الصفحة 333

وقد أخرج صاحب الوسيلة في المجلد الخامس، قوله في النبي:


ألا بلغا عني على ذات بينناقصيا وخصا من قصي بني كعب
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدانبيا كموسى خط في أول الكتب
أليس أبونا هاشم شد أزرهوأوصى بنيه بالطعان وبالحرب

وهل يصف هذا العالم الشاعر بالكفر إلا كافر، وهم لما أخرجوا النبي صلى، الله عليه وآله من قوله تعالى (وسيجنبها الأتقى الذي(1)) الآية لأن عليه تربية أبي طالب وهي نعمة تجزى، والتربية سبيل، وقد نفى الله سبيل الكافرين على المؤمنين لزم ذلك إيمان أبي طالب.

إن قلت: فيلزم على هذا أن يكون أبو طالب مؤمنا قبل مبعث النبي. قلت:

نعم كان على دين إبراهيم، وقد تمدح به في قوله: نحن آل الله في كعبته، لم يزل ذلك على عهد إبراهيم، وسيأتي ذلك في التذنيب إن شاء الله تعالى عن قريب.

وفي مسند أحمد بن حنبل لما مرض للموت بعث إلى النبي صلى، الله عليه وآله ادع لي ربك أن يشفيني فإنه يطيعك وابعث إلي بقطف من الجنة فأرسل إليه: إن أطعت الله أطاعك. فقد اعترف لله بوجوده، ووجود جنته، وقبول دعاء نبيه.

إن قالوا: قوله إن أطعت الله أطاعك دل على أنه لم يكن طائعا قلنا: بل هو ترغيب في الاستمرار مثل قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله(2)) فلا يدل ذلك أيضا على ترك الدعاء له، وقد نقل إيمانه الحافظ القدسي في سيرة النبي وفي تفسير الثعلبي أنه قال لابنه علي: ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ قال:

آمنت بالله ورسوله، قال إن محمدا لا يدعوك إلا إلى خير فالزمه.

وفي الجمع بين الصحيحين من أفراد البخاري من مسند عبد الله بن عمر ذكرت قول الشاعر حين استسقى:


[ وأبيض يستسقى الغمام بوجههثمال اليتامى عصمة للأرامل ]

____________

(1) الليل: 17.

(2) النساء: 135.


الصفحة 334

لعمري لقد كلفت وجدا بأحمدوأحببته حب الحبيب المواصل
وجدت بنفسي دونه وحميتهودارأت عنه بالذرى والكلاكل
فما زال في الدنيا جمالا لأهلهاوشين على الأعدا وزين المحافل
حليما رشيدا حازما غير طائشيوالي إله الخلق ليس بما حل
وأيده رب العباد بنصرهوأظهر دينا حقه غير باطل
ألم تعلموا أن ابننا غير مكذبلدينا ولا يعنى بقول الأباطل
وأبيض يستستقى الغمام بوجههثمال اليتامى عصمة للأرامل
تلوذ به الهلاك من آل هاشمفهم عنده في نعمة وفواضل
كذبتم وبيت الله نبزى محمداولما نقاتل دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حولهونذهل عن أبنائنا والحلائل

ففي هذا عدة شواهد على إيمانه، يظهرها من سبره، على من جحده وستره وإنما حداهم على جحدهم قصدهم مشاركة علي لأصحابهم في بعض رذائلهم ولاغرو في ذلك، وقد سب ألف شهر على منابرهم، لم يكن فيهم من يغار للاسلام بمنابزتهم وقد ألف كتاب في الحجة على الذاهب، إلى تكفير أبي طالب، فيه:


ولولا أبو طالب وابنهلما مثل الدين يوما وقاما
فهذا بمكة آوى وحامىوهذا بيثرب سام الحماما
وما ضر مجد أبي طالبجهول لغى وبصير تعاما

وقد أخرج ابن مسكويه وغيره افتخار علي بأبيه، وتفضيله على أبي سفيان واعترف له معاوية بذلك وأخرج الكراجكي في كتابه كنز الفوائد قول العباس للنبي صلى، الله عليه وآله ما ترجو لبي طالب؟ قال: رحمة ربي.

