الصفحة 208
وعن عبد الرحمن بن عوف، وعن عبدالله بن العباس، وعن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعن جابر بن عبدالله، وعن البراء بن عازب، وعن أنس بن مالك، وعن المنكدر بن عبدالله عن أبيه، وعن علي بن الحسين(1)(عليهما السلام)، وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام)، وعن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، وعن الحسن البصري، وعن قتادة، وعن علباء(2) بن أحمر، وعن عامر بن شراحيل الشعبي، وعن يحيى بن يعمر(3)، وعن مجاهد بن جبر المكّي(4)، وعن شهر بن حوشب.

ونحن نذكر حديثاً واحداً، فإنّه أجمع، وهو من أول الوجهة الاوّلة من القائمة السادسة من الجزء الثاني بلفظه:

المنكدر بن عبدالله، عن أبيه:

حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز، قال:

____________

(1) ع. ض: بن أبي الحسين.

(2) ع. ض: علياء، والمثبت من ط، وهو الصحيح، راجع: تهذيب الكمال: 20 / 293.

(3) ع. ض: وعن يحيى نعمن، ط: وعن يحيى بن نعمان، والمثبت من ب، وهو الصحيح، راجع: تهذيب الكمال 32 / 53.

(4) ط: مجاهد بن حمر الكمي، حاشية ع: مجاهد بن جبير الكمي، وورد في ع. ض مع اضطراب غير قابل للقراءة.

وذكره المزي في تهذيب الكمال 27 / 228 فقال: مجاهد بن جبر ـ ويقال ابن جبير والاول أصح ـ المكّي....


الصفحة 209
حدّثنا محمد بن الفيض بن فيّاض أبو الحسن بدمشق، قال: حدّثني عبد الرزاق بن همام الصنعاني، قال: حدثنا عمر ابن راشد، قال: حدثنا محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جدّه(1) قال:

لمّا قدم السيد والعاقب أسقفا نجران في سبعين راكباً وفداً على النبي (صلى الله عليه وآله)، كنتُ معهم وكرز(2) يسير وكرز صاحب نفقاتهم، فعثرت بغلته فقال: تعس من نأتيه(3)، يريد بذلك النبي (صلى الله عليه وآله).

فقال له صاحبه(4) وهو العاقب: بل تعست وانتكست فقال: ولم ذلك؟

قال: لانّك أتعستَ النبيّ الامي أحمد.

قال: وما علمك بذلك؟

قال: أما تقرأ المصباح الرابع من الوحي إلى المسيح: أن قُل لبني إسرائيل ما أجهلكم تتطيّبون بالطيب لتطيبون به في الدنيا عند أهلها وإخوانكم عندي(5) جيف الميتة، يا بني

____________

(1) عن جدّه، لم يرد في ع. ض.

(2) وفي بعض المصادر: كُززٌ.

(3) ع. ض: يأتيه، ط: تأتيه، والمثبت من ب.

(4) صاحبه، لم يرد في ع. ض.

(5) ع: وأجوافكم عندي، ب: وأهلكم وأجوافكم عندي.


الصفحة 210
إسرائيل آمنوا برسولي النبي الامي(1) الذي يكون في آخر الزمان، صاحب الوجه الاقمر والجمل الاحمر المُشْرَب بالنور ذي الجناب الحسن والثياب الخشن، سيّد الماضين عندي وأكرم الباقين عليّ المستنّ بسنّتي والصابر في ذات نفسي والمجاهد شدّة(2) المشركين من أجلي، فبشّر به بني إسرائيل ومُر بني إسرائيل أن يعزّروه(3) وينصروه.

قال عيسى: قدّوس قدّوس مَن هذا العبد الصالح الذي قد أحبّه قلبي ولم تره عيني؟

قال: هو منك وأنت منه وهو صهرك على أمّك، قليل الاولاد كثير الازواج يسكن مكّة من موضع أساس وطىء إبراهيم (عليه السلام)، نسله من مباركة وهي ضرّة أمّك في الجنة، له شأن من الشأن، تنام عيناه ولا ينام قلبه، يأكل الهديّة ولا يقبل(4) الصدقة، له حوض من شفير زمزم إلى مغرب الشمس حيث تغرب(5) فيه شرابان من الرحيق والتسنيم

____________

(1) ض. حاشية ع: الامامي، وكذا في المورد الذي قبله.

