يحيى والحسين (ع): تكلم رأساهما بعد القتل فيحيى قال للملك: اتق الله تعالى، والحسين (ع) قرأ القرآن مكررا، وسُمع منه: لا حول ولا قوة الا بالله.

يحيى (ع) قتل صبرا، والحسين (ع): مع انه في ميدان القتال فقد قتل صبرا ولذا قال الامام السجاد صلوات الله عليه: " انا ابن المقتول صبرا ".

الامر الثاني: ان الامام الحسين (ع) كان يذكر قتل يحيى في كل منزل ويذكر بالخصوص اهداء الراس، ولو تاملت بعين البصيرة وجدت ذلك اصعب مصيبة، فإن شماتة العدو من بُعد اي: لو اتفق بان عدوا قد شمت بك وهو بعيد عنك فانك سوف تتاثر لا محالة، واذا كان عن قرب وانت في حالة ضعف جسدي فيكون التاثير اعظم من الاول.

ولكن كيف تكون المصيبة برؤية الراس مقطوعا موضوعا بين يدي العدو يقلبه كيف يشاء، كما اتفق ذلك لامامنا المظلوم وقد صعب ذلك على النبي (ص) بالخصوص فدعى على من نظر الى رأس الحسين(ع) وفرح بذلك.

الامر الثالث: في خصائص عظمة مصيبة هذا المظلوم على ذلك المظلوم ولنجعل ذلك في ضمن السلام على يحيى (ع) فان الحسين (ع) كان يسلم عليه حين يذكره في كل منزل يحل فيه ويرتحل عنه ولنا فيه اسوة حسنة، فلنسلم عليه في منازل التطبيق.

فتقول كما في زيارة الحسين (ع) السلام على يحيى الذي ازلفه الله تعالى بشهادته.

فان شئت اقصد به يحيى الذي قتل صبرا اي الذي مسك حين القتل فقطع راسه.

او اقصد به يحيى الذي لم يبق له حراك من الجراح وانبعاث الدم حينما قطعوا راسه المبارك.

ان شئت اقصد به يحيى الذي وضع راسه بين الايدي برفق فقطع.

او اقصد يحيى الذي وقع من الفرس على الارض في حر الظهيرة بطعن الرمح على خاصرته ثم قطع راسه.

ان شئت اقصد به يحيى الذي سكنت عداوة قاتليه بذبحه.

وان شئت اقصد يحيى الذي لم يكتفوا باصابته باربعة الاف رمية ومائة وبضع ضربة ومائة وبضع طعنة فكانت الطعنة فوق الطعنة والرمح على الرمح وضرب السيف على ضربة السيف.....الخ. وما اصيب من القطع والنحر والرمي.

وما اصاب الجسد الشريف بعد القتل من الرض والمثلة، بل ظهرت العداوة بالنسبة الى الراس بعد رفعه وادارته وصلبه، ولم يكتفوا بذلك كله، بل جعلوا يضربون ثناياه وشفتيه في مجالس عديدة.

ان شئت اقصد يحيى الذي اهدي راسه من بيت الى بيت مرة واحدة.

او اقصد يحيى الذي ادير راسه في بلاد كثيرة واُهدي تارة ثم اخرى ثم اخرى وابكي عليه.

ان شئت اقصد يحيى حين قطع راسه ورأى الظالم لأمره، فتغيرت حالاته.

وان شئت اقصد يحيى الحسين عليه السلام المظلوم حين وضع راسه بين يدي اللعين يزيد وهو يبتسم شماتة فكان تبسمه هذا اعظم من جميع جروحه، عميت عين لن تبك عند رؤية هذا التبسم.

ان شئت اقصد مظلوما اسمه يحيى اُخرج من المسجد حين ارادوا قتله.

وهو حصور (اي: مبالغ عن حبس نفسه عن اللذائذ الدنيوية) لا علاقة له ولا عيال ولا اطفال.

وان شئت اقصد مظلوما اسمه اُخرج من الخيام، وفيها نساء حائرات عطاشى منفردات واطفال ومؤمنات، في برية الاعداء كل واحدة تنادي وتقول: الى من تكلنا ثم يسكنهن فيخرج، فتلحقه بنت صغيرة، تقع على رجليه وتقبل يديه.

وتصيح: واحدتاه واغوثاه وانتهاك ستراه......، فيرجع ويجلسها في حجره ويقول لها:

لا تحـرقي قلبي بدمعك حسرة

ما دام مني الروح في جثماني

فاذا قتـلت فانت اولى بالذي

تاتينه يا خيـرة النسـوان

ان شئت اقصد يحيى الذي قتل وهو قربان.

