الصفحة 212
ناحية تظافر معاني العبقرية واشتباك دلالاتها.

العبقري هو ذلك الذي شحذ ملكاته كلها بموهبة خارقة، وجعلها بحيث تكون حالة من حالاته الدائمة، وحالة من حالاته الشمولية، فهو عبقري، لأنه دائم السمو والإبداع والخلق، ولأنه شامل في كل هذا، فهو سامي بكل ما تعني كلمة سمو، في الروح والعقل والبدن، وبهذا الاعتبار كان عدد العباقرة معدودا على الأصابع، ونادرا كندرة الكبريت الأحمر!.

والعبقرية أيضا ينظر إليها في محيطها الجغرافي وبيئتها الاجتماعية، وطورها التاريخي فهي لها ما يميزها عن العبقرية في بلاد الإغريق، أو في بلاد فارس، ذلك أن أجواء الصحراء العربية وما يميز ساكنتها من خشونة في الطباع، وانقسام في الاجتماع، وتنقل عبر الكثبان الرملية البعيدة والمرهقة بخيامها المنتصبة وإبلها المتسيبة وأشعارها وأرجازها. ليست هي إغريقيا أو أثينا أورقورينا.

بتماثيلها ومسارحها وحكمها. وينقلنا إلى تلك المفارقة ما جرى بين الطبيب اليوناني والإمام علي (ع) (1).

فهذا الطبيب اليوناني، بالإضافة إلى شركه وجهله المسبق بحقائق هذه الشخصيات، لم يكن مستهزئا ولا حاقدا، إنه عالم من علماء الطب الحكمي.

جاء متشبعا بنظرة الأغارقة للجمال كما تمثله ايقوناتهم وكما برز في نحوتهم. الساق العامرة الممتلئة، والانسجام العضلي الدقيق كما تبدعه أنامل النحاة في بلاد الإغريق، وكان ذلك الطبيب يرى أن ما ينقص عظمة الإمام علي (ع) هو هذه الساق الدقيقة النحيلة وعدم الانسجام بين بطنه وساقه، كانت هذه النظرة تختلف عن نظرة عبقري آخر، ابن الجزيرة العربية، متشبعا بقيم سماوية تبعث في سمو الروح وقوة الباطن وجمال الخلق الاجتماعي، وتجد بديلا عن حسن المراسم والقسمات ومضة النور التي تخرج الذات من ظلمتها وتكسبها جمالا أخاذا، يخاطب النظر والروح معا، إنها مفارقة، تجعل من معاني العبقرية أمرا معقدا للغاية، والعقاد وهو يأخذ على نفسه العمل على إبراز جانب العبقرية من

____________

(1) الإحتجاج / الطبرسي ص 35.


الصفحة 213
الخلفاء، كان بلا شك يحاول استغلال جمال التصوير الأدبي لشخصيات وهمية لا تنطق على واقعها التاريخي وكأنه أمام أسطورة من أساطير اليونان، يحاول إعادة رسم صورتها الأدبية، فجعل من أبي بكر وعمر وعثمان عباقرة لا تدركهم الألباب ولا تحيط بهم العقول، ودأب مؤرخون وأدباء مشغوفون بالتصوير الفني للشخصية التاريخية، أن يجعلوا لهذه الجماعة مميزات وخصائص ترقى بهم إلى مصاف أولي الشأن ممن ينذر لهم نظير من بين جحافل العامة.

وكان العقاد في عبقرياته ممن سافر تبعيدا في حبك تلك الصور، وممن أتقن بفعل نبوغه وثقافته النوعية رسم صورة فنية وضبط مفاتيح لشخصياته.

ومما لا شك فيه أن القارئ يمكنه الخروج بمجموعة أوصاف ومميزات تكرست في مؤلفات العقاد حول الشيخين وعثمان، وسوف نبينها في المخطط التالي:

أبو بكر:

صدقه (الصديق) - التقوى والورع - التفقه في الدين والعلم الغزير.

عمر:

التمسك الشديد بأحكام الدين.

العدل. شجاعته في دحر الباطل.

عثمان:

سخاءه وعطاه - تقواه وزهده - حياءه المتميز.

هذه باختصار مميزات عبقريات العقاد. وهي مما كرسته المدرسة الأموية في سبيل تكثيف مميزاتهم لحجب قيمة الإمام علي (ع) وأهل البيت (ع) ولا شك، ونحن نعالج موضوعنا، إن مميزات عباقرة العقاد، تتجاوز في سموها وعظمتها تلك المميزات التي اعترفوا بها للرسول الأعظم (ص).

وسوف يكون منهجنا في كسر هذه الأصنام الوهمية، هو التركيز على الأساس الذي انبنت عليه عبقرياتهم الموهومة، لإعادتهم إلى أشكالهم الحقيقية.

فالقصد عندنا هو إحقاق وتطهير التاريخ من تزوير المؤرخين ومبالغة الأدباء، والله مالك أمره.


الصفحة 214

الذاكرة.. أساس الشخصية!

تكمن عدالة الإسلام في رفع التكليف عما يتعلق بالذاكرة، إذا صمم المسلم على تجاوزها في حالة مخالفتها لصريح الأحكام الشرعية، وذلك مرجعه إلى واقعية التقدير الذي يكنه الإسلام للإنسان، فهو ينظر إليه مجردا من ماضيه الشركي مثلا، وفي كلامنا عن الخلفاء نضطر إلى استحضار بعض من تاريخهم ليس من أجل تحميلهم إياه ومحاكمتهم من خلال ذاكرتهم الجاهلية. إنما لسببين ضروريين:

أولا: من أجل معرفة مدى عزوفهم عنها، إذ أن الحفاظ على بعض من تلك القيم الجاهلية يجعل من الحق التعرض لهم والحكم عليهم من خلال ماضيهم، لأنه - إذ ذاك - يشكل رافدا حقيقيا لسلوكهم.

ثانيا: لأنه مهما كان الأمر، فإن التاريخ ضروري لضبط معايير الشخصية وإحراز العلم بمفاتيحها الحقيقية ولأنه إذا لم يخل من تلوث، فإنه يتحول إلى رافد لا شعوري لسلوك الإنسان.

ولنبدأ قبل كل شئ بقضية أساسية، لها علاقة مهمة بالتوازن الشخصي وهي قضية الخمر في الجاهلية، فكما سبق أن أكدنا، فإن الخمر لم تكن من عادة سادة العرب، كشأن بني هاشم مثلا، بقدر ما هي عادة لأذل أحياءها.

ولنر كيف أن الخمر تمكنت من الشيخين. وكيف أنهم أبوا الانتهاء عنها حتى

الصفحة 215
أصبحت حرمتها واضحة للجميع. بل كما سنرى إنها ظلت متمكنة من بعضهم إلى آخر أيامه. كل ذلك لنزعزع الأساس الذي قامت عليه عبقريتهم. أساس الورع وما يترتب عليه من قيم وسجايا.

لقد ثبت أن أبا بكر كان مدمنا على الخمر والقمار في أيام الجاهلية، وهذا يخالف ادعاء بعض المؤرخين، من أنه كان سيدا وقورا في قومه قبل الإسلام، ومن أنه كان متورعا عن كثير من الصفات والأخلاق الجاهلية.

