الصفحة 38
فهو متواتر بالاجماع.

ومع هذا كلّه فبالقياس إلى من سمع الحديث، والمكان الذي أذاعه فيه الرسول، فإنّه لم يقله في بيته حتّى ولا في مسجده، بل أعلنه صرخة أمام عشرات الآلاف من الحجّاج، وأوصاهم بإبلاغ الحاضر الغائب، فيكون حديث الغدير رواته قليلون جدّاً.

وهذا اليوم، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، هو يوم عيد اشترك فيه السنّة والشيعة، وإن كانت الشيعة تبدي له اهتماماً ملحوظاً، لكنّه يوم فرح وعيد عند الفريقين.

فأمّا عند العامّة، فأدلّ دليل على أنّه يوم عيد ما ذكروه عقيب ذكرهم ليوم الغدير، فروى الطبري في كتاب الولاية باسناده عن زيد بن ارقم، عن رسول الله، وذكر حديث الغدير، وفي آخره جاء: قال رسول الله: معاشر الناس قولوا أعطيناك على ذلك عهداً عن أنفسنا وميثاقاً بألسنتنا وصفقة بأيدينا نؤديه الى أولادنا وأهلينا، لا نبغي بذلك بدلاً وأنت شهيد علينا وكفى بالله شهيداً، قولوا ما قلت لكم وسلّموا على علي بإمرة المؤمنين، وقولوا الحمد لله الذي هدانا…

قال زيد بن أرقم: فعند ذلك بادر الناس بقولهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله ورسوله بقلوبنا، وكان أول من صافق النبي صلى الله عليه وآله وعليّاً: أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والانصار وباقي الناس، إلى أن صلّى الظهرين في وقت واحدٍ، وامتدّ ذلك إلى أن صلّى العشائين في وقت واحد…

ورواه احمد بن محمد الطبري في كتابه مناقب علي، وذكر في كتاب النشر والطي.

وفي مرآة المؤمنين لوليّ الله اللكهنوي: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال له: هنيئا

الصفحة 39
يابن أبي طالب أصبحت مولاي….

وفي روضة الصفا لابن خاوند المتوفى سنة 903هـ … وأمر (النبي) أمير المؤمنين أن يجلس في خيمة أخرى، وأمر أطباق الناس بأن يهنّئوا علياً في خيمته، ولمّا فرغ الناس من التهنئة له أمر رسول الله أمّهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنّئنه، ففعلن…

وحديث التهنئة، وهو قول الناس هنيئاً لك يا ابن طالب، بعد البيعة، ومن جملة من هنّأ عمر، فقال: هنيئاً لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، روى هذا الكثير من المحّدثين، مثل الحافظ ابن أبي شيبة المتوفى سنة 235هـ في المصنّف، واحمد بن حنبل في مسنده 4/281، والحافظ ابو العباس الشيباني، وابو يعلى الموصلي في مسنده، و… حتّى أوصلهم الأميني إلى ستين نفراً.

والتهنئة من خواصّ الأعياد والأفراح.

وذكر أبو هريرة: أن يوم قال رسول الله: من كنت مولاه… هو يوم غدير خم، من صام ثمان عشرة من ذي الحجّة كتب له صيام ستين شهرا.

تاريخ بغداد 8/290، شواهد التنزيل 157/211.

وهذا هو دليل آخر على انّ لهذا اليوم شأناً لابدّ للمسلمين أو يعرفوه.

وكثير من مؤرخي العامة عبّروا عن هذا اليوم بالعيد، كما في الوفيات لابن خلكان 1/60 و2/223 وغيره.

وعدّه البيروني في الآثار الباقية في القرون الخالية: 334: ممّا استعمله أهل الاسلام في الأعياد.

وفي مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي صفحة 53: يوم غدير خم، ذكره

الصفحة 40
أمير المؤمنين في شعره، وصار ذلك اليوم عيداً وموسما، لكونه كان وقتا خصّه رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذه المنزلة العلية وشرّفه بها دون الناس كلّهم.

وفي كتاب شرف المصطفى للحافظ أبي سعيد الخركوشي المتوفى سنة 407هـ: أنّ النّبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد تبليغ الغدير: هنّوئني هنّوئني، ان اللّه تعالى خصّني النبّوة وخصّ أهل بيتي بالإمامة…

وهذا أيضا خير شاهد على كونه عيداً، حيث رسول الله يطلب من الناس أن يهنئّوه.

ولمّا نزلت آية (اليوم أكملت لكم دينكم…) قال طارق بن شهاب الكتابي الّذي حضر مجلس عمر: لو نزلت فينا هذه الآية لاتخذنا يوم نزولها عيداً، ولم ينكر عليه أحد من الحضور.

أخرجه الأئمة الخمسة مسلم ومالك والبخاري والترمذي والنسائي.

وحاول أعداء عليّ أن يمحوا ذكر يوم الغدير، لكن أبى الله إلاّ أن يتمّ نوره، فأمير المؤمنين بدأ بالمناشدة به في عدّة مجالس، وكذا أهل بيته عليهم السلام وكثير من العلماء.

وهذه المناشدات كان لها الدور الفعّال في بقاء الغدير على مرّ العصور.

حتّى أنّ أمير المؤمنين أعلن عن الغدير وأنه يوم عيد سنة اتفق فيها الجمعة والغدير، ومن خطبته أن قال: أنّ الله عزّ وجلّ جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين، لا يقوم أحدهما إلاّ بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنعه… إلى أن قال: عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم وبالبرّ باخوانكم…

مصباح المتهجد: 524.

الصفحة 41

وفي تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي بسنده عن فرات بن أحنف، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحيى ويوم الجمعة ويوم عرفة؟ قال: فقال لي: نعم، أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة هو اليوم الّذي أكمل الله فيه الدين، وأنزل على نبيّه: (اليوم أكملت لكم دينكم…) قال: قلت: وأيّ يوم هو؟ قال: فقال لي: إنّ أنبياء بني اسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصية والإمامة من بعده فعل ذلك، جعلوا ذلك اليوم عيداً، وأنه اليوم الّذي نصب فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً للناس علماً… قال: قلت: فما ينبغي أن نعمل في ذلك اليوم؟ قال: هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد وسرور لما منّ الله به عليكم من ولايتنا، فاني أحبّ لكم ان تصوموه.

وروا الكليني في شأن هذا اليوم عدّة أحاديث، وأنه يوم عيد وعبادة ويستحب فيه اكثار الصلاة على محمد وآله والبراءة إلى الله ممن ظلمهم.

الكافي 1/204 و303، وكذا روي الشيخ الصدوق في الخصال والطوسي في المصباح عدّة أحاديث في شأن الغدير.

فهذا هو الغدير عند الشيعة… وهذه عقيدتهم، وهم أخذوها من النبي والأئمة من أهل بيته سلام الله عليهم، فأين البدعة؟ وأيّ شيء أدخلوه في الشرع وهو ليس منه كي يتهموا بالبدعة؟

فلماذا اذن كل هذا الظلم والجور ضدّهم لأجل اقامة مراسم الغدير؟! كما ستمرّ عليك الأحداث، أليس هذا كلّه تعصّب ضدّ الشيعة؟!

وما نسبة النويري والمقريزي وغيرهما من أنّ هذا العيد ابتدعه معزّ الدولة بن بويه سنة 352هـ، فهو تعصّب محض وقلّة معرفة بالتاريخ.

قال الاميني: وما عساني أن أقول في بحاثة يكتب عن تأريخ الشيعة قبل أن

الصفحة 42
يقف على حقيقته، أو أنه عرف نفس الأمر فنسيها عند الكتابة، أو أغضى عنها لأمرٍ دبّر بليل، أو أنّه ما يبالي بما يقول.

