الصفحة 442
ومعونتهم على مظالم العباد، ومن يرجى معونته بماله من ذوي اليسار منهم معلوم كونهم أو معظمهم مانعا لما يجب للحجة عليه في ماله من حقوق الخمس والأنفال التي لو أخرجوها لأوشك ظهور الحجة عليه السلام، لتمكن بها من الانتصار.

ولا عذر لأحد ممن ذكرناه، لتمكن كل منهم من النظر في الأدلة الموصلة إلى العلم بالحجة، وما يجب له عليه، وبذل الجهد من نفسه، وتأدية الواجب عليه، وإخلاص النية لنصرته، وتمرين العامي نفسه على ما معه يستطيع النصرة من معاناة آلات الحرب ورياضة في عادتها.

فلو فعل المكلفون أو أكثرهم أو من يصح به الانتقام من الباقين ما يجب عليه مما ذكرناه لظهر الحجة عليه السلام وغلب كلمة الحق.

ولما لم يفعلوا ما يستطيعونه من تكليفهم، ثبت تقصير كل منهم، وكونه مستحقا للوزر، وإخلاله بالواجب عليه، وتأثيره في غيبة الحجة عليه السلام كتأثير العدو المعلن.

وإذا لحق أكثر الأولياء بحكم الأعداء في تسبيب الغيبة، سقط الاعتراض بكثرتهم.

وحصول الغيبة للخوف الذي بيناه لا يمنع من العلم بإمامة الغائب عليه السلام وثبوت وجوده، لوقوف ذلك على الأدلة التي سلمت دون الغيبة والظهور الذين لا تعلق لهما بثبوت حجة ولا انتفائها كسائر المعلومات بالأدلة.

(كيفية الجمع بين فقد اللطف بعدم ظهوره وثبوت التكليف)

وأما فقد اللطف بظهوره متصرفا ورهبة لرعيته مع ثبوت التكليف الذي وجوده مرهوبا لطف فيه مع عدمه، فإن اختصاص هذا اللطف بفعل المكلف لتمكنه من إزاحة علة نفسه بمعرفة الحجة المدلول على وجوده وثبوت إمامته وفرض طاعته وما في ذلك من الصلاح وقدرته على الانقياد وحسن تكليفه ما تمكين الإمام وإرهابه أهل البغي لطف

الصفحة 443
فيه، وإن كانا مرتفعين بغيبته الحاصلة عن جناية المكلف عن (1) نفسه، فالتبعة عليه دون مكلفه سبحانه ودون الحجة الملطوف له بوجوده.

وتكليفه لازم له وإن فقد لطفه بالرئاسة، لوقوف المصلحة في ذلك على إيثاره معرفة الإمام والانقياد له باختياره دون إلجائه، كسائر المتعلقة بفعل الملطوف له من المعارف العقلية والعبادات الشرعية المعلوم حسن تكليف ما هي لطف فيه من الضروريات، وإن انتفى العلم والعمل بها من الملطوف له بها، لكونه قادرا على الأمرين وفاقدا للاستصلاح بهما بسوء نظره لنفسه وقبيح اختياره.

(العلة في عدم منع الله من يريد الحجة بسوء)

وليس لأحد أن يقول: ألا أيد الله سبحانه الحجة الملطوف بسلطانه للخلق، أو منع منه (من) يريده بالسوء ليتم الصلاح ويحسن التكليف؟.

لأن هذا وإن كان مقدورا له تعالى، و (لكن) المصلحة في غيره، لوقوفها على اختيار المكلف دون إلجائه، كسائر المعارف العقلية والتكاليف الشرعية المتعلق كونها مصلحة بفعل المكلف دون مكلفه سبحانه، وتكليفه الضروري ثابت وإن فقد لطفه، لتعلق فقدانه به دون القديم سبحانه.

فكما (2) أن سؤال من قال: هلا فعل الله العلم الضروري بجملة المعارف للكفار واضطر الكل إلى فعل الشرعيات وترك قبائحها لتتم المصلحة ويحسن تكليفهم ما هذه المعارف والشرايع لطف فيه ساقط، فكذلك سؤال من قال: هلا جبر الله تعالى الرعية على طاعة الرئيس ومنعهم من ظلمه، إذ كان العذر في الموضعين واحدا.

____________

(1) كذا في النسخة، والظاهر أن الصحيح: " على ".

(2) في النسخة: " فكأنما ".

الصفحة 444

(إمكان ظهوره لأوليائه في زمن الغيبة)

وليس لأحد أن يقول: فهب تكليف أعدائه مع غيبته عليه السلام لازم، لتقصيرهم عن الواجب من تمكينه، فما بال أوليائه العارفين به المتدينين بطاعته يمنعون لطفهم بظهوره لهم بجناية غيرهم، ويلزمهم تكليف ما ظهور الإمام لطف فيه مع غيبته بجريرة سواهم، ومقتضى الألطاف عندكم بخلاف هذا.

لأنا لا نقطع على غيبة الإمام عليه السلام عن جميعهم، بل يجوز ظهوره لكثير منهم، ومن لم يظهر له منهم فهو عالما بوجوده ومتدين بفرض طاعته وخائف من سطوته، لتجويزه ظهوره له ولكل مكلف في حال منتصرا منه إن أتى جناية أو من غيره من الجناة، فغيبته عنده على هذا التقدير كظهوره في كونه مزجورا معها، بل حاله مع الغيبة أبلغ في الزجر، من حيث كانت حال الظهور تقتضي اختصاص الحجة لمكان معلوم وخلوه مما عداه، وفي حال الغيبة لا مكلف من شيعته إلا ويجوز اختصاص الإمام بما يليه من الأمكنة ولا يأمن ظهوره فيها، وإذا كانت هذه حال أوليائه عليه السلام في زمان الغيبة حسن تكليفهم ما وجود الإمام لطف فيه وإن كان غائبا، لحصول صلاحهم فيها بالظهور.

(حفظ الشريعة في حال الغيبة)

وأما حفظه صلوات الله عليه الشريعة وتبليغها في حال الغيبة، فإنها لم تحصل له إلا بعد تبليغ آبائه جميع الشريعة إلى الخلق وإبانتهم عن أحكامها وإيداع شيعتهم من ذلك ما يزاح به علة كل مكلف وحفظهم عليهم السلام عليهم في حال وجودهم، وحفظه هو عليه السلام بعد فقدهم بكونه من وراء الناقلين وأحد المجمعين من شيعته وشيعة آبائه عليهم السلام، فقام والحال هذه إجماع العلماء من شيعته وتواترهم بالأحكام عن آبائه عليهم السلام، مع كونه حافظا من ورائهم مقام مشافهة الحجة، ورجب على كل مكلف العمل بالشريعة الرجوع إلى علماء شيعته والناقلين عن آبائه عليهم السلام، لكونه أمنا من الخطأ فيما أجمعوا عليه، لكون الحجة المأمون واحدا من المجمعين وفيما

الصفