الصفحة 229
العمل بالقياس، الظاهرية من أهل السنة أتباع داود بن علي الأصبهاني حيث قالوا: لا يجوز الحكم في شئ إلا بنص كلام الله تعالى أو نص كلام النبي (ص) أو بما صح عنه من فعل وتقرير أو بإجماع متيقن. وقال داود: إنه لا حادثة إلا وفيها حكم منصوص عليه من الكتاب والسنة.

وقال ابن حزم من أتباعه بعد ذكر آية: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) وآية:

(اليوم أكملت لكم دينكم) الآية: إنهما إبطال للقياس والرأي، لأن أهل القياس والرأي لا يختلفون في عدم جواز استعمالهما ما دام يوجد نص، وقد شهد الله أن النص لم يفرط فيه شيئا، وأن رسول الله (ص) قد بين للناس كل ما نزل إليه، وإن الدين قد كمل بلا حاجة إلى قياس ولا إلى رأي.

ويقول أيضا: كل ما لم ينص عليه فهو شرع لم يأذن به الله تعالى وهذه صفة القياس، فكل ما ليس في القرآن والسنة منصوصا به فمن حكم فيه بشئ من الوجوب والحرمة أو خالف به النص فهو من عند غير الله، ومن حرم أو أحل أو أوجب أو أسقط قياسا على ما حرمه الله أو أحله أو أوجبه أو أسقطه فقد تعدى حدود الله، ومن تعدى حدود الله فقد ظلم نفسه.

ويقول في كلام آخر: إنه لم يصح قط من أحد من الصحابة القول بالقياس وقد كان من بعض الصحابة نزعات إلى القياس أبطلها رسول الله (ص) انتهى. وبالجملة إنهم يوافقون الشيعة في بطلان التمسك بالقياس إلا أنهم يقتصرون على ظواهر الكتاب والسنة ويحاولون إدخال أحكام الحوادث المتجددة تحت نصوص يشملها ويحتملها من القرآن أو الثابت من الحديث النبوي أو الإجماع كما عرفت. ز

القول 156: والآثار الواضحة عنهم - صلوات الله عليهم - 139 / 7.

الأخبار الواردة في هذا الباب المروية عن الأئمة الطاهرين - سلام الله عليهم - كثيرة

الصفحة 230
رواها المحدثون في كتبهم ونحن نقتصر منها ببعض الأحاديث ونختم بها هذه الكلمات القليلة التي علقناها على هذا الكتاب.

فقد روي في كتاب (اختصار كتاب الاختصاص) عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي بسنده، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن الأول (= الكاظم عليه السلام) قال: قلت، أكل شئ في كتاب الله وسنته أم تقولون فيه؟ فقال:

بل كل شئ في كتاب الله وسنته.

وعنه، عن محمد بن خالد البرقي، عن صفوان بن يحيى، عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله - علي السلام -: إن من عندنا ممن يتفقه، يقولون: يرد علينا ما لا نعرفه في الكتاب والسنة فنقول فيه برأينا. فقال: كذبوا، ليس شئ إلا وقد جاء في الكتاب وجاء فيه سنة.

وعن الحسن بن فضال، عن أبي المغراء، عن عبد صالح (= الكاظم عليه السلام) قال: سألته فقلت: إن أناسا من أصحابنا قد لقوا أباك وجدك وسمعوا منهما الحديث، فربما كان الشئ يبتلى به بعض أصحابنا وليس في ذلك عندهم شئ، وعندهم ما يشبهه يسعهم أن يأخذوا بالقياس؟ فقال: لا، إنما هلك من كان قبلنا بالقياس. فقلت له: لم تقول ذلك؟ فقال: لأنه ليس من شئ إلا وجاء في الكتاب والسنة.

السندي بن محمد البزاز، عن صفوان بن يحيى عن محمد بن حكيم، عن أبي الحسن الأول - عليه السلام - قال: قلت: تفقهنا بكم في الدين وروينا عنكم الحديث وربما ورد علينا رجل قد ابتلي بالشئ الصغير الذي ليس عندنا فيه شئ بعينه وعندنا ما هو مثله وشبهه، أفنفتيه بما يشبهه؟ فقال: لا، وما لكم في ذلك القياس نفتيه هلك من هلك.

فقلت: أتى رسول الله الناس بما استغنوا به في عهده؟ قال: وبما يكتفون به من بعده إلى يوم القيامة. فقلت: فضاع منه شئ؟ فقال: لا، هو عند أهله. ز.


