الصفحة 480

المناظرة الثالثة والثمانون

مناظرة

هشام آل قطيط مع الشيخ عبد الأمير الهويدي وغيره

وبحثه عن الحقيقة وأشياء يسمعها لأوَّل مرة

قال الشيخ هشام آل قطيط تحت عنوان ( لقاء الصدقة ) : كنت أبحث عن بعض المصادر في مدينة بيروت التي تخصُّ بحثي عن الحقيقة ... وإذا بشيخ موجود في دار النشر ، فدفعني الفضول لأتعرَّف عليه ، فقال لي : أنا الشيخ عبد الأمير الهويدي من العراق ، وسألني : من أين أنت ؟

فأجبته : من سوريا .

فسألني : ماذا تعمل هنا ؟

فأجبته بكل صراحة : لقد أعارني أحد الشباب الشيعة كتاب المراجعات ، ومن هنا كانت بداية البحث والتساؤل والحيرة .

فقال لي : لماذا تتعب نفسك ؟ 1 + 1 = 2 ، أسألك سؤال : هل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وصَّى أم لم يوصِّ ؟

فقلت له : ماذا تقصد ؟

قال : أقصد خلافنا كله قائم على الخلافة من بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، إذا وصَّى


الصفحة 481

الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فالخلافة لعلي (عليه السلام) ، وإذا لم يوصِّ فالرسول فيه نقص ، وكلامه مخالف للقرآن .

فقلت له : حاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخالف القرآن .

قال لي : أنت متأكِّد أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يخالف القرآن ؟

فقلت له : نعم ، أنا متأكِّد .

فقال : إذن : {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ}(1) لا يعقل أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يموت بلا وصيَّة ويخالف القرآن ، والقرآن يقول : {مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}(2) .

وبعدها قال لصاحب دار النشر : أعطيه كتاب الإمام الصادق (عليه السلام) والمذاهب الأربعة(3) هديَّة ، وأنا أحاسبك به ، واقرأ في الجزء الثاني رسالة للجاحظ ، تأمَّل بها وتدبَّر فسوف تعرف الحقيقة ، وأنا مشغول ، أريد الذهاب ، في أمان الله .

فقلت له : أين أراك ؟

فقال لي : سجِّل رقم هاتفي في دمشق ، فسجَّلته ، وقلت له : في أمان الله .. وخرجت من الدار ذاهباً لزيارة صديق لي ، وبعد أن أنهيت الزيارة رجعت مبكِّراً لقراءة هذه الرسالة التي أشار إليها الشيخ الهويدي ، وهذه هي الرسالة .

رسالة الجاحظ

رسالة الجاحظ(4) التي أرشدني إليها الشيخ الهويدي في تفضيل علي (عليه السلام) .

____________

1- سورة البقرة ، الآية : 180 .

2- سورة الحشر ، الآية : 7 .

3- وهو لمؤلِّفه المرحوم المحقِّق الأستاذ الشيخ أسد حيدر النجفي .

4- الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، أسد حيدر : 2/94 .


الصفحة 482

قال : هذا كتاب من اعتزل الشك والظنّ ، والدعوى والأهواء ، وأخذ باليقين والثقة من طاعة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبإجماع الأمَّة بعد نبيِّها (عليه السلام)ممَّا يتضمَّنه الكتاب والسنّة ، وترك القول بالآراء ، فإنَّها تخطىء وتصيب ; لأنَّ الأمَّة أجمعت أن النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) شاور أصحابه في الأسرى ببدر ، واتّفق على قبول الفداء منهم ، فأنزل الله تعالى : {مَا كَانَ لِنَبِيّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}(1) .

فقد بان لك أن الرأي يخطئ ويصيب ، ولا يعطي اليقين ، وإنّما الحجّة لله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أجمعت عليه الأمّة من كتاب الله وسنّة نبيِّها ، ونحن لم ندرك النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولا أحداً من أصحابه الذين اختلفت الأمّة في أحقِّهم ، فنعلم أيّهم أولى ونكون معهم ، كما قال تعالى : {وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}(2) ، ونعلم أيّهم على الباطل فنجتنبهم وكما قال تعالى : {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً}(3) حتى أدركنا العلم ، فطلبنا معرفة الدين وأهله ، وأهل الصدق والحقّ ، فوجدنا الناس مختلفين ، يبرأ بعضهم من بعض ، ويجمعهم في حال اختلافهم فريقان : أحدهما قالوا : إن النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) مات ولم يستخلف أحداً ، وجعل ذلك إلى المسلمين يختارونه ، فاختاروا أبا بكر ، والآخرون قالوا : إن النبيَّ (صلى الله عليه وآله وسلم) استخلف عليّاً ، فجعله إماماً للمسلمين بعده ، وادّعى كل فريق منهم الحقَّ .

