إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
النصح باشفاق
1
إنكم ـ معشر القوّامين على هذا المجمع وعلى مجلته ـ تبوّأتم بهما مبوّأ قوّامين بالعلم، مصلحين مثاليّين، وقادة فكر ورأي، ودعاة إلى الخير، وسعاة في لمّ شعث، وتوحيد عزائم وهمم وأهداف.
ومن تبوّأ هذا المبوّأ بصدق، جامعاً لشروطه، كان على الأمة أن تخلص له النصح، وتصدقه الرأي والمشورة، لأنّ نصحه ـ وحاله هذه ـ نصح لله تعالى ولعباده كافة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدين النصيحة. قالوا: لمن؟ قال: لله تعالى ولكتابه
فإن قبلتم نصحي فقد أفلحنا جميعاً، وإلا ففرضي أدّيت وما على الرسول إلا البلاغ المبين.
ونضّر الله امرءً سمع مقالتي فوعاها وعمل بها وأدّاها إلى من لم يسمعها.
إن الله عزّ وجلّ أخذ ـ بمقتضى حكمته ورحمته ـ على دعاة الخير شروطاً، لا يكون لدعايتهم قبول من الناس إلاّ بها، فرجائي اليكم إحرازها، ألا وهي تصحيح القصد، والإخلاص لله تعالى، وتطهير القلب واللسان (والقلم ومايسطرون) مع العلم والعمل، وكرم الخلق، ولين الجانب، اقتداءً بالنبيين وسائر المصلحين.
كانوا في دعايتهم أليّن من أعطاف النسيم، وأعذب
وهذا الأسلوب الحكيم أمر الله عزّ وجلّ به سيد رسله وأهدى سبله. إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم للمشركين: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) ومثله ما حكاه الله سبحانه عن نبيه وخليله ابراهيم
هذه أساليب الأنبياء ـ وهم سادة الحكماء ـ في الإصلاح والدعاية إلى الخير، وبها تسنّى لهم بعض ما أرادوه من الهدى لعباد الله عامة، فأفلحت بهم أمم هداها الله لدينه ووفقها لما دعوها اليه من سبيله،
أمره الله تعالى بالعفو عنهم والاستغفار لهم ـ مع ما فطر عليه من اللين لهم ـ حرصاً منه سبحانه على مصالح عباده، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا تغمّد جهلهم بسعة ذرعه، وتلقى هفواتهم بشهامة طبعه، أوتي بذلك محابّ القلوب، فتشربه وتشرب كل مايدعوهم اليه من خير الدنيا والآخره.
وأمره بمشاورتهم مع استغنائه بالوحي عنها، لتستحصد أسباب ولائهم، وتستحصف له مرائر إخلاصهم، فيأتمروا
وقد جاء في الذكر الحكيم (وإنك لعلى خلق عظيم) ومع ذلك فقد امره الله تعالى بالتواضع لأتباعه:
(واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين، فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون) .
وفي هذه الآية من ـ عظيم الحرص على مصالح العباد بخفص جناح النبي لهم ـ ما في الآية الآنفة، ومن أمعن في هذه البراءه، وجد فيها من تغليظ معصية الرسول وتفظيعها ما لا يكون في تطهير العصاة برجمهم أو ضرب أعناقهم على أنّ فيها من الرفق بهم، والدلالة
وفي الذكر الحكيم ما يأخذ بالأعناق إلى كرم الأخلاق (أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين) الذين يقتفون أثره، وينذر الذين مثلهم في حمله والدعاية الية (مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها) ، (بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين) .
هذا ما رغبت فيه اليكم، لتكونوا في مجمعكم وفي مجلتكم مصداق قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)
وأعيذ القوّامين بالعلم، المتبوّئين مبوّأ الصالحين، أن يكونوا بسبب عدم إحرازهم الشرائط (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور) .
الدعوة الى الوحدة
2
وأرجو من رجال المجمع، ومن المسلمين أجمع، أن يؤثروا وحدتهم الاسلامية على خصائصهم المذهبية، فلا يتعصب أهل مذهب منهم على أهل مذهب آخر، ليكون الجميع أحراراً فيما قادهم الدليل الشرعيّ اليه، كما كان عليه سلفهم في صدر الاسلام، فإن فعلوا ذلك، كانوا في ظلّ منعة لا تضام، وإلا فهم هدف السهام وموطئ الأقدام أعاذهم الله.
