يانديمي جدّد بذكراه وجدي | وأحي ذاك الغرام بالاغراء |
هات حدّث عن نيل مصر ودعني | من فرات ودجلة فيحاء |
وأعد لي حديث لذّات مصر | فحديث اللّذات عنّي نائي |
انّ مصر الاحسن الارض عندي | وعلى نيلها قصرت رجائي |
وغرامي فيها وغاية قصدي | أن أرى سادتي بني الزهراء |
وإلى المشهد الحسيني أسعى | داعياً راجياً قبول دعائي |
يابن بنت الرسول انّي محبّ | فتعطّف واجعل قبولي جزائي |
ياكرام الانام ياآل طه! | حبّكم مذهبي وعقد ولائي |
ليس لي ملجأ سواكم وذخر | أرتجيه في شدّتي ورخائي |
وقال فيه أيضا:
ياآل طه من أتى حبكم | مؤملاً احسانكم لا يُضام |
لذنا بكم ياآل طه وهل | يُضام من لاذ بقوم كرام؟ |
تزدحم الناس بأعتابكم | والمنهل العذب كثير الزحام |
من جاءكم مستمطراً فضلكم | فاز من الجود بأقصى مرام |
ياسادتي يابضعة المصطفى | يامن لهم في الفضل اعلى مقام |
أنتم ملاذي وعياذي ولي | قلب بكم ياسادتي مستهام |
وحقّكم إنّي محب لكم | محبّة لايعتريها انصرام |
وقفت في أعتابكم هائماً | وما على من هام فيكم ملام |
ياسبط طه ياحسيناً على | ضريحك المأنوس منّي السلام |
مشهدك السامي غدا كعبة | لنا طواف حوله واستلام |
بيت جديد حلّ فيه الهدى | فصار كالبيت العتيق الحرام |
تفديك نفسي ياضريحاً حوى | حسيناً السبط الامام الهمام |
انّي توسّلت بما فيك من | عزّ ومجد شامخ واحتشام |
يازائراً هذا المقام اغتنم | فكم لمن يسعى إليه اغتنام؟ |
ينشرح الصدر إذا زرته | وتنجلي عنه الهموم العظام |
كم فيه من نور ومن رونق | كأنه روضة خير الانام |
وقال الحمزاوي العدوي المتوفّى 1303هـ في «مشارق الانوار:92»،بعدكلام طويل حول مشهد الامام الحسين الشريف: واعلم أنه ينبغي كثرة الزيارة لهذا المشهد العظيم متوسّلاً به إلى الله، ويطلب من هذا الامام ما كان يطلب منه في حياته، فإنّه باب تفريج الكروب، فبزيارته يزول عن الخطب الخطوب، ويصل إلى الله بأنواره والتوسّل به كلّ قلب محجوب، ومن ذلك ما وقع لسيدي العارف بالله تعالى سيدي محمد شلبي شارح «العزيّة» الشهير ابن
أيحوم حول من التجا لكم أذى؟ | أو يشتكي ضيماً وأنتم سادته؟! |
حاشا يُردّ من انتمى لجنابكم | ياآل أحمد! أو تسرّ شوامته |
لكم السيادة من ألست بربكم | ولكم نطاق العزّ دارت هالته |
هل ثمّ باب للنبيّ سواكم | من غيركم من ذي الورى ريحانته؟! |
تبّاً لطرف لا يشاهد مشهداً | يحوي الحسين وتستلمه سلامته |
فالزم رحاباً ضم سبط محمد | ماأمّه راج وعيقت حاجته |
هاخادماً للحبّ يرفع حاجة | مّما يلاقي من بلايا هالته |
منزل كمّل الاله سناه | تتوارى البدور عند لقاه |
خصّه ربّنا بما شاء في الار | ض تعالى من في السماء اله |
صانه زانه حماه وقاه | وكساه بمنّه ورضاه |
ان غدا مسكناً لعزّة آل البـ | ـيت من ثمّ قدره وعلاه |
الامام الحسين أشرف مولى | أيّد الدين سرّه ووقاه |
مدحته آيّ الكتاب وجاءت | سنّة الهاشمي طرز حلاه |
7 ـ عمر بن عبد العزيز الخليفة الاموي المتوفّى 101هـ، قبره بدير سمعان يُزار. «طبقات الحفاظ 1: 114».
8 ـ أبو حنيفة النعمان بن ثابت امام الحنفية المتوفّى 150هـ، قبره في الاعظمية ببغداد مزار معروف، روى الخطيب في تاريخه1:123 عن علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إنّيلاتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كلّ يوم ـ زائراً ـ فاذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عند، فما تبعد حتى تُقصى.
وذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة 2: 199، والكردري في مناقبه 2: 112، وطاش كبرى زادة في مفتاح السعادة 2: 82، والخالدي في صلح الاخوان 83 نقلاً عن السفيري وابن جماعة.
وقال ابن الجوزي في «المنتظم 8: 245»: في هذه الايام «يعني
ألم تر أنْ العلم كان مضيّعاً | فجمّعه هذا المغيّب في اللحد؟! |
كذلك كانت هذه الارض ميتة | فأنشرها جود العميد أبي سعد |
إلى أنْ قال: أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عببد الجبار الصيرفي قال: سمعت أبا الحسن بن المهتدي يقول: لا يصح أن قبر أبي حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا عليه، وكان الحجيج قبل ذلك يردون ويطوفون حول المقبرة فيزورون أبا حنيفة لا يعّينون موضعاً.