فلمَّا رأينا ذلك وقفنا الفريقين لنبحث ونعلم المحقَّ من المبطل ، فسألناهم جميعاً : هل للناس من وال يقيم أعيادهم ، ويجبي زكاتهم ، ويفرِّقها على مستحقيها ، ويقضي بينهم ، ويأخذ لضعيفهم من قويِّهم ، ويقيم حدودهم ؟

____________

1- سورة الأنفال ، الآية : 67 .

2- سورة التوبة ، الآيه : 119 .

3- سورة النحل ، الآية : 78 .


الصفحة 483

فقالوا : لابدَّ من ذلك .

فقلنا : هل لأحد أن يختار أحداً ، فيولّيه بغير نظر من كتاب الله وسنّة نبيِّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ؟

فقالوا : لا يجوز ذلك إلاَّ بالنظر .

فسألناهم جميعاً عن الإسلام الذي أمر الله به ، فقالوا : إنه الشهادتان ، والإقرار بما جاء من عند الله ، والصلاة ، والصوم ، والحج ـ بشرط الاستطاعة ـ والعمل بالقرآن ، يحلُّ حلاله ويحرِّم حرامه ، فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم .

ثمَّ سألناهم جميعاً : هل لله خيرة من خلقه ، اصطفاهم واختارهم ؟

فقالوا : نعم .

فقلنا : ما برهانكم ؟

فقالوا : قوله تعالى : {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}(1) .

فسألناهم : من الخيرة ؟

فقالوا : هم المتقون .

فقلنا : ما برهانكم ؟

فقالوا : قوله تعالى : {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(2) .

فقلنا : هل لله خيرة من المتقين ؟

قالوا : نعم ، المجاهدون بأموالهم ، بدليل قوله تعالى : {فَضَّلَ اللّهُ الُْمجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}(3) .

____________

1- سورة القصص ، الآية : 68 .

2- سورة الحجرات ، الآية : 13 .

3- سورة النساء ، الآية 95 .


الصفحة 484

فقلنا : هل لله خيرة من المجاهدين ؟

قالوا جميعاً : نعم ، السابقون من المهاجرين إلى الجهاد ، بدليل قوله تعالى : {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ}(1) .

فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم عليه ، وعلمنا أن خيرة الله من خلقه المجاهدون السابقون إلى الجهاد .

ثم قلنا : هل لله منهم خيرة ؟

قالوا : نعم .

قلنا : من هم ؟

قالوا : أكثرهم عناء في الجهاد ، وطعناً وحرباً وقتلا في سبيل الله ، بدليل قوله تعالى : {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَهُ}(2) {وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْر تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ}(3) .

فقبلنا منهم ذلك ، وعلمنا وعرفنا : أن خيرة الخيرة أكثرهم في الجهاد عناء ،وأبذلهم لنفسه في طاعة الله ، وأقتلهم لعدوِّه ، فسألناهم عن هذين الرجلين ـ علي ابن أبي طالب (عليه السلام) وأبي بكر ـ أيُّهما كان أكثر عناء في الحرب ، وأحسن بلاء في سبيل الله ؟

فأجمع الفريقان على أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه كان أكثر طعناً وحرباً ، وأشدَّ قتالا ، وأذبَّ عن دين الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فثبت بما ذكرنا من إجماع الفريقين ، ودلالة الكتاب والسنة أن عليّاً (عليه السلام) أفضل .

____________

1- سورة الحديد ، الآية : 10 .

2- سورة الزلزلة ، الآية : 7 .

3- سورة البقرة ، الآية : 110 .


الصفحة 485

وسألناهم ـ ثانياً ـ عن خيرته من المتقين ، فقالوا : هم الخاشعون ، بدليل قوله تعالى : {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْب مُّنِيب}(1) ، وقال تعالى : {وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم}(2) .