وهناك أحاديث كثيرة تثبت ذلك وعلى رأسها حديث أبي القموص الذي أخرجه الطبري في تفسيره عن أبي بشار، قال: عن أبي بشار عن عبد الوهاب عن عوف عن أبي القموص زيد بن علي قال: (2) أنزل الله عز وجل في الخمر ثلاث مرات، فأول ما أنزل قال الله: يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما، قال: فشربها من المسلمين من شاء الله منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاما لا يدري عوف ما هو أنزل الله عز وجل فيها: " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "، فشربها منهم وجعلوا يتقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبو القموص إن رجلا ينوح على قتلى بدر:

تحيى بالسلامة أم عمرو * وهل لك بعد رهط من سلام؟
ذريني اصطبح بكرا فإني * رأيت الموت نقب عن هشام
وود بنو المغيرة لو فدوه * بألف من رجال أو سوام
كأني بالطوى بدر * من الشيزى يكلل بالسنام
كأني بالطوى طوي بدر * من الفتيان والحلل الكرام

قال، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع حتى انتهى إليه لما عاينه الرجل فرفع رسول الله (ص) شيئا كان بيده ليضربه قال: أعوذ بالله من غضب الله ورسوله والله لا أطعمها أبدا فأنزل الله تحريمها ".

____________

(2) تفسير الطبري ج 2 ص 203 طبعة 211

الصفحة 216
في هذه الرواية، كلام عن رجل مجهول، شرب الخمر فراح يرثي قتلى بدر من الكفار والمشركين.

وفي إخفاء اسم هذا الرجل تكمن دلالة كبيرة، هي أن ثمة محاولات عدة لإخفاء فضائح الشيخين والكثير ممن حسبوهم من الصحابة، وتدل قرينة الحال على أن أبا بكر هو ذلك الرجل المجهول، على طريقة الطبري الذي أخفى أكثر من مرة أسماء هم على غرار حديث الدار. وسوف نعرض لبعض من تلك الروايات التي ذكر اسمه فيها ليكون حكمنا على علم ويقين.

لقد جاء في رواية البزاز عن أنس بن مالك قال: كنت ساقي القوم تينا وزبيبا خلطناهما جميعا وكان في القوم رجل يقال له: أبو بكر فلما شرب قال:

أحيي أم بكر بالسلام * وهل لك بعد قومك من سلام؟
يحدثنا الرسول بأن سحتا * وكيف حياة أصل أو هشام (3)

وهذا خلاف لما ادعاه البعض، من أنه حرم الخمر على نفسه في الجاهلية والإسلام.

لقد أردت من هذا كله، إيجاد مفتاح لفهم حقيقة شخصية أبي بكر قبل الولوج في زعزعة الصورة الأسطورية التي أهدتها إياه أقلام المحرفين. ذلك لما يمثله الادمان على الخمر في النفوس. فلقد كانت هذه من أقبح سلوكيات البشر على مر السنين وأخسها، وقد ذم الخمر حتى في أساطير الأولين، وكانت تمثل رمزا للانحطاط والخسة والمهانة.

ثم ماذا عن تلك الأسس التي أقام صرحها المؤرخون والأدباء في حق أبي بكر وعلى رأسهم صاحب عبقرية الصديق؟.

كان أهم مفتاح من مفاتيح العبقرية البكرية، هو الصدق.. ومن ذلك سماها العقاد - عبقرية الصديق - فلنلق نظرة سريعة عن واقع هذا المفتاح للوقوف على مصداقيته.

____________

(3) جامع الزوائد 5: 51.

الصفحة 217

الصدق والصديق.. أية علاقة

في بداية كلامنا نطرح اعتقادنا حول تعسف هذه الأوصاف.. فاسم الصديق لم يتحول إلى كنية لأبي بكر إلا في العهود المتأخرة والاسم الذي كثر تداوله في زمن الرسول (ص) هو " أبو بكر " وابن أبي قحافة، ولم تكن تلك سوى من إبداع البكرية وأنصار مدرسة الرأي، لكي يجعلوها شعارا معززا للخلافة المغتصبة.

وقد جعلوا صفته تلك كناية عن إسلامه المبكر وتصديقه للرسول (ص) وللعاقل أن يتأمل في ثنايا هذه الحبكة التعسفية، فليس أبو بكر هو أول وآخر من آمن وصدق بالرسول (ص) فكثير من أصحابه آمنوا به وصدقوه بل وبعضهم سبقه بالصدق والإيمان.

والإمام علي (ع) كان - على صغر سنه - أول من أعلن إسلامه بعد بعثة الرسول (ص) وهو أول من صدقه.. وهو المدعو صديقا، وقد ادعاها لنفسه وأنكرها على غيره.

وكأنه بذلك يروم فضح سياسة خلق الشعارات وإطلاقها بلا مبررات.

يقول: " أنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب آمنت قبل أن يؤمن الناس سبع سنين (4) ".

ومن صدقه، رأينا كيف نازع أهل البيت (ع) بحديث مزعوم في شأن إرثهم.

ومنعهم حتا لهم من الله به عليهم. وسوف أعطيكم هنا بعضا من القرائن التي لا تجعل لشعار الصدق مصداقية في سلوك ومواقف الخليفة.

1 / الصدق في المواطن

إن أولى التعاريف التي جعلت للصدق في الإسلام، هو الصدق في المواطن وعدم الفرار عند الزحف، وهو ما رأيناه عند الخلفاء الثلاثة عندما فروا يوم أحد، وخذلوا الإسلام، وتركوا الرسول (ص) منفردا في مواجهة الموقف، وإنه لعمري عين الخذلان، ودليل عدم الصدق، وكذلك يوم رجع فارا من خيبر.

____________

(4) خصائص الإمام النسائي.

الصفحة 218
فقد كان من الواجب على الصديق أن يكون مثالا بارعا في الصدق والتي من مصاديقها الصدق في المواطن وقد كان يلتمس الراحة في العريش، متترسا بالرسول (ص)، ويتركه وحيدا في الميدان وينجو بالجلد عند استفحال الخطب.

ولا داعي لكي أقارن بين موقفه وموقف الإمام علي (ع) في هذا المجال لأن ذلك مما سارت به الركبان وتغنت به الشعراء.

ولو كان الإسلام متوقفا على شجاعة الصديق إذن لما بقيت له باقية وهو ما يضرب عرض الحائط بقولتهم، إن رسول الله (ص) قال: " لولا أبو بكر الصديق لذهب الإسلام " كما في " نور الأبصار " للشلنجي.

2 / الشك في أمر الرسول (ص)

الإيمان بالرسول (ص) هو الاعتقاد بمرسوليته، والانقياد لأوامره على أساس إنها أحكام تكليفية.. والتصديق هو الاستجابة لأمر الرسول (ص) وعدم التردد في قبول قوله وعندنا في السيرة ما يدمي القلوب، ويقصم الظهور وهو ما يعرف بحادثة ذي الثديية، فقد جاء عن أنس بن مالك قال: كان في عهد رسول الله (ص) رجل يعجبنا تعبده واجتهاده وقد ذكرنا ذلك لرسول الله (ص) باسمه فلم يعرفه فوصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا هوذا قال:

إنكم لتخبروني عن رجل إن في وجهه لسفعة من الشيطان.

فأقبل حتى وقفت عليهم ولم يسلم فقال له رسول الله (ص) أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟

قال: اللهم نعم، ثم دخل يصلي فقال رسول الله: من يقتل الرجل؟ فقال أبو بكر أنا، فدخل عليه فوجده يصلي فقال: سبحان الله أقتل رجلا يصلي، وقد نهى رسول الله عن قتل المصلين، فخرج، فقال رسول الله (ص) ما فعلت؟

قال: كرهت أن أقتله وهو يصلي وأنت قد نهيت عن قتل المصلين، قال: من يقتل الرجل؟ (حتى قال) لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان كان أولهم وآخرهم (5) ".

