الصفحة 48
ـ والحالة هذه ـ على أيِّ فرقة من الفرق قبل الفحص والتنقيب المتيسِّرين بسهولة مستعملٌ للوقاحة والصلافة، وهو الافّاك الاثيم عند مَن يُطالع كتابه، أو يُصيخ إلى قيله.

ولو كان الرَّجل يتدبّر في قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلاّ لَديهِ رقيبٌ عَتيدٌ)(1) ، أو يصدِّق ما أوعد الله به كلَّ أفّاك أثيم همّاز مشَّاء بنميم، لكفَّ مدَّته عن البهت، وعرف صالحه، ولكان هو المجيب عن سؤال شيطانه بأنَّ الشيعة الاماميّة متى قالت بالتناسخ وحلول الله في أشخاص أئمتّهم؟! و مَن الذين ذهب منهم قديماً وحديثاً إلى وجود عليٍّ في السحاب إلخ، حتّى توجد حرفٌ واحدٌ منها في القرآن.

نعم، عليُّ في السِّحاب كلمةٌ للشيعة تأسيِّاً بالنبيّ الاعظم (صلى الله عليه وآله)بالمعنى الذي مرّ في الجزء الاوّل ص 292(2)-(3) ، غير أنّ قوّالة

____________

(1) ق: 18.

(2) من الطبعة الثانية «المؤلّف».

(3) وخلاصة القول أنّ النبي (ص) لما جعل علياً (ع) مولى كل مؤمن ومؤمنة في يوم الغدير، عمّمه بيده، المباركة بعمامته المُسماة بـ (السحاب)، وأشار المصنّف العلاّمة الاميني رضوان الله تعالى عليه إلى بعض العلماء من أخواننا أبناء السُنّة الذين ذكرو هذه الواقعة، فقال:

وأخرج ـ الحمويني ـ باسناد آخر من طريق الحافظ أبي سعيد الشاشي: أنّ رسول الله (ص) عمّم علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) عمامته السحاب، فأرخاها من بين يديه ومن خلفه ثم قال: «أقبل» فأقبل، ثم قال: «أدبر» فأدبر، قال: «هكذا جاءتني الملائكة».

وبهذا اللفظ رواه جمال الدين الزرندي الحنفي في نظم درر السمطين، وجمال الدين الشيرازي في أربعينه، وشهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل وزادوا: ثم قال(ص): «مَن كُنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله».

وقال أبو الحسين الملطي في التنبيه والردّ ص 26: قولهم: علي في السحاب، فإنّما ذلك قول النبي (ص) لعلي: «أقبل» وهو معتم بعمامة للنبي (ص) كانت تدعى «السحاب»، فقال: «قد أقبل عليٌّ في السحاب» يعني في تلك العمامة التي تُسمّى «السحاب».

وقال الغزالي كما في البحر الزخّار 1: 215: كانت له عمامة تُسمّى «السحاب» فوهبها من علي، فربّما طلع عليّ فيها فيقول (ص): «أتاكم علي في السحاب».

وقال الحلبي في السيرة 3 ص 369: كان له (ص) عمامة تُسمّى «السحاب» كساها علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فكان ربّما طلع عليه عليّ كرم الله وجهه فيقول (ص): «أتاكم علي في السحاب»، يعني عمامته التي وهبها له (ص).


الصفحة 49
الاحنة حرَّفتها عن موضعها و أوّلتها بما يشِّوه الشيعة الاماميّة.

أليس عاراً على الرَّجل وقومه أن يكذب على أُمّة كبيرة إسلاميّة، ولا يبالي بما يباهتهم وينسبهم إلى الاراء المنكرة أو التافهة، ولا يتحاشى عن سوء صنيعه. أليست كتب الشيعة الاماميّة المؤلفّة في قرونها الماضية ويومها الحاضر، وهي لسانهم المعرب عن عقائدهم، مشحونة بالبراءة من هذه النسب المختلقة


الصفحة 50
بألسنة مناوئيهم؟!

فإن كان لا يدري فتلك مصيبةٌ وإن كان يدري فالمصيبة أعظمُ
نعم، له أن يستند في أفائكه إلى شاكلته طه حسين وأحمد أمين وموسى جار الله، رجال الفرية والبذاءة.

وقول الاماميّة بالرجعة نطق به القرآن(1) ، غير أنَّ الجهل أعشى بصر الرَّجل كبصيرته، فلم يره ولم يجده فيه، فعليه بمراجعة كتب الاماميّة، وأفردها بالتأليف جماهير من العلماء، فحبّذا لو كان الرَّجل يراجع شيئاً منها.

كما أنّ آية التطهير(2) ناطقةٌ بعصمة جمعِ ممّن تقول الاماميّة بعصمتهم، وفي البقيّة بوحدة الملاك والنصوص الثابتة، وفيما أخرجه إمام مذهبه أحمد بن حنبل في الاية الشريفة في مسنده ج1 ص 331، ج 3 ص 285، ج 4 ص107، ج 6 ص 296، 298، 304، 323 مقنعٌ وكفايةٌ.

وكيف لم يقدِّم القرآن عليّاً على غيره؟ وقد قرن الله ولايته وولاية نبيِّه بقوله العزيز: (إنّما وَ لِيّكم اللهُ وَ رسولُه وَ الّذينَ آمنَوا

____________

(1) النمل: 83، الانبيائ: 95، آل عمران:81.

(2) الاحزاب: 33.


الصفحة 51
الّذيِنَ يُقيمون الصّلاةَ ويُؤتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكعون)(1) وقد مرَّ في هذا الجزء ص 156 ـ 162: إطباق الفقهاء والمحدِّثين والمتكلّمين على نزولها في علي أمير المؤمنين (عليه السلام)(2) .

____________

(1) المائدة: 55.

(2) وهم:

1 ـ القاضي أبو عبد الله محمدّ بن عمر المدني الواقدي، المتوفّى 207 هـ، كما في ذفائر القصبى 102.

2 ـ الحافظ أبو بكر عبد الرزاق الصنعاني، المتوفّى 211 هـ، كما في تفسير ابن كثير 2 ص71 وغيره عن عبد الوهاب بن مجاهد عن مجاهد عن ابن عباس.

=>


الصفحة 52

____________

<=

3 ـ الحافظ أبو الحسن عثمان بن أبي شيبة الكوفي، المتوفّى 239 هـ، في تفسيره.

4 ـ أبو جعفر الاسكافي المعتزلي، المتوفّى 240 هـ، في رسالته التي ردَّ بها على الجاحظ.

5 ـ الحافظ عبد بن حميد الكشي أبو محمَّد، المتوفّى 249 هـ، في تفسيره كما في «الدرِّ المنثور».

6 ـ أبو سعيد الاشجّ الكوفي، المتوفّى 257 هـ، في تفسيره عن أبي نعيم فضل بن دكين عن موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل، والطريق صحيحٌ رجاله كلّهم ثقات.

7 ـ الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي صاحب السنن، المتوفّى 303 هـ، في صحيحه.

8 ـ ابن جرير الطبري، المتوفّى 310 هـ، في تفسيره 6 ص186 بعدّة طرق.