وقد عاب المحدثون على مسلم والبخاري حيث أخرجا في كتابيهما حديث المسيب في وفاة أبي طالب(1) مع أنه لا راوي له غير أبيه شدة حرصهما على تكفير أصل علي عليه السلام حسدا له والفرقة تتمحل كفر أبي طالب، كما تمحلت إيمان محاربي علي الثابت كفرهم بقول النبي صلى، الله عليه وآله: (حربك حربي). وقد رووا قول النبي

____________

(1) راجع صحيح البخاري ج 2 ص 326.


الصفحة 335
صلى الله عليه وآله: ما قال أحد لأحد كافر إلا باء به أحدهما.

قالوا: نزل فيه: (إنك لا تهدي من أحببت(1) قلنا: لا بل هي لكل كافر كيف ذلك وقد نزلت يوم حنين وهو بعد موت أبي طالب بست سنين وأشهر ولو نزلت الآية فيه، وفيها أن النبي يحبه، دلت على إيمانه لأنه صلى الله عليه وآله نهاه الله تعالى عن محبة الكفار في قوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله(2)) وقد قيل معنى (ولكن الله يهدي من يشاء) أن هدايتنا لأبي طالب يا محمد، سبقت دعوتك له، وفي هذا أن أحدا لم يدركه في فضيلته إن كان الله تعالى بنفسه متوليا لهدايته.

قالوا: نزل فيه (ما كان للنبي والذين آمنوا معه أن يستغفروا للمشركين(3)) قلنا: ذكر صاحب جامع الأصول، وصاحب التقريب موت أبي طالب قبل الهجرة ونزول الآية سنة تسع منها، والنبي صلى، الله عليه وآله لا يستغفر لمن مات على كفر لإخبار القرآن بتخليده مع نفي الهوى عن نطقه.

قالوا: لم ينقل له صلاة حتى يحكم بإيمانه، قلنا: عدم العلم بها لا يدل على عدمها على أن عدمها لا يوجب كفر تاركها.

قالوا: حرصه النبي على الاسلام عند موته، وحرصه أبو جهل على دين الأشياخ، فكان آخر كلامه أنه على دين الأشياخ عبد المطلب ثم مات.

قلنا: لا بل نقل رؤساء الاسلام أنه جمع أهله وأوصاهم بمحمد ونصرته، و أخبرهم بتملكه، وأنه جاء بأمر عظيم عاقبته الجنان، والأمان من النيران، و قال: لو كان في أجلي فسحة لكفيته الكوافي، ودفعت عنه الدواهي، فهذا الذي هو يجب اعتماده، لا ما ذكروه لمناقضته لأقواله وأشعاره.

قالوا: كتب الأولاد الأول إلى المنصور يرد عليهم الملك، وافتخروا بأشياء

____________

(1) القصص: 58.

(2) المجادلة: 22.

(3) براءة: 114.


الصفحة 336
منها أن أبانا أبا طالب أخف أهل النار عذابا وفي قدميه نعلان يغلى منهما دماغه فكتب:


دعوا الأسد تربغ في غابهاولا تدخلوا بين أنيابها
سلبنا أمية في دارهافنحن أحق بأسلابها

قلنا: هذا كذب صريح، وكيف يفتخر برجل كافر يعذب بنوع من العذاب والشعر الأول المذكور للمعتز وهو بعد المنصور بثمانية وستين سنة سيما ذكره صاحب المنتظم في المجلد الثامن والخبر لم يروه سوى المغيرة بن شعبة، وهو عندكم فاسق مشهور بالزنا وبعداوة بني هاشم، وهو الذي حث عائشة على حرب علي عليه السلام بالبصرة.

ومن أحاديث كتاب الحجة أن رجلا قال لعلي: أبوك يعذب في النار فقال له: مه والله لو شفع أبي في كل مذنب لشفعه الله كيف ذلك وأنا قسيم الجنة والنار، وقال الرضا عليه السلام: إن لم تقر بإيمان أبي طالب، لكان مصيرك إلى النار.