الصفحة 231

(التعريف بكتاب أوائل المقالات)

بقلم العلامة الزنجاني (1) - رحمه الله -

بسم الله الرحمن الرحيم

العلم نور وضياء، والعلماء هم مصابيح ذلك النور وزجاجات ذلك الضياء، التي توقد من شجرة مباركة هي روح العالم الذي تتحمله فيضيئه ويستضاء به غيره (2).

فهم أنوار الهداية وأعلام الرشد وينابيع الحكمة وقوام الأمة وأدلاء الخلق إلى الحق وقادتهم إلى نهج الصواب والصدق، تحيى بهم قلوب أهل الإيمان وترغم أنوف أهل

____________

(1) اقرأ ترجمته الشريفة في كتاب (شهداء الفضيلة - ص 251 - 252 ط النجف) للعلامة الكبير الشيخ عبد الحسين الأميني التبريزي مد ظله نزيل النجف الأشرف، وفي كتاب (علما. معاصر - ص 224 - 228 ط طهران) تأليف المرحوم الحاج الملا علي الواعظ الخياباني التبريزي المتوفى يوم الأحد 14 صفر الخير سنة 1367 هـ. چرندابي

(2) توقد: أي تشتعل. وضمير (هي) راجع إلى شجرة مباركة. روح العالم (بكسر اللام): نفسه، يذكر ويؤنث. تتحمله: أي تتحمل العلم. فيضيئه: أي فيضئ العالم. وهذه الجملات الجميلة مقتبسة من الآية الجليلة في سورة النور (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة) الآية. چرندابي


الصفحة 232
الزيغ والالحاد، مثلهم في الأرض كمثل النجوم التي في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ويكفي في تعظيم شأنهم والتنويه بمكانتهم ومقامهم ما ورد في حقهم من محكم آيات الكتاب الحكيم ومستفيض السنة الكريمة ومأثور المروي عن حجج الله المكرمين سلام الله عليهم أجمعين، ومرتبة العلم هي المرتبة الثانية من مراتب الكمال البشري التالية لمرتبة النبوة التي هي اختصاص إلهي واصطفاء رباني يخص بها من يشاء من عباده المكرمين بعد أن يهيئ نفسه بالتأديب الإلهي لنيل ذلك المقام الرفيع، فيجعله مهبط وحيه ومبلغ رسالاته ويجعله أسوة لخلقه في الهداية إلى الصراط المستقيم، وللعلماء العاملين الذين جمعوا بين الفضيلتين واحتووا على درك تلك السعادتين - وقليل ما هم - مزية عظيمة وميزة ظاهرة على من سواهم بما بذلوا أنفسهم في سبيل الله وجاهدوا في مرضاته حق جهاده، فهم حفظة أحكام الدين ونواميسه وحراس ثغور الشرع وحدوده وألسنه الناطقة وسيوفه القاطعة، ينفون من الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

ومن هؤلاء الأفذاذ الذين ازدهرت بهم علوم الشيعة الإمامية وتزينت بوجودهم سماء معارفها السامية حوالي منتصف القرن الرابع الهجري وأوائل القرن الذي بعده، هو الشيخ الجليل الأعظم والرئيس المقدم الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي العكبري المشتهر بالمفيد قدس الله روحه الشريفة، فقد كانت حياته حياة علم وعمل وجد وجهد واستفادة وإفادة حتى اجتمعت فيه خلال الفضل والكمال، تلمذ على العشرات من رجال العلم وحملة الآثار في عصره حتى صار أوثق أهل زمانه بالحديث وأعرفهم بالفقه والكلام والخبرة بالرجال والأخبار والسير وأشعار العرب وغير ذلك، وكان من الناحية العملية كثير الصلاة والصوم، كثير الصدقات، عظيم الخشوع، وكانت حياته العلمية مستغرقة في أغلب الأحيان في ترويج المذهب والدفاع والجدال

الصفحة 233
مع المخالفين على اختلاف فرقهم من معتزلة ومرجئة وأشعرية ومحكمة (1) ومع بعض الفرق المنتحلة للتشيع كالزيدية والواقفة وغيرهم كما يشهد به أخبار مجالسه المحفوظة في فنون الكلام.

____________

(1) وهم الذين خرجوا على أمير المؤمنين - عليه السلام - عند التحكيم وكان شعارهم: لا حكم إلا الله، ولذلك سماهم الناس بالخوارج والمحكمة.