____________

(5) تاريخ بن كثير - 7 ص 297 / الإصابة 1: 494.


الصفحة 219
فهل بعد هذا يصح أن يشتهر الخليفة الأول بالصدق وينفرد به، وهو لم يصدق رسول الله (ص) في شأن رجل صار فيما بعد رأس الفتنة يوم النهروان كما جاء في صحيح مسلم وغيره.

التقوى والورع

يظهر من خلال كلام المؤرخين وأهل السير المحرفة، أن أبا بكر كان أتقى صحابة الرسول (ص) وأورعهم. وأعبدهم لله وأخشاهم له، وبالغوا في ذلك أيما مبالغة واختلقوا من الروايات المتداعية والأسانيد، ما يقطع أوصال الفؤاد.

وطبيعي، أن أهم صفة للورع والتقوى هي تقديس ما قدسه الله، وتحريم ما حرمه والاحتياط الكبير وكثرة التهجد والعبادة.

فأما من جهة العبادة، فإن أبا بكر لم يرد عنه أنه كان آية في ذلك.

وعندما راح عمر بن الخطاب ليسأل عن سلوك أبي بكر في بيته، إمعانا منه في التأسي برفيقه الذي أتحفه بأعلى منصب، ليسوس فيه الناس بدرته.

فقالت له إحدى بناته: " ما رأينا له كثير صلاة بالليل ولا قيام (6) ".

ولهذا حاولوا أن يجدوا له بديلا عن القيام والصلاة، وهو ما ذهب إليه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن بكر بن عبد الله المزني، أنه قال: لم يفضل أبو بكر (رض) الناس بكثرة صوم ولا صلاة إنما فضلهم بشئ كان في قلبه.

وإذا أردنا الإطناب في البحث عن هذا الشئ الذي يوجد في قلب أبي بكر ولم يوجد في القلوب الأخرى التي يفضلها لوجدنا ما يضحك الثكلى ذلك ما يرويه لنا المحب الطبري في الرياض النضرة (7) من أن عمر بن الخطاب أتى إلى زوجة أبي بكر بعد موته فسألها عن أعمال أبي بكر في بيته فقالت: إلا أنه كان في كل ليلة جمعة يتوضأ ويصلي ثم يجلس مستقبل القبلة رأسه على ركبته فإذا كان وقت السحر رفع رأسه وتنفس الصعداء فيشم في البيت روائح كبد مشوي فبكى عمر وقال: أتى

____________

(6) عمدة التحقيق للعبيدي المالكي.

(7) الرياض النضرة ص 133.

الصفحة 220
لابن الخطاب بكبد مشوي.

وفي رواية العبيدي المالكي (السالفة الذكر) إنه بعد أن يقيم على تلك الحالة يرفع رأسه إلى السماء ويتنفس الصعداء ويقول: أخ فيطلع الدخان من فيه فيبكي عمر ويقول:

كل شئ يقدر عليه عمر إلا الدخان.

فذلك باختصار هو الشئ الذي انفرد به أبو بكر عن غيره، هو سر ذلك الكبد المشوي والدخان الذي أعجز عمر بن الخطاب، وللعاقل أن يتأمل.

وحتى يتبين لنا ما إذا كان الورع والتقوى شيمة في أبي بكر، لنقف على حقيقة استخلصها فقهاء الأمة وأجمعوا على قاعدتها، وهي قضية الاحتياط في الدماء والفروج، وبقدر ما يقل الاحتياط في هاتين المسألتين، فإن ذلك مؤشرا على تدني الوازع الديني وقلة التقوى والورع، وحسبنا من ابن أبي قحافة ما فعله بالفجاءة، حيث حرقه بعد أن جمعت يداه إلى قفاه وألقى في النار مقموطا.

في حين يرفض على عمر تقديم خالد للمحاكمة الشرعية لقتله مالك بن نويرة والزنا بزوجته كما هو مشهور في كتب التاريخ الكبرى.

التفقه في الدين

ذكروا في شأن أبي بكر أقوالا للرسول (ص) ولغيره تدل على علمه الغزير وإلمامه بالأحكام ومن ذلك قول صاحب الصواعق المحرقة: " إن أبا بكر من أكابر المجتهدين بل هو أعلم الصحابة على الاطلاق (8) ".

ولا داعي للرد على هذا الكلام الذي لا يجد مصداقيته في سيرة أبي بكر إذ كيف يهضم ذلك مع أن أبا بكر اشتهر عنه جهله في أبسط أمور الشريعة والمتتبع لسيرة الصحابة يدرك أن إطلاق هذا الحكم ليس إلا مجازفة عمياء ولا حاجة لمقارنته بعلي (ع) في هذا المقام، ولكن يجوز القول، أين كان أمثال ابن عباس وابن مسعود وأمثالهم.

____________

(8) الصواعق المحرقة ص 19.

الصفحة 221
ولكي ندرك فقر هذا الادعاء، يكفينا أن نستعرض بعض الأمثلة والنماذج من علم أبي بكر، ونترك للقارئ حرية إصدار الحكم عليها:

سئل أبو بكر عن الكلالة؟ فقال: إني سأقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله وأن يك خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه، أراه ما خلا الولد والوالد، فلا استخلف عمر قال: إني لاستحيي الله أن أرد شيئا قاله أبو بكر (9).

والمقصود هنا من الكلالة، ما جاء في قوله تعالى: " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك ".

عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق، تسأله عن ميراثها فقال لها أبو بكر: ما لك في كتاب الله شئ، وما علمت لك في سنة رسول الله (ص) شيئا فارجعي حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة، حضرت رسول الله (ص) أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر (10).

عن صفية بنت أبي عبيد: " إن رجلا سرق على عهد أبي بكر، مقطوعة يده ورجله، فأراد أبو بكر أن يقطع رجله ويدع يده يستطيب بها ويتطهر بها، وينتفع بها، فقال عمر: لا والذي نفسي بيده لتقطعن يده الأخرى فأمر به أبو بكر (11).

أتا أبا بكر جدتان أم الأم وأم الأب فأعطى الميراث أم الأم دون أم الأب، فقال له عبد الرحمن بن سهيل أخو بني حارثة: يا خليفة رسول الله! لقد أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها، فجعله أبو بكر بينهما - يعني السدس - (12).

هذه النماذج تظهر إلى أي مستوى بلغ الدجل بأولئك المحرفين الذين أضلوا الأمة بأشخاص وهميين لا رصيد لهم من أي ادعاء اختلقه لهم أنصارهم.

وأود لو أختم كلامي عن أبي بكر، بما رواه عنه اتباعه، من أساطير تخالف

____________

(9) ابن جرير الطبري في التفسير ج 8 ص 30 / البيهقي في السنن 6 ص 223.

(10) موطأ مالك: ص 335 - سنن أبي داود 2 ص 17 / بداية المجتهد 2 ص 344.

(11) شنن البيهقي 8 ص 273، 274.

(12) الموطأ ص 335 - بداية المجتهد 2 ص 344.

الصفحة 222
منطق القرآن، وتناقض حجمه الحقيقي في واقعه.

