____________
(1) كما نص عليه سيدنا الامام ابو محمد الحسن بن الهادي الصدر الموسوي العاملي الكاظمي في كتابه نهاية الدراية وتصدى لذلك ابن حجر صاحب المصالت وعبد الحق الدهلوي شارح مشكاة المصابيح وغيرهما من اعلام اهل السنة.
(2) نص على ذلك ابن يسع في كتابه معرفة اصول الحديث وهو من فحول علماء اهل السنة.
(3) نص على ذلك من اهل السنة ابن الصلاح في مقدمته المعروفة بأصول الحديث.
ثمُ يعرض عن سبط رسول الله الأكبر، وريحانته من الدنيا الحسن بن علي امام الامة وسيد شباب اهل الجنة، وعن الصادقين من أهل البيت، وهم أعدال الكتاب، وسفينة النجاة وباب حطة وامان هذه الامة(1) .
وأما قول هذا الرجل: وكان الصادق يأمر بما فيه خلاف أهل السنة والجماعة. فجوابه: أنه عليه السلام إذا استفتاه من يعرفه بالعمل بهديه يفتيه بما عنده من ذلك، وإذا استفتاه من يعرفه باتباع غيره أجابه بما جاء عنهم، وإذا سأله من لا يعرفه، قال في الجواب: جاء عن فلان كذا، وعن فلان كذا، فيذكر في الأثناء مذهب أهل البيت في المسألة. هذه طريقته، وربما كانت طريقة غيره من أئمة أهل البيت، وقد قال عليه السلام لمعاذ بن مسلم الهراء(2) «بلغني أنك تقعد في
____________
(1) لنا هنا كلام لا يستغني عنه المدققون اودعناه في كتابنا تحفة المحدثين.
(2) هو ابو مسلم النحوي الكوفي واضع علم الصرف كان من اصحاب الصادق المبرزين في شيعته ذكره ابن خلكان فقال: قرأ عليه الكسائي وروى عنه وحكيت عنه في القراآت حكايات كثيرة وصنف في النحو كثيراً وكان يتشيع قلت: وقد ذكرنا احواله على سبيل التفضيل في كتابنامختصر الكلام في مؤلفي الشيعة من صدر الاسلام.
قلت: وحيث كان من سيرته عليه السلام هذا الصنع روى الناس عنه في اللمسائل الخلافية أحكاماً متعارضة، فالتبست بعد ذلك على أوليائه فسألوه عنها، فكان مضمون جوابه: أن ماكان منها موافقا للعامة فانما قلته له كي يأخذوا بمذهبهم، وما كان منه مخالفا لهم فانما قلته بيانا للحقيقة كي يأخذبه المقتدون بنا.
وهذا كل ما عندنا من العمل بالأخبار المتعارضة الصحيحة إذا لم يكن شيء منها مؤيداً بآية من كتاب الله عز وجل، وفيه من احترام مذاهب المسلمين كافة ما لا يخفى على أولي
لا اشك أن موسى جارالله رأى عمر بن قيس ـ وهو من أعلام أهل السنة وأعيان التابعين ـ يقول(1) : من أراد الحق فليأت الكوفة فلينظر ما قال أبو حنيفة وأصحابه فليخالفهم. ا هـ. أو رأى عمار بن زريق ـ وهو من أعلام التابعين وشيوخ أهل السنة أيضا ـ يأمر أبا الجواب فيقول له: خالف أبا حنيفة فانك تصب. ا هـ. أو رأى عمار بن زريق المذكور يقول: إذا سئلت عن شيء فلم يكن عندك شيء، فانظر ما قال ابو حنيفة فخالفه، فانك تصب. ا هـ. أو رأى ابن عمار يقول: إذا شككت في شيء فنظرت إلى ما قال أبو حنيفة فخالفه، كان هو الحق فان البركة في خلافه، أو رأى غيرهم من أمثالهم، ينسجون في هذا القول على منوالهم، فظن ان الصادق عليه السلام إنما يرمي إلى هذا الغرض (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس) .