وما أدري فيم يتجهّم لنا بعض أهل المذاهب الأربعة؟ فنتجهم لهم، أليس الله عزّ وجلّ وحده لاشريك له ربنا جميعاً، والإسلام ديننا، والقرآن الحكيم كتابنا، وسيحد النبيين وخاتم المرسلين محمد بن
والنزاع بينهما في جميع المسائل الخلافية صغروي في
____________
(1) في باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ وهو في أواخر كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة قبل كتاب التوحيد بنحو ورقتين.
ولذا قال العلامة البحاثه الشيخ جمال الدين القاسمي الدمشقي المعاصر في رسالة (ميزان الجرح والتعديل) بعد ذكر الشيعة واحتجاج مسلم بهم في صحيحه ما هذا لفظه: لانّ مجتهدي كل فرقة من فرق الاسلام مأجورون أصابوا أم أخطأوا بنصّ الحديث النبوي. ا هـ
وقال الشيخ رشيد رضا ـ في صفحة 44 من المجلد 17 من مناره ـ إن من أعظم ما بليت به الفرق الاسلامية ورمي بعضهم بعضاً بالفسق والكفر، مع أن قصد كلّ الوصول إلى الحق بما بذلوا جهدهم لتأييده واعتقاده والدعوة اليه، فالمجتهد وإن أخطأ معذور، إلى آخر كلامه في ص50.
قال: وهذا قول ابن ابي ليلى، وأبي حنيفة، والشافعي، وسفيان الثوري، وداود بن علي، وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة، لا نعلم منهم خلافاً في ذلك أصلاّ.
قلت وصرّح بهذا كثير من أعلام الأمة، فلا وجه إذاً لهذه المشاغبات التي عادت على الأمة بالتفرق
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذمة المسلمين واحدة يسعى بها ادناهم وهم يد على من سواهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين لايقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل والصحاح في هذا المعنى متواترة وفي هذا القدر كفاية. والحمد لله على الهداية.
العتاب بحفاظ
3
أن مجلتكم مرآة أخلاقكم وعقولكم وسرائركم، تمثل الحقيقة مما أنتم عليه من دين وفضل وتفكير ورأي، وملكات وصفات، فاربأوا بها من كل معرة تربأون بأحسابكم عنها، واتقوالله فيما تقولونه، عمن تخالفونه في مذهب أومشرب، وأعيذكم بالله مما تنشره مجلتكم عن الشيعة الإمامية في كثير من أجزائها مما لا حقيقة له ولا منشأ انتزاع، والشيعة اخوانكم في الدين، وأشدّ المسلين دفاعاً عنه، ودعاية اليه، واحتياطاً عليه، أرضيتم أم كرهتم، أأنصفتم أم أجحفتم، وقد ملأوا الدنيا الاسلامية عدداً نامياً، وعلوماً زاخرة، عقلية ونقلية، وتلك
وإنّ لديكم في دمشق منها مكتبة حافلة بمصنفات القدماء منهم والمتأخرين وصاحبها علم الشيعة في سوريا وإمامهم السيد الشريف المحسن الأمين الحسيني مؤلف كتاب أعيان الشيعة وعضو مجمعكم العلمي، فليتكم ـ قبل أن تنشروا عن الشيعة ما نشرتم من الدواهي والطامات ـ بحثتم عن الحقيقة منها مع السيد أو غيره، مستقصين مظانها من كتب الإمامية، ولو فعلتم ذلك لما تهوّرتم ولا تدهورتم، ولكن:
على أنّ قانون الجمعيات المعمول به من الأمم كلها، يفرص لكل عضو من الجمعية على غيبه من أعضائها حرمة لا تهتك، وذمة لا تخفر، فما الذي أغراكم بمخالفة هذا القانون؟ إذ فاجأتهم الشيعيين من أعضاء مجمعكم بهتك حرمتهم، وخفر ذمتهم، بما نشرتموه عنهم ـ من حيث لا يدرون ـ من هذه الأراجيف التي لا صحة لشيء مّا منها أصلاً.