* روى أنس بن مالك قال: " جاءت امرأة من الأنصار فقالت: يا رسول الله! رأيت في المنام كأن النخلة التي في داري وقعت وزوجي في السفر فقال:

يجب عليك الصبر فلن تجتمعي به أبدا، فخرجت المرأة باكية فرأت أبا بكر فأخبرته بمنامها ولم تذكر له قول النبي (ص) فقال: اذهبي فإنك تجتمعين به في هذه الليلة. فدخلت إلى منزلها وهي متفكرة في قول النبي (ص) ".

وقول أبي بكر، فلما كان الليل وإذا بزوجها قد أتى فذهبت إلى النبي (ص) وأخبرته بزوجها، فنظر إليها طويلا فجاءه جبريل وقال: يا محمد: الذي قلته هو الحق، ولكن لما قال الصديق إنك تجتمعين به في هذه الليلة استحيا الله منه أن يجري على لسانه الكذب، لأنه صديق فأحياه كرامة له (13).

ليس الغلو فيما ذكر من أن الله استحيا من أبي بكر، وكأن الحياء - أعوذ بالله - من شأنه تعالى.. علا عن ذلك علوا كبيرا. وإنما يكمن ذلك في نزعة خفية تجعل الأفضلية لأبي بكر على رسول الله (ص)، فأبو بكر له شخصية أقوى من النبي (ص) مما جعله تعالى، يستحيي من أبي بكر ولا يستحي من النبي (ص).

ويفضل تعزيز موقف أبي بكر ولا يبالي بالنبي (ص) وكأن أبا بكر أصدق من رسول الله (ص) وفي ذلك غلو لمن ألقى السمع وهو بصير.

- ذكر النسفي إن رجلا مات بالمدينة فأراد النبي (ص) أن يصلي عليه فنزل جبريل وقال:

يا محمد لا تصل عليه، فامتنع فجاء أبو بكر فقال: يا نبي الله صل عليه فما علمت منه إلا خيرا، فنزل جبريل وقال: يا محمد صل عليه، فإن شهادة أبي بكر مقدمة على شهادتي (14).

ولا يلاحظ القارئ من هذا الحديث سوى أسلوبا آخر أكثر تعفنا من الأول،

____________

(13) نزهة المجالس 2 ص 184.

(14) نزهة المجالس 2 ص 184.


الصفحة 223
إذ أن جبرائيل وهو الذي وكله الله لتبليغ رسالات السماء، كيف أنه يأتي بما يخالف المضمون به، فيكون أقرب شهادة من جبرائيل، فأي عبث هذا وأي مروق!.

أخرج ابن عساكر في تاريخه قال: روي أن أبا بكر لما حضرته الوفاة قال لمن حضره: إذا أنا مت وفرغتم من جهازي فاحملوني حتى تقفوا بباب البيت الذي فيه قبر النبي (ص) فقفوا بالباب وقولا: السلام عليك يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن. فإن أذن لكم بأن فتح الباب وكان الباب مغلقا بقفل فادخلوني وادفنوني، وإن لم يفتح الباب فاخرجوني إلى البقيع وادفنوني به، فلما وقفوا على الباب وقالوا ما ذكر سقط القفل وانفتح الباب وإذا بهاتف يهتف من القبر:

ادخلوا الحبيب إلى الحبيب فإن الحبيب إلى الحبيب مشتاق (15).

باختصار: لم تكن هذه المغالاة سوى محاولة لإعادة صياغة أبي بكر بشكل يبرر من خلاله ما قام به بعد رسول الله (ص) من سطو على الإمامة وعبث بالشريعة.

فكيف يكون حبيبا للنبي (ص) من أغضب واغتصب مال فاطمة بضعته التي قال عنها: يغضبني ما أغضبها، إن هذه المفارقات لم تكن سوى من اختراع المؤرخ المأجور، وأنصار الخلافة المغتصبة.

____________

(15) الرازي في التفسير 5 ص 378 / نزهة المجالس 2 ص 198.

الصفحة 224

الخليفة الثاني: عمر ابن خطاب

كثيرة هي الصفات الخشنة التي تأثر بها قطاع كبير من أبناء الإسلام من شخصية عمر بن الخطاب حتى وإن كانت تخالف سماحة الإسلام وإنسانية الرسول (ص) ذلك بأن هذا القطاع الكبير من أبناء الإسلام، يعتقد أن شخصية عمر بن الخطاب، هي الأنموذج الأمثل للإسلام.

ومن الجدير أن نذكر أسباب ذلك فكتب العامة جعلت من هذا الأخير أسطورة الإسلام الخالدة، وجعلت منه بحيث يترسخ في ذهن المسلمين وبحيث تشكل سيرته وجدانهم الديني وذلك هو أكبر جريمة تاريخية ارتكبت في حق الإسلام والمسلمين.

ولنعد إلى سؤالنا، هل عمر بن الخطاب كان يستحق كل ذلك التبجيل الزائد، وتلك الصورة الأسطورية الرهيبة لشخصه؟.

لنبدأ من حيث بدأنا عند الحديث عن صاحبه، عن إحدى أهم الهويات التي برع فيها عمر بن الخطاب، وهي هواية السكر، والإدمان على الخمرة والنبيذ، وقد سبق أن ذكرنا قولة لابن خلدون في شأن من كان يتعاطاها من العرب، كما أنه معلوم لدى جميع المفسرين، أن عمر بن الخطاب كان آخر من ارتدع عنها قائلا: انتهينا، انتهينا!.

ولكن لا بد من إعادة طرح السؤال: هل انتهى عمر بن الخطاب عن شرب الخمر؟.


الصفحة 225
تواجهنا في سيرة عمر بن الخطاب محطات أساسية تبين مدى تعلق الخليفة الثاني بالخمرة، وتمسكه بها سرا وتغطية ذلك بهالة من التخريجات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وفي ظني أن كثيرا من تلك الصور من الخشونة التي أحصاها التاريخ على عمر وعلى ذرته التي لا تبقى ولا تذر، كانت في لحظات السكر.

في إحدى الروايات، أراد عمر بن الخطاب أن يحلل الخمر لأهل الشام.

فقد روى محمود بن لبيد الأنصاري: إن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها، وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر: اشربوا هذا العسل.

قالوا: لا يصلحنا العسل: فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن تجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم، فاطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط، فقال:

" هذا الطلاء مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت:

أحللتها والله، فقال عمر: كلا والله، اللهم! إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم (16) ".

وقد عرف عنه إنه كان يشرب النبيذ الشديد، وكان يقول: " إنا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في بطوننا إن تؤذينا فمن رابه من شرابه شئ فليمزجه بالماء (17) ".

والغريب أن العامة تروي عنه، أنه لم لكن يكثر من أكل اللحم وربما بالغت في ذلك، فجعلته لا يأكلها إلا نادرا من كثرة زهده. فكيف هو هنا يدعي أن تكريعه لخمرته حدث بداعي الخوف من أذى لحوم الإبل في بطنه.

____________

(16) مالك 2 ص 180 الموطأ - جامع تحريم الخمر.

(17) سنن البيهقي 8 ص 299.

الصفحة 226
ثم تعالى لترى هل هي مسكرة خمرته أم أنها ليست كذلك. يقول الشعبي:

" شرب أعرابي من أداوة عمر فأغشي فحده عمر، ثم قال: وإنما: حده للسكر لا للشراب (18) ".

لقد استمر عمر في شربه للخمر حتى وفاته، ورخص لأهل الشام في ذلك حتى كان من الحق أن تعتبره عائشة خمرا حراما لا مجال للتخريج فيه.

