(المسألة الرابعة عشرة)
تتعلق بارث علي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
قال هذا الرجل: 14 حديث عرض النبي ارثه لعمه سيدنا العباس وابن عمه علي امير المؤمنين في الوافي عن الكافي(1)
____________
(1) هذا الرأي ايضا من مكتشفات هذا الفيلسوف التي اكتشفها في القرن الرابع عشر أو في القرن العشرين كما يقولون، فعلى الأمة ان تخضع لاعطائه الامتياز به.
(الجواب): أن ما ذكره من شأن الارث فإنما هو شأن التراث المالي، اما وراثة العلم والحكمة والملك، فإنها من رحمة الله التي يختص بها من يشاء من أنبيائه واوصيائهم
____________
(1) هذا القول ثابت عن علي بعين لفظه وقد اخرجه الحاكم في مناقبه عليه السلام ص126 من الجزء 3 من المستدرك بالسند الصحيح على شرط الشيخين واعتراف الذهبي بذلك حيث اورده في التلخيص.
(2) فيما اخرجه الضياء المقدسي في المختارة وابن جرير في تهذيب الآثار والنسائي في ص18 من الخصائص العلوية، ونقله ابن ابي الحديد عن تاريخ الطبري في اواخر شرح الخطبة القاصعة ص255 من المجلد 3 من شرح النهج وهذا الحديث هو الحديث 6155 في ص408 من الجزء 6 من كنز العمال ودونك ص159 من مسند الامام احمد تجد الحديث بالمعنى.
قلت: لا يخفى أن تساؤل الناس عن السبب في حصر هذا التراث بعلي دون غيره، دليل على علمهم بهذه التّخصة، وأنها كانت عندهم من المسلمات، وإنما كانوا يتساءلون عن اسبابها،
____________
(1) ص125 من جزئه الثالث واخرجه ابن ابي شيبة في مسنده وهو الحديث 6084 في ص400 من الجزء 6 من كنز العمال.
____________
(1) والتفصيل في المراجعة 68 من مراجعاتنا وماعلقناه عليها.
(2) في ص125 من الجزء 3 من المستدرك.
(3) وقد أوردناه في المراجعة 20 من مراجعاتنا فليقف عليه وعلى ما علقناه ثمة كل بحاثة مدقق.
وحديث بريدة(1) عن رسول الله إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم: لكل نبي وصي ووارث، وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب، وحديث ابن أبي أوفى في المؤاخاة، وفيه قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: وأنت أخي ووارثي، قال علي: وما أرث منك؟ قال، صلى الله عليه وآله وسلم: ما ورّث، الانبياء من قبلي، كتاب ربهم وسنة نبيهم، الحديث(2) ومثله حديث سلمان عن رسول الله، إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم(3) : إن وصيي، وموضع سري وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي، ويقضي ديني، علي بن ابي طالب. إلى مالا يحصى ولا يمكن أن يستقصى في هذه العجالة(4) مما ينقلب هذا الرجل به خاسئاً وهو حسير.
____________
(1) أوردناه في المراجعة 68 من المراجعات فراجعه وراجع ما علقناه ثمة عليه.
(2) أوردناه في المراجعة 32 فراجعه ولا نغفل عما نقلناه عليه. (3) فيما أخرجه الطبراني في الكبير كما في ص154 من الجزء 6 من كنز العمال وص203 من هامش الجزء 5 من مسند أحمد وهذا الحديث أوردناه في المراجعة 68.
(4) وحسبك ما أوردناه في كتاب المراجعات.
أما قوله: بأن العباس كان غنياً، وكان اعقل وأرفع من أن يرد عرض النبي بخلا أو غفلة عن عظيم الشرف، إلى آخر ماقاله عن أبي الفضل فصحيح، وحاشاه من أن يرده إلا ليري الناس اعترافه ـ على جلالة قدره وعظم شأنه ـ بحق علي وتقديمه اياه ـ مع كونه صنو أبيه وبقية أهليه ـ على نفسه، وبهذا ارتفع قدر أبي الفضل عند الله ورسوله، وعظمت منزلته في نفوس أولي الألباب، ورحم الله من عرف حده فوقف عنده.
