سورة الفلق:
مكّية في قول ابن عباس، وقال الضحّاك: مدنية.
وهي خمس آيات بلا خلاف(1).
سورة الناس:
مكّية في قول ابن عباس والضحّاك.
وهي ست آيات بلا خلاف(2).
يقول عليّ بن موسى بن طاووس:
ومن عجيب هذه المقالة عن ابن عباس رضوان الله عليه أنّهم قد علموا أنه ما كان بالغاً ولعلّ ما كان موجوداً بمكّة عند نزول السور المكّية، وإنّما رواها عن غيره مّمن حضرها.
فهلاّ ذكروا القرابة والصحابة الّذين رواها ابن عباس عنهم، وحملوا ذكرهم بهذا المقدار، وكان زيادة في قوّة النقل والاثار؟!
[209] فصل:
فيما نذكره عمّا نزل من القرآن بالمدنية، على ما وجدناه ورويناه عن جدّي الطوسي (رحمه الله):
سورة البقرة:
كلّها مدنيّة.
وهي مائتان وست وثمانون آية كوفي، وست(3) في
____________
(1) التبيان: 10 / 432.
(2) التبيان: 10 / 435، مع اختلاف.
(3) في المصدر: إلى آخر سبع آيات.
وروي: أنّ قول: (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللهِ)(1) نزلت بمنى في حجّة الوداع(2).
سورة آل عمران:
مائة(3) آية في الكوفي.
وروي عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وجميع المفسّرين: أنّ هذه السورة مدنيّة(4).
سورة النساء:
مائة وستة وسبعون آية كوفي، وخمس وسبعون بصري ومدنيّين.
وهي كلّها مدنيّة، وقال بعضهم: إلاّ آية وهي قوله: (إنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الاْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)(5)، فانّ هذه الاية نزلت بمكّة عند فتحها(6).
____________
(1) البقرة: 2 / 281.
(2) التبيان: 1 / 47.
(3) في المصدر: مائتا.
(4) التبيان: 2 / 388.
(5) النساء: 4 / 58.
(6) التبيان: 3 / 97، مع اختلاف.
سورة المائدة:
مدنيّة في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة، وقال جعفر بن مبشر: هي مدنيّة إلاّ قوله: (الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(1)في حجّة الوداع، وقال الشعبي: نزلت (الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم) والنبي (عليه السلام) واقف على راحلته في حجّة الوداع.
يقول عليّ بن موسى بن طاووس:
وقد روينا في هذا الكتاب وكتاب(2) الطرائف(3) وكتاب الاقبال(4) من طرق المخالفين لاهل البيت (عليهم السلام) يوم غدير خمّ نزولها عند النصّ من النبي (عليه السلام) على مولانا عليّ (عليه السلام) بالولاية، وهو أليق بصورة الحال عند ذوي العناية والرعاية.
وقال ابن عمر: آخر سورة نزلت بالمدنية.
وهي مائة وعشرون آية كوفي، واثنتان وعشرون بالمدنيّين، وثلاث وعشرون بصري(5).
____________
(1) المائدة: 5 / 3.
(2) ع. ض: في كتاب.
(3) الطرائف: 147.
(4) الاقبال: 2 / 240، الفصل الثالث من الباب الخامس.
(5) التبيان: 3 / 413.
سورة الانفال:
مدنيّة في قول ابن عباس وقتادة ومجاهد وعثمان، وحكي عن ابن عباس أنّها مدنيّة إلاّ تسع(1) آيات، أوّلها: (وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا)(2) إلى تسع آيات(3)، وروي عن ابن عباس: أنّ الانفال نزلت في بدر.
وهي سبع وخمسون آية في الشامي، وست في البصري والمدنيّين، وخمس وسبعون آية في الكوفي(4).
سورة براءة:
مدنيّة.
وهي مائة وتسع وعشرون آية في الكوفي، وثلاثون في البصري والمدنيّين، قال قتادة ومجاهد وعثمان: هي مدنيّة وهي إلى ما نزل(5)(6).
____________
(1) في المصدر: إلاّ سبع.
(2) الانفال: 8 / 30.
(3) في المصدر: إلى آخر سبع آيات.
(4) التبيان: 5 / 71.
(5) حاشية ع: وهي أول ما نزل.