9 ـ ابن أبي حاتم الرازي المتوفّى 327 هـ، كما في تفسير ابن كثير، والدرّ المنثور، وأسباب النزول للسيوطي، أخرجه بغير طريق ومن طرقه أبو سعيد الاشجّ بإسناده الصحيح الذي أسلفناه.

10 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني، المتوفّى 360 هـ، في معجمه الاوسط.

11 ـ الحافظ أبو الشيخ أبو محمّد عبد الله بن محمّد الانصاري، المتوفّى 369 هـ، في تفسيره.

12 ـ الحافظ أبو بكر الجصّاص الرّازي، المتوفّى 370 هـ، في «أحكام القرآن» 2 ص542. رواه من عدَّة طرق.

13 ـ أبو الحسن عليُّ بن عيسى الرمّاني، المتوفّى 384 ـ 2 هـ، في تفسيره.

14 ـ الحاكم ابن البيِّع النيسابوري، المتوفّى 405 هـ، في معرفة أُصول الحديث 102.

15 ـ الحافظ أبو بكر الشيرازي، المتوفّى 407 ـ 11، في كتابه فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين.

=>


الصفحة 53

____________

<=

16 ـ الحافظ أبو بكر ابن مردويه الاصبهاني المتوفّى 416 هـ، من طريق سفيان الثوري عن أبي سنان سعيد بن سنان البرجمي عن الضحّاك عن ابن عبّاس. إسنادٌ صحيحٌ رجاله كُلّهم ثقات، ورواه بطريق آخر قال: إسنادٌ لا يُقدح به، وأخرجه بطرق أُخرى عن أمير المؤمنين وعمّار وأبي رافع.

17 ـ أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري، المتوفّى 427 / 37 في تفسيره عن أبي ذرّ كما مرَّ بلفظه ج 2 ص52.

18 ـ الحافظ أبو نعيم الاصبهاني، المتوفّى 430 هـ، (فيما نزل من القرآن في عليٍّ) عن عمّار وأبي رافع وابن عبّاس وجابر وسلمة بن كهيل.

19 ـ أبو الحسن الماوردي الفقيه الشافعيّ المتوفّى 450 خـ، في تفسيره.

20 ـ الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458 هـ، كتابه «المصنَّف».

21 ـ الحافظ أبو بكر الخطيب البغداديُّ الشافعيُّ المتوفّى 463 هـ، في «المتّفق».

22 ـ أبو القاسم زين الاسلام عبد الكريم بن هوازن النيسابوري المتوفّى 465 هـ، في تفسيره.

23 ـ الحافظ أبو الحسن الواحدي النيسابوري المتوفّى 468 هـ، في «أسباب النزول» ص148.

24 ـ الفقيه ابن المغازلي الشافعيُّ، المتوفّى 483 هـ، في «المناقب» من خمسة طرق.

25 ـ شيخ المعتزلة أبو يوسف عبد السّلام بن محمَّد القزويني، المتوفّى 488 هـ، في تفسيره الكبير، قال الذهبي: إنّه يقع في ثلاثمائة جزءً.

26 ـ الحافظ أبو القاسم الحاكم الحسكاني المتوفّى 490 هـ، عن ابن عبّاس وأبي ذرّ وعبدالله ابن سلام.

27 ـ الفقيه أبو الحسن عليّ بن محمَّد الكيا الطبري الشافعيّ، المتوفّى 504هـ، في تفسيره، واستدلَّ به على عدم بطلان الصّلاة بالفعل القليل، وتسمية الصدقة التطوّع بالزَّكاة كما في تفسير القرطبي.

28 ـ الحافظ أبو محمّد الفراء البغوي الشافعي المتوفّى 516 هـ، في تفسيره «معالم التنزيل» هامش الخازن 2 ص 55.

=>


الصفحة 54

____________

<=

29 ـ أبو الحسن رزين العبدري الاندلسي، المتوفّى 535 هـ، في الجمع بين الصِّحاح الستِّ نقلاً عن صحيح النسائي.

30 ـ أبو القاسم جار الله الزمخشري الحنفّي، المتوفّى 538 هـ، في «الكشّاف» 1 ص 422. وقال: فإن قلتَ: كيف صحَّ أن يكون لعليٍّ (رضي الله عنه) واللفظ لفظ جماعة؟! قلتُ: جيء به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلاً واحداً ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه.

31 ـ الحافظ أبو سعد السمعاني الشافعيّ، المتوفّى 562 هـ، في «فضائل الصحابة» عن أنس ابن مالك.

32 ـ أبو الفتح النطنزي المولود 480 هـ، في «الخصائص العلويَّة» عن ابن عبّاس، وفي «الابانة» عن جابر الانصاري.

33 ـ الامام أبو بكر ابن سعدون القرطبي المتوفّى 567 هـ، في تفسيره 6 ص 221.

34 ـ أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفّى 568 هـ، في «المناقب» 178 بطريقين. وذكر لحسّان فيه شعراً أسلفناه ج2 ص 58.

35 ـ الحافظ أبو القاسم ابن عساكر الدمشقي، المتوفّى 571 هـ، في تأريخ الشام بعدَّة طرق.

36 ـ الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي، المتوفّى 597هـ، كما في «الرِّياض» 2ص 227 و «ذخائر العقبي» 102.

37 ـ أبو عبد الله فخر الدين الرازيّ الشافعيّ، المتوفّى 606 هـ، في تفسيره 3 ص431 عن عطا عن عبدالله بن سلام وابن عبّاس وأبي ذرّ.

38 ـ أبو السعادات مبارك ابن الاثير الشيباني الجزريّ الشافعي، المتوفّى 606 هـ، في «جامع الاصول» من طريق النسائي.

39 ـ أبو سالم محمّد بن طلحة النصيبي الشافعيُّ، المتوفّى 662 هـ، في (مطالب السئول) ص 31 بلفظ أبي ذرّ.

40 ـ أبو المظفَّر سبط ابن الجوزي الحنفي، المتوفّى 654 هـ، في «التذكرة» ص 9 عن السدّي وعتبة وغالب بن عبدالله.

41 ـ عزّ الدين ابن أبي الحديد المعتزلي، المتوفّى 655، وفي شرح نهج البلاغة 3 ص 275.

=>


الصفحة 55

____________

<=

42 ـ الحافظ أبو عبدالله الكنجي الشافعيّ، المتوفّى 658، وفي «كفاية الطالب» ص 106 من طريق عن أنس بن مالك وفيه أبياتٌ لحسّان بن ثابت رويناها ج 2 ص 59، ورواه في ص 122 من طريق ابن عساكر، والخوارزمي، وحافظ العراقين، و أبي نعيم، والقاضي أبي المعالي، وذكر لحسّان شعراً غير الابيات المذكورة ذكرناه ج 2 ص 47 نقلاً عن سبط ابن الجوزي.

43 ـ القاضي ناصر الدين البيضاوي الشافعين، المتوفّى 685 هـ، في تفسيره 1 ص 345، وفي «مطالع الانظار» ص 477، 479.

44 ـ الحافظ فقيه الحرم أبو العبّاس محبّ الدين الطبربُّ المكيُّ الشافعيُّ، المتوفّى 694 هـ، في «الرياض النضرة» 2 ص 227 و«ذخاير العقبي» ص 102 من طريق الواحدي والواقدي وابن الجوزي والفضايلي..