ثم سألناهم : من الخاشعون ؟

فقالوا : هم العلماء ، لقوله تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}(3) .

ثم سألناهم جميعاً : من أعلم الناس ؟ قالوا : أعلمهم بالقول ، وأهداهم إلى الحق ، وأحقُّهم أن يكون متبوعاً ولا يكون تابعاً ، بدليل قوله تعالى : {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْل مِّنكُمْ}(4) . فجعل الحكومة لأهل العدل .

فقبلنا ذلك منهم ، وسألناهم عن أعلم الناس بالعدل من هو ؟

قالوا : أدلُّهم عليه .

قلنا : فمن أدلُّ الناس عليه ؟

قالوا : أهداهم إلى الحقِّ ، وأحقُّهم أن يكون متبوعاً ولا يكون تابعاً ، بدليل قوله تعالى : {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى}(5) ، فدلَّ كتاب الله وسنَّة نبيِّه (صلى الله عليه وآله وسلم) والإجماع : أن أفضل الأمّة بعد نبيِّها أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ، لأنه إذا كان أكثرهم جهاداً كان أتقاهم ، وإذا كان أتقاهم كان

____________

1- سورة ق ، الآية : 31 ـ 33 .

2- سورة الأنبياء ، الآية : 48 ـ 49 .

3- سورة فاطر ، الآية : 128 .

4- سورة المائدة ، الآية : 95 .

5- سورة يونس ، الآية : 35 .


الصفحة 486

أخشاهم ، وإذا كان أخشاهم كان أعلمهم ، وإذا كان أعلمهم كان أدلَّ على العدل ، وإذا كان أدلَّ على العدل كان أهدى الأمّة إلى الحقِّ ، وإذا كان أهدى كان أولى أن يكون متبوعاً ، وأن يكون حاكماً ، لا تابعاً ولا محكوماً .

وأجمعت الأمّة بعد نبيِّها (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه خلَّف كتاب الله تعالى ذكره ، وأمرهم بالرجوع إليه إذا نابهم أمر ، وإلى سنّة نبيِّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فيتدبَّرونهما ، ويستنبطون منهما ما يزول به الاشتباه ، فإذا قرأ قارئكم : {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ}(1) ، فيقال له : أثبتها ، ثمَّ يقرأ : {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(2) ، وفي قراءة ابن مسعود : إنَّ خيْرَكُم عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ، ثمَّ يقرأ : {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيد * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّاب حَفِيظ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ}(3) فدلَّت هذه الآية على أن المتقين هم الخاشون .

ثمَّ يقرأ فإذا بلغ قوله : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}(4) فيقال له : اقرأ حتى ننظر هل العلماء أفضل من غيرهم أم لا ؟ فإذا بلغ قوله تعالى : {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}(5) علم أن العلماء أفضل من غيرهم .

ثمَّ يقال : اقرأ ، فإذا بلغ إلى قوله : {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات}(6) قيل : قد دلَّت هذه الآية على أن الله قد اختار العلماء ، وفضَّلهم ورفعهم درجات ، وقد أجمعت الأمّة على أن العلماء من أصحاب رسول

____________

1- سورة القصص ، الآية : 68 .

2- سورة الحجرات ، الآية : 13 .

3- سورة ق ، الآية : 31 ـ 33 .

4- سورة فاطر ، الآية : 28 .

5- سورة الزمر ، الآية : 9 .

6- سورة المجادلة ، الآية : 11 .


الصفحة 487

الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين يؤخذ عنهم العلم كانوا أربعة : علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، وعبد الله بن العبّاس ، وابن مسعود ، وزيد بن ثابت .

وقالت طائفة : عمر ، فسألنا الأمّة : من أولى الناس بالتقديم إذا حضرت الصلاة ؟

فقالوا : إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : يؤمُّ القوم أقرؤهم ، ثمَّ أجمعوا على أن الأربعة كانوا أقرأ من عمر فسقط عمر .

ثمَّ سألنا الأمَّة : أيُّ هؤلاء الأربعة أقرأ لكتاب الله ، وأفقه لدينه فاختلفوا ، فأوقفناهم حتى نعلم ، ثمَّ سألناهم : أيُّهم أولى بالإمامة ؟

فأجمعوا على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إذا كان عالمان فقيهان من قريش فأكبرهما سنّاً وأقدمهما هجرة ، فسقط عبدالله بن العبّاس ، وبقي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فيكون أحقَّ بالإمامة ; لما أجمعت عليه الأمّة ، ولدلالة الكتاب والسنة عليه . انتهى(1) .