واما مانقله هذا المرجف عن كتب الشيعة في شأن أم العباس فشيء لا نعلمه وكتب الشيعة الامامية تنزه العباس وامه، وتقدس أباه شيبة الحمد عن كل وصمة، فإنهم عليهم السلام لم تنجسهم الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسهم من مدلهمات ثيابها، وآبو الفضل العباس كان من افضل الناس عليه السلام.
(المسألة الخامسة عشرة)
فلسفة اشترعها دستوراً مكرماً! لتوحيد كلمة الاسلام اليوم.
قال: كل يعلم وكلنا نعلم أن البيوت الاموية والهاشمية والعباسية كانت بينها تراث وثارات وعداوات قديمة وحديثة
ان الطريق الوحيد إلى الوحدة الاسلامية بين طوائف المسليمن، انما هو تحرير مذاهبهم، والاكتفاء من الجميع بالمحافظة على الشهادتين، والايمان باليوم الآخر، واقام الصلاة،
____________
(1) ان شئت ان تعرف كنه مصادرته ومكابرته فعليك بالمراجعة 80 والمراجعة 82 من مراجعاتنا وما علقناه عليهما.
(المسألة السادسة عشرة)
فيمن يدين بولاية الجور، وفيمن يدين بولاية العدل
والمروي عن أئمة أهل البيت أن لا ولاية لأئمة الجور الذين قال الله تعالى في أمثالهم (وجعلنا أئمة يدعون إلى النار) وأن الولاية إنما هي لأئمة العدل الذين عناهم الله تعالى بقوله (يهدون بالحق وبه يعدلون) والمآثور عنهم عليهم السلام، أن من دان بولاية امام جائر فعقد قلبه على ولايته، كان كمن عناهم الله تعالى بقوله(1) سبحانه (ومن يتولهم منكم فانه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) وقوله تعالى(2) (ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) أما من دان بولاية إمام عادل فعقد قلبه على ذلك فهو ممن عناهم الله تعالى بقوله(3) (ومن يتول الله ورسوله
____________
(1) في سورة المائدة.
(2) في سورة الممتحنة.
(3) في سورة المائدة.
قال: يقول الباقر: إن الله قال: لأعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية امام جائر، وإن كانت الرعية في أعمالها برّة تقية(1) ولأعفون عن كل رعية في الاسلام دانت بولاية امام
____________
(1) الرعية إذا تدينت بولاية امام جائر يحكم بغير ما أنزل الله فتتعبد بحكمه لا ينفعها عملها إذ تكون ممن عناهم الله تعالى بقوله (وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) وقد اجمعت الامة على اشترط الايمان في قبول الأعمال ـ انما يتقبل الله من المتقين ـ بل اجمعت على اشتراطه في صحة العمل كما يدل عليه قوله تعالى في سورة الاسراء (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) .
____________
(1) لأنها تكون بسبب تدينها بولاية الامام العادل مصداقاً لقوله تعالى (خلطوا عملا صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم) فيكون قول الامام هنا نظير ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي ذر من بشارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بالجنة لكل موحد وان زنى وإن سرق وإن شرب الخمر.
(2) عرفت انها تنفخ روح النهضة المباركة في الرعايا إلى موازرة العدل وأهله ومكافحة الجور واهله.
(3) ان صحت هذه الكلمات عن الامام فهي من الاحاديث القدسية التي رواها عن الله عز وجل بواسطة جده صلى الله عليه وآله وسلم.
«المسألة السابعة عشرة»
تتعلق بالنسيء
قال: ما النسيء الذي هو زيادة في الكفر، الذي قال الله تعالى فيه (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله) .
(قال): وهل كان له عند العرب قبل الاسلام نظام يدور عليه حساب السنين.