45 ـ حافظ الدين النسفي المتوفّى 701 ـ 10 هـ، في تفسيره 1 ص 496 هامش تفسيره الخازن.

46 ـ شيخ الاسلام الحمّويي، المتوفّى 722 هـ، في «فرائد السمطين» وذكر شعر حسّان فيه.

47 ـ علاء الدين الخازن البغداديّ، المتوفّى 741 هـ، في تفسيره 1 ص 496.

48 ـ شمس الدين محمود بن أبي القاسم عبد الرَّحمن الاصبهاني، المتوفّى 746 ـ 9 هـ، في شرح التجريد الموسوم بتسديد ـ وقد يقال بالمعجمة ـ العقائد. وقال بعد تقرير إتفاق المفسِّرين على نزول الاية في عليٍّ: قول المفسِّرين لا يقتضي إختصاصها به وإقتصارها عليه.

49 ـ جمال الدين محمّد بن يوسف الزرندي، المتوفّى 750 هـ، في «نظم درر السمطين».

50 ـ أبو حيّان أثير الدين الاندلسي، المتوفّى 754 هـ، في تفسيره «البحر المحيط» 3 ص514.

51 ـ الحافظ محمَّد بن أحمد بن جزي الكلبي، المتوفّى 758 هـ، في تفسيره «التَّسهيل لعلوم التنزيل» ج 1 ص 181.

52 ـ القاضي عضد الايجي الشافعيّ، المتوفّى 756 هـ، في «المواقف» 3 ص 276.

53 ـ نظام الدين القمّي النيسابوري، في تفسيره «غرائب القرآن» 3 ص 461.

54 ـ سعد الدين التفتازاني الشافعيّ، المتوفّى 791، في «المقاصد» وشرحه 2 ص 288، وقال بعد تقرير إطباقي المفسِّرين على نزول الاية في عليٍّ: قول المفسِّرين: إنَّ الاية نزلت في حقِّ عليٍّ (رضي الله عنه) لا يقتضي إختصاصها به وإقصارها عليه.

=>


الصفحة 56

____________

<=

55 ـ السيِّد شريف الجرجاني المتوفّى 618 هـ، في شرح المواقف.

56 ـ المولى علاء الدين القوشجي، المتوفّى 879 هـ، في شرح التجريد، وقال بعد نقل الاتِّفاق عن المفسِّرين على أنَّها نزلت في أمير المؤمنين: وقول المفسِّرين: إنَّ الاية نزلت في حقِّ عليٍّ إلى آخر كلام التفتازاني.

57 ـ نور الدين ابن الصبّاغ المكيُّ المالكي، المتوفّى 855 هـ، في «الفصول المهمَّة» 123.

58 ـ جلال الدين السيوطي الشافعيُّ، المتوفّى 911 هـ، في (الدرّ المنثور) 2 ص 293 من طريق الخطيب، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وأبي الشيخ، و وابن مردويه عن ابن عبّاس. ومن طريق الطبراني، وابن مردويه عن عمّار بن ياسر، ومن طريق أبي الشيخ والطبراني عن عليٍّ (ع)، ومن طريق ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن عساكر عن سلمة بن كهيل. ومن طريق ابن جرير عن مجاهد والسدي، وعتبة بن حكيم. ومن طريق الطبراني، وابن مردويه، وأبي نعيم، عن أبي رافع.

ورواه في أسباب نزول القرآن ص 55 من غير واحد من هذه الطرق، ثمَّ قال: فهذه شواهد يقوي بعضها بعضاً. وذكره في «جمع الجوامع» كما في ترتيبه 6 ص 391 من طريق الخطيب عن ابن عبّاس، و ص 405 من طريق أبي الشيخ وابن مردويه عن أمير المؤمنين (ع).

59 ـ الحافظ ابن حجر الانصاري الشافعيّ، المتوفّى 974 هـ، في «الصواعق» 24.

60 ـ المولى حسن چلبي في شرح المواقف.

61 ـ المولى مسعود الشرواني في شرح المواقف.

62 ـ القاضي الشوكاني الصنعاني، المتوفّى 1250 هـ، في تفسيره.

63 ـ شهاب الدين السيِّد محمود الالوسيّ الشافعي، المتوفّى 1270 هـ، في تفسيره 2 ص329.

64 ـ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي المتوفّى 1293 هـ، في «ينابيع المودَّة» 212.

65 ـ السيد محمد مؤمن الشبلنجي من «نور الابصار» 77.

66 ـ الشيخ عبد القادر بن محمد السعيد الكردستاني، المتوضى 1304 هـ، في تقريب المرام في شرح تهذيب الكلام للتفتازاني 2 ص 329 ط مصر.


الصفحة 57
والباحث إن أعطى النصفة حقّها يجد في كتاب الله آياً تُعدُّ بالعشرات نزلت في عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام)(1) وهي تدلّ على تقديمه على غيره، ولا بِدع وهو نفس النبيِّ (صلى الله عليه وآله) بنصّ القرآن(2) ، وبولايته أكمل الله دينه، وأتمَّ علينا نعمه، ورضي لنا الاسلام

____________

(1) روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل ص 39 ـ 45 بطريقه عن حبيب بن أبي ثابت عن مجاهد أنه قال: لقد نزلت في علي(ع) سبعون آية ما شركه فيها أحد.

وبطريق آخر عنه أيضاً أنه قال: نزلت في علي (ع) سبعون آية لم يشركه فيها أحد.

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقد نزلت في علي (ع) ثمانون آية صفواً في كتاب الله ماشركه فيها أحد.

وعن الضّحاك عن ابن عباس قال: نزلت في علي بن أبي طالب (ع) ثلاثمائة آية.

وعنه أيضاً عن النبي (ص) انه قال: «إنّ القرآن أربعة أرباع: فربع فينا أهل البيت خاصة، وربع في أعدائنا، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، وأنّ الله أنزل في علي (ع) كرائم القرآن».

(2) آل عمران: 61.


الصفحة 58
دينا(1) .

ونحن نُعيد السؤال هاهنا على القصيميِّ فنقول: هل يستطيع أن يجيء هو وقومه بحرف واحد من القرآن يدلُّ على تقديم أبي بكر وعمر وعثمان على وليِّ الله الطاهر أمير المؤمنين (عليه السلام)؟!.

12 ـ قال: والقوم ـ يعني الاماميّة ـ لا يعتمدون في دينهم على الاخبار النبويّة الصحيحة، وإنّما يعتمدون على الرُّقاع المزوَّرة المنسوبة كذباً إلى الائمّة المعصومين في زعمهم وحدهم ج1 ص83.

ج ـ عرفت الحال في التوقيعات الصادرة عن الناحية المقدَّسة، والرَّجل قد أتى من شيطانه بوحي جديد، فيرى توقيعات بقيّة الائمّة أيضاً مكذوبة على الائمّة، ويرى عصمتهم مزعومة للشيعة فحسب، إذ لم يجدها في طامور أوهامه، (فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول)(2) .

13 ـ المتعة التي تتعاطاها الرافضة أنواعٌ: صغرى، وكبرى. فمن أنواعها: أن يتَّفق الرَّجل والمرأة المرغوب فيها على أن يدفع إليها شيئاً من

____________

(1) المائدة: 3.