وبعد أن أنهيت هذه الرسالة القيِّمة من القراءة أصبح لديَّ اليقين القاطع بأحقّيّة أهل البيت(عليهم السلام) ، وبخلافة الإمام علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

ولكنَّ متابعة البحث ضروريٌّ للردِّ على كلِ التساؤلات التي تثار ، فاتّصلت تلفونياً بالشيخ الهويدي ، وحدَّدنا موعداً بمقام السيِّدة زينب (عليها السلام) .

وجاء الموعد ، واقترب اللقاء ، وبعد أن جلسنا وتحادثنا وتحاورنا قال لي : هل تعرف الحوزة العلميّة الزينبية ؟ فقلت له : لا أعرفها ، فقال لي : تخرج من

____________

1- ذكر هذه الرسالة الإربلي في كشف الغمة : 1/37 ـ 40 ، وقال : إنها نسخت عن مجموع للأمير أبي محمّد الحسن بن عيسى المقتدر بالله .


الصفحة 488

المقام ، وتمشي مع الطريق الذي يذهب إلى دمشق .. مقابل قسم الأمن الجنائي ، تسأل عن شيخ اسمه ( جلال المعاش ) تقول له : يسلِّم عليك الشيخ الهويدي .. وترشدني إلى منزل الداعية الشيعيِّ السيِّد علي البدري .

وأخذت منه العنوان ، وكتبه لي على قصاصة من ورق .. وودَّعته وخرجت ، وعاودتني دوَّامة التساؤل بعد أن ودَّعت الشيخ الهويدي ، وخرجت من مقام السيِّدة زينب (عليها السلام) ، وأنا في الطريق أسمع سائق ( السرفيس ) يصيح بصوت عال : ( رقيّة رقيّة ) .

فلفت نظري تساؤل : هل هناك منطقة في دمشق اسمها ( رقيَّة ) فدفعني الفضول لأسأله : أين تقع هذه المنطقة ؟ فسألته .. فقال لي : من أين أنت فأجبته : من القامشلي .

فقال : أوه !! في آخر سوريا .. قال لي : يا أخي ! الإيرانيّون واللبنانيّون والخليجيّون يقدِّسون هذه المقامات ، فأنا أصيح حتى أشتغل ، وهذا موسمهم ، لأنّه كل صيفيّة يأتون إلى هنا لزيارة هذه المقامات ، وفعلا عزمت على الذهاب مع السائق لأرى هذه المنطقة التي أجهلها .

ومشت السيارة ، وأنا أتساءل لأوَّل وهلة أسمع هذا النداء وأسمع بهذه المنطقة ، فوصلت إلى هذا المقام الشريف ، ولم أستطع الدخول من شدّة الزحمة ، أمَّة من البشر !! الله أكبر ! ما هذه الزحمة ؟ من أين أتت كل هذه الجموع الغفيرة ؟ وبعد انتظار ساعة من الوقت استطعت الدخول ، ورأيت الناس يلطمون على صدورهم ويصيحون يا حسين .. يا حسين ، يا رقية يا رقية .. الظليمة .. الظليمة ..

فدخلت إلى داخل المقام ، ووصلت إلى الضريح ، وقرأت الفاتحة ، وصلَّيت قربة إلى الله ركعتين زيارة لهذه السيِّدة ، دون أن أعرفها بنت من ؟ لكن


الصفحة 489

عندما رأيت الناس تدخل وتزور وتقبِّل هذا الضريح فعلت مثلهم ، فعرفت أن هنا مقاماً لسيِّدة فاضلة .

فاقتربت من أحد الشباب الذين يلطمون على رؤوسهم وصدورهم ، حيث يضع شريطاً أسوداً مربوطاً برأسه ، وعلى جبينه مكتوب ( يا حسين ) .. فقلت له : إذا سمحت .. السيِّدة رقيّة بنت من ؟

فضحك هذا الشابّ من سؤالي ، واستغرب !! وقال لي : من أين أنت ؟

فأجبته : من القامشلي .