وزوجته فاطمة بنت أسد مؤمنة صالحة، لم تزل عنده حتى مات، مع نهي الله رسوله في غير آية أن [ تبقى ] مؤمنة عند كافر.

وعن الأئمة عليهم السلام أن النبي صلى، الله عليه وآله قال: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة يعني أبا طالب لأنه كفله صلى، الله عليه وآله.

وقد أخرج في جامع الأصول أنه لما مات أوحى الله تعالى إلى نبيه محمد صلى، الله عليه وآله أن اخرج، فقد مات ناصرك، ولما نثروا الكروش عليه، غضب أبو طالب وخرج إلى الأبطح ونادى بعد جمع الناس: من أرى فعل بمحمد هذا وقد خرست الألسن من هيبته، فلم يجبه أحد فدفع كرشا إلى عبيدة فلطخ بها شواربهم ثم حلف برب البيت لئن أقمتم على إنكاركم لأفعلن بكم أشد من هذا، فجاؤه بالفاعل فنكل به، و أطاف به بلد مكة ثم قطعه قطعا ورماه بينهم.

فهذه جمل من رواية المخالف وغيره، تمنع ملأ تقول بكفره وتجمع بكفر من قال بكفره، ولو كانت مدافعته لا تدل على إسلامه، لا تدل مدافعة جيوش النبي

الصفحة 337
على إسلامهم إذ لم ينقل تلفظهم بكلمة الاسلام ولا فعل أكثرهم لصلاة ولا صيام ولا يخفى ما في ذلك من الاهتضام.

وقد ذكر الدينوري الحنبلي في غاية السؤول أن أبا طالب حدث عن أبيه أنه قال: إن من صلبي لنبيا ولوددت أني أدركته [ ولو أدركته ] لآمنت به، فمن أدركه من ولدي فليؤمنوا به.

تذنيب:

نعني بإيمان أبي طالب الولي إيمانه بالنبي الأمي صلى، الله عليه وآله لأنه قد كان في ابتدائه على دين إبراهيم، معترفا بالرب القديم، وقد أخرج صاحب روضة الواعظين أن فاطمة بنت أسد حضرت مولد النبي صلى، الله عليه وآله فأخبرت أبا طالب بما رأت من حضور الملائكة وغيره من العجائب، فقال: أنتظرك تأتين بمثله فولدت عليا عليه السلام بعد ثلاثين سنه.

وعن ابن بابويه أن أبا طالب نام في الحجر حول البيت، فرأى في منامه بابا انفتح من السماء، ونزل منه نور شمله فأتى راهب الجحفة يقص عليه، فقال له:


أبشر أبا طالب عن قليلبالولد الخالي عن المثيل
[يا آل قريش اسمعوا تأويلي]هذان نوران على السبيل

كمثل موسى وأخيه السؤل

فرجع أبو طالب فرحا وطاف بالكعبة، وهو يقول:


أطوف لله حوالي البيتأدعوه بالرغبة محي الميت
بأن يريني السبط قبل الموتأغر نوريا عظيم الصوت
مصليا يقتل أهل الجبتوكل من دان بيوم السبت

ثم نام في الحجر ثانية فرأى كأنه ألبس إكليلا من ياقوت، وسر بالأمن عبقر، وكأن قائلا يقول له: يا أبا طالب! قرت عيناك، وظفرت يداك، وحسنت رؤياك، فأنى لك بالولد، ومالك البلد، وعظيم التلد، على رغم الحسد، فانتبه فرحا وطاف قائلا:


الصفحة 338

أدعوك رب البيت والطوافدعاء عبد بالذنوب واف
تعينني بالمنن اللطافوالولد المحبو بالعفاف

وسيد السادات والأشراف

ثم نام في الحجر فرأى عبد مناف قائلا: ما يبطئك عن بنت أسد، فانتبه فنكحها، وطاف بالكعبة قائلا:


قد صدقت رؤياك بالتعبيرولست بالمرتاب في الأمور
أدعوك رب البيت والنذوردعاء عبد مخلص فقير
فأعطني يا خالقي سروريبالولد الحلاحل الذكور
يكون للمبعوث كالوزيريا لهما يا لهما من نور
قد طلعا من هاشم البدورفي فلك عال على النحور
فيطحن الأرض على الكرورطحن الرحى للحب بالتدوير
إن قريشا بان بالنكيرمنهوكة بالغي والثبور
وما لها من موئل مجيرمن سيفه المنتقم المبير
وصنوه الناموس بالشفيرحسامه الخاطف للكفور

ومن شعره فيه:


يكلم نبي جاء يدعو إلى الهدىوأمر أتى من عند ذي العرش قيم
فلا تحسبونا مسلميه ومثلهإذا كان في يوم فليس بمسلم

ومنه:


أخلتم بأنا مسلمون محمداولما تقاذف دونه ونراجم
أمين محب للعباد مؤمنبخاتم رب قاهر للخواتم
يرى الناس برهانا عليه وهيبةوما جاهل في فعله مثل عالم
نبي أتاه الوحي من عند ربهفمن قال لا تقرع بها سن نادم

ومنه:


فلا تحسبونا مسلمين محمدالذي غربة فينا ولا متقرب


الصفحة 339

فلا والذي تحدي إليه قلائصلا دراك نسك من منى والمحصب
نفارقه حتى نفرق حولهوما بال تكذيب النبي المقرب

ولما قام عثمان بن مظعون يدعو قريشا إلى اتباعه ضربه سفهاؤها ففقأوا عينيه فنهض أبو طالب في أمره وأخذ بحقه فقال:


أمن تذكر دهر غير مأمونأصبحت مكتئبا إني لمحزون
أمن تذكر أقوام بذي سفهيغشون بالظلم من يدعو إلى دين
ألا يرون أقل الله خيرهمأن غضبنا لعثمان بن مظعون

إلى قوله:


أو يؤمنوا بكتاب منزل عجبعلى نبي كموسى أو كذي النون

وقال يحثه على إظهار دعوته:


لا يمنعنك من حق تقوم بهأيد تصول ولا أضعاف أصوات
فإن كفك كفي إن مننت بهاودون نفسك نفسي في الملمات

ومنه:


زعمت قريش أن أحمد ساحركذبوا ورب الراقصات إلى الحرم

ومنه:


وقد حل مجد نبي هاشمفكان النعايم والعترة
وخير بني هاشم أحمدرسول الإله على فترة

ومنه:


لقد أكرم الله النبي محمدافأكرم خلق الله في الناس أحمد

ومنه:


إن ابن آمنة النبي محمدعندي بمنزلة من الأولاد

ومنه:


صدق ابن آمنة النبي محمدفتميزت غيظا به وتقطعوا
إن ابن آمنة النبي محمدسيقوم بالحق الجلي ويصدع


الصفحة 340
ومنه:


إذا اجتمعت يوما قريش لمفخرفبعد مناف سرها وصميمها
وإن حصلت أشراف عبد منافهابني هاشم أشرافها وقديمها
وفيهم نبي الله أعني محمداهو المصطفى من سرها وكريمها

فهذا اعتراف أبي طالب بتصديق نبيه، ووزارة علي وليه، ولعل قعوده يوم الدار عن البيعة في جملة عشيرته إنما كان لعلمه السابق من اختصاص ابنه بوزارته لما تلوناه عليك من أشعاره وإشارته.

تذنيب آخر:

إيمان أبي طالب بالله سبحانه مسطور في كتب العلماء، وتعاليق الأدباء فمن [ ثبوته و ] شعره فيه:


مليك الناس ليس له شريكهو الجبار والمبدي المعيد
ومن فوق السماء له بحقومن تحت السماء له عبيد

ومنه:


لا تيئسن لروح الله من فرجيأتي به الله في الروحات والدلج
فما تجرع كأس الصبر معتصمبالله إلا أتاه الله بالفرج

وأما سبب كتمان إيمانه برسول الله صلى، الله عليه وآله، فإنه كان مطاعا في قومه، وهم على إنكار نبوته، فلو أظهر لهم إيمانه لخالفوه فلم يتم غرضه من نصرته، وتدبير أمره، وتمهيد قاعدته، ولأشركته قريش في عداوته وخصومته، فلم يقبل شيئا من مقالته، فكان يحضر مجالسهم، ويظهر لهم أنه منهم، وهو مع ذلك يشوب منه الفعل والكلام، بتصديقه عليه السلام.