(2) حاشية ع. ط: بيده، بدلاً من: شدّة.

(3) أي: ينصروه ويعظّموه. المصباح المنير: 407.

(4) ب: ولا يأكل.

(5) ض. حاشية ع: تغرف.


الصفحة 211
فيه أكاويب عدد نجوم السماء مَن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً وذلك بتفضيلي إيّاه على سائر المرسلين، يوافق قوله فعله وسريرته علانيته، فطوباه(1) وطوبى أمّته الّذين على ملّته يحيون وعلى سنّته يموتون ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنّين مباركين، يكون في زمن قحط وجدب فيدعون فترخي السماء عَزَاليَها(2)، حتّى يرى أثر بركاتها في أكنافها، وأبارك فيما يضع يده فيه.

قال: إلهي سمّه.

قال: نعم هو أحمد(3) وهو محمد رسولي إلى الخلق كافّة، أقربهم منّي منزلة وأخصّهم منّي شفاعة، لا يأمر إلاّ بما أحبّ ولا ينهى إلاّ عمّا أكره.

قال له صاحبه: فأنّى تقدم على مَن هذه صفته بنا؟

قال: نشهد أقواله وننظر آياته، فان يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة بأموالنا(4) عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا، وإن يكن كذّاباً كفيناه بكذبه على الله.

____________

(1) ع. ض: فطوبى، والمثبت من حاشية ع. ط.

(2) أرسلت السماء غَزَالِيَهَا: إشارة إلى شدّة وقع المطر، على التشبيه بنزوله من أفواه المزدلفات. المصباح المنير 408.

(3) هو أحمد، من ط. ب، ولم يرد في ع. ض.

(4) ب: ونكفّه بأموالنا.


الصفحة 212
قال له صاحبه: ولم إذا رأيت الحقّ(1) لا تتبعه؟

قال: ما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم مكرّمونا(2) ومولّونا ونصبوا لنا كنائساً(3) وأعلوا فيها ذكرنا، فكيف تطيب النفس بدين(4) يستوي فيه الشريف والوضيع؟!

فلمّا قدموا المدينة قال مَن يراهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما رأينا وفداً من وفود العرب كانوا أجمل من هؤلاء لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله)متناء عن المسجد، فحضرت صلاتهم فقاموا يصلّون في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)تلقاء المشرق، فهمّ رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)يمنعهم، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: «دعو هم»، فلمّا قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا: يا أبا القاسم حاجّنا في عيسى.

:

فقال: «عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه».

فقال أحدهم: بل هو ولده وثاني اثنين، وقال آخر: بل ثالث

____________

(1) حاشية ع: العلامة.

(2) ب: كرّمونا.

(3) ع. ط: كنايسنا.

(4) حاشية ع: بالدخول في دين.


الصفحة 213
ثلاثة أب وابن وروح قدس، وقد سمعنا في قرآن نزل عليك يقول: فعلنا وجعلنا وخلقنا، ولو كان واحداً لقال: خلقت وجعلت وفعلت.

فتغشّى النبي (صلى الله عليه وآله) الوحي ونزل على صدره سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين(1) منها: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْم فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأنْفُسَنَا وَأنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)(2)، فقصّ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القصة وتلى عليهم القرآن.

فقال بعضهم لبعض: قد والله أتاكم بالفصل من خبر صاحبكم.

وقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله قد أمرني بمباهلتكم».

فقالوا: إذا كان غداً باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض حتّى ننظر مَن يباهلنا غداً بكثرة أتباعه من أدناس(3) الناس، أم بأهله من أهل الصفوة والطهارة، فإنّهم وشيج الانبياء وموضع بهلهم.

____________

(1) أي: الاية الستين من سورة آل عمران.

(2) آل عمران: 3 / 61.