أوليس المسعودي المتوفى 346هـ يقول في التنبيه والأشراف ص221: وولد علي رضي الله عنه وشيعته يعظّمون هذا اليوم؟!

أوليس الكليني الراوي لحديث عيد الغدير في الكافي توفي سنة 329هـ؟ وقبله فرات بن ابراهيم الكوفي المفسّر الراوي لحديثه الآخر…

فالكتب هذه الفت قبل ما ذكراه ـ النويري والمقريزي ـ من التأريخ (352).

أوليس الفيّاض بن محمد بن عمر الطوسي قد أخبر به سنة 259هـ وذكر أنه شاهد الامام الرضا سلام الله عليه ـ المتوفى سنة 203 ـ يتعيد في هذا اليوم ويذكر فضله وقدمه؟! ويروي ذلك عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام.

والامام الصادق المتوفى سنة 148هـ قد علّم أصحابه بذلك كلّه وأخبرهم بما جرت عليه سنن الأنبياء من اتخاذ يوم نصبوا فيه خلفاءهم عيداً…

هذه عقيدة عيد الغدير، لكن الرجلين أرادا طعنا بالشيعة، فأنكرا ذلك السلف الصالح وصوّراه بدعة مغزوّة إلى معزّ الدولة، وهما يحسبان أنه لا يقف على كلامهما من يعرف التاريخ فيناقشهما الحساب.

الغدير: 1/287 ـ 289، نهاية الأرب: 1/177، الخطط: 2/222.

ولزيادة الإطلاع عن هذه المسألة راجع: كشف المهم في خبر غدير خم للسيّد هاشم البحراني، عبقات الانوار للعلامة مير حامد حسين، الغدير للعلامة الأميني، منهج في الانتماء المذهبي: 90 ـ 156، الغدير في التراث لاسلامي للعلامة السيد عبدالعزيز الطباطبائي، حديث الغدير رواته كثيرون للغاية قليلون للغاية للسيد عبدالعزيز الطباطبائي، الغدير في حديث العترة الطاهرة للسيّد محمد جواد الشبيري، ومصادر أخرى كثيرة.

الصفحة 43

ذكر الاحداث حسب تسلسل السنين

336هـ ـ 413هـ


الصفحة 44

سنة 336هـ:

فيها: في الحادي عشر من ذي القعدة ولد محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبدالسلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهيب بن هلال بن أوس بن سعيد ابن سنان بن عبدالدار بن الريّان بن قطر بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بن عكة بن خلد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

وقيل: مولده سنة 338هـ.

قال الخطيب البغدادي: شيخ الرافضة، والمتعلم على مذاهبهم، صنّف كتباً كثيرة في ضلالاتهم والذبّ عن اعتقاداتهم ومقالاتهم والطعن على السلف الماضين من الصحابة والتابعين وعامّ الفقهاء والمجتهدين، وكان أحد أئمة الضلال، هلك به خلق من الناس إلى أن أراح الله المسلمين منه.

وما ذكره الخطيب ليس هو إلاّ فرداً من افراد التعصّب الّذي جرى لكثير من المؤرّخين قبال علماء الشيعة، فعلماء الشيعة مهما ارتقت درجتهم العلميّة وازدادوا تقىً كثر تعصّب علماء السنّة تجاههم، وشرعوا بإلقاء التهم عليهم، واستعملوا أسوء الألفاظ في حقّهم، وهذا هو التعصّب بعينه وخروج عن انصافٍ وسوء أدبٍ.

ومعلوم أن سلاح العلماء الأتقياء الّذين هدفهم إصابة الحق لا غير هو البرهان والمجادلة بالّتي هي أحسن واستعمال اللين ومقابلة الآخرين بأحسن الأخلاق وألطف تعبير.

وأمّا الّذين يقابلون الدليل بالسياط والتبعيد والقتل والسب واستعمال الألفاظ الرديئة، فهذا سلاح العاجزين عن الدليل، وهو أقوى حجّة لمعرفة الحقّ في أيّ

الصفحة 45
طرف من كفّتي الميزان.

وهذا ما جرى على شيخنا المفيد، فإنه رضوان الله عليه بأسلوبه البديع واخلاقه العظيمة ودليله القاطع بيّن معتقده خدمةً للحق، فوقف أمامه العامّة، وأبدوا تعصّباً ملحوظاً تجاهه، وبدل ردّهم عليه بالمثل والدليل استعملوا أسوء الألفاظ في حقّه وأغلظوا معه في القول، حتّى بعّد عن وطنه عدّة مرّات.

قال معاصره الأكبر منه سنّاً ابن النديم: ابن المعلم أبو عبدالله، في عصرنا انتهت إليه رئاسة متكلّمي الشيعة، مقدّم في صناعة الكلام، دقيق الفطنة، ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعاً.

قال ابن أبي طيّ: هو شيخ مشايخ الطائفة، ولسان الإمامية، ورئيس الكلام والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كلّ عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهيّة، وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس.

قال الشيخ ابو العباس النجاشي: شيخنا، وأستاذنا رضي الله عنه، فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم.

قال ابن الجوزي: شيخ الإمامية وعالمها، صنّف على مذهبهم، ومن أصحابه المرتضى، وكان لابن المعلّم مجلس نظر بداره ـ بدرب رياح ـ يحضره كافّة العلماء، وكانت له منزلة عند أمراء الأطراف يميلهم إلى مذهبه.

فهرست ابن النديم: 178، رجال النجاشي: 399 ـ 403 ترجمة رقم 1067، تاريخ بغداد: 3/231، المنتظم: 8/11 ـ 12، العبر: 3/114 ـ 155، مرآة الجنان: 3/28.

سنة 338هـ:

فيها: في آخر ربيع الأول وقعت فتنة بين الشيعة والسنّة، ونهبت الكرخ.

الصفحة 46

المنتظم: 6/363 ـ 364، البداية والنهاية: 11/221، شذرات الذهب: 2/345.

الكرخ يسكنها الشيعة الإمامية، بين شرقها والقبلة محلّة باب البصرة وأهلها سنة، وفي جنوبها المحلّة المعروفة بنهر القلاّئين وأهلها سنة، وعن يسار قبلتها محلّة تعرف بباب المحوّل وأهلها سنة، وتقع الكرخ غربي مدينة بغداد.

معجم البلدان: 4/448، المنجد: 856.

وعند ملاحظة الكرخ من الناحية الجغرافيّة نشاهد بوضوح أنها محصارة بين عدّة مدن يقطنها العامة المتعصّبون ضدّ الشيعة، فالكرخ دائمة هي الضحيّة عند وقوع أيّ اختلاف، فكأنّ السّنة على أهبة الاستعداد يتوقّعون الفرص للهجوم على الشيعة في الكرخ وإيقاع المجازر فيها والنهب والحرق!!

سنة 340هـ:

فيها: في شهر رمضان وقعت فتنه عظيمة بسبب المذهب.

البداية والنهاية: 11/224.

سنة 345هـ:

فيها: وقعت فتنة عظيمة بأصبهان بين أهل اصبهان وأهل قم بسبب المذاهب، وكان سببها أنّه قيل: عن رجلٍ قمي أنه سبّ بعض الصحابة، وكان من أصحاب شحنه أصفهان، فثار أهلها واستغاثوا بأهل السواد، فاجتمعوا في خلق لا يحصون كثرة، وحضروا دار الشحنة، وقتلوا من الشيعة خلقاً كثيراً، ونهب أهل أصفهان أموال التجار من أهل قم، فبلغ الخبر ركن الدولة، فغضب لذلك، فصادر أهل

الصفحة 47
أصفهان بأموال كثيرة كما نقل ابن كثير، ونقل بن الاثير أنّ ركن الدولة غضب لذلك وأرسل اليها فطرح على أهلها مالاً كيراً.

الكامل في التاريخ: 8/517، البداية والنهاية: 11/230.

وركن الدولة هو: الحسن بن بويه أخو معزّ الدولة، ملك اصفهان سنة 328هـ، وملك طبرستان سنة 336هـ، وسار منها إلى جرجان فملكها، كان حليماً كريماً، كان يقصد المساجد الجامعة في أشهر الصيام للصلاة وينصب لردّ المظالم ويتعهد العلويّين بالأموال، توفي بالري ليلة السبت لاثني عشر ليلة بقيت من المحرم سنة 336، وقد زاد على سبعين سنة، وكانت مدّة امارته أربعاً وأربعين سنة.

نهاية الأرب: 26/175 ـ 179.

ولا أعلم على أيّ قانون كانوا يسيرون وعلى أيّ أسسٍ اعتمدوا، فهل سبّ واحدٍ من الشيعة لبعض الصحابة يوجب كلّ هذا؟!! قتل! ونهب! وما ذنب الآخرين؟!

وهذا مبنيّ على أنّ الصحابة كلّهم عدول، وأيّ دليل ينهض على هذا؟ وهل الصحبة لوحدها كافية ليكون المرء عادلاً؟ والقرآن صريح بخلاف هذا، راجع ما ذكرناه في المقدّمة مفصّلاً حول الصحابة.

سنة 346هـ:

فيها: في آخر المحرّم كانت فتنة للعامة بالكرخ، كذا قال ابن الجوزي، وقال ابن كثير: في سنة 346هـ وقعت فتنة بين أهل الكرخ وأهل السنة بسبب السب، فقتل من الفريقين خلق كثير، ولم يعيّن أيّ شهرٍ وقعت الفتنة، فيحتمل أن تكون فتنة واحدة حدثت في هذه السنة، ويحتمل تكرر الفتنة.

المنتظم 6/384، البداية والنهاية: 11/232.

الصفحة 48

سنة 348 هـ:

فيها: في جمادى الأولى اتصلت الفتن بين الشيعة والسنة قتل بينهم خلق ووقع حريق كثير في باب الطاق، ولم يذكر لنا التاريخ السبب.

المنتظم: 6/390، الكامل في التاريخ: 8/527، البداية والنهاية: 11/234، شذرات الذهب: 2/376.

وباب الطاق: محلّه كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي تعرف بطاق اسماء.

معجم البلدان: 5/308.

سنة 349هـ:

فيها: في يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان على حدّ تعبير ابن الجوزي، وخامس شعبان على قول ابن الأثير، وقعت فتنة عظيمة بين السنّة والشيعة في القنطرة الجديدة، قتل فيها خلق كثير، وتعطّلت الجمعة من الغد في جميع المساجد من الجانبين سوى مسجد براثا فإنّ الصلاة تمّت فيه، ولم ينقل لنا المؤرّخون سبب الفتنة، بل ذكروا: وكان جماعة من بني هاشم قد أثاروا الفتنة فاعتقلهم معزّ الدولة ابن بويه فسكنت الفتنة، ونقل بعضهم: ثمّ قبض معزّ الدولة على جماعة من أهل السيف للمصلحة فسكتوا، ونقل آخر: ثمّ رأى معز الدولة المصلحة في القبض على جماعة من الهاشميّين فسكنت الفتنة.

المنتظم: 6/394 ـ 395، الكامل في التاريخ: 8/533، دول الاسلام: 193، البداية والنهاية: 11/236، النجوم الزاهرة: 3/323، العبر: 2/280، مرآة الجنان: 2/342 ـ 343، تاريخ الاسلام: 231 حوادث ووفيات 341هـ ـ 350هـ، شذرات الذهب

الصفحة 49
2/379.

والقنطرة الجديدة أول من بناها المنصور، وكانت تلي دور الصحابة وطاق الحرّاني، جدّدت عدة مرات.

معجم البلدان: 4/406.

ومسجد براثا واقع في محلّة براثا طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محوّل، وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية، مرّ بها علي بن ابي طالب عليه السلام لقتال الحروريّة الخوارج بالنهروان وصلّى في موضع من الجانب المذكور، وتعرّض هذا المسجد عدّة مرّات للهدم، لاجتماع قوم من الشيعة فيه، هدمه الراضي بالله حتّى سوّى به الارض، ثمّ أمر بجكم الماكاني أمير الأمراء ببغداد بإعادة بنائه.

معجم البلدان: 1/362 ـ 363.

ومعزّ الدولة هو: أحمد بن بويه، مرّشيء من أخباره في المقدّمة في أحوال بني بويه، استولى على بغداد سنة 334هـ في خلافة المستكفي بالله، كان بواسط وقد جهّز الجيوش لمحاربة عمران بن شاهين الخارج عليه، فازداد عليه المرض، فرجع إلى بغداد، وعهد إلى ابنه بختيار، وتوفي لأربع ساعات مضين من ليلة الثلاثاء سابع عشر ربيع الآخر سنة 356هـ، وكانت امارته إحدى وعشرين سنة واحد عشر شهراً، وعمره ثلاث وخمسون سنة، ودفن بداره، ثمّ نقل إلى مشهد بني له في مقابر قريش.

المنتظم: 7/38 ـ 39، نهاية الأرب: 26/182 ـ 192.

وأمّا سبب الفتنة فغير معلوم، والنقل مضطرب كما ذكرنا، وحبس معزّ الدولة بعض الهاشميّين كان لإقناع السنة الّذين يشكّلون الأكثرية في بغداد، وهذا لا يدّل على حقّانيّتهم، ومعزّ الدولة كان شيعيّاً ومع ذلك يريد الحفاظ على مملكته، فإذا

الصفحة 50
اقتضت المصلحة حبس بعض الشيعة للحفاظ على ملكه فعل، راجع ما كتبناه في المقدّمة في أحوال بني بويه وعقيدتهم.

سنة 253هـ:

فيها: في جمادى الأولى كانت فتنة عظيمة في البصرة وبهمذان بين العامة بسبب المذاهب على حدّ تعبير ابن الاثير، وبسبب السب على حدّ تعبير ابن كثير، قتل فيها خلق كثير وجمّ غفير.

الكامل في التاريخ: 8/544، البداية والنهاية: 11/241.

وسبب الفتنة أيضاً غير واضح، والسبّ لوحده غير مبرّر لهجوم السنّة على الشيعة وإيقاع القتل العام والنهب وإشعال الفتنة.

سنة 352هـ:

فيها: في اليوم العاشر من المحرّم غلقت الأسواق ببغداد، وعطّل البيع، ولم يذبح القصّابون، ولا طبخ الهرّاسون، ولا ترك الناس أن يستقوا الماء، ونصبت القباب في الأسواق، وعلّقت عليها المسوح، وخرج النساء يلطمن وجوههنّ على الحسين، وأقيمت النائحة على الحسين سلام الله عليه.

وذكر بعض المؤرّخين أنّ هذا كان بأمر معزّ الدولة، وبعضهم نقله من دون أن يذكر أنه بأمر أحدٍ.

وذكر ابن الأثير وابن كثير: ولم يكن للسنة قدرة على المنع منه، لكثرة الشيعة، ولأنّ السلطان معهم.

ولا أعلم لماذا يحاول أهل السنة منع هذا الشعار ومحاربته، وقد عقد مأتم

الصفحة 51
الحسين قبل استشهاده من قبل خاتم الرسل، وإقامة هذا المأتم في السماء من قبل الملائكة، حتّى الجنّ أقامت المأتم وناحت على الحسين سلام الله عليه، راجع المقدّمة عن هذا الموضوع.

