

____________

(1) الكامل في ضعفاء الرجال 3: 714.


الصفحة 126
وقوله السادس: «ما ينتظر أشقاها» أخرجه المحاملي كما في الرياض 2: 248.

ليت شعري أيَّ اجتهاد يؤدِّي إلى وجوب قتل الامام المفترض طاعته؟ أو أيّ إجتهاد يسوِّغ جعل قتله مهراً لنكاح امرأة خارجيّة عشقها أشقى مراد(1) ؟ أو أيَّ مجال للاجتهاد في مقابل النصِّ النبويِّ الاعزِّ؟ ولو فتح هذا الباب لتسرَّب الاجتهاد منه إلى قتلة الانبياء والخلفاء جميعاً، لكن ابن حزم لا يرضى أن يكون قاتل عمر أو قتلة عثمان مجتهدين، ونحن أيضاً لا نقول به.

ثمَّ ليتني أدري أيّ اُمّة من الاُمم أطبقت على تعذير عبد الرحمن بن ملجم في ما ارتكبه؟ ليته دلَّنا عليها، فإنّ الاُمَّة الاسلاميّة ليس عندها شيءٌ من هذا النقل المائن، اللهمّ إلاّ الخوارج المارقين عن الدين، وقد اقتصّ الرجل أثرهم واحتجَّ بشعر قائلهم عمران.

اللهمّ ما عمران بن حطّان وحكمه في تبرير عمل ابن ملجم من إراقة دم وليّ الله الامام الطاهر أمير المؤمنين؟ ما قيمة قوله حتى يُستدلّ به ويُركن إليه في أحكام الاسلام؟ وما شأن فقيه «ابن حزم» من الدين يحذو حذو مثل عمران ويأخذ قوله في دين الله،

____________

(1) راجع الامامة والسياسة 1: 134، تأريخ الطبري 6: 83، مستدرك الصحيحين 3: 143، الكامل في التأريخ 3: 168، البداية والنهاية 7: 328.


الصفحة 127
ويخالف به النبيَّ الاعظم في نصوصه الصحيحة الثابتة ويردّها ويقذف الاُمّة الاسلامية بسخب خارجيّ مارق؟ وهذا معاصره القاضي أبو الطيّب طاهر بن عبد الله الشافعي(1) يقول في عمران ومذهبه هذا:
إنّي لابرأ ممّا أنت قائلهُ عن ابن ملجم الملعون بهتانا
ياضربةً من شقيٍّ ما أراد بها إلاّ ليهدم للاسلام أركانا
إنّي لاذكره يوماً فألعنه دنياً وألعن عمراناً وحطّانا
عليه ثُمَّ عليه الدهر متَّصلاً لعائن الله اسراراً وإعلانا
فأنتما من كلاب النّار جاء به نصُّ (الشريعة برهاناًوتبياناً)(2)
وقال بكر بن حسّان الباهلي:
قل لابن ملجم والاقدار غالبةٌ هدَّمتَ ويلك للاسلام أركانا
قتلتَ أفضل من يمشي على قدم وأوَّل الناس إسلاماً وإيمانا

____________

(1) من فقهاء الشافعية، قال ابن خلكان في تأخريخه 1: 253، كان ثقة صادقاً ديّناً ورعاً، عارفاً باُصول الفقه وفروعه، محقّقاً في علمه، سليم الصدر، حسن الخلق، صحيح المذهب، يقول الشعر على طريقة الفقهاء، ولد بآمل 348 هـ، توفي ببغداد 450 هـ «المؤلّف».

(2) مروج الذهب 2: 43 «المؤلّف».


الصفحة 128
وأعلم النّاس بالقرآن ثُمّ بما سنَّ الرسول لنا شرعاً وتبيانا
صهر النبيّ ومولانا وناصره أضحت مناقبه نوراً وبرهاناً
وكان منه على رغم الحسود له مكان هارون من موسى بن عمرانا
وكان في الحرب سيفاً صارماً ذكراً ليثاً إذا ما لقى الاقران أقرانا
ذكرتُ قاتله والدمع منحدرٌ فقلتُ: سبحانَ ربِّ الناس سبحانا
إنّي لاحسبه ما كان من بشر يخشى المعاد ولكن كان شيطانا
أشقى مراد إذا عُدَّت قبائلها وأخسر الناس عند الله ميزانا
كعاقر الناقة الاُولى التي جلبت على ثمودَ بأرض الحجر خسرانا
قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها قبل المنيَّة أزماناً فأزمانا

الصفحة 129
فلا عفا الله عنه ما تحمَّله(1) ولا سقى قبر عمران بن حطّانا
لقوله في شقيّ ظلَّ مجترماً ونال ما ناله ظلماً وعدوانا
(ياضربة من تقيٍّ ما أراد بها إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا)
بل ضربة من غويّ أورثته لظى(2) وسوف يلقى به الرحمن غضبانا
كأنَّه لم يرد قصداً بضربته إلاّ ليصلى عذاب الخلد نيرانا(3)
قال ابن حجر في الاصابة 3: 179: صاحب الابيات بكر بن حمّاد التاهرتي، وهو من أهل القيروان في عصر البخاري، وأجازه عنها السيد الحميري الشاعر المشهور الشيعيّ وهو في ديوانه. انتهى.

وفي الاستيعاب 2: 472 أبو بكر بن حمّاد التاهرتي، وذكر له

____________

(1) في الكامل: فلا عفا الله عنه سوء فعلته «المؤلف».