(2) النساء: 59.


الصفحة 59
المال أو من الطعام والمتاع وإن حقيراً جدّاً، على أن يقضي وطره منها ويشبع شهوته يوماً أو أكثر حسب ما يتّفقان عليه، ثمَّ يذهب كلٌّ منهما في سبيله، كأنَّما لم يجتمعا ولم يتعارفا، وهذا من أسهل أنواع هذه المتعة.

وهناك نوعٌ آخر أخبث من هذا يُسمّى عندهم بالمتعة الدوريَّة، وهي أن يحوز جماعةٌ أمرأةً، فيتمتَّع بها واحدٌ من الصبح إلى الضحى، ثم يتمتّع بها آخر من الضحى إلى الظهر، ثمَّ يتمتّع بها آخر من الظهر إلى العصر، ثمَّ آخر إلى المغرب، ثمَّ آخر إلى العشاء، ثم آخر إلى نصف الليل، ثمَّ آخر إلى الصبح. وهم يعدّون هذا النوع ديناً لله يُثابون عليه، وهو من شرِّ أنواع المحرَّمات ج 1 ص 199.

ج ـ إنّ المتعة عند الشيعة هي التّي جاء بها نبيُّ الاسلام، وجعل لها حدوداً مقرَّرة، وثبتت في عصر النبيِّ الاعظم وبعده إلى تحريم الخليفة عمر بن الخطاب، وبعده عند مَن لم ير للرأي الُمحدث في الشرع تجاه القرآن الكريم وما جاء به نبيُّ الاسلام قيمةً ولا كرامةً، وقد أصفقت فِرَق الاسلام على أُصول المتعة وحدودها المفصَّلة في


الصفحة 60
كتبها، ولم يختلف قطُّ إثنان فيها، ألا وهي:

1: الاُجرة.

2: الاجل.

3: العقد المشتمل للايجاب والقبول.

4: الافتراق بانقضاء المدَّة أو البذل.

5: العدَّة، أمةً وحرَّة، حائلاً وحاملاً.

6: عدم الميراث.

وهذه الحدود هي التي نصَّ عليها أهل السنَّة والشيعة، راجع من تآليف الفريق الاوَّل: صحيح مسلم، سنن الدرامي، سنن البيهقي، تفسير الطبري، أحكام القرآن للجصّاص، تفسير البغوي، تفسير ابن كثير، تفسير الفخر الرّازي، تفسير الخازن، تفسير السيوطي، كنز العمّال(1) .

ومن تآليف الفريق الثاني: مَن لا يحضره الفقيه الجزء الثالث ص149، المقنع للصَّدوق كسابقه، البداية له أيضاً، الكافي

____________

(1) يأتي تفصيل كلماتهم في هذا الجزء بعيد هذا «المؤلّلف».

أُنظر صحيح مسلم 2: 1022 باب نكاح المتعة، سنن الدارمي 2: 140، السنن الكبرى للبيهقي 7: 200 ـ 207، تفسير الطبري 5: 9، أحكام القرآن للجصّاص 3: 177، معالم التنزيل (تفسير البغوي) 3: 127، تفسير ابن كثير 3: 417، التفسير الكبير للفخر الرازي 23: 271، الدر المنثور للسيوطي 4: 379، كنز العمال 16: 518 باب المتعة.


الصفحة 61
2 ص44، الانتصار للشريف علم الهدى المرتضى، المراسم لابي يعلي سلاّر الديلمي، النهاية للشيخ الطوسي، المبسوط للشيخ أيضاً، التهذيب له أيضاً ج 2 ص 189، الاستبصار له 2 ص 29، الغنية للسيد أبي المكارم، الوسيلة لعماد الدين أبي جعفر، نكت النهاية للمحقِّق الحلّي، تحرير العلاّمة الحلّي 2 ص 27، شرح اللمعة 2 ص 82، المسالك ج 1، الحدائق 6 ص 152، الجواهر 5 ص 165(1) .

والمتعة المعاطاة بين الاُمّة الشيعيَّة ليست إلاّ ما ذكرناه، وليس إلاّ نوعاً واحداً، والشيعة لم ترَفي المتعة رأياً غير هذا، ولم تسمع أُذن الدنيا أنواعاً لِلمتعة تقول بها فرقةٌ من فرق الشيعة، ولم تكن لايِّ شيعيٍّ سابقة تعارف بانقسامها على الصغرى والكبرى، وليس لايِّ فقيه من فقهاء الشيعة ولا لعوامهم من أوَّل يومها إلى هذا العصر ـ عصر الكذب والاخلاق، عصر الفرية والقذف عصر

____________

(1) مَن لا يحضره الفقيه 3: 291-298 باب المتعة، المقنع: 113-114، الهداية: 69-70، الكافي 5: 451-463 أبواب المتعة، الانتصار: 109-116، المراسم: 155، النهاية: 489-493، المبسوط 4: 246، التهذيب 7: 249-271 / 1079 ـ 1160، الاستبصار 3: 141-153 أبواب المتعة، الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): 549-550، الوسيلة إلى نيل الفضيلة: 309، نكت النهاية 3: 372-384، تحرير الاحكام 2: 27، الروضة البهية 5: 245-308، مسالك الافهام 1: 400-404، الحدائق الناضرة 24: 114-200 جواهر الكلام 30: 139-203.


الصفحة 62
القصيميِّ ـ إلماماً بهذا الفقه الجديد الُمحدَث، فقه القرن العشرين لاالقرون الهجريَّة.

وأمَّا القصيميُّ ـ ومَن يُشاكله في جهله المُطبق ـ فلا أدري ممَّن سمع ما تخيَّله من الانواع؟ وفي أيّ كتاب من كُتب الشيعة وجده؟ وإلى فتوى أيِّ عالم من علمائها يستند؟ وعن أيِّ إمام من أئمَّتها يروي؟ وفي أيِّ بلدة من بلادها أو قرية من قراها أو بادية من بواديها وجد هذه المعاطاة المكذوبة عليها؟ أيم الله كلُّ ذلك لم يكن، لكنَّ الشياطين يوحون إلى أوليائهم زخرف القول غرورا.

14 ـ قال: إنَّ أغبى الاغبياء وأجمد الجامدين من يأتون بشاة مسكينة وينتفون شعرها، ويعذِّبونها أفانين العذاب، موحياً إليهم ضلالهم وجرمهم أنَّها السِّيدة عائشة زوج النبيِّ الكريم وأحبُّ أزواجه إليه.

ومَن يأتون بكبشين وينتفون أشعارهما ويعذِّبونهما ألوان العذاب، مشيرين بهما إلى الخليفتين أبي بكر وعمر، وهذا ما تأتيه الشيعة الغالية.

وإنَّ أغبى الاغبياء وأجمد الجامدين هم الَّذين


الصفحة 63
غيَّبوا إمامهم في السرداب، وغيَّبوا معه قرآنهم ومصحفهم، ومَن يذهبون كلَّ ليلة بخيولهم وحميرهم إلى ذلك السرداب الذي غيبَّوا فيه إمامهم ينتظرونه وينُادونه ليخرج إليهم، ولا يزال عندهم ذلك منذ أكثر من ألف عام.

