2 ـ ابن أبي الدنيا أبو بكر القرشي المتوفّى 281هـ.
3 ـ الحافظ أبو عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفّى 405هـ(1) .
4 ـ الحافظ أبوبكرالبيهقي المتوفّى 458هـ، في «شعب الايمان»(2) .
5 ـ القاضي عياض المالكي المتوفّى 544هـ، في «الشفاء»(3) .
6 ـ الحافظ عليُّ بن الحسن، الشهير بابن عساكر، المتوفّى 571هـ.
7 ـ الحافظ ابن الجوزي المتوفّى 597هـ، في «مثير الغرام الساكن».
8 ـ الحافظ عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705هـ.
9 ـ أبو عبدالله العبدري المالكي ابن الحاجّ المتوفّى 737هـ، في «المدخل 1: 261».
10 ـ شمس الدين أبو عبدالله الدمشقي الحنبلي، المعروف بابن القيِّم الجوزيَّة المتوفّى 751هـ، في «زاد المعاد 2: 47».
11 ـ تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756هـ، في «شفاء السِّقام: 27».
12 ـ السيِّد نور الدين السَّمهودي المتوفّى 911هـ، في «وفاء
____________
(1) مستدرك الصحيحين 3: 416.
(2) شعب الايمان 6: 216.
(3) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.
13 ـ أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى 923هـ، في «المواهب اللدنيَّة».
14 ـ جلال الدين السيوطي المتوفّى 911هـ، في «الجامع الكبير» كما في ترتيبه 8: 99.
15 ـ الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده المتوفّى 1078هـ، في «مجمع الانهر 1: 157»، بلفظ:«مَنْ زارني إلى المدينة متعمِّداً كان في جواري إلى يوم القيامة».
16 ـ الشيخ محمَّد الشوكاني المتوفّى 1250هـ، في «نيل الاوطار 4: 326».
17 ـ أبو عبدالله الزرقاني المالكي المتوفّى 1122هـ، في «شرح المواهب 8: 299».
18 ـ الجراحي العجلوني المتوفّى 1162هـ، في كشف الخفاء 2: 251.
19 ـ السيِّد أحمد الهاشمي في مختار الاحاديث النبويّة: 169.
20 ـ السيِّد محمَّد بن عبدالله الدمياطي الشافعي المتوفّى 1307هـ، في «مصباح الظلام 2: 144».
21 ـ الشيخ منصور علي ناصف في «التاج 2: 216».
(10)
عن أنس بن مالك مرفوعاً:«مَنْ زارني ميِّتاً فكأنَّما زارني حيّاً، ومَنْ زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة، وما مِنْ أحد من اُمَّتي له سعة ثمَّ لم يزرني فليس له عذرٌ»، أخرجه:
1 ـ الحافظ أبو عبدالله محمَّد بن محمود إبن النجّار المتوفّى 643هـ، في كتابه «الدرَّة الثمينة في فضائل المدينة».
2 ـ تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756هـ، في «شفاء السِّقام: 28».
3 ـ الحافظ زين الدين العراقي المتوفّى 806هـ، أشار إليه كما في «المواهب».
4 ـ السيِّد نور الدين السمهودي المتوفّى 911هـ، في «وفاء الوفاء 2: 400».
5 ـ أبو العبّاس شهاب الدين القسطلاني المتوفّى 923هـ، في «المواهب اللدنيَّة».
6 ـ العجلوني المتوفّى 1162هـ، في «كشف الخفاء 3: 278».
(11)
عن ابن عبّاس مرفوعاً: «مَنْ زارنِي في مماتي كان كمن زارني في حياتي، ومَنْ زارني حتّى ينتهي إلى قبري كنتُ له يوم القيامة شهيداً»، أو قال: «شفيعاً».
أخرجه الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفّى 322هـ، في كتاب
(12)
عن عليّ أمير المؤمنين مرفوعاً وغير مرفوع: «مَنْ زار قبري بعد مماتي فكأنَّما زارني في حياتي، ومَنْ لم يزر قبري فقد جفاني»(1) ، أخرجه:
1 ـ أبو الحسين يحيى بن الحسن بن جعفر الحسني في كتابه «أخبار المدينة».
2 ـ أبو سعيد عبد الملك بن محمَّد النيسابوري الخر كوشي المتوفّى 406هـ، في «شرف المصطفى».
3 ـ الحافظ ابن عساكر المتوفّى 571هـ.
4 ـ الحافظ أبو عبد الله ابن النجّار المتوفّى 643هـ، في كتاب «الدرَّة الثمينة».
5 ـ الحافظ عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705هـ.
____________
(1) أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلاّمة الاميني رضوان الله تعالى عليه كلّ من: البيهقي في سنة الكبرى 5: 245، والطبراني في معجمه الكبير 12: 406، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، وابن حجر في المطالب العالية: 1253.
7 ـ الشيخ شعيب الحريفيش المتوفّى 801هـ، في «الروض الفائق 2: 137».
8 ـ السيّد نور الدين السمهودي المتوفّى 911هـ، في «وفاء الوفاء 2: 401».
9 ـ زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى 1031هـ، في «كنوز الحقائق: 141».
(13)
عن بكر بن عبدالله مرفوعاً: «مَنْ أتى المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة، ومَنْ مات في أحد الحرمين بُعث آمناً».
أخرجه أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسني في كتابه «أخبار المدينة» كما في «شفاء السِّقام، للسبكي: 30»، و «وفاء الوفاء، للسمهودي 2: 402».
(14)
عن عبدالله بن عمر مرفوعاً: «مَنْ زارني بعد موتي فكأنّما
1 ـ الحافظ سعيد بن منصور النسائي أبو عثمان الخراساني المتوفّى 227هـ(2) .
2 ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفّى 260هـ(3) .
3 ـ الحافظ أبو أحمد بن عدي المتوفّى 365هـ(4) .
4 ـ الحافظ أبو الشيخ الانصاري المتوفّى 369هـ.
5 ـ الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385هـ(5) .
6 ـ الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458هـ(6) .
7 ـ القاضي عياض المالكي المتوفّى 544هـ(7) .