(2) في الكامل: بل ضربة من غوي أوردته لظى «المؤلف».

(3) مروج الذهب 2: 43، الاستيعاب في ترجمة أمير المؤمنين، الكامل لابن الاثير 3: 171، تمام المتون للصفدي: 152 «المؤلف».

وانظر الاستيعاب (هامش الاصابة) 3: 58.


الصفحة 130
أبياتاً في رثاء مولانا أمير المؤمنين(عليه السلام) أوّلها:
وهزَّ عليٌّ بالعراقين لحيةً مصيبتها جلّت على كلّ مسلم
وقال محمّد بن أحمد الطيب(1) ردّاً على عمران بن حطّان:
يا ضربةً من غدور صار ضاربها أشقى البريَّة عند الله إنسانا
إذا تفكّرتُ فيه ظلتُ ألعنه وألعن الكلب عمران بن حطّانا
على أنّ قتل الامام المجتبى لابن ملجم وتقرير المسلمين له على ذلك صحابيِّهم وتابعيِّهم، حتى أنَّ كلّ أحد منهم كان يودُّ أنّه هو المباشر لقتله، يدلّنا على أنّ فعل اللعين لم يكن ممّا يتطرَّق إليه الاجتهاد، فضلاً عن أن يُبرِّره، ولو كان هناك إجتهاد فهو في مقابلة النصوص المتضافرة، فكان من الصالح العام لكافَّة المسلمين إجتياح تلك الجرثومة الخبيثة، وهو واجب أيّ أحد من الاُمّة الاسلامية، غير أنّ إمام الوقت السيِّد المجتبى تقدّم إلى تلك الفضيلة كتقدُّمه إلى غيرها من الفضائل.

فليس هو من المواضيع التي حرَّرها ابن حزم فتحكّم أوتهكم

____________

(1) يوجد البيتان في كامل المبرّد 3: 90 ط محمد بن علي صبيح وأولاده، وليس من أصل الكتاب كما لا يخفى «المؤلّف».


الصفحة 131
على الشافعيَّة والحنفيَّة والمالكيَّة، وإنّما هو من ضروريّات الاسلام في قاتل كلِّ إمام حقٍّ، ولذلك ترى أنّ القائلين بإمامة عمر بن الخطاب لم يشكّوا في وجوب قتل قاتله، ولم يرَ أحد منهم للاجتهاد هناك مجالاً، كما سيأتي في كلام ابن حزم نفسه: أنّه لم ير له مجالاً لقتلة عثمان.

فشتّان بين ابن حزم وبين ابن حجر، هذا يبرّر عمل عبد الرحمن، وذاك يعتذر عن ذكر إسمه في كتابه لسان الميزان(1) ، ويصفه بالفتك وأنّه من بقايا الخوارج في تهذيب التهذيب 7: 338.

وابن حجر في كلامه هذا إتّبع أثر الحافظ أبي زرعة العراقيّ في قوله في طرح التثريب 1: 86: إنتدب له «لعليٍّ» قومٌ من الخوارج فقاتلهم فظفر بهم، ثمّ انتدب له من بقاياهم أشقى الاخرين عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وكان فاتكاً ملعوناً فطعنه.

ومن نماذج آرائه

قوله في الفِصَل 4: 161 في المجتهد المخطئ: وعمّار (رضي الله عنه) قتله أبو الغادية يسار ابن سبع السلمي، شهد (عمّار) بيعة الرضوان، فهو

____________

(1) لسان الميزان 3: 439.


الصفحة 132
من شهداء الله له بأنَّه علمَ ما في قلبه وأنزل السكينة عليه (رضي الله عنه)، فأبو الغادية رضي الله عنه متأوّلٌ مجتهدٌ مُخطئ فيه باغ عليه مأجورٌ أجراً واحداً، وليس هذا كقتله عثمان (رضي الله عنه); لانَّهم لا مجال للاِّجتهاد في قتله، لانّه لم يقتل أحداً، ولا حارب، ولا قاتل، ولا دافع، ولا زنا بعد إحصان، ولا ارتدّ، فيسوغ المحاربة تأويلٌ، بل هُم فسّاقٌ محاربون سافكون دماً حراماً عمداً بلا تأويل على سبيل الظلم والعدوان، فهم فُسّاقٌ ملعونون. إنتهى.

لم أجد معنى لاجتهاد أبي الغادية (بالمعجمة) وهو من مجاهيل الدنيا، وأفناء الناس، وحُثالة العهد النبويِّ، ولم يعرَّف بشيء غير أنّه جُهنيٌّ، ولم يُذكر في أيِّ معجم بما يُعرب عن إجتهاد، ولم يُرو منه شيءٌ من العلم الالهي سوى قول النبي (صلى الله عليه وآله): «دمائكم وأموالكم حرام»، وقوله: «لاترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض». وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتعجَّبون من أنّه سمع هذا ويقتل عمّاراً(1) ولم يفه أيُّ أحد من أعلام الدين إلى يوم مجييء ابن حزم باجتهاد مثل أبي الغادية.

ثمّ لم أدر ما معنى هذا الاجتهاد في مقابل النصوص النبويّة في عمّار، ولستُ أعني بها قوله(صلى الله عليه وآله) في الصحيح الثابت المتواتر لعمار:

____________

(1) الاستيعاب 2: 680، والاصابة 4: 150 «المؤلّف».