(3) ط: من أوباش، ع. ض: مرادنا بين، والمثبت من حاشية ع.


الصفحة 214
فلمّا كان من غد، غدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)بيمينه عليّ وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة (عليهم السلام) عليهم الحلل النجرانية وعلى كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله)كساءاً قطواني(1) رقيق خشن ليس بكثيف ولا ليّن، فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما(2) ونشر الكساء عليهم وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الايسر معهم تحت الكساء معتمداً على قوسه النبع(3) ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون.

واصفرّ لون السيد والعاقب وزلزلا حتّى كاد أن تطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنُباهله؟ قال: أو ما علمت أنّه ما باهل قوم قطّ نبيّاً فنشأ صغيرهم وبقي(4) كبيرهم، ولكن أرِه إنّك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد فإنّ الرجل محارب، وقل له: أبهؤلاء تباهلنا، لئلاّ يرى أنّه قد تقدّمت معرفتنا بفضله وفضل(5) أهل بيته.

فلمّا رفع النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء للمباهلة، قال أحدهما

____________

(1) ط: فوطي، ع. ض: قوطني، والمثبت من حاشية ع. حاشية ض.

(2) ع. ض: فأمر بشجرتين بعضهن فكسح ما فيها، والمثبت من ب.

(3) ع: الينع، ض: اليسع، والمثبت من ط.

(4) ع: أو بقي.

(5) ع. ض: في فضل.


الصفحة 215
لصاحبه: وأيّ رهبانية؟ دارك الرجل فإنّه إن فاه ببهلة لم نرجع إلى أهل ولا مال.

فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا؟

قال: نعم، هؤلاء أوجه مَن على وجه الارض بعدي إلى الله وجهة وأقربهم إليه وسيلة.

قال فبصبصا ـ يعني ارتعدا وكرّا ـ وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كلّ عام على أنّ الدرع والسيف والحجف عندك إعارة حتّى يأتي شيء من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالّذي رأينا وشاهدنا فيكون الامر على ملا(1) منهم، فإمّا الاسلام وإمّا الجزية والمقاطعة في كلّ عام.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): «قد قبلت منكما(2)، أما والّذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لاضرم الله عليكم الوادي ناراً تأجّج ثمّ يساقها إلى من ورائكم في أسرع من طرف العين فحرقتهم تأجّجاً».

فهبط عليه جبرئيل الروح الامين فقال: يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك: وعزّتي وجلالي لو باهلتَ بمن تحت الكساء أهل السماء وأهل الارض لتساقطت عليهم السماء

____________

(1) ع. ض: على في ملاء.

(2) حاشية ع: ذلك منكما.


الصفحة 216
كسفاً مهافتة ولقطعت الارضون زبراً(1) فلم يستقرّ عليها بعد ذلك.

فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) يديه حتّى روئي بياض أبطيه ثمّ قال: «على مَن ظلمكم حقّكم وبخسني الاجر الّذي افترضه الله عليهم(2) فيكم بَهْلَةُ الله تتابع إلى يوم القيامة»(3).

يقول عليّ بن موسى بن طاووس:

قد مضى في هذا الحديث أنّ سيّدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) غدا بيمينه عليّ وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة (عليها السلام)، ورويت من عدّة طرق: أنه أخذ بيمينه الحسن وبيساره الحسين وفاطمة وراءه ومولانا عليّ وراءها(4)، والحديثان صحيحان، فإنّه صلوات الله عليه وآله خرج ذلك اليوم ضاحي النهار عن منزله وكان بين منزله وبين الموضع الذي باهلهم فيه تباعد، يحتمل أنّه كان مرّة يصحبهم في طريقه ومحادثته لهم على صفات مختلفات بحسب ما تدعو له الحاجة في المخاطبات منه (عليه السلام)لهم وخلوّ الطرقات، فحكى كلّ راو(5) ما رآه.

أقول:

____________

(1) ب: زبراً سايحة.

(2) ع: عليكم.

(3) ومثله في الاختصاص: 112.

(4) راجع: الطرائف: 44 ـ 45.