(6) التبيان: 10 / 167، مع اختلاف، وفيه: هي آخر ما نزلت على النبي (صلى الله عليه وآله) بالمدينة....
الرعد:
قال قتادة: هي مدنيّة إلاّ آية منها فانّها مكّية وهي قوله: (وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قَارِعَةٌ)(1) الاية، وقال مجاهد: هي مكّية.
وليس فيها ناسخ ولا منسوخ.
وهي ثلاث وأربعون آية في الكوفي، وأربع في المدنيّين، وخمس في البصري(2).
الحجّ:
قال قتادة: هي مدنية إلاّ أربع آيات فإنّها مكّيات ومن قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُول وَلاَ نَبِيّ) إلى قوله: (عذاب مُهينٌ)(3)، وقال مجاهد وعباس(4) بن أبي ربيعة: هي مدنية كلّها.
وهي ثمان وسبعون آية في الكوفي، وست في المدنيّين، وخمس في البصري(5).
____________
(1) الرعد: 13 / 31.
(2) التبيان: 6 / 211.
(3) الحج: 22 / 52 ـ 57.
(4) في المصدر: وعياش.
(5) التبيان: 7 / 287، مع اختلاف.
النور:
مدنيّة بلا خلاف.
وهي أربع وستون آية في البصري والكوفي، واثنتان وسبعون في المدنيّين(1).
سورة الاحزاب:
مدنيّة في قول مجاهد وحسن البصري.
وهي ثلاث وسبعون آية بلا خلاف(2).
الفتح:
مدنيّة بلا خلاف.
وهي تسع وعشرون آية بلا خلاف(3).
الحجرات:
مدنيّة إلاّ آية واحدة قوله تعالى: (يَا أيُّها النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ)(4) إلى آخرها، وقال قوم: كلّها مدنيّة.
وهي ثمان عشرة آية بلا خلاف(5).
____________
(1) التبيان: 7 / 403، مع اختلاف.
(2) التبيان: 8 / 311.
(3) التبيان: 9 / 312.
(4) الحجرات: 49 / 13.
(5) التبيان: 9 / 339.
الحديد:
مدنيّة بلا خلاف.
وهي تسع وعشرون آية في الكوفي والبصري، وثمان(1) وعشرون في المدنيين(2).
المجادلة:
مدنيّة بلا خلاف.
وهي اثنتان وعشرون آية في الكوفي والبصري والمدني الاول، وأحد وعشرون في المدني الاخر(3).
الحشر:
مدنيّة بلا خلاف.
وهي أربع وعشرون آية بلا خلاف(4).
الممتحنة:
مدنيّة بلا خلاف.
____________
(1) ع. ض: وثلاث.
(2) التبيان: 9 / 517.
(3) التبيان: 9 / 539.
(4) التبيان: 9 / 558.
الصف:
مدنيّة بلا خلاف.
وهي أربع عشرة(2) آية بلا خلاف(3).
سورة الجمعة:
مدنيّة.
وهي إحدى عشرة(4) آية ليس فيها خلاف.
وقال ابن عباس والضحّاك: هي مكّية(5).
سورة المنافقين:
مدنية بلا خلاف، وهو قول ابن عباس وعطاء والضحّاك ومجاهد.
وهي إحدى عشرة آية بلا خلاف(6).
____________
(1) التبيان: 9 / 575.
(2) ع. ض: وعشرة.
(3) التبيان: 9 / 590.
(4) ع. ض: وعشرة.
(5) العبارة كلّها ساقطة من التبيان المطبوع. راجع: التبيان: 10 / 3.
(6) التبيان: 10 / 10، مع اختلاف.
سورة التغابن:
مدنيّة بلا خلاف في قول ابن عباس وعطاء والضحّاك وهي ثمان عشر آية بلا خلاف(1).
سورة الطلاق:
مدنيّة في قول ابن عباس وعطاء والضحّاك وغيرهم.
وهي اثنتا عشر آية في الكوفي والمدنيّين، وعشر في البصري(2).
سورة التحريم:
مدنيّة في قول ابن عباس والضحّاك وغيرهما.
وهي اثنتا عشرة آية بلا خلاف(3).
سورة لم يكن:
مدنية في قول ابن عباس والضحّاك.
وهي ثمان آيات في الكوفي والمدنيّين، وتسع آيات في البصري(4).
____________
(1) التبيان: 10 / 17.