وقال ابن خلكان في تاريخه 2: 297، قبره مشهور يزار، بُني عليه المشهد والقبة سنة 459هـ.
وقال ابن جبير في رحلته 180: وبالرصافة مشهد حفيل البنيان، له قبّة بيضاء سامية في الهواء فيه قبر الامام أبي حنيفة (رضي الله عنه).
وقال ابن بطوطة في رحلته 1: 142: قبر الامام أبي حنيفة (رضي الله عنه)عليه قبّة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر، وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ماعدا هذه الزاوية.ثمّ عد جملة من قبور المشايخ ببغداد فقال: وأهل بغداد لهم في كلّ جمعة لزيارة شيخ من هؤلاء المشايخ ويوم لشيخ آخر يليه، وهكذا إلى آخر الاسبوع.
وقال الذهبي في «الدول 1: 79»: وقبره عليه مشهد كبير وقبّة
وقال ابن حجر في «الخيرات الحسان»(1) في مناقب الامام أبي حنيفة في الفصل الخامس والعشرين: إنّ الامام الشافعي أيام كان هو ببغداد كان يتوسّل بالامام أبي حنيفة، ويجييء إلى ضريحه يزور فيسلّم عليه،ثمّ يتوسّل الله تعالى به في قضاء حاجاته.
وقال: قد ثبت أن الامام أحمد توسّل بالامام الشافعي حتى تعجّب ابنه عبد الله بن الامام أحمد فقال له أبوه: إنَّ الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولمّا بلغ الامام الشافعي: أن أهل المغرب يتوسّلون بالامام مالك، لم ينكر عليهم.
9 ـ مصعب بن الزبير المتوفّى 157هـ،قال ابن الجوزي: زارت العامّة قبره بمسكن كما يُزار قبر الحسين (عليه السلام). «المنتظم لابن الجوزي 7: 206».
10 ـ ليث بن سعد الحنفي امام مصر توفيّ 175هـ، ودفن بالقرافة الصغرى وقبره يُزار رأيته غير مرّة. «الجواهر المضيئة 417».
11 ـ مالك بن أنس امام المالكية المتوفّى 179هـ، قبره ببقيع الغرقد في المدينة المنوّرة، قال ابن جبير في رحلته 153: عليه قبّة صغيرة مختصرة البناء. وقد مرّ ص140: إنَّ الفقهاء عدّوا زيارته من آداب من زار قبر النبيّ الاقدس (صلى الله عليه وآله وسلم).
____________
(1) حكاه عنه السيد أحمد زيني دحلان في خلاصة الكلام 252 والدرر السنية.
وفي «شذرات الذهب 2: 48»: توفيّ ببغداد الشريف أبو جعفر محمد الجواد بن علي بن موسى الرضا الحسيني أحد أشراف الاثني عشر اماماً الذين تدّعي فيهم الرافضة العصمة، ودُفن عند جدّه موسى، ومشهدهما ينتابه العامة بالزيارة.
13 ـ الامام الطاهر أبو الحسن علي بن موسى الرضا(عليه السلام)، قال أبو بكر محمد بن المؤمّل: خرجنا مع امام أهل الحديث ابي بكر بن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا، وهم اذ ذاك متوافرون إلى علي بن موسى الرضا بطوس، قال:
فرأيت من تعظيمه ـ يعني ابن خزيمة ـ لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرّعه عندها ما تحّيرنا. «تهذيب التهذيب 7: 388».
14 ـ عبد الله بن غالب الحداني البصري المقتول سنة 183هـ، قتل يوم التروية، كان الناس يأخذون تراب من قبره كأنّه مسك يصّيرونه في ثيابهم. «حلية الاولياء 2: 258، تهذيب التهذيب 5: 345».
16 ـ عليّ بن نصر بن علي الازدي أبو الحسن البصري المتوفّى 189هـ، مشهده بالبصرة معروف يُزار. هامش الخلاصة 235.
17 ـ معروف الكرخي 200 ـ 1 ـ 4هـ، قال ابراهيم الحربي: قبر معروف الترياق المجرّب.
وعن الزهري أنّه قال: قبر معروف الكرخي مجرّب لقضاء الحوائج، ويقال: انّه من قرأ عنده مائة مرة قل هو الله أحد وسأل الله ما يريد قضى الله حاجته.
وروي عن أبي عبد الله المحاملي إنّه قال: أعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة، ماقصده مهموم إلاّ فرّج الله همّه. «تاريخ بغداد 1: 122».
وقال ابن الجوزي في «صفة الصفوة 2: 183»: عن أحمد بن الفتح قال: سألت بشراً «التابعي الجليل» عن معروف الكرخي فقال: هيهات، حالت بيننا وبينه الحجب.
إلى أنْ قال: فمن كانت له إلى الله حاجة فليأت قبره وليدع، فإنّه يُستجاب له إن شاء الله تعالى. وقال: قبره ظاهر يُتبرك به في بغداد، وكان ابراهيم الحربي يقول: قبر معروف الترياق مجرّب.