الصفحة 133
«تقتلك الفئة الباغية»(1) ، وفي لفظ: «الناكبة عن الطريق»، وإن كان لا يدع مجالاً للاجتهاد في تبرير قتله، فإنّ قاتله مهما تأوّل فهو عاد عليه ناكبٌ عن الطريق، ونحن لانعرف إجتهاداً يُسوّغ العدوان الذي استقلّ العقل بقبحه، وعاضده الدين الالهي الاقدس. وإن كان أوَّله معاوية أو ردَّه لمّا حدَّث به عبد الله بن عمرو وقال عمرو بن العاص: يا معاوية، أما تسمع ما يقول عبد الله؟ بقوله: إنّك شيخٌ أخرق، ولاتزال تُحدِّث بالحديث، وأنت ترحض في بولك، أنحن قتلناه؟ إنّما قتله عليٌّ واصحابه جاؤا به حتّى ألقوه بين رماحنا(2) .

وبقوله: أفسدتَ عليَّ أهل الشام، أكلّ ما سمعتَ من رسول الله تقوله؟

فقال عمرو: قُلتها ولستُ أعلم الغيب، ولا أدري أنَّ صفّين تكون، قُلتها وعمّار يؤمئذ لك وليّ، وقد رَويتَ أنت فيه مثل ما رَويتُ، ولهما في القضيّة معاتبةٌ مشهورةٌ وشعرٌ منقولٌ، منه قول عمرو:

____________

(1) ذكر تواتره ابن حجر في الاصابة 2: 512، وتهذيب التهذيب 7: 409 «المؤلف».

(2) تأريخ الطبري 6: 23، وتأريخ ابن كثير 7: 369 «المؤلف».


الصفحة 134
تعاتبني إن قلتُ شيئاً سمعتُه وقد قلتَ لو أنصفتَني مثلَه قَبلي
أنعلُك فيما قلت نعلٌ ثبيتَهُ وتزلق بي في مثل ما قلتُه نعلي!
وما كان لي علمٌ بصفّين أنّها تكون وعمّار يحثُّ على قَتلي
ولو كان لي بالغيبِ علمٌ كتمتُها وكابدتُ أقواماً مراجلُهم تغلي
أبى الله إلاّ أنّ صدرَك واغرٌ عليَّ بلا ذنب جنيتُ ولا دخلِ
سوى أنّني والراقصات عشيّة بنصرك مدخول الهوى ذاهل العقل
وأجابه معاوية بأبيات منها:
فيا قبَّح الله العتابَ وأهله ألم تر ما أصبحتُ فيه من الشُّغل؟
فدعْ ذا ولكن هل لك اليوم حيلةٌ تردُّ بها قوماً مراجلُهم تَغلي؟

الصفحة 135
دعاهم عليٌّ فاستجابوا لدعوة أحبَّ إليهم من ثرى المال والاهل(1)
كما لستُ أعني ما أخرجه الطبراني عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله): «إذا اختلف الناس كان ابن سُميّة مع الحقِّ»(2) .

وإن كان قاطعاً للححاج فإنّ المناوئ لابن سميَّة (عمّار) على الباطل لا محالة، ولا تجد إجتهاداً يبرر مناصرة المُبطل على الُمحقّ بعد ذلك النصّ الجليِّ.

وإنّما أعني ما أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 387 وصحَّحه، وكذلك الذهبيُّ في تلخيصه، بالاسناد عن عمرو بن العاص: انّي سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول: «اللّهمَّ أولعت قريش بعمّار، إنَّ قاتل عمّار وسالبه في النار».

وأخرجه السيوطيُّ من طريق الطبراني في الجامع الصغير 2: 193، وابن حجر في الاصابة 4: 151.

وأخرج السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 73 قوله (صلى الله عليه وآله) لعمّار: «يدخل سالبك وقاتلك في النار» من طريق ابن عساكر، وج 6: 184 من طريق الطبراني في الاوسط، و ص 184

____________

(1) شرح نهج البلاغة 2: 274 «المؤلف».

وانظر الطبعة المحقّقة من شرح نهج البلاغة 8: 27-28.

(2) جمع الجوامع للسيوطي، كما في ترتيبه 6: 184 «المؤلف».


الصفحة 136
من طريق الحاكم.

وأخرج الحافظ أبو نعيم وابن عساكر ـ كما في ترتيب جمع الجوامع 7: 72 ـ عن زيد بن وهب قال: كان عمّار بن ياسر قد ولع بقريش وولعت به فغدوا عليه فضربوه، فجلس في بيته، فجاء عثمان بن عفان يعوده فخرج عثمان وصعد المنبر فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «تقتلك الفئة الباغية، قاتل عمار في النار».

وأخرج الحافظ أبو يعلى وابن عساكر كما في ترتيب جمع الجوامع 7: 74 عن عبد الله بن عمر قال: سمعتُ رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية، بشِّر قاتل عمّار بالنار».

وفي جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 75، و ج 6: 184 من طريق الحافظ ابن عساكر عن اُسامة بن زيد قال: قال النبي(صلى الله عليه وآله): «ما لهم ولعمّار، يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النار؟ قاتله وسالبه في النار»، أخرجه ابن كثير في تأرخيه 7: 268.