والمجلة إنما تصدر باسم المجمع، فألاعضاء كلهم فيها شرع سواء، ليس لأحد أن يستبدّ بنشر آرائه ما لم توافق عليه الأكثرية، فهل وضعتم نشر هذه الأضاليل على بساط البحث بين أعضاء المجمع؟ ثم نشرتموها بعد باتفاق الآراء أو بالأكثرية؟ هيهات
ما كان الشيعيون من أعضاء المجمع(1) ليزجوا أنفسهم فيه، مع ما هم عليه من غزّ الجانب وعلوّ المصد، لولا إثار المصلحة العامة بجمع الكلمة وائتلاف القلوب، واتحاد العزائم، على ما كانوا يظنون، لكن الواقع إنما كان على حد قول القائل:
____________
(1) كالشريف العلامة السيد محسن الأمين نزيل دمشق، وصاحب المعالي العلامة الاديب الشيخ محمد رضا الشبيبي النجفي. والعالمين الفاضلين الاديبين الشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر ومر بي صاحب الجلالة فيصل الثاني الدكتور مصطفى جواد، والاستاذ الكريم الدكتورأسعد الحكيم، والستاذ المفضال كاظم الدجيلي، والميرزا الجليل الأستاذ عباس إقبال، وغيرهم ممن ذكرت المجلة اسماءهم الكريمة في ص 138 من مجلدها الخامس والعشرين.
أريد حياته ويريد قتلي
ولهم أن يتمثلوا:
وحسبنا عزاء عما نالنا قوله تعالى: (اما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) ، (ولايحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً) .
الاحتجاج على العدوان
4
كنا نظن أن أخواننا ـ هداهم الله ـ أحسّوا بما حلّ بالمسلمين من نعرات تألبوا بها على أنفسهم،
لكن المجمع العلمي بدمشق لم ير في عاصمة بني أمية، ولا في غيرها كحضرة الاستاذ محمد كرد علي في تحرره من الحزبية، وتجرده من العاطفة الأموية، وإنصافه للطالبيين وأوليائهم، وأمانته على تاريخ حياة الاُمم، إذ لا ضلع مع احد كما يقول.
لذلك ألقى المجمع اليه مقاليد البحث عن تاريخ حياة الشيعة الإمامية.
«إن خير من استأجرت القوي الامين».!!! ومن ذا يشك في أمانة ضميره، ونصح دخلته، ولا سيما باالنسبة إلى الطالبيين وشيعتهم، فإن ظاهره يشف عن باطنه وقلبه يتمثل في لسانه، لا يوالس
ودونكم من فرائده وقلائده درراً وغرراً لفظها فوه الأشنب وحفظها قلمه المهذب في كنوز الأجداد أثناء بحثه عن المسعودي(1) من مجلة المجمع، وهي أمور:
الأول، زعم أنا نجوز الكذب على مخالفينا، وهذا ما كنت أربأ بالأستاذ عنه، إذ لا حقيقة له ولا منشأ انتزاع، وإنما هو عدوان صرف، وبهتان محض، وقد أجمع السلف والخلف منا نصاً وفتوى على تحريم الكذب مطلقاً، سواء أكان على المخالف أم كان على غيره، ومؤلفاتنا في الفقه والحديث والتفسير والأخلاق تعلن ذلك بصراحة، وهي منتشرة في كل خلف من
____________
(1) أواخر ص 395 والتي بعدها من المجلد 22 من مجلة المجمع وسأتلوها عليكم بعين لفظه قريباً إن شاء الله، لكن بعد أن أنبهكم سلفاً إلى بعض ما فيها من مواضع القول، بل النقد، بل النكير.
(إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله، وأولئك هم الكاذبون) ، (فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أحلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) .
وقد أكبر الإمامية الكذب في الحديث واستفظعوه، وقالوا هو أشد حرمة، وأكبر إثماً من الكذب في غيره، حتى عدوّه من مفطرات الصائم، كتعمد الأكل والشرب.
نحن لو كلفنا حضرة الأستاذ ببيان مستنده في هذه الدعوى علينا لأحرجناه أشد الاحراج، وعجباً من جرأته يفتري هذا الكذب علينا، ثم يرمينا بجرمه، كالتي، رمتني بدائها وانسلت، بل كالذي عناه الله تعالى بقوله:
(ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبينا) .
الثاني، زعم انا قد غلونا في حب الطالبيين، وهذا كسابقه، بهتاناً وعدواناً، والحق الذي يعلمه الله تعالى أن الشيعة الإمامية لم يغلوا ولم يقلوا، بل كانوا أمة وسطاً بين الغالية والقالية، وهذا ما تثبته كتبهم الكلامية بأدلتها القاطعة وحججها البالغة، فليراجعها من يبتغي الحق جلياً.
