المقصد الثالث
في الآيات القرآنية النازلة في رثائه عليه السلام
وهي آيات:
الآية الاولى: في بيان الحمل به وولادته، وهي قوله تعالى: " ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا. حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً. وحمله وفصاله ثلاثون شهراً. حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي. إني تبت إليك وإني من المسلمين ".
ففي كامل الزيارات، والبحار، بأسانيد معتبرة، أنه لما حملت فاطمة عليها السلام بالحسين (ع)، نزل جبرئل فقال: يا محمد إن الله يقول السلام عليك، ويبشرك بمولود يولد من فاطمة (ع) تقتله امتك من بعدك.
فقال: وعلى ربي السلام، لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله امتي من بعدي، فعرج ثم نزل وقال كم قال، فأجاب كما أجاب.
ثم عرج ثم نزل ايضا، وقال: إن الله يبشرك انه جاعل في ذريته الامامة والولاية والوصية.
فقال النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم: قد رضيت.
ثم ارسل الى فاطمة بما جاء به جبرئيل اولا، فقالت: لا حاجة لي في مولود تقلته امتك من بعدك، فبشرها بما بُشر، فقالت: قد رضيت. " فحملته كرهاً " لأنه مقتول. " ووضعته كرهاً " بأنه مقتول. " وحمله وفصاله ثلاثون شهراً. حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي " فلو انه قال: واصلح لي ذريتي، لكانت ذريته كلهم ائمة، ولم يرضع الحسين عليه السلام من فاطمة الزهراء عليها السلام، ولا من أنثى، ولكنه كان يؤتى به النبي (ص) فيضع ابهامه في فيه فيمص منه لبناً ما يكفيه اليومين والثلاثة، فنبت لحم الحسين من لحم رسول الله (ص)، ودمه من دمه، ولم يولد مولود لستة اشهر إلا يحيى بن زكريا عليهما السلام، والحسين بن علي عليهما السلام.
اعلم: ان معنى قوله: كرهاً: هو الحزن والاسف عليه في حمله، ووضعه، وحضانته، وارضاعه، وتربيته، واللعب معه في طفولته، وفي ادخال السرور عليه من قبل جده او ابيه او امه.
وقد مات جده وهو حزين آسف عليه، وماتت امه ومات ابوه واخوه كذلك، كما نطقوا به عند موتهم، وقد خلته اخته في المقتل وذهبت عنه كرهاً، وأي كره هو، واي حزن! وأي أسف! وأي صراخ! وأي عويل! وأي صبر جميل، وأي حكمة تلك حكمة زينباً الكبرى صلوات الله تعالى عليها وعلى أخيها.
الاية الثانية: في بيان خروجه من المدينة وهي قوله تعالى: " اُذن للذين يقاتلون بأنهم ظُلموا وأن الله على نصرهم لقدير، الذين اُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله "، فعن أبي عبدالله (ع) انها نزلت في علي وجعفر وحمزة وجرت في الحسين عليهم السلام.
بيان ذلك: ان عليا وجعفرا وحمزة، قد اخرجوا من ديارهم، وقتلوا ولا ذنب لهم، ولا حق لأحد عليهم، الا انهم قالوا: ربنا الله عزوجل، واستقاموا على ذلك.
ولكن قد جرت جريانا خاصا في الامام الحسين عليه السلام، فانه اخرج من دياره، واخرج من كل مقر، ولم يبق له مقر ولا مفر، حتى انه قال: لو دخلت في حجر هامة من هوام الارض لاستخرجوني حتى يقتلوني.
ثم قتل قتلا خاصا، وظلموه هو وابناءه ونساءه واطفاله واصحابه وانصاره ظلما خاصا، بل وجرى ذلك على شيعته من بعده الى يومنا هذا، وهو الذي ظهرت فيه قدرة الله تعالى لنصره.
الاية الثالثة: في قلة أنصاره صلوات الله عليهم، وهي قوله تعالى: " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكوة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لِمَ كتبت لينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ".
فعن الحسن بن زياد العطار قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن قوله عزوجل " ألم تر إلى الذين "، قال: نزلت في الحسن المجتبى (ع) أمره الله تعالى بالكف، قال قلت: " فلما كتب عليهم القتال " قال: نزلت في الحسين بن علي كتب الله عليه وعلى أهل الارض ان يقاتلوا معه عليه السلام.
