الصفحة 134

هذه الزيادة كان خرجها (1) وسأل (2) الشيخ المفيد أبا عبد الله
محمد بن النعمان - تغمده الله برحمته - السيد الشريف الرضي ذو الحسبين
أبو الحسن محمد (3) بن الشريف الأجل الطاهر الأوحد أبي أحمد
الموسوي - قدس الله روحه - ليضاف (4) إلى (أوائل المقالات)


بسم الله الرحمن الرحيم

153 - القول في العصمة ما هي؟

أقول: إن العصمة في أصل اللغة هي ما اعتصم به الانسان من الشئ كأنه امتنع به عن الوقوع فيما يكره، وليس هو (5) جنسا من أجناس الفعل، ومنه قولهم: (اعتصم فلان بالجبل) إذا امتنع به، ومنه سميت (العصم) وهي وعول (6) الجبال لامتناعها بها.

والعصمة من الله تعالى هي التوفيق الذي يسلم به الانسان مما يكره إذا

____________

1 - كلمة خرجها غير موجودة في ألف.

2 - في نسخة د هكذا (سأل الشيخ المفيد قدس الله روحه عنها السيد الشريف محمد بن الحسين الرضي الموسوي قدس سره ليضاف إلى أوائل المقالات).

3 - كلمة محمد غير موجودة في هـ.

4 - جملة (ليضاف إلى أوائل المقالات) غير موجودة في نسخة ج.

5 - ليست هي.

6 - وقوع الجبل هـ.


الصفحة 135
أتى بالطاعة، وذلك مثل إعطائنا رجلا غريقا حبلا ليتشبث به فيسلم، فهو إذا أمسكه واعتصم به سمي ذلك الشئ عصمة له لما تشبث وسلم به من الغرق ولو لم يعتصم به لم يسم (عصمة)، وكذلك سبيل اللطف إن الانسان إذا أطاع سمي (توفيقا) و (عصمة)، وإن لم يطع لم يسم (توفيقا) ولا (عصمة)، وقد بين الله ذكر هذا المعنى في كتابه بقوله: (فاعتصموا بحبل الله جميعا)، وحبل الله هو دينه، ألا ترى أنهم بامتثال أمره يسلمون من الوقوع في عقابه، فصار تمسكهم بأمره اعتصاما، وصار لطف الله لهم في الطاعة عصمة، فجميع المؤمنين من الملائكة والنبيين والأئمة معصومون لأنهم متمسكون بطاعة الله تعالى.

وهذه جملة من القول في العصمة ما أظن أحدا يخالف في حقيقتها، وإنما الخلاف في حكمها (1) كيف تجب وعلى أي وجه تقع، وقد مضى ذكر ذلك في باب عصمة الأنبياء وعصمة نبينا - عليه وعليهم الصلاة والسلام - وهي في صدر الكتاب، وهذا الباب ينبغي أن يضاف إلى الكلام في الجليل، إن شاء الله تعالى.

154 - القول في أن النبي - صلى الله عليه وآله - بعد أن خصه الله
بنبوته كان كاملا يحسن الكتابة

إن الله تعالى لما جعل نبيه (ص) جامعا لخصال الكمال كلها وخلال المناقب بأسرها لم تنقصه منزلة بتمامها يصح له الكمال ويجتمع فيه الفضل، و الكتابة فضيلة من منحها فضل ومن حرمها نقص، ومن الدليل على ذلك أن الله تعالى جعل النبي (ص) حاكما بين الخلق في جميع ما اختلفوا فيه فلا بد أن

____________

1 - حكمتها ألف.


الصفحة 136
يعلمه الحكم في ذلك، وقد ثبت أن أمور الخلق قد يتعلق أكثرها بالكتابة فتثبت بها الحقوق وتبرئ بها الذمم وتقوم بها البينات وتحفظ بها الديون وتحاط بها الأنساب، وأنها فضل تشرف المتحلي به على العاطل منه، وإذا صح أن الله - جل اسمه - قد جعل نبيه بحيث وصفناه من الحكم والفضل ثبت أنه كان عالما بالكتابة محسنا لها.

وشئ آخر وهو أن النبي لو كان لا يحسن الكتابة ولا يعرفها لكان محتاجا في فهم ما تضمنته الكتب من العقود وغير ذلك إلى بعض رعيته، ولو جاز (1) أن يحوجه الله في بعض ما كلفه الحكم فيه إلى بعض رعيته لجاز أن يحوجه في جميع ما كلفه الحكم فيه إلى سواه وذلك مناف لصفاته ومضاد لحكمة باعثه، فثبت أنه (ص) كان يحسن الكتابة.