وإنَّ أغبى الاغبياء وأجمد الجامدين هم الَّذين يزعمون أنَّ القرآن مُحرَّفٌ مزيدٌ فيه ومنقوصٌ منه ج 1 ص 374.

ج ـ يكاد القلم أن يرتج عليه القول في دحض هذه المفتريات، لانَّها دعاو شهوديَّة بأشياء لم تظلّ عليها الخضراء ولا أقلّتها الغبراء، فإنَّ الشيعة منذ تكوَّنت في العهد النبويِّ، يوم كان صاحب الرِّسالة يلهج بذكر شيعة عليٍّ (عليه السلام)، والصحابة تُسمّي جمعاً منهمْ بشيعة عليٍّ، إلى يومها هذا، لم تسمع بحديث الشاة والكبشين، ولا أبصرت عيناها ما يُفعل بهاتيك البهائم البريئة من الظلم والقساوة، ولا مُدَّت إليها تلك الايادي العادية، غير أنَّهم شاهدوا القصيميَّ متَّبعاً لابن تيميَّة يُدنِّس برودهم النزيهة عن ذلك الدَرَن.

وليت الرَّجل يُعرِّفنا بأحد شاهدَ شيعيّاً يفعل ذلك، أو بحاضرة من حواضر الشيعة أطَّردت فيها هذه العادة، أو بصقع وقعت فيه


الصفحة 64
مرَّة واحدة ولو في العالم كلِّه.

وليتني أدري وقومي هل أفتى شيعيٌّ بجواز هذا العمل الشنيع؟ أو استحسن ذلك الفعل التافه؟ أو نوَّه به ولو قصِّيصٌ في مقاله؟ نعم يوجد هذا الافك الشائن في كتاب القصيميِّ وشيخه ابن تيميَّة المشحون بأمثاله.

وفرية السرداب أشنع وإن سبقه إليها غيره من مؤلِّفي أهل السنَّة، لكنَّه زاد في الطمّور نغمات بضمِّ الحمير إلى الخيول، وادِّعائه اطِّراد العادة في كلِّ ليلة واتِّصالها منذ أكثر من ألف عام.

والشيعة لا ترى أنَّ غيبة الامام في السَّرداب، ولاهم غيَّبوه فيه، ولا أنَّه يظهر منه. وإنَّما اعتقادهم المدعوم بأحاديثهم أنَّه يظهر بمكّة المُعظّمة تجاه البيت، ولم يقل أحدٌ في السرداب: إنَّه مغيب ذلك النور، وإنَّما هو سرداب دار الائمَّة بسامرَّاء، وإنَّ من المطَّرد ايجاد السراديب في الدور وقايةً من قايظ الحرِّ، وإنَّما اكتسب هذا السرداب بخصوصه الشرف الباذخ لانتسابه إلى أئمَّة الدين، وإنّه كان مبوَّءً لثلاثة منهم كبقيَّة مساكن هذه الدار المباركة، وهذا هو الشأن في بيوت الائمّة عليهم السَّلام ومشرِّفهم النبيُّ الاعظم في أيِّ حاضرة كانت، فقد أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه.

وليت هؤلاء المتقوِّلون في أمر السرداب إتَّفقوا على رأي واحد في الاُكذوبة، حتّى لا تلوح عليها لوائح الافتعال فتفضحهم، فلا


الصفحة 65
يقول ابن بطوطة(1) في رحلته 2 ص 198: إنَّ هذا السرداب المنوَّه به في الحلّة، ولا يقول القرماني في «أخبار الدُّول»: إنّه في بغداد، ولا يقول الاخرون: إنّه بسامراء. ويأتي القصيميُّ مِن بعدهم فلايدري أين هو، فيطلق لفظ السرداب، ليستر سوءته.

وإنّي كنتُ أتمنّى للقصيميِّ أن يحدِّد هذه العادة بأقصر من (أكثر من ألف عام) حتّى لا يشمل العصر الحاضر والاعوام المتَّصلة به، لانَّ انتفائها فيه وفيها بمشهد ومرئى ومسمع من جميع المسلمين، وكان خيراً له لوعزاها إلى بعض القرون الوسطى حتّى يجوِّز السامع وجودها في الجملة، لكنَّ المائن غير مُتحفِّظ على هذه الجهات.

وأمّا تحريف القرآن فقد مرّ حقُّ القول فيه ص 85 وغيرها.

هذه نبذٌ من طامّات القصيميِّ، وله مئاتٌ من أمثالها، ومَن راجع كتابه عرف موقفه من الصِّدق، ومبوَّئه من الامانة، ومقيله من العلم، ومحلّه من الدين، ومستواه من الادب.

(الّذين يُجادلون في آيات

____________

(1) وهكذا ابن خلدون في مقدمة تأريخه ج 1 ص 359، وابن خلكان في تأريخه ص 581 «المؤلّف».


الصفحة 66
الله بغيرِ سُلطان أتاهم كَبُر مَقتاً عند الله وَعند الّذين آمنوا كذلِكَ يطبَعُ اللهُ على كلِّ قلبِ متكبِّر جبّار)

(سورة غافر: 35)


الصفحة 67

المحدَّث في الاسلام

أصفقت الاُمَّة الاسلاميَّة على أنَّ في هذه الاُمَّة ـ لدة الاُمم السابقة ـ أُناسٌ مُحدَّثون «على صيغة المفعول»، وقد أخبر بذلك النبيُّ الاعظم كما ورد في الصِّحاح والمسانيد من طرق الفريقين «العامَّة والخاصَّة».

والُمحدَّث: مَن تُكلّمه الملائكة بلا نبوَّة ولا رؤية صورة، أو يُلهم له ويُلقى في روعه شيءٌ من العلم على وجه الالهام والمكاشفة من المبدأ الاعلى، أو يُنكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره، أو غير ذلك من المعاني التي يمكن أن يراد منه. فوجود مَن هذا شأنه من رجالات هذه الاُمَّة مُطبقٌ عليه بين فرق الاسلام، بيد أنَّ


الصفحة 68
الخلاف في تشخيصه، فالشيعة ترى عليّاً أمير المؤمنين وأولاده الائمَّة صلوات الله عليهم من الُمحدَّثين، وأهل السنَّة يرون منهم عمر بن الخطاب، وإليك نماذج من نصوص الفريقين:

نصوص أهل السنّة

أخرج البخاري في صحيحه في باب مناقب عمر بن الخطاب ج2 ص194 عن أبي هريرة قال:

قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): «لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجالٌ يُكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أُمَّتي منهم أحدٌ فعمر»، قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: من نبيٍّ(1) ولا محدَّث.

قال القسطلاني(2) : ليس قوله «فإن يكن» للترديد، بل للتأكيد كقولك: إن يكن لي صديقٌ ففلان. إذ المراد إختصاصه بكمال الصَّداقة، لا نفي الاصدقاء. وإذا ثبت أنّ هذا وجد في غير هذه الاُمَّة المفضولة، فوجوده في هذه الاُمَّة الفاضلة أحرى.

وقال في شرح قول ابن عبّاس: «من نبيٍّ ولا محدَّث»: ثبت

____________

(1) إشارة لقوله تعالى في سورة الحج الاية 52: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبيّ.

(2) ارشاد الساري شرح صحيح البخاري 6 ص 99 «المؤلّف».


