المناظرة السادسة والثلاثون

(مناظرة أبي الحسن علي بن ميثم(1) مع ضرار)

قال جاء ضرار إلى أبي الحسن علي بن ميثم ـ رحمه الله ـ فقال له: يا أبا الحسن، قد جئتك مناظرا.

فقال له أبو الحسن: وفيم تناظرني ؟

فقال: في الامامة.

فقال: ما جئتني والله مناظرا ولكنك جئت متحكما.

قال له ضرار: ومن أين لك ذلك ؟

قال أبو الحسن: عليّ البيان عنه، أنت تعلم أن المناظرة ربما انتهت إلى حد يغمض فيه الكلام فتتوجه الحجة على الخصم فيجهل ذلك أو يعاند، وإن لم يشعر بذلك أكثر مستمعيه بل كلهم، ولكني أدعوك إلى منصفة من القول، وهو أن تختار أحد أمرين إما أن تقبل قولي في صاحبي وأقبل قولك في صاحبك فهذه واحدة.

قال ضرار: لا أفعل ذلك.

قال له أبو الحسن: ولم لا تفعله ؟

قال: لانني إذا قبلت قولك في صاحبك قلت لي: إنه كان وصي رسول الله ـ صلّى اللّه عليه وآله ـ وأفضل من خلّفه وخليفته على قومه وسيد المرسلين فلا ينفعني بعد أن قبلت ذلك منك أن صاحبي كان صدّيقا واختاره المسلمون إماما، لان الذي قبلته منك يفسد هذا عليّ.

قال له أبو الحسن: فاقبل قولي في صاحبك وأقبل قولك في صاحبي.

قال ضرار: وهذا لا يمكن أيضا لاني إذا قبلت قولك في صاحبي قلت لي: كان ضالاً مضلاً ظالماً لال محمد ـ عليهم السلام ـ قعد في غير مجلسه ودفع الامام عن حقه وكان في عصر النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ‍ منافقا فلا ينفعني قبولك قولي فيه إنه كان خيّرا صالحا، وصاحبا أمينا لانه قد انتقض بقبولي قولك فيه بعد ذلك إنه كان ضالاّ ً مضلاّ ً.

فقال له أبو الحسن ـ رحمه الله ـ: فإذا كنت لا تقبل قولك في صاحبك ولا قولي فيه ولاقولك في صاحبي، فما جئتني إلا متحكما ولم تأتني مباحثا مناظرا(2) .

____________

(1) هو: أبو الحسن علي بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار، مولى بني أسد كوفي سكن البصرة، من كبار متكلمي علمائنا الامامية في عصر المأمون والمعتصم، وله مناظرات مع الملاحدة ومع المخالفين، وأول من تكلم على مذهب الامامية وصنّف كتاباً في الامامة، كلم أبا الهذيل والنظام، له كتب منها كتاب الامامة، كتاب الطلاق، كتاب النكاح، كتاب مجالس هشام ابن الحكم، وعد من اصحاب الامام الرضا ـ عليه السلام ـ، وروى الصدوق في عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ ج1 ص14 ح2، بإسناده عن البيهقي، عن الصولي، عن عون بن محمد الكندي انّه لم يرَ أحدا قطّ أعرف بأمور الائمّة وأخبارهم ومناكحهم من أبي الحسن علي بن ميثم.

راجع ترجمته في: تنقيح المقال ج2 ص270، سفينة البحار للقمي ج2 ص525، ومعجم رجال الحديث للسيّد الخوئي «قدس سره»: ج12 ص205 رقم: 8541.

(2) الفصول المختارة ج1 ص10 ـ 11، بحار الانوار ج10 ص371 ح3.