____________
(1) فيما اخرجه عنه الخطيب في ترجمة ابي حنيفة ص407 من المجلد 13 من تاريخ بغداد فراجعه وراجع هناك ما اخرجه عن عمار بن زريق وابنه وغيرهما.
(المسألة التاسعة)
تتعلق بتنزيل بعض الآيات وتأويلها
قال: في كتب الشيعة أبواب في آيات نزلت في الأئمة والشيعة؛ وآيات نزلت في كفر فلان وفلان؛ وكفر من اتبعهما، والآيات تزيد على مئة، ثم سأل عن رأينا في تنزيلها وفي تأويلها(1)
(فأقول): أما ما نزل في فضل الأئمة من أهل البيت وشيعتهم فمسلم بحكم الضرورة من علم التفسير بالمأثور من السنن، وبحكم ما ثبت في السنة المقدسة من أسباب النزول، وقد قال
____________
(1) نحيله في الجواب على كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن للامام الطبرسي الامامي فكل ما ينقله عن الشيعة في تنزيل الآيات وتأويلها حق، وقد طبع هذا السفر الجليل مرارا في ايران، وطبع في مطبعة العرفان بصيدا، فشكر الله العارف جهوده في سبيل نشره وطوبى لمن أنعم الله عليه بنسخة منه فان فيه علوماً جمة ولعمري إنه من أفضل ما أخرجته أقلام هذه الامة وقد نفدت نسخه وفي عزمه اعادة طبعه بمعونة الله تعالى.
ابن عباس: نزل في علي (وحده) ثلاث مئة آية(1) وقال غيره نزل فيهم ربع القرآن، ولا عجب فانهما الثقلان لا يفترقان ومن آثر التفصيل فعليه بكتاب غاية المرام المنتشر في بلاد الاسلام(2) وحسبه المراجعة 12 من مراجعاتنا، ويكفيه الفصل الأول من الباب 11 من الصواعق المحرقة لا بن حجر، ومن كان في قلبه مرض فعليه، بكلمتنا الغراء فانها الشفاء من كل داء.
وأما نزول شيء من القرآن في كفر فلان وفلان، فانه مما نبرأ إلى الله منه، والبلاء فيه انما جاء من بعض غلاة المفوضة، وربما كان في كتبهم فرآه هذا الرجل فيها فرمى البريء بحجر المسيء، شأن الجهال، بحقائق الأحوال، ومن تدبر آيات المنافقين في الذكر الحكيم وجدها تعطفهم على الكفار وتارة نحو قوله تعالى (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) وتعطف الكفار
____________
(1) اخرجه ابن عساكر عن ابن عباس كما في الفصل 3 من الباب 9 من الصواعق المحرقة لابن حجر ص76.
(2) ونسأل الله التوفيق لنشر كتابنا الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة فان فيه التفصيل.
(المسألة العاشرة)
في التقية
قال: ولكتب الشيعة في حيلة التقية غرام قد شغفها حبا الخ.
(فاقول): ان اخواننا من أهل السنة ـ اصلح الله شؤونهم ـ يستفظعون أمر التقية، وينددون بها، ويعدونها وصمة في الشيعة، مع أن العمل بها عند الخوف على النفس أو
____________
(1) هذه الآية والتي قبلها في سورة التوبة.
(2) هو باب التوبة التي دعاهم في هذه الآية اليها.
(3) هذه الآية في سورة الأحزاب.
والصحاح الحاكمة بالتقية عند الاضطرار اليها متواترة، ولا سيما من طريق العترة الطاهرة، وحسبك ماصح على شرط الشيخين، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن ابيه(3)
____________
(1) من سورة آل عمران.
(2) من سورة النحل.
(3) فيما اخرجه الحاكم في تفسير الآية من سورة النحل من صحيحه المستدرك ص357 من جزئه الثاني وصرح بأنه صحيح على شرط الشيخين وأورده الذهبي في تلخيصه مصرحاً بصحته على شرطهما أيضاً.