وكيف ينسب الينا الغلو في الطالبيين مع أنا قد نؤثر الحبشي على الطالبي، وذلك إذا أحرزنا العدالة في الأول دون الثاني، فإن الحبشي حينئذ نأتم به في الفرائض، ونقبل شهادته في المرافعات وغيرها، ونحتج بحديثه، ونحترم فتواه دون الطالبي المجروح، إذ لانأتم
نعم، تحب الطالبيين وسائر الهاشميين، ولا سيما الفاطميون؛ وإن من مذهبنا مودتهم، ولو كره الأمويون والخوارج، والنواصب، ورمونا بالدواهي والطامات:
نؤدي بمودتهم أجر الرسالة مخلصين لله في حب أوليائه، كما قال الشيخ ابن العربي:
وقال الإمام الشافعي:
وقال الشيخ يوسف النبهاني:
أذهب الله عنكم الرجس اهل البيت فأنتم الأطهار لنا رأينا ولحضرة الأستاذ رأيه.
الثالث، زعم أنا جعلنا الطالبيين فوق البشر.
وهذا كسابقيه، إرجافاً وإجحافاً، وقد عرفت أن الطالبي عندنا قد يكون دون الحبشي، وذلك إذا أحرزنا العدالة في الحبشي، كبلال، وقنبر، وجون مولى ابي ذر،ولم نحرزها في الطالبي ككثير من الأشراف، وهذا بمحرده كافٍ في تنبيه الأستاذ لتزييف ما زعم.
على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو سيد الخلائق ـ لم
وسيد الطالبيين علي بن ابي طالب إنما استمد فضله وتفوقه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ نهح الرسول له سبيله، وحمله على جادته فجرى على اسلوبه، واتبع سنته، وما زال يطبع على غراره حتى دعاه الله إلى جواره، وهذه الخصيصة هي أفضل خصائص علي، باجماع الإمامية(1) .
نعم في الطالبيين اثنا عشر أماماً ـ علي والحسنان والتسعة من سلالة الحسين ـ بوّأتهم الأدرلة القطعية لدينا مبوّأ الإمامة على الأمة والولاية العامة عليها في دينها ودنياها بعهد متسلسل من رسول الله إلى علي ومن علي إلى الحسن فالحسين فإلى كل من التسعة بعهد
____________
(1) كما توضحه مراجعاتنا.
هذا ما فرضته علينا قواطع الأدلة الشرعية نمقلية وعقلية، فلتراجع في مظانها من مؤلفات اصحابنا في علم الكلام، فهل يستلزم الاعتقاد بإمامتهم القول بأنهم فوق البشر، ملا (بل عباد مكرمون لايسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) كغيرهم من أئمة الخلق، والأوصياء بالحق، فإنه ما من نبي إلا وله وصي (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً) .
الرابع، زعم أننا نثبت للطالبيين الكمال المطلق.
نعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن كل أفاك أثيم، وحاشا آل محمد وأولياءهم أن يثبتوا الكمال المطلق الذي رمز اليه هذا الرجل لغير الله تعالى، فهو وحده
نعم، جميع الأنبياء وأوصيائهم كملةٌ في المروءة والإنسانية، متفاوتين في كمالهم البشري على قدر تفاوتهم في الإخلاص لله في العبودية، وكتبنا المختصة صريحة في كل اعتدال، فلتراجع.
الخامس، زعم أنا نقول بأن المعاصي حلال للطالبيين حرام على غيرهم، وهذا من أفحش الأراجيف، قد نحر الأستاذ به نفسه فلم يخطئ الوهدة من لبة صدره، والجاهل يفعل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه.
أن الشيعة الإمامية لأغزر عقلاً، وأنفذ بصيرة، وأصح تمييزاً من أن يسفوا إلى هذه السخافات التي لا تليق بذي نهيه ولا تكون من ذي مسكة، وتلك
ولو كانت المعاصي عندنا حلالا للطالبيين لما جرحنا وطرحنا مرتكبيها منهم كمحمد وعلي ابني اسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق عليه السلام وعمهما عبد الله بن جعفر، وأمثالهم من الفاطميين الذين لا قيمة لهم عندنا بما ارتكبوه من المعاصي، فإنه ليس بين الله وبين أحد من عباده هوادة في إباحة شيء حرمه على العالمين.