لقد حج أبو مسلم الخولاني ودخل على عائشة زوج النبي (ص) فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها فجعل يخبرها فقالت كيف تصبرون على بردها؟ فقال: يا أم المؤمنين أنهم يشربون شرابا لهم يقال له: الطلاء، فقالت: صدق الله وبلغ حبيبي سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول:

" إن أناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها (19) ".

فكيف بالله عليك أن يكون فاروق الأمة ممن يعبث بأحكام الله ويصعد منبر رسول الله (ص) بعد أن يكرع ما شاء له شيطانه علما أن الرسول (ص) قال:

" ما أسكر كثيره فقليله حرام (20) ".

ولا داعي للإطناب في ذلك إذ أن غايتنا من ذلك هو إيجاد مفتاح لشخصية عمر ولعبقريته التي نسجها عنه أدباءنا ومؤرخونا، وكيف لا يكون عبقريا وهو الذي رخص في شرب الخمر وجعلها دواءا له يساعده على الهضم ويسهل بطنه حين قال:

" إني رجل معجاز البطن أو مسعار البطن وأشرب هذا النبيذ الشديد فيسهل بطني (21) ".

ومن خلال هذا يمكننا القول إن ما عرف به عمر من التزام ديني قوي رفعه إلى مستوى الفاروق. لن يكون إلا حبكة مفتعلة، فالالتزام الديني لا يظهر من خلال

____________

(18) العقد الفريد 3 ص 416 / ابن عبد ربه.

(19) الإصابة 3 ص 546.

(20) الترمذي في الصحيح ص 342 / البيهقي في السنن 8 ص 396.

(21) ابن أبي شيبة، كنز العمال 3 ص 109.

الصفحة 227
سلوكه ولا يستقيم دين مع الادمان، لأن هذا الأخير مفتاح لكل الشرور ولعل ما أحدثته ذرته من أذى وشرور هو من ذلك المفتاح.

إن الالتزام الديني يعني الطاعة والامتثال، وفي سيرة عمر ما يناقض كل ذلك من الأساس.

بدأ من رفضه صلح الحديبية، والامتناع عن قتل ذي الخويصرة رغم قرار الرسول (ص) بذلك، ومرورا بامتناعه السير مع أسامة، وأشياء أخرى.

وقد جعلوا للفاروق ميزة، انفرد بها، وكانت خاصية من خاصياته، وهي العدالة.

وياليتني أفهم إلى أي درجة من الأمية التاريخية وصل الحال بالمؤرخين والأدباء حتى يجعلوها من بديهيات التاريخ والسيرة.

ونظرا لمنهجنا في هذا الباب نتوخى عرض نماذج من. تلك المرويات التي تناقض صفة العدالة عن عمر بن الخطاب. ذلك بأن موضوع إزاحة الستار عن الوجه الحقيقي للمقدس، يعرف حساسية صعبة، لذلك سوف نتمسك بالنص، وبالروايات التي أوردها علماء العامة في شأنه.

* سبق أن ذكرنا حادثة جلد عمر للأعرابي الذي شرب من عسه فسكر، مع أنه لم يفعل شيئا حراما، ولو كان عمر عادلا كما يقولون، إذن لأقام الحد على نفسه أو ليترك الأعرابي لحال سبيله، أو لا أقل ليتأمل الموضوع قبل إصدار الأحكام.

فالأعرابي يشرب من عس عمر بن الخطاب - الخليفة - وتلك قرينة كاملة على رفع الحد عنه لأن المظنون من عس - أمير المؤمنين - ألا يكون فيه ما يسكر.

فتأمل.

* مر علي بمجنونة قد زنت وهي ترجم فقال علي لعمر: يا أمير المؤمنين! أمرت برجم فلانة؟ قال: نعم، قال: أما تذكر قول رسول الله (ص) رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى

الصفحة 228
يفيق؟ قال: نعم:

فأمر بها فخلى عنها (22).

* روى مالك أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: أبى عمر بن الخطاب أن يورث أحدا من الأعاجم إلا أحدا ولد في العرب (23).

روى ابن الجوزي، قال: إن عمرا كان قاعدا والدرة معه والناس حوله إذ أقبل الجارود فلما دنى منه خفقه بالدرة فقال: ما لي ولك يا أمير المؤمنين؟! قال ما لي ولك لقد سمعتها. قال: وسمعتها، فمه؟ قال خشيت أن تخالط القوم ويقال، هذا أمير. فأحببت أن أطأطئ منك (24).

هذا كله، إضافة إلى ما فعله بحق فاطمة الزهراء، عند همه بحرق دارها، واغتصاب فدك منها، ومكان الأمثلة على خرافة العدل العمري.

أما شجاعة عمر التي سمع ذويها عبر الخافقين فحدث ولا حرج فهو كرفيقه صاحب العريش لم يكن له ذكر في المعارك الإسلامية ولم يسمع له في مواقف الرجولة ركزا.

ولعل أول وآخر معركة يقودها عمر، كانت ضد يهود خيبر، حيث يحدثنا الخبر، بأنه رجع يجبن أصحابه ويجبنونه لفراره ولقد امتنع عمر عن السير مع جيش أسامة لأسباب عدة. ومنها خوفه من الروم. وقد رجع دون أن يمتثل أمر الرسول (ص) في شأن ذي الخويصرة بعد أن أرهبه الرجل وأخافه.

بالإضافة إلى فراره يوم أحد. وسكوته يوم الخندق أمام دعوى مبارزة عمر بن عبد ود وخوفه من الذهاب إلى القادسية.

فعمر بن الخطاب بهذا الحجم الصغير. وبتلك المحدودية. جعلوا منه أسطورة التاريخ الإسلامي وأوردوا حوله من الأخبار ما جعل من عمر صنما خرافيا يعبد من دون الله.

____________

(22) البيهقي، السنن الكبرى 8 ص 264.

(23) الموطأ 2 ص 12.

(24) شرح النهج / ابن أبي الحديد 3 ص 112.

الصفحة 229
لقد قالوا فيه الكثير وغالوا إلى حد الشطط ومن قولهم فيه:

عن بريدة: خرج رسول الله (ص) في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله! إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال رسول الله (ص): إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليها، فقال رسول الله:

إن الشيطان ليفرق منك يا عمر (25)!

* ذكر الرازي في تفسيره: وقعت الزلزلة في المدينة فضرب عمر الدرة على الأرض وقال: اسكنيها بإذن الله، فسكنت وما حدثت الزلزلة بالمدينة بعد ذلك (26).

____________

(25) أحمد في المسند 5: 353 / قال الترمي هذا حديث حسن صحيح غريب 2 ص 294.

(26) تفسير الرازي: ص 478.

الصفحة 230

عثمان بن عفان

عندما يكون الحديث عن عثمان والفتن التي أحدثها بسياسته العشائرية، نلمح عند المؤرخين أسلوبا يكاد يكون موحدا، في قلب الحقائق بعد ثبوتها وتضبيبها بعد جلاءها، وهكذا يكون عثمان رجلا زاهدا، وتقيا، تصوره ريشة المؤرخ الفنان على لوحة التحريف، كصحابي جليل استشهد وهو يقرأ القرآن وفي المقابل، تكون الأمة التي قتلته كلها فاسقة، وكلها مارقة، حتى لو كان كبار الصحابة شاركوا في قتله. وحتى لو أن الأمة أجمعت على انحرافه عن السنة التي ضيعها والقرآن الذي أحرقه، ولم يلتزم به، بل إن أعظمهم أوردوا صورا ومشاهدا تفصيلية عن حادثة القتل لعثمان، يظهرون فيها الطبيعة الهمجية لمقتل عثمان، وقساوة الثوار.