فقال لي : أين تقع مدينة القامشلي ؟

فقلت له : تبعد من هنا ما يقارب 1000 كم ، وقال : أنت من سوريا ولا تعرف هذا المقام لمن ؟

فقال لي : أنت سنّيٌّ ؟

فأجبته : نعم .

فقال لي : حقّك لا تعلم ، هذه السيِّدة رقيَّة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) ، عندما جاءوا بأهل البيت سبايا من العراق إلى الشام ، والحسين رأسه محمول على الرمح من هناك إلى هنا ، وعندما وصلوا إلى الجامع الأموي وضعوا رأس الحسين (عليه السلام) في المسجد أمام اللعين يزيد ، وبدأ يزيد يرغي ويزبد ويصيح : أتينا برأس زعيم الخوارج الحسين بن علي بن أبي طالب .

فقاطعته الحديث ، الحسين سيِّد شباب أهل الجنّة يحملون رأسه على الرمح ويأتون به إلى الشام ؟ ماذا تقول يا أخي ؟ أليس الشيعة هم الذين قتلوه ، وهم الآن يبكون ويندبون ويلطمون ندماً وحزناً لأنهم هم الذين قتلوه ؟

قاطعني الشابُّ بحماس ، وقال لي : أنت متعلِّم ؟


الصفحة 490

فقلت له : نعم .. وأنهيت الدراسة الجامعيّة ، لكن والله العظيم لم أسمع بهذه الأحداث ; لأن هذه القضايا ليست من اختصاصي ، فالصدفة أتت بي إلى هنا .

فقال لي : يا أخي ! أعذرك كلَّ العذر ; لأن الإنسان عدوُّ ما يجهل ، وأنا لم أفرض عليك اعتقاداتي وقناعاتي .. ولكن أنت ابحث بنفسك عن هذه الحقائق ، وقال لي : إذا أردت أن تزور رأس الحسين (عليه السلام) مقامه في الجامع الأموي .

وشطَّ بنا الحديث وتفرَّع ، ورجعنا في الحديث عن السيِّدة رقية ، فقال لي : هذه السيِّدة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) ، وعندما توفِّيت كان عمرها ثلاث سنوات تقريباً .. أهل البيت(عليهم السلام)عندما جاءوا بهم إلى الشام كانت هذه الطفلة مع عمّتها زينب (عليها السلام) ، أتعرف مقام السيِّدة زينب (عليها السلام) أخت الإمام الحسين (عليه السلام) ؟

فأجبته : نعم ، الآن جئت من هناك .

فقال : عندما وضعوا رأس الحسين (عليه السلام) في طشت كانت هذه الطفلة تصيح وتبكي ، طفلة تبكي تريد أباها ، فقال يزيد اللعين : خذوا هذا الرأس ، وضعوه أمام الطفلة لكي ترى أباها ، فعندما شاهدت الطفلة رأس والدها انكبَّت على وجهها ، فلم تطق الطفلة ذلك الموقف إلى أن فارقت الحياة فوق رأس والدها .

ماذا تحكي يا أخي ؟ ماذا تقول ؟ هل هذا صحيح ؟ فضيَّعني كلام هذا الشابّ الشيعيّ .

وسألت آخر وآخر .. وكنت في كلِّ مرّة أحصل على نفس الجواب ، فرجعت مرَّة أخرى إلى القفص ، ففاضت دموعي بالبكاء ، وصرت أصيح وأسأل .: بنت الحسين سيِّد شباب أهل الجنة هكذا قتلت ؟ هكذا ماتت ؟ فصرت أردِّد بدون شعور كما تردِّد الشيعة : الظليمة الظليمة ، يا رقيّة ! يا رقية ! ثمَّ بعد هذا ودَّعتها متّجهاً إلى الجامع الأمويّ ، وشاهدت الحشود والجموع تتّجه باتّجاه


الصفحة 491

الشرق ، وتصيح وتلطم : يا حسين ! يا حسين ! لعن الله من ظلمك ، لعن الله من قتلك ، لعن الله يزيد .. فوصلت إلى الباب ، ودخلت بقوَّة من شدّة الازدحام ، حيث وصلت إلى مكان رأس الحسين (عليه السلام) فقبَّلته ، وانهارت دموعي بالبكاء ، فصرت أحدِّث نفسي : ما الذي حصل ؟ ما الأمر ؟ ما القضيَّة ؟ ما الذي حدث ؟ هذا الأخ الشيعي يقول لي : يزيد الذي قتل الحسين (عليه السلام) ، وليس الشيعة ـ كما يقول أحد علمائنا في المنطقة الشرقية !!