وشئ آخر وهو قول الله سبحانه: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن (2) كانوا من قبل لفي ضلال مبين)، ومحال أن يعلمهم الكتاب وهو لا يحسنه كما (3) يستحيل أن يعلمهم الحكمة وهو لا يعرفها، ولا معنى لقول من قال: (إن الكتاب هو القرآن خاصة) إذ اللفظ عام والعموم لا ينصرف عنه إلا بدليل، لا سيما على قول المعتزلة وأكثر أصحاب الحديث.

ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: (وما كنت تتلوا من قبله من كتاب و

____________

1 - جملة (ولو جاء أن يحوجه الله في بعض ما كلفه الحكم فيه إلى بعض رعيته) سقطت عن نسخة ب فصار قوله لجاز الخ جزاء بلا شرط.

2 - من كلمة (وإن كانوا) إلى قوله (وهو لا يعرفها) سقط من نسخة ب.

3 - جملة (كما يستحيل أن يعلمهم الحكمة وهو لا يعرفها) سقطت عن نسخة هـ.


الصفحة 137
لا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون)، فنفي عنه إحسان الكتابة وخطه قبل النبوة خاصة فأوجب بذلك إحسانه لها بعد النبوة، ولولا أن ذلك كذلك لما كان لتخصيصه النفي معنى يعقل (1)، ولو كان حاله (ص) في فقد العلم بالكتابة بعد النبوة كحاله قبلها لوجب إذا أراد نفي ذلك عنه أن ينفيه بلفظ يفيده لا يتضمن (2) خلافه فيقول له: (وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذ ذاك، ولا في الحال)، أو يقول: (لست تحسن الكتابة ولا تأتي (3) بها على كل حال)، كما إنه لما أعدمه قول الشعر ومنعه (4) منه نفاه عنه بلفظ يعم الأوقات فقال الله: (وما علمناه الشعر وما ينبغي له) وإذا كان الأمر على ما بيناه ثبت أنه - صلى الله عليه وآله - كان يحسن الكتابة بعد أن نبأه الله تعالى على ما وصفناه. وهذا مذهب جماعة من الإمامية ويخالف فيه باقيهم وسائر أهل المذاهب والفرق يدفعونه وينكرونه.

155 - ومما يضاف إلى الكلام في اللطيف
القول في إحساس الحواس

وأقول: إن الحس كله بمماسة (5) ما يحس به المحسوس واتصاله به أو بما

____________

1 - بفعل ألف.

2 - لا ينقض د.

3 - يتأتى منك د.

4 - جملة (منعه منه نفاه عنه بلفظ يعم الأوقات فقال الله وما علمناه الشعر وما ينبغي له) سقطت عن نسخة هـ.

5 - كله مماسة ألف و هـ.


الصفحة 138
يتصل به أو بما ينفصل عنه أو بما يتصل بما ينفصل عنه، وذلك كالبصر فإن شعاعه لا بد من أن يتصل بالمبصر أو بما ينفصل عنه أو بما يتصل بما ينفصل عنه، ولو كان يحس به بغير اتصال لما ضر الساتر والحاجز ولا ضرت الظلمة ولكان وجود ذلك وعدمه في وقوع العلم سواء.

فإن قال قائل: أفيتصل شعاع البصر بالمشتري وزحل على بعدهما؟

قيل له: لا ولكنه يتصل بالشعاع المنفصل منهما فيصير كالشئ الواحد لتجانسهما وتشاكلهما. وأما الصوت فإنه إذا حدث في أول (1) الهواء الذي يلي الأجسام المصطكة وكذا فيما يليه من الهواء مثله ثم كذلك إلى أن يتولد في الهواء الذي يلي الصماخ فيدركه السامع.

ومما يدل على ذلك أن القصار يضرب بالثوب على الحجر فيرى مماسة الثوب الحجر ويصل الصوت بعد ذلك فهذا دال على ما قلناه من أنه يتولد في الهواء هواء بعد هواء إلى أن يتولد في الهواء الذي يلي الصماخ، وأما الرائحة فإنه تنفصل من جسم ذي الرائحة أجزاء لطاف وتتفرق في الهواء، فما (2) صار منها في الخيشوم الذي يقرب من موضع ذي الرائحة أدركه، وأما الذوق فإنه إدراك ما ينحل من الجسم فيمازج رطوبة اللسان واللهوات، ولذلك لا يوجد طعم ما لا ينحل منه شئ كاليواقيت والزجاج ونحوها، والطعم والرائحة لا خلاف في أنهما لا يكونان إلا بمماسة (3)، واللمس في الحقيقة هو الطلب (4)

____________

1 - أوائل ب.

2 - مما ألف.

3 - بحاسة د.

4 - طلب للشئ يشعر به د.


الصفحة 139
للشئ ليشعر به ويحس وحقيقته الشعر. وهذه جملة على اعتقادها أبو القاسم البلخي وجمهور أهل العدل وأبو هاشم الجبائي يخالف في مواضع منها.