قال الأمير العلامة أبو سعيد نشوان بن سعيد الحميري اليمني المتوفى سنة 573 هـ في كتاب (الحور العين - ص 201 ط مصر 1948 م): ومن أسمائهم (يعني الخوارج) المحكمة، سموا بذلك لإنكارهم التحكيم في صفين، وقالوا لا حكم إلا لله. ومن أسمائهم المارقة وهم لا يرضون بهذا الاسم ويرضون بسائر الأسماء، وكان منهم عبد الرحمن بن ملجم المرادي قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال عمران بن حطان الخارجي الشاعر من بني سدوس، بمدح عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله:


يا ضربة من تقي ما أراد بهاإلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حينا فأحسبهأوفى البرية عند الله ميزانا
أكرم بقوم بطون الطير قبرهملم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانا

فبلغت الأبيات القاضي أبا الطيب الطبري فقال:


يا ضربة من شقي ما أراد بهاإلا ليهدم من ذي العرش بنيانا
إني لأبرأ مما أنت قائلهعن ابن ملجم الملعون بهتانا
إني لأذكره يوما فألعنهوألعن الدهر عمران بن حطانا
عليك ثم عليه الدهر متصلالعائن الله إسرارا وإعلانا
فأنتم من كلاب النار جاء بهنص الشريعة برهانا وتبيانا

ومن أسماء الخوارج الحرورية والشراة سموا بهما لنزولهم بحروراء - اسم قرية تمد وتقصر - ولأنهم يقولون إنهم شروا أنفسهم من الله بالجهاد. چرندابي.


الصفحة 234
وكانت مدينة بغداد عاصمة المملكة الإسلامية حينذاك مملؤة بكثير ممن ينتحل هذه المذاهب وبكثير من النظار والمتكلمين منهم، وكانت مجالس النظر وأبهاء البحث والجدال في المذهب بينهم قائمة وسوقها نافقة، وكثيرا ما كانت تنعقد تلك المجالس بمحضر من الخلفاء والملوك وسائر أرباب النفوذ، يحضرها النظار ويتكلمون في المسائل الخلافية بينهم وفي الآراء المذهبية وسائر مسائل الأصول والفروع على ما هو معلوم من مراجعة السير والآثار، فكان كلما حضر في أمثال هذه المجالس ويقتضي المقام الكلام في المسائل المذهبية يناظرهم ويجادلهم ويرد عليهم شبهاتهم ويجيب عما يوردونه على الشيعة وعلى آرائهم المذهبية ويفحمهم بما أوتي من فهم ثاقب ونظر دقيق وقوة جنان وطلاقة لسان وحسن بيان.

ولم يكن دفاعه ونضاله عن مذهب الشيعة الإمامية مقصورة على تلك المناظرات اللسانية فقط بل كان يرد عليهم وينقض شبههم وحججهم بما يكتبه ويمليه من المؤلفات والكتب في النقض والرد على أهم رجالهم ومتكلميهم ومناظريهم كما يشهد به ملاحظة أسامي مؤلفاته المحفوظة في كتب الرجال والتراجم وفهارس المصنفات.

ومما يوجب الأسف ضياع غالب تلك المؤلفات والرسائل التي ضاعت نسخها وذهبت فيما ذهب من كنوز العلم والآثار ولم يبق منها إلا جزء قليل من رسائله ومصنفاته التي صنفها في هذه الأغراض، ومعظم الباقي منها أيضا لم يرزق حظا من الانتشار واطلاع أهله عليه، ونسخها القليلة متفرقة في زوايا المكاتب وبطون المجاميع لا يطلع عليها إلا قليل من الباحثين، ومن جملتها هذا الكتاب الموسوم ب (أوائل المقالات) الذي نحن في صدد الإشارة إلى وصفه بمناسبة ما أظهره من الرغبة في نشر ذلك الأثر الجليل جناب العالم الفاضل والمحدث البارع الكامل علم الأعلام ونادرة الأيام (الحاج الشيخ عباس قلي) المحدث التبريزي الچرندابي أدام الله له التوفيق

الصفحة 235
والتسديد، فبادرت إلى إجابة مسؤوله وتصحيح نسخة الكتاب بقدر الوسع والامكان مع تعليق بعض حواش مختصرة على بعض مطالبها إيضاحا للمراد، ورأيت من اللازم أيضا وصف هذا الكتاب ومحتوياته إجمالا بعد ذكر مختصر من تاريخ علم الأديان وأهمية موضوعه في هذا العمر مع الإشارة إلى وجيز من ترجمة حياة مصنفه الجليل قدس الله روحه ومن الله أستمد المعونة والتوفيق إنه ولي الهداية والمرشد إلى الصواب.

علم الأديان والمذاهب

إن تتبع تاريخ الأديان وآراء الملل وعقائدها ونحلها من المواضيع الهامة في تاريخ حياة المجتمع البشري، فإنه يظهر من خلال الاطلاع على تلك الآراء والعقائد درجة الرقي العقلي لتلك الأمم الذين اعتنقوها وشخصيات مؤسسيها، فالبحث عن ذلك بمنزلة البحث عن تاريخ الفكر البشري وتطوراته المختلفة في مختلف العصور التي مرت عليه وحصل فيها من الرقي والتكامل العقلي ما نشاهده حالا.