وفي ترتيب الجمع 7: 75 من طريق ابن عساكر عن مسند علي: «إنّ عمّاراً مع الحقِّ والحقُّ معه، يدور عمّار مع الحقّ أينما دار، وقاتل عمار في النار».

وأخرج أحمد وابن عساكر عن عثمان، وابن عساكر عن اُم سلمة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية، قاتلك في


الصفحة 137
النار» كنز العمال 6: 184(1) . وأخرجه عن اُم سلمة ابن كثير في تأريخه 7: 270 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة.

وأخرج أحمد في مسنده 4: 89 عن خالد بن الوليد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مَن عادى عمّاراً عاداه الله، ومَن أبغض عماراً ابغضه الله». وأخرجه الحاكم في المستدرك 3: 391 بطريقين صحّحهما هو والذهبي، والخطيب في تأريخه 1: 152، وابن الاثير في اُسد الغابة 4: 45، وابن كثير في تأريخه 7: 311، وابن حجر في الاصابة 2: 512، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 73 من طريق ابن أبي شيبة وأحمد، وفي 6: 184 من طرق أحمد وابن حبّان والحاكم.

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 390 باسناد صحَّحه هو والذهبيُّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلفظ: «مَن يسبُّ عمّاراً يسبّه الله، ومَن يبغض عمّاراً يبغضه الله، ومَن يسفّه عمّاراً يسفّهه الله» ورواه السيوطي في الجمع كما في ترتيبه 7: 73 من طريق ابن النجّار والطبراني بلفظ: «مَن سبّ عماراً سبّه الله، ومَن حقّر عمّاراً حقّره الله، ومّن سفّه عمّاراً سفّهه الله».

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 391 باسناده بلفظ: «مَن يحقِّر عمّاراً يحقِّره الله، ومَن يسبّ عمّاراً يسبّه الله، ومّن يبغض عمّاراً

____________

(1) انظر الطبعة المحقّقة من كنز العمال 13: 539 / 37411.


الصفحة 138
يبغضه الله» وأخرجه السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 73 من طريق أبي يعلى وابن عساكر، وفي 6: 185 عن أبي يعلى وابن قانع والطبراني والضياء المقدسي في المختارة.

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 389 باسناد صحّحه هو والذهبي في تلخيصه بلفظ: «مَن يسبّ عمّاراً يسبّه الله، ومَن يعاد عمّاراً يعاده الله».

وأخرج أحمد في المسند 4: 90 باسناده بلفظ: «مَن يُعاد عمّاراً يعاده الله عزّوجلّ، ومَن يبغضه يبغضه الله عزوّجلّ، ومّن يسبّه يسبّه الله عزوّجل».

فأين هذه النصوص الصحيحة المتواترة(1) من اجتهاد أبي الغادية؟ أو أين هو من تبرير ابن حزم عمل أبي الغادية؟ أو أين هو من رأيه في اجتهاده ومحاباته له بالاجر الواحد؟ وهو في النار لا محالة بالنصِّ النبوي الشريف، وهل تجد بغضاً أو تحقيراً أعظم من القتل؟

وهناك دروسٌ في هذه كلّها يقرأها علينا التأريخ، قال ابن الاثير في الكامل 3: 134: إنّ أبا الغادية قتل عمّاراً، وعاش إلى زمن الحجّاج، ودخل عليه فأكرمه الحجّاج وقال له: أنت قتلتَ

____________

(1) على ما اختاره ابن حزم من حدّ التواتر في سائر الاحاديث «المؤلف».


الصفحة 139
ابن سُميّة؟ يعني عمّاراً، قال: نعم، فقال: مَن سرّه أن ينظر إلى عظيم الباع يوم القيامة فلينظر إلى هذا الذي قتل ابن سُميّة، ثم سأله أبو الغادية حاجته فلم يجبه إليها، فقال: نُوطِّئ لهم الدنيا ولا يُعطونا منها ويزعم أنّي عظيم الباع يوم القيامة، فقال الحجّاج: أجل والله مَن كان ضرسه مثل اُحد، وفخذه مثل جبل ورقان، ومجلسه مثل المدينة والربذة انّه لعظيم الباغ يوم القيامة، والله لو أنّ عمّاراً قتله أهل الارض كلّهم لدخلوا كلّهم النار، وذكره ابن حجر في الاصابة 4: 151.

وفي الاستيعاب (هامش الاصابة) 4: 151: أبو الغادية كان محبّاً في عثمان وهو قاتل عمّار، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: قاتل عمّار بالباب، وكان يصف قتله له إذا سئل عنه لايباليه، وفي قصّته عجبٌ عند أهل العلم روى عن النبي قوله: «لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض»، وسمعه منه ثمّ قتل عمّاراً.

وهذه كلّها تنمُّ عن غايته المتوخّاة في قتل عمّار واطّلاعه ووقوفه على ما أخبر به النبي الاقدس في قاتل عمار، وعدم ارتداعه ومبالاته بقتله بعدهما، غير أنّه كان بطبع الحال على رأي إمامه معاوية ويقول لمحدّثي قول النبيِّ بمقاله المذكور: إنّك شيخٌ أخرق، ولاتزال تُحدّث بالحديث، وأنت ترحض في بولك.


الصفحة 140
وأنت أعرف منّي بمغزى هذا الكلام ومقدار أخذ صاحبه بالسُنة النبوية وإتباعه لما يروى عن مصدر الوحي الالهي، وبأمثال هذه كان اجتهاد أبي الغادية فيما ارتكبه أو ارتبك فيه.