156 - القول في الاجتهاد والقياس

أقول: إن الاجتهاد والقياس في الحوادث لا يسوغان للمجتهد ولا للقائس، وإن كل حادثة ترد فعليها نص من الصادقين - عليهم السلام - يحكم به فيها ولا يتعدى إلى غيرها، بذلك جاءت الأخبار الصحيحة والآثار الواضحة عنهم - صلوات الله عليهم - وهذا مذهب الإمامية خاصة، ويخالف فيه جمهور المتكلمين وفقهاء الأمصار.


وهذا آخر (1) ما تكلم به السيد الشريف الرضي - رضي الله عنه و
أرضاه - وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله كثيرا طيبا.


____________

1 - وقد بقي فصل آخر استخرجه شيخ الاسلام الزنجاني قده عن كتاب سيد بن طاوس مما نقله عن أوائل المقالات.


الصفحة 140

الصفحة 141

الحواشى والتعليقات


للعلامة الحجة الشيخ فضل الله
الشهير بشيخ الاسلام الزنجاني
و
الحاج عباسقلى ص. وجدي
(واعظ چرندابي)


الصفحة 142

الصفحة 143

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة: سيدنا الشريف النقيب - 33 / 5.

لم يصرح باسم الشريف الذي صنف الكتاب له، والمترجح أنه هو السيد الشريف الرضي محمد بن الحسين - قدس سره - كما ذكرنا قرائن ذلك في التمهيد الذي صدرنا به الكتاب. ز.

المقدمة: من ذهب إلى العدل من المعتزلة - 33 / 8.

القول بالعدل وتنزيه الباري عن فعل الظلم والقبح يشترك فيه الشيعة والمعتزلة ولذلك يطلق العدلية على كلا هذين الفريقين إلا أن بينهم بعض مخالفات في فروع مسائله تصدى المصنف ببيانها في مواضعه من هذا الكتاب. ز.

المقدمة: اللطيف من الكلام - 33 / 10.

اللطيف من الكلام أبحاث مختلفة حول مسائل لا تدخل تحت المسائل الأصلية من علم الكلام وإن كانت لها ارتباط ومناسبة بها، وكثير منها مما بحث عنه الفلاسفة في كتبهم ومؤلفاتهم وراج البحث عنها في الألسنة بعد ترجمة كتب الفلسفة إلى

الصفحة 144
العربية، وتعرض لها المتكلمون وعنونوها في ضمن أبحاثهم وأبدوا آراءهم ونظرياتهم فيها.

وقد أفرد أبو محمد ابن حزم الظاهري الأندلسي مجلدا من كتابه (الفصل في الملل والنحل) لذكر هذه المسائل فقال: (الكلام في المعاني التي يسميها أهل الكلام باللطائف) فذكر فيها أمثال هذه المسائل التي ذكرها المصنف من مباحث الجواهر والأعراض، والحركة والسكون، والتولد والطباع والمعارف وغيرها. وقد استعمل أبو الحسين الخياط المعتزلي هذه اللفظة في موارد كثيرة من كتابه الموسوم ب (الانتصار) الذي رد به على ابن الراوندي في نقضه على الجاحظ في (فضيلة المعتزلة)، مرادفا للمسائل الغامضة والدقيقة من المسائل الكلامية مما يحتاج إلى إمعان النظر وإعمال الروية فيها، فقال في سياق كلام له عن أبي الهذيل العلاف والدفاع عما نسب إليه من الأقاويل:

(فإنما ذكر الكلام في فناء الأشياء وبقائها والقول في المعاني والكلام في المعلوم والمجهول والكلام في التولد والكلام في إحالة القدرة على الظلم والكلام في المجانسة والمداخلة والكلام في الانسان والمعارف، وهذه أبواب من غامض الكلام ولطيفه) انتهى. وقد تكرر منه هذا التعبير في الكتاب المذكور.

وكذا قد خصص أحمد بن يحيى بن المرتضى اليمني المتوفى سنة 840 هـ من أفاضل أئمة الزيدية القائمين في اليمن جزءا من كتابه (البحر الزخار) لذكر هذه المسائل وسماه ب (رياض الأفهام في اللطيف من الكلام). ز.

المقدمة: ما كان وفاقا منه لبني نوبخت - 33 / 11.

بنو نوبخت بيت معروف من الشيعة منسوبون إلى نوبخت الفارسي المنجم، نبغ منهم كثير من أهل العلم والمعرفة بالكلام والفقه والأخبار والآداب، واشتهر منهم بعلم الكلام جماعة أشهرهم أبو سهل إسماعيل بن علي النوبختي وأبو محمد الحسن بن

الصفحة 145
موسى النوبختي، وكان لهم إلمام بالفلسفة وسائر علوم الأوائل ونظر في الأصول واطلاع على الكتب الفلسفية المترجمة إلى العربية في عهد الدولة العباسية.