ومن جهة هذه الأهمية صار النظر فيه شاغلا لأفكار العلماء والعقلاء من كل أمة من أقدم الأزمان، فنجد البحث عن ذلك بين قدماء فلاسفة اليونان وغيرهم من الملل المتنوعة السابقة على العصر الاسلامي، كما نجد اهتمام المسلمين وعنايتهم بنوع خاص على هذه المباحث الهامة في إبان التمدن الاسلامي العظيم، ونجد أيضا الجهود الخاصة التي يبذلها علماء الغرب والباحثون منهم عن الشرق وعلومه وتمدنه وآثاره ودياناته وما يبذلونه في سبيل ذلك على اختلاف الدواعي والأغراض منهم في ذلك العصر حتى صار النظر في ذلك أساسا لفن خاص في عرفهم هو علم الأديان وفلسفة المذاهب.

ولا يسعنا البسط في هذا المقام في تاريخ هذا العلم وما ألفه العلماء فيه من قديم وحديث من الكتب والمصنفات وما لهذه المباحث من الأهمية في نظر هؤلاء الباحثين

الصفحة 236
وإنما نكتفي بالإشارة إجمالا إلى شئ من تاريخ هذا العلم عند المسلمين تمهيدا لما نحن في صدد البحث عنه.

يرشدنا النظر في تاريخ الصدر الأول والقرون الإسلامية الأولى إلى شئ ما من علل اهتمام المسلمين بهذه المباحث، حيث إن الخلافات الدينية والمذهبية الواقعة بينهم وظهور الفرق الإسلامية الكبرى على أثر تلك المخالفات من شيعة ومرجئة ومعتزلة ومحكمة وغيرهم، والفتن الناشئة بينهم من جراء ذلك وتصدي كل فرقة لتأييد عقائدها وآرائها والرد على من يخالفه على ما تكفل ببيانها كتب السير والآثار والمؤلفات الكلامية تفصيلا، نبهت الأفكار إلى لزوم ضبط هذه الأقاويل والآراء وتقييدها في ضمن مؤلفات خاصة على اختلاف في أغراض التأليف فيجد الناظر نواة البحث في ذلك في كلمات أمثال الحسن البصري وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيرهم من علية رجال المعتزلة ونوابغ مفكريها ولكن البحث الفني الذي يمكن أن يعد بحثا حقيقيا متعلقا بهذا الفن لم ينشأ إلا في صدر الدولة العباسية، نجد الحكاية عن أبي محمد هشام بن الحكم المتكلم الشيعي الشهير (1) أنه

____________

(1) قال أبو العباس النجاشي المتوفى سنة 450 هـ - في فهرسته - ص 304 ط بمبئ: (هشام بن الحكم أبو محمد مولى كندة وكان ينزل بني شيبان بالكوفة انتقل إلى بغداد سنة تسع وتسعين ومائة ويقال إن في هذه السنة مات). وقال العلامة الفقيه الحاج الشيخ عبد الله المامقاني (المتوفى سنة 1351 هـ) بالنجف الأشرف، في رجاله الكبير (تنقيح المقال - ص 294 ج 3 ط النجف): هذا الرجل ممن اتفق الأصحاب على وثاقته وجلالته وعظم قدره ورفعة منزلته عند الأئمة - عليهم السلام - ولكن طعن فيه العامة وورد في الأخبار ذم له من جهة القول بالتجسيم وأخذ الأصحاب في الذب عنه تنزيها لساحته عن ذلك ونقل عن خط المجلسي - ره - أنه قال: قال السيد المرتضى - ره - ناقلا عن شيخه المفيد - ره -: هشام بن الحكم من أكبر أصحاب أبي عبد الله - عليه السلام - وكان تقيا وروى حديثا كثيرا وصحب أبا عبد الله - عليه السلام - وبعده أبا الحسن موسى - عليه السلام - وكان يكني أبا محمد وأبا الحكم الخ. چرندابي


الصفحة 237
قال: إنه لما كان أيام المهدي (158، 169 هـ) شدد على أصحاب الأهواء وكتب له ابن المفضل صنوف الفرق صنفا صنفا ثم قرأ الكتاب على الناس، على باب الذهب (بمدينة بغداد) ومرة أخرى على باب وضاح (رجال الكشي - ص 172 بمبئ) فيكون هذا الكتاب من أقدم ما وصلنا خبره من المصنف في هذا الفن ثم تتابعت التآليف فيه مع التفاوت في أساليب البحث بحسب تنوع المقاصد والأغراض من بين مؤلف في الآراء والديانات عامة، ومقتصر لآراء الاسلاميين أو لفرق مخصوصة منهم خاصة ومن مكتف على النقل المجرد للآراء، أو منتصر مع ذلك لبعض الأقاويل، أو راد على مخالفيه ومن مرتب للبحث عنها على المواضيع الخلافية، أو على خصوص الفرق والمذاهب وأصحابها إلى غير ذلك من مختلف الأساليب التي اتخذوها والطرق التي سلكوها في كتبهم ومؤلفاتهم.