قال علي بن سباط، ورواه بعض اصحابنا عن ابي جعفر (ع)، وقال: لو قاتل معه اهل الارض كلهم لقتلوا كلهم.
تفسير العياشي، عن ادريس مولى لعبدالله بن جعفر عن ابي عبدالله (ع) في تفسير هذه الاية " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم " (مع الحسن عليه السلام) " وأقيموا الصلاة. وآتوا الزكوة "، فلما كتب عليهم القتال (مع الحسين عليه السلام)، " وقالوا ربنا لِمَ كتبت لينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب " الى خروج القائم عجل فرجه، فان معه النصر والظفر، قال الله تعالى " قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ".
الاية الرابعة: في مجمل بيان شهادته ومكانه وحالاته، وهي قوله تعالى " كهيعص "، كما ورد في حكاية زكريا عليه السلام لما اُوحي اليه بقضية كربلاء، واهلاك يزيد للعترة الطاهرة، وعطشهم وصبرهم. وقد ذكرنا الرواية في عنوان مجالس الرثاء.
الاية الخامسة: فيما نادى الله تعالى به عند قتله، وهي قوله عزوجل " يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي. وادخلي جنتي ".
فعن ابي عبدالله (ع) قال: يعني الحسين بن علي عليهما السلام، فهو ذو النفس المطمئنة الراضية المرضية.
اقول: بيان ذلك أن من عرف الله وعظّمه، أحبه ورضي بكل ما يكون من جانبه تبارك وتعالى، فلا تصيبه كراهة وتزلزل، بل كلما ترد عليه الشدائد من قبل ربه تعالى تحصل له طمأنينة شديدة ورضا، وقد ظهر مصداق ذلك فعلا في الامام الحسين عليه السلام.
كما بيّن تفصيله في العنوان السابق وسيأتي.
الاية السادسة: في طلب ثاره في الرجعة، وهي قوله تعالى: " ومن قـُتل مظلوماً "، فعن أبي جعفر (ع) قال: هو الحسين بن علي عليهما السلام قتل مظلوما " فقد جعلنا لوليه سلطانا ً "، قال: وليه القائم عجل الله فرجه وصلوات الله تعالى عليه، " فلا يُسرف في القتل "، يعني لا يسرف قاتله، " إنه كان منصوراً "، يعني ان الامام الحسين عليه السلام كان منصوراً، هكذا في بعض الروايات.
وفي بعضها ان ضمير يسرف راجع الى الولي، وكذا ضمير انه، والمراد لا يسرف بقتل غير قاتله، ولا يراد النهي عن قتل اعدائه الكثيرين، وفي بعضها يسرف بالرّفع.
اقول: اولا ان المعنى الظاهري للاية المباركة، حكم عام لجميع الناس، وهو ان من قتل مظلوما فلوليه قصاص القاتل، ولا يسرف في قتل غيره.
فنقول بناء على هذا المعنى: ان لولي الحسين القصاص من قاتله، واذا اردنا تعيين قاتله.
فنقول: هل قاتله يزيد او ابن زياد او ابن سعد او شمر او سنان، او غيرهم كصالح ابن وهب الذي طعنه فانقلب عن الفرس، او صاحب السهم المثلث الذي وقع على قلبه وقال: بسم الله وبالله، او غيرهم؟
الحق ان هذا المقتول له مائة ألف قاتل، لا بمعنى الاشتراك، بل بمعنى ان كل واحد هو قاتله حقيقة لو انفرد، فله مائة ألف قاتل مستقل، فهو قتيل يزيد.
ولذا ورد في اخبار الانبياء، ان قاتله يزيد، وهو قتيل ابن زياد، ولذا قال يزيد قتله ابن مرجانة، وهو قتيل ابن سعد.
ولذا كان اصحاب النبي (ص) حين يرونه وهو صغير يقولون هذا قاتل الحسين عليه السلام، وهو قتيل الشمر، وهو قتيل سنان، وهو قتيل خولي، وهو قتيل رامي السهم المثلث.
وما يتمم الكلام هو قتيل الظمأ، وقتيل الغيرة وقتيل العبرة.