ومن هذه الجهة كان لبعضهم مخالفات يسيرة في خصوص بعض المسائل مع سائر متكلمي الإمامية وأهل الفقه والحديث منهم تعرض المصنف لجملة منها في أثناء فصول هذا الكتاب وأشار إلى من يوافقهم في تلك المسائل أو يخالفهم. ز.

القول 1: فاستغاثه الذي... - 34 / 6.

سورة القصص 15: وقد اعتمدنا بعدد الآيات في هذه الرسالة وما يليها من رسالة (تصحيح الاعتقاد) على المصحف المفسر المطبوع على الحجر بمصر حوالي سنة 1323 هـ والمفسر هو العلامة البحاثة الأستاذ محمد فريد وجدي صاحب (دائرة معارف القرن الرابع عشر أو العشرين ط 2 مصر). چ.

القول 1: وإن من شيعته لإبراهيم - 34 / 9.

سورة الصافات: 83.

القول 1: الجارودية - 37 / 2.

اختصاص الجارودية بصحة الاتسام بسمة التشيع من جهة أنهم يقدمون أمير المؤمنين - عليه السلام - ويقولون إنه أفضل الخلق بعد رسول الله (ص) وأن الإمامة كانت له - عليه السلام - ولم يكن يجوز لأحد أن يقوم مقامه، ومن دفعه عن ذلك المقام فهو مخطئ هالك. ويرون أن النص عليه بالإمامة كان بالوصف دون التسمية بمعنى أن النبي وإن لم يصرح باسمه. إلا أنه نص عليه بأوصاف واضحة لم يكن يوجد إلا في شخصه ويجعلون ذلك بمنزلة النص عليه باسمه، وأن الأمة قصروا حيث لم يتعرضوا للوصف ولم يطلبوا الموصوف.


الصفحة 146
والجارودية منسوبة إلى أبي الجارود زياد بن منذر العبدي كان من أصحاب أبي جعفر الباقر - عليه السلام - وتغير لما خرج زيد بن علي - عليه السلام -. ز.

القول 1: اسم الاعتزال - 37 / 7.

قال قاضي القضاة أحمد بن خلكان المتوفى سنة 681 هـ في كتابه المعروف (وفيات الأعيان) (1) ذيل ترجمة واصل بن عطاء * ما نصه: وذكر السمعاني المتوفى سنة 562 في كتاب الأنساب * * في ترجمة المعتزلي أن واصل بن عطاء كان يجلس إلى الحسن البصري - رضي الله عنه - فلما ظهر الاختلاف وقالت الخوارج بتكفير مرتكب الكبائر، وقالت الجماعة بأنهم مؤمنون وإن فسقوا بالكبائر فخرج واصل بن عطاء عن الفريقين وقال إن الفاسق من هذه الأمة لا مؤمن ولا كافر منزلة بين منزلتين، فطرده الحسن عن مجلسه فاعتزل عنه وجلس إليه عمرو بن عبيد فقيل لهما ولأتباعهما معتزليون.

قال علامة اليمن نشوان بن سعيد في (شرج رسالة الحور العين) (2): وسميت المعتزلة معتزلة لقولهم بالمنزلة بين المنزلتين، وذلك أن المسلمين اختلفوا في أهل الكبائر من أهل الصلاة، فقالت الخوارج هم كفار مشركون. وقال بعض المرجئة: إنهم مؤمنون لإقرارهم بالله ورسوله وبكتابه وبما جاء به رسوله وإن لم يعملوا به، وقالت المعتزلة:

لا نسميهم بالكفر ولا بالإيمان ولا يقولون إنهم مشركون ولا مؤمنون ولكن يقولون إنهم فساق فاعتزلوا القولين جميعا وقالوا بالمنزلة بين المنزلتين فسموا بالمعتزلة. ومن الناس من يقول إنا سموا معتزلة لاعتزالهم مجلس الحسن بن أبي الحسن البصري، وكان الذي اعتزله عمرو بن عبيد ومن تبعه، ذكر ذلك ابن قتيبة في المعارف (3). چ.

____________

1 - ج 2 ص 302 طبع إيران.

2 - ص 204 - 205.

3 - انظر أمالي السيد المرتضى ج 1 ص 114 طبع مصر.


الصفحة 147
* قال محمد بن إسحاق النديم في كتابه القيم (الفهرست): كان واصل بن عطاء الغزال طويل العنق جدا حتى عابه بذلك عمرو بن عبيد، وذلك أنه لما حضر واصل يوم أراد مناظرة عمرو فرآه عمرو من قبل أن يكلمه قال: أرى عنقا لا يفلح صاحبها.