(فأقول): النسيء مصدر كالنذير والنكير معناه التأخير، والمراد منه هنا تأخير الأشهر الحرم وغيرها من الأشهر القمرية عما رتبها الله سبحانه عليه، فإن العرب علموا انهم لو رتبوا حسسابهم على السنة القمرية فإنه يقع حجهم تارة في الصيف، وتارة في الشتاء، وكان يشق عليهم الاسفار، ولم ينتفعوا بها في المرابحات والتجارات؛ لأن سائر الناس من سائر البلاد ما كانوا يحضرون إلا في الأوقات اللائقة الموافقة فعلموا أن بناء الامر على رعاية السنة القمرية يخل بمصالح الدنيا، فتركوا ذلك واعتبروا السنة الشمسية، ولما كانت السنة الشمسية زائدة عن السنة
أحدهما: انهم كانوا يجعلون بعض السنين ثلاثة عشر شهراً بسبب اجتماع تلك الزيادات.
والثاني: انه كان ينتقل الحج من بعض الشهور القمرية إلى غيره، فكان الحج يقع في بعض السنين في ذي الحجة، وبعده في المحرم، وبعده في صفر، وهكذا في الدور، حتى ينتهي بعد مدة مخصوصة مرة أخرى إلى ذي الحجة، فحصل بسبب الكبيسة هذان الامران الزيادة في عدة الشهور، وتأخير الحرمة الحاصلة لشهر إلى شهر آخر. هذا كله مما أفاده الامام فخر الدين الرازي(1) قال: والحاصل ان بناء العبادات على السنة القمرية يخل بمصالح الدنيا، وبناءها على السنة الشمسية يفيد رعاية مصالح الدنيا، والله تعالى أمرهم من وقت ابراهيم واسماعيل ببناء الأمر على رعاية السنة القمرية، فهم تركوا امر الله في رعاية السنة القمرية، واعتبروا السنة
____________
(1) في معنى الآية من تفسيره الكبير ص434 من جزئه الرابع في تفسير سورة التوبة.
____________
(1) الوجهان وجيهان ولا منافات بينهما.
(تنبيه)
ان من أحاط علما بما نقلناه عن العرب من ترتيب حسابهم في نسيئهم على السنة الشمسية دون القمرية يعلم الوجه في اتخاذ الأئمة الشهور الرومية في حساب تلك السنين، ولا يعجب منهم كما عجب موسى جارالله إذ يقول: ذكر الوافي في الكتاب الخامس في ص45 إن حساب الشهور كان عند الأئمة روميا
(المسألة الثامنة عشرة)
تتعلق في حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قال المغرور موسى جارالله: حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الهجرة حجة واحدة، ويقول الإمام الباقر والإمام الصادق قد حج النبي بمكة مع قومه حجات عشرين حجة، فهل كان يحضر في موسم الحج مع الناس؟
(فأقول): من أنت يا هذا لتنكر على سادة آل محمد أقوالهم، وتنتقد أفعالهم، ألا تربع على ضلعك، وتتأخر حيث أخرك القدر، إن الباقر والصادق اعرف الناس بهدي جدهما، وأعلم الناس بسنته، والقول قولهم على رغم كل خارج عليهم، أو ناصب لهم كائناً من كان، سلمنا انه صلى الله عليه وآله وسلم ما حج بعد الهجرة إلا حجة واحدة ـ هي حجة الوداع ـ
(المسألة التاسعة عشر)
تتعلق بموسم الحج في السنة التاسعة للهجرة
قال هذا الرجل: حج ابو بكر وعلي امير المؤمنين مع الناس في السنة التاسعة (قال): وتقول كتب الشيعة ان حج التاسعة كان ذي القعدة في دور النسيء وكيف يصح ذلك، والكتاب سماه بيوم الحج الأكبر.
(فأقول): ليس هذا القول مختصاً بكتب الشيعة، ومن ألمّ بكتب التفسير علم ذلك، فراجع منها تفسير قوله تعالى ـ في سورة التوبة ـ (ان عدة الشهور عند الله اثنا
وقال مجاهد(1) كان المشركون يحجون في كل شهر عامين فحجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكذلك في الشهور، حتى وافقت الحجة التي قبل حجة الوداع في ذي القعدة، ثم حج النبي في العام القابل حجة الوداع فوافقت في ذي الحجة، فذلك حين قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذكر في خطبته: ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرمٌ، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان «قال» أراد عليه السلام أن الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها، وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء. ا هـ.