لكن حقيقة الامر ما قاله هو: قتلت مكروبا، يعني قتلني كربة قلبي، ولذا سميّ بصاحب كربلاء، فلفظ كربلا إشارة الى سبب قتله.
ثم اقول: ان لقوله قتل مظلوما معاني اُخر، وكلها منطبقة على الحسين (ع) وهو حقيقتها فلنذكر موضعها.
فنقول:
المعنى الاول: قتل مظلوما أي في حالة قد تعدى عليه فيها، واُخذ منه كل شيء، الولاية والمال والاصحاب والاخوان والاولاد والجارحة الظاهرية والباطنية فقد غير الطعن منه كل جارحة حتى نحره الشريف، واستولوا على ماله، وعياله، واطفاله، وهو طريد غريب فريد، فقتلوه بهذه الحالة.
فمن قتل مظلوما - بلحاظ كل شيء - هو الحسين (ع) وحده، لانحصار هذا الكلي فيه، ولذا سميّ المظلوم، وجعل علما للحسين (ع) بعد ما كان صفة.
ولذا ورد في الدعاء: اُنشدك بدم المظلوم.
وفي الحديث لا تدع زيارة المظلوم، فقال الراوي: من المظلوم؟ فقال: أوما تدري؟! هو الحسين صاحب كربلاء.
المعنى الثاني: ومن قتل مظلوما في اصل قتله وبلا جرم، بأن لم يكن مستحقا له لقصاص، او حدّ، او فساد.
وأظهر افراده الحسين (ع) ولذا قال: ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته، أو مال استملكته، او بقصاص من جراحة، او شريعة بدّلتها.
المعنى الثالث: ومن قتل مظلوما، في كيفية قتله، فان الله تعالى قد وضع الاحسان في كل شيء،فحدّ الشفرة في الاضحية احسان، وعدم نظرها الى قتيل من جنسها احسان، وعدم تكتيفها واسالها للنزع احسان، وعدم ارائتها الشفرة احسان، وعدم المثلة بها احسان، وسقيها عند قتلها احسان.
وقد يقتل القتيل المظلوم باحسان اليه في كيفية قتله، وحاله، او يقتل مظلوما في هذه ايضا، والحسين (ع) قتل بنحو ظالم لم يكن فيه احسان.
المعنى الرابع: ومن قتل مظلوما حين قتله، قد تعدى عليه باحدى وجوه التعدي، او ببعضها، او بكلها، وذلك منحصر في مقتول واحد وهو الشهيد المظلوم صلوات الله تعالى عليه.
المعنى الخامس: ومن قتل مظلوما بعد قتله يسلبه، او قطع اعضائه، او رضّ جسده، او طرحه بلا دفن وكفن ثلاثا، وهذا المعنى ايضا له فرد واحد.
وهو الحسين عليه السلام المظلوم بعد قتله حتى انه سلب ثوبا عتيقا ممزقا لا يُنتفع به.
الاية السابعة: في الانتقام له يوم القيامة، وهي قوله تعالى: " وإذا الموءودة سُئلت. بأي ذنب قـُتلت "، عن ابي عبدالله عليه السلام انها نزلت في الحسين بن علي عليهما السلام.
اقول: حيث ان الاية الشريفة في تلو الوقائع العظيمة من تكوير الشمس، وانكدار النجوم، وتسيير الجبال.
فلا بد ان يكون السؤال الذي يذكر في تلو هذه الوقائع العظيمة ذا خصوصية في عظم السؤال عنه، وتقلب احوال اهل المحشر فيه، بحيث يعمّ جميع الناس، حتى يخوّف كل الناس به، كمعطوفاته.
والقتل بهذه الكيفية من الدفن احياء، وان كان امرا عظيما.
ولكن السؤال من المأخوذ المضيق عليه، المخنوق المأخوذ بنفسه وهو حي - أعني الحسين عليه السلام، واولاده وعياله ونساءه ومن معه، وانهم بأي ذنب قـُتلوا كذلك؟ - أعظم فلعل ذلك هو الوجه في قوله (ع) انها نزلت في الحسين بن علي عليهما السلام.