لعل الستاذ اكتشف هذه التهمة السخيفة من قولنا بعصمة الاثنى عشر، وهم أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمناؤه على الدين والأمة، فالعصمة ثابتة لهم كثبوتها له ولسائر الأنبياء وأوصيائهم بدليل واحد عقلي مطرد في الجمع,
وليس معناهعا أن المعاصي حلال لهم، والعياذ بالله وإنما معناها نزاهتهم عن ارتكابها لشدة ورعهم عنها
وحضرة الأستاذ لا يجهل مرادنا منها، وإنما نعق بهذا لينعق معه الناعقون: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون) .
السادس، زعم أنا لم نكن بادئ ذي بدء على ما نحن الآن عليه، وأن التشيع إنما كان بتفضيل علي بالامامة على الشيخين، وأن متأخرينا أدخلوا في معتقداتنا ما لم يقل به متقدمونا.
وهذا خرص وإرجاف، فإن التشيع من أول أيامه إلى يوم القيامة ليس إلا التمسك بالثقلين كتاب الله عز وجل وأئمة العترة الطاهرة، والانقطاع اليهما في أصول وفروعه وفي كل ما يتصل به أويكون حوله مع موالاة وليهم في الله، ومعاداة عدوهم
وقد أخذنا شرائع الإسلام كلها أصولاً وفروعاً على سبيل التواتر القطعي على كل خلف من هذه الأمة متصلاً بالامامين الباقرين الصادقين، ومن بعدهما من أوصيائهما الميامين.(2) .
أما القول بأن متأخري الشيعة الامامية أدخلوا في معتقداتهم ما لم يقل به متقدموهم فجزاف وتضليل، كالقول
____________
(1) تعبداً بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي، وقوله إنما مثل اهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك، وإنما مثل اهل بيتي فيكم كباب حطة في بني إسرائيل إلى كثير مما صح من السنن في هذا المعنى فلتراجع في المبحث الأول من كتاب المراجعات، بل في المراجعات كافة.
(2) كما فصلناه في المراجعة الأخيرة من كتاب المراجعات.
السابع، تقوّل على الشريف الرضي مالم يقله، ونسب اليه رأياً لم يره، وقد صوّره على ما يشاء تأييداً لمذهبه، كماهي سنته في تاريخ الحوادث والأشخاص، ومن ذا الذي يجهل رأي الشريف الرضي ومذهبه الذي يدين الله به، وقد ورثه عن آبائه الهداة الميامين:
على أنه خريج مدرسة شيخ مشائخ الشيعة الامامية المفيد أعلى الله مقامه، فهو غرس أياديه، وشقيق الشريف المرتضى لأمه وأبيه، ورفيق شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي، فرأيه رأيهم المنتشر في المئات من كتبهم الممتعة وإنها لصريحة في كل ما نحن عليه من مذهب
على أن الشريف الرضي ـ جامع نهج البلاغة ـ قد صرح برأيه المنعقد عليه قلبه إذ قال في رثاء جده سيد الشهداء:
____________
(1) وهما منتشران بالطبع في إيران.
ونسج على منواه تلميذه وخريجه وملك يمينه مهيار الدليمي فإذا ديوانه مشحون بهذا وبما هو أوضح وأصرح، وأبلغ حجة، وأشد لهجة، وحسبك منه قصيدته اللامية التي يقول فيها:
ومثلها لاميته الأخرى الذي يقول فيها:
وكافيته التي يقول فيها:
وكثيراً ما كان اُدباء الشيعة يأتون على هذا المعنى في مراثيهم ومنهم الكميت إذ يقول في إحدى هاشمياته يبكي سيد الشهداء:
الثامن، نقل عن أمير المؤمنين القول بأنه لم يظلم مقدار ذرة، قلت هذا يناقض الثابت عنه عليه السلام إذ يقول: فوالله ما زلت مدفوعاً عن حقي، مستئاثراً عليّ منذ قبص الله نبيه حتى يوم الناس هذا.
وقد قال له قائل: إنك على هذا الأمر الحريص، فقال: بل أنتم والله لأحرص، وإنما طلبت حقاً هولي، وأنتم تحولون بيني وبينه.
وقال في كتاب كتبه ألى أخيه عقيل: فجزت قريشاً عني الجوازي، فقد قطعوا رحمي، وسلبوا سلطان ابن أمي.