وقال الحافظ الذهبي بعد نقله لما حدث في يوم العاشر: وهذا اول ما نيح عليه، اللهمّ ثبّت علينا عقولنا.

وما هو مقصوده من: اللهمّ ثبّت علينا عقولنا؟ وهل ما علمته الشيعة من إقامة العزاء على سيّد الشهداء مخالف للعقول السليمة، وقد بكى عليه خير الخلق رسول الله وأقام المأتم عليه وأقامت الملائكة في السماء العزاء عليه وناحت عليه الجنّ؟!! راجع المقدمة حول هذا الموضوع.

وقال الأتابكي: قلت: وهذا أول يوم وقع فيه هذه العادة القبيحة الشيعية ببغداد، وكان ذلك في صحيفة معزّ الدولة بن بويه، ثمّ اقتدى به من جاء بعده من بني بويه وكلّ منهم رافضي!! خبيث!!

أقول: الم يخبر جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله بما يجري على الحسين عليه السلام بعد ولادة الحسين، وبكاء النبي ومن في البيت على هذا المصاب، وهو اول عزاء يعقد على الحسين الشهيد، كما ذكرناه في المقدّمة، فمتى صار احياء ذكرى الحسين عليه السلام عادة قبيحة؟!! وتشاهد بوضوح عزيزي القارىء محاولة بعض المؤرّخين بجعل اقامة المأتم على الحسين انما كان ابتداؤه زمن معزّ الدولة!! وهذا جهل وتعصّب منهم، راجع المقدّمة الرابعة حول قضيذة الحسين كي يتبّين لك الأمر.

المنتظم: 7/15، الكامل في التاريخ: 8/549، مرآة الجنان: 2/347، تاريخ الاسلام: 11 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، العبر: 2/294، دول الاسلام: 195،

الصفحة 52
البداية والنهاية: 11/243، تكملة تاريخ الطبري: 397، شذرات الذهب: 3/9، النجوم الزاهرة: 3/334.

وفيها: في ليلة الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة ـ وهويوم عيد غدير خم ـ أشعلت النيران، وضربت الدبادب والبوقات، وبكر الناس الى مقابر قريش، وأظهرت الزينة في البلد، وفتحت الأسواق بالليل كما يفعل في ليالي الأعياد، وكان يوماً مشهوداً.

وقال الحافظ الذهبي بعد ذكر الحادث: فنعوذ بالله من الضلال!!

وقال ابن كثير: فكان وقتاً عجيباً وبدعة شنيعة ظاهرة منكرة!!

ولا أعلم أين البدعة الشنيعة؟! والظاهرة المنكرة؟! كي يتعوّذ بالله منها، ألم ينصب رسول الله عليّاً في هذا اليوم خليفة، وقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهمّ وال من ولاه وعادي من عاداه؟! ألم ينزل جبرئيل باكمال الدين بعد هذا؟! ألم يبايع المسلمون عليّاً يوم الغدير واحداً بعد الآخر… وقال له عمر: هنيئاً لك يا ابن ابي طالب، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة؟! ألا يحقّ للمسلمين أن يتخذوه عيدا ويفرحوا به… وقد وردت روايات كثيرة من طرق الخاصّة عن الأئمة عليهم السلام باتخاذ هذا اليوم عيداً، والتفصيل راجع المقدمة الخامسة حول هذا الموضوع.

المنتظم: 7/16، الكامل في التاريخ: 8/549 ـ 550، مرآة الجنان: 2/347، شذرات الذهب: 3/9، البداية والنهاية: 11/243، تكملة تاريخ الطبري: 400، تاريخ الاسلام: 12 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، دول الاسلام: 195 ـ 196.

سنة 353هـ:

فيها: في العاشر من المحرّم عملت الشيعة المأتم على سيّد الشهداء الحسين عليه السلام، وعطّلت الأسواق وأقامت النوح، فلمّا أضحى النهار يومئذٍ وقعت فتنة عظيمة في قطيعة أم جعفر وطريق مقابر قريش بين السنّة والشيعة، واقتتلا قتالا شديداً، ونهبت الأموال، ووقعت بينهم جراحات.

المنتظم: 7/19، الكامل في التاريخ: 8/558، تاريخ الاسلام: 13 حوادث ووفيات 351 ـ 380، البداية والنهاية: 11/253، النجوم الزاهرة: 3/336.

وقطيعة أم جعفر: محلّة ببغداد عند باب التين، وهو الموضع الّذي فيه مشهد موسى بن جعفر قرب الحريم بين دار الرقيق وباب خراسان، وقيل: قطيعة ام جعفر بنهر القلاّئين، ولعلّها اثنتان، وام جعفر هي: زبيدة بنت جعفر بن المنصور أم محمد الامين.

معجم البلدان: 4/376.

وهذه هي التعصّبات الجاهليّة ضدّ الشيعة لا غير، ففرقة لها مبانيها ورسومها تسير عليها، وتقيم مأتماً على امامها وتنصب له العزاء في كلّ سنة، فأيّ دخلٍ لفرقةٍ أخرى حتّى تمنعها، وأيّ قانونٍ يجيز لها قتل ونهب الفرقة الأخرى، وهل اقامة العزاء على ابن بنت رسول الله حكمة القتل والنهب والإباحة؟! أيّ انسانٍ حرّ الضمير يقبل هذا؟!

سنة 354هـ:

فيها: في العاشر من المحرّم أقامت الشيعة العزاء على الحسين سيّد الشهداء والنوح واللطم وعطّلت الاسواق.

54

وقال الأتابكي: ولم يتحرّك لهم السنّية خوفاً من معزّ الدولة ابن بويه.

وكأنّ المؤرّخين يتعجبّون كيف تنقضي المراسم من دون تعرّض السنة لهم، فصار المنع جارياً والقتل والنهب عادة، حتّى أن المراسم لمّا تمّت بسلام، تذكره ابناء العامة بإعجاب، وكيف لم يحملوا على الشيعة ويقتلوهم؟! لتفرح قلوبهم بسماع سفك دماء الشيعة!!!

وقال ابن كثير: ثمّ تسلّطت أهل السنّة على الروافض، فكبسوا مسجدهم مسجد براثا الذي هو عشّ الروافض!! وقتلوا بعض من كان فيه من القومة!!

والظاهر من عبارة ابن كثير بل صريحها ان هذه السنة ايضاً لم تنقض المراسم بدون قتلٍ ونهبٍ.

المنتظم: 7/23، تاريخ الاسلام: 17 حوادث ووفيات 351 ـ 380، النجوم الزاهرة: 3/339، البداية والنهاية: 11/255.

وقال ابن كثير بعد نقل ما تعمله الشيعة يوم العاشر: وهذا تكلّف لا حاجة إليه في الاسلام، ولو كان هذا أمراً محموداً لفعله خير القرون وصدر هذه الأمّة وخيرتها، وهم أولى به، لو كان خيراً ما سبقونا اليه، وأهل السنة يقتدون ولا يبتدعون.

البداية والنهاية: 11/255.

ونحن نقول لابن كثير: لو سلّمنا لك أنّ هذا تكلّف لا حاجة إليه في الإسلام، فهل فعله يوجب القتل والنهب والإباحة؟!.

وأمّا قوله: لو كان هذا أمراً محدوداً لفعله خير القرون، فهو مردود، بأن خير القرون فعلوه، لكن بشكل آخر، فرسول الله صلّى الله عليه وآله اقام المأتم على الحسين قبل استشهاده وكذلك علي بن ابي طالب عليه السلام، وذلك بعد إخبار جبرئيل، ولكن بنحو آخر، وكذا أقام العزاء على الحسين أئمّة اهل البيت في اليوم

الصفحة 55
العاشر، وجلسوا للعزاء والبكاء، راجع ما كتبناه حول هذا الموضوع في المقدّمة.