الصفحة 69
قول ابن عبّاس هذا لابي ذر وسقط لغيره، ووصله سفيان بن عيينة في أواخر جامعه وعبد بن حميد بلفظ: كان ابن عبّاس يقرأ: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيٍّ ولا محدَّث.

وأخرج البخاري في صحيحه بعد حديث الغار ج 2 ص 171 عن أبي هريرة مرفوعاً: «أنَّه قد كان فيما مضى قبلكم من الاُمم مُحدَّثون إن كان في أُمّتي هذه منهم فإنَّه عمر بن الخطاب».

قال القسطلاني في شرحه 5 ص 431: قال المؤلِّف: يجري على ألسنتهم الصَّواب من غير نبوَّة. وقال الخطابي: يُلقى الشيء في روعه، فكأنَّه قد حُدِّث به يظنُّ فيصيب ويخطر الشيء بباله فيكون، وهي منزلةٌ رفيعةٌ من منازل الاولياء.

وقال في قوله «إن كان في أُمَّتي»: قال (صلى الله عليه وآله) على سبيل التوقّع وكأنَّه لم يكن إطلّع(1) على أنَّ ذلك كائنٌ وقد وقع، وقصَّة: يا سارية الجبل(2) مشهورةٌ مع غيرها.

وأخرج مسلم في صحيحه في باب فضائل عمر عن عائشة عن النبيِّ (صلى الله عليه وآله)«قد كان في الاُمم قبلكم مُحدَّثون، فإن يكن في أُمَّتي منهم

____________

(1) انظر إلى التناقض بين قوله هذا وبين مامر من أنّ (إن) للتأكيد لا للترديد «المؤلِّف».

(2) سيوافيك في مناقب عمر أنّ قصد: يا سارية الجبل موضوعة مكذوبة «المؤلِّف».


الصفحة 70
أحدٌ فإنَّ عمر بن الخطاب منهم»، قال ابن وهب: تفسير محدَّثون: ملهمون.

ورواه ابن الجوزي في «صفة الصفوة» 1 ص 104 وقال: حديثٌ متَّفقٌ عليه، وأخرجه أبو جعفر الطحاوي في «مشكل الاثار» 2 ص 257 بطرق شتَّى عن عائشة وأبي هريرة، وأخرج قراءة ابن عبّاس: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيٍّ ولا محدَّث، قال: معنى قوله محدَّثون أي مُلهمون، فكان عمر (رضي الله عنه) ينطق بما كان ينطق ملهماً.

ثمَّ عدَّ من ذلك ما قد رُوي عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب: وافقني ربّي أو وافقتُ ربِّي في ثلاث:

قلت: يا رسول الله! لو اتَّخذنا من مقام إبراهيم مصلّى، فنزلت: (واتَّخذوا من مقام إبراهيم مصلّى)(1) .

وقلت: يا رسول الله إنَّ نساءك يدخل عليهنَّ البرُّ والفاجر فلو أمرتهنَّ أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب(2) .

واجتمع على رسول الله (صلى الله عليه وآله) نساؤه في الغيرة فقلت: عسى ربّي

____________

(1) البقرة: 125.

(2) الاحزاب: 59.


الصفحة 71
إن طلّقكنَّ أن يُبدِّله أزواجاً خيراً منكنَّ(1) ، فنزلت كذلك.

قال الاميني:

إن كان هذا من القول بإلهام فعلى الاسلام السَّلام، وما أجهل القوم بالمناقب حتّى أتوا بالطامّات الكبرى كهذه وعدّوها فضيلة، وعليهم إن عقلوا صالحهم إنكار مثل هذا القول على عمر، وفيه حطٌّ لمقام النبوَّة، ومسَّةٌ على كرامة صاحب الرِّسالة (صلى الله عليه وآله).

قال النووي في شرح صحيح مسلم: اختلف تفسير العلماء للمراد بمحدَّثون، فقال ابن وهب: مُلهمون، وقيل: مصيبون إذا ظنّوا فكأنَّهم حدّثوا بشيىء فظّنوه. وقيل: تُكلّمهم الملائكة، وجاء في رواية: مكلّمون. وقال البخاري: يجري الصَّواب على ألسنتهم وفيه إثبات كرامات الاولياء(2) .

وقال الحافظ محب الدين الطبري في «الرِّياض» اص 199: ومعنى محدَّثون والله أعلم: أي يُلهمون الصّواب، ويجوز أن يحمل على ظاهره وتحدِّثهم الملائكة لا بوحي وإنّما بما يُطلق عليه اسم حديث، وتلك فضيلةٌ عظيمةٌ.

وقال القرطبي في تفسيره ج 12 ص 79: قال ابن عطيّة: وجاء عن ابن عبّاس إنَّه كان يقرأ: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا

____________

(1) الاحزاب: 28.

(2) انظر صحيح مسلم بشرح النووي 18: 160.


الصفحة 72
نبيٍّ ولا محدَّث. ذكره مسلمة بن القاسم بن عبدالله، ورواه سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عبّاس. قال مسلمة: فوجدنا المحدَّثين معتصمين بالنبوَّة ـ على قراءة ابن عبّاس ـ لانَّهم تكلّموا بأُمور عالية من أنباء الغيب خطرات، ونطقوا بالحكمة الباطنة، فأصابوا فيما تكلّموا، وعصموا فيما نطقوا كعمر بن الخطاب في قصّة سارية(1) وما تكلّم به من البراهين العالية.

وأخرج الحافظ أبو زرعة حديث أبي هريرة في طرح التثريب في شرح التقريب 1 ص 88 بلفظ: «لقد كان فيمَن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أُمَّتي أحدٌ فعمر».

وأخرجه البغوي في «المصابيح» 2 ص 270، والسيوطي في «الجامع الصغير»(2) .

وقال المناوي في شرح الجامع الصغير 4 ص 507: قال

____________

(1) هو سارية بن زنيم بن عبد الله، وكان من قصته أنّ عمر رضي الله عنه أمّره على جيش وسيرّه إلى فارس سنة ثلاث وعشرين، فوقع في خاطر سيّدنا عمر وهو يخطب يوم الجمعة أنّ الجيش المذكور لاقى العدو وهم في بطن واد، وقد هموا بالهزيمة وبالقرب منهم جبل فقال في أثناء خطبته: يا سارية! الجبل الجبل، ورفع صوته، فألقاه الله في سمع سارية، فانحاز بالناس إلى الجبل، وقاتلوا العدو من جانب واحد ففتح الله عليهم، كذا في هامش تفسير القرطبي «المؤلِّف».

(2) الجامع الصغير 1: 411.


الصفحة 73
القرطبي: «مُحدَّثون» بفتح الدال اسم مفعول جمعٌ محدَّث بالفتح، أي مُلهم أو صادق الظنّ، وهو من ألقي في نفسه شيءٌ على وجه الالهام والمكاشفة من الملا الاعلى، أو مَن يجري الصَّواب على لسانه بلاقصد، أو تكلّمه الملائكة بلانبوَّة، أو مَن إذا رأى رأياً أو ظنَّ ظنّاً أصاب كأنَّه حُدِّث به، وأُلقي في روعه من عالم الملكوت فيظهر على نحو ما وقع له، وهذه كرامةٌ يكرم الله بها مَن شاء من صالح عباده، وهذه منزلةٌ جليلةٌ من منازل الاولياء.