او اقصد يحيى الذي قتل وهو عطشان.

ان شئت اقصد بالسلام يحيى الذي ذبح في الطشت ولم يقع من دمه على الارض الا قطرة كانت تغلي سنين، حتى افنت بني اسرائيل فسكنت من الغليان.

او يحيى الذي ذبح على حر التراب وترمل بالتراب دمه واهريق كل دمه على الارض الا قطرات منه اخذها بيده ومسح بها على وجهه ثم مرة اخرى فرمى بها الى السماء ولم ترجع ولو وقعت على الارض لانقلبت باهلها.

ان شئت اقصد يحيى المظلوم الذي ذبح من اوداجه.

او اقصد يحيى الذي ذبح من القفا غريبا مظلوما خلّف وراءه النسوة والاطفال.

ان شئت اقصد يحيى الذي حز راسه المبارك بضربة واحدة من المدية.

او اقصد يحيى الذي حز راسه باثنتي عشرة ضربة بالسيف.

ان شئت فاقصد بيحيى الذي قطع راسه وبدنه صحيح.

او الذي قطع راسه وبدنه مرضض مشبك جريح.

السلام على يحيى الذي اُهدي راسه مرات، وضرب على راسه بالخيزران والقضيب مرات

السلام على يحيى الذي وضع راسه.

السلام على يحي الذي رفع راسه ونصب راسه وخفض راسه وصلب راسه وعلّق راسه ووضع في امكنة عديدة ونصب في امكنة عديدة وصلب في امكنة عديدة وعلق في امكنة عديدة ولعله دفن في امكنة عديدة، وان كانت العاقبة ان دفن الراس مع البدن.

باب النبي موسى عليه السلام

لما خرج الحسين (ع) من المدينة قرأ بعض الايات المتعلقة بموسى (ع) ولما دخل مكة قرأ بعضها (سورة القصص 21 و22 الاية).

موسى (ع): كليم الله تعالى.

والحسيـن (ع): قد ثبت له شرف كونه كليما لله تعالى في حياته، كما في الرواية التي ذكرناها في عيون المجالس عن انس بن مالك.

وكذلك قد صار كليما لله تعالى عند وفاته بمخاطبته اياه بقوله (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية) الى اخر الاية كما في الرواية

موسى (ع): صاحب اليد البيضاء اي كانت يده احيانا مضيئة نورانية.

الحسين (ع): له اضعاف ذلك، فان جبينه (ع) كان يضيء، ونحره كان يضيء، لكثرة ما كان يقبلهما رسول الله المصطفى (ص) ووجهه حين ضمخ بالدم والتراب كان يضيء حتى انه شغل نور وجهه الظالم عن النظر في كيفية قتله.

والراس حين كان على الرمح كان يضيء كما رواه زيد بن ارقم حين مر حامل الراس على غرفته، والبدن كان يضيء كما في رواية الاسدي الزارع على نهر العلقمي.

موسى (ع): انفجر له الماء من الصخرة وقد اثر ضرب موسى (ع) للحجر بالعصا حتى انفجر منه العيون كرامة واعجازا.

فالحسين (ع): قد اثرت مصيبته في انفجار الدماء من الصخور كما اثرت في حصا بيت المقدس.

وفي الرواية ان كل حجر ومدر كان يرفع في عشية قتله كان يوجد تحته دم عبيط، حتى طلع الفجر.

والحسين (ع): انفجر له الماء ايضا بالخصوص، وانفجاره من عيون الخلائق لمصيبته مما يرى ومما لا يرى، بل ولذكر اسمه كما في الرواية عنه (ع)، وهذا ثابت لاسمه بالخصوص، وان لم يكن ذكر للمصيبة، واطلاع عليها.

وقد تحقق البكاء من يوم خلق الاسماء، وقد تحقق هذا الاثر حين علم ادم (ع) الاسماء كما في الرواية في تفسير قوله (فتلقى آدم من ربه).

موسى (ع): نزل له المن والسلوى من السماء.

الحسين (ع): نزلت له من السماء ثمرات كثيرة فمرة طبق من رطب ومرة طعام مطبوخ لاجله وتارة رمانة وسفرجلة وتفاحة وفقدت الرمان لما استشهدت الزهراء فاطمة سلام الله عليها، والسفرجلة لما استشهد عليا سلام الله عليه.