وقد مني الشيعة بملوك الجور، وولاة الظلم، فكانوا يسومونهم سوء العذاب يقطعون ايديهم وارجلهم، ويصلبونهم على جذوع النخل، ويسملون أعينهم، ويصطفون أموالهم،
____________
(1) أخرجه الحاكم في تفسير الآية من سورة آل عمران من مستدركه ص291 من الجزء الثاني مصرحاً بصحته على شرط الشيخين، واورده الذهبي في التلخيص مصرحاً بصحته على شرطهما أيضاً.
____________
(1) قال ابن الأثير عند ذكر هذا الحديث في مادة حنف من النهاية والحنيف عند العرب من كان على دين ابراهيم.
قلت: من تأمل بهذا علم ان أهلل السنة في مصر أخذوا بالتقية أيام الفاطميين أكثر مما أخذبها الشيعة أيام معاوية ويزيد وبني مروان والعباسيين والسلجوقيين والأيوبيين والعثمانيين وغيرهم، وشتان بين خوف اهل مصر من الفاطميين، وخوف الشيعة من تلك الدول، ولا سيما الدولة الاموية، فقد كان ملوكها وعمالها وعلماؤها ورؤساؤها والعامة بأجمعها لا يتحملون ولا يطيقون ذكر الشيعة، وكانت الكلمة متفقة على سحقهم ومحقهم فلولا خلودهم إلى التقية مابقيت منهم هذه البقية، فأي مسلم أو غير مسلم يرتاب في جوازها لهم؟ ولا سيما بعد أن صدع القرآن بها، ونص في آيتين محكمتين على اباحتها، ومن يشك في ذلك بعد أن قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمار: ان عادوا فعد، واذا جاز لعمار ان يعود الى سب النبي تقية فأي شيء بعد هذا لا تبيحه التقية؟. على أن النفوس بفطرتها مجبولة عليها في مقام الخوف، كما لا يخفى على كل ذي نفس ناطقة وموسى جارالله ندد أولا بها ثم اعترف، فقال ما هذا
قلت: تعالوا وانظروا بمن ابتلاني، كأن الشيعة وأئمتهم يأخذون بالتقية حيث لا خوف على حياتهم، ولا على شيء من حقوقهم، الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به هذا الرجل من الحمق، ولو شاء لفعل.
وأحمق من كلمته هذه تسوره على مقام الأئمة من آل محمد اذ يقول: أما التقية بالعبادة بأن يعمل الامام عملا لم يقصد به وجه الله، وانما أتاه وهما خوفا من سلطان جائر، والتقية بالتبليغ بأن يسند الامام الى الشارع حكما لم يكن من الشارع، فإن مثل هذه التقية لا تقع أبداً أصلا من امام له دين، ويمتنع صدورها من امام معصوم، وحمل رواية الامام وعبادة الامام على التقية طعن على عصمته، وطعن على دينه، الى آخر هذيانه في طغيانه، وكأنه وجد مما تؤآخذ عليه أئمة العترة في عملهم بالتقية أمرين.
احدهما انهم كانوا يعملون أعمالا لايقصدون بها وجه الله
والجواب: أن هذا خطأ واضح، فانهم عليهم السلام كانوا يقصدون وجه الله في كل ما يعملون، واخذهم بالتقية كان من افضل اعمالهم التي قصدوا بها وجه الله، لأنها السبب الوحيد في حياتهم وحياة شيعتهم، وبها كان إحياء امرهم، وانتشار دعوتهم، ولو قلنا لحضرة هذا ـ الفيلسوف ـ دلنا على مورد من اعمالهم التي لم يقصد بها وجه الله لأحرجنا موقفه.
الثاني انهم كانوا يسندون إلى الشارع على سبيل التقية احكاماً لم تكن صادرة منه على مذهبهم ومعتقدهم، وهذا مما لاتبيحه التقية لامام له دين.