(2) التبيان: 10 / 27.
(3) التبيان: 10 / 43.
(4) التبيان: 10 / 387.
سورة الزلزلة:
مدنيّة في قول ابن عباس، وقال الضحّاك: مكّية.
وهي ثمان آيات في الكوفي والمدنيّين، وتسع آيات في البصري والمدني الاخير(1).
سورة النصر:
مدنيّة في قول ابن عباس والضحّاك.
وهي ثلاث آيات بلا خلاف(2).
يقول عليّ بن موسى بن طاووس:
واعلم أنّ عبدالله بن العباس رضوان الله عليه كان تلميذ مولانا عليّ ابن أبي طالب (عليه السلام)، ولعلّ أكثر الاحاديث الّتي رواها عن النبي (عليه السلام)كانت عن مولانا عليّ عن النبي صلوات الله عليهما، فلم يذكر ابن عباس مولانا عليّاً (عليه السلام) لاجل ما رأى من الحسد له والحيف(3) عليه، فخاف أن لا تنقل الاخبار عنه إذا أسندها إليه صلوات الله عليه.
وإنّما احتمل الحال مثل هذا التأويل، لانّ مصنّف كتاب
____________
(1) التبيان: 10 / 392.
(2) التبيان: 10 / 424.
(3) حاشية ع: والحنق.
أنّ عبدالله بن عباس قال: توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم يعني المفصّل(1).
وهو أعرف بعمره.
وروى عن غيره:
أنّه كان له عند وفاة النبي صلوات الله عليه ثلاث عشرة سنة(2).
فهل ترى ابن عشر سنين وابن ثلاثة عشرة سنة ممّن يدرك كلما أسنده عبدالله بن عباس عن النبي صلوات الله عليه وآله يحفظ ألفاظه وتفاصيله بغير واسطة ممّن يجري قوله مجرى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!
أقول:
وأمّا أنّ عبدالله بن عباس كان تلميذ مولانا أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)فهو من الامور المشهورة بين أهل الاسلام.
وقد ذكر محمد بن عمر الرازي في كتاب الاربعين ما هذا لفظه:
ومنها: علم التفسير، وابن عباس رئيس المفسّرين، وهو كان تلميذ عليّ بن أبي طالب.
أقول:
والظاهر في الروايات الّتي أطبق على نقلها المخالف والمؤالف:
____________
(1) الاستيعاب: 3 / 66 رقم 1606.
(2) وهو قول الواقدي والزبير، الاستيعاب: 3 / 66.
فإنّهم رووا في صحيح البخاري ومسلم من الجمع بين الصحيحين للحميدي في الحديث الرابع من المتّفق عليه من مسند عبدالله ابن عباس أنّه قال:
لمّا احتضر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وفي بيته رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال النبي صلوات الله عليه وآله(2): «هلمّوا أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً»، فقال عمر بن الخطاب: إنّ النبي قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب ربّكم.
وفي الجزء الثاني من صحيح مسلم:
أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هجر.
قال الحميدي:
في حديث البخاري ومسلم ما هذا لفظه: فاختلف الحاضرون عند النبي صلوات الله عليه وآله: بعضهم يقول: القول ما قاله النبي صلوات الله عليه وآله فقرّبوا إليه كتاباً، ومنهم مَن يقول: القول ما قاله عمر، فلمّا أكثروا اللغط والاختلاف
____________
(1) أن، ليس في ع. ض.
(2) كذا ورد في الاصول المعتمدة، وكذا في الموردين الاتيين.
ثمّ قال:
كان عبدالله بن عباس يبكي حتّى تبلّ دموعه الحصى، ويقول: يوم الخميس وما يوم الخميس؟! قال راوي الحديث: فقلت يا أبا عباس وما يوم الخميس؟ فتذكّر عبدالله بن عباس يوم منع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ذلك الكتاب.
وكان عبدالله بن عباس يقول: الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله وبين كتابه(1).