وقد كانت التفاحة عنده في يوم عاشوراء يشمها ويستريح برائحتها من العطش، قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما: ولما اشتد العطش عليه انزل اسنانه فيها ولما استشهد لم يوجد منها اثر، ولما زرت قبره بعد ذلك وجدت رائحتها من قبره، ومن يزوره من شيعتنا المخلصين وقت السحر يجد رائحة ذلك.

موسى (ع): كان بسببه تشريف طور سيناء، حتى انه حلف الله به بالخصوص.

الحسين (ع): له بالنسبة الى ارض كربلاء مثل ذلك، بل في الروايات انه طور سيناء.

موسى (ع): صاحب العصا التي ظهرت فيها ايات له.

الحسين (ع): صاحب السيف الذي به ظهرت الشجاعة النبوية التي ورثها اياه واشتهرت بالشجاعة الحسينية.

موسى (ع): قال": واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي ".

الحسين (ع): جعل الله تعالى له وزيرا من اهله العباس اخاه، اشركه في امره وشد به ازره وكان ناصره ولذا قال عند قتله: الان انكسر ظهري.

موسى (ع): انفلق له بحر واحد حتى دخل فيه بنو اسرائيل.

الحسين (ع): تغطمطت اي اضطرب وعلت امواج البحار كلها له، حتى خرجت منها الاسماك وناحت وذلك لان ملكا من ملائكة الفردوس نزل على البحار ونشر اجنحته عليها.

وقال: يا اهل البحار البسوا اثواب الحزن، فان فرخ الرسول المصطفى (ص) مذبوح، وفي رواية اخرى انه تكاد ان تنشق البحار ويدخل بعضها في بعض فيوكل بكل بحر ملك، وذلك حين تبكي فاطمة الزهراء عليها السلام على الامام الحسين عليه السلام وتشهق.

ويظهر من بعض الروايات ان ذلك يقع منها كثيرا، ولذا قال (ع) بعد ان ذكر هذا: اما تحب ان يكون ممن يسعد فاطمة عليها السلام.

موسى (ع): حفر قبرا لنفسه بيده الشريفة، وذلك لما مر برجل يحفر قبرا فقال: لمن هذا القبر؟ قال: لعبد من عباد الله تعالى الصالحين، قال: اعينك عليه فاعانه على الحفر وتمم اللحد، فقال له: فنم فيه نرى سعته، فنام موسى (ع) في اللحد فاُري مقامه فطلب قبض روحه، فقبضت في قبره.

الحسين (ع): حيث انه لم يدفن ثلاثة ايام جعل الله تعالى حافر قبره بل وقبور اصحابه رسول الله محمدا المصطفى (ص) فانه راته ام سلمة في المنام يوم عاشوراء مغبرا على راسه اثر التراب فقال: وثب الناس على ابني فقتلوه، وقد شهدته قتيلا، وما زلت احفر القبور للحسين(ع) واصحاب الحسين (ع).

موسى (ع): لما التقطه ال فرعون جاءت اخته فترقبت حاله، فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون، فرأت كبار مصر يحتضنونه وينقلوه من يد الى يد، وحضن الى حضن، وقد اجتمعن النساء لارضاعه فلم يقبل.

فقالت اخته: هل ادلكم على اهل بيت يكفلونه الى اخر القصة المباركة.

والحسين (ع): لما وقع عن فرسه التقطه ال سفيان ولما ابطأ عن اهله خرجت اخته تتفقده، فبصرت به عن جنب وهو َدرَته لحمة ثدي الرماح، وتقبيل السيوف.

فنادت وصاحت واستغاثت بفرعون العسكر، وقالت: يابن سعد ايقتل ابو عبدالله، وانت تنظر اليه!!

موسى (ع): لما سار باهله ووصل الى وادي سيناء وقد اصابهم البرد والمطر في ليلة شاتية، ولم يتمكنوا من قدح النار (آنس من جانب الطور نارا، فقال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار).

الحسين (ع): ابن الرسول (ص) قال لاهله: اني انست في الوادي المقدس في البقعة المباركة نارا فسرن، يعني فان الله تعالى شاء ان يراكن اسارى.

موسى (ع): كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، من الجوع.

الحسين (ع): كانت الحمرة من الدم ترى من اجزاء بدنه ورأسه وشعره وبشرته والزرقة في شفتيه من العطش.