(5) ع: راء.


الصفحة 217
ومضى في الحديث أنّ السيّد والعاقب عرفاً أنّه نبيّ صادق وخالفاه، وربّما تعجّب أحد كيف تقع المخالفة مع المعرفة على اليقين، وهذا كثير في القرآن بشهادة ربّ العالمين، قال جلّ جلاله: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بهِ)(1)، وقال جلّ جلاله: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً)(2).

أقول:

ومضى في الحديث أنّه (عليه السلام) قال: بَهْلَةُ(3) الله على مَن ظلمهم وبخسهم إلى آخره، وربّما يقال: إنّ الّذين ظلموهم ما أهلكوا.

واعلم

أنّ المباهلة التي قال (عليه السلام) وقال له جبرئيل (عليه السلام): أنّها تقتضي الهلاك، إنّما كانت تكون بين اثنين مباهل له (عليه السلام) ومباهلهم هو ليقع الهلاك العاجل، والذين ظلموهم كانوا غير مباهلين له (عليه السلام)، وكانوا في خفارة(4)أنّهم آخر الامم وأنّ في أصلاب كثير منهم ذرّية مرضيّة، فتأخّر عنهم استيصال المعاجلة الالهيّة.

أقول:

واعلم إن حصل إنصاف لهؤلاء الذين اختصّت بهم مباهلة ربّ العالمين وسيّد المرسلين ولو عرف كلّ مطلع على أخبارهم كيف ترك الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) عند ضيق الحجّة والبرهان جميع القرابة والصحابة

____________

(1) البقرة: 2 / 89.

(2) النمل: 27 / 14.

(3) ع. ض: شهد، والمثبت من حاشية ع.

(4) ض. ط: خفارهم.


الصفحة 218
وأهل العلم منهم والجهاد والايمان ولم يكن فيهم ولا(1) واحد يدخل مع هؤلاء في مباهلته، لكان في ذلك من التعظيم لهم والتمسّك بهم ما يظفر كلّ إنسان بعد(2) ذلك بسعادة في دنياه وآخرته.

[20] فصل:

فيما نذكره من الجزء الثالث من الكتاب المذكور، من الوجهة الثانية من أول قائمة منه، قوله جلّ وعزّ: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)(3).

يقول عليّ بن موسى بن طاووس:

إنّما ذكرتُ هذه الاية الشريفة مع شهرة أنّها نزلت في مولانا علي، لانّني وجدتُ صاحب هذا الكتاب قد رواها بزيادات عما كنّا وقفنا عليه، وهو أنّه رواها من تسعين طريقاً بأسانيد متّصله كلّها أوجلّها من رجال المخالفين لاهل البيت (عليهم السلام).

أقول:

وممن سمّى صاحب الكتاب(4) من رواة هذا الحديث:

مولانا عليّ (عليه السلام)، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي

____________

(1) ض. ط: إلاّ.

(2) ع: فعل.

(3) المائدة: 5 / 55.

(4) الكتاب، لم يرد في ع. ض.


الصفحة 219
وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وعبدالله بن العباس، وأبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجابر بن عبدالله الانصاري، وأبو ذر، والخليل بن مرّة، وعليّ بن الحسين (عليه السلام)، وأبو جعفر محمد ابن علي (عليه السلام)، وجعفر بن محمد(1)، وأبو هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفية، ومجاهد بن جبير المكي، ومحمد بن سيرين(2)، وعطاء بن السائب، ومحمد بن السائب، وعبد الرزاق.

ومَن نذكر من التسعين طريقاً ثلاثة أحاديث(3)، كلّ حديث(4) غير الاخر:

فالحديث الاوّل أوّله من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة من أول الجزء الثالث بلفظه:

أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله):

حدّثنا عليّ بن أحمد، قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدّثنا يحيى بن هاشم المغاني(5)، حدّثني محمد بن عبيد الله بن عليّ بن أبي رافع، عن عون

____________

(1) ب: وعلي بن الحسين والباقر والصادق (عليهم السلام).

(2) ض: سري، ط: السري.