8 ـ قاضي القضاة الخفاجي الحنفي المتوفّى 1069هـ، في «شرح
____________
(1) أخرجه أيضاً غير الذين ذكرهم العلاّمة الاميني رضوان الله تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في أتحاف السّادة المتقين 4: 416، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 266، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/12372، والمنذري في الترغيب والترهيب 2: 224، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 117، والعجلوني في كشف الخفاء 2: 347، والسيوطي في الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة: 159.
(2) سنن ابن منصور 2: 116.
(3) المعجم الكبير 12: 406.
(4) الضعفاء 6: 2350.
(5) سنن الدار قطني 2: 278/193.
(6) السنن الكبرى 5: 245.
(7) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 195.
9 ـ زين الدين عبد الرؤف المناوي المتوفّى 1031هـ، في «كنوز الحقائق: 141»، بلفظ: «مَنْ زار قبري بعد موتي».
10 ـ العجلوني المتوفّى 1162هـ، في «كشف الخفاء 2: 251»، نقلاً عن أبي الشيخ والطبراني وابن عدي والبيهقي.
(15)
عن ابن عبّاس مرفوعاً:«مَنْ حجَّ إلى مكّة ثمَّ قصدني في مسجدي كُتبت له حجّتان مبرورتان».
أخرجه الفردوس في مسنده كما في «وفاء الوفاء 2: 401»، و«نيل الاوطار 4: 326».
(16)
عن رجل من آل الخطَّاب مرفوعاً: «مَنْ زارني متعمِّداً كان في جواري يوم القيامة، ومَنْ مات في أحد الحرمين بعثه الله في الامنين [من الامنين]» وزاد الشحامي عقب قوله [يوم القيامة]: «ومَنْ سكن المدينة وصبر على بلائها كنتُ له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة».
1 ـ الحافظ أبو جعفر العقيلي المتوفّى 322هـ.
2 ـ الحافظ أبو الحسن الدار قطني المتوفّى 385هـ(2) .
3 ـ الحافظ أبو عبدالله الحاكم المتوفّى 405هـ.
4 ـ الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى 458هـ، في «شعب الايمان».
5 ـ الحافظ ابن عساكر الدمشقي المتوفّى 571هـ.
6 ـ الحافظ أبو محمّد عبد المؤمن الدمياطي المتوفّى 705هـ، وأخرجه من طريق هؤلاء الحفّاظ.
7 ـ وليُّ الدين الخطيب العمري التبريزي في «مشكاة المصابيح»، المؤلَّف 737هـ، في باب حرم المدينة في الفصل الثالث.
8 ـ تقيُّ الدين السبكي المتوفّى 756هـ، في «شفاء السِّقام: 24»، وقال: مرسلٌ جيِّدٌ، ورواه عنه.
السيِّد نور الدين السمهودي في «وفاء الوفاء 2: 399».
____________
(1) أخرجه غير الذين ذكرهم العلاّمة الاميني رضوان الله تعالى عليه كلّ من: الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والسيوطي في الدر المنثور 1: 237، والمتقي الهندي في كنز العمال 5: 136/12373.
(2) سنن الدار قطني 2: 278.
(17)
عن عبدالله بن عمر مرفوعاً: «مَنْ زارني إلى المدينة كُنتُ له شهيداً وشفيعاً».
أخرجه الحافظ الدار قطني بإسناده في «السنن»(1) كما «وفاء الوفاء 2: 398».
(18)
رُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «مَنْ وجد سعةً ولم يفد [يغد ]إليَّ فقد جفاني»(2) .
ذكره ابن فرحون في مناسكه، والغزالي في «الاحياء 1: 246»، والقسطلاني في «المواهب اللدنيَّة»، والعجلوني في «كشف الخفاء 2: 278».
(19)
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ زارني بعد وفاتي وسلّم عليَّ ردّدتُ عليه السَّلام عشراً، وزاره عشرة من الملائكة، كلّهم يسلّمون عليه، ومَنْ سلّم عليَّ في بيته ردَّ الله تعالى عليَّ روحي حتّى اُسلّم عليه».
____________
(1) لم أعثر عليه في الطبعة المتوفّرة لدينا من سنن الدار قطني.
(2) وأخرجه أيضاً الزبيدي في اتحاف السّادة المتقين 4: 416، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75.
(20)
عن أبي عبدالله محمّد بن العلاء رحمه الله قال: دخلتُ المدينة وقد غلب عليَّ الجوع، فزرتُ قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وسلّمتُ عليه وعلى الشيخين رضي الله عنهما وقلت: يا رسول الله جئت وبي من الفاقة والجوع مالا يعلمه إلاّ الله عزَّوجلّ وأنا ضيفك في هذه الليلة، ثمَّ غلبني النوم فرأيتُ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فأعطاني رغيفاً فأكلتُ نصفه، ثمَّ إنتبهت من المنام وفي يدي نصفه الاخر، فتحقَّق عندي قول النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم):«مَنْ رآني في المنام فقد رآني حقّاً، فإنَّ الشيطان لا يتمثَّل بي، ثمَّ نوديت: يا أبا عبدالله! لا يزور قبري أحدٌ إلاّ غُفر له ونال شفاعتي غداً».
ذكره الشيخ شعيب الحريفيش في «الروض الفائق 2: 138»، فقال في المعنى:
مَنْ زارَ قبرَ محمَّد | نالَ الشَفاعةَ في غَدِ |
بالله كرِّر ذكرَهُ | وحديثَهُ يا مُنشدي |
واجعلْ صلاتَكَ دائِماً | جَهراً عليهِ تَهتدي |
فهو الرَّسولُ المصطفى | ذو الجُودِ والكَفِّ النَدي |
وهو المشفَّعُ في الورى | مِنْ هَولِ يومِ الموعِدِ |
والحوضُ مخصوصٌ بِهِ | في الحَشِر عَذبِ المورِدِ |
صلّى عَليه رَبَّنا | ما لاحَ نحِمُ الفَرْقدِ |
(21)
مرفوعاً عنه (صلى الله عليه وآله وسلم):«لا عُذرَ لمن كان له سعة من اُمَّتي ولم يزرني».
رواه الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده في «مجمع الانهر، في شرح ملتقي الابحر 1: 157»، وعدَّه من أدلّة الباب من دون غمز فيه.