والجواب: ان هذا كسابقه خطأ واضح، فإن أئمة أهل البيت أعدال الكتاب، وبهم يعرف الصواب، وكانوا ذوي مذهب تلقوه عن جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وكان من مذهبهم ان التقية تبيح بالمسأئل الخلافية أن يفتوا اهل الخلاف لهم بما جاء عن أئمتهم، ويفتوا شيعتهم بمايرونه الحق في مذهبهم، فتعارض النقل عنهم بسبب ذلك، لكن العلماء من أوليائهم، العارفين بأسرارهم، محصوا تلك الأحكام المأثورة عنهم في
أما ما اقترحه موسى جارالله على أئمة أهل البيت من السكوت عن الفتوى في مقام التقية ففي غير محله، لأن الله عز وجل أخذ على امثالهم ان يصدعوا بأحكامه، ويبينوا للناس ما اختلفوا فيه من شرائعه، وقد فعلوا ذلك ببيانها لأوليائهم على مايقتضيه مذهبهم، واضطروا الى بيانها لمن سألهم عنها من مخالفيهم على ما تقتضيه مذاهب المخالفين لهم، ولو لم يؤثر عنهم الثاني لحلت بهم اللأواء، ونزل بهم البلاء، وإذا أباحت التقية لعمار ما أباحته من سب رسول الله وذكر الأوثان بخير كما سمعت، فبالأحرى أن تبيح للامام افتاء مخالفيه بما تقتصيه مذاهبهم، وأي مانع من هذا يامسلمون؟.
قال موسى جارالله: وعلي امير المؤمنين عليه وعلى اولاده السلام كان يحافظ على الصلوات، ويراعي الأوقات، ويحضر الجماعات، ويصلي المكتوبات، ويصلي صلاة الجمعة مققتديا خلف الأول والثاني والثالث كان يقصد بها وجه الله فقط؛ ولم يكن يصلي صلاة إلا تقربا وتقوى واداء الخ.
قلت: حاشا امير المؤمنين ان يصلي الا تقربا لله واداء لما امره الله به، وصلاته خلفهم ماكانت الا لله خالصة لوجهه الكريم، وقد اقتدينا به عليه السلام فتقربنا الى الله عز وجل بالصلاة خلف كثير من ائمة جماعة اهل السنة، مخلصين في تلك الصلوات لله تعالى، وهذا جائز في مذهب اهل البيت، ويثاب المصلي منا خلف الامام السني كما يثاب بالصلاة خلف الشيعي، والخبير بمذهبنا يعلم انا نشترط العدالة في امام الجماعة اذا كان شيعياً، فلا يجوز الائتمام بالفاسق من الشيعة ولا بمجهول الحال، اما السني فقد يجوز الائتمام به مطلقا.
(المسألة الحادية عشرة)
قال: في كتب الشيعة ان عليا امير المؤمنين طلق فلانه ثم نقل خبرين آخرين من هذا القبيل.
(فأقول): هذه الأخبار وامثالها لا أثر لها عندنا علما ولا عملاً، فهي غير معتبرة بالاجماع، ويوشك ان يكون هذا الرجل وجدها في حديث المفوضة، فإن البلاء فيها وفي امثالها انما جاء منهم، لكن النواصب أبوا إلاّ أن يحملونا من أوزار الغالية مايشاؤون أو يشاء ورعهم في النقل كما بيناه في فصولنا
(المسألة الثانية عشرة)
تتعلق بعول الفرائض
وهو نقصان التركة عن ذوي السهام كأختين وزوج، فإن للأختين الثلثين، وللزوج النصف(2) .
وقد التبس الأمر فيها على الخليفة الثاني إذ لم يدر أيهم قدم الله فيها ليقدمه، وأيهم أخر ليؤخره، فقضى بتوزيع النقص على الجميع بنسبة سهامهم، وهذه غاية مايتحراه من العدل مع التباس
____________
(1) لا مندوحة هنا لكل بحاثة عن مراجعة الفصل 10 من الفصول المهمة ومراجعة ما علقناه على ص32 عند ذكر الفطحية في الفصل 6 من الطبعة الثانية.