وغاية ما عند ابن حزم في قتلة عثمان: أنّ اجتهادهم في مقابلة النصّ: «لا يحل دم إمرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلث: الثيِّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة»(1) . لكنه لا يقول ذلك في قاتل علي (عليه السلام)ومقاتليه وقاتل عمّار، وقد عرفت أنّ الحالة فيهم عين ما حسبه في قتلة عثمان.

ثمّ انّ ذلك على ما أصّله هو في مورد لا يُأدّي إلاّ خطأ القوم في اجتهادهم، فلِمَ لَم يحابهم الاجر الواحد كما حابى عبد الرحمن بن ملجم ونظرائه؟ نعم له أن يعتذر بأنّ هذا قاتل عليّ وأولئك قتلة

____________

(1) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي في السُنن، وابن سعد في الطبقات، وأحمد والطيالسي في المسندين، وابن هشام في السيرة، والواقدي في المغازي 430: 432 «المؤلّف».

انظر صحيح البخاري 9: 6، صحيح مسلم 3: 1302/1676، سنن أبي داود 4: 26/4353، سنن الترمذي 4: 19/1402، سنن النسائي 8: 6، سنن ابن ماجة 2: 847/3534، الطبقات الكبرى 7: 142، مسند أحمد بن حنبل 1: 382، مسند الطيالسي 2: 413، السيرة النبوية 2: 318، سنن البيهقي 8: 213و284.


الصفحة 141
عثمان.

على أنّ نفيه المجال للاجتهاد هناك إنّما يصحّ على مزعمته في الاجتهاد المصيب، وأمّا المخطي منه فهو جار في المورد كأمثاله من مجاريه عنده.

ثمّ انَّ الرجل في تدعيم ما إرتآه من النظريّات الفاسدة وقع في ورطة لا تروقه، ألا وهي سبُّ الصحابة بقوله: فهم فسّاق ملعونون. وذهب جمهور أصحابه على تضليل مَن سبّهم بين مُكفِّر ومُفسِّق، وأنّه موجبٌ للتعزير عند كثير من الائمة بقول مطلق من غير تفكيك بين فرقة واُخرى أو إستثناء أحد منهم، وهو إجماعهم على عدالة الصحابة أجمعين(1) ، وهوبنفسه يقول في الفِصَل3: 257.

وأمّا من سبَّ أحداً من الصحابة (رضي الله عنهم): فإن كان جاهلاً فمعذورٌ، وإن قامت عليه الحجَّة فتمادى غير معاند فهو فاسقٌ كمن زنى وسرق، وإن عاند الله تعالى في ذلك ورسوله (صلى الله عليه وآله)فهوكافرٌ، وقد قال عمر(رضي الله عنه) بحضرة النبي(صلى الله عليه وآله) عن حاطب ـ وحاطب مهاجرٌ بدري ـ: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فما كان عمر بتكفيره حاطباً كافراً بل كان مُخطئاً متأوِّلاً، وقد قال رسول

____________

(1) راجع الصارم المسلول على شاتم الرسول: 572 - 592، والاحكام في اُصول الاحكام 2: 631، والشرف المؤبد للشيرازي: 112 - 119 «المؤلّف».


الصفحة 142
الله (صلى الله عليه وآله): «آية النفاق بغض الانصار»، وقال لعلي: «لا يبغضك إلاّ منافق». انتهى.

وكم عند ابن حزم من المجتهدين نظراء عبد الرحمن بن ملجم وأبي الغادية، حَكَمَ في الفِصَل بأنَّهم مجتهدون وهم مأجورون فيما أخطأوا، قال في 4: 161:

قطعنا أنَّ معاوية (رضي الله عنه) ومَن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجراً واحداً، وعدَّ في ص 160 معاوية وعمرو بن العاصي من المجتهدين، ثمّ قال:

إنّما اجتهدوا في مسائل دماء كالتي إجتهد فيها المفتون، وفي المفتين مَن يرى قتل الساحر وفيهم مَن لا يراه، وفيهم مَن يرى قتل الحرِّ بالعبد وفيهم مَن لا يراه، وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر وفيهم مَن لا يراه، فأيُّ فرق بين هذه الاجتهادات وإجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما؟ لو لا الجهل والعمى والتخليط بغير علم. انتهى.

وشتّان بين المفتين الذين إلتبست عليهم الادلَّة في الفتيا، أو اختلفت عندهم بالنصوصيَّة والظهور ولو بمبلغ فهم ذلك المفتي، أو أنَّه وجد إحدى الطائفتين من الادلَّة أقوى من الاُخرى; لصحَّة الطريق عنده، أو تضافر الاسناد، فجنح إلى جانب القوّة، وارتأى مقابله بضرب من الاستنباط تقوية الجانب الاخر، فأفتى كلٌّ على مذهبه، كلّ ذلك إخباتا إلى الدليل من الكتاب والسنّة.


الصفحة 143
فشتّان بين هؤلاء وبين محاربي عليّ (عليه السلام)، وبمرأى الملا الاسلاميِّ ومسمعهم كتاب الله العزيز وفيه آية التطهير الناطقة بعصمة النبيِّ وصنوه وصفيَّته وسبطيه، وفيه آية المباهلة النازلة فيهم وعليٌّ فيها نفس النبيِّ، وغيرهما ممّا يناهز ثلاثمائة آية(1) النازلة في الامام أمير المؤمنين.