وقال في «المنتظم 8: 248»: بُنيت تربة قبر معروف في ربيع
وقال ابن خلكان في تاريخه 2: 224: وأهل بغداد يستسقون بقبره ويقولون: قبر معروف ترياق مجرّب. وقبره مشهور يُزار.
وذكر في 369 عن مرآة الزمان لابي المظفر سبط ابن الجوزي: إنّه سمع مشايخه ببغداد يحكون أنّ عون الدين قال: كان سبب ولايتي المخزن اننّي ضاق مابيدي حتّى فقدت القوت أيّاماً، فأشار علي بعض أهلي أنْ أمضي إلى قبر معروف الكرخي (رضي الله عنه)فأسأل الله تعالى عنده، فإنّ الدّعاء عنده مستجاب. قال: فأتيت قبر معروف فصليت عنده ودعوت، ثمّ خرجت لاقصد البلد يعني بغداد. إلى آخر ماذكر من قصته.
وفي طبقات الشعراني 1: 61: يستسقى بقبره، وقبره ظاهر يُزار ليلاً ونهاراً.
18 ـ عبيدالله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال الخطيب البغدادي في تاريخه 1: 123: باب البردان فيها أيضاً جماعة من أهل الفضل، وعند المصلى المرسوم بصلاة العيد قبر كان يُعرف بقبر النذور ويقال: المدفون فيه رجل من ولد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، يتبرك الناس بزيارته، ويقصده ذو الحاجة منهم لقضاء حاجته.
حدثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: حدثني أبي قال: كنت جالساً بحضرة عضد الدولة ونحن مخيّمون
فقلت: هذا مشهد النذور، ولم أقل: قبره، لعلمي بطيرته من دون هذا، واستحسن اللفظة.
وقال: قد علمت أنّه قبر النذور وانما أردت شرح أمره.
فقلت: هذا يُقال أنّه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وإنّ بعض الخلفاء أراد قتله خفّياً فجعلت له هناك زُبية وسيّر عليها وهو لايعلم، فوقع فيها وهيل عليه التراب حيّاً.
وانما شهر بقبر النذور، لانّه مايكاد يُنذر له نذر إلاّ صحّ وبلغ الناذر مايريد، ولزمه الوفاء بالنذور، وأنا أحد من نذر له مراراً لا أحصيها كثرة نذوراً على أمور متعذّرة، فبلغتها ولزمني النذر فوفيت به.
فلم يتقبّل هذا القول، وتكلّم بما دلّ على أنّ هذا انما يقع منه اليسير اتفاقاً، فيتسوّق العوام باضعافه ويسيّرون الاحاديث فيه، فأمسكت فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني في غدوة يوم وقال: اركب معي إلى مشهد النذور، فركبت وركب في نفر من حاشيته إلى أنْ جئت به إلى الموضع، فدخله وزار القبر وصلى عنده ركعتين، سجد بعدهما سجدة أطال
فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي: ألست تذكر ما حدّثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد؟
فقلت: بلى.
وقال لي: إنّي خاطبتك في معناه بدون ماكان في نفسي اعتماداً لاحسان عشرتك، والذي كان في نفسي في الحقيقة أنّ جميع ما يُقال فيه كذب، فلما كان بعد ذلك بمديدة طرقني أمر خشيت أنْ يقع ويتم، وأعملت فكري في الاحتيال لزواله ولو بجميع ما في بيوت أموالي وسائر عساكري، فلم أجد لذلك فيه مذهباً، فذكرت ما أخبرتني به في النذر لمقبرة النذور فقلت: لم لا أجرب ذلك؟ فنذرت: إن كفاني الله تعالى ذلك الامر أنْ أحمل لصندوق هذا المشهد عشرة آلاف درهم صحاحاً، فلما كان اليوم جاءتني الاخبار بكفايتي ذلك الامر، فتقدمت إلى أبي القاسم عبد العزيز ابن يوسف ـ يعني كاتبه ـ أنْ يكتب إلى أبي الريّان ـ وكان خليفته في بغداد ـ يحملها إلى المشهد.ثمّ التفت إلى عبد العزيز ـ وكان حاضراً ـ فقال له عبد العزيز: قد كتبت بذلك ونفذ الكتاب.
19 ـ أبو عبد الله محمد بن ادريس الشافعي امام الشافعية المتوفّى 204هـ، دُفن بالقرافة الصغرى، وقبره يُزار بها بالقرب من المقطم.
وقال الجزري في «طبقات القراء 2: 97»: والدعاء عند قبره مستجاب، ولمّا زرته قلت:
زرت الامام الشافعي | لان ذلك نافعي |
لانال منه شفاعة | أكرم به من شافع |
20 ـ أبو سليمان الداراني المتوفّى 205هـ «أحد الائمة» دُفن في قرية داريا، في قبلتها، وقبره بها مشهور وعليه بناء وقد جدّد مزاره في زماننا هذا. «البداية والنهاية 10: 259».
21 ـ السيدة نفيسة ابنة أبي محمد الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب، توفيت سنة 208هـ ودُفنت بدرب السباع وقبرها معروف باجابة الدّعاء عنده، وهو مجرب رضي الله عنها. «وفيات الاعيان 2: 302».
22 ـ أحمد بن حنبل امام الحنابلة المتوفّى 241هـ، قبره ظاهر مشهور يُزار ويتبرّك به. كذا في مختصر طبقات الحنابلة 11، وقال الذهبي في «دول الاسلام 1: 114»: ضريحه يُزار ببغداد.