ولهذا أنشد شعرا يستعطف فيه أبا لهب بالرحم، ليخدعه به حيث رأى منه النهي عن قتل النبي خوف عموم الفتنة، فكان بإظهار كفرانه كمؤمن آل فرعون يكتم إيمانه، وكأهل الكهف وغيرهم كتموا إيمانهم عن قومهم، وليس كتمان الإيمان خوفا بمخرج عنه حقيقة، وإلا لكان من شهد بالله بإيمانه كافرا بكتمانه.


الصفحة 341

تذنيب آخر:

قالوا بكفر أبوي النبي لقول قريش، لا نرغب من ملة عبد المطلب. قلنا:

نقل باطل، فقد روى الثعلبي في التفسير (وتقلبك في الساجدين)(1) أن محمدا لم يلده إلا نبي أو وصي نبي أو مؤمن، وقال أبو عمر الزاهد منهم في كتاب الياقوت قال النبي لعلي عليه السلام: لم أزل أنا وأنت نركض في الأصلاب الطاهرة، إلى عبد الله وأبي طالب لم تدنسنا الجاهلية بأرجاسها وسفاحها.

وأخرج الكراجكي قول عبد المطلب لأبرهة: إن لهذا البيت ربا يدفع عنه وتمدح بكونه على ملة إبراهيم، وقد سلف.

وظاهر قوله تعالى (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا(2)) أنه خطاب للنبي صلى، الله عليه وآله مع قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين(3)).

وفي كتاب البشائر مسندا إلى الصادق عليه السلام أن الله أوحى إلى النبي صلى، الله عليه وآله أني قد حرمت النار على ظهر وضعك، وبطن حملك، وحجر كفلك، وثدي أرضعك.

قالوا: قال الله تعالى: (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان(4)) فمن أين لأبويه إيمان؟ قلنا: يلزم من هذا تكفيره بالتبعية لكفرهما، وهو خلاف الاجماع من علماء الاسلام، والإيمان المنفي هو العبادة الشرعية، (وما كان الله ليضيع إيمانكم(5)) أي صلاتكم إلى البيت المقدس.

وقد ذكر جماعة أنه كان قبل النبوة على دين إبراهيم، والحق أن تعبده بإلهام الرب الحكيم.

قالوا: زعمتم أن عليا دحى أصنام قريش عن الكعبة، وعبد الله من أكابرها فمن أين علمتم منه عدم عبادتها؟ قلنا: علمناه من الأدلة التي أسلفناها.

____________

(1) الشعراء: 219.

(2) أسرى: 24.

(3) براءة: 114.

(4) الشورى: 52.

(5) البقرة: 143.


الصفحة 342
قالوا: تولد النبي من كافر كإبراهيم من آزر. وتولد منه كافر ككنعان من نوح، قلنا: لا خلاف بين النسابين أن اسم أبي إبراهيم تارخ.

قالوا: نطق القرآن بأنه آزر. قلنا: قيل كان عمه وقيل خاله، وقد نطق القرآن بكونهما أبوين (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسماعيل)(1) وإسماعيل عم يوسف (ورفع أبويه على العرش)(2) والمراد أبوه وخاله.

قالوا مجاز. قلنا: يجب إليه المصير، حذرا من التنفير.

وأما تولد كافر من النبي فلا محال فيه وقد قيل إن كنعان كان لنوح ربيبا ولم يكن ابنا.

وروي عن الحسن ومجاهد أنه ولد على فراشه، وهذا بالإعراض عنه حقيق قال ابن عباس ما زنت امرأة نبي قط.

____________

(1) يوسف: 38 والآية هكذا: (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) فليس فيها وجه للاستشهاد بها والآية التي يستشهد بها العلماء لذلك هو قوله تعالى في سورة البقرة: 134 (قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا).

(2) يوسف: 100.