(2) سمي هذا القسم عولا إما من الميل ومنه قوله تعالى (ذلك ادنى ألا تعولوا) وسميت الفريضة عايلة على اهلها بميلها بالجور عليهم بنقصان سهامهم، او من عال الرجل إذا كثر عياله لكثرة السهام فيها، أو من عال إذا غلب لغلبة اهل السهام بالنقص، او من عالت الناقة ذنبها إذا رفعته لا رتفاع الفرائض على اصلها بزيادة السهام.
____________
(1) كان الناس على عهده عليه السلام يفرضون كل شيء ستة اجزاء كل جزء سدس كما يُفرض اليوم في عرفنا اربعة وعشرين قيراطا وعليه فيكون مراده عليه السلام انكم لو تبصرون وجوه السهام إذا تعارضت لم تتجاوز السهام عن الستة وحيث انكم لم تبصروا طرقها فقد تجاوزت عن الستة إذ انكم تزيدون على الستة بقدر الناقص مثلا إذا اجتمع ابوان وبنتان وزوج فللأبوين اثنان من الستة وللبنتين اربعة منها فتمت الستة فتزيدون على الستة واحدا ونصفا للزوج فتتجاوز السهام من الستة إلى سبع ونصف وهذا ممتنع ولا يجوز على الله ان يفرضه ابدا.
قلت: واخرج الحاكم في كتاب الفرائض صفحة 340 من الجزء الرابع من المستدرك عن ابن عباس، أنه قال: أول من أعال الفرائض عمر، وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله، ما عالت فريضة، فقيل له: وايها قدم الله وأيها أخر؟ فقال: كل فريضة لم يهبطها الله عز وجل عن فريضة إلا إلى فريضة فهذا ماقدم الله عز وجل، وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا مابقي، فتلك التي أخر الله عز وجل كالزوج والزوجة والام، والذي أخر كالأخوات والبنات فإذا اجتمع من قدم الله عز وجل ومن اخر بدىء بمن قدم فأعطي حقه كاملا، فإن بقي شيء كان لمن أخر، الحديث. قال الحاكم بعد ايراده: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، قلت: والذهبي لم يتعقبه إذا أورده في التلخيص إذعانا بصحته، وقد أجمع أهل البيت على مفاده، وأخبارهم بذلك متضافرة، لكن موسى جارالله ممن لا يأبه بذلك، إذ يقول: وكتب الشيعة وإن ردّت القول بالعول وانكرت على الامة(1)
____________
(1) الشيعة نصف الامة فلا وجه لهذه النعرة.
ولموسى جارالله هنا من الغلط والشطط ما يعرفه كل من وقف على كلامه، وذلك حيث نقض على الباقر وابن عباس في امرأة ماتت عن زوج وام واختين، قال: فالزوج فرضه بتسمية القرآن النصف، والاختان لهما بتسمية القرآن الثلثان(1) والام لها في حكم القرآن الثلث او
____________
(1) لاحق في هذه الصورة للاختين اصلا لأن مراتب الارث بالنسب عند أهل البيت وشيعتهم ثلاث، المرتبة الاولى الآباء والامهات دون آبائهم وامهاتهم، والابناء والبنات وإن نزلوا على ماهو مفصل في محله، المرتبة الثانية الاخوة والاخوات والاجداد والجدات واولاد الاخوة والأخوات على ماهو مبين في مظانه، المرتبة الثالثة الاعمام والعمات والاخوال والخالات فلا يرث احد من المرتبة التالية مع وجود احد من المرتبة السابقة (واولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) هذا مذهب الأئمة من العترة الطاهرة وعليه اجماع الشيعة فالاختان من اهل المرتبة الثانية فلا ترثان مع وجود الام لأنها من المرتبة الأولى نعم للزوج في الصورة المذكورة نصف ماتركت زوجته والباقي لامها فرضاً ورداً ولا محل للعول هنا اصلا.
____________
(1) كيف يكون عادلا وقد تساوى فيه المقدم عند الله والمؤخر عند الله عز وجل.