ولأهمية الموضوع تناول البحث فيه كبار من رجال الفريقين وعلماء الاسلام أمثال أبي القاسم الكعبي وعباد بن سليمان الصيمري وأبي الحسن الأشعري وأبي بكر الباقلاني وابن فورك والبغدادي وابن حزم الظاهري والشهرستاني (1) وغيرهم من رجال الجمهور وصنف فيه أبو محمد النوبختي وأبو الحسن المسعودي والحاكم أبو عبد الله النيسابوري ومن سواهم من الشيعة ممن يتعذر استقصاء أسمائهم وإحصاء مؤلفاتهم في المقام.

____________

(1) قال المولى عصام الدين أحمد المعروف بطاشكبري زاده (المتوفى سنة 968 هـ) في تأليفه في موضوعات العلوم (مفتاح السعادة - ص 264 ج 1 ط الهند): وممن أورد فرق المذاهب في العالم كلها محمد الشهرستاني في كتاب (الملل والنحل) وكان إماما مبرزا فقيها متكلما تفقه على أحمد الخوافي وبرع في الفقه وقرأ الكلام على أبي القاسم الأنصاري وتفرد فيه وصنف كتاب (نهاية الإقدام في علم الكلام ط ليدن 1934 م) وكتاب (الملل والنحل ط الهند ولندن ومصر وإيران) وكانت ولادته سنة سبع وسبعين أو تسع وسبعين وأربعمائة بشهرستان وتوفي بها أيضا في أواخر شعبان سنة ثمان أو تسع وأربعين وخمسمائة. وشهرستان مدينة في خراسان وذكر في أول، (نهاية الإقدام) المذكور بيتين ولم يذكر أن هذين البيتين لمن:


لقد طفت في تلك المعاهد كلهاوسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائرعلى ذقن أو قارعا سن نادم

قلت: وجدت في بعض المجاميع أن البيتين اللذين ذكرهما الشهرستاني في نهاية الإقدام لأبي علي بن سينا (*) ا هـ ملخصا.


____________


(*) وهو الشيخ أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الفيلسوف المعروف الشهير بالشيخ الرئيس، توفي سنة 427 أو 428 هـ بهمدان من بلاد إيران، وذكره محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتابه (الملل والنحل - في هامش الفصل لابن حزم الظاهري - ص 18 ج 4 ط مصر 1347 هـ) بعد أن سرد أسامي عدة من فلاسفة الاسلام وقال: (وعلامة القوم أبو علي بن سينا وكانت طريقته أدق ونظره في الحقائق أغوص وكل الصيد في جوف الفرا). ويجدر بالذكر أن العلامة الإمام السيد محسن الأمين قد نسبه إلى التشيع في تأليفه المنيف (أعيان الشيعة - ص 297 - 298 ج 26 ط دمشق) فراجعه وكن من الشاكرين. وقال أيضا في أعيان الشيعة - 409 ق 1 ج 1 ط 2: (ومن يسمى بالمعلم من الحكماء ثلاثة أحدهم من اليونان والاثنان من الشيعة، فالمعلم الأول أرسطو وهو يوناني والمعلم الثاني الرئيس ابن سينا شيعي والثالث أبو نصر الفارابي شيعي). والحال أن المشهور بالمعلم الثاني هو أبو نصر محمد بن طرخان الفارابي الحكيم التركي، والملقب بالمعلم الثالث هو أبو علي أحمد مسكويه الفيلسوف الشيعي الشهير. انظر (الأعيان - ص 139 ج 10).

چرندابي


الصفحة 238
وقد كانت الأمصار الإسلامية وحواضرها الكبرى ميدانا لمخاصمات الفرق المختلفة ومجادلاتهم كما أومأنا إليه وكان عصر المصنف - قده - من العصور التي كانت المناظرات المذهبية بين الشيعة ومخالفيها على شدتها، وكان غالب مخالفي الإمامية يرمونهم بأقاويل فاسدة وينسبون إليهم آراء زائغة ليست في مذهب الإمامية قصدا للتشنيع والتعيير عليهم من القول بالجبر والتشبيه والتجسيم وغير ذلك مما يجده المراجع لمواضيعه.