أقول:
فهذا كما رووه قد كان سبب ما حصل من ضلال المسلمين، ولقد صدق عبدالله بن عباس في بكائه وشهادته بتعظيم تلك الرزية، فانه لو شاهد(2) ما حصلنا بعده فيه من الاختلاف في تفسير القرآن وأمور الدين لعلّ كان بكاؤه وبكاء غيره أعظم ما بلغوا إليه، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون
[ ] فصل:
ومن عجيب ما جرى أيضاً على الاسلام:
____________
(1) راجع: صحيح البخاري: 1 / 39 كتاب العلم، و: 4 / 85 كتاب الجهاد، و: 6 / 11 كتاب المرض، وصحيح مسلم: 5 / 75 كتاب الوصايا، ومسند احمد: 1 / 355، والطبقات لابن سعد: 2 / 37، وجامع الاصول: 11 / 69 ـ 71.
ونقله السيد ابن طاووس عن الحميدي في كتابه: الطرائف: 431 ـ 433.
وراجع بحار الانوار: 30 / 529 الطعن الاول.
(2) ع. ض: شاهدنا، والمثبت من حاشية ع.
فكيف جاز وشاع ترك الاجتماع وكشف الحقّ مع ما يتضمّنه هذا الحديث من الاخطار؟
فالواجب على كلّ ذي احتياط واستظهار ترك التقليد وتحقيق الامور من المجمع عليه، وقد أوضحنا عن ذلك في كتاب الطرائف بما هدانا الله جلّ جلاله إليه ودلّنا عليه.
[ ] فصل:
فيما نذكره من التنبيه على معجزات القرآن وآيات صاحب الفرقان.
____________
(1) حاشية ع: وافياً.
(2) حاشية ع: وتواصلوا.
يقول عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد(1) الطاوس، مصنّف ما بلغ إليه من كتاب سعد السعود:
وحيث قد انتهينا إلى آخر الجزء الاول بعنايات جود واجب الوجود وشرف بما عرف ولطف بما كشف، فنحن ذا كرون بالله جلّ جلاله ولله جلّ جلاله كلمات يسيرة تتضمّن تنبيهات كثيرة على بعض معجزات القرآن وآيات لصاحب الفرقان على ما يفتح على خاطرنا الان من مراحم مَن خلق الانسان وعلّمه البيان.
فيقول:
إنّ قوله جلّ جلاله في التحدّي بالكتاب العزيز كلّه أو بعشر سور منه أو سورة من مثله، وفي منع الله جلّ جلاله الّذين تحدّاهم أن يجتمعوا عند النبي (صلى الله عليه وآله) ويقولوا في المعارضة مهما وصل جهدهم إليه ويبهتوا بذلك في معارضته ويصير شبهة مع بقاء نبوّته، لايات باهرة وحجج قاهرة وإيضاحاً أنّ هذا المنع من مالك العقول والقلوب الناضرة(2).
ومن ذلك:
أنّهم حيث لم يحضروا عنده صلوات الله عليه لهذا المهمّ الّذي كانوا يتوصلون به في التلبيس عليه، فما الذي منعهم أن يجتمعوا عند بعض قرابته أو بعض صحابته ويقولوا ما يقدرون عليه، أو يقول كلّ واحد منهم بحسب قدرته؟ لو لا أنّ الله صرفهم بعنايته عن(3) شبهة منهم تقدح في كتابه ورسالته.
ومن ذلك:
أنّهم حيث لم يحضروا عنده ولا عند أحد من القرابة والصحابة، فما الّذي منعهم أن يجتمعوا في منازل رؤسائهم كما
____________
(1) ض: بن محمد بن محمد.
(2) حاشية ع: الباصرة.
(3) إلى هنا انتهت نسخة ض، وكلّ ما يأتي بعد هذا فهو من نسخة ع.
ومن ذلك:
أنّهم حيث عجزوا عن معارضته من جهتهم، فهلاّ سافروا بما سمعوه من القرآن إلى حكماء الهند والفلاسفة وغيرهم وتوصّلوا فيما يكون شبهه في معارضتهم؟ فقد أقام (عليه السلام) بينهم بمكّة وقت التحدّي لهم ثلاث عشرة سنة بغير عساكر ولا قوّة من الناس في صورة الناصر، لو لا أنّ الله جلّ جلاله أعجزهم بقدرته لاتمام حجّته وتثبيت نبوّته.