وحكى ابن الجوزي في «مناقب أحمد: 297»، عن عبد الله بن موسى قال: خرجت أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور أحمد فاشتدّت الظلمة، فقال أبي: يابنيّ تعال حتّى نتوسّل إلى الله تعالى بهذا العبد
وقال في ص418: عن أبي الحسن التميمي، عن أبيه، عن جده: إنّه حضر جنازة أحمد بن حنبل قال: فمكثت طول اسبوع رجاء أنْ أصل من ازدحام الناس عليه، فلما كان بعد اسبوع وصلت إلى قبره.
قال في «المنتظم 10: 283»: وفي أوائل جمادي الاخرة ـ سنة574هـ ـ تقدّم أمير المؤمنين بعمل لوح ينصب على قبر الامام أحمد ابن حنبل، فعمل ونقضت السترة جميعها وبنيت بآجر مقطوع جديدة وبنى له جانبان، ووقع اللوح الجديد وفي رأسه مكتوب: هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين، وفي وسطه: هذا قبر تاج السنة وحيد الامة العالي الهمة العالم العابد الفقيه الزاهد الامام أبي عبد الله أحمد ابن محمد بن حنبل الشيباني رحمه الله، وقد كتب تاريخ وفاته وآية الكرسي حول ذلك، ووعدت بالجلوس في جامع المنصور فتكلمت يوم الاثنين سادس عشر جمادي الاولى، فبات في الجامع خلق كثير وختمت ختمات واجتمع للمجلس بكرة ما حزر بمائة ألف وتاب خلق كثير وقطعت شعور ثمّ نزلت فمضيت إلى زيارة قبر أحمد فتبعني من حزر بخمسة آلاف.
وقال ابن بطوطة في الرّحلة 1: 142: قبره لاقبّة عليه، ويُذكر
وفي مختصر طبقات الحنابلة 37: تقدّم أمير المؤمنين في سنة 527هـ(1) ، بعمل لوح ينصب على قبر الامام أحمد، وحصل للشيخ أبي الفرج وللحنابلة التعظيم الزائد، وجعل الناس يقولون للشيخ: هذا كله بسببك.
الله يزور أحمد بن حنبل كلّ عام لنصرته كلامه
روى ابن الجوزي في «مناقب أحمد: 454»، قال: حدّثني أبوبكر بن مكارم ابن أبي يعلى الحربي ـ وكان شيخاً صالحاً ـ قال: كان قد جاء في بعض السنين مطر كثير جدّاً قبل دخول رمضان بأيّام، فنمت ليلة في رمضان فأريت في منامي كأني قد جئت على عادتي إلى قبر الامام أحمد بن حنبل أزوره، فرأيت قبره قد التصق بالارض مقدار ساف(2) أو سافين.
فقلت: انما يتم هذا على قبر الامام أحمد من كثرة الغيث، فسمعته من القبر وهو يقول: لا، بل هذا من هيبة الحق عزّ وجلّ،
____________
(1) في هذا التاريخ تصحيف، ولم يكن يولد فيه المستضيء بأمر الله القائم بعمل اللوح وكان أوائل بلوغ ابن الجوزي الحلم، فالصحيح ما مر من كلمة ابن الجوزي. «المؤلّف».
(2) الساف والسافة: الصف من الطين أو اللبن، ج: آسف وسافات. «المؤلّف».
فأقبلت على لحده أُقبّله ثمّ قلت: ياسيدي ما السرّ في إنّه لايقبّل قبر إلاّ قبرك؟ فقال لي: يابُني ليس هذا كرامة لي ولكن هذا كرامة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لانّ معي شعرات من شعره (صلى الله عليه وآله وسلم)، ألا ومن يحبّني يزورني في شهر رمضان، قال ذلك مرتين.
من يزور أحمد غفر الله له
أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخه 2: 460 عن أبي بكر بن أنزويه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام ومعه أحمد بن حنبل فقلت: يارسول الله من هذا؟ فقال: هذا أحمد وليّ الله ووليّ رسول الله على الحقيقة، وأنفق على الحديث ألف دينار.ثمّ قال: من يزوره غفرالله له;ومن يبغض أحمدفقدأبغضني،ومن أبغضني فقد أبغض الله.
وأخرج الخطيب البغدادي عن عبد العزيز قال: سمعت أبا الفرج الهندبائي يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدّة فرأيت في المنام قائلاً يقول لي: تركت زيارة قبر امام السنّة؟. «تاريخ بغداد 4: 423، مناقب أحمد لابن الجوزي: 481».
قال ابن الجوزي: وفي صفر سنة 542هـ رأى رجل في المنام
فضل زوار قبر أحمد
أخرج ابن الجوزي في «مناقب أحمد: 481»، عن أحمد بن الحسين، عن أبيه قال: قال الشيخ أبو طاهر ميمون: يابُنيّ رأيت رجلاً بجامع الرصافة في شهر ربيع الاول من سنة ستين وأربعمائة فسألته فقال: قد جئت من ستمائة فرسخ. فقلت: في أيّ حاجة؟ قال: رأيت وأنا ببلدي في ليلة جمعة كأنّي في صحراء أو في فضاء عظيم، والخلق قيام وأبواب السماء قد فُتحت وملائكة تنزل من السماء تلبس أقواماً ثياباً خضراً ويطير بهم في الهواء، فقلت: من هؤلاء الذين اختصّوا بهذا؟ فقالوا لي: هؤلاء الذين يزورون أحمد ابن حنبل، فانتبهت ولم ألبث أنْ أصلحت أمري وجئت إلى هذا البلد وزرته دفعات وأنا عائد إلى بلدي إن شاء الله.