وتحقيق ذلك: ان الموءودة قد حصلت في الحسين (ع) وعياله واطفاله يوم عاشوراء قبل ان يستشهدوا، فانه قد حصل خنقهم والأخذ بأنفاسهم يوم عاشوراء قبل ان يستشهدوا، كمن يدّس في التراب وهو حي من العطش، والمحاصرة، والتضييق، وتوارد المصيبة، واعظم منه انه يؤخذ بنفسه.
وقد دام الوأد من الصبح الى العصر، بلا راحة بالموت، فهم الموءودة، وهذه الموءودة ممن يسأل منها بأي ذنب قتلت؟ بأي ذنب هكذا قتلت؟ بأي ذنب قتلت صغارها هكذا؟
الاية الثامنة: (وفديناه بذبحٍ عظيم) فقد ورد ان الذبح العظيم هو الحسين (ع) ولا يلزم منه كون مرتبة المفدى اعظم، بل المعنى وفديناه بسبب الذبح العظيم الذي يخرج من صلبه، او المعنى انه تبدل فداؤه لربه بفداء اخر اعظم.
وحصلت هذه المرتبة العظمى - من جعل النفس فداء في سبيل الله - للحسين عليه السلام.
المقصد الرابع
في ثبوت خصائص سورة الحمد والبسملة بالخصوص له عليه السلام
فنقول:
سورة الحمد: فاتحة الكتاب.
والحسين عليه السلام: فاتح مصحف الشهادة.
سورة الحمد: ام الكتاب
والحسين عليه السلام: ابو الائمة الاطايب.
سورة الحمد: كنز للاطاعة.
والحسين عليه السلام: كنز لأسباب الشفاعة.
سورة الحمد: وافية.
والحسين عليه السلام: واف بأسباب المغفرة والفلاح.
سورة الحمد: شافية.
والحسين عليه السلام: تربته شافية، ودمه شفاء كما في قضية ابنة اليهودي.
والدمع الذي يسكب عليه شفاء يطفيء النيران الباطنة، والنيران الظاهرة، فان قطرة منه لو سقطت في جهنم لاطفأت حرّها كما في الحديث، وذكره ومولاته شفاء لما في القلوب وأي شفاء.
سورة الحمد: كافية.
والحسين عليه السلام: محبته كافية.
سورة الحمد: عدل القرآن.
والحسين عليه السلام: شريك القرآن وعدله في استيداع النبي (ص) إياه.
سورة الحمد: سبع مثان، لانها نزلت مرتين.
والحسين عليه السلام: له خصوصية وهي انه اُنزل من السماء مرتين، واُصعد مرتين، فنزل بروحه عند ولادته، ووفاته كسائر الائمة والانبياء (ع)، واُصعد بجسده.
ثم اُهبط وهذا من خصائصه، ففي الرواية انه لما قتل الحسين (ع)، ورفعوا رأسه، هبطت الملائكة، وأخذت بجسده الى السماء الخامسة بتلك الحالة، واوقفته مع صورة علي (ع) في السماء الخامسة.
ونظروا اليه متشحطا بدمه الزكي، ولعنوا قاتله، ثم نزلت به الى محله في كربلاء، وهي هذه الامور حكمة مخفية لا نصل الى كنهها، والله تعالى العالم بها.
سورة الحمد: من قرأها مؤمنا بظاهرها وباطنها، اعطاه الله بكل حرف حسنة، افضل من الدنيا بما فيها كما في الحديث.
والحسين (ع: (من ذكره وبكى عليه، اعطاه الله تعالى بكل دمعة حسنة افضل من الدنيا وما فيها، ومن زاره اعطاه الله تعالى بكل حرف حسنة افضل من الدنيا وما فيها، كما مرّ تفصيل ذلك.
البسملة: عنوان السور وصدرها.
والحسين (ع): عنوان الشهداء وسيدهم.
البسملة: وردت في مائة واربعة عشر، منها اجزاء القران.
والحسين (ع: (مائة واربعة عشر تسبيبا موجبا للغفران.
البسملة: تذكر عند الذبح والنحر تكليفا.
والحسين (ع:(يتذكره المؤمن عند كل ذبح ونحر وقتل من حيث شدة قتله ونحره من كل قتل ونحر، كما في الحديث النبوي.