فعاودني الصراع السابق الذي عشته ، ورجعت إليَّ دوّامة التساؤل والحيرة ، هل الشيعة بريئون من دم الحسين ؟ هل صحيح أن الشيعة لم يقتلوا الحسين ؟ فإذن لماذا يلطمون ويبكون ويصيحون يا حسين يا حسين ؟ وصرت أفكِّر بكلام الشيخ عندنا عندما كان يحذِّرنا من الجلوس مع الشيعة ، وعدم محاورة الشيعة ، والشيعة هم الذين قتلوا الحسين ، فخرجت من مقام رأس الحسين (عليه السلام) لزيارة النبيِّ يحيى بن زكريا (عليه السلام) في قلب الجامع الأمويِّ .

وعندما وصلت الضريح قبَّلته وصلَّيت ركعتين ، ولم أستطع أن أكمل من شدّة الصياح واللطم والبكاء ، فحاولت مرَّة ثانية إعادة صلاتي ، وأنهيتها بعد الجهد ، وشاهدت بعد الصلاة شيخاً يبدو أنه عراقيٌّ من خلال اللهجة والبحّة ، يصيح ويخطب بالناس : يا موالين ! يا شيعة ! اليوم قتل إمامكم ، اليوم ـ الظليمة الظليمة ـ بقي الحسين ثلاث ساعات ملقياً على وجه الأرض ، قد صنع وسادة من الرمل ، فظنَّ بعض العسكر أن الحسين (عليه السلام) قد صنع لهم مكيدة ، فقالوا : إن الحسين لا يمكنه فعل شيء ، وقال بعضهم : إنه مثخن بالجراح ، ولا يقوى على القيام ، وقال بعضهم : إن الرجل غيور ، إذا أردتم أن تعرفوا حاله فاهجموا على المخيَّم ، فهجموا على المخيَّم ، وروَّعوا النساء والأطفال ، فخرجت الحوراء


الصفحة 492

زينب ووقفت على التلّ ، ثمَّ نادت بصوت حزين يقرح القلوب : يا ابن أمي يا حسين ! يا حبيبي يا حسين ! إن كنت حيّاً فأدركنا ، فهذه الخيل قد هجمت علينا ، وإن كنت ميّتاً فأمرنا وأمرك إلى الله ، فلمَّا سمع الحسين صوت أخته قام ووقع على وجهه ، ثمَّ قام ووقع على وجهه ثانية ، ثمَّ قام ثالثة ووقع على وجهه ، عند ذلك صاح : يا شيعة آل أبي سفيان ! إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون ، فنادى الشمر : ما تقول يا ابن فاطمة ؟ قال : أنا الذي أقاتلكم ، والنساء ليس عليهن جناح ، فامنعوا عتاتكم وأشراركم عن التعرُّض لحرمي ما دمت حيّاً ، قال الشمر : إليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه ، فانكفأت الخيل والرجال على أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) .

وانتهى الشيخ من كلامه وبدأ يخطب ويتكلَّم ، والناس تضجّ وتبكي ، وهو يقول : وهم في طريقهم إلى الشام نزلوا منزلا فيه دير راهب ، فرفعوا الرأس على قناة طويلة ( رأس الحسين ) إلى جانب دير الراهب ، فلمَّا عسعس الليل سمع الراهب للرأس دويّاً كدويِّ النحل ، وتسبيحاً وتقديساً ، فنظر إلى الرأس وإذا هو يسطع نوراً ، قد لحق النور بعنان السماء ، ونظر إلى باب قد فتح من السماء ، والملائكة ينزلون كتائب كتائب ويقولون : السلام عليك يا أبا عبدالله ، السلام عليك يا ابن رسول الله ، فجزع الراهب جزعاً شديداً وقال للعسكر : وما الذي معكم ؟ فقالوا : رأس خارجيٍّ خرج بأرض العراق فقتله عبيد الله بن زياد ، فقال : ما اسمه ؟ قالوا : اسمه الحسين بن علي ، فقال : الراهب : ابن فاطمة بنت نبيّكم وابن عمِّ نبيِّكم ؟ قالوا : نعم ، قال : تبّاً لكم !! والله لو كان لعيسى ابن مريم ابن لحملناه على أحداقنا ، وأنتم قتلتم ابن بنت نبيِّكم ! ثمَّ قال : صدقت الأخبار في