ومن ذلك:
حيث أنّهم لم يتوصّلوا في شيء ممّا ذكرناه من الشبهات، وكان عجزهم عنها من الايات، فحيث فاتهم قتله وهاجروا إلى المدينة وما بقوا يأمنون أن تكثر خيله ورجله، وقد بقي ثمان سنين بالمدينة لا يقدر عليهم، فما الّذي منعهم أن يتحيّلوا في شبهة تقتضي المعارضة لكتابه؟ لو لا أنّ الله جلّ جلاله أراد تأكيد الحجّة عليهم.
ومن ذلك:
وحيث أنّهم لم يفعلوا أوقات مسالمته لهم أو تعذّر الناصر عليهم، فما الّذي منعهم لمّا قتلهم ببدر وأهلك أهل العزّة عليهم؟ وهلاّ تحرّكت هممهم بعد هذه المخارقة والانتقام إلى معارضته بكلام يصير شبهة عند الجفاة الطغام؟ لو لا أنّ الله تعالى حمى دينه ونبيّه من شبهة تقدح في الاسلام.
ومن ذلك:
وحيث لم يقدر كفّار العرب على معارضة القرآن، فما الّذي منع حكماء الفرس وعلماء الروم ومَن جرى مجراهم من أهل
[ ] فصل:
واعلم أنّ قول الله جلّ جلاله بالتحدّي بمثله ما لعلّه محتمل لعدّة دلالات وحجج باهرات:
منها:
التحدّي أن يأتوا بمثل القرآن أو بعضه من إنسان قد علموا أنّه غير قارئ لكتاب من الكتب ولا متّهم بحفظه.
ومنها:
أن يأتوا بمثل سورة منه من قدرة وحيد فريد قد خذله الخلائق وأعرضوا(2) عنه.
ومنها:
أنّه يحكي فيه حديثهم له بألفاظهم ومجالسته معهم عند إقبالهم وإعراضهم، ويلتمس أن يأتوا بما كانوا قادرين عليه قبل التحدّي الّذي اعتمد عليه، فيعجزون عمّا كان في مقدورهم ويستحيل في تدبيرهم.
ومنها:
أن يأتوا بمثله في الاخبار بالقصص الماضيات وفيها مجادلات الكفّار غير الفصحاء الانبياء، فعجز مَن تحداه أن يأتي بما يناسب ذلك مع كمال الفصاحة والذكاء.
____________
(1) حاشية ع: الكثير.
(2) حاشية ع: أو أعرضوا.
ومنها:
تعريفه صلوات الله عليه وآله بالغائبات المستقبلات، وهم يعلمون أنّه ما كان مشغولاً بما يقتضي مثل ذلك منه في العادات.
ومنها:
اشتماله على دلالات الوحدانية والاوصاف الالهيّة بما لم يأت مثله في الكتب المتقدّمة الربانية.
ومنها:
تضمّنه لحوادث كان تصديقها في حياته.
ومنها:
تضمينه لما ظهر تحقيقه بعد وفاته.
ومنها:
دلالته على الشرائع والاداب الّتي فتحت مستغلق الابواب لاهل الالباب حتّى امتلات من تصانيف علومه بطون الاوراق وأشرقت بنوره ظلمات الافاق، مع قصر عمره الشريف، وزادت على كلّ نبيّ كانت له شريعة أو عرف أمته بتصنيف.
ومنها:
تعجيز أهل الكتابين أن يأتوا بمثل ما قد شرحه القرآن من الامور المذكورة في التوراة والانجيل، فيعجزوا أن يقابلوا كلام الله جلّ جلاله بعضه ببعض ويصير ذلك كالمستحيل.
ومنها:
تعجيزه لاهل الكتاب أن يتمنّوا الموت في جواب إنكارهم لنبوته، فتعجزوا عن كلمات يسيرة يجعلونها شبهة في مغالبته.
ومنها:
مباهلته بخاصّة عشيرته(1) الّذين أجمع العلماء أنّهم حضروا وعجز نصارى نجران عن مباهلته.
ومنها:
إظهاره لمفارقة أهل المشارق والمغارب ومعاداته في الله
____________
(1) حاشية ع: عترته.
ومنها:
أن تعريفه الغائبات لم يكن بآلات ولا بتفكّر ولا روايات.
ومنها:
أنّه صلوات الله عليه وآله مع كثرة الخصوم والاعداء ما غلبوه مرّة واحدة في حجّة ولا عدلوا به عن محجّة.
ومنها:
مكاتبته لملوك الاطراف بالعزّه والقوّة وإظهار احتقارهم مع قلّة أنصاره وكثرة أنصارهم.