فسمعه واصل فلما سلم وجلس قال لعمرو: أما علمت أن من عاب الصنعة فقد عاب الصانع لتعلق ما بينهما؟ فاسترجع عمرو وقال لا أعود إلى مثلها يا أبا حذيفة، ثم ناظره واصل فقطعه، وله من التصانيف... وكتاب المنزلة بين المنزلتين... وكانت ولادته في سنة 80 للهجرة بمدينة رسول الله وتوفي سنة 131 (1). چ.

* * وفي (الأنساب) هكذا: المعتزلي، هذه النسبة إلى الاعتزال وهو الاجتناب والجماعة المعروفة بهذه العقيدة إنما سموا بهذا الاسم لأن أبا عثمان عمرو بن عبيد البصري أحدث ما أحدث من البدع واعتزل مجلس الحسن البصري وجماعة معه، فسقوا المعتزلة واعتقادهم مشهورة معروفة يطول ذكرها (2). چ.

القول 1: فتابعه عمرو بن عبيد - 37 / 9.

اختلف الباحثون في وجه تسمية هذه الفرقة بهذا الاسم وعلة إطلاق الاعتزال عليهم كما يجده المراجع إلى كتب المقالات ككتب البغدادي واليمني والشهرستاني وغيرهم. وقد ارتأى بعض متأخري الباحثين من الإفرنج ومن سواهم في ذلك آراء وافتراضات بعيدة عن الصواب لا نتعرض لذكرها. وهؤلاء كثيرا ما يعرض لهم الخطاء في أمثال ذلك الأبحاث، ويميلون إلى آراء وظنون لا نصيب لها من الصواب بمجرد الاعتماد والركون إلى أوهام ومناسبات افتراضية ويتخيلونها كأنها حقائق راهنة.

وما أورده المصنف - قدس سره - هو أشهر ما قيل في ذلك، يؤيده تصريحات

____________

1 - انظر تكملة الفهرست ص 1 من طبعة ممر 1348 ه، چ.

2 - وجه الورقة 536 طبع اروبا.


الصفحة 148
أكابر أهل الفن مضافا إلى قرب زمانه من زمن حدوث هذه التسمية ومعاصرته لبعض أكابر المعتزلة كأبي القاسم البلخي والقاضي عبد الجبار الرازي وأبي سعيد الاستخري وأبي الحسين البصري وغيرهم مما يظهر شهرة ما أورده من وجه التسمية في ذلك الزمان وعدم تعرض منهم لخلافه. ز.

القول 1: وإن دان بالمخلوق والماهية - 38 / 8.

كان ضرار بن عمرو الضبي الغطفاني ممن صحب شيخي المعتزلة واصل بن عطا وعمرو بن عبيد ثم تبع جهم بن صفوان في القول بخلق أفاعيل العباد برأت منه المعتزلة.

والقول بالمخلوق هو مقالة المجبرة إن كل ما يكون في العبد من كفر وإيمان وطاعة ومعصية فالله تعالى فاعله ولا فعل للعبد في شئ منها، والقول بالمهية هو ما كان يزعمه أن لله تعالى ماهية لا يعلمها إلا هو خلافا لجمهور المعتزلة وسائر الفرق وقد حكى الشهرستاني هذه المقالة عن أبي حنيفة وجماعة من أصحابه أيضا (1). ز.

القول 1: ما ذهب إليه في معاني الصفات - 38 / 9.

لم أقف على وجه مخالفته لسائر الشيعة في باب أسماء الله الحسنى إلا ما نسب إليه من إطلاق لفظة أنه جسم لا كالأجسام والذي حكى رجوعه عنه، وقد سأل عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق - عليه السلام - عن اشتقاق أسماء الله تعالى فأجابه بما هو موجود في كتب محدثي الإمامية كالكليني (2) والصدوق - قدس سرهما -

____________

1 - الملل والنحل ج 1 ص 114.

2 - انظر باب معاني الأسماء واشتقاقها من كتاب (أصول الكافي) للمحدث الكليني - قدس الله سره - ص 63 و 81 من شرح الكافي (مرآة العقول) ج 1 طبع إيران للعلامة المجلسي - رحمة الله عليه - چ.


الصفحة 149
وليس في الرواية المذكورة مخالفة لما عليه سائر الشيعة بل يستفاد من تلك الرواية جلالة قدره وعظم محله عند الإمام - عليه السلام -.

أما ما ذهب إليه في معاني الصفات فيحتمل أن يكون إشارة إلى ما نسب إليه في ألسنة أهل المقالات من أنه كان يقول: إن القدرة والسمع والبصر والحياة والإرادة في الله تعالى صفات لا يقال إنها قديمة أو محدثة وإنها ليست هي هو، ولا غيره كما نسبه إليه البغدادي والشهرستاني وغيرهما. وفي أمر هذه النسب إليه وإلى سائر متكلمي الشيعة تأمل حيث لم ينقل ذلك عنهم إلا بواسطة خصومهم من المعتزلة كالنظام والجاحظ وغيرهما ممن لا يمكن الاعتماد عليهم بمجردها لاتهامهم بالتحامل والتشنيع عليه إذ كان لسنا نظارا ومجادلا حاضر البديهة يناظر هؤلاء ويفحمهم، فقد ذكر المسعودي خبر مناظرته لأبي الهذيل وقطعه إياه.