(22)
عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام):«مَنْ زار قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كان في جوارهِ».
أخرجه ابن عساكر كما في «نيل الاوطار، للشوكاني 4: 326».
(فبأيِّ حديث بعده يُؤمِنون)(2)
____________
(1) الكهف: 6.
(2) الاعراف: 185.
كلمات أعلام المذاهب الاربعة
حول زيارة النبيِّ الاقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي أربعون كلمة:
1 ـ قال أبو عبدالله الحسين بن الحسن الحليمي الجرجاني الشافعي المتوفّى 403هـ، في كتابه (المنهاج في شعب الايمان) بعد ذكر جملة من تعظيم النبيِّ: فأمّا اليوم فمِن تعظيمه زيارته.
2 ـ قال أبو الحسن أحمد بن محمَّد المحاملي الشافعي المتوفّى 425هـ، في «التجريد»: ويستحبُّ للحاجِّ إذا فرغ من مكّة أن يزور قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
3 ـ قال القاضي أبو الطيّب طاهر بن عبدالله الطبري المتوفّى 450هـ: ويستحبّ أن يزور النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)بعد أن يحجَّ ويعتمر.
4 ـ قال أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي المتوفّى 450هـ، في «الاحكام السلطانيَّة: 105»: فإذا عاد [وليُّ الحاجِّ ]سار بهم على طريق المدينة لزيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ليجمع لهم بين حجّ بيت الله عزَّوجلَّ وزيارة قبر رسول الله، رعايةً لحرمته وقياماً بحقوق طاعته، وذلك وإن لم يكن من فروض الحجِّ فهو من مندوبات الشرع المستحبَّة، وعبادات الحجيج المُستحسنة.
وقال في الحاوي: أمّا زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فمأمورٌ بها ومندوبٌ إليها.
5 ـ حكى عبد الحقِّ بن محمَّد الصقيلي المتوفّى 466هـ، في كتابه
6 ـ قال أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الشيرازي الفقيه الشافعي المتوفّى 476هـ، في «المهذَّب»: ويستحبُّ زيارة قبر
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(1) .
7 ـ قال أبو الخطّاب محفوظ بن أحمد الكلوداني، الفقيه البغدادي الحنبلي، المتوفّى 510هـ، في كتاب «الهداية»: وإذا فرغ من الحجِّ استحبَّ له زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبر صاحبيه.
8 ـ قال القاضي عياض المالكي المتوفّى 544هـ، في «الشفاء»: وزيارة قبره (صلى الله عليه وآله وسلم)سُنَّةٌ مجمعٌ عليها، وفضيلةٌ مُرغَّبٌ فيها. ثمَّ ذكر عدّة من أحاديث الباب فقال: قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: وممّا لم يزل مِنْ شأن مَنْ حجَّ المزور(2) بالمدينة، والقصد إلى الصَّلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والتبرّك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطن قدميه والعمود الذي إستند إليه
____________
(1) المهذّب في فقه الامام الشافعي 1: 240.
(2) قيل: بكسر الميم، وسكون الزاء وفتح الواو، مصدر ميمي بمعنى الزيارة (شرح الشفاء للخفاجي). «المؤلّف».
9 ـ قال ابن هبيرة المتوفّى 560هـ، في كتاب «إتِّفاق الائمَّة»: إتَّفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى على أنَّ زيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)مستحبة «المدخل، لابن الحاجّ 1:256».
10 ـ عقد الحافظ إبن الجوزي الحنبلي المتوفّى 597هـ، في كتابه «مثير الغرام الساكن إلى أشرف الاماكن» باباً في زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وذكر حديثي ابن عمر وأنس المذكورين في أحاديث الباب.
11 ـ قال أبو محمَّد عبد الكريم بن عطاء الله المالكي المتوفّى 612هـ، في مناسكه: فصلٌ: إذا كمل لك حجّك وعمرتك على الوجه المشروع، لم يبق بعد ذلك إلاّ إتيان مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)للسَّلام على النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، والدعاء عنده، والسَّلام على صاحبيه، والوصول إلى البقيع وزيارة مافيه من قبور الصحابة والتابعين، والصَّلاة في مسجد الرَّسول، فلا ينبغي للقادر على ذلك تركه.
12 ـ قال أبو عبدالله محمَّد بن عبدالله بن الحسين السامري الحنبلي، المعروف بابن أبي سنينة المتوفّى 616هـ، في كتاب «المستوعب»: باب زيارة قبر الرَّسول (صلى الله عليه وآله وسلم). وإذا قدم مدينة
____________
(1) الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194 ـ 197.
13 ـ قال الشيخ موفّق الدين عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي الحنبلي المتوفَّي 620هـ، في كتابه المغني(1) : فصلٌ: يستحبُّ زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمَّ ذكر حديثَي ابن عمر وأبي هريرة من طريق الدار قطني وأحمد.
14 ـ قال محيي الدين النووي الشافعي المتوفَّي حدود 677هـ، في «المنهاج» المطبوع بهامش شرحه المغني: ج1، ص494: ويسنُّ شرب ماء زمزم، وزيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)بعد فراغ الحجّ.
15 ـ قال نجم الدين بن حمدان الحنبلي المتوفّى 695هـ، في «الرّعاية الكبرى» في الفروع الحنبليَّة: ويسنّ لمن فرغ عن نسكه زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وقبر صاحبيه رضي الله عنهما، وله ذلك بعد فراغ حجِّة وإن شاء قبل فراغه.
16 ـ قال القاضي الحسين: إذا فرغ من الحجِّ فالسنَّة أن يقف بالملتزم ويدعو، ثمَّ يشرب من ماء زمزم، ثمَّ يأتي المدينة ويزور قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم): (الشفاء)(2) .
____________
(1) شرح مختصر الخرقي في فروع الحنابلة، تأليف الشيخ أبي القاسم عمر الحنبلي المتوفّى 334هـ، والشرح المذكور من أعظم كتب الحنابلة التي يعتمدون عليها. «المؤلّف».
(2) الشفاء بتعيرف حقوق المصطفى 2: 202.