(3) ض. ط: ومن يذكر من التسعين طريقاً لانه أحاديث.

(4) حاشية ع: كلّ حديث في معنى.

(5) حاشية ع: الغساني، ط: المعالي.


الصفحة 220
بن عبيد الله، عن أبيه، عن جدّه أبي رافع قال:

دخلتُ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نائم أو يوحى إليه، فإذا حيّة في جانب البيت، فكرهتُ أن أقتلها فأوقظه(1)، وظننتُ أنّه يوحى إليه، فاضطجعت بينه وبين الحيّة لئن كان منها سوء يكون فيّ(2) دونه، قال فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله) وهو يتلو هذه الاية: (إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، ثم قال: «الحمد لله الذي أكمل لعليّ نعمه، وهنيئاً لعليّ بتفضيل الله إيّاه» قال: ثمّ التفت إليّ فقال: «ما يضجعك ها هنا؟».

فأخبرته الخبر.

فقال لي: «قم إليها فاقتلها».

قال: فقتلتها، ثمّ أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيدي فقال: «يا أبا رافع ليكوننّ عليّ منك بمنزلتي غير أنّه لا نبيّ بعدي، إنّه سيقاتله قوم يكون حقّاً في الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فجاهدهم بلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فجاهدهم بقلبه، ليس وراء ذلك شيء، وهو على الحقّ وهم على الباطل».

قال: ثم خرج وقال: «أيّها الناس مَن كان يحبّ أن ينظر إلى

____________

(1) ع. ض. ب: فأوقظته، والمثبت من حاشية ع.

(2) ع: لي، ط: إليّ.


الصفحة 221
أميني فهذا أميني»، يعني أبا رافع.

قال محمد بن عبيد الله: فلمّا بويع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)وسار طلحة والزبير إلى البصرة(1) وخالفه معاوية وأهل الشام، قال أبو رافع: هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّه سيقاتل عليّاً قوم يكون حقاً في الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شيء»، فباع أبو رافع داره وأرضه بخيبر، ثمّ خرج مع عليّ (عليه السلام) بقبيلته وعياله وهو شيخ كبير ابن خمس وثمانين سنة، ثمّ قال: الحمد لله لقد أصبحتُ وما أعلم أحداً بمنزلتي: لقد بايعت البيعتين ـ بيعة العقبة وبيعة الرضوان ـ ولقد صلّيت القبلتين وهاجرتُ الهجر الثلاث فقيل له: وما الهجر الثلاث؟

قال: هجرة مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي إذ بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهجرة إلى المدينة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذه هجرة مع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الكوفة.

ثمّ لم يزل معه حتّى استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ورجع أبو رافع مع الحسن (عليه السلام) إلى المدينة ولا دار له ولا أرض، فقسم له الحسن (عليه السلام) دار عليّ بن أبي طالب نصفين وأعطاه بينبع أرضاً أقطعها إيّاه، فباعها عبيد الله بن أبي رافع بعد من

____________

(1) ع. ض: البصيرة.


الصفحة 222
معاوية بمائتي ألف درهم وستّين ألفاً.

وأما الحديث الثاني من الكتاب المذكور من الجزء الثالث منه، فهو من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة عشر من الجزء المذكور بلفظه:

ما روي في نقش الخاتم الذي تصدّق به عليّ (عليه السلام) وهو راكع:

حدّثنا عليّ بن زهير الصيرفي، قال: حدّثنا أحمد بن منصور، قال: حدّثنا عبد الرزاق، قال:

كان خاتم عليّ (عليه السلام) الذي تصدّق به وهو راكع حلقة فضة فيها مثقال عليها منقوش الملك لله.

وأمّا الحديث من الجزء الثالث المذكور بلفظه:

حدّثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، قال: حدّثنا جدّي يحيى بن الحسن، قال: حدّثنا أبو بريد(1) أحمد بن يزيد، قال: حدّثنا عبد الوهّاب بن حازم، عن مخلّد بن الحسن، عن المبارك، عن الحسن(2)، قال: قال عمر بن الخطاب:

أخرجتُ من مالي(3) صدقة يتصدّق بها عنّي وأنا راكع

____________

(1) ع: أبو يزيد.