ويذكره الشهرستاني في كتابه ويقول: وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، وكثيرا ما كانوا يرددون أمثال هذه العبارات في مقام الجدل والمناظرة ويجري على ألسنتهم لإلزام الخصوم أو استخراج ما عندهم من الجواب فينسبها خصومهم إليهم تشنيعا فليس يبقى اعتماد على ما حكي عنهم من هذا القبيل، والمصنف حكى ما نفل عنهم في ألسنة أهل المقالات وسيشير في موضع آخر إلى ترديده في صحة أمثال هذه النسب إليه وأنها من تخرصات المعتزلة عليه. ز.

القول 3: والعامة المنتسبون إلى الحديث - 39 / 14.

تكرر ذكر اسم هذه الفرقة في الكتاب وهؤلاء هم الذين كانوا يأخذون بظواهر الأحاديث والروايات بغير تأويل قيما يجب فيه التأويل أو طرح لما يلزم فيه الطرح.

والعلة في ذلك أن السنة النبوية لم تكن مجموعة ومدونة في عصر الرسالة حتى لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان والتحريف والتصحيف، وكانت متفرقة بين

الصفحة 150
الصحابة ممن أدركوه وأخذوا منه وفيهم المكي والمدني والبدوي والحضري وغيرهم، فكانوا هم المرجع في ما سمعوه عن رسول الله (ص) أو شاهدوه من أفعاله وتقريره، وكثيرا ما كان يعرض لهؤلاء سهو أو نسيان أو تصحيف من جهة طول المدة بين استماعهم وروايتهم.

ثم انقضى عصر الصحابة وجاء بعدهم الطبقات المتلاحقة من التابعين وأتباعهم ومن تأخر عنهم، وقد زاد أمر الحديث المروي اختلالا من جهة ما حصل فيه من الوضع والتدليس والكذب وما ولده فيه الزنادقة وغيرهم ترويجا لأباطيلهم أو طعنا في أحكام الاسلام على تفصيل نبه عليه العلماء في مواضعه.

وقد راج ذلك على بعض غفلة المحدثين فأودعوا هذه الروايات في كتبهم فأتى من بعدهم من رأى تلك الأحاديث موجودا في الكتب ومرويا إليهم عمن يثقون به من أمثالهم فقبلوها على علاتها حتى ما كان منها يخالف الكتاب والسنة القطعية الثابتة أو ما يناقض بعضها بعضا أو يخالف العقل اغترارا بأنها أحاديث صحيحة مروية.

وقد كان تفاقم أمرهم من جهة اتباع السواد الأعظم من عامة الناس لهم في أواسط الدولة العباسية وجرى من أجل ذلك ما لا يسع المقام لذكره، وهؤلاء هم العامة المنتسبون إلى الحديث الذين كانوا يلقبون بالحشوية أيضا لقبولهم للأحاديث المحشوة بالأباطيل وتدينهم بالاعتقاد بمضامينها من أنواع الأباطيل والمنكرات (1) على تفصيل لا يسعه المقام ونبه عليه أهل الفن في مؤلفاتهم. ز.

القول 3: المتسمون - 40 / 6.

انظر (القاموس) ذيل مادة (وسم). چ.

____________

1 - قال في (الحور العين): وسميت الحشوية لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن رسول الله (ص) أي يدخلونها فيها وليست منها. ص 204. چ.


الصفحة 151

القول 5: على أنهم لفسقهم في النار مخلدون - 43 / 3.

قال الشيخ المفيد - رحمه الله - في تأليفه (الجمل) أو (النصرة في حرب البصرة):

واجتمعت الشيعة على الحكم بكفر محاربي علي ولكنهم لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملة الاسلام إذ كان كفرهم من طريق التأويل كفر ملة ولم يكفروا كفر ردة عن الشرع مع إقامتهم على الجملة منه وإظهار الشهادتين والاعتصام بذلك عن كفر الردة المخرج عن الاسلام وإن كانوا بكفرهم خارجين من الإيمان مستحقين اللعنة والخلود في النار حسبما قدمناه، وكل من قطع على ضلال محاربي علي من المعتزلة فهو يحكم عليهم بالفسق واستحقاق الخلود في النار ولا يطلق عليهم الكفر ولا يحكم عليهم بالإكفار والخوارج تكفر أهل البصرة وأهل الشام ويخرجونهم بكفرهم الذي اعتقدوا فيهم عن الإيمان (1). چ.

القول 7: إن التكليف لا يصح إلا بالرسل - 44 / 9.