(2) لا عول هنا اصلا لأن النقص في صورة التعارض انما يلحق الذي أخره الله تعالى فلم يجعل له حقاً اصلا لكن هذا الرجل يأبى إلا أن يكون الله عز وجل قد جعل في المال نصفا لشخص وثلثين لشخصين وثلثا لشخص رابع ذهولا منه تعالى عن زيادة هذه السهام على أصل المال وأن ادخال النقص على الجميع بالنسبة اصلاح لهذا الغلط تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً.
الامة والشيعة(1) (قال): والذي قسم المال وسمى السهام هو الذي احصى رمل عالج، بل وجميع ذرات جميع الكائنات(2) (قال): ويغلب على ظني ان القول: بأن لا عول عند الشيعة قول ظاهري قيل ببادىء الرأي عند بيان الاختلاف رداً لمذهب الامة(3) فإن العول هو النقص(4) فإن كان النقص في جميع السهام بنسبة متناسبة فهو العول العادل اخذت به الامة، وقد حافظت على نصوص الكتاب(5) وان كان النقص
____________
(1) ترى هذا الرجل يابى ان يكون الشيعة من الامة فأين دعواه بأن ضالته المنشودة في هذه المسائل إنما هي الوحدة الاسلامية.
(2) الذي احصى جميع ذرات الكائنات لا يخفى عليه ان المال لا يكون فيه نصف ونصف وثلثان فكيف يفرضها متعارضة يامسكين.
(3) هكذا الفلسفة والا فلا.
(4) بل هو الجور بنص اهل اللغة يقال: عال في الحكم يعول عولا إذا جار فيه ومال عن الحق فهو عائل اي جائر ومنه قول بعض العرب ـ له شاهد من نفسه غير عائل ـ واحكام الله لا جور فيها تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً.
(5) لا يكون العول عادلا الا اذا كان الاكوس عريض اللحية، وحاشا كتاب الله ان يأمر بالعول وكيف يكون الآخذ به محافظا على نصوص الكتاب إلا محافظة الجاهل بمفادها الاعمى عن مرادها.
____________
(1) هذا المسكين لا يفهم معنى المؤخر والمقدم وإلا فكيف يجعل النقص في سهم المؤخر عولا، ولعل ما ذكرناه آنفا لا يكفي لفهمه فنقول له عوادا على بدء: يا هذا ان تأخير من اخره الله في الارث عمن قدمه الله عليه لا يكون عولا ابدا، اترى لو مات رجل وله اولاد واولاد اولاد فقدمنا الاولاد على اولادهم مثلا أيكون هذا عولا؟ كلا بل لو كان تقديم المقدم عولا جائراً كما يقول هذا المسكين لكان اختصاصه بميراث ابيه دوننا عولا ـ فالرجل ممن لا يكادون يفقهون قولا.
(2) عرفت انه لا اشكال اصلا وحاشا ابن عباس من التحير. وما ظلمه موسى جارالله ولا ظلم الباقر بتسوره على مقامهما بالبهتان (ولكن كانوا انفسهم يظلمون)
فصل
قال هذا المسكين: أعجبني دين الشيعة في تحريم كل شراب يسكر كثيره، قليله حرام، حتى أن المضطر لا يشرب الخمر ساعة الاضطرار، إلى ان قال: ولم يعجبني فتواهم في جزيئات مسائل الربا، و وجدت ما طالعته من كتب الشيعة مقصرة في بيان مسائل الربا الخ.
(فأقول): دين الشيعة إنما هو الاسلام الذي بعث الله به خاتم الرسل وسيد الأنام، محمداً عليه وآله الصلاة والسلام، فلا معنى لقول هذا الرجل: أعجبني دين الشيعة (كبرت كلمة تخرج من افواهمم) وقد صدق فيها نقله عن الشيعة من تحريم كل شراب يسكر، غير انه اخطأ فيما نقله عنهم من حكم المضطر، إذ يجوز عندهم تناول المحرم عند خوف التلف بدون تناوله، أو حدوث المرض أو زيادته، او الضعف المؤدي الى التخلف عن الرفقة مع ظهور امارة العطب على تقدير التخلف، او غير ذلك من سائر مصاديق الاضطرار، والظاهر عدم الفرق في هذا الحكم بين الخمر وغيرها من المحرمات، كالميتة والدم ولحم
اما قول هذا الرجل: لم يعجبني فتواهم في جزئيات مسائل الربا، و وجدت ما طالعته من كتب الشيعة مقصرة في بيان مسائل الربا الخ.