«فإن يكن من أُمَّتي منهم أحدٌ فإنِّه عمر»، كأنَّه جعله في انقطاع قرينة في ذلك كأنَّه نبيّ، فلذلك أتى بلفظ «إن» بصورة الترديد. قال القاضي: ونظير هذا التعليق في الدلالة على التأكيد والاختصاص قولك: إن كان لي صديقٌ فهو زيد، فإنّ قائله لا يريد به الشكَّ في صداقته، بل المبالغة في أنَّ الصداقة مختصَّة به لا تتخطّاه إلى غيره.

وقال القرطبي: قوله «فإن يكن» دليلٌ على قلّة وقوعه وندرته، وعلى أنَّه ليس المراد بالمحدَّثين المصيبون فيما يظنّون، لانَّه كثيرٌ في العلماء، بل وفي العوام مَن يقوى حدسه فتصحُّ إصابته فترتفع خصوصيَّة الخبر و خصوصيَّة عمر، ومعنى الخبر قد تحقّق ووجد في عمر قطعاً وإن كان النبيُّ (صلى الله عليه وآله) لم يجزم بالوقوع، وقد دلَّ على وقوعه لعمر أشياء كثيرة كقصَّة: الجبل يا سارية! الجبل. وغيره، وأصحّ ما يدلَّ على ذلك شهادة النبيّ (صلى الله عليه وآله) له بذلك حيث قال: «إنّ


الصفحة 74
الله جعل الحقَّ على لسان عمر وقلبه»(1) .

قال ابن حجر: وقد كثر هؤلاء المحدَّثون بعد العصر الاوّل، وحكمته زيادة شرف هذه الاُمَّة بوجود أمثالهم فيها ومضاهاة بني إسرائيل في كثرة الانبياء، فلمّا فات هذه الاُمَّة المحمَّديَّة كثرة الانبياء; لكون نبيّهم خاتم الانبياء، عُوِّضوا تكثير الملهمين.

تنبيهٌ:

قال الغزالي: قال بعض العارفين: سألت بعض الابدال عن مسألة من مشاهد النفس، فالتفت إلى شماله وقال: ما تقول رحمك الله؟ ثمَّ إلى يمينه كذلك، ثمّ أطرق إلى صدره فقال: ما تقول؟ ثمَّ أجاب فسألته عن إلتفاته؟ فقال: لم يكن عندي علمٌ فسألت الملكين فكلٌّ قال: لا أدري، فسألت قلبي فحدَّثني بما أجبت، فإذا هو أعلم منهما. قال الغزالي: وكأنَّ هذا معنى هذا الحديث. اهـ.

ويجد الباحث في طيِّ كتب التراجم جمعاً ممَّن كلّمتهم الملائكة منهم: عمران ابن الحصين الخزاعي المتوفّى سنّة 52 هـ، أخرج أبو عمر في «الاستيعاب» 2 ص 455: أنَّه كان يرى الحفظة وكانت تكلّمه حتّى اكتوى، وذكره ابن حجر في الاصابة 3 ص 26.

____________

(1) لم يصدّق الخُبر الخَبر، بل يُكذّبه التاريخ الصحيح وسيرة عمر المحفوظة في صفحات الكتب والمعاجم «المؤلِّف».


الصفحة 75
وقال ابن كثير في تأريخه 8 ص 60: قد كانت الملائكة تسلّم عليه، فلمّا اكتوى انقطع عنه سلامهم، ثمّ عادوا قبل موته بقليل، فكانوايسلّمون عليه (رضي الله عنه).

وفي شذرات الذهب 1 ص 58: أنَّه كان يسمع تسليم الملائكة عليه، ثمّ اكتوى بالنار فلم يسمعهم عاماً، ثمَّ أكرمه الله بردِّ ذلك.

وذكَر تسليم الملائكة عليه الحافظ العراقي في «طرح التثريب» ج 1 ص 90، وأبو الحجَّاج المزّي في «تهذيب الكمال» كما في تلخيصه ص 250، وقال ابن سعد وابن الجوزي في «صفة الصفوة» 1 ص 283: كانت الملائكة تصافحه، وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» 8 ص 126.

ومنهم أبو المعالي الصّالح المتوفّى 427 هـ، أخرج الحافظان إبنا الجوزي وكثير: أنَّ أبا المعالي أصابته فاقةٌ شديدةٌ في شهر رمضان، فعزم على الذهاب إلى رجل من ذوي قرابته ليستقرض منه شيئاً، قال: فبينما أنا أُريده فنزل طائرٌ فجلس على منكبي وقال: يا أبا المعالي أنا الملك الفلاني، لا تمضي إليه نحن نأتيك به. قال: فبكّر إليّ الرَّجل «صف ـ صفة الصفوة لابن الجوزي ـ 2 ص 280، ظم ـ المنتظم لابن الجوزي ـ 9 ص 136، يه ـ البداية والنهاية لابن الاثير ـ 12 ص 163».


الصفحة 76
وقال أبو سليمان الخطّابي: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): «قد كان في الاُمم ناسٌ مُحدَّثون، فإن يكن في أُمَّتي فعمر» وأنا أقول: فإن كان في هذا العصر أحدٌ كان أبو عثمان المغربي «طب ـ تأريخ بغداد للخطيب البغدادي ـ 9: 113».

ومن هذا القبيل تكلّم الحوراء مع أبي يحيى الناقد، أخرج الخطيب البغدادي وابن الجوزي عن أبي يحيى زكريّا بن يحيى الناقد المتوفّى 285 هـ، «أحد أثبات المحدِّثين» قال: إشتريت من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة، فلمّا كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء وهي تقول: وفيتَ بعهدك فها أنا التي قد اشتريتني(1) .

هذا ما عند القوم، وأمّا

نصوص الشيعة

فأخرج ثقة الاسلام الكليني في كتابه «أُصول الكافي» ص 84 تحت عنوان «باب الفرق بين الرَّسول والنبيّ والُمحدَّث» أربعة أحاديث:

منها باسناده عن بُريد عن الامامين الباقر والصّادق صلوات

____________

(1) طب (تأريخ بغداد للخطيب البغدادي) 8 ص 362، ظم (المنتظم لابن الجوزي) 6 ص 8، صف (صفة الصفوة لابن الجوزي) 2 ص 234، مناقب أحمد لابن الجوزي ص 51 «المؤلِّف».


الصفحة 77
الله عليهما في قوله عزَّ وجلَّ في سورة الحجِّ: وما أرْسَلنا مِنْ قَبلِكَ مِنْ رسول وَلا نبيٍّ وَلا مُحَدَّث، قال بُريد: قلت: جُعِلتُ فداك ليست هذه قراءتنا(1) ، فما الرَّسول والنَّبيّ والُمحَدَّث؟ قال: «الرَّسول الَّذي يظهر له الملك فيكلّمه، والنبيّ هو الذي يرى في منامه، وربَّما اجتمعت النبوَّة والرِّسالة لواحد، والُمحدَّث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصّورة» قال: قلت أصلحك الله كيف يعلم أنَّ الذي رأى في النّوم حقٌّ وأنَّه من الملك؟ قال: «يوفَّق لذلك حتَّى يعرفه، ولقد ختم الله عزَّ وجلَّ بكتابكم الكتب وختم بنبيّكم الانبياء»(2) .