بركة قبر أحمد وجواره
أخرج بن الجوزي في مناقب أحمد 482 عن أبي يوسف بن بختان ـ وكان من خيار المسلمين ـ قال: لمّا مات أحمد بن حنبل رأى رجل في منامه كأنّ على كلّ قبر قنديلاً فقال: ماهذا؟ فقيل له:
وباسناده عن عبيد بن شريك قال: مات رجل مخنّث، فرُئي في النوم فقال: قد غُفر لي، دفن عندنا أحمد بن حنبل فغفر لاهل القبور.
وباسناده في ص483 عن أبي علي الحسن بن أحمد الفقيه قال: لمّا ماتت أمّ القطعيي دفنها في جوار أحمد بن حنبل، فرآها بعد ليال فقالت: يابُنيّ رضي الله عنك فلقد دفنتني في جوار رجل ينزل على قبره في كلّ ليلة ـ أوقالت في كلّ ليلة جمعة ـ رحمة تعم بجميع أهل المقبرة وأنا منهم.
قال: قال أبو علي: وحكى أبو ظاهر الجمّال ـ شيخ صالح ـ قال: قرأت ليلة وأنا في مقبرة أحمد بن حنبل قوله تعالى: (فمنهم شقيّ وسعيد)(1) ، ثمّ حملتني عيني فسمعت قائلاً يقول: ما فينا شقيّ والحمد لله ببركة أحمد.
وقال: بلغني عن بعض السلف القدماء قال: كانت عندنا عجوز من المتعبّدات قد خلت بالعبادة خمسين سنة، فأصبحت ذات يوم مذعورة فقالت: جاءني بعض الجنّ في منامي فقال: إنّي قرينك من الجنّ وإنّ الجنّ استرقت السمع بتعزية الملائكة بعضها بعضاً بموت
____________
(1) هود 105.
قال الاميني: هذه نماذج من كلمات الحنابلة في زيارة قبر امامهم أحمد وبركة جواره، وهذه سيرتهم المطّردة فيها وفي زيارة قبور مشايخهم كما يأتي، فشتّان بينها وبين ماتره ابن تيميّة ومن لفّ لفّه، فانهم شذوا عن تلكم الاراء، وأتوا بأحداث تافهة، وعزوا إلى الاسلام ما لا يُرصف به.
23 ـ ذو النون المصري المتوفّى 246هـ، دفن في القرافة الصغرى وعلى قبره مشهد مبني، وفي المشهد قبور جماعة من الصالحين، وزرته غير مرّة. قاله ابن خلكان في تاريخه 1: 109.
24 ـ بكار بن قتيبة بن أسد الثقفي البكراوي البصري الحنفي الفقيه بمصر سنة 270هـ، دفن بالقرافة وقبره مشهور يُزار ويُتبرك به، ويقال: إنَّ الدّعاء عند قبره مستجاب. «الجواهر المضيئة1:170».
25 ـ ابراهيم الحربي المتوفّى 285هـ، دُفن في بيته، وقبره ظاهر يتبرّك الناس به. قاله ابن الجوزي في مناقب أحمد 509، وصفة الصفوة 2: 232.
27 ـ عليّ بن محمد بن بشّار أبو الحسن المتوفّى 313هـ، قبره ببغداد اليوم ظاهر يتبرّك به. «المنتظم 6: 199».
28 ـ يعقوب بن اسحاق أبو عوانة النيسابوري ثمّ الاسفرائيني الحافظ الشهير المتوفّى 316هـ، قال الذهبي في تذكرته 3: 3: قبر أبي عوانة مشهد مبني باسفرائين يُزار وهو بداخل المدينة.
وقال الحافظ ابن عساكر: إنَّ قبر أبي عوانة باسفرائين مزار العالم ومتبرّك الخلق، وبجنب قبره قبر الراوية عنه أبي نعيم، وقريب من مشهده مشهد الامام أبي اسحاق الاسفرائيني، والعوام يتقرّبون إلى مشهد أبي اسحاق أكثر مّما يتقربون إلى أبي عوانة، وهم لايعرفون قدر هذا الامام الكبير المحدث أبي عوانة، لبعد العهد بوفاته وقرب العهد بوفاة أبي اسحاق، وكان جدّي إذا وصل إلى مشهد الاستاذ أبي اسحاق لا يدخله احتراماً، بل كان يُقبّل عتبة المشهد، وهي مرتفعة بدرجات، ويقف ساعة على هيئة التعظيم والتوقير، ثمّ يعبر عنه كالمودع لعظيم الهيبة والقدر، وإذا وصل إلى مشهد أبي عوانة كان أشدّ تعظيماً له واجلالاً وتوقيراً ويقف أكثر من ذلك رحمهم الله أجمعين. «وفيات الاعيان 2: 469 ملخّصاً».
30 ـ الحافظ أبو الفضل صبح بن أحمد التميمي السمسار المتوفّى 384هـ، الدعاء عند قبره مستجاب. «شذرات الذهب 3: 109».