باب النبي اسماعيل الذبيح عليه السلام

اسماعيل (ع): سلّم نفسه ليذبحه والده قربانا لله برفق، واحسان فوصفه الله تعالى بالحليم.

الحسين (ع): حليم، سلّم نفسه ليقتله اعداؤه قتلة لم تقع مثلها ولا تقع ابدا، واذا لاحظت جميع الجهات والكيفيات في مصيبته علمت انها ما وقعت ولا تقع بعد ذلك.

باب النبي اسماعيل صادق الوعد عليه السلام

الذي ذكره الله تعالى في القران الكريم بقوله (واذكر في الكتاب اسماعيل) وهو غير اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام، وكان رسولا الى قوم فاخذوه وسلخوا فروة وجهه، فارسل الله تعالى اليه سطاطائيل ملك العذاب، لينتقم له، فقال اسماعيل: لي اسوة بالحسين بن علي (ع) فهو المتأسي بالحسين بن علي (ع) في سلخ فروة الوجه فقط بالجملة.

بأبي المستضعف الغريب الذي سلخ كل جلد بدنه بالسهام والسيوف والرمـاح......، وزاد على ذلك تقطع الاوصال كما راه بنفسه فقال " كأني بأوصالـي تقطعها عسلان الفلـوات ".

باب النبي داوود عليه السلام

قال الله تعالى: (واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب) يعني كثير النوح والانابة الى الله تعالى، وكان ينوح على خطيئته وهو على المنبر، ويجتمع اليه الناس يبكون معه، وينوحون حتى يموت جمع كثير منهم من شدة النوح على الذنوب ومن رقة صوته.

والحسين (ع): قد علا صوت استغاثته، فبذلت نفوس عند ذلك لنصرته وناحت عليه الطير والوحش وقام النوح عليه الى يوم القيامة.

باب النبي سليمان

قد اُوتي ملكا عظيما، بان سخرت له الجن والانس والوحش والطير والريح، بحيث لو امرهم بأمر لاطاعوه.

ولكن سليمان كربلاء قد سخرت له السموات والارضون، والوحش والطير، والرياح والبحار، وجميع ما خلق الله تعالى، حتى الجنة والنار، ومالا يُرى، فصاحت كلها صيحة واحدة، وضجت ضجة واحدة، بمجرد قطع الرأس الشريف، كما ذكر تفصيله في محله.

سليمان (ع): كان من ابتلائه انه اُلقي على كرسيه جسدا، يقال: انه جسد ولده، اُلقي على كرسيه ميتا فأناب.

الحسين (ع): اُلقي قدامه جسد ولده مقطعا على التراب.

سليمان (ع): ابتلي بأخذ خاتمه.

الحسين (ع): اُخذ خاتمه وقطع اصبعه.

باب عيسى عليه السلام

عيسى (ع): ابن مريم العذراء عليهما السلام.

الحسين (ع): ابن فاطمة الزهراء عليهما السلام.

عيسى (ع): ابن مريم التي نادتها الملائكة: (يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين).

الحسين (ع): ابن من نادته الملائكة.

عيسى (ع): روح الله تعالى وكلمته.

الحسين (ع): نور الله تعالى، وباب رحمته الواسعة.

عيسى (ع): ابن سيدة نساء عالمها.

الحسين (ع): ابن سيدة نساء العامين كلهم.

عيسى (ع): ابن مريم كان يتوسد الحجر.

الحسين (ع): لم يكن له رأس ليتوسد ترابا، او حجرا، بل جثة بلا راس ثلاثة ايام في كربلاء.

عيسى (ع): يلبس الخشن.

الحسين (ع): لا لباس له.

عيسى (ع): يأكل الجشب اي الغليظ الخشن.

الحسين (ع): لم يأكل ولم يشرب شيئا لثلاثة ايام حتى نُحر مظلوما غريبا.

عيسى (ع): لم يكن له مال ليتلف.

وعيسى (ع): صاحب الخيام المنهوبة والثياب المسلوبة والنساء والاطفال المسبية......، والخيام المحروقة

عيسى (ع): لم يكن له ولد ليحزن عليه.

وعيسى كربلاء (ع): له ولد مصابه هدت قواه، واظلمت عينه مصيبته، حتى رآه ممزقا مقطعا بالسيوف والرماح، لكن صبر في ذات الله تعالى.

عيسى (ع): ظلاله في الشتاء مشارق الارض ومغاربها.

وعيسى كربلاء (ع): ظل جسده مطروحا في الشمس ثلاثة ايام تنوح عليه سكان السماوات والارضون.