هذا هو البحث المعنون في كتب المتأخرين بعنوان وجوب البعثة وقد نسبوا الخلاف في إلى الأشاعرة والمصنف خص وفاق الإمامية في هذه المسألة إلى البغداديين من المعتزلة لكن في التجريد وغيره نسبة الوفاق إلى المعتزلة بدون تخصيص. ز.

القول 8: في الفرق بين الرسل والأنبياء - 45 / 3.

انظر مجمع البحرين للشيخ الطريحي المتوفى 1087 هـ. مادة (نبأ) و (عزم). چ.

القول 9: وتقلبك في الساجدين - 45 / 16.

سورة الشعراء: 218، 219.

____________

1 - ص 14 طبع نجف.


الصفحة 152

القول 9: إن عمه أبا طالب - رحمه الله - مات مؤمنا - 46 / 3.

الدلائل من الآثار المروية والمأثورة على إيمانه - رحمه الله - وإنه إنما كان لا يظهر إيمانه على ملاء من الناس استعدادا لحفظ رسول الله (ص) ونصرته وتأييده وأن لا يجد قريش فيه مساغا للقول والطعن، كثيرة، والأبيات المنسوبة إليه في ذلك مذكورة في كتب السير والأخبار لا ينكرها إلا معاند، وللمصنف في هذا الباب رسالة مختصرة (1) أورد فيها كثيرا منها مما يدل دلالة واضحة على إيمانه، وقال في أولها إنه قد أشبع الكلام في ذلك في كثير من كتبه وأماليه المشهورات. ز.

القول 10: في معنى الرجعة اختلاف - 46 / 7.

الاختلاف الذي أشار إليه هو أن جماعة من الشيعة كانوا يؤولون الأخبار الواردة في الرجعة على طريق الاستفاضة إلى رجوع الدولة ورجوع الأمر والنهي إلى الأئمة - عليهم السلام - وإلى شيعتهم وأخذهم بمجاري الأمور دون رجوع أعيان الأشخاص (2)، والباعث لهم على هذا التأويل هو عجزهم عن تصحيح القول بها نظرا واستدلالا وإثبات عدم استحالتها عقلا.

ومحققو الإمامية حيث صححوا هذا المعنى وبينوا عدم لزوم محال عقلا في القول بها لعموم قدرة الله على كل مقدور وعدم منافاتها للتكليف قبلوا الأخبار بدون

____________

1 - ولا تزال تلك الرسالة النفيسة مخطوطة، ويوجد بلطف الله تعالى نسخة منها في مكتبتنا الخاصة التي تضم بعض نفائس المخطوطات ونوادرها. چ.

2 - قال العلامة الإمام السيد محسن العاملي مد ظله في تأليفه القيم (أعيان الشيعة) ج 1 ص 132 ط 1 دمشق ما نصه: سئل الشريف المرتضى علم الهدى في المسائل التي وردت عليه من الري عن حقيقة الرجعة فأجاب: بأن الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية أن الله تعالى يعيد عند ظهور المهدي قوما ممن كان تقدم موته من شيعته وقوما من أعدائه، وأن قوما من الشيعة تأولوا الرجعة على أن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات. چ.


الصفحة 153
تأويل لمضامينها وأجابوا عن الشبه الواردة عليها.

والذي وقع في عبارة الكتاب من وجوب رجعة كثير من الأموات لعل لفظ وجوب من زيادة النساخ إذ المراد تصحيح القول بالرجعة نظرا إلى ورود تلك الأخبار المستفيضة لا إثبات وجوبها، وقد تعرض المصنف لذلك بأبسط من هذا المقام مع عدم ذكر الوجوب كما هيهنا في فصل آخر. ز.

القول 11: محمد بن شبيب - 46 / 15.

محمد بن شبيب متكلم بصري وافق المعتزلة في بعض الآراء والمرجئة في بعض آخر. قال البغدادي: إنه وقف في وعيد مرتكبي الكبائر وأجاز من الله مغفرة ذنوبهم من غير توبة، والشهرستاني عد محمد بن شبيب من أصحاب النظام وقال: إنه خالفه في الوعيد وفي المنزلة بين المنزلتين. ز.

القول 17: المفاضلة بين الأنبياء والملائكة - 49 / 13.

انظر (بحار الأنوار) ج 14 ص 359 طبع أمين الضرب للعلامة الحافظ مولانا محمد باقر المجلسي من أعاظم علماء الإمامية، توفي سنة 1111 هـ وهذا الكتاب خمسة وعشرون مجلدا ضخما يحوي مقالات شرعنا في كل علم وباب آية أو رواية أو حكمة أو تحقيق أو تاريخ حتى كاد أن يكون كدائرة معارف كبرى للعلوم الإسلامية.