وسأله بعض أصحابه كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به،؟ فقال: يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ترسل في غير سدد، ولك بعد ذمامة الصهر، وحق المسألة وقد استعلمت فاعلم، أما الاستبداد علينا بهذا المقام، ونحن الأعلون نسباً،
وقال في بعض خطبه: حتى إذا قبض رسول الله رجع قوم على الأعقاب، وغالتهم السبل،واتّكلوا على الولائج، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي أُمروا بمودته، ونقلوا البناء عن رصّ اساسه، فبنوه في غير موضعه، معادن كل خطيئة وأبواب كل ضارب في غمرة على سنة من آل فرعون الخ.
ومن خطبة خطبها بعد البيعة له ذكر فيها آل محمد، فقال: هم أساس الدين، وعماد الدين، إليهم يفيء الغالي وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله.
أما والله لقد تقمصها، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل، ولا يرفى إليّ الطير. الخطبة(1) .
التاسع، زعم أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن أبا بكر أسلم وأنا جذعه، أقول ولايسمع لقولي.
وهذا شطط من الأضاليل، وحسبنا في بطلانه ماكان في مبدأ الدعوة الإسلامية قبل ظهورها بمكة إذ أنزل الله تعالى (وانذر عشيرتك الأقربين) فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى دار عمه ابي طالب، وهم يومئذ أربعون
____________
(1) هي مع كل ما نقلناه عنه وكثير من أمثاله موجود في نهج البلاغة فليراجع.
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع(1) .
____________
(1) تجد مصادر هذا الحديث في المراجعة العشرين من كتاب المراجعات وفيها علقناه عليها.
العاشر، زعم أن الشيعة الامامية أعمتهم السياسة، فأنشأوا من حزب سياسي مذهباً دينياً.
الجواب، أنهم أبعد الناس عن السياسة الظالم أهلها، وعن ساستها، وإنما أعمت هذه السياسة قوماً آخرين أدّى بهم العمه إلى مخالفة نصوصها الجليلة الثابتة عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم: (وما كان لمؤمن ولا لمؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً) .
الحادي عشر، زعم أن الشيعة كفّروا كل من لم
وقال الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق عليه السلام في خبر سفيان بن السمط: الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان.
وقال عليه السلام في خبر سماعة: الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله، وبه حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس. إلى كثير مما هو مأثور عنهم في هذا المعنى مما لا يسعنا استيفاؤه، وهذا القدر كاف لتزييف المبطلين، وردّ عاديتهم.
الثاني عشر، زعم أن الشيعة الأمامية أرمضوا نفسه الزكية إذ جاؤا بأشد ما يرمض النفوس، وذلك أنهم عبثوا بالتاريخ على زعمه، وعاثوا فيه بتصوير
قلت، إني وأيم الحق لا أعرف مؤرخاً مثله يعبث بالتاريخ ويعبث فيه من أجل الهوى، ومن ألمّ بما زوّره قي خطط الشام وصاغه في مجلة المجمع(1) من مناقب
____________
(1) وحسبك مما زوره من مناقب الأمويين ما تجده في ص 408 إلى آخر ص 411 من المجلد السادس عشرمن مجلة المجمع، وما تجده في ص 450 وما بعدها إلى ص455 من المجلد نفسه، وهناك تفضيل بني أمية على قريش، وهناك شرف ابي سفيان بالخصوص، وعلو مكانته في باحة الشرف في الجاهلية والاسلام، وهناك تميز نساء بني أمية في ملكاتهن وشرف نفوسهن على نساء العرب، ولا سيما جويرية بت ابي سفيان وهند بنت عتبة التي يقول فيها حسان بن ثابت:
وهناك منن ابي سفيان وابيه حرب على العرب، وتميز معاوية بأعوانه ومقوية سلطانه فيما يصلح الاسلام، وهناك ميزات بني امية ولا سيما مروان «الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون» وبنوه، كالوليد وسليمان ويزيد وهشام والوليد بن يزيد، وهناك تأثيراتهم الدينية والمدنية وخصائص قوادهم ومناهج عمالهم التي تركوها أحدوثة في الغابرين. وهناك الخيانة بتصوير الأحداث بخلاف ما كانت عليه في الواقع وتزويرها على ما يقتضيه هواه في سلفه الصالح من بني امية واعوانهم، فراجع، واعجب من امانة الأستاذ على التاريخ، وبعده عن التحزب، والتعصب لتلك الجيف المنتنة التي ملأت الدنيا وباء في الأخلاق.