18 ـ قال الامام القدوة إبن الحاجّ محمَّد بن محمَّد العبدري القيرواني المالكي المتوفّى 737 في [المدخل ]في فصل زيارة القبور 1: 257 وأمّا عظيم جناب الانبياء والرُّسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيأتي إليهم الزائر، ويتعيَّن عليه قصدهم من الاماكن البعيدة، فإذا جاء إليهم فليتَّصف بالذلِّ والانكسار والمسكنة، والفقر والفاقة والحاجة، والاضطرار والخضوع، ويحضر قلبه وخاطره إليهم وإلى مُشاهدتهم بعين قلبه لا بعين بصره; لانّهم لا يبلون ولا يتغيّرون، ثمَّ يثني على الله تعالى بما هو أهله، ثمَّ يُصلّي عليهم ويترضّى على أصحابهم، ثمَّ يترّحم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثمَّ يتوسَّل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه، ويستغيث بهم، ويطلب حوائجه منهم، ويجزم بالاجابة ببركتهم، ويقرِّي حسن ظنِّه في ذلك، فإنَّهم باب الله المفتوح، وجرتْ سنّته سبحانه وتعالى بقضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم».
ومَنْ عجز عن الوصول فليرسل بالسَّلام عليهم، ويذكر ما
ثمَّ قال: فصلٌ: وأمّا في زيارة سيِّد الاوَّلين والاخرين صلوات الله عليه وسلامه، فكلُّ ما ذكر يزيد عليه أضعافه، أعني في الانكسار والذلّ والمسكنة; لانَّه الشافع المُشفَّع الذي لا تردُّ شفاعته، ولا يخيب مَنْ قصده، ولا مَنْ نزل بسحاته، ولا مَنْ استعان أو استغاث به، إذ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قطب دائرة الكمال وعروس المملكة.
إلى أن قال: فمن توسَّل به، أو استغاث به، أو طلب حوائجه منه، فلا يُردُّ ولا يخيب; لما شهدت به المعاينة والاثار، ويحتاج إلى الادب الكلِّي في زيارته عليه الصَّلاة والسَّلام، وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم: إنَّ الزائر يشعر نفسه بأنَّه واقفٌ بين يديه عليه الصَّلاة والسَّلام كما هو في حياته، إذ لا فرق بين موته وحياته، أعني في مشاهدته لاُمّته ومعرفته بأحوالهم ونيّاتهم وعزائمهم وخواطرهم، ذلك عنده جليٌّ لا خفاء فيه.
إلى أن قال: فالتوسّل به عليه الصَّلاة والسَّلام هو محلّ حطّ أحمال الاوزار، وأثقال الذنوب والخطايا; لانَّ بركة شفاعته عليه الصَّلاة والسَّلام وعظمها عند ربّه لا يتعاظمها ذنبٌ، إذ أنَّها أعظم
ومَنْ اعتقد خلاف هذا فهو المحروم، ألم يسمع قول الله عزَّوجلَّ: (ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسهم جؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرَّسول)(1) الاية؟ فمَن جاءه ووقف ببابه وتوسّل به وجد الله توّاباً رحيماً; لانَّ الله مُنزَّهٌ عن خلف الميعاد، وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله وإستغفر ربّه، فهذا لا يشكُّ فيه ولا يرتاب إلاّ جاحدٌ للدين معاندٌ لله ولرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، نعوذ بالله من الحرمان.
19 ـ ألَّفَ الشيخ تقيّ الدين السبكي الشافعي المتوفّى 756هـ، كتاباً حافلاً في زيارة النبيِّ الاعظم في 187 صحيفة وأسماه (شفاء السِّقام في زيارة خير الانام) ردّاً على ابن تيميّة، وذكر كثيراً من أحاديث الباب، ثمَّ جعل باباً في نصوص العلماء من المذاهب الاربعة على إستحبابها، وانَّ ذلك مجمعٌ عليه بين المسلمى.
وقال في ص48: لا حاجة إلى تتّبع كلام الاصحاب في ذلك مع العلم بإجماعهم وإجماع سائر العلماء عليه، والحنفيّة قالوا: إنَّ زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)من أفضل المندوبات والمستحبّات، بل يقرب من
____________
(1) النساء: 64.
وقال في ص59: كيف يتخيَّل في أحد من السَّلف منعهم من زيارة المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم مجمعون على زيارة سائر الموتى، وسنذكر ذلك وما ورد من الاحاديث والاثار في زيارتهم.
وحكى في ص61 عن القاضي عياض وأبي زكرّيا النووي إجماع العلماء والمسلمين على استحباب الزيارة.
وقال ص63: وإذا استحبَّ زيارة قبر غيره (صلى الله عليه وآله وسلم)فقبره أولى; لما له من الحقِّ ووجوب التعظيم.
فإن قلتَ: الفرق [يعني بين زيارة قبر النبيِّ وغيره ]أنَّ غيره يُزار للاستغفار له; لاحتياجه إلى ذلك كما فعل النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)في زيارته أهل البقيع، والنبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)مُستغن عن ذلك.
قلتُ: زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) إنَّما هي لتعظيمه والتبرُّك به، ولتنالنا الرَّحمه بصلاتنا وسلامنا عليه، كما إنّا مأمورون بالصّلاة عليه والتسليم وسؤال الوسيلة، وغير ذلك ممّا يعلم أنَّه حاصلٌ له (صلى الله عليه وآله وسلم)بغير سؤالنا، ولكنَّ النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أرشدنا إلى ذلك لنكون بدعائنا له متعرِّضين للرَّحمة التي رتَّبها الله على ذلك.
فإن قلتَ: الفرق أيضاً أنَّ غيره لا يُخشى فيه محذورٌ، وقبره (صلى الله عليه وآله وسلم)يُخشى الافراط في تعظيمه أن يُعبد.
فَمَنْ منع زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد شرّع من الدين والتعظيم والوقوف عند الحدّ الذي لا يجوز مجاوزته بالادلَّة الشرعيَّة، وبذلك يحصل الامر من عبادة غير الله تعالى، ومَنْ أراد الله ضلاله من أفراد من الجهّال فلن يستطيع أحدٌ هدايته.
____________
(1) صحيح مسلم 2: 672/977، سنن أبي داود 2: 218 ـ 219، باب زيارة القبور، سنن الترمذي 3: 370/1054، سنن النسائي 4: 89 باب زيارة القبور، مسند أحمد 2: 441، سنن البيهقي 4: 70 و76، مصنّف ابن أبي شيبة 3: 343.