أما تسمية الموسم من السنة اللتاسعة بالحج الأكبر فلا يدل
____________
(1) كما في مجمع البيان.
(المسألة العشرين)
تتعلق بحفظ القرآن العظيم وقراءته
قال عفا الله عنه: لم أر بين علماء الشيعة، ولا بين أولاد الشيعة لا في العراق، ولا في الايران من يحفظ القرآن، ولا يقيمه بمن عض الاقامة بلسانه، ولا من يعرف وجوه القرآن اللغوية والادائية «قال» ما السبب في ذلك، إلى آخر ماشط به قلمه، فضل ضلالا مبيناً.
«الجواب» اني على بعد الدار عن العراق اعرف فيها امام القراء والحفاظ السيد حسين ابن السيد علي رضا الحسيني الهندي المدراسي المولود والمتوطن في مشهد الكاظميين عليهما السلام، فإن له في حفظ القرآن وتجويد قراءته مكانة الامام
____________
(1) أمثال موسى جارالله.
(خاتمة)
إن أولي الالباب ليعلمون بالضرورة انقطاع الشيعة الامامية خلفاً عن سلف في أصول الدين وفروعه إلى أئمة العترة الطاهرة، فرايهم تبعاً لرأيهم في الفروع والاصول، وسائر مايؤخذ من الكتاب والسنة أو يتعلق بهما من جميع العلوم(3) فكتبهم مستودع علوم آل محمد(4) وقد استخف بها موسى جارالله فقشها(5) بعيبه، ورماها بحجره (يريدون أن
____________
(1) راجع من هذه الرسالة ص 34 وما بعدها إلى منتهى ص44.
(2) في سورة ابراهيم.
(3) حسبك في ايضاح ذلك المراجعة 110 من مراجعاتنا.
(4) كما بيناه في المرراجعة 14 والمراجعة 110 من مراجعاتنا.
(5) أي لطخها.
وقد اخرج البخاري ومسلم عن ابي هريرة، قال: جاء ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك ارسلتني إلى عبد لك لايريد الموت ففقأ عيني؟ قال: فرد الله اليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي، فقل: الحياة تريد فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة الحديث(1) .
____________
(1) اوردناه بلفظ مسلم وقد اخرجه ـ عن ابي هريرة بطرق كثيرة ـ في باب فضائل موسى من كتاب الفضائل من صحيحه صفحة 309 من جزئه الثاني، واخرجه البخاري في باب وفاة موسى من كتاب بدء الخلق بعد حديث الخضر بأقل من صفحتين من صحيحه فراجع صفحة 163 من جزئه الثاني، واخرجه ايضا في باب من احب الدفن في الارض المقدسة من ابواب الجنائز من صحيحه فراجع صفحة 158 من جزئه الأول، واحرجه احمد من حديث ابي هريرة في صفحة 315 من جزئه الثاني وفيه ان ملك الموت كان يأتي الناس عياناً قال فأتى موسى فلطمه ففقاً عينه الحديث ـ واخرجه ابن جرير الطبري من حديث ابي هريرة أيضاً وذلك حيث ذكر وفاة موسى في الجزء من تاريخه ولفظه عنده ان ملك الموت كان يأتي الناس عياناً حتى أتى موسى فلطمه ففقأ عينه وفي آخره أن ملك الموت جاء إلى الناس خفياً بعد موت موسى !!.
وانت ترى ما فيه مما لا يجوز على الله تعالى، ولا على انبيائه، ولا على ملائكته، أيليق بالحق تبارك وتعالى أن يصطفي من عباده من يبطش على الغضب بطش الجبارين؟ ويوقع بأسه في ملائكة الله المقربين؟ ويعمل عمل المتمردين؟ ويكره الموت كراهة الجاهلين؟ وكيف يجوز ذلك على موسى وقد اختاره الله لرسالته؟ وائتمنه على وحيه؟ وآثره بمناجاته؟ وجعله من سادة رسله؟ وكيف يكره الموت هذا الكره مع شرف مقامه؟ ورغبته في القرب من الله تعالى والفوز بلقائه وما ذنب ملك الموت عليه السلام؟ وإنما هو رسول الله اليه،
واخرج البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة ايضاً: قال: كانت بنو اسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض، وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغسل معنا إلا انه آدر ـ أي ذو فتق ـ قال: فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه ! فجمع موسى بأثره يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر، حتى نظر بنو اسرائيل إلى سوأة موسى، فقالوا: والله ما بموسى من بأس، فقام الحجر بعد حتى نظر اليه فأخذ موسى ثوبه، فطفق بالحجر ضربا فوالله ان الحجر ندبا(1) ستة أو سبعة الحديث(2) وفي الصحيحين عن ابي هريرة أن
____________
(1) الندب بوزن جمل أثر الجرح إذا يرتفع عن الجلد.