بل يتذكره المؤمنون الصادقون عند كل ألم ومصاب فتهون بذلك كل مصيبة، ويتذكره شيعته كلما سمعوا بمظلوم او علموا بغريب وحيد فريد مظلوم،بل وكلما سمعوا الاذان فهو سبب استمرار هذا الاسلام ولولا ثورته لما بقي من الاسلام باقية، فاعرفوا ما انتم فيه من العز والكرامة عند الله تعالى ايها الشيعة المتعاهدون مجالس امامكم الحسين (ع) وما هذا الا ان كنا صادقين مع الله تعالى في خدمة الحسين بل بشرف خدمة محمد المصطفى واله المعصومين صلوات الله تعالى عليهم اجمعين
المقصد الخامس
مقصد لطيف فيه جامع لما يتعلق به من القرآن
منها ما ينطبق عليه عموما من الايات والكلمات التي وردت فيه ايضا بالاشارة، ومنها ما لم يرد بالخصوص.
ولكن استنبطناه من الصفات الواردة في القرآن المكتوب الثابتة فيه.
فنقول:
القرآن الكريم: فيه ايات، لها اسماء وصفات وخواص خاصة، كآية النور، واية التطهير، واية الكرسي، وايات لخواص مخصوصة، وايات الشفاء، وايات السجدة.
والحسين عليه السلام: فيه الكرسي الرفيع الذي عمّ السموات والارض علمه، والحسين (ع) فيه آيتا نور فآية لرأسه وآية لجسده.
فالآية الاولى: ظهرت لكثير ممن كانوا في طريق الشام، وظهرت لزيد بن ارقم حين مروا بالرأس على غرفته، فرأى الشعاع الداخل من شباك غرفته في الطريق، فتعجب فنظر فاذا النور من الرأس المرفوع، وسمع منه قرآءة سورة الكهف المباركة من رأسه المبارك المعجر.
والاية الثانية: رآها الزارع الاسدي، الذي جاء في الليل ليلاحظ القتلى، فقال: رأيت فيها جسدا يضيء في الليل كالشمس اذا طلعت، ورأيت اسدا يجيء فيجلس عنده.
والحسين (ع): في محبته ايات الشفاء من الامراض المعنوية، وفي تربته ايات الشفاء من الامراض الظاهرية.
والحسين (ع): في جسده ايات اربع، هي العزائم الاربع، يحق لمحبيه لدى ملاحظتها، الوقوع على الارض، والكبوة على الوجه كما يلزم السجود عند قراءة العزائم.
فآية منها: أثر سهم على قلبه الطاهر قد نفد فخرج من ظهره.
واية منها: اثر سيف مالك بن اليسر على رأسه الشريف الذي قطع العمامة والبرنس والرأس، ولذا كشف رأسه وألقى العمامة والبرنس.
واية منها: اثر رمح على خاصرته من صالح بن وهب المزني فانقلب عن فرسه الى الارض.
واية منها اثر السيف على النحر المنحور من القفا وقد انفصل الرأس منه.
فهذه ايات اربع، هي ايات العزائم الثابتة على الجسد الشريف، تعزم على محبيه عند تصورها او سماعها، تضعضع الاركان، وتهدّ القوى، وتقوّس القامة، وتوجب السقوط على الارض، والتعفير في التراب، ووضع التراب على الرأس أسىً وحزنا وتألما وبكاء شديدا على المقتول بكربلا.
واما الايات المخصوصة للخواص المخصوصين: فان في الحسين (ع) آيات وتسبيبات، ووسائل الى كل مطلوب من مطالب الدنيا والاخرة بأقسامها.
المقصد السادس
مقصد طريف لطيف جديد نذكره في عنوان السرور، من اولها الى اخرها، من الفاتحة الى المعوذتين، مع بيان ما يتعلق منها بالحسين (ع) بالاشارة او المناسبة او الباطن
فنقول:
سورة الفاتحة قد ذكرناها مستقلة في المقصد السابق.
سورة البقرة:
فيها اول رثاء للحسين (ع) وهو قوله تعالى " قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفك الدماء "، ففي الحديث انهم لاحظوا مقتل الحسين عليه السلام واصحابه في كربلاء، وقد علموا بذلك لادلة دلتهم على ذلك.
سورة آل عمران:
قد تلا (ع) منها حين توجه ولده علي (ع) الى القتال " إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل عمران على العالمين. ذرية بعضها من بعض. والله سميع عليم ".