وأمّا قوله: وأهل السنّة يقتدون ولا يبتدعون!! فهل هذا مبّرر لقتلهم الشيعة ونهبهم أمولاهم وحرق بيوتهم؟!

وهل كانت صلاة التراويح في زمن النبيّ، أو صلاّها؟!

ومن اسقط القول بحيّ على خير العمل من الآذان، ألم يكن في زمن رسول اله وأسقط بعده؟!

ألم يعترفوا بانّ السنّة التختم باليمين، لكن بما أن الشيعة تتختّم باليمين جعلوا السنّة التختم باليسار.

ومن نهى عن متعة الحج وكانت في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟!

ومن منع من متعة النساء وكانت في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

ومن زاد في الآذان الصلاة خير من النوم ولم تكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!

ومن منع المغالات في صداق النساء؟!

ومن أتمّ الصلاة بمنى أربعاً؟!.

واسأل من ابن كثير: من جعل في مقابل عيد الغدير يوماً باسم يوم الغار وفي مقابل يوم عاشوراء يوم مقتل مصعب وعملوا فيهما من الفرح والحزن كما تعمله الشيعة؟! ومن…؟! ومن…؟! وأهل السنة يقتدون ولا يبتدعون!

وفيها: في الثامن عشر من ذي الحجّة أقامت الشيعة مراسم عيدالغدير، ولم يتحدّث التاريخ لنا بشيء حدث فيه.

وقال ابن كثير: وفي ثاني عشر ذي الحجة منها علمت الروافض عيد غدير خم…

وهو غلط واضح لعلّه من النسّاخ، اذ أن يوم عيد الغدير هو اليوم الثامن عشر.

الصفحة 56
المنتظم: 7/24، البداية والنهاية: 11/255.

سنة 355هـ:

فيها: في العاشر من محرّم أقامت الشيعة عزاءها على الحسين الشهيد عليه السلام والنوح والبكاء، ولم يحدث شيء والحمد لله.

وقال ابن كثير: في عاشر المحرّم عملت الروافض بدعتهم الشنعاء!! وضلالتهم الصلعاء!! على عادتهم ببغداد.

وهنا ابن كثير يتألّم كيف انتهت المراسم بسلامةٍ، ولم يقتل السنة الشيعة ولم يهجموا عليهم، فأبدى حقده هذا بهذه العبارات السقيمة وسوء الأدب، يريد جرح عواطف الشيعة الّذين يحترمون هذا اليوم ويعظموه، فإنّا لله وإنّا اليه راجعون.

المنتظم: 7/33، البداية والنهاية: 11/260، النجوم الزاهرة: 4/11.

سنة 356هـ:

فيها: عملت الشيعة المراسم في اليوم العاشر من المحرّم، ولم ينقل لنا التاريخ وقوع حرب أو فتنة، وله الحمد.

المنتظم: 7/48، مرآة الجنان: 2/358، العبر: 2/203، تاريخ الاسلام: 37 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، شذرات الذهب: 3/18، البداية والنهاية: 11/262، النجوم الزاهرة: 4/14.

سنة 357هـ:

فيها: في اليوم العاشر من المحرّم تمّت مراسم العزاء بسلامٍ، والحمد لله.

الصفحة 57
المنتظم: 7/43، البداية والنهاية: 11/265، النجوم الزاهرة: 4/18، الكامل في التاريخ: 8/589، تاريخ الاسلام: 39 حوادث ووفيات 351هـ 380هـ.

وفيها: في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة عملت الشيعة مراسم الفرح والسرور لعيد الغدير، ولم ينقل حدوث فتنةٍ، والحمد للّه.

المنتظم: 7/43، الكامل في التاريخ: 8/589، تاريخ الاسلام: 39 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، البداية والنهاية: 11/265.

سنة 358هـ:

فيها: في اليوم العاشر من المحرّم أقامت الشيعة في بغداد العزاء على الحسين بن علي وإغلاق الأسواق وتعطيل المعاش وإظهار النوح، ولم يحدث في المراسم قتال ولافتنة، والحمد لله.

وقال الذهبي: وأقامت الرافضة الشعار الجاهلي يوم عاشوراء…

الشعار الجاهلي!! وهل بلغت الوقاحة إلىهذه الدرجة كي يعبّر عن إقامة المراسم على الحسين سيد الشهداء بالشعار الجاهلي؟ ألم يك على الحسين كلّ موجود من السماء والأرض والحيوانات والملائكة والجن واقاموا المأتم على الحسين، كلّ هذا ورسول الله وعلي هما أقاما مأتماً على الحسين، فيا عجباً من أمّة تقتل ابن بنت رسولها وتسمّي من يجلس له مأتماً ويبكي عليه: شعاراً جاهلياً!

المنتظم: 7/47، الكامل في التاريخ: 8/600، تاريخ الاسلام: 43 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، البداية والنهاية: 11/266، النجوم الزاهرة: 4/25.

وفيها: في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، أقام الشيعة مراسمهم من إظهار الفرح بيوم عيدالغدير الأغرّ، ولم يتعرّض لهم أحد ولا منعهم، وله الحمد.

الصفحة 58
المنتظم: 7/47، البداية والنهاية: 11/266، النجوم الزاهرة: 4/25، تاريخ الاسلام: 43 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ.

سنة 359هـ:

فيها: في العاشر من المحرّم تمّت مراسم العزاء من دون منعٍ وتعرّضٍ، والحمد لله.

وقال ابن كثير: في عاشر المحرّم عملت الرافضة بدعتهم الشنعاء….

وقال الأتابكي: اقامت الرافضة المأتم… على عادتهم وفعلهم القبيح….

وهنا أيضاً لم يسلم المأتم من الهجوم والتعرّض، نعم سلم في وقت إقامته، ولم يسلم من المؤرّخين!

المنتظم: 7/51، تاريخ الاسلام: 45 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، البداية والنهاية: 11/267، النجوم الزاهرة: 4/56.

سنة 360هـ:

فيها: في يوم العاشر من المحرّم أقام الشيعة المأتم على الحسين الشهيد، ولم ينقل التاريخ حدوث فتنة أو تعرّضٍ، والحمد لله.

قال ابن كثير: في عاشر محرّمها عملت الرافضة بدعتهم المحرّمة….

ولا جواب على قوله: بعدتهم المحرّمة غير قوله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً).

المنتظم: 7/53، النجوم الزاهرة: 4/57، تاريخ الاسلام: 47 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ.

الصفحة 59

وفيها: في ثامن عشر ذي الحجّة، أقامت الشيعة مراسم العيد والسرور بمناسبة عيدالغدير الأغرّ، ولم يحدث شيء من القتل والنهب، والحمد لله.

تاريخ الاسلام: 47 حوادث ووفيات 351هـ 380هـ، النجوم الزاهرة: 4/57.

سنة 361هـ:

فيها: في يوم العاشر من المحرّم أقامت الشيعة مراسم العزاء على الحسين سيد الشهداء، ولم يحدث شيء، وله الحمد والمنّة.

قال ابن كثير: في عاشر المحرم عملت الروافض بدعتهم….

وقال الحافظ الذهبي: أقامت الشيعة بدعة عاشوراء.

ومرّة أخرى سلمت المآتم من القتل والنهب، ولم تسلم من أقلام المؤرّخين الجارحة!.

المنتظم: 7/75، النجوم الزاهرة: 4/62، تاريخ الاسلام: 245 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، البداية والنهاية: 11/271.