(2) تلخيص الحبير 2: 267، اللالي المصنوعة 2: 64، الدر المنثور 1: 237، الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة: 158، مجمع الزوائد 4: 2، أتحاف السّادة المتقين 4: 417 و 10: 363، تذكرة الموضوعات: 75، كنز العمال 15: 651/42582، الكامل في الضعفاء 6: 2350، سنن الدار قطني 2: 278/194، السنن الكبرى 2: 177، الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194 ـ 195.
وعقدَ في ص75 87 باباً في كون السفر إلى الزِّيارة قربةً، وبسط القول فيه، وأثبته بالكتاب والسنَّة والاجماع والقياس، وإستدلَّ عليه من الكتاب بقوله تعالى: (ولو أنَّهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فإستغفروا الله وإستغفر لهم الرَّسول لوجدوا الله توّاباً رحيماً)(1) بتقريب صدق المجييءوعدم فرق بين حياته (صلى الله عليه وآله وسلم)ومماته.
ومِنْ السنَّة بعموم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من زار قبري»(2) ، وصريح
____________
(1) النساء: 64.
(2) أخرجه الدار قطني في سننه 2: 287/194، والبيهقي في سننه الكبرى 2: 177، والقاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2: 194 ـ 195، والشوكاني في نيل الاوطار 4: 325، وابن حجر في تلخيص الحبير 2: 267، والسيوطي في اللالي المصنوعة 2: 64 والدر المنثور 1: 237 و الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة: 158، والهيثمي في مجمع الزوائد 4: 2، والزبيدي في أتحاف السّادة المتّقين 4: 417 و10: 363، والفتني في تذكرة الموضوعات: 75، والمتقي الهندي في كنز العمال 15: 651/42582.
ثمَّ قال: الرابع: الاجماع; لاطباق السَّلف والخلف، فإنَّ الناس لم يزالوا في كلِّ عام إذا قضوا الحجَّ يتوجَّهون إلى زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنهم مَنْ يفعل ذلك قبل الحجِّ هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الاعصار القديمة كما ذكرناه في الباب الثالث.
وذلك أمرٌ لا يُرتاب فيه، وكلّهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه، وإن لم يكن طريقهم، ويقطعون فيه مسافة بعيدة، وينفقون فيه الاموال، ويبذلون فيه المهج، معتقدين أنَّ ذلك قربة وطاعة، وإطباق هذا الجمع العظيم من مشارق الارض ومغاربها على ممرِّ
____________
(1) أخرجه في كتابه السنن الصحاح، كما حكاه عنه السبكي في شفاء السقام: 16.
(2) أخرجه مسلم في صحيحه. «المؤلّف».
أنظر صحيح مسلم 2: 672.
(3) أخرجه أبو داود في سننه 1: 319. «المؤلّف».
20 ـ قال زين الدين أبو بكر بن الحسين بن عمر القريشي العثماني المصري المراغي المتوفّى 816هـ، في (تحقيق النصرة في تأريخ دار الهجرة): وينبغي لكلِّ مسلم إعتقاد كون زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)قربةً عظيمةً، للاحاديث الواردة في ذلك، ولقوله تعالى:
(ولو أنَّهم إذ ظلموا جاؤك فاستغفروا الله وإستغفر لهم الرَّسول)(1) الاية; لانّ تعظيمه لا ينقطع بموته.
ولا يقال: إنَّ إستغفار الرَّسول لهم إنَّما هو في حياته وليست الزيارة كذلك; لما أجاب به بعض الائمَّة المحقِّقين أنَّ الاية دلّت على تعليق وجدان الله تعالى توّاباً رحيماً بثلاثة اُمور: المجييء، وإستغفارهم، وإستغفار الرَّسول لهم. وقد حصل إستغفار الرَّسول لجميع المؤمنين; لانَّه قد إستغفر للجميع قال الله تعالى: (وإستغفر
____________
(1) النساء: 64.
21 ـ قال السيِّد نور الدين السَّمهودي المتوفّى 911هـ، في «وفاء الوفاء 2: 412»، بعد ذكر أحاديث الباب: وأمّا الاجماع: فأجمع العلماء على إستحباب زيارة القبور للرِّجال، كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهريَّة بوجوبها.
وقد إختلفوا في النساء وقد إمتاز القبر الشريف بالادلّة الخاصَّة به كما سبق، قال السبكي: ولهذا أقول إنَّه لا فرق في زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)بين الرِجال والنساء.
وقال الجمال الريمي في «التقفية»: يُستثنى ـ أي من محلِّ الخلاف ـ قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وصاحبيه، فإنَّ زيارتهم مُتسحبَّةٌ للنساء بلا نزاع، كما اقتضاه قولهم في الحجِّ: يُستحبّ لمن حجَّ أن يزور قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وحينئذ فيقال معاياة قبور يستحبُّ زيارتها للنساء بالاتِّفاق، وقد ذكر ذلك بعض المتأخِّرين وهو الدمنهوري الكبير، وأضاف إليه قبور الاولياء والصَّالحين والشهداء، ثمَّ بسط القول في أنَّ السفر للزيارة قربةٌ كالزيارة نفسها.
____________
(1) غافر: 55.
وقال القاضي عياض: إنَّها من سُنن المسلمين، مجمعٌ عليها، وفضيلةٌ مرغَّبٌ فيها، ثمَّ ذكر جملةً من الاحاديث الواردة في زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: وقد أجمع المسلمون على إستحباب زيارة القبور كما حكاه النووي و أوجبها الظاهريَّة، فزيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)مطلوبةٌ بالعموم والخصوص كما سبق، ولانَّ زيارة القبور تعظيمٌ، وتعظيمه (صلى الله عليه وآله وسلم)واجبٌ، ولهذا قال بعض العلماء: لا فرق في زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الرِّجال والنساء وإن كان محل الاجماع على إستحباب زيارة القبور الرِّجال، وفي النساء خلافٌ، الاشهر في مذهب الشافعي الكراهة.