(فأقول) في جوابه:
____________
(1) هي قوله تعالى في سورة البقرة: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه) . ومثلها آيتا سورة الانعام.
(2) فليراجعه طلابه في باب الأطعمة والاشربة من الكتب الفقهية.
ومن راجع فقه الاماامية وحديثهم، وجدهما لا يغادران صغيرة ولا كبيرة من مسائل الربا إلا أحصياها، وانا أحيل الباحثين عن ذلك على مباحث الربا من باب التجارة من كتاب شرائع الاسلام وشروحه، كجواهر الكلام، وهداية الانام، ومسالك الافهام، وغيرها كقواعد العلامة، وشروحها مفتاح الكرامة، وجامع المقاصد، وغير ذلك من الالوف المؤلفة المنتشرة في بلاد الاسلام، وحسبه من كتب الحديث، وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة.
(المسألة الثالثة عشر)
تتعلق في البداء والمتعة والبراءة
والمسح على الخفين فهنا اربعة مباحث
«المبحث الأول» في البداء وقد زعم النواصب أنا نقول: بأن الله عز وجل قد يعتقد شيئاً ثم يظهر له أن الأمر بخلاف ما اعتقد، وهذا افك منهم وبهتان، وظلم لآل محمد وعدوان،
وهذا مذهب عمر بن الخطاب وابن مسعود(1) وابي وائل وقتادة(2) وقد رواه جابر عن رسول الله
وكان كثير من السلف الصالح يدعون ويتضرعون إلى الله تعالى ان يجعلهم سعداء لا أشقياء، وقد تواتر ذلك عن أئمتنا
____________
(1) نقله عنهما فخر الدين الرازي في تفسير هذه الآية من سورة الرعد ص210 من الجزء الخامس من تفسيره الكبير؛ ونقل ثمة حديث جابر الذي أشرنا اليه.
(2) نقله عنهما وعن عمر وابن مسعود إمام المفسرين في معنى الآية من مجمع البيان ص298 من مجلده الثالث طبع العرفان
هذا هو البداء الذي تقول به الشيعة تجوزوا في اطلاق البداء عليه بعلاقة المشابهة، لأن الله عز وجل اجرى كثيراً من الأشياء التي ذكرناها على خلاف ما كان يظنه الناس فأوقعها مخالفة لما تقتضيه الامارات والدلائل، وكان مآل الامور فيها مناقضاً لأوائلها، والله عز وجل هو العالم بمصيرها ومصير الأشياء كلها، وعلمه بهذا كله قديم أزلي، لكن لما كان
____________
(1) اخرجه ابن أبي شيبة من حديث علي كما في ص251 من الجزء الاول من كنز العمال، واخرجه أيضاً ابن مردويه كما في آخر الصفحة المذكورة من الكنز.
(2) اخرجه الحاكم في تفسير سورة الرعد من المستدرك في اول ص 350 من جزئه الثاني، واخرجه الذهبي في تلخيصه مصرحين بصحته
فالنزاع في هذه المسألة بيننا وبين اهل السنة لفظي، لأن ما ينكرونه من البداء الذي لا يجوز على الله عز وجل تبرأ الشيعة منه، وممن يقول به براءتنا من الشرك بالله ومن المشركين، وما يقوله الشيعة من البداء بالمعنى الذي ذكرناه يقول به عامة المسلمين، وهو مذهب عمر بن الخطاب وغيره كما سمعت، وبه جاء التنزيل (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب) (يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن) أي كل وقت وحين يحدث أموراً ويجدد احوالاً من اهلاك وانجاء وحرمان واعطاء، وغير ذلك كما روي عن