وفيها: وقعت فتنة عظيمة ببغداد وظهرت العصبية الزائدة، وظهر العيّارون وأظهروا الفساد وأخذوا أموال الناس، وكان سبب ذلك أنّ العامة لمّا تجهّزت للغزاة وقعت بينهم فتنة شديدة بين الشيعة والسنة، وأحرق اهل السنّة دور الشيعة في الكرخ وكانت معدن التجار الشيعة ونهبت الأموال وقتل جميع غفيرٍ، وجرى بسبب ذلك فتنة بين النقيب أبي أحمد الموسوي والوزير أبي الفضل الشيرازي وعداوة.

الكامل في التاريخ: 8/619، البداية والنهاية: 11/271.

والنقيب ابو أحمد الموسوي هو الحسين بن موسى بن محمد بن ابراهيم بن موسى بن جعفر، ولد سنة 304هـ، وكان يلقب بالطاهر وبذي المناقب والأوحد،

الصفحة 60
ولاّه بهاء الدولة قضاء القضاة فلم يمكّنه القادر بالله، ولي النقابة عدّة مرّات، توفي سنة 400هـ عن سبع وتسعين سنة، وصلّى عليه ابنه المرتضى، ودفن في داره ثمّ نقل إلى مشهد الحسين عليه السلام.

المنتظم 7/247، الكامل في التاريخ: 9/182.

والوزير ابو الفضل الشيرازي هو عباس بن الحسين، وكان وزيراً لعزّ الدولة، وكان ظالما، فقبض عليه وقتل في ربيع الآخر من سنة 363هـ وعمره تسع وخمسون سنة.

وهنا تلاحظ بوضوح أنّ السنّة تحرّكت ضدّ الشيعة لمّا تجهّزت للغزاة، فلمّا احسّت السنّة بالقوّة وكثرة الجمع والتجهّز بالسلاح، جملوا على الشيعة، وأحرقوا دورهم بالكرخ، فهم على استعدادٍ كاملٍ للهجوم على الشيعة وإبادتهم، فمتى حصلوا على فرصة مناسبة جعلوا كلّ ما لديهم من قوّة ضدّ الشيعة، وكأنهم يهود أو نصارى، كلاّ حتّى معاملتهم مع اليهود والنصارى والزنادقة كانت أفضل بكثير من معاملتهم مع الشيعة!.

سنة 362هـ:

فيها: في العاشر من المحرّم، اختلف النقل عن وقوع مراسم المأتم أم لا:

فقال ابن كثير: في عاشر محرمها عملت الروافض من النياحة وتعليق المسوح وغلق الأسواق كما تقدّم قبلها.

وقال الأتابكي: فيها لم تعمل الرافضة المأتم ببغداد بسبب ما جرى على المسلمين من الروم، وكان عزّ الدولة بختيار بن بويه بواسط، والحاجب سبكتكين ببغداد، وكان سبكتكين المذكور يميل إلى السنّة، فمنهم من ذلك.

الصفحة 61

البداية والنهاية: 11/273، النجوم الزاهرة: 4/65.

وماذنب الشيعة فيما جرى على المسلمين من الروم؟! أوليست الحرب كرّ وفرّ؟! ولكن التعصّب ضدّ الشيعة والأحقاد الدفينة في القلوب، جعلت أهل السنّة يتربصون بالشيعة لقتلهم ونهبهم فالشيعة على ممرّ العصور مظلومون من قبل الحكام والناس، وإذا ما جاءت حكومة أعطت للشيعة فرصة قليلة، فالسنّة تتضاعف أحقادهم ويشرعون بقتل الشيعة وإباحتهم، وعزّ الدولة كان قد اعطى للشيعة نوعاً من الحريّة، ففي غيابه أبدت السنّة أحقادها ومنعت الشيعة من إقامة العزاء! وعلّلوه بما جرى على المسلمين من الروم!!!.

وعزّ الدولة هو ابو منصور بختيار بن معزّ الدولة بن بويه، عقد له الأمر والده من بعده يوم الجمعة لثمان خلون من المحرّم سنة 344هـ، وبايع له الأجناد، جلس في السلطنة بعد وفاة أبيه يوم الثلاثاء عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة 356هـ، قتل في الثامن عشر من شوّال سنة 367هـ بعد أن اسرّه عضد الدولة ابن محمد وأمر بقتله.

نهاية الأرب 26/194 ـ 210.

وسبكتكين هو حاجب معزّ الدولة، كان الطائع لله قد خلع عليه خلعة الملوك وطوّقه ولقّبه نصر الدولة، فلم تطل أيامه، توفي في المحرم.

شذرات الذهب: 3/48.

وفيها: ضرب صاحب المعونة رجلاً من العامة فمات، فثارت عليه العامة وجماعة من الأتراك، فهرب منهم، فدخل داراً فأخرجوه مسجوناً وقتلوه وحرقوه، فركب الوزير ابو الفضل الشيرازي ـ وكان شديد التعصّب للسنّة ـ وبعث حاجبه إلى أهل الكرخ، فألقى في دورهم النار، فاحترقت طائفة كثيرة من الدور والأموال، من

الصفحة 62
ذلك ثلاثمائة دكان وثلاثة وثلاثون مسجداً وسبعة عشر ألف إنسان، فعند ذلك عزله بختيار عن الوزارة.

البداية والنهاية: 11/273.

فصاحب المعونة يضرب رجلاً من العامّة لا نعلم سببه، وهو لا يقصد قتله، لكنه قد مات، فهرب صاحب المعونة واختفى في بيت، فأخرج وقتل، فإذا كان جزاؤه القتل لأنه قتل فقد قتل، لكن العامّة لا تكتفي بهذا، بل أحرقوا دور الشيعة في الكرخ، وطرقت سمعك الاحصائيات المدهشة الناشئة عن هذا الحريق!! أليس هذا هو التعصّب بحقيقته؟!.

سنة 363هـ:

فيها: في العاشر من المحرّم أقامت الشيعة المأتم على الحسين عليه السلام.

وقال ابن كثير: … عملت البدعة الشنعاء!.

البداية والنهاية: 11/275.

وفيها: قويت السنة على الشيعة، وكانت السنة تنادي بشعار سبكتكين والأتراك، والشيعة تنادي بشعار عزّ الدولة والديلم، واتّصلت الحروب، وكبس أهل السنّة المنازل وأحرقوا الكرخ حريقاً ثانياً!!!.

البداية والنهاية: 11/275، 7/68.

ولا أعلم في أيّ وقتٍ تقو السنّة على الشيعة، وهل اعطوا للشيعة حتّى فرصة الدفاع عن النفس ومواجهة الاتهامات الواردة عليها والإفترائات؟.

وفيها: كما قال ابن كثير: وقعت فتنة عظيمة ببغداد بني أهل السنّة والرافضة، ذلك أنّ جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسمّوها عائشة، وتسّمى بعضهم بطلحة

الصفحة 63
وبعضهم بالزبير، وقالوا: نقاتل أصحاب علي!!! فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلق كثير.

البداية والنهاية: 11/275.

لمّا يصل مؤرّخوا السنة إلى أمثال هذه الأفاعيل الشنيعة الّتي تمسّ شخصيّة علي ابن ابي طالب، وتجرح قلوب الشيعة، والمقصود من ورائها الفتنة لا غير، يذكرون الحدث ويمرّوا عليه مرّ الكرام، وأمّا مراسم عاشوراء والغدير، فالعّامة يستعملوا أشنع الألفاظ مقابل الشيعة لأجل إحيائها هذين المناسبتين، فالبدعة الشنيعة… والصلعاء… وشعار الجاهلية، والسنّة القبيحة، و… فأين ذهب الانصاف يا ترى… وأين العدالة الّتي ينادون بها بأعلا أصواتهم؟!.

سنة 366هـ:

فيها: كما قال الأتابكي: عمل في الديار المصرية المأتم في يوم عاشوراء على الحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ وهو أوّل ما صنع ذلك بديار مصر، فدامت هذه السنّة القبيحة! سنين الى أن انقرضت دولتهم.