وكفى في فضل ابن شهرا شوب اذعان الفحول من أعلام أهل السنة له بجلالة القدر وعلو المنزلة، وقد ترجمه الشيخ صلاح الدين الصفدي خليل بن ايبك الشافعي، فذكر أنه حفظ أكثر القرآن الكريم وله ثمان سنين، وبلغ النهاية في أصول الشيعة، (قال) وكان يرحل إليه من البلاد، ثم تقدم في علم القرآن، والغريب، والنحو، ووعظ على المنبر
وذكره الفيروزأبادي في محكى بلغته، واثنى عليه بما يقرب من ثناء الصفدي، وذكر انه عاش أكثرمن مائة سنة إلاعشرة أشهر.
وعن بعض أهل المعاجم في التراجم من أهل السنة أنه قال في ترجمته، وكان امام عصره، ووحيد دهره أحسن الجمع والتأليف، وغلب عيله علم القرآن والحديث، وهو عند الشيعة كالخطيب البغدادي لأهل السنة في تصانيفه وتعليقات الحديث
الرابع عشر، زعم الأستاذ أن كتاب الشيخ ابن شهراشوب في مناقب آل ابي طالب كله سخافات وخرافات وكذب وهو من أسخف سلسلة سخافات الشيعة، واسترسل في هذا الكلام العذب اللطيف الدال على حكمة المتكلم وأخلاقه.
ونحن ننصف الأستاذ، فإنه لايستطيع أن يسمع بذكر آل محمد، فضلا عن خصائصهم، ولئن عدها سخافة وخرافة، وعد مؤلفها سفيهاً فلا حرج عليه، فأن له مذهبه ولنا مذهبنا، ولو كان كتاب ابن شهراشوب في مناقب آل أبي سفيان، أو آل أبي معيط، أو آل أبي العاص لكان على رأي الأستاذ
استبدلو والله الذنابى بالقوادم، والعجز بالكاهل فجدعاً لمعاطس قوم، يحسبون أنهم يحسنون صنعا (ألا أنهم هم المفسدون ولكن لايشعرون) ، (ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فإن له نار جهنم خالداً فيها ذلك الخزي العظيم)
كلام الأستاذ بلفظه
قال (1): ولشيعية المسعودي، مدخل كبير في آرائه، لأن من جوزوا الكذب على مخالفيهم، وغلوا في حب الطالبيّين، حتى جعلوهم فوق البشر،(1)
____________
(1) في آخر صفحة 395 والتي بعدها؛ من المجلد 22 من مجلة المجمع.
____________
(1) أفردنا لكل من هذه التهم الخمس، كلاماً خاصاً بها، فكان والحمد لله، على ما يرضى به الله ورسوله وأولي الألباب.
(2) قضى الرجل بها على نفسه، فإن تعصبه لفئته الأموية، ثابت لكل من ألم بخطط الشام، أو بمجلة المجمع، أو يكرد علي نفسه، أو بمجرد طبعه أو وضعه.
(3) ما اجرأ هذا الرجل على الدعاوي الباطلة، فأن ضلعه الضليغ، مع آل أبي العاص وسائر الأمويين، ثابت بمحاضراته ومناظراته، وسائر نفثات فمه ولسانه، المسخرين لأعداء الله ورسوله (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله) .
(4) لئن لم يرض بعض الشيعة، بمروج الذهب إذ لم يخدمهم به، فقد أرضاهم بما خدم به الحقيقة، من غير تقية، ككتابيه في الإمامة، وهما الإستبصار والصفوة، وكتابه في إثبات الوصية لأمير المؤمنين، وكتابه أخبار الزمان الذي يحيل عليه، في مروج الذهب.
____________
(1) أن أهل الحق في غنية بحقهم عن الدفاع عنه بالباطل، وإنما يدافع بالباطل عن الظلال حيث لادليل عليه سوى الأباطيل.
(2) بل كان ماهو عليه الآن، كما ذكرناه في ص 37
(3) هذا كله كذب وافتراء على الشريف الرضي والثابت عنه ما نقلناه في ص 38 فراجع.
(4) يريد الأستاذ أن يستر ما انطوت عليه احناء صدره، وانحنت عليه اضلعه، فقال مرغماً علي امير المؤمنين، كرم الله وجهه.