وهذه نصوص الحفّاظ الاثبات، والاعلام الائمَّة، وبين يديهم الصحاح والمسانيد وفيها حديث التطهير، وحديث المنزلة، وحديث البراءة، ذلك الهتاف النبويّ المبين المتواتر، كلّ ذلك كانت تَلوكه أشداق الصحابة واُنهي إلى المتابعين.

أفَترى من الممكن أن يهتف المولى سبحانه في المجتمع بطهارة ذات وقدسه من الدنس، وعصمته من كلّ رجس؟ أو ينزِّله منزلة نفس النبيِّ الاعظم ويُسمع به عباده؟ أو يوجب بنصِّ كتابه المقدَّس على اُمَّة نبيِّه الاقدس مودَّة ذي قرباه؟ (وأمير المؤمنين سيّدهم)، ويجعل ولائهم أجر ذلك العب الفادح الرسالة الخاتمة العظمى؟ ويُخبر بلسان نبيِّه أمته بأنَّ طاعة عليٍّ طاعته ومعصيته معصيته؟(2) ويكون مع ذلك كلِّه هناك مجال للاجتهاد بأن

____________

(1) راجع تأريخي الخطيب 6: 221، وابن عساكر، وكفاية الكنجي: 108، والصواعق: 76، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 115، والفتوحات الاسلامية 2: 342، ونور الابصار: 81، وهناك مصادر كثيرة اُخرى «المؤلف».

(2) أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 121و128، والذهبي في تلخيصه وصحّحاه «المؤلف».


الصفحة 144
يُقاتل؟ أو يُقتل؟ أو يُنفى من الارض؟ أو يُسبَّ على رؤوس الاشهاد؟ أو يُلعن على المنابر؟ أو تُعلن عليه الدعايات؟ وهل يحكم شعورك الحرُّ بأنَّ الاجتهاد في كلِّ ذلك كاجتهاد المفتين وإختلافهم في تقل الساحر وأمثاله؟

وابن حزم نفسه يقول في الفِصَل 3: 258: ومن تأوَّل من أهل الاسلام فأخطأ، فإن كان لم تقم عليه الحجَّة ولا تبيّن له الحقّ فهو معذورٌ مأجورٌ أجراً واحداً لطلبه الحقّ وقصده إليه، مغفورٌ له خطؤه إذ لم يتعمَّد، لقول الله تعالى: (وليس عليكم جناحٌ فيما أخطأتم به ولكن ما تعمَّدت قلوبكم)(1) . وإن كان مصيباً فله أجران: أجرٌ لاصابته، وأجرٌ آخر لطلبه إيّاه.

وإن كان قد قامت الحجَّة عليه، وتبيَّن له الحقّ، فعَنَدَ عن الحقِّ غير معارض له تعالى ولا لرسوله (صلى الله عليه وآله) فهو فاسقٌ; لجرأته على الله تعالى باصراره على الامر الحرام. فإن عَنَدَ عن الحقّ معارضاً لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله) فهو كافرٌ مرتدٌ حلال الدم والمال، لا فرق في هذه الاحكام بين الخطأ في الاعتقاد في أيّ شيء كان من الشريعة وبين الخطأ في الفتيا في أيّ شيء كان. إنتهى.

فهل من الممكن إنكار حجِّيَّة كتاب الله العزيز؟ أو نفي ما تلوناه

____________

(1) الاحزاب: 5.


الصفحة 145
منه؟ أو إحتمال خفاء هذه الحجج الدامغة كلِّها على أهل الخطأ من أولئك المجتهدين؟ وعدم تبيّن الحقِّ لهم؟ وعدم قيام الحجَّة عليهم؟ أو تسرّب الاجتهاد والتأويل في تلك النصوص أيضاً؟.

على أنّ هناك نصوصٌ نبويّة حول حربه وسلمه، منها: ما أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 149 عن زيد بن أرقم عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: «أنا حربٌ لمن حاربتم وسلمٌ لمن سالمتم». وذكره الذهبيُّ في تلخيصه، وأخرجه الكنجي في الكفاية ص 189 من طريق الطبراني، والخوارزمي في المناقب ص 90، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 216 من طريق الترمذي وابن ماجة وابن حبّان والحاكم.

وأخرجه الخطيب باسناده عن زيد في تأريخه 7: 137 بلفظ: «أنا حربٌ لمن حاربكم وسلمٌ لمن سالمكم»، والحافظ بن عساكر في تأريخه 4: 316، ورواه الكنجي في كفايته: 189 من طريق الترمذي، وابن حجر في الصواعق ص112 من طريق الترمذي وابن حبّان والحاكم، وابن الصبّاغ المالكي في فصوله ص 11، ومحبّ الدين في الرياض 2: 189، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7: 102 من طريق ابن أبي شيبة والترمذي والطبراني والحاكم والضياء المقدسي في المختارة.

وأخرجه ابن كثير في تاريخه 8: 36 باللفظ الاوّل عن أبي


الصفحة 146
هريرة من طريق النسائي من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين، وابن ماجة من حديث وكيع، كلاهما عن سفيان الثوري.