الصفحة 239
فكانت هذه الأسباب ونظائرها علة لتصدي المصنف - قده - لتأليف هذا الكتاب ولغيره من مؤلفاته وإظهار الواقع والصحيح من مذهب الشيعة الإمامية وخلاصة آرائها ومعتقداتها في الأصول الإسلامية ومختلف المسائل الكلامية الدائرة بين النظار والمتكلمين، فبين فيه آراءهم الدينية ومعتقداتهم المذهبية الموافقة لأصول الكتاب والسنة والآثار المروية عن أئمتهم الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين وبين من يوافقهم فيها من سائر الفرق الإسلامية من معتزلة وغير معتزلة، ثم ما يخالف فيه الإمامية سائر الفرق في بعض الآراء والأقوال مبينا ذلك بأوضح بيان ومرتبا إياه على أحسن ترتيب وأبدع أسلوب حول المواضيع الدائرة بين المتكلمين وأرباب النظر وحذاق أهل الجدل.

فهو من هذه الجهة من أحسن الكتب المؤلفة في بابه بل من أول ما ألف في هذا النمط الخاص من بيان الفرق بين أقاويل أهل الشيعة وأقاويل أهل الاعتزال على ما يجده الناظر مبسوطا في تضاعيف أبواب الكتاب، ولم يسبقه في ذلك فيما أعلم إلا المؤرخ الشيعي الشهير أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (1) صاحب التآليف الممتعة التاريخية وغيرها فإنه يذكر في كتابه المتداول المعروف (مروج الذهب - ص 137 ج 2 ط مصر 1353 هـ) عند تعرضه لذكر أصول المعتزلة أن له كتابا مترجما بكتاب الإبانة ذكر فيه الفرق بين المعتزلة وأهل الإمامة وما بان به كل فريق منهم عن الآخر.

____________

(1) قال الشيخ المحدث الجليل عباس بن محمد رضا القمي (المتوفى سنة 1359 هـ بالنجف) في كتابه النفيس (الكنى والألقاب - ص 153 ج 3 ط صيدا): (قال العلامة المجلسي في مقدمة البحار (ص 14 ج 1 ط أمين الضرب) والمسعودي عده جش (يعني النجاشي) في فهرسته (ص 178 ط بمبئ) من رواة الشيعة وقال: له كتب منها كتاب إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب - عليه السلام - وكتاب مروج الذهب مات سنة 333). وقيل إنه بقي إلى سنة 345. چرندابي


الصفحة 240
وكان المصنف - قده - من المتضلعين في هذا الفن ذا خبرة واسعة بآراء الفرق الإسلامية ومدارك أقاويلها، يشهد بذلك أسامي مؤلفاته التي كتبها وصنفها في الرد على جمع من المتكلمين من معتزلة وغيرهم، ويظهر أيضا أن بعض كتب هذا الفن كان يقرأ عليه ويذاكر به، فقد ذكر تلميذه أبو العباس النجاشي (1) صاحب الفهرست المعروف في ترجمة أبي محمد النوبختي كتابه المعروف بكتاب الآراء والديانات وقال: إنه كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة قرأت هذا الكتاب على شيخنا أبي عبد الله رحمه

____________

(1) قال العلامة الفقيه الحاج الشيخ عبد الله المامقاني (1290 - 1351 هـ) في (تنقيح المقال - ص 63 - 64 ج 1): النجاشي بالنون المفتوحة والجيم المشددة المفتوحة ثم الألف ثم الشين المثلثة ثم الياء هو الذي يثير الصيد ليمر على الصائد، فالياء ليست ياء نسبة كما في النجاشي مخففا ملك الحبشة فإن الياء فيه أيضا جزء الاسم وهو أحمد بن علي بن العباس النجاشي المكني بأبي العباس صاحب كتاب الرجال المعروف وهو شيخ جليل ثقة مسلم الكل، غير مخدوش فيما كتب بوجه مطمئن إليه سيما في الرجال يقدم قوله عند التعارض على قول غيره حتى الشيخ الطوسي - ره - وقد اشتبه الأمر على بعض الأصحاب فزعم كون أحمد بن علي بن العباس غير أحمد بن العباس والصواب الاتحاد، ونقل صاحب التنقيح في ص 70 ج 1 منه عن الخلاصة للعلامة - ره - أنه توفي بمصير آباد (*) في جمادى الأولى سنة خمسين وأربعمائة. وكان مولده في صفر سنة اثنين وسبعين وثلاثمائة. انظر فهرست النجاشي - ص 74 ط بمبئ وتنقيح المقال - ص 69 ج 1 أيضا. چرندابي


____________


(*) وفي نسختنا المخطوطة التي كتبت سنة 1012 هـ وقرأها الشيخ شمس الدين محمد بن خاتون العاملي على شيخه محمد بهاء الدين العاملي سنة 1027 هـ وعليها خط يد شيخه بهاء الدين - ره - (بمنطير آباد). وقال المحدث القمي في (الكنى والألقاب - ص 199 ج 3) وتوفي بمطير آباد من نواحي سر من رأى سنة 450 موافق كلمة (إن الرحمة عليه). چرندابي


الصفحة 241
الله (1).