(2) أوردناه بلفظ مسلم إذ أخرجه عن أبي هريرة بطرق كثيرة فراجع باب فضائل موسى صفحة 308 من الجزء الثاني من صحيحه، واخرجه البخاري في الباب الذي هو بعد حديث الخضر من صحيحه صفحة 162 من جزئه الثاني، واخرجه الامام أحمد من حديث ابي هريرة طرق كثيرة فراجع ص 315 من الجزء الثاني مسنده.
وأنت ترى ما في هذا الحديث من المحال الممتنع عقلا، فإنه لا يجوز تشهير كليهم الله بإداء سوأته على رؤؤس الأشهاد من قومه، لآن ذلك ينقصه ويسقط من مقامه، ولا سيما إذا رأوه يشتد عاريا ينادي الحجر ـ وهو لا يسمع ولا يبصر ـ: ثوبي حجر، ثوبي حجر، ثم يقف عليه وهو عاري أمام الناس فيضربه والناس تنظر اليه وإلى عورته ! وأي أثر لضرب الجماد ؟ ! وأي ذنب للحجر ؟ ! وهذه الحركة لو صحت فإنما هي من فعل الله تعالى، فكيف يغضب منها كليم الله فيعاقب الحجر عليها؟ أترى ابا هريرة كان يظن ان موسى يجهل كون الحركة ضد طبيعة الحجر ؟ وانه انما حركة الله عز وجل لأمر
وأخرج الشيخان فيما جاء في السهو من صحيحيهما، عن ابي هريرة أيضاً قال: صلى النبي احدى صلاة العشي، واكثر
وانت ترى ما فيه من الوجوه الحاكمة بامتناعه:
احدها ان مثل هذا السهو الفاحش لا يكون ممن فرّغ للصلاة شيئا من قلبه، أو أقبل عليها بشيء من له، وانما
____________
(1) كذا في صحيح البخاري والصحيح ذا اليدين.
(2) نقلناه بلفظ البخاري في باب من يكبر في سجدتي السهو، واخرجه ايضا في كل من البابين المذكورين قبله بلا فصل فراجع ابواب ما جاء في السهو صفحة 145 من الجزء الأول من صحيحه، واخرجه ايضا في مواضع أخر كثيرة يعرفها المتتبعون ـ اما مسلم فقد اخرجه في باب السهو من الصلاة والسجود له بطرق عديدة فراجع صفحة 215 من الجزء الاول من صحيحه.
وأَما وسيد النبيين، وتقلبه في الساجدين، ان مثل هذا السهو لو صدر مني لا ستولى عليَّ الحياء واخذني الخجل واستخف المؤتمون بي وبعبادتي، ومثل هذا لا يجوز على انبياء الله ابداً.
الثاني ان الحديث قد اشتمل على ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لم انس ولم تقصر، فكيف يمكن ان يكون قد نسي بعد هذا ؟ ولو فرضنا عدم وجوب عصمته عن مثل هذا السهو، فان عصمته عن المكابرة والتسرع بالأقوال المخالفة للواقع مما لابد منه عند جميع المسلمين.