قال ابن حبيب من المالكيَّة: ولا تدع في زيارة قبره (صلى الله عليه وآله وسلم)والصَّلاة في مسجده، فإنَّ فيه من الرغبة ما لا غنى بك وبأحد عنه، وينبغي لمن نوى الزيارة أن ينوي مع ذلك زيارة مسجده الشريف
وقد صحَّ عن عمر بن عبد العزيز كان يبرد البريد للسَّلام على النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، فالسفر إليه قربةٌ، لعموم الادلَّة، ومَنْ نذر الزيارة وجبت عليه كما جزم به ابن كج من أصحابنا، وعبارته: إذا نذر زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لزمه الوفاء وجهاً واحداً. إنتهى.
إلى أن قال: وللشيخ تقيِّ الدين إبن تيمية هنا كلامٌ شنيعٌ عجيبٌ، يتضمَّن منع شدِّ الرِّحال للزيارة النبويَّة، وأنَّه ليس من القرب، بل يضدُّ ذلك، وردَّ عليه الشيخ تقيّ الدين السبكي في «شفاء السِّقام»، فشفى صدور المؤمنين.
23 ـ ذكر شيخ الاسلام أبو يحيى زكريّا الانصاري الشافعي المتوفّى 925هـ، في «أسنى المطالب» شرح «روض الطالب» ـ لشرف الدين إسماعيل بن المقري اليمني ـ: ج1، ص501، ما يستحبّ لمن حجَّ وقال: ثمَّ يزور قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)ويسلّم عليه وعلى صاحبيه بالمدينة المشرَّفة، ثمَّ ذكر شطراً من أدلّتها وجملة من آداب الزيارة.
24 ـ قال إبن حجر الهيتمي المكي الشافعي المتوفّى 973هـ، في
قلتُ: مَنْ هو ابن تيميَّة؟ حتّى يُنظر إليه أو يُعوَّل في شيء من اُمور الدِّين عليه، وهل هو إلاّ كما قال جماعة من الائمَّة ـ الذين تعقَّبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة، حتَّى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعزّ بن جماعة ـ: عبدٌ أضلّه الله تعالى وأغواه، وألبسه رداء الخزي وأراده، وبوَّأه من قوَّة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان ولقد تصدّى شيخ الاسلام وعالم الانام، المجمع على جلالته وإجتهاده وصلاحه وإمامته، التقيُّ السبكيُّ قدَّس الله روحه ونوَّر ضريحه، للردِّ عليه في تصنيفُ مستقلّ، أفاد فيه وأجاد، وأصاب وأوضح بباهر حججه طريق الصَّواب.
25 ـ قال الشيخ محمَّد الخطيب الشربيني المتوفّى 977هـ، في «مغني المحتاج: 1، 357»: ومحلّ هذه الاقوال(1) في غير زيارة قبر سيِّد المرسلين، أمّا زيارته فمن أعظم القربات للرِّجال والنساء، وألحقَ الدمنهوري به قبور بقيّة الانبياء والصّالحين والشهداء،
____________
(1) يعني الاقوال في زيارة القبور للنساء من الندب والكراهة والحرمة والاباحة. «المؤلّف».
والاولى عدم إلحاق بهم، لما تقدَّم من تعليل الكراهة(1) .
وقال في ص494، بعد بيان مندوبيَّة زيارة قبره الشريف (صلى الله عليه وآله وسلم)وذكر جملةً من أدلّتها: ليس المراد إختصاص طلب الزيارة بالحجِّ، فإنَّها مندوبةٌ مطلقاً كما مرَّ بعد حجّ أو عمرة أو قبلهما أو لامع نسك; بل المراد [يعني من قول المصنِّف بعد فراغ الحجِّ] تأكّد الزيارة فيها لامرين:
أحدهما
: أنَّ الغالب على الحجيج الورود من آفاق بعيدة، فإذا قربوا من المدينة يقبح تركهم الزيارة.
والثاني:
لحديث «مَنْ حجَّ ولم يزرني فقد جفاني»، رواه ابن عدي في الكامل(2) وغيره(3) . وهذا يدلُّ على أنَّه يتأكّد____________
(1) من أنّها مظنّة لطلب بكائهن و رفع أصواتهن، لما فيهن من رّقة القلب وكثرة الجزع.
قال الاميني: هذا التعليل عليل جداً، كما يأتي بيانه في كلمة ابن حجر في زيارة القبور. «المؤلّف».
(2) الكامل في الضعفاء 7: 248.
(3) منهج الدار قطني في سننه 2: 278، والسبكي في شفاء السقام: 22، والسمهودي في وفاء الوفاء 2: 398، والشوكاني في نيل الاوطار 4: 325، والسيوطي في اللالي المصنوعة 2: 72 والدر المنثور 1: 237، والتقي الهندي في كنز العمال 5: 135/12371.
26 ـ قال الشيخ زين الدين عبد الرؤوف المناوي المتوفّى 1031هـ، في شرح الجامع الصغير 6 ص140: وزيارة قبره (صلى الله عليه وآله وسلم)الشريف من كمالات الحجِّ، بل زيارته عند الصوفيَّة فرضٌ، وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حيّاً. قال الحكيم: زيارة قبر المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)هجرة المضطرِّين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضاً فإنصرفوا، فحقيقٌ أن لا يخيّبهم، بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم.
وقال في شرح الحديث الاوَّل المذكور ص93: إنَّ أثر الزيارة إمّا الموت على الاسلامُ مطلقاً لكلِّ زائر، وإمّا شفاعةٌ تخصُّ الزائر أخصَّ من العامّة، وقوله: شفاعتي» في الاضافة إليه تشريفٌ لها، إذ الملائكة وخواصُّ البشر يشفعون، فللزائر نسبةٌ خاصّةٌ، فيشفع هو فيه بنفسه، والشفاعة تعظم بعظم الزائر.
27 ـ جعل الشيخ حسن بن عمّار الشرنبلالي في «مراقي الفلاح بإمداد الفتاح» فصلاً في زيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: زيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)من أفضل القربات وأحسن المستحبّات، تقرب من درجة مالزم من الواجبات، فإنَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حرَّض عليها وبالغ في الندب إليها فقال: «مَنْ وجد سعةً فلم يزرني فقد جفاني»(1) ، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ
____________
(1) تدقّمت مصادره في الصفحة.