وليس يعنيني هنا الاكثار من ذكر ما قيل عن عثمان، وما يمكن أن يقال في مقابل ذلك غير أني أحب التركيز هنا على إحدى المسائل الأساسية التي تميز بها عثمان، حسب ما جاء في السيرة، فكما أنهم خلقوا أحاديث عن حياء عثمان، ليغطوا بها ابتذال أسلوبه مع كل من الإمام علي... وعمار.. (رض) وابن مسعود (رض) وأبي ذر الغفاري (رض).

وأبدعوا ذلك المشهد الذي رؤي فيه عثمان مستشهدا وبين يديه كتاب الله ليغطوا على جريمته في تتبع القراء، وحرق المصاحف، وعدم تنفيذ أحكامه.

فإنهم اختلقوا أكذوبة السخاء الذي صدر منه إبان العهد الأول للإسلام

الصفحة 231
وعطاياه الكثيرة، ودعمه للجماعة الإسلامية، ليغطوا عبثه بالأموال الإسلامية، ونهبه أموال الرعية وإقطاعها بني جلدته.

لقد كان صادقا من قال: إن عثمان أخذ أضاف ما أعطاه لرسول الله (ص) ذلك أن عثمان لم يكن يتورع في نهبها، وقد أصبحت تدعى في عصره بأموال الله، حتى لا يبقى للمسلمين أدنى مبرر للتدخل في ما يجري داخل العشيرة الأموية، وقد كان أبو ذر (رض) على رأس أولئك المتدخلين والمنتقدين للسياسة المالية لعثمان وبطانته الأموية، فناله ما ناله من الأذى من قبل عثمان بن عفان.

ولنبدأ رحلتنا من " فدك " التي اغتصبها عثمان من فاطمة الزهراء (ع) وهي مما أورثته عن الرسول (ص) ويا ليته اغتصبها وأودعها بيت المال حتى يقال إنه تأسى بصاحبيه، بل أقطعها مروان، يقول ابن عبد ربه: إنه أقطع فدك مروان وهي صدقة لرسول الله (ص) وافتتح إفريقيا وأخذ خمسه فوهبه لمروان (27).

فأين زهد الخليفة الثالث، وورعه ولو كان قارئا للقرآن كما جاء في أخبار المؤرخين لكان أجدر به أن يعرف مدى بغض النبي (ص) للشجرة الملعونة في القرآن. ولم يمنعه ورعه من اغتصاب حق فاطمة (ع) بضعة الرسول (ص) وخير نساء العالمين، ليقطعها واحدا من أبناء الطلقاء بن طريد الرسول (ص) وأحد أغصان تلك الشجرة الملعونة في القرآن، ذكر الطبري: " إنه لما وجه عثمان عبد الله بن سعد إلى إفريقيا كان الذي صالحهم عليه بطريق إفريقيا (جرجير) ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار، فبعث ملك الروم رسولا وأمره أن يأخذ منهم ثلاثمائة قنطار كما أخذ منهم عبد الله بن سعد وكان الذي صالحهم عليه عبد الله بن سعد ثلثمائة قنطار ذهب، فأمر بها عثمان لآل الحكم.

قلت:

أو لمروان؟ قال: لا أدري " (28).

ثم يروى أنه أعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص أخا مروان، ثلاثمائة

____________

(27) العقد الفريد 2: 261.

(28) تاريخ الطبري 5: 50.

الصفحة 232
ألف درهم (29).

وعن عبد الله بن سنان قال: خرج علينا ابن مسعود ونحن في المسجد وكان على بيت مال الكوفة وفي الكوفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط فقال: يا أهل الكوفة! فقدت من بيت ما لكم الليلة مائة ألف لم يأتني بها كتاب أمير المؤمنين ولم يكتب لي بها برائة، قال فكتب الوليد بن عقبة إلى عثمان في ذلك فنزعه عن بيت المال (30).

كما أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال (31).

هذا جزء من ذلك السيناريو الذي اتحفت به سياسة عثمان الرعية الإسلامية ناهيك عما اختزنه قصره، وحاشيته من المترلفين له من دون عشيرته.

فإذا عرفت ذلك - عزيزي القارئ - فلا يأخذك العجب من قول الإمام علي (ع) بعد ذلك في عثمان: قام نافجا حضينه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع ".

ذلك باختصار شديد.. هو أهم مشروع قدمه عثمان لأمته، فأين الزهد، وأين الورع، وأين عشرات المحامد التي حيكت حوله.

____________

(29) البلاري 5: 52.

(30) العقد الفريد 2: 272.

(31) ابن أبي الحديد 1: 67.

الصفحة 233

غاية الكلام في الثلاثة

الغاية من هذه الاطلالة الموجزة والسريعة في أحوال الثلاثة: أبو بكر وعمر وعثمان، هو أن نعيد تشكيل المنظار الذي من خلاله نظرت العامة إليهم وهو ما عنينا به قبلا، - الأصنام - وليس الصنم سوى تقديس الوهم، وأسطرت التاريخ، وتضبيب الغاية من نزول الرسالة، وأذكر يوم كنت من المعجبين بعمر بن الخطاب، حيث أبهرني ما اشتهر به من عدل واستقامة، حتى ظننت أنني أمام نموذج من الكمال لا يدانيه سوى الخيال، ووقعت تحت تأثيره لمدة طويلة، ويا لها من خشونة تلك التي كنت أحسب أنها سلوك الإسلام، ويا لها من علاقة قاسية كانت تقوم بيض وبين المحيط من حولي، لقد اكتشفت عمر بن الخطاب شيئا فشيئا.

وانتهيت كافرا به وما أن كفرت بعمر، حتى تغيرت سلوكي وأمست أكثر استجابة لهمسة التعاليم الإسلامية وتحررت مشاعري من عمر، وكانت كبرى الانتصارات التي جاهدت من أجل تحقيقها، هي أن أخرج من كهوف عمر بن الخطاب إلى روضة الإمام علي (ع) وإلى عالم البيت الهاشمي.. وهكذا. لن يكون لهذا الأمة من شأن حتى تعيد النظر في رؤيتها التاريخية، وتتحرر من عقدة الصنمية وتسافر في رحاب الرسالة الإسلامية بعقل جديد.. وذهنية جديدة.


الصفحة 234

الصفحة 235

خاتمة


الصفحة 236

الصفحة 237
هناك سؤال لا بد من طرحه في هذا السياق الحساس.. هل ثمة أزمة تاريخية أو أزمة مؤرخين، في ثقافتنا الإسلامية؟.

لا شك في أن المتجول عبر الفجاج المختلفة في هذا التاريخ.. سيدرك لا محالة، إن الأزمة، هي أزمة الاثنين معا! وذلك لسبب بسيط: هو أن المؤرخ الذي لا يزال حتى اليوم، ابن بيئته التاريخية وابن الخطاب التاريخي السائد. إما أنه يوجد ضمن واقع تاريخي متخلف، ويتحرك في خط التعميق والتكريس لذلك الواقع. أم أنه يوجد ضمن أجواء بيئة تاريخية هي في حد ذاتها امتداد لواقعنا التاريخي القديم، وفي كلتا الحالتين، يكون المؤرخ ضحية لواقعه أو خطابه التاريخي السائد.