وحديث آخر أيضاً فصّل بهذا البيان بين النبيِّ والرَّسول والمحدَّث(3) .

وحديثان بالتفصيل المذكور غير أنَّ فيهما مكان لفظة المحدَّث، الامام، أحدهما عن زرارة قال: سألتُ أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزَّ وجلَّ: (وكان رسولاً نبيّا)(4) ما الرَّسول؟ وما النبيّ؟ قال: «النبيّ الذي يرى في منامه ويسمع الصّوت ولا يعاين المَلك، والرَّسول الذي يسمع الصّوت ويرى في المنام ويعاين الملك».

____________

(1) هي قراءة ابن عباس كما مرّ «المؤلِّف».

(2) الكافي 1: 135/4.

(3) الكافي 1: 135/3.

(4) مريم: 51.


الصفحة 78
قلتُ: الامام مامنزلته؟ قال: «يسمع الصّوت ولا يرى ولا يعاين الملك»، ثمَّ تلا هذه الاية: وما أرسلنا مِن قبلك من رسول ولا نبيّ ولا محدَّث(1) .

والثاني: عن إسماعيل بن مرّار قال: كتب الحسن بن العبّاس المعروف إلى الرضا (عليه السلام): جُعلتُ فداك أخبرني ما الفرق بين الرَّسول والنبيّ والامام؟ قال: فكتب أوقال: «الفرق بين الرَّسول والنبيِّ والامام: أنَّ الرَّسول الذي ينزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام)، والنبيّ ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع، والامام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص»(2) .

هذا تمام ما في هذا الباب من الكافي، وأخرج في ص 135 تحت عنوان «باب أنَّ الائمَّة عليهم السّلام مُحدَّثون مُفهمون» خمسة أحاديث.

منها: عن حمران بن أعين، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «إنَّ عليّاً كان مُحدَّثاً» فخرجتُ إلى أصحابي فقلتُ: جئتكم بعجيبة: فقالوا: وما هي؟ فقلت: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: كان عليٌّ مُحدَّثاً، فقالوا: ما صنعتَ شيئاً ألا سألته: مَن كان يحدّثه؟ فرجعت إليه فقلتُ: إنِّي

____________

(1) الكافي 1: 134/1.

(2) الكافي 1: 134/2.


الصفحة 79
حدَّثت أصحابي بما حدَّثتني فقالوا: ما صنعتَ شيئاً ألا سألته: مَن كان يحدّثه؟ فقال لي: «يحدِّثه ملَك»، قلت: تقول إنّه نبيٌّ؟ قال: فحرَّك يده هكذا، أو كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى، أو كذي القرنين، أوَما بلغكم أنّه قال: وفيكم مثله»(1) ؟

وحديث آخر ما ملخَّصه: انَّ عليّاً (أمير المؤمنين) كان يعرف قاتله ويعرف الاُمور العظام التي كان يُحدِّث بها النَّاس بقول الله عزَّ ذكره. وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيٍّ ولا محدَّث(2) .

وحديثان آخران: أحدهما: «أنَّ أوصياء محمَّد (صلى الله عليه وآله)محدَّثون»(3) .

والثاني: «الائمَّة علماءٌ صادقونَ مُفهَمونَ مُحدَّثون»(4) .

والحديث الخامس في معنى الُمحدَّث وانّه يسمع الصّوت ولايرى الشّخص(5) .

وليس في هذا الباب من كتاب الكافي غير ماذكرناه.

وروى شيخ الطائفة في أماليه ص 260 بإسناده عن أبي عبد

____________

(1) الكافي 1: 213/5.

(2) الكافي 1: 212/2.

(3) الكافي 1: 212/1.

(4) الكافي 1: 213/3.

(5) الكافي 1: 213/4.


الصفحة 80
الله (عليه السلام) قال: «كان عليّ (عليه السلام) مُحدَّثاً، وكان سلمان محدّثاً»، قال: فما آية المحدَّث؟ قال: «يأتيه ملكٌ فينكت في قلبه كيت كيت»(1) .

وبالاسناد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «منّا مَن يُنكت في قلبه، ومنّا مَن يُقذف في قلبه، ومنّا مَن يُخاطب».(2)

وبإسناده عن الحرث النصري قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): الذي يُسأل عنه الامام وليس عنده فيه شيءٌ مِن أين يعلمه؟ قال: «يُنكت في القلب نكتاً، أو يُنقر في الاُذن نقراً»(3) .

وقيل لابي عبدالله (عليه السلام): إذا سُئلَ كيف يُجيب؟ قال: «إلهامٌ وسماعٌ وربَّما كانا جمعاً(4) .

وروى الصفّار بإسناده في «بصائر الدرجات» عن حمران بن أعين قال: قلتُ لابي جعفر (عليه السلام): ألستَ حدَّثتني إنَّ عليّاً كان مُحدَّثاً؟ قال: «بلى»، قلتُ: مَنْ يحدّثه؟ قال: «ملَكٌ»، قلتُ: فأقول: «إنّه نبيٌّ أو رسولٌ»؟ قال: «لا، بل مَثَله مَثل صاحب سليمان، ومَثَل صاحب موسى، ومَثل ذي القرنين، أما بلغك أنَّ عليّاً سُئل عن ذي القرنين؟ فقالوا: كان نبيّاً؟ قال: لا، بل كان عبداً أحبَّ الله فأحبَّه،

____________

(1) أمالي الشيخ الطوسي 2: 22.

(2) أمالي الشيخّ الطوسي 2: 22.

(3) أمالي الشيخّ الطوسي 2: 22.

(4) أمالي الشيخّ الطوسي 2: 22.


الصفحة 81
وناصح الله فناصحه»(1) .

وبإسناده عن حمران قال: قلتُ لابي جعفر (عليه السلام) ما موضع العلماء؟ قال: «مثل ذي القرنين، وصاحب سليمان، وصاحب داود»(2) .

وبالاسناد عن بُريد قال: قلتُ لابي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام): ما منزلكم؟ بمن تشبهون ممّن مضى؟ فقال: «كصاحب موسى، وذي القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيَّين»(3) .

وبالاسناد عن عمّار قال: قلت لابي عبدالله (عليه السلام): ما منزلتهم؟ أنبياءٌ هم؟ قال: «لا، ولكن هم علماء كمنزلة ذي القرنين في علمه، وكمنزلة صاحب موسى، وكمنزلة صاحب سليمان»(4) .

هذه جملةٌ من أخبار الشيعة في الباب وهي كثيرةٌ مبثوثة في كتبهم(5) وهذه رؤوسها، ومؤدَّى هذه الاحاديث هو الرأي العام عند الشيعة سلفاً وخلفاً، وفذلكته: أنَّ في هذه الاُمّة أُناس محدَّثون كما كان في الاُمم الماضية، وأمير المؤمنين وأولاده الائمّة الطاهرون

____________

(1) بصائر الدرجات: 386/2.

(2) بصائر الدرجات: 385/1.

(3) بصائر الدرجات: 386/3.

(4) بصائر الدرجات: 386/5.

(5) جمعها العلاّمة المجلسي في بحار الانوار «المؤلِّف».