الصفحة 493

قولها : إذا قتل هذا الرجل تمطر السماء دماً عبيطاً ، ولا يكون هذا إلاَّ في قتل نبيٍّ أو وصيّ نبيٍّ ، ثمَّ قال : لي إليكم حاجة ، قالوا : وما هي ؟ قال : قولوا لرئيسكم : عندي عشرة آلاف درهم ، ورثتها عن آبائي ، يأخذها مني ويعطيني الرأس يكون عندي إلى وقت الرحيل ، فإذا رحل رددته إليه ، فوافق عمر بن سعد ، فأخذ الرأس وأعطاهم الدراهم ، وأخذ الرأس فغسله ونظَّفه وطيَّبه بمسك ، ثمَّ جعله في حريرة ووضعه في حجره ، ولم يزل ينوح ويبكي وهو يقول : أيُّها الرأس المبارك ! كلِّمني بحقِّ الله عليك ، فتكلَّم الرأس وقال : ما تريد مني ؟ قال : من أنت ؟ قال : أنا ابن محمّد المصطفى ، أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا المقتول بكربلاء ، أنا الغريب العطشان بين الملا ، فبكى الراهب بكاء شديداً ، وقال : سيدي ! يعزُّ والله أن لا أكون أوَّل قتيل بين يديك ، فلم يزل يبكي حتى نادوه وطلبوا منه الرأس ، فقال : يا رأس ! والله لا أملك إلاَّ نفسي ، فإذا كان غدا فاشهد لي عند جدِّك محمّد أني أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأن محمّداً عبده ورسوله ، أسلمت على يدك وأنا مولاك .

فبدأ يصيح الشيخ بصوت حزين يقرح القلوب : مسيحيُّ أسلم ، مسيحىٌّ آوى رأس إمامكم ، وأنتم تدّعون أنكم من الإسلام !!

فأخذني البكاء الشديد ، وصرت أكفكف بدموعي ، وأنظر من حولي لئلا يراني أحد ، وأنا مكابر .. وأسأل : رأس ابن بنت النبيِّ يحمل على الرمح ؟ يمثَّل به ؟ من بلد إلى بلد ؟ ويزيد يدّعي الإسلام !! مسيحيٌّ راهب آمن من وراء معجزة رأس الحسين وأنا مكابر ؟ يا إلهي !! السماء تمطر دماً ؟ ورأس الحسين يطاف به من بلد إلى بلد ؟ فتذكَّرت حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تمثِّلوا ولو بكلب عقور ، فأين هذه الأمّة من الإسلام ؟ فصرت ألعن يزيد ومن عيَّن يزيد .


الصفحة 494

فصرت أسأل : من الذي عيَّن يزيد ؟ معاوية ؟ من الذي عيَّن معاوية ؟ تساؤلات لا تنتهي .

أثَّرت في نفسي قصّة الراهب ودخوله الإسلام ، أثرت في نفسي الجموع الغفيرة وهي تبكي وتلطم ، يا إلهي ! ما الخطب ؟ ما الأمر ؟ ما الذي جرى على الأمّة ؟ فخرجت من المسجد ودوَّامة الصراع لا تتركني .

أين شيخنا في القرية الذي يحذِّرني من هؤلاء الشيعة ، ويقول لي : هم الذين قتلوا الحسين (عليه السلام) ؟

ما هذه المأساة التي حلَّت بالأمَّة ؟ ما هذه الظليمة ؟ فخرجت من الجامع الأمويّ متّجهاً باتجاه منطقة السيِّدة زينب (عليها السلام) ، وفي الطريق أفكِّر هل كلام الشيخ عندنا صحيح ؟ أم كلام هذا الشابّ الشيعي ؟ الراهب يدخل إلى الإسلام ؟ ويبكي وينوح ؟ ويقول : اشهد لي يا رأس ! أسلمت على يدك ، اشهد لي عند جدِّك محمّد ؟