وإذا ما أردنا توسيع دائرة النقاش حول هذا الموضوع، ليشمل بذلك كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لقلنا بأن المؤرخ اليوم يلعب دورا خطيرا، ويمارس مهمة صعبة، من حيث أن المؤرخ يملك إمكانية لتغيير الأفكار والرؤى في مجتمعه، تلك الأفكار والرؤى التي لا تزال تجد امتداداتها في كل واحة من واحات وجودنا الحضاري.

غير أن المشكلة ما تزال قائمة، فعزوف المؤرخ عن استيعاب مادته أو التآمر على طرح الحقيقة، والعمل على طمسها بأسلوب التحريف والتزوير، هو أقرب الطرق إليه لا بد إذن من أن ننعى جميعا هذا الواقع المتخشب في موقفه، ولندع إلى

الصفحة 238
نهضة حقيقية تبدأ من الأسس، إلى ثورة تراثية، ثمينة بإعادة تشكيل منظوماتنا الثقافية.

كمقدمة لإحداث نهضة سليمة في حاضرنا، ذلك أن علاقة شعوبنا الإسلامية بتراثها علاقة متينة، وحياتها كلها تتلون بذاك اللون التراثي، مهما ظهر من تنكر ومهما بدا من شرود، فخطوط العودة إلى التراث لما تنقطع بعد، ومن هنا تكمن ضرورة إعادة النظر في تراثنا الذي يشكل ذاكرتنا الجماعية.

لقد كان وما يزال أغلب المؤرخين والناقدين للتراث، يسبحون في بحر التكرار، ويبنون إبداعاتهم النقدية على عناصر وهمية، ومعطيات جاءت بها رغبة الخلفاء وطمع المؤرخين، وإذا ما انتبهنا إلى الماضي والتفتنا إلى مجريات أحداثه، سوف يتبين لنا الأمر على درجة كاملة من الوضوح، فالسياق التاريخي الذي ظهر فيه التدوين والتأريخ، هو نهاية العصر الأموي والعصر العباسي، وهو سياق، شهد نموا خطيرا ومنظما لتيارات مختلفة الاتجاه وشهد - أيضا - صراعا سياسيا حادا تفتق عن صراعات ايديولوجية.. ولما كانت السلطة طرفا في هذا الصراع.. كان من الطبيعي أن تستثمر إمكانياتها وموقعها كسلطة صاحبة القرار في سبيل تدمير الأطراف الأخرى، وتشكيل ايديولوجية الدولة. وكان الدين دائما هو الضحية الأساس، لأن تشكيل الايديولوجية هذه لا يستقيم إلا بإجراء سلسلة من التحريفات ليكتمل التناغم والانسجام بين الاثنين.

وعلى هذا الضوء.. يمكننا القول.. أن الأمة الإسلامية خضعت - على مستوى السلطة - إلى توجيه ديانات إسلامية، أو صور مختلفة ومتناقضة للإسلام .. وقد أدرك الإمام علي (ع) هذه الوضعية الخطيرة عندما قال:

" ولبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا ".

كان هذا الزوج (السلطة / الدين) ترجمة ظاهرة لواقع مبطن للزوج (سلطة / لا دين) إذ القضاء على الدين يومها لا يمكن أن يتم بهوى سلطان، وإنما كان يقتضي إجراءات تكتيكية.. تبدأ بسلب محتواه ثم الانتهاء بإزاحته ليعود الأمر إلى حالة السلطة المنفردة التي تقوم على الهوى.

ولا أحد يجهل ما كان عليه واقع جل مؤرخينا. فإما منحازين ومنتمين، وإما

الصفحة 239
متزلفين.

أي إما أنهم يؤمنون بمدرسة من تلكم المدارس الكثيرة ومتبنين لاتجاه معين .. أو مرتزقة يكتسبون معاشهم عبر التزلف والمدح.. والتحريف والتزوير وكانت التقية هي السبيل الوحيد للكثير من المؤرخين المنصفين.. لذلك أدرجوا الكثير من الأحداث في أسفارهم تناقض بعضها بعضا، وهي مع ذلك قابلة للتأويل.

إن التأويل هو المنهج الوحيد للعثور على الحقيقة في هذه المنعرجات المختلفة، تأويل الأحداث والأشخاص، وتأويل المؤرخ نفسه، والنظر إليه ضمن سياقه الاجتماعي الخاص.

وتاريخنا إلى اليوم لا يزال بكرا، ولا تزال رياضه عذراء من أي محاولة جادة للتأويل لأن مؤرخينا الأعزاء. وأحفادهم اليوم.. لم يفعلوا سوى إعادة إنتاج ذلك الماضي وهم بذلك يعيدون إنتاج أزمته.

ويؤسفني جدا، أن تكون الحياة لا تزال تدب في بعض الأوصال الميتة، التي أخرقتها الأحداث.

وطوى التاريخ عنها كشحا، لتعيدنا إلى الظلام بواسطة الجهل المركب إنها حرب حقيقية بين ظلمة التراث ونوره بين رجعيته وتقدميته ولست متحاملا إذا ما أشرت إلى ما تقوم به اليوم، عصابة - نجد - من محاولات جادة لتشويه سمعة الإسلام.. بتبنيها نشاطات ترمي من خلالها إلى تشويه مدرسة أهل البيت (ع) في سبيل الانتصار لبداوتها التي لم يعد قادرا على استيعابها سوى مذهب الوهابية القاحل من روحية الإسلام ونضجه.. وقد صادفت - وأنا أختم هذا الكتاب - كتابا لمؤلف سعودي.. واقع في ثلاثة أجزاء.. وهو في الأصل رسالة لنيل دبلوم دكتوراه من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة.. وهو تحت عنوان - أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية عرض ونقد - وقع اختيار المؤلف على هذا المبحث كما يريد أن يقول.. وبعد الاستشارة والاستخارة عقدت العزم على أن أدرس العقائد الأساسية للمذهب الاثني عشري - (ص 8 ج 1).

لقد صدمني - قبل كل شئ - ذلك المستوى الذي تطمح أن تظهر عليه جامعة محمد بن سعود وهي تستقبل وتشرف على رسالة هي أقرب إلى وعظيات أهالي

الصفحة 240
نجد، وخشونتهم.

وإنني لأول مرة، أرى أطروحة تسب، وتشتم، وتلعن، ولكن لا عليك، إذا كانت اللجنة المشرفة هي من تلك الطينة. إن الشهادة في عرف العقيدة النجدية تعطي لمن يسب أكثر ويفرق أكثر، يقول كاتبها كما قال غيره من قبل - إذ رسالته كلها اجترار وتجميع، لما سبق تناوله جهلا وتخريفا - وقد تشيع بسبب الجهود التي يبذلها شيوخ الاثني عشرية الكثير من شباب المسلمين (ص 9 ج 1).

ولست أدري إلى أي معنى يريد صاحب الرسالة الوصول؟ أيعني بهذا، التنبيه إلى خطورة الموقف؟.

إن هؤلاء الذين تشيعوا لم يفعلوا سوى أن دخلوا في فعالية جديدة داخل تكوينهم الإسلامي، والتشيع أعرق بكثير من خطاب الوهابية المستحدث والذين تشيعوا أيضا، لم يكونوا مغفلين.. ومجتمعاتهم تزخر بتلك الفعاليات الأخرى .. إنهم أحرار وواعون ومنطقيون مع أنفسهم.. ولعلهم أذكى وأورع من غيرهم.