31 ـ الحافظ أبو الحسن علي بن محمد العامري المتوفّى 403هـ، عكف الناس على قبره ليالي يقرأون القرآن ويدعون له، وجاء الشعراء من كلّ أوب يرثون ويترحمّون. «البداية والنهاية11:351».
32 ـ أبو سعيد عبد الملك بن محمد الخركوشي المتوفّى 406هـ، قبره بنيسابور مشهور يُزار ويتبرّك به. «شفاء السقام للسبكي29».
33 ـ محمد بن الحسن أبو بكر ابن فورك الاصبهاني المتوفّى 406هـ، دفن بالحيرة من نيسابور ومشهده بها ظاهر يزار ويُستسقى به وتجاب الدعوة عنده. «وفيات الاعيان 2: 57».
34 ـ أبو علي الحسن بن أبي الهبيش المتوفّى 420هـ، قال ابن الجوزي في «المنتظم 8: 46»: قبره ظاهر بالكوفة وقد عمل عليه
35 ـ أبو جعفر بن أبي موسى المتوفّى 470هـ، «كان امام الحنابلة في وقته بلا مدافعة» نُبش قبر أحمد بن حنبل ودفن فيه، ولزم الناس قبره، فكانوا يبيتون عنده كل ليلة أربعاء ويختمون الختمات فيقال: إنّه قرىء على قبره تلك الايام عشرة آلاف ختمة. «شذرات الذهب 3: 337».
وقال ابن الجوزي في «المنتظم 8: 317»: كان الناس يبيتون هناك كلّ ليلة أربعاء ويختمون الختمات، وتخرج المتعيّشون فيبيعون المأكولات، وصار ذلك فرجة للناس، ولم يزالوا كذلك إلى أنْ جاء الشتاء فامتنعوا، فختم على قبره في تلك المدة أكثر من عشرة آلاف ختمة.
وقال ابن كثير: دفن إلى جانب الامام أحمد، فاتّخذت العامة قبره سوقاً ليلة أربعاء يترددون إليه. «البداية والنهاية 12:119».
36 ـ المعتمد على الله أبو القاسم محمد بن المعتضد اللخمي الاندلسي 488هـ، اجتمع عند قبره جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدونه بالمدائح ويجزل لهم المنائح، فرثوه بقصائد مطوّلات وأنشدوها عند قبره وبكوا عليه، فمنهم أبو بحر رثاه بقصيدة منها:
قبّلت في هذا الثرى لك خاضعاً | وجعلت قبرك موضع الانشاد |
37 ـ نصر بن ابراهيم المقدسي المتوفّى 490هـ، توفيّ بدمشق ودفن بباب الصغير وقبره ظاهر يُزار، قال النووي: سمعنا الشيوخ يقولون: الدّعاء عند قبره يوم السبت مستجاب(1) . «3: 396».
38 ـ أبو الحسن علي بن الحسن المصري فقيه الشافعية المتوفّى 492هـ، قال ابن الانماطي: قبره بالقرافة يُعرف باجابة الدّعاء عنده. «شذرات الذهب 3: 399».
39 ـ عليّ بن اسماعيل بن محمد المتوفّى 559هـ، قبره بفاس من مزاراتها بها المجاب عنده الدّعاء قاله السّاحلي، وفي «نيل الابتهاج: 198»: زرت قبره مراراً بفاس.
40 ـ الخضر بن نصر الاربلي الفقيه الشافعي المتوفّى 567 9هـ، قال ابن كثير في تاريخه 12: 287، نقلاً عن تاريخ بن خلكان: قبره يُزاروقدزرته غيرمرّة،ورأيت الناس ينتابون قبره ويتبركون به(2) .
41 ـ نور الدين محمود بن زنكي المتوفّى 569هـ، قال ابن كثير: قبره بدمشق يُزار، ويحلّق بشباكه ويطيب ويتبرك به كلّ مار
____________
(1)
(2) في هذه العبارة زيادة وتغيير على ما في تاريخ ابن خلكان 1: 189.
وفي شذرات الذهب 4: 231: روي أنّ الدّعاء عند قبره مستجاب ويقال: دفن معه ثلاث شعرات من لحيته (صلى الله عليه وآله وسلم)فينبغي لمن زاره أنْ يقصد زيارة شيء منه (صلى الله عليه وآله وسلم).
42 ـ القاسم بن فيرة الشاطبي المتوفّى 590هـ، دُفن بالقرافة وقبره مشهور يُقصد للزيارة، وقد زرته مرات وعرض علي بعض أصحابي الشاطبية عند قبره ورأيت بركة الدّعاء عند قبره بالاجابة رحمه الله ورضي عنه. «طبقات القرّاء 2: 23».
43 ـ أحمد بن جعفر الخزرجي أبو العباس السبتي نزيل مراكش والمتوفّى بها سنة 601هـ، قبره معروف مزار مزاحم عليه مجرب الاجابة، زرته مراراً لاتحصى، وجرّبت بركته غير مرة.
وقال ابن الخطيب السلماني في كلام له: ويبلغ وارد ذلك المزار في اليوم الواحد ثمانمائة مثقال ذهب عين; وربما وصل بعض الايام ألف دينار، وتصرف كلها في ذوي الحاجات المحتفّين به من أهالي تلك الديار.