وأخرج أحمج في مسنده 2: 442 عن أبي هريرة بلفظ: «أنا حربٌ لمن حاربكم وسلمٌ لمن سالمكم»، والحاكم في المستدرك 3: 149، والخطيب في تأريخه 4: 208، والكنجي في الكفاية ص 189 من طريق أحمد وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، والمتّقي في الكنز 6: 216(1) من طريق أحمد والطبراني والحاكم.

وأخرج محبّ الدين الطبري في الرياض 2: 189 عن أبي بكر الصدِّيق: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيَّم خيمة وهو متَّكيءٌ على قوس عربيَّة وفي الخيمة عليّ وفاطمة والحسن والحسين فقال: «معشر المسلمين أنا سلمٌ لمن سالم أهل الخيمة، حربٌ لمن حاربهم، وليٌّ لمن والاهم، لايُحبّهم إلاّ سعيد الجدِّ طيِّب المولد، ولا يُبغضهم إلاّ شقيُّ الجدِّ رديء الولادة».

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 129 عن جابر بن عبد الله قال: سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو آخذٌ بضبع عليِّ بن أبي طالب وهو يقول: «هذا أمير البررة، قاتل الفجرة، منصورٌ من نَصره، مخذولٌ مَن خذله»، ثمّ مدَّ بها صوته.

____________

(1) انظر الطبعة المحقّقة من كنز العمال 12: 96/34159.


الصفحة 147
وأخرجه ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤل ص 31 عن أبي ذر بلفظ: «قائد البررة، وقاتل الكفرة» إلخ.

ورواه ابن حجر في الصواعق ص 75 عن الحاكم، وأحمد زيني دحلان في الفتوحات الاسلاميَّة 2: 338.

إلى أحاديث كثيرة لو جمعت لتأتي مجلَّدات ضخمة، على أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)كان يبثّ الدعاية بين أصحابه حول تلك المقاتلة التي زعم ابن حجر فيها إجتهاد معاوية وعمرو بن العاص ومَن كان معهما، وكان (صلى الله عليه وآله) يأمرهم ويأمر أميرهم ولي الله الطاهر بحربهم وقتالهم، وبطبع الحال ما كان ذلك يخفى على أيِّ أحد من أصحابه، وإليك نماذج من تلك الدعاية النبويَّة(1) .

أخرج الحاكم في المستدرك 3: 139 والذهبيُّ في تلخيصه عن أبي أيّوب الانصاري: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمر علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، ورواه الكنجي في كفايته ص 70.

وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 140 عن أبي أيّوب قال: سمعتُ رسول الله يقول لعليّ: «تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين».

____________

(1) لم نذكرها بجميع طُرقها التي وقفنا عليها روماً للاختصار «المؤلّف».


الصفحة 148
وأخرج الخطيب في تأريخه 8: 340 و 13: 187 وابن عساكر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين»، وأخرجه الحمويني في فرائد السمطين في الباب الثالث والخمسين(1) ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6: 392.

وأخرج الحاكم وابن عساكر كما في ترتيب جمع الجوامع 6: 391 عن ابن مسعود قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتى منزل اُمّ سلمة فجاء عليٌّ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا اُمّ سلمة؟ هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي».

وأخرج الحمويني في فرائد السمطين في الباب الرابع والخمسين بطريقين عن سعد بن عبادة عن عليّ قال: «اُمرتُ بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين»(2) .

وأخرج البيهقي في المحاسن والمساويء 1: 31، والخوارزمي في المناقب ص 52 و 58 عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاُمِّ سلمة: «هذا عليّ بن أبي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّه لا نبيَّ بعدي، يا اُمَّ سلمة هذا

____________

(1) فرائد السمطين 1: 274.

(2) فرائد السمطين 1: 285.


الصفحة 149
أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، ووعاء علمي، ووصيِّي، وبابي الذي اُؤتى منه، أخي في الدنيا والاخرة، ومعي في المقام الاعلى، عليٌّ يقتل القاسطين والناكثين والمارقين».

ورواه الحمويني في الفرائد في الباب السابع والعشرين والتاسع والعشرين بطرق ثلاث، وفيه: «وعيبة علمي» مكان «وعاء علمي»(1) ، والكنجي في الكفاية ص 69، والمتّقي في الكنز 6: 154 من طريق الحافظ العقيلي(2) .

وأخرج شيخ الاسلام الحمويني في فرائده عن أبي أيّوب قال: أمرني رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والقاسطين. من طريق الحاكم، ومن طريقه الاخر عن غياث بن ثعلبة عن أبي أيّوب قال (غياث): قاله أبو أيّوب في خلافة عمر ابن الخطاب(3) .

وأخرج في الفرائد في الباب الثالث والخمسين عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، قلنا: يا رسول الله؟ أمرتنا بقتال هؤلاء فمع مَن؟ قال: «مع عليِّ بن أبي طالب»(4) .

____________

(1) فرائد السمطين 1: 145.

(2) انظر الطبعة المحقّقة من كنز العمال 13: 138/36434.

(3) فرائد السمطين 1: 282.

(4) فرائد السمطين 1: 281.


الصفحة 150
وقال ابن عبد البرّ في الاستيعاب 3: 53 (هامش الاصابة): ورُوي من حديث عليّ، ومن حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي أيّوب الانصاري: إنَّه أمر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.