النجوم الزاهرة: 4/126.

سنة 367هـ:

فيها: كما قال ابن الجوزي: دخل عضد الدولة إلى بغداد وقد هلك أهلها قتلاً وحرقاً وجوعاً، للفتن الّتي اتصلت فيها بين الشيعة والسنّة، فقال: آفة هؤلاء القصاص، يغرون بعضهم ببعض، ويحرضونهم على سفك دمائهم وأخذ أموالهم، فنادى في البلد: لا يقص أحد في جامع ولا طريق، ولا يتوسّل بأحد من

الصفحة 64
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أحبّ التوسّل قرأ القرآن، فمن خالف فقد أباح دمه.

المنتظم: 7/88.

وقال ابن كثير: وقيل لعضد الدولة: إنّ أهل بغداد قد قلّوا كثيراً بسبب الطاعون، وما وقع بينهم من الفتن بسبب الرفض والسنّة، وأصابهم حريق وغرق، فقال: إنّما يهيّج الشرّ بين الناس هؤلاء القصاص والوعاظ…

البداية والنهاية: 11/289.

سنة 369هـ:

فيها: في صفر قبض على الشريف أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي، نقيب الطالبيين، وقد كان أمير الحج مدّة سنين، اتّهم بأنه يفشي الأسرار، ووجدوا كتاباً بخطه في إفشاء الأسرار، فأنكر أنّه خطّه، وكان مزوّراً عليه، وعزل عن النقابة، وكان مظلوماً.

البداية والنهاية: 11/295.

والّذي يظهر للمتأمّل: أن أهل السنّة زوّروا عليه هذا الكتاب لمّا وجدوه مقرّباً عند بني بويه ونفوذ أمره ودفاعه عن التشيّع والشيعة.

سنة 371هـ:

فيها: في ربيع الأول وقع حريق بالكرخ من حدّ درب القراطيس إلى بعض البزازين من الجانبين، وأتى على الأساكفة والحذّائين، واحترق فيه جماعة من الناس، وبقي لهبه اسبوعاً.

الصفحة 65

المنتظم: 7/107 ـ 108، تاريخ الاسلام: 471 ـ 472 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، البداية والنهاية: 11/297.

والكرخ هي مقرّ الشيعة ومسكنهم كما ذكرناه سابقاً، ولم يذكر لنا المؤرخون سبب هذا الحريق المهيب.

سنة 372هـ:

فيها: أطلق شرف الدولة عن الشريف أبي الحسين محمد بن عمر العلوي والنقيب أبي احمد الموسوي والد الشريف الرضي والمرتضى، وكان عضد الدولة حبسهم.

الكامل في التاريخ: 9/22 ـ 23.

وشرف الدولة هو ابن عضد الدولة، نفذ أمره بين خراسان والموصل وديار بكر والعراق ومدن أخرى، وكانت إمارته ست سنين وسبعة أشهر، ملك فيها بغداد سنتين، وكان يحبّ الخير، توفي ببغداد في مستهل جمادى الآخرة سنة 379هـ وقيل في ثانيه، وكانت علّته الاستسقاء.

نهاية الأرب: 26/233 ـ 234.

سنة 379 و380هـ:

فيهما: اشتدّ البلاء وعظم الخطب في بغداد، وزاد أمر العيّارين في جانبي بغداد، ووقعت بينهم حروب وعظمت الفتنة، واتصل القتال بين الكرخ وباب البصرة، وصار في كلّ حزبٍ أمير وفي كلّ محلّةٍ متقدّم، وقتل طائفة ونهبت الأموال وتواترت الفتن وأحرق بعضهم دور بعض، ووقع حريق في نهر الدجاج احترق فيه

الصفحة 66
شيء كثير للناس، وتوّسط الشريف أبو أحمد الموسوي الأمر.

المنتظم: 7/153، تاريخ الاسلام: 487 حوادث ووفيات 351هـ ـ 380هـ، العبر: 3/10 ـ 11، البداية والنهاية: 11/308.

وباب البصرة: تكون بين شرق الكرخ وقبلتها، وأهلها كلّهم سنّة.

ونهر الدجاج: محلّة ببغداد قرب الكرخ من الجانب الغربي وأهلها شيعة. معجم البلدان: 4/448، و5/320.

سنة 381هـ:

وفيها: في اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة وهو يوم الغدير على حدّ تعبير ابن الجوزي، واليوم الثالث عشر من ذي الحجة وهو يوم عيد الغدير على حد تعبير ابن كثير، جرت فتنة بين أهل الكرخ الشيعة وباب البصرة السنة، واقتتلوا، فقتل منهم خلق كثير، واستظهر أهل باب البصرة، وحرقوا أعلام السلطان، فقتل جماعة اتّهموا بفعل ذلك وصلبوا على القناطر ليرتدع أمثالهم.

وقال ابن الأثير: وفيها كثرت الفتن بين العامة ببغداد وزالت هيبة السلطان وتكرّر الحريق في المحال واستمرّ الفساد.

المنتظم: 7/163 ـ 164، الكامل في التاريخ: 9/91، البداية والنهاية: 11/309.

وما ذكره ابن الجوزي من كون عيد الغدير في اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة، وابن كثير من كونه في اليوم الثالث عشر منه، معلوم فساده، لقيام الإجماع على كونه في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة.

الصفحة 67

سنة 382هـ:

فيها: استولى الوزير ابو الحسن ابن المعلّم على أمور السلطان بهاء الدولة كلّها ببغداد، ومنع الشيعة من أهل الكرخ وباب الطاق من إقامة العزاء والنوح في يوم العاشر من المحرّم على الحسين الشهيد بعد أن كان يقام من ثلاثين سنة.

المنتظم: 7/167 ـ 168، مرآة الجنان: 2/415، البداية والنهاية: 11/311، شذرات الذهب: 3/102، تاريخ الاسلام: 12 ـ 13 حوادث ووفيات 381 ـ 400هـ، العبر: 3/20، دول الاسلام: 207، النجوم الزاهرة: 4/162.

وابو الحسن ابن المعلم هو عليّ بن محمد الكوكبي، استولى على أمور بهاء الدولة في بغداد سنة 382هـ، وشغب الجند وبعثوا يطلبون من بهاء الدولة أن يسلّم اليهم ابن المعلّم، وصمّموا على ذلك، الى أن قال له رسولهم: أيّها الملك اختر بقاءه أبو بقاءك، فقبض عليه حينئذٍ وعلى أصحابه، فما زالوا به حتّى قتلوه.

مرآة الجنان: 2/415، شذرات الذهب: 3/102، العبر: 3/20.

وفي دول الاسلام عندما ذكر ابن المعلّم هذا، ذكر المحقق في الهامش: أي الشيخ المفيد، وهو غلط واضح ناشىء عن قلّة معرفةٍ والتباس.

وقال ابن كثير: في عاشر محرّم أمر الوزير… بأن لا يفعلوا شيئا من تلك البدع… ولله الحمد، وقد كان هذا الرجل من اهل السنّة.

والحمد لله على كلّ حال حسن، ولكن ربّ كلمة حقّ أريد بها باطل، فسنين قلائل تمكّن الشيعة آنذاك من إقامة مراسم العزاء وبهدوء، لكن لم يتمكّن أن يرى العامّة هذا، وسعوا بكلّ ما بوسعهم لأجل منع العزاء، وأنّهم وإن تمكّنوا في بعض السنين من منع اقامة المراسم، لكن هذا الشعار دام في انحاء العالم وسيدوم ان شاء الله تعالى.