عيسى (ع): دابته رجلاه، وخادمه يداه.

وعيسى كربلاء (ع): لم يدعوه ليقف راجلا، وقطع كفنه، ثم قطعت يداه بعد موته وقطع اصبعه لسلب خاتمه.




المقصد الرابع
فيما اعطي الانبياء من الحسين عليهم السلام


اعلم انه قد اعطي جميع الانبياء من الحسين عليه السلام شيئين:

الاول: انه اسوة لهم، فكان كل واحد منهم اذا اصابته مصيبة صبر عليها تأسيا بالحسين (ع)، ولذا قال الامام عليه السلام يوما للحسين عليه السلام: يا ابا عبدالله اسوة انت قدما.

الثاني: انهم كلما وقعوا في شدة، حصل لهم الفرج عند التلفظ باسم الحسين عليه السلام وفي ذلك روايات:

الاولى: في قبول توبة النبي آدم عليه السلام حين علمه الاسماء الخمسة، فكانت الاستجابة عند قوله: بحق الحسين عليه السلام.

الثانية: في سكون سفينة نبي الله نوح (ع) حين اُوحي اليه بان يتوسل بالخمسة، فكان الاستواء على الجودي عند قوله: وبحق الحسين عليه السلام.

الثالثة: في استجابة دعاء زكريا (ع) حين قال (فهب لي من لدنك وليا) فعلمه الاسماء الخمسة، فحصلت البشارة له بـ (يحيى) عند قوله: بحق الحسين عليه السلام.

الرابعة: في نجاة يونس) ع) من بطن الحوت، فانه دعا بحق الخمسة الاطهار، وحصل نبذه بالعراء حين قوله: بحق الحسين عليه السلام.

الخامسة: في كشف الضر عن ايوب (ع) فانه حصل عند دعائه متوسلا بالخمسة، ونودي بقوله (اركض برجلك هذا مغتسل بارد).

عند قوله: بحق الحسين عليه السلام.

السادسة: حصول الفداء لاسماعيل (ع) فانه قد ورد ان المراد بالذبح العظيم، هو الامام الحسين عليه السلام ولا يلزم منه كون اسماعيل (ع) اعلى رتبة.

السابعة: في خروج يوسف (ع) من غيابة الجب، فانه حصل بالتوسل بالخمسة الاطهار، عند قوله وبحق الحسين (ع) فـ(جاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه).

الثامنة: في خروج يوسف من السجن (ع)، فانه لما توسل بالخمسة بعد بضع وسنين قال: وبحق الحسين (ع) جاء صاحب السجن، وقال: (يوسف أيها الصديق أفتنا) الى اخر قصته المباركة.

التاسعة: في تفريج الغم ليعقوب (ع) فانه لما ضاق عليه الامر، قال: رب أما ترحمني لقد ذهبت عيناي، وذهب نور عيني، فأوحى الله تعالى اليه قل: " اللهم اني اسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين أن ترد علي عيني " فبمجرد التلفظ بالحسين (جاء البشير فارتدّ بصيرا).

العاشرة: ما ورد من تفريج كروب الأنبياء (ع) وكشف البلاء عنهم مقارنا لذكر الحسين(ع) وقد قارن ذلك ايضا غلبة البكاء عليهم، من دون علم بالسبب، والتسعة السابقة فروع للعاشرة.

اقول: ونحن ايضا مكروبون بكربة الذنوب العظام، وقد عظم بلاؤنا من الخطايا التي اهلكتنا.

فنسأل الله تعالى بحق محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهرا والحسن المجتبى المظلوم والحسيـن الشهيد الغريب الذي عند ذكر اسمه تنكسر قلوبنا، ويجري الدمع من عيننا لعلمنا بما وقع عليه، ان يجعل كشف البلاء عنا ببركة نور اسمه وتأثيره.

انتهى العنوان العاشر






العنوان الحادي عشر
في خصوصياته المتعلقة بافضل الانبياء


زيادة على ما ذكرنا سابقا بعنوان ما اعطاه الله تعالى من افضل المخلوقات، والمراد هنا بيان ثبوت جميع فضائل خاتم الانبياء صلوات الله عليه وآله وابتلاءاته له.