وممّا هو مقرّرٌ عند المحقِّقين إنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيٌّ يُرزق ممتّعٌ بجميع الملاذِّ والعبادات، غير أنّه حُجب عن أبصار القاصرين عن شرف المقامات، ورأينا أكثر الناس غافلين عن أداء حقِّ زيارته، وما يسنُّ للزائر من الجزئيّات والكليّات أحببنا أن نذكر بعد المناسك وآدابها ما فيه نبذة من الاداب تتميماً لفائدة الكتاب، ثمَّ ذكر شيئاً كثيراً من آداب الزائر والزيارة كما يأتي.
28 ـ وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخفاجي الحنفي المصري المتوفّى 1069هـ، في شرح الشفاء 3 ص566: وأعلم أنَّ هذا الحديث(3) هو الذي دعا ابن تيميّة ومن معه كابن القيِّم إلى مقالته الشنيعة التي كفّروه بها، وصنّف فيها السبكي مُصنّفاً مستقلاً، وهي منعه من زيارة قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وشدّ الرحال إليه، وهو كما قيل:
____________
(1) تقدّمت مصادره في الصفحة.
(2) تقدّمت مصادره في الصفحة.
(3) حديث شدّ الرحال إلى المساجد (المؤلّف».
لمهبط الوحي حقّاً ترحل النجبُ | وعند ذاك المرجّى ينتهي الطلبُ |
وأمّا قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا تتَّخذوا قبري عيداً»، فقيل: كره الاجتماع عنده في يوم معينّ على هيئة مخصوصة، وقيل: المراد لا تزوره في العام مرَّة فقط، بل أكثروا الزيارة له(1) .
وأمّا إحتماله للنهي عنها فهو بفرض أنّه المراد محمولٌ على حالة مخصوصة، أي لا تتَّخذوه كالعيد في العكوف عليه وإظهار الزينة عنده وغيره مما يجتمع له في الاعياد، بل لا يُؤتى إلاّ للزيارة والسَّلام والدعاء ثمَّ ينصرف.
وقال في صحيفة 577 في شرح حديث: «لا تجعلوا قبري عيداً»: أي كالعيد بإجتماع الناس، وقد تقدَّم تأويل الحديث وأنَّه لا حُجّة فيه لما قاله ابن تيميّة وغيره، فإنَّ إجماع الاُمّة على خلافه يقتضي تفسيره بغير ما فهموه، فإنّه نزعةٌ شيطانيّة.
29 ـ قال الشيخ عبد الرَّحمن شيخ زاده المتوفّى 1087هـ، في (مجمع الانهر في شرح ملتقى الابحر) ج1 ص157: من أحسن المندوبات، بل يقرب من درجة الواجبات، زيارة قبر نبيِّنا
____________
(1) هذا المعنى ذكره غير واحد من أعلام القوم (المؤلّف».
30 ـ قال الشيخ محمّد بن علي بن محمّد الحصني، المعروف بعلاء الدين الحصكفي الحنفي المفتي بدمشق المتوفّى 1088هـ، في (الدُّرِّ المختار في شرح تنوير الابصار) في آخر كتاب الحجّ: وزيارة قبره (صلى الله عليه وآله وسلم)مندوبةٌ بل قيل: واجبةٌ لمن له سعةٌ، ويبدأ بالحجِّ لو فرضاً ويخيّر لو نفلاً مالم يمرُّ به، فيبدأ بزيارته لا محالة، ولينوِ معه زيارة مسجده (صلى الله عليه وآله وسلم).
31 ـ قال أبو عبدالله محمّد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي المصري المتوفّى 1122هـ، في «شرح المواهب: ج8، ص299: قد كانت زيارته مشهورةً في زمن كبار الصحابة معروفةً بينهم; لمّا صالح عمر بن الخطاب أهل بيت المقدس جاءه كعب الاحبار فأسلم ففرح به وقال: هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبره (صلى الله عليه وآله وسلم)وتتمتَّع بزيارته؟ قال: نعم.
32 ـ قال أبو الحسن السندي محمَّد بن عبد الهادي الحنفي المتوفّى 1138هـ، في شرح سنن ابن ماجة 2 ص268: قال الدميري:
33 ـ قال الشيخ محمّد بن علي الشوكاني المتوفّى 1250هـ، في «نيل الاوطار 4: 324»: قد إختلفت فيها [في زيارة النبيِّ ]أقوال أهل العلم، فذهب الجمهور إلى أنّها مندوبةٌ، وذهب بعض المالكيَّة وبعض الظاهريَّة إلى أنّها واجبةٌ، وقالت الحنفيَّة: إنّها قريبةٌ من الواجبات، وذهب ابن تيميّة الحنبلي حفيد المصنِّف المعروف بشيخ الاسلام إلى أنّها غير مشروعة، ثمَّ فصَّل الكلام في الاقوال إلى أن قال في آخر كلامه:
وإحتجَّ أيضاً من قال بالمشروعيَّة بأنّه لم يزل دأب المسلمين القاصدين للحجِّ في جميع الازمان على تباين الديار وإختلاف المذاهب، الوصول إلى المدينة المشرَّفة لقصد زيارته، ويعدّون ذلك من أفضل الاعمال،ولم ينقل أنَّ أحداً أنكر ذلك عليهم فكان إجماعاً.
____________
(1) تقدّمت مصادره في الصفحة 61 ـ 62.
(2) تقدّمت مصادره في الصفحة 67 ـ 68.
قال ابن الهمام: والاولى فيما يقع عند العبد الضعيف تجريد النيّة لزيارة قبره عليه الصّلاة والسّلام، ثمَّ يحصل له إذا قدم زيارة المسجد، أو يستمنح فضل الله تعالى في مرَّة اُخرى ينويها; لانَّ في ذلك زيادة تعظيمه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإجلاله. ويوافقه ظاهر ما ذكرناه من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَنْ جاءني زائراً لا تعمله حاجة اذلاّ زيارتي كان حقّاً عليَّ أن أكون شفيعاً له يوم القيامة». إنتهى.