قال صاحب «نيل الابتهاج» بعد كلام طويل حول هذا المزار: قلت: وإلى الان مازال الحال على ماكان عليه في روضته من ازدحام الخلق عليها وقضاء حوائجهم، وقد زرته ما يزيد على خمسمائة مرة، وبتّ هناك ما ينيف على ثلاثين ليلة، وشاهدت بركته في الامور.ثمّ ذكر قصة يهودي توسّل به وقضيت حاجته.
44 ـ محمد بن أحمد الحنبلي أبو عمرو المقدسي المتوفّى 607هـ، قبره يُزار، ولمّا دفن رأى بعض الصالحين في منامه تلك الليلة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)وهو يقول: من زار أبا عمرو ليلة الجمعة فكأنما زار الكعبة، فاخلعوا نعالكم قبل أنْ تصلوا إليه. «شذرات الذهب5:30».
45 ـ سيف الدين أبو الحسن القميري المتوفّى 653هـ بنابلس، الدّعاء عند قبره مستجاب. «شذرات الذهب 5: 161».
46 ـ اسحاق بن يحيى أبو ابراهيم الاعرج المتوفّى بفاس 683هـ الدعاء عند قبره مستجاب. «نيل الابتهاج: 100».
47 ـ الشيخ أحمد بن علي البدوي المتوفّى 675هـ، دفن بطندنة وجعلوا على قبره مقاماً، واشتهرت كراماته وكثرت النذور إليه. «شذرات الذهب 5: 346».
48 ـ الشيخ حسين الجاكي المتوفّى 730هـ، قبره ظاهر يُزار كلّ ليلة أربعاء وصبيحتها. «طبقات الاخيار 2: 2».
49 ـ الشيخ أحمد بن علوان، قال اليافعي في مرآته 4: 357: ومن كراماته أنّ ذرية الفقهاء الذين كانوا ينكرون عليه صاروا يلوذون عند النوائب بقبره ويستجيرون من خوف السلطان به، وإلى ذلك وبعض مناقبه الحميدة أشرت في قصيدة.ثمّ ذكر خمسة أبيات.
51 ـ أبو عبد الله القرشي الاندلسي توفيّ ببيت المقدس، قبره مقصود بالزّيارة. «شذرات الذهب 4: 342».
52 ـ الشيخ أبو بكر بن عبد الله العيدروس باعلوي توفيّ سنة 914هـ بعدن، وقبره بها أشهر من الشمس الضاحية، يُقصد للزيارة والتبرّك من الاماكن البعيدة، سبعة في «تريم» يعتقد أهل زبيد أنّ من زارهم سبعة أيام متوالية قضيت حاجته، قال الشيخ علي بن أبي بكر في الثناء عليهم:
بباب سهام سبعة من مشايخ | لقاصدهم ذخر وكنز لمقلل |
فيونس ابراهيم مرزوق جبرتي | وأفلح مياد كذا ابن الرضاالولي |
زيارتهم نجح لكلّ حوائجي | وفي الخلد سكنى للذي زار مقبل |
«تريم» بها منهم ألوف عديدة | بساحة بشّار شموس الهدى قل |
زيارة كلّ منهم صحّ أنّها | لما شئت من جلب ودفع محصل |
وإنْ قيل ترياق جرّبا | وفي ربع بشّار شفى كلّ معضل |
توجد في المعاجم وكتب التراجم والتاريخ أضعاف ماذكر من القبور المزورة اقتصرنا بالمذكور روماً للاختصار.
منتهى القول في زيارة القبور
هذا قليل من كثير مّما تداول بين أجيال المسلمين منذ عهدهم المتقادم، من لدن عهد الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان، ثمّ في أدوراهم المتتابعة من زيارة قبر نبيهم الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)ومراقد الائمة والاولياء والصالحين والعلماء وشدّ الرحال اليها، والتوسّل والاستشفاع بها، وفي الزائرين علماء أعلام وأئمة يقتدى بهم في المذاهب، على أنّ نقلة هذه الاقاويل علماء وقادة ارتضوا تلكم الاعمال بنقلهم لها في مقام فضيلة المقبورين وأرباب هاتيك المشاهد، فعلى ذلك وقع التسالم بين فرق المسلمين في قرونهم المتطاولة، وذلك يُنبيء عن الاجماع المتحقق بين طبقات الامة الاسلامية على استحسان ذلك كله وكونه سنّة متّبعة.
وأنت أيها القارئ الكريم إذا أعرت لما تلوناه عليك أذناً واعية، فهل تجد لما يصفه ابن تيميّة ومن يرقص لماله من مكاء وتصدية
فهل كان المسلمون الاولون يرون مايأتون به من الاعمال في مشاهد الموتى كفريّة ثمّ يتقرّبون به إلى الله تعالى؟ حاشا لا نتّهم فرق المسلمين عامّة بمثل هذه الفرية الشائنة.
وهل تجد شيئاً من هاتيك الاعمال مختصّاً بالشيعة فحسب؟ لاها الله.