فنقول:

محمد المصطفى (ص): افضل المخلوقين، وهو افضل من الحسين (ع)

والحسين(ع): من افضل المخلوقين، وافضل المخلوقين منه (ع)

محمد المصطفى (ص): سيد الانبياء

الحسين (ع): سيد الشهداء

محمد المصطفى (ص): خاتم الانبياء والمرسلين

الحسين (ع): خاتم الشهداء والصدّيقين

محمد المصطفى (ص): رحمة للعالمين لعموم الفيض منه من جهات عديدة

والحسين (ع): رحمة للعالمين كذلك

محمد المصطفى (ص): شاهد ومبشر

والحسين (ع): يشهد يوم القيامة لمن زاره او بكى عليه شهادة تصلح له امره، وهو المبشر له الان، وهو عن يمين العرش يناديه: (ايها الباكي لو علمت ما اعد لك لفرحت اكثر مما جزعت)

محمد المصطفى (ص): قد خصه الله تعالى بقوله: (إنا أعطيناك الكوثر)

الحسين (ع): قد اعطى الله تعالى الكوثر من فيوضه انه يفرح اذا شرب منه الباكي عليه، كما في رواية مسمع بن عبدالملك في كامل الزيارات 102

محمد المصطفى (ص): قد اعطاه الله تعالى الوسيلة، وهي احدى مقامات الشفاعة.

الحسين (ع): قد جعله الله تعالى وسيلة وقد ورد ان باب الحسين اوسع وان سفينته اسرع وكما جاء ايضا: لا يوم كيومك ابا عبدالله الحسيـن (ع)

محمد المصطفى (ص): قال الله تعالى له (عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا) وهو اعظم مقام من مقامات الشفاعة.

والحسين (ع): من اعظم اسباب شفاعة النبي (ص).

فقد ورد انه لما اخبر بشهادته كان مما قال له جبرئيل (ع) ان شئت ان تكون شهادة ولديك ذخيرة لك لشفاعة العصاة فارض بذلك، وان شئت دعوت الله تعالى ان يسلمهما من السم والقتل.

محمد المصطفى (ص): قد جعل لكل عضو من اعضاء بدنه كرامة ظاهرة، قد ذكرنا تفصيلها في ابواب حالاته.

الحسين (ع): مظهر لكرامات اعضائه الشريفة، فان نحره وجبينه كانا يضيئان لكثرة ما يقبلهما رسول الله (ص) وكان يقبل فوق سرته ولم يعلم السبب في ذلك حتى اصيب بسهم ذي ثلاث شعب على قلبه السليم المبارك المصاب بالسهم، وكان قاتله حقيقة، فعلم ان التقبيل كان لذلك، وهذا من معجزاته صلوات الله عليه.

محمد المصطفى (ص): له معراج بكيفيات خاصة، بل قال العلماء انه له اكثر من معراج.

الحسين (ع): له معراج بكيفيات خاصة، فله معراج جسماني وروحاني يوم قتله.

محمد المصطفى (ص): قد صدع بما اُمر بعد خطابه تعالى بقوله (فاصدع بما تؤمر) فوقف وحيدا غريبا في مجتمع الجاهلية ونادى وحيدا وتحمل واحتمل مشاق الحروب في بدر واحد وحنين والاحزاب وغيرها وتحمل استهزاء الكفار والمنافقين جميعا وعانى ما عانى من دون باقي الانبياء والمرسلين.

الحسين (ع): قد صدع بما اُمر على طبق ذلك من وقوفه وحيدا غريبا في امة جده المصطفى (ص) وكان نداءه وحيدا، واجتماع جميع مشاق تلك الغزوات في جهاده يوم عاشوراء ولكل تفصيل على حدة.

هذا،، ولكن الى متى اقول محمدا وحسينا! وقد قال محمد حبيب الله " حسيـن مني وانا من حسـين أحب الله من احب حسينا " وهذا ايضا حديث عجيب في معناه وبيانه وتنسيقه حيث ابتديء بإسم الحسين وانتصف بالحسين وانتهى بالحسين وكفانا ان الاسلام محمـدي الوجود حسيني البقاء،، اللهم صلي على حبيبك محمدا وآله الاطهار

فلنكتف بقولنا: محمد من الحسين والحسين من محمد عن ملاحظة تطبيقات الفضائل وابتلاءات المصطفى (ص) فجميع ابتلاءاته قد وردت على الحسين عليه السلام.

وصلى الله على محمد المصطفى وآله المعصومين والحمد لله.

انتهى الكتاب بحمد الله تعالى وتعظيمه

اللهم صلي على محمد المصطفى وآله المعصومين وعجّل في فرجهم يا كريم