(2) ب: عن مخلّد عن المبارك عن الحسن.

(3) ض. ب: مال.


الصفحة 223
أربعاً وعشرين مرّة على أن ينزل فيّ ما نزل في عليّ، فما نزل!!

[21] فصل:

نذكره من الجزء الرابع منه من الوجهة الاوّلة من القائمة التاسعة والثلاثين من الجزء المذكور، قوله جلّ وعزّ (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)(1).

روى من اثني عشر طريقاً: أنّ الاعمال تعرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله)بعد وفاته.

وفي عدّة روايات منها: أنّ المؤمنين المذكورين في الاية الّذين تعرض الاعمال عليهم هم الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم ونذكر من طرقه طريقاً واحداً بلفظها:

أخبرنا عبدالله بن أبي العلاء المذاري(2)، قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن شمّون، قال: حدّثنا عثمان بن رشيد البصري(3)، عن الحسن بن عبدالله الارجاني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري:

أنّ عمّار بن ياسر قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وددتُ أنّك عمّرتَ فينا عمر نوح (عليه السلام).

____________

(1) التوبة: 9 / 105.

(2) ع. ض: عبدالله بن العلاء المذاري، والمثبت من حاشية ع.

راجع: رجال العلامة: 111 رقم 43.

(3) ض: النضري.


الصفحة 224
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا عمّار حياتي خير لكم ووفاتي ليس بشرّ لكم، أمّا في حياتي فتحدثون وأستغفر الله لكم، وأمّا بعد وفاتي فاتّقو الله وأحسنوا الصلاة عليّ وعلى أهل بيتي، وإنكم(1) تعرضون عليّ بأسمائكم وأسماء آبائكم وأنسابكم وقبائلكم، فإن يكن خيراً حمدتُ الله وإن يكن سوى ذلك استغفرت(2) الله لذنوبكم»(3).

فقال المنافقون والشكّاك والّذين في قلوبهم مرض: يزعم أنّ الاعمال تعرض عليه بعد وفاته بأسماء الرجال وأسماء آبائهم وأنسابهم إلى قبائلهم، إنْ هذا لهو الافك.

فأنزل(4) الله عزّوجلّ: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).

فقيل له: ومَن المؤمنون؟

قال: «عامَّة وخاصّة، أمّا الّذين قال الله جلّ وعزّ (وَالْمُؤْمِنُونَ) فهم آل محمد الائمة منهم، ثمّ قال: (وَسَتُرَدُّونَ إلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من طاعة ومعصية»(5).

____________

(1) ع: فانّكم.

(2) في محاسبة النفس: وإن يكن سوءاً أستغفر.

(3) ع. ض: لكم بربكم، والمثبت من ط. ومحاسبة النفس.

(4) ع. ض: فأمر، والمثبت من ط. ومحاسبة النفس.

(5) نقل هذا الحديث المصنّف في كتابه محاسبة النفس عن كتاب محمد بن العباس أيضاً، ونقل حديثين آخرين عن الكتاب المذكور أيضاً في شأن نزول هذه الاية.

محاسبة النفس: 356 ـ 357.


الصفحة 225

يقول عليّ بن موسى بن طاووس:

إنّ استبعاد المنافقين لعرض الاعمال عليه صلوات الله عليه في غير موضع الاعتراض عليه، لانّهم يرون الارواح تفارق الاجساد على العيان والاجساد باقية كما كانت ما تغيّر منها شيء في ظاهر الوجدان، فهلاّ جوّزوا عرض الاعمال على الارواح كما يرون أنّ النائم كالميت وهو مع هده الحال يرى في منامه الامور العظيمة الّتي تحتاج إلى زمان طويل في أقلّ وقت قليل، ولقد كان لهم في ظهور صدقة (عليه السلام) على تطاول الازمان ما يقتضي التجويز وألاّ يقدموا على الطعن بما يجوز في الامكان.