كلَّما أهدأ وأتخلَّص من دوَّامة بعض التساؤلات تأتيني عاصفة جديدة من التساؤلات ، يا إلهي !! لماذا لا أعلم كل هذه الأمور ؟ يا إلهي ! متى أتخلَّص من هذه الدوَّامة التي حيَّرتني ؟ فدفعتني هذه الكارثة التي حلَّت بالأمَّة إلى أن أشدَّ الهمّة من جديد دون كلل أو ملل بحثاً عن الحقيقة ، لمعرفة كلام الشابّ الشيعيّ هل هو صحيح أم كلام شيخ البلد ؟ فصعدت في ( السرفيس ) متّجهاً إلى منطقة السيِّدة زينب (عليها السلام) ، والأفكار والتساؤلات تعصب بي كالموج ، مرَّة أهدأ ومرَّة أثور ، مرّة أهدأ .. أقول كلام الشيخ عندنا هو الصحيح ! ومرَّة أثور عندما أتذكَّر قضيّة الراهب وقضيَّة الرأس !! وقضيّة يزيد !! وماذا فعل بالأمَّة ؟ حتى أخذتني الأفكار ونسيت أن أنزل في منطقة السيِّدة زينب ، فتجاوزتها ووصلت إلى منطقة


الصفحة 495

الذيابيّة ، فهدأت من التفكير ، وإذا بالسائق يصيح : ذيابيّة ذيابيّة ، من هو نازل ؟

فقلت له : على مهلك ، أنزلني ، فنزلت وعدت مرّة أخرى إلى منطقة السيِّدة زينب (عليها السلام) ، أسأل عن الحوزة العلميّة الزينبيّة ، وأخيراً وصلت إلى الحوزة ، فصعدت أسأل عن الشيخ جلال المعاش ، فقال لي شابٌّ : بعد صلاة المغرب يأتي .

ورجعت بعد صلاة المغرب ، وصعدت أسأل عن الشيخ ، فوجدت مكتبة في الطابق الأوّل ، فقرعت الباب ، وسألت عن الشيخ ، فقال لي شاب : تفضّل اجلس ، الآن يأتي الشيخ ، وهذه غرفته ( بجوار المكتبة ) .

فجلست وأنا في دوَّامة ، أخمد وأثور ، وإذا بشابٍّ يفاجئني بقوله : هذا هو الشيخ جلال الذي تبحث عنه ، فصافحت الشيخ بحرارة ، وشرحت له موقفي ، ومن أرسلني إليه ، فحيَّاني ورحَّب بي ذلك الترحاب الشديد ، وأدخلني إلى غرفته ، ومن ثمَّ أدخلني إلى المكتبة ، فصرت أحادث نفسي وكأنه عرف مشكلتي .. الحمد لله .

فدخلت معه إلى المكتبة ، وبدأ يجوِّلني في المكتبة ، وأنا أنظر إلى أسماء الكتب فشاهدت مباشرة صحيح البخاري ، فقرأت الطبعة وإلاَّ نفس الطبعة الموجودة عند شيخنا في البلد .. صحيح مسلم ، الترمذي ، صحيح النسائي ، كتب السنن والسيرة كلّها .. تفسير ابن كثير ، تفسير الجلالين ، تفسير القرطبي ، تفسير الفخر الرازي ، يا إلهي ! هذه مكتبة سنّيّة وليست شيعيّة ، كل كتب السنّة موجودة بالإضافة إلى كتب الشيعة !! يا إلهي ! ما هذه الحواجز ؟ ما هذه الإشاعات ؟

هل علماؤنا يعمدون التجهيل بنا ؟ هل علماؤنا مضللون ؟ هل علماؤنا لا يعرفون الحقيقة ؟ يا إلهي ! كيف كان يقول لي أحد علماؤنا : كتبهم محرَّفة ومزوَّرة


الصفحة 496

ومدسوسة ؟ ومن هنا كانت انطلاقة البحث ، والثورة في عالم العقائد والإلهيّات ، والانفتاح على القراءة ، ومتابعة البحث دون تردّد ، فودَّعت الشيخ ، وشكرته على ما أطلعني عليه في هذه المكتبة من كتب ، وقلت له : أُريد منك عنوان العالم العراقي الذي كان سنّيّاً وتشيَّع حتى ألتقي به ، فأعطاني العنوان وخرجت(1) .

____________

1- ومن الحوار اكتشفت الحقيقة ، هشام آل قطيط : 47 ـ 62 .