الصفحة 68

وفيها: في شوّال تجددّت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم، واشتدّ الحال، فركب أبو الفتح محمد بن الحسن الحاجب، فقتل وصلب، فسكن البلد.

الكامل في التاريخ: 9/94.

سنة 384هـ:

فيها: في صفر قوي أمر العيارين، واتصل القتال بين الكرخ وباب البصرة، واحترق كثير من المحال، وظهر العيّار المعروف بعزيز البابصري، واستفحل أمره، والتحق به كثير من الذعار والمؤذين، وطرح النهار في المحال، ثمّ صالح أهل الكرخ، فنهض السلطان وتفرّغ لهم، فهربوا في الظاهر.

المنتظم: 7/174، تاريخ الاسلام: 17 حوادث ووفيات 381هـ ـ 400هـ، النجوم الزاهرة: 4/167، العبر: 3/24، الكامل في التاريخ: 9/106.

وظاهراً المراد من البابصري: الباب بصري، نسبة إلى باب بصرة، وفي كثير من المصادر: عزيز من باب البصرة.

سنة 386هـ:

فيها: في شهر محرّم ادّعى أهل البصرة أنهم كشفوا عن قبرٍ عتيق، فإذا هم بميّت طريّ عليه ثياب وسيفه، فظنّوه الزبير بن العوام، فأخرجوه وكفّنوه ودفنوه بالمربد بين الدربين، وبنى عليه الأثير ابو المسك عنبر بناءً، وجعل الموضع مسجداً، ونقلت إليه قناديل وآلات وحصر وفرش وتنوير، وجعل عنده خدام وقوام، ووقف عليه أوقاف كثيرة.

المنتظم: 7/187، تاريخ الاسلام: 19 حوادث ووفيات 381هـ ـ 400هـ،

الصفحة 69
البداية والنهاية: 11/319، النجوم الزاهرة: 4/174.

والزبير فهو ابن العوام بن خويلد الأسدي القرشي أبو عبدالله، صحابي، كان من المولبين على عثمان ومن الّذين أنكروا عليه وأغلظ له في القول، حتّى أن عثمان أرسل إليه سعيد بن العاص فقال له: إنّ عثمان ومن معه قد مات عطشاً، فقال الزبير: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون…) الآية، وبعد أن تمّت البيعة لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام وبيعة الزبير له استأذن هو وطلحة من عليّ عليه السلام في العمرة… عزماً منهما على نكث البيعة ورغبة في اللحوق بعائشة، تأميلاً لبلوغ الرئاسة وطمعاً في الدنيا… فخوّفهما أمير المؤمنين الغدر والنكث، فجدّدا عهداً ثانياً، وأذن لهما، فسارا، ولمّا وصلا مكّة ناشدا الناس دم عثمان، فاجتمع إليهما من أجاب عائشة، فمضوا جميعاً إلى البصرة ناكثين بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، فلمّا انتهى اليهم عليّ عليه السلام دعاهم إلى الله وإلى كتابه وسنّة نبيّه والدخول في الجماعة وخوّفهم الفتنة، وأكثر من النصح والتذكار، ولا جواب من القوم إلاّ القتال أو خلع نفسه من الأمر ليولّوه من شاؤوا، فأذن عليه السلام لأصحابه في القتال، فلم يكن إلاّ قليلاً حتى انهزم اصحاب الجمل وقتل طلحة والزبير، قتل الزبير ابن جرموز بوادي السباع سنة 36هـ.

ووادي السباع: بين البصرة ومكّة، بينه وبين البصرة خمسة أميال على حدّ تعبير الحموي، وسبع فراسخ على حدّ تعبير بعض المؤرخين.

وأمّا المربد: فهو من اشهر أحياء البصرة، كان قديماً سوقاً للأبل، ثمّ صار محلّة عظيمة سكنها الناس، وبها كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء، وهو بائن عن البصرة، بينهما نحو ثلاثة اميال.

تاريخ الواقدي كما عنه في تقريب المعارف، تهذيب ابن عساكر: 5/355،

الصفحة 70
صفة الصفوة: 1/132، حلية الأولياء: 1/89، الأعلام: 3/43، معجم البلدان: 5/98 و343، المنجد: 649.

وأمّا كشفهم عن قبر عتيقٍ..!! فنحن نشك في أصل وجود هذه المسألة، فضلاً عن من هو الميّت، فإنّ في تلك الفترة من الزمن كان السنّة شديدوا التعصّب ضدّ الشيعة، حتّى أنّهم لمّا لم يتمكّنوا من منع الشيعة من إقامة العزاء في يوم العاشر من المحرم على سيّد الشهداء الحسين عليه السلام جعلوا في مقابله اليوم الثامن عشر من المحرّم وقالوا: فيه قتل مصعب بن الزبير، وعملوا من المصاب والنوح مثل ما تعمله الشيعة يوم عاشوراء، وسيأتي تفصيل أكثر عن هذه الموضوع في أحداث سنة 389هـ.

وما ادّعوه من الكشف عن قبرٍ عتيق… وانه قبر الزبير! من هذا القبيل، ليكون في مقابل المشاهد المشرّفة لأئمة أهل البيت الّتي تزورها الشيعة، وهذا هو التعصّب الأعمى لا غير.

وبين مقتل الزبير وبين هذا القبر مسافة غير قليلة، فهل قتل في مكان ودفن في آخر، أم الّذين أخرجوه من مكانه دفنوه في غير المكان الذي وجدوه فيه؟!.

وقال الذهبي بعد سرد القصة: فالله أعلم من ذلك الميّت!.

تاريخ الاسلام: 19 حوادث ووفيات 381هـ 400هـ.

سنة 389هـ:

فيها: في العاشر من المحرّم عملت الشيعة المأتم على الحسين الشهيد عليه السلام، ولم يحدث شيء، والحمد لله.

وفيها: في الثامن عشر من ذي الحجّة عملت الشيعة مجالس الفرح بعيد

الصفحة 71
الغدير الأغرّ، ولم يحدث شيء، وله الحمد.

دول السلام: 209، البداية والنهاية: 11/325 ـ 326، الكامل في التاريخ: 9/155، العبر: 3/42 ـ 43، شذرات الذهب: 3/130، تاريخ الاسلام: 25 حوادث ووفيات 381هـ ـ 400هـ.

وقال الذهبي: وتمادت الرافضة في هذه الأعصر في غيّهم بعمل عاشوراء… وبنصب القباب والزينة وشعار الأعياد يوم الغدير…

العبر: 3/42.

وهذا تعبير جديد آخر عن مراسم عاشوراء والغدير، وهو: تمادت الرافضة في غيّهم… وكم أمثال هذه التعابير تتكرر في هذا البحث، أفلا يحق لنا أن نقول: انّ وراء هذا أحقاد دفينة، بدريّة وحنينيّة؟!.

وقال ابن كثير: أرادت الشيعة أن يصنعوا.. يوم عيد غدير خم، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة فيما يزعمونه!.

البداية والنهاية: 11/325.

وهنا يشكك ابن كثير في كون يوم الغدير هو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة، وهذا التشكيك في غير ملحّة، لقيام الإجماع على كونه في هذا اليوم، حتّى من ابن كثير نفسه في غير هذا الموضوع من كتابه.

وفيها: عمل أهل باب البصرة في مقابل الشيعة يوم الثامن عشر من المحرّم ـ وقال ابن كثير: اليوم الثاني عشر ـ مثل ما تعمله الشيعة في عاشوراء، وقالوا هو يوم قتل مصعب بن الزبير، وزارت قبره بمسكن كما يزار قبر الحسين عليه السلام، ونظروه بالحسين، وقالوا إنه صبر وقاتل حتّى قتل، وأنّ اباه ابن عمّة النبي كما أنّ أبا الحسين ابن عمّ النبي.