فلعلّك باخعٌ بما ظهرت عليه من الحقِّ الجليِّ غير أنّك باحثٌ عن القول الفصل في معاوية وعمرو بن العاصي، فعليك بما في طيّات كتب التأريخ من كلماتهما، وسنوقفك على ما يبيّن الرشد من الغيّ في ترجمة عمرو بن العاصي وعند البحث عن معاوية في الجزء العاشر.

هذا مجمل القول في آراء ابن حزم وضلالاته وتحكماته، فأنت ـ كما يقول هو: لو لا الجهل والعمى والتخليط بغير علم ـ تجد الرأي العام في ضلاله قد صدر من أهله في محلّه، وليس هناك مجال نسبة الحسد والحنق إلى مَن حكم بذلك من المالكيّين أو غيرهم، ممَّن عاصره أو تأخَّر عنه، وكتابه الفِصَل أقوى دليل على حقِّ القول وصواب الرأي.

قال ابن خلكان في تأريخه 1: 370: كان كثير الوقوع في العلماء المتقدِّمين، لا يكاد أحدٌ يسلم من لسانه: قال ابن العريف: كان لسان ابن حزم وسيف الحجّاج شقيقين. قاله لكثرة وقوعه في الائمَّة، فنفرت منه القلوب، واستهدف لفقهاء وقته، فتمالؤا على بغضه، وردّوا قوله، واجتمعوا على تضليله، وشنَّعوا عليه، وحذَّروا


الصفحة 151
سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم من الدنوِّ إليه، والاخذ عنه، فأقصته الملوك، وشرّدته عن بلاده، حتى إنتهى الى بادية لَبْلَة(1) ، فتوفّي بها في آخر نهار الاحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ستٌ وخمسين وأربعمائة(2) .

وَلَقَدْ حَقَّ عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذابِ

أفَأَنتَ تَنقُذُ مَنْ في النّار؟

____________

(1) بفتح اللامين من بلاد الاندلس «المؤلّف».

(2) انظر وفيات الاعيان، الطبعة المحقّقة 3: 327-328.


الصفحة 152

الان حصحص الحق

الان حقّ علينا أن نُميط الستر عن خبيئة أسرارنا، ونُعرب عن غايتنا المتوخّاة من هذا البحث الضافي حول الكتب.

الان آن لنا أن ننوّه بأنّ ضالّتنا المنشودة هي إيقاظ شعور الاُمّة الاسلامية إلى جانب مهمّ فيه الصالح العام والوئام والسلام والوحدة الاجتماعيّة، وحفظ ثغور الاسلام عن تهجّم سيل الفساد الجارف....


الصفحة 153

فهرس المصادر

(1) الاعلام، للزركلي، دار العلم للملايين، بيروت.

(2) اعتقادات الامامية، للشيخ الصدوق، اسماعيليان، قم.

(3) الاصابة في تمييز الصحابة، دار صادر، بيروت.

(4) أوائل المقالات، للشيخ المفيد، المؤتمر الالفي للشيخ المفيد، قم.

(5) تأريخ بغداد، للخطيب البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت.

(6) تأويل مختلف الحديث، لابن تقيبة، دار الكتب العلمية، بيروت.

(7) التبيان، للشيخ الطوسي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(8) الجامع الصغير، للسيوطي، دار الفكر، بيروت.


الصفحة 154
(9) الرياض النضرة، للطبري، دار الكتب العلمية، بيروت.

(10) روح المعاني، للالوسي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(11) سنن أبي داود، دار الفكر، بيروت.

(12) سنن ابن ماجة، دار الفكر، بيروت.

(13) سنن البيهقي، دار الفكر، بيروت.

(14) سنن الترمذي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(15) سنن النسائي، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(16) السيرة النبوية، لابن هشام، دار الباز، بيروت.

(17) شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب، لابن الحماد الحنبلي، دار الافاق الجديدة، بيروت.

(18) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، دار احياء الكتب العربية، بيروت.

(19) صحيح البخاري، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(20) صحيح مسلم، دار الفكر، بيروت.

(21) الطبقات الكبرى، لابن سعد، دار صادر، بيروت.

(22) فرائد السمطين، للجويني الحموي، مؤسسة المحمودي، بيروت.

(23) الكامل في الضعفاء، لابن عدي، دار الفكر، بيروت.

(24) كنز العمال، للمتقي الهندي، دار الرسالة، بيروت.

(25) لسان العرب، لابن منظور، نشر أدب الحوزة، قم.


الصفحة 155
(26) لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني، مؤسسة الاعلمي، بيروت.

(27) مجمع البيان، للطبرسي، المكتبة المرعشية، قم.

(28) مختصر تأريخ دمشق، لابن منظور، دار الفكر، بيروت.

(29) مستدرك الصحيحين، للحاكم النيسابوري، دار الفكر، بيروت.

(30) مسند أبي يعلى الموصلي، دار المأمون للتراث، بيروت.

(31) مسند أحمد بن حنبل، دار الفكر، بيروت.

(32) مصنّف ابن أبي شيبة، الدار السلفية، الهند.

(33) المعجم الكبير، للطبراني، دار احياء التراث العربي، بيروت.

(34) مناقب (فضائل) أمير المؤمنين (عليه السلام)، لاحمد بن حنبل، الطبعة الحروفية.

(35) نفح الطيب، للتلمساني، دار الفكر، بيروت.

(36) هدية العارفين، لاسماعيل باشا البغدادي، دار الفكر، بيروت.

(37) وفيات الاعيان، لابن خلكان، دار صادر، بيروت.