وهل الاعمال التي تأتي بهاالشيعة عند القبور ـ وقد زعم الرجل أنّها كاشفة عن الغلوّ والتأليه لعلي وولده ـ غير مايأتي به أهل السنة وفي مقدمهم أئمتهم عند تلكم المزارات من لدن عصر الصحابة حتى اليوم، من سرد ألفاظ زيارة جامعة الفضائل المزور، ومن الدّعاء عند قبره، والصلاة لديه، وختم القرآن عنده واهداءه إليه، والتوسّل والاستشفاع به، وطلب قضاء الحاجة من الله تعالى بوسيلته، والتبرّك به بالتزام أو تمريغ أو تقبيل، وتعظيمه بكلّ مااقتضته حرمته واستوجبه خطره.
فلو صحّت أحلام ابن تيميّة وتابعيه، وتكون هذه الاعمال بدعة وضلالاً وغلّواً أو تأليهاً، وفاعلها خارجاً عن ربقة الاسلام، لم يبق عندئذ معتنق بالاسلام منذ يومه الاوّل إلاّ ابن تيميّة ومن لفّ لفّه.
فحقيق على القارئ الان أنْ يقف على كلمة «القصيمي» الاخرى، ويكون على بصيرة من أنّ الشيعة ليس بينها وبين
ذكر في الصراع 2: 648، قول العلاّمة الامين من قصيدة له:
لابدع أنْ كان الدعاءإليه فيـ | ـها صاعداً وبغيرهالم يصعد |
وقبل هذا البيت:
وكذاالصّلاة لدى القبور تبرّكاً | بذوي القبور فليس بالصنع الرّدي |
إنّ الائمة من سلالة هاشم | ثقل النبيّ وقدوة للمقتدي |
قالوا: الصّلاة لدى محلّ قبورنا | في الفضل تعدل مثلها في المسجد |
____________
(1) محمّد: 16.
عنهم روته لنا الثقات فبالهدى | عنهم إذا شئت الهداية فاقتد |
شرف المكان بذي المكان محقّق | وأخو الحجا في ذاك لم يتردّد |
خيرّ عبادة ربّنا في مثله | من غيره فإليه فاعمد واقصد |
وكذلكم طلب الحوائج عندها | من ربّنا أرجى لنيل المقصد |
بركاتها تُرجى لداع أنها | بركات شخص في الضريح موسّد |
لابدع أنْ كان الدّعاء إليه | |
...الخ |
وعدّ القول بالشفاء، وإجابة الدّعاء عند قبر الحسين السبط (عليه السلام)من آفات الشيعة في 2: 21.
____________
(1) الكهف 5.
المصادر
1 ـ اتحاف السادة المتّقين، للزبيدي، بيروت.
2 ـ احياء علوم الدين، للغزالي، دار الندوة الجديدة.
3 ـ ارواء القليل، للالباني، المكتبة الاسلامية.
4 ـ البداية والنهاية، لابن الاثير، دار الفكر.
5 ـ تأريخ اصفهان، لابي نعيم، بيروت.
6 ـ تأريخ بغداد، للخطيب البغدادي، بيروت.
7 ـ تذكرة الموضوعات، لابن القيسراني، السلفية.
8 ـ تذكرة الموضوعات، للفتني، بيروت.
9 ـ الترغيب والترهيب، للمنذري، مصطفى الحلبي.
10 ـ تلخيص الجير، لابن حجر، الفنيّة المتحدة.
11 ـ التهذيب، للشيخ الطوسي، المكتبة الاسلامية.
12 ـ الدر المنثور، للسيوطي، دار الفكر.
14 ـ السلسلة الصحيحة، للالباني، المكتب الاسلامي.
15 ـ السلسلة الضعيفة، للالباني، المكتب الاسلامي.
16 ـ سنن أبي داود، دار الفكر.
17 ـ سنن ابن ماجة، دار الفكر.
18 ـ سنن الترمذي، احياء التراث العربي.
19 ـ سنن الدارقطني، دار المحاسن.
20 ـ السنن الكبرى للبيهقي، دار الفكر.
21 ـ سننن النسائي، احياء التراث العربي.
22 ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض، دار الفيحاء.
23 ـ الصحاح، للجوهري، دار العلم للملايين.
24 ـ صحيح البخاري، احياء التراث العربي.
25 ـ صحيح مسلم، دار الفكر.
26 ـ الفقه على المذاهب الاربعة، لعبد الرحمن الجزري، دار الكتب العلمية.
27 ـ الفوائد المجموعة، للشوكاني، السنّة المحمدية.
28 ـ الكامل في الضعفاء، لابن عدي، دار الفكر.
29 ـ كشف الخفاء، للعجلوني، دار التراث العربي.
30 ـ كنز العمال، للهندي، الرسالة.
32 ـ مجمع الزوائد، للهيثمي، دار الكتاب العربي.
33 ـ مستدرك الصحيحين، للنيسابوري، دار الفكر.
34 ـ مسند أحمد بن حنبل، دار الفكر.
35 ـ مصنّف ابن أبي شيبة، دار الفكر.
36 ـ المطالب العالية، لابن حجر، التراث الاسلامي.
37 ـ معجم البلدان، لياقوت الحموي، دار احياء التراث العربي.
38 ـ المعجم الكبير، للطبراني، دار احياء التراث العربي.
39 ـ المنتظم، لابن الجوزي، دار الكتب العلمية.
40 ـ المهذّب في فقه الشافعي، للفيزوآيادي الشيرازي، دار المعرفة.
41 ـ نيل الاوطار، للشوكاني، دار الجيل.
42 ـ وفيات الاعيان، لابن خلكان، دار صادر.