الصفحة 11

مناقشة المتن:

نقل هذا الحديث عن سماك بن حرب اثنان، أبو الأحوص و سفيان الثوري. و بحسب رواية أبي الأحوص فإن هلب الطائي قال: " كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه ". و بحسب رواية سفيان فإنه قال: " رأيت النبي صلى الله عليه و سلم..".

و الرواية عن سفيان مضطربة، فقد سمع الحديث منه اثنان وكيع و يحيى القطان. و المذكور في رواية وكيع " رأيت النبي صلى الله عليه و آله و سلم واضعا يمينه على شماله في الصلاة ". أما المذكور في رواية يحيى فهو " يضع هذه على صدره (و صفّ يحيى اليمنى على اليسرى فوق المفصل) ".

فهذا حديث مضطرب سندا و متنا، و الله أعلم.

الحديث الرابع: حديث عبد الله بن مسعود

حصلنا على ثلاث روايات لهذا الحديث. واحدة أخرجها النسائي(35). و الثانية أخرجها ابن ماجة(36). و الثالثة أخرجها أبو داود(37).

نص الحديث:

بحسب رواية النسائي ينص الحديث على أن عبد الله بن مسعود قال: " رآني النبي صلى الله عليه و سلم قد وضعت شمالي على يميني في الصلاة فأخذ بيميني فوضعها على شمالي ".

سند الحديث:

المخطط رقم (4) يوضح سند هذا الحديث برواياته الثلاثة.

و يعاني هذا السند من مشاكل عديدة.

أولها يخص الحجاج بن أبي زينب. إذ اختلف فيه علماء الرجال. فقد ذكره ابن حبان في الثقاة. و قال ابن عدي و أبو داود: لا بأس به. و ضعفه علي بن المديني و النسائي و أحمد. و اختلفت الرواية عن الدارقطني، فضعفه في موضع و وثقه في موضع آخر(38). و ذكر العقيلي حديثه هذا عن ابن مسعود و قال: لا يتابع عليه(39).

المشكلة الثانية تخص هشيم بن بشير. فمع أن علماء الرجال وثقوه و مدحوه، إلا أنهم اتفقوا على أنه مدلس، فإن قال: أخبرنا فهو حجة، و إن لم يقل فليس بشيء(40). و في هذا الحديث اختلاف، ففي النسائي و أبي داود " هشيم عن الحجاج بن أبي زينب "، أما عند ابن ماجة فـ " أنبأنا هشيم أنبأنا الحجاج بن أبي زينب ".

و لكن إذا تابعنا سند رواية ابن ماجة في المخطط رقم (4)، نلاحظ إن هشيما توفي سنة 183 هـ، أما تلميذه أبو إسحاق الهروي فقد ولد سنة 178 هـ. أي أن التلميذ كان عمره 5 سنوات فقط عندما توفي أستاذه مما لا يبقي لنا أي مجال سوى عدم الاعتداد برواية ابن ماجة لعدم دقة سندها.

و حيث أن رواية النسائي فيها عنعنة هشيم عن أبي الحجاج، و ليس فيها تصريح بالسماع، فهذا الحديث كله ليس بشيء، و الله أعلم.

مناقشة المتن:

ليست لدينا أية ملاحظات على مضمون الحديث، فالمشكلة الأساسية التي تسقطه من الاعتبار هي في سنده. و لا معنى لمناقشة المتن بعد سقوط السند.

____________

(35) سنن النسائي، الحديث رقم 878.

(36) سنن ابن ماجة، الحديث رقم 803.

(37) سنن أبي داود، الحديث رقم 644.

(38) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج2 ص177؛ و أحمد بن حنبل، العلل و معرفة الرجال، ج1 ص553 رقم 1317.

(39) العقيلي، الضعفاء، ج1 ص283 رقم 343.

(40) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج11 ص53.


الصفحة 12


المخطط رقم (4)
سند حديث عبد الله بن مسعود

الحديث الخامس: حديث جابر بن عبد الله

حصلنا على رواية واحدة لهذا الحديث أخرجها أحمد بن حنبل في مسنده(41).

نص الحديث:

قال أحمد بن حنبل: " حدثنا محمد بن الحسن الواسطي (يعني المزني): حدثنا أبو يوسف الحجاج (يعني ابن أبي زينب الصيقل)، عن أبي سفيان، عن جابر قال: مر رسول الله

____________

(41) مسند أحمد، الحديث رقم 14558.


الصفحة 13
صلى الله عليه و سلم برجل و هو يصلي و قد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها و وضع اليمنى على اليسرى ".

سند الحديث:

المخطط رقم (5) يوضح سند هذا الحديث.

و الملاحظ هنا أن الحجاج بن أبي زينب راوي الحديث السابق هو نفسه راوي هذا الحديث. و قد ذكرنا آنفا اختلاف علماء الرجال فيه.


المخطط رقم (5)
سند حديث جابر بن عبد الله الأنصاري

كما أن هناك مشكلة في طلحة بن نافع، إذ أكد عدد من علماء الرجال أنه لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث فقط مكتوبة في صحيفة. و قد ذهب ابن حجر العسقلاني إلى أن تلك الأحاديث الأربعة هي التي رواها البخاري في صحيحه، و عدّدها(42)، و ليس من ضمنها هذا الحديث الذي نناقشه هنا.

وإذا تذكرنا أن عددا من علماء الرجال ضعّـفوا الحجاج بن أبي زينب، فلن يكون أمامنا مفر من اتهامه بوضع هذا الحديث و نسبته إلى طلحة بن نافع عن جابر زورا و كذبا.

مناقشة المتن:

إن العلاقة بين هذا الحديث و الحديث الذي قبله واضحة جدا. فالحديثان رواهما الحجاج بن أبي زينب، الذي على ما يبدو وضع حديث ابن مسعود، فلما لم يجد أحدا يتابعه عليه أراد تأكيده فوضع حديث جابر هذا.

____________

(42) ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج5 ص24.