(قال): عفا الله عن قوم أعمتهم السياسة(3) فأنشأوا من حزب سياسي مذهباً دينياً(4) وكفّروا كل من لم يوافقهم على هواهم(5) وجاء متأخروهم فأدخلوا في معتقداتهم، ما يقل به متقدموهم(6) من أخلص الناس لدعوتهم، وفرقوابين أجزاء
____________
(1) هذا لم يثبت عن أمير المؤمنين والثابت عنه ما اوردناه ص 40 فراجع.
(2) هذا يناقض الثابت عن أمير المؤمنين وعلو مقامه يوم اسلم كما بيناه في ص 43 فراجع.
(3) السياسة أنما أعمت من لم يبصر نصوصها عن نبيه كما بيناه سابقاً.
(4) لاوجه لهذا الكلام سوى الأرجاف والمجازفة.
(5) كذب علينا من نسب إلينا تكفيرالمسلمين، كما أوضحناه في ص 45 وما بعدها فراجع.
(6) هذا مجرد عدوان، والله المستعان.
____________
(1) إنما شق عصا المسلمين وفرق قلوبهم، اهل الظلم والعدوان. والأفك والبهتان.
(2) هذه الكلمة في نفسها حق، اجراه الله على لسانه لتكون حجة عليه، فإن دأبه وديدنه العبث بالتاريخ من أجل هواه لكن الرجل أراد بها الباطل، كالتي رمتني بدائها وانسلت.
(3) بل هو الشيخ رشيد الدين ابو جعفر، محمد بن علي بن شهراشوب، المشهور بفضله وتقواه ورشده وهداه بشهادة جماعة من اعلام أهل السنة، كما بيناه في الاصل قريباً فراجع.
____________
(1) هذا جرمه الذي أبيح به ظلمه.
(2) بل قوله هذا هو الكذب والإختلاف.
(3) بل يوافقه من المسلمين مائة مليون من الشيعة، فيهم الحكماء والعلماء والأدباء والساسة المدبرون، والفلاسفة المفكرون واهل الورع والأحتياط والقوة والنشاط.
(4) هذا مجرد أرجاف وأجحاف فلا قيمة له.
(5) ما شتم الصحابة الكرام وانما شتم المنافقين اللئام لنفاقهم في دين الإسلام.
(6) هذا عدوان وبهتان وتحريش وتأريش وسعي بين المسلمين بالأكاذيب والتضاريب نعوذ بالله من رسل الشر وسفراء السوء وسماسرة الشقاق وتجار الفساد وزراع العداوات وبه نعوذ من شرورهم وندرأ به في نحورهم.
استئناف الإحتجاج على هذا العدوان بشكل آخر
كان الأجدر بنا، إذ بلغ الأستاذ من ظلمنا هذا المبلغ، أن نعمل بقوله تعالى، مخاطباً لأعز خلقه عليه؛ وأقربهم منزلة إليه (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذىً كثيراً وان تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) ، (خذ العفو وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) ،
____________
(1)
والأستاذ قد كاشر كثيراً من رجال الشيعة، وحاضر في أنديتهم وتقلب بينهم، متخللا دهماءهم، وابلى أخلاق كثير من فضلائهم، ولا سيما شركاؤه في المجمع، متعرفاً دخائلهم، فهل استشعر من احدهم شيئاً، مما قذفهم به، ؟ كلا ثم كلا، بل رأى منهم بعينيه، وسمع منهم بأذنيه، ولمس منهم بكلتا يديه، هدي محمد وآل محمد، ماثلا في
وأن مما يثير العجب والاستغراب، أن سخافات الأستاذ، التي بهتنا بها ـ على ريق لم يبلعه، ونفس لم يقطعة ـ لو بهت بها أمة أبادها الله قبل الطوفان مثلا، فانمحت آثارها وأخبارها، من عالم الوجود، لكان له أن يأمن من الفضيحة.
أما وقد أرسلها عمن هم حوله وفي مجمعه، وهم هم كما يعلمهم قد ملأوا الدنيا الإسلامية، بعلمهم الغزير، وعملهم الصالح، وآثارهم الممتعة الخالدة فإنه لا محالة مغلوب بنشوته على عقله.
ولو أن الأستاذ سبرغور ابن شهراشوب العبد الصالح الذي ما عصى الله تعالى منذ عرفه، ما حكم عليه بالسفه والاختلاق، ولو أمعن في كتابه لعرف