وقال العلامة العيلم السيد هبة الدين الشهرستاني الشهير في تأليفه المنيف (الهيئة والاسلام): لم يعمل مثله أي مثل البحار في الاسلام حتى الآن (1). قال المحدث الجليل القمي - رحمة الله عليه - في ديباجة فهرسه لكتاب البحار الذي سماه (سفينة

____________

1 - ج 1 ص 16 طبع بغداد.


الصفحة 154
بحار الأنوار) (1): لم تأت الدهور بمثله - أي بمثل البحار - حسنا وبهاء. لم ير الناظرون ما يدانيه نورا وضياء... لم يعهد في الأزمان السالفة شبيهه صدقا ووفاء وهو كتاب جامع لدرر أخبار الأئمة الأطهار ومشتمل على أنواع العلوم والحكم والأسرار. چ.

القول 17: ووافقهم عل ذلك أصحاب الحديث - 50 / 1.

انظر ملحق الأمالي للسيد المرتضى (2). چ.

القول 18: لاهي هو ولا غيره - 52 / 2.

لم يكن في الصدر الأول وزمن الصحابة والتابعين خوض في هذه المسائل وتدقيق عن معانيها بل كانوا يثبتون لله - تعالى شأنه - ما أطلقه على نفسه من صفاته مع نفي المماثلة والمشابهة بدون تعرض للتأويل أو الفرق بين صفات الذات والفعل ولما نشأت المعتزلة وتكلموا في هذه المسائل وبحثوا عن معانيها أخذ السلف من أهل الأثر أيضا يتكلمون فيها.

وإذ كانت المعتزلة ينفون أن يكون لله تعالى صفات غير ذاته قابلهم جماعة من أهل الأثر والحديث بالمبالغة في الاثبات وانها صفات قديمة قائمة بالذات ولم يكونوا يتجاوزون عن أمثال هذه التعبيرات وكان بعض. هؤلاء مثل عبد الله بن سعيد والقلانسي والمحاسبي يحتجون عليها بمناهج كلامية غير مضبوطة حتى جاء الأشعري وانحاز إلى حزبهم وأيد مقالاتهم بالحجج الكلامية على طرق خصومهم من المعتزلة إذ كان هو في بدء أمره متلمذا على أبي علي الجبائي وعارفا بمناهج أبحاثهم ثم رجع عن مسلك المعتزلة وانتصر لمقالة السلف، فأبدع هذه المقالة التي أشار إليها

____________

1 - مجلدين طبع النجف.

2 - ص 382 طبع طهران 1272 هـ. چ.


الصفحة 155
المصنف - قدس سره - وقال إنه قول لم يسبقه إليه أحد ممن قبله. ز.

القول 19: فارق به سائر أهل التوحيد - 52 / 10.

أبو هاشم الجبائي أحد شيوخ المعتزلة ورؤسائهم الثلاثة الذين افترقت المعتزلة على مذاهبهم، وقد سلك المتأخرون كالقاضي عبد الجبار بن أحمد الرازي وغيره مسلكه واتبعوا طريقته، وقد اشتهر في كتب الكلام نسبة القول بالأحوال إليه، وقد خالفه في ذلك سائر المعتزلة، فمنشأ الخلاف أنهم قالوا لا خلاف في إثبات تعلق بين الصفة والموصوف كالعالم والمعلوم والقادر والمقدور وغيرهما، وإنما الخلاف في أن ذلك التعلق هل هي بين الذات العالمة وبين المعلوم أو بين صفة قائمة بالذات حقيقة مغايرة لها وبين المعلوم، فذهبت طائفة إلى أنها بين الذات وبين المعلوم، وذهبت جماعة إلى أنها بين الذات والصفة وسماها أبو هاشم ومن تبعه (حالا) وقال إن كون العالم عالما حال وصفة وراء كونه ذاتا وهكذا في الباقي وقال: (إنها لا موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا مجهولة) وقد قال بنظير هذا القول أبو بكر الباقلاني وأبو المعالي الجويني أيضا من الأشعرية ولكن لم يكن قولاهما موجودا في زمان المصنف لتأخر زمانهما عن عصره فلذلك نسب الخلاف إلى أبي هاشم وحده وقال إنه فارق به سائر أهل التوحيد والكلام على هذه الأحوال نفيا وإثباتا مذكور في محله من كتب الكلام والمقالات وسيشير المصنف - قدس سره - في فصل آخر إليها إشارة إجمالية وله - قدس سره - كلام لطيف في هذا المعنى حكاه عنه الشريف المرتضى في كتاب (الفصول المختارة) (1).

قال: سمعت الشيخ (يعني المفيد) يقول ثلاثة أشياء لا تعقل وقد اجتهد المتكلمون في تحصيل معانيها من معتقديها بكل حيلة فلم يظفروا منهم إلا بعبارات

____________

1 - ج 2 ص 128 و 129 طبع العراق چ.