ومما ذكر من أسماء مصنفاته في هذا الباب كتاب المقنعة في وفاق البغداديين من المعتزلة لما روى عن الأئمة - عليهم السلام -، وكتب له أخرى في الرد على الجاحظ من النقص على العثمانية والنقض على المروانية وكتاب النقض على فضيلة المعتزلة، وكتب أخرى في النقص على أبي عبد الله البصري وعلى علي بن عيسى الرماني والنقض على البلخي والنقض على جعفر بن حرب والنقض على الواسطي والجبائي، والرد على العتبي وعلى الكرابيسي وعلى الأصم والرد على ابن كلاب وغيرهم مما يجده الناظر في طي فهرست مصنفاته.

(وصف الكتاب)

قد ذكر الشيخ المصنف - قده - موضوع الكتاب في ديباجته وأنه يشتمل على الفرق بين الشيعة والمعتزلة وفصل ما بين العدلية من الشيعة ومن ذهب إلى العدل من المعتزلة، ثم بيان ما يفترق فيه الشيعة عن المعتزلة بعد ذلك، ثم قال إنه ذاكر في أصل ذلك ما اختاره هو من متفرع المذاهب في أصول التوحيد والعدل والقول في اللطيف من الكلام وذكر في ضمن ذلك من يوافق في بعض تلك المسائل من متكلمي الشيعة أنفسهم ومن يخالف لبني نوبخت وغيرهم من متكلمي الإمامية.

وقد صرح في أول الكتاب أنه ألف هذا الكتاب باقتراح من السيد الشريف النقيب ولم يذكر اسم ذلك الشريف - ره -.

وهذا الشريف النقيب يحتمل أن يكون هو الشريف الجليل أبو أحمد الحسين بن

____________

(1) انظر (الفهرست - ص 46 ط بمبئ 1317 هـ) للشيخ أبي العباس النجاشي. چرندابي


الصفحة 242
موسى الموسوي - ره - والد الشريف الرضي - ره - الذي كان فوض إليه نقابة العلويين والنظر في المظالم وإمارة الحج في الدولة البويهية مرارا (1) ويحتمل أن يكون أحد ابنيه المرتضى أو الرضي اللذين كانا ينوبان عن والدهما في حياته (2) وفوض ذلك المنصب

____________

(1) ويرثي الرضي - ره - أباه أبا أحمد الحسين بن موسى وقد توفي ليلة السبت لخمس بقين من جمادى الأولى سنة 400 وله من العمر 97، بقصيدة بلغت 89 بيتا وهي من الطوال الجياد، مطلعها:


وسمتك حالية الربيع المرهموسقتك ساقية الغمام المرزم

(انظر ديوان الرضي - ص 460 - 463 ط مصر 1306 هـ). چرندابي

(2) وذكر شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أبو العلاء المعري اسم الشريفين الرضي والمرتضى في طي مرثية لوالدهما المذكورة في ديوان (سقط الزند) - انظر شرح التنوير - ص 84 - 85 ج 2 ط مصر 1358 هـ ومن أبيات تلك المرثية:


أبقيت فينا كوكبين سناهمافي الصبح والظلماء ليس بخاف

أراد بالكوكبين ابني المتوفى أي إنهما في رفعة المكان والشهرة مثل كوكبين لا يخفى ضوءهما بحال، بل إنهما مضيئان في ظلمة الليل وبياض الصبح لا يرتقي إليهما حوادث الدهر فتخفيهما، وقال فيها:


ساوى الرضي المرتضى وتقاسماخطط العلى بتناصف وتصاف

أي إن الرضي والمرتضى تساويا في الفضائل واقتسما بينهما المكارم على السواء والعدل منصفا أحدهما فيه صاحبه ومصفيا عقيدته في استحقاق صاحبه ما حازه من خطط العلى.

وقال الأستاذ السيد حسن الأمين نزيل بغداد في مجلة (العرفان - ص 428 ج 4 مج 36) تحت عنوان (بين المعري والمرتضى): (فقد نظمها (يعني القصيدة التي رثى بها المعري والد الشريفين) قبيل مغادرته بغداد، فالحسين توفي في جمادى الأولى سنة 400 هـ وترك المعري بغداد في رمضان هذه السنة نفسها) فراجع تمام المقال الذي دبجه يراع الأستاذ فإن فيه حقائق ناصعة، وراجع أيضا (عبقرية الشريف الرضي - ص 153 و 4 ج 1 ط بغداد) للأستاذ الدكتور زكي مبارك.