هؤلاء شكلوا برهانا ساطعا على بؤس مذاهبهم السابقة.. ولم يجدوا ملاذهم إلا في رحاب البيت النبوي وليس ذلك مرده إلى اشتغال ودؤوب علمائهم على الاستقطاب، فعصابة نجد كانت أسبق إلى هذا المسعى، وهي التي أهرقت آبارها النفطية على درب الصراع المذهبي.. وهي التي أقامت في كل قرية من العالم خيمة وعقالا.

يجب من الآن أن نعامل شعوبنا باحترام.. وأن لا نعاملها بأسلوب النخبة الدينية وذهنية الأقنوم المقدس. إن شعوبنا أصبحت - بفضل الله - على درجة من الوعي قادر أن يجعلها في مستوى استيعاب الفكرة ولا داعي لأن نكثر من شرح المعتقد.

إن ما تقوم به اللوثة الوهابية - مع تقديري واحترامي للطموح - لن يعدو سوى محاولة يائسة لترقيع ذلك الجلباب الخرق كشأن العطار الذي رام إصلاح ما أفسده الدهر.


الصفحة 241
لتعلم أن شعوبنا قد تجاوزتها نضجا وثقافة لذلك يفضل إعطاءها الخيار الكامل في اختيار سبلها بكل حرية وثقة في النفس.

ومن أجل ذلك لا بد أن نقدم فهرسة كاملة لما هو مفيد في الاطلاع على كتب مدرسة أهل البيت (ع).

وأن تكون أقرب إلى ببليوغرافيا شاملة في العقائد والتاريخ وفق ذلك الاتجاه، لنعرف أبناء الأمة بمصادر الاطلاع الحر، ولها الخيرة في موقفها.

ووعيا مني أيضا بأن تعريف أعداء هذه المدرسة بأمهات الكتب العقائدية والتاريخية المهمة قد يمنحهم معلومات ببليوغرافية هامة، تساعدهم على ضبط الكتاب ومنعه، ولكن هذا لا يخيف أبدا من منع الكتاب، لأن علاقة الإنسان بالكتاب، هي علاقة حيوية لا يقوى على منعها إلا متهافت!.


الصفحة 242

مصادر الكتاب

1) الإحتجاج - أبو منصور أحمد الطبرسي - ط (1386) ه‍ النجف الأشرف

2) أسد الغابة في معرفة الصحابة - ابن الأثير الجزري - ط 1459 ه‍ دار الفكر / بيروت

3) الأربعين - الفخر الرازي

4) الأوائل - أبو هلال العسكري

5) أبو هريرة شيخ المضيرة - محمود أبو رية

6) الأغاني - أبو الفرج الأصفهاني

7) الإمامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري

8) أنساب الأشراف - البلاذري

9) ابن خلدون - ايف لاكسون، ترجمة: ميشال سليمان

10) الأوسط - الطبراني

11) إسلاميات - طه حسين - الطبعة الأولى 1967 م

12) إحياء علوم الدين - أبو حامد الغزالي

13) النظم والفلسفة والدين في الإسلام - هاملتون جيب

14) الإستيعاب - ابن عبد البر المالكي

15) الإصابة - ابن حجر الهيتمي

16) الإنتقال الصعب - إدريس الحسيني (المؤلف) الطبعة الأولى 1994 م، دار النخيل - بيروت

17) بداية المجتهد 18) البداية والنهاية للحافظ ابن كثير - دار الكتاب العلمية - بيروت

19) بصائر الدرجات


الصفحة 243
20) تفسير الخازن

21) تفسير الطبري - محمد بن جرير الطبري - دار الفكر - بيروت

22) تفسير ابن كثير - دار العلم - بيروت

23) تفسير الجلالين - عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

24) التفسير الكبير - فخر الدين الرازي - دار الكتب العلمية - طهران

25) تاريخ ابن كثير

26) تاريخ ابن خلدون

27) تاريخ الطبري - محمد بن جرير الطبري - دار المعارف - مصر

28) تاريخ السيوطي - عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي - ط 1371 - مطبعة السعادة مصر

29) تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي

30) التاريخ - ابن واضح اليعقوبي

31) تاريخ اليعقوبي - ابن واضح اليعقوبي - دار صادر - بيروت

32) تاريخ الخلفاء - ابن قتيبة - مؤسسة الوفاء - بيروت لبنان

33) التاريخ الإسلامي - محمود شاكر

34) تهذيب التهذيب - الحافظ ابن حجر أحمد بن علي

35) التوسل الوسيلة - ابن تيمية - الطبعة الثانية

36) تجارب الأمم - أبو علي مسكويه الرازي - دار سروش للطباعة والنشر - 1987 م طهران

37) تذكرة الخواص - سبط ابن الجوزي

38) جامع الزوائد - القرطبي

39) الخصائص - النسائي - تحقيق وتعليق الشيخ محمد باقر المحمودي ط 1403 ه‍

40) الدر المنثور - عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

41) دلائل النبوة - أبو بكر البيهقي

42) ديوان أبي تمام

43) ديوان المتنبي

44) ربيع الأبرار - الزمخشري

45) الرياض النظرة - المحب الطبري

46) رسائل الجاحظ - السندوبي

47) السيرة النبوية - ابن هشام - الطبعة الثانية 1409 ه‍ دار الكتاب العربي

48) السيرة الحلبية - علي بن برهان

49) سنن ابن ماجة - الحافظ محمد بن يزيد القزويني ابن ماجة - دار الكتاب


الصفحة 244
العلمية - بيروت

50) سنن النسائي

51) سنن البيهقي - أبو بكر البيهقي

52) سنن أبي داود - الحافظ أبي داود الأزدي السجستاني - الطبعة 1: 1371 ه‍ مصر

53) شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ط 1382 ه‍ - دار الكتب العربية

54) شرح نهج البلاغة - الحميدي

55) صحيح البخاري - محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي

56) صحيح مسلم - مسلم بن الحجاج النيسابوري - دار المعرفة - بيروت

57) صحيح الترمذي

58) الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة بن حجر الهيثمي الطبعة الثانية 1385 ه‍ مكتبة القاهرة

59) الطبقات الكبرى - ابن سعد

60) العقد الفريد - ابن عبد ربه

61) عمدة التحقيق - العبيدي المالكي

62) الغدير في الكتاب والسنة والأدب - محسن الأميني

63) فتح الباري في شرح صحيح البخاري

64) فرائد السبطين

65) فصل الأصول الإسلامية في نظرية بن خلدون السياسية هاملتون جيب

66) كنز العمال - علاء الدين الهندي - الطبعة الخامسة - مؤسسة الرسالة

67) الكامل في التاريخ - ابن الأثير - الطبعة 1385 ه‍ - دار بيروت للطباعة

68) الكافي - الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

69) مسند أحمد بن حنبل - أحمد بن حنبل - دار صادر - بيروت

70) مستدرك الحاكم - الحاكم النيسابوري

71) المناقب - ابن الغزالي - الطبعة الأولى - منشورات المكتبة الإسلامية - طهران

72) ينابيع المودة - القندوزي الحنفي - الطبعة الأولى - اسطنبول

73) المناقب - الخوارزمي

74) الملل والنحل - محمد بن عبد الكريم الشهرستاني - طبعة مصرية

75) مروج الذهب ومعادن الجوهر - المسعودي

76) الموافقات - أبو إسحاق الشاطبي

77) موطأ مالك

78) نهج البلاغة المختار من كلام الإمام علي (ع) جمع: الشريف الرضي

79) نزهة المجالس