ومنها:
أنّه ابتدأهم بطلب اتباعهم في ديارهم والحكم عليهم بذهاب ملكهم وإدبارهم.
ومنها:
صرف الكهنة أن يعارضوه.
ومنها:
صرف السحرة أن يمنعوه.
ومنها:
عجز العارفين بالنجوم أن يكشفوا أسراره.
ومنها:
قهر أهل الكتابين وغيرهم أن يطيقوا أنواره، وبشارات الكتابين أنّه النبيّ الّذي يصدق الله أخباره.
ومنها:
تعريف الله جلّ جلاله لكسرى الّذي بعث في حياته بدلالات النجوم أنّه نبيّ قاهر.
ومنها:
تعريف الله جلّ جلاله لقيصر ملك الروم بدلالات النجوم أنّه رسول ظاهر.
ومنها:
تعريف الله جلّ جلاله لمن عرفه من اليهود بدلالات النجوم أنّه نبيّ مرسل إلى الخلائق.
ومنها:
تعريف الله جلّ جلاله لكسرى الّذي أخذت البلاد منه وهو غير كسرى الاول أنّه نبيّ وأنّ أمّته تسلب ملكه عنه من بعده.
ومنها:
دلالات النجوم فيما يضيق عنه مضمون هذا الكتاب بتصديق نبوته فيما لا يحصى من الحادثات، وقد ذكرنا في كتاب فرج المهموم طرفاً ممّا دلّت عليه دلالات النجوم.
ومنها:
ظهور تصديقه فيما تجدّد لامّته به من إجابة الدعوات وقضاء الحاجات وتفريج الكربات.
ومنها:
ما تجدّد لامّته عند الاستسقاء على مرور الاوقات عن زوال تلك الضرورات.
ومنها:
ما اتفق لكلّ فرقة من الفرق مع اختلافها في فوائد رسالاته واجتماعها على تصديق نبوّته من المعجزات والكرامات الّتي تحتاج إلى مجلّدات.
ومنها:
استمرار علوم خواصّ عشيرته(1)، من غير إسناد معروف ولا دراسة كتاب موصوف ولا عجز عن جواب ولا عدول عن صواب.
ومنها:
ما اتفق لائمّتنا صلوات الله عليهم من أحد عشر ولد من ظهر واحد وولد بعد والد في كلّ علم على اختلاف الفوائد.
ومنها:
تعظيم أمورهم في حياتهم وتعظيم قبورهم بعد وفاتهم عند الاولياء والاعداء، وتركهم لمثل ذلك التعظيم في قبور كلّ ملك عظيم.
____________
(1) حاشية ع: عترته.
ومنها:
مفردات معجزاته وآياته الّتي يضيق عنها مجال الاحصاء ولا يسع وقتي للطمع في الاستقصاء.
ولقد اشتملت خزانة كتبي في مدّة عمري وطالعت في غير خزانتي بنظري، ووجدتُ مكاشفة ورأيت مشاهدة من آيات تصدّق نبوته، ما لو ذكرته لخرج الكتاب(1) عمّا قصدتُ في اختصاره وتسهيل مطالعته أو قراءته.
ولقد دعوت بعض مَن حضر عندي من اليهود وبعض النصارى المتظاهرين بالجحود(2) إلى المباهلة إلى الله جلّ جلاله، على صدق ما نحن عليه والكشف لهم عن رسالته بإجابة الدعاء في حال المباهلة بما لا تبقى شبهة عند(3) مَن اطلع عليه، فعجزوا ولم يقدموا، وعرفوا من لسان الحال أنّهم إن باهلوا أسلموا أو غلبوا فندموا.
أقول:
وهذا كتابنا صنّفناه كسائر كتبنا الّتي صنّفناها على عادتنا من غير مسوّدات على جاري العادات.
وهذه مسوّدته هي مبيّضة، فإن وجد أحد فيه غلطاً في معنى أو لفظ فلا عجب من هذه الحال، والانسان ضعيف بشهادة القرآن الصادر عن أصدق مقال.
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة على سيّد المرسلين محمد وعترته الطاهرين.
____________
(1) ع: الكاتب، وما أثبتناه هو الصحيح.
(2) حاشية ع: بالردّ.
(3) ع: عندي، والمثبت هو الصحيح.