ونقل الرَّحمتي عن العارف الملاّ جامي أنّه أفرز الزِّيارة عن الحجِّ
35 ـ قال الشيخ محمّد بن السيِّد درويش الحوت البيروتي المتوفّى 1276هـ، في تعليق «حسن الاثر: ص246»: زيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)مطلوبةٌ; لانّه واسطة الخلق، وزيارته بعد وفاته كالهجرة إليه في حياته، ومَنْ أنكرها فإن كان ذلك إنكاراً لها من أصلها فخطاؤه عظيم، وإن كان لما يعرض من الجهلة ممّا لا ينبغي فليبيّن ذلك.
36 ـ قال الشيخ إبراهيم الباجوري الشافعي المتوفّى 1277هـ، في حاشيته على شرح ابن الغزي على متن الشيخ أبي شجاع في الفقه الشافعي ج1 ص347: ويسنُّ زيارة قبره (صلى الله عليه وآله وسلم)ولو لغير حاجّ ومعتمر كالذي قبله، ويسنُّ لمن قصد المدينة الشريفة
____________
(1) صحيح البخاري 2: 76، صيح مسلم 2: 1014/1397، سنن النسائي 2: 73، مسند أحمد 2: 234، المعجم الكبير للطبراني 2: 310.
37 ـ جعل الشيخ حسن العدوي الحمزاوي الشافعي المتوفّى 1303هـ، خاتمة في كتاب (كنز المطالب) ص179 ـ 239 لزيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفصّلَ فيها القول وذكرَ مطلوبيّتها كتاباً وسنّةً وإجماعاً وقياساً، وبسط الكلام في شدِّ الرِّحال إلى ذلك القبر الشريف، وذكر جملةً من آداب الزائر ووظائف الزِّيارة، وقال في ص195 بعد نقل جملة من الاحاديث الواردة في أنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم)يسمع سلام زائريه ويردّ عليهم:
إذا علمت ذلك علمت أنَّ ردَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) سلام الزائر عليه بنفسه الكريمة (صلى الله عليه وآله وسلم)أمرٌ واقعٌ لا شكَّ فيه، وإنّما الخلاف في درِّه على المسلّم عليه من غير الزائرين، فهذه فضيلةٌ اُخرى عظيمةٌ ينالها الزائرون لقبره (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيجمع الله لهم بين سماع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لاصواتهم من غير واسطة وبين ردِّه عليهم سلامهم بنفسه.
فأنّى لمن سمع لهذين بل بأحدهما أن يتأخَّر عن زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! أو يتوانى عن المبادرة إلى المثول في حضرته (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! تالله ما يتأخَّر عن ذلك مع القدرة عليه إلاّ مَن حقَّ عليه البعد من الخيرات،
وعُلم من تلك الاحاديث أيضاً أنَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيٌّ على الدوام، إذ من المحال العادي أن يخلو الوجود كلّه عن واحد يُسلّم عليه في ليل أو نهار، فنحن نؤمن ونصدِّق بأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيٌّ يُرزق، وأنَّ جسده الشريف لا تأكله الارض، وكذا سائر الانبياء عليهم الصَّلاة والسّلام، والاجماع على هذا.
38 ـ قال السيِّد محمّد بن عبدالله الجرداني الدمياطي الشافعي المتوفّى 1307هـ، في «مصباح الظلام: ج2، ص145»: قال بعضهم: ولزائر قبر النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)عشر كرامات:
أحداهنَّ:
يُعطي أرفع المراتب،الثانية:
يبلغ أسنى المطالب،الثالثة:
قضاء المآرب،الرابعة:
بذل المواهب،الخامسة:
الامن من المعاطب،السادسة:
التطهير من المعايب،السابعة:
تسهيل المصائب،الثامنة:
كفاية النوائب،التاسعة:
حسن العواقب،العاشرة:
رحمة ربّ المشارق والمغارب.وما أحسن ما قيل:
هنيئاً لمن زار خير الورى | وحطّ عن النفس أوزارها |
فإنَّ السَّعادة مضمونةٌ | لمن حلَّ طيبة أو زارها |
زُر مَنْ تحبُّ وإن شطّت بك الدارُ | وحال من دونه تربٌ وأحجارُ |
لا يمنعنّك بُعدٌ عن زيارته | إنَّ المحبَّ لمن يهواه زوّارٌ |
39 ـ قال الشيخ عبد الباسط ابن الشيخ علي الفاخوري مفتي بيروت في (الكفاية لذوي العناية) ص125: الفصل الثاني عشر في زيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وهي متأكّدةٌ مطلوبةٌ، ومستحبّة محبوبةٌ، وتسنُّ زيارته في المدينة كزيارته حيّاً، وهو في حجرته حيٌّ يردُّ على مَنْ سلّم عليه السّلام. وهي من أنجح المساعي وأهمِّ القربات وأفضل الاعمال وأزكى العبادات،وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلم):«مَنْ زار قبري
وتحصل الزِّيارة في أيِّ وقت، وكونها بعد تمام الحجّ أحبُّ، ويجب على من أراد الزيارة التوبة من كلِّ شيء يخالف طريقته وسننه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثمَّ ذكر شطراً وافراً من آداب الزِّيارة والزِّيارة الاُولى الاتية في الاداب; فقال: ومن عجز عن حفظ هذا فليقتصر على بعضه وأقلّه السّلام عليك يا رسول الله. ثمَّ ذكر زيارة الشيخين إلى أن قال: ويستحبُّ التبرُّك بالاُسطوانات التي لها فضلٌ وشرفٌ وهي ثمانية: أسطوانة محلِّ صلاته (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإسطوانة عائشة رضي الله عنها وتسمّى إسطوانة القرعة، واسطوانة التّوبة محلّ إعتكافه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإسطوانة السرير، وإسطوانة عليّ (رضي الله عنه)، وإسطوانة الوفود، وإسطوانة جبريل (عليه السلام)، وإسطوانة التهجّد.
40 ـ قال الشيخ عبد المعطي السَّقا في «الارشادات السنيّة» ص260: زيارة النبيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم)إذا أراد الحاجُّ أو المعتمر الانصراف من مكّة أدام الله تشريفها وتعظيمها، طلب منه أن يتوجّه إلى المدينة المنوَّرة للفوز بزيارته عليه الصّلاة والسّلام، فإنّها من أعظم القربات، وأفضل الطاعات، وأنجح المساعي المشكورة، ولا
____________
(1) تقدّمت مصادره في الصفحة.