واعلم

أنّ كلّ من صدّق بأنّ الاعمال تعرض عليه يلزمه من الادب معه (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته كما يلزمه من الادب كما لو كان بين يديه، وكما يلزمه إن أعلم أنّ حديثه ينتهي إليه، وكما يلزمه على أقلّ المراتب إذا كان حديثه يبلغ إلى صديق يعزّ عليه أو إلى سلطان بلده مما يأخذه عليه أو عالم من علماء البلد إذا كان محتاجاً إليه أو إلى عبد في داره يحفظ قلبه أن يتغيّر عليه، فإذا سقطت(1) حرمة مالك الجلالة وصاحب الرسالة عن هذه المراتب مع التصديق بعرض الاعمال عليه (صلى الله عليه وآله)، كان ذلك من جملة المصائب الّتي ينبغي أن يلبس العارف عليها ثياب السواد ويجلس على الرماد خوفاً أن يكون دعواه للايمان إنّما تكون بمجرّد

____________

(1) ع: أسقطت.


الصفحة 226
اللسان، كما قال الله جلّ جلاله: (قَالَتِ الاَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الاْيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)(1)، وربما تطرّق الامر في الاخطار ـ بأنّه(2) إذا لم يراع إطلاع رسول الله (صلى الله عليه وآله)بعد إطلاع العالم بالاسرار ـ إلى أنّ العقل والقلب والاذن قد عميت وصمّت بالاصرار، وصار صاحب هذه الاسباب يعتقد أنّه حيّ وهو كبعض الذوات(3).

[22] فصل:

فيما نذكره من الجزء الخامس من المجلّدة الاوّلة من الكتاب المذكور، من الوجهة الثانية من القائمة الخامسة عشر منه، قوله جلّ وعزّ: (إنَّمَا أنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)(4).

يقول عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن طاووس:

إنّما ذكرنا هذه الاية مع ظهور أنّ المراد بالهادي مولانا علي صلوات الله عليه ـ وقد ذكرنا في الطرائف(5) من طريق المخالف في ذلك ما يعمل عليه ـ لانّ صاحب هذا الكتاب روى أنّ الهادي عليّ (عليه السلام)، روى ذلك من خمسين طريقاً، ونحن نذكر منها طريقاً واحداً بلفظها:

حدثنا عليّ بن أحمد، قال: حدثنا حسن بن عبد الواحد،

____________

(1) الحجرات: 49 / 14.

(2) ع. ض: فانّه، والمثبت من حاشية ع.

(3) ط: الدواب.

(4) الرعد: 13 / 7.

(5) الطرائف: 79.


الصفحة 227
حدثنا حسن بن حسين، عن محمد بن بكر ويحيى بن مساور، عن أبي الجارود الهمداني، عن أبي داود السبيعي، عن أبي بردة(1) الاسلمي، عن النبي (صلى الله عليه وآله):

(إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد)، قال: فوضع يده على منكب عليّ فقال: «هذا الهادي من بعدي».

يقول عليّ بن موسى بن طاووس:

كان ظاهر رجوع الصحابة إلى مولانا علي (عليه السلام) فيما(2) يشكل عليهم بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله)، كاشف عن أنّ الهادي هو مولانا عليّ صلوات الله عليه.

وإظهاره على رؤوس الاشهاد وعلى المنابر بين الاضداد والحّساد: «سلوني قبل أن تفقدوني»(3)، ومعرفته بكلّ جواب شاهد صريح بما تضمّنه صريح(4) الكتاب، وتعريفه تأبيد(5) الخلائق وصفات الملائكة والسماوات والارضين وآيات الله في المغارب والمشارق، وشرحه لنا ما ألقى(6) رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليه من الحوادث التي

____________

(1) ع. ض: عن أبي آلاء، والمثبت من حاشية ع.

(2) حاشية ع: فما.

(3) راجع: فرائد السمطين 1 / 355 رقم 281، مناقب الامام علي للخوارزمي: 92 رقم 85.

(4) حاشية ع: مقدّس.

(5) ط: تأييد.

(6) حاشية ع: لما ألقى.