الثالث ان ابا هريرة قد اضطرب في هذا الحديث وتعارضت اقواله، فتارة يقول: صلى بنا احدى صلاتي العشي، اما الظهر واما العصر ـ على سبيل الشك ـ وأخرى يقول: صلى لنا
الرابع ان اشتمل هذا الحديث عليه من قيام النبي عن مصلاه و وضع يده على الخشبة، وخروج سرعان الناس من المسجد وقولهم أقصرت الصلاة، وقول ذو اليدين انسيت ام قصرت، وقول النبي: لم انس ولم تقصر؛ فقال له: بلى قد نسيت، وقول النبي لأصحابه: احقٌ ما يقول ؟ قالوا: نعم وغير ذلك مما نقله ابو هريرة(1) لمما يمحو صورة الصلاة بتاتا، %
(1) فإن من جملة ما نقله في رواية اخرى انه صلى الله عليه وأله وسلم دخل الحجرة ثم خرج ورجع الناس، وفي رواية انه سألهم فقال احق مايقول ذو اليدين ؟ قالوا: نعم، وكل هذه الروايات في الصحاح وغيرها فراجع.
الخامس ذا اليدين المذكور في الحديث انما هو ذو الشمالين(1) ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، وقد استشهد في بدر، نص على ذلك امام بني زهرة، وأعرف الناس بحلفائهم محمد بن مسلم الزهري كما في الاستيعاب والاصابة وشروح الصحيحين كافة، وهو الذي صرح به الثوري في احدى الروايتين عنه، وابو حنيفة حين تركوا العمل بهذا الحديث، وافتوا بخلاف مفاده ـ كما في اواخر باب السهو والسجود له من شرح النووي لصحيح مسلم(2) ـ وحسبك ما رواه النسائي مما يدل على ان ذا اليدين وذا الشمالين واحد، واليك لفظه قال ـ كما في ص 267 من الجزء الثالث من ارشاد القسطلاني: فقال له ذو %
(1) اسمه عمير ويقال عمرو كذا في الاصابة.
(2) في صفحة 235 من الجزء الرابع من الشرح وهو مطبوع في هامش ارشاد القسطلاني وتحفة زكريا الانصاري.
(1) كذا في الاصابة وقد عرفت انه قد قال ان اسم ذي الشمالين عبد عمرو.
وقد اعتذر بعضهم بأن الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من صحابي آخر، فموت ذي اليدين قبل اسلام ابي هريرة لا يمنع من روايته لهذا الحديث. وأنت تعلم ان هذا الاعتذار غلط لأن دعوى الحضور من ابي هريرة محفوظة من رواية ثقاتهم وحفاظهم، وحسبك ما اخرجه البخاري فيما جاء في السهو من صحيحه(1) عن آدم بن شعبة، %
(1) راجع الباب الثالث من ابواب ما جاء في السهو وهو باب إذا سلم في ركعتين او في ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة او أطول ص 145 من جزئه الأول.
والجواب: أنه قد ثبت عن ابي هريرة النص الصريح بحضوره على وجه لا يقبل التأويل أبداً، وحسبك ما اخرجه مسلم في باب السهو في الصلاة والسجود له من صحيحه(2) %
(1) ص 215 من جزئه الأول.
(2) ص 216 من جزئه الأول.
وصلى الله على خاتم رسله، وأهدى سبله محمد وآله الهداة الميامين وسلم تسليما كثيراً.
تمت (والحمد لله) هذه الرسالة في مدينة صور من جبل عامل سلخ ربيع الاول سنة 1354 بيد مؤلفها الأقل الأحقر عبدالحسين بن يوسف بن الجواد بن اسماعيل بن محمد بن محمد ابن ابراهيم (شرف الدين) بن زين العابدين بن علي نورالدين بن نورالدين علي بن الحسين آل ابي الحسن الموسوي(1) العاملي عامله الله بالفضل والحسنى وختم له ولموسى جارالله ولجميع المؤمنين والمؤمنات بما هو احمد في العقبى والله المسؤول ان يجمع كلمتنا على الهدى انه السميع لمن دعا تبارك الله ربنا وتعالى.
____________
(1) نسبة إلى جده الامام موسى الكاظم على ما هو المصطلح عليه عند النسابين تمت التعليقة والحمد لله رب العالمين بيد مؤلفها الأقل الأحقر عبدالحسين شرف الدين الموسوي غفر الله ذنوبه وستر عيوبه وكان الفراغ من وضعها عند الفراغ من طبعها سابع ذي العقدة سنة 1355 في مدينة صيدا ولله الحمد.