چرندابي


الصفحة 243
إلى الرضي ثم إلى المرتضى - ره - بعده.

والذي يترجح في النظر أنه هو الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن الحسين - قده - (1) ويؤيده الزيادة التي في آخر الكتاب والذي ذكر في أولها أنه خرجها وسأل عنها الشيخ المفيد الشريف الرضي - ره - ليضاف إلى كتاب (أوائل المقالات).

وقد ألف الشيخ - ره - بعد تأليف ذلك الكتاب كتابه المعروف بكتاب الأعلام فيما اتفقت عليه الإمامية وخالفهم العامة من الأحكام، وصرح في أوله أيضا بأنه صنفه للسيد الشريف ليضاف إلى كتاب (أوائل المقالات) ويجتمع للناظر فيهما علم الأصول والفروع إلى آخره، وفي بعض النسخ القديمة من ذلك الكتاب أنه الشريف الرضي - ره - ، ولم يذكر في الكتاب سنة التأليف وبما أن زمان نقابة الشريف الرضي يتراوح بين

____________

(1) توفي - رحمه الله - سنة 406 هـ ورثاه تلميذه الشاعر الشهير مهيار الديلمي بقصيدة طويلة مطلعها:


من جب غارب هاشم وسنامهاولوى لويا واستزل مقامها

وقال صدر الدين السيد على خان الشيرازي المتوفى سنة 1119 بشيراز في كتابه النفيس (أنوار الربيع في علم البديع - ص 13 ط إيران 1304 هـ): (وشقت هذه المرثية على جماعة ممن كان يحسد الرضي - رضي الله عنه - على الفضل في حياته أن يرثى بمثلها بعد وفاته فرثاه بقصيدة أخرى ومطلعها في براعة الاستهلال كالأولى وهو:


أقريش لا لفم أراك ولا يدفتواكلي غاض الندى وخلا الندى

وما زلت معجبا بقوله منها:


بكر النعي فقال أودى (أردى خ) خيرهاإن كان يصدق فالرضي هو الردي

أنظر (ديوان مهيار الديلمي - ص 366 ج 3 وص 249 ج 1 ط مصر). چرندابي


الصفحة 244
سنة 396 هـ التي قلد فيها منصب - نقابة الطالبيين ولقب بالرضي - ذي الحسبين (1) ثم فوض إليه نقابة العلويين في سنة ثلاث وأربعمائة بعد والده، وبين سنة 406 هـ التي توفي فيها الشريف - ره - فلا بد أن يكون التأليف في أثناء هذه المدة التي تقرب من عشر سنين.

(أبواب الكتاب ومطالبه)

يشتمل هذا الكتاب على أبواب:

1 - في الفرق بين الشيعة والمعتزلة وقد ذكر في هذا الباب معنى التشيع لغة واصطلاحا ومن يستحق إطلاق هذه اللفظة عليه من الفرق المنتحلة للتشيع، ثم أردفه بذكر معنى الاعتزال ومن يستحق إطلاق هذا الاسم عليه من بين سائر الفرق وجهة إطلاق هذه السمة على الفرقة المذكورة وزمان حدوثه.

2 - في الفرق بين الإمامية وغيرهم من الشيعة وذكر فيه معنى ذلك وأشار إلى الفرقة الزيدية وما به يمتازون عن الفرقة الإمامية.

3 - ذكر ما اتفقت عليه الإمامية من القول بالإمامة على خلاف المعتزلة ذكر فيه بعض الفروع الخلافية بين الفريقين في باب النبوة والإمامة وغيرها.

4 - وصف ما اختاره واجتباه من الأصول نظرا ووفاقا لما جاءت به الآثار عن أئمة الهدى من آل محمد - صلى الله عليهم أجمعين - وذكر من وافق ذلك مذهبه من أهل المقالات. ذكر في هذا الباب أهم المسائل الاعتقادية في أبواب التوحيد والصفات والعدل واللطف والصلاح والأصلح، والنبوة والمسائل المتعلقة بها، والإمامة ومتعلقاتها

____________

(1) ويمدح الرضي - ره - بهاء الدولة ويشكره على تلقيبه بالرضي ذي الحسبين بقصيدة مطلعها:


يدي في قائم العضبفما الأنضار بالضرب

(أنظر ديوان الرضي - ص 22 - 24 ط مصر 1306 هـ). چرندابي