سورة النساء:
فيها الاية الثانية من ايات رثائه وهي " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً "، فان اظهر افرادهم الذين كانوا معه، فما لكم لا تقاتلون في سبيلهم.
سورة المائدة:
له (ع) مائدة تنطبق على مائدة الطعام، وهي مائدة من شراب الكوثر نازلة له ولاصحابه لرفع عطشهم، ولم يقل اصحابه " أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا ً "، وانما رضوا بكل عطش وكل جوع وكل جرح وكل قتل، وكان اهنأ عليهم من كل طعام وشراب.
سورة الاعراف:
هو (ع) من الاعراف على بعض المعاني الورادة في معانيها وهو من الرجال. " وعلى الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم "، وللحسين عليه السلام معرفة خاصة بسيماء زائره، فانه له سيماء بخصوصه يوم القيامة، كما ذكرناه في خواص الزيارة
سورة الانفال:
الأنفال حقه، وحق التسعة من ذريته " واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي الربى واليتامى والمساكين وابن السبيل "، وقد مُنع منه، ومنعوا منه وغصب منه ومنهم (ع).
لكنه قد اختص بمنع المشترك بين جميع ذوات الارواح، وهو الماء الذي هو ليس من الانفال بل فيه حق شرب لكل من فيه روح حتى الكفار والحيوانات.
سورة برائة:
تنطبق كل ايات الجهاد فيها على جهاد اصحابه حقيقة
وفيها اية الاشتراء من الله تعالى " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يُقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ".
وقد عامل في سوق هذه المعاملة جميع عباد الله تعالى بأصنافهم.
وللحسين (ع) بالنسبة الى ذلك معاملة خاصة، وتسليم ثمن بنحو مخصوص، ونقل متاع وكَيله ووزنه وحفظه وبذله بنحو مخصوص، كما يظهر من جميع خصائصه عند التدبر.
سورة يونس عليه السلام:
للحسين (ع) من يونس صورة وصفة وسيرة حين نُبذ " بالعراء وهو سقيم "
أسفي لعارٍ مثل يونس بالعراء | يقطينه فيها جناح الأنسر |
وان شئت فقل: يقطينه فيها سيوف تشهر، او قل: رماح تشرع.
سورة هود عليه السلام:
قد تلا منها ايات خاصة حين وقف في الميدان قبالة القوم وخطبهم، فقرأ في خطبته: " قال إني اُشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون. من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون. إني توكلت على الله ربي وربكم ما من داية إلا هو آخذ بناصيتها. إن ربي على صراط مستقيم ".
سورة يوسف عليه السلام:
في روايات العامة انها تزلت على النبي (ص) تسلية له بما جرى على ولده الحسين (ع) وفيها تطبيقات اُخر ايضا.
سورة الرعد:
قال تعالى: " ويُسبح الرعد بحمده "، وفي الحديث ما من سحابة تمر وترعد وتبرق الا ولعنت قاتل الامام الحسين صلوات الله تعالى عليه.
سورة إبراهيـم عليه السلام:
في سورة إبراهيم قصة اسكان ابراهيم لذريته " بواد غير ذي زرع "، وينطبق عليه كيفية اسكانه (ع) ذريته في كربلاء، وكيفية وداعه لهم.
ومن المفجعات العجيبة تطبيق مكالمة ابراهيم اهله - حين اسكنهم في ذلك الوادي - مع مكالمة الحسين (ع) حين حلّ بأهله في وادي كربلاء حرّك أهله بوادي كربلاء.
سورة الاسراء:
للحسين (ع) معراج خاص من ارض كربلاء، أثر في جعله معراجا للملائكة، واسراءً خاصا لجده (ص) المصطفى، حيث قال اُسري بي الى موضع يقال له كربلاء، رأيت فيه مصرع ابني الحسين واصحابه.
سورة الكهف:
كان رأسه المطهّر - وهو على الرمح - يتلو سورة الكهف المباركة، فسمع زيد بن ارقم في الكوفة اية " أم حسبت أن أصحاب لاكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً "، وسمع منه آخرون في الشام " إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدىً " ولقراءة أصل السورة حكمة خاصة.
ولخصوص قراءة الاولى في الكوفة حكمة خاصة، ولقراءة الاية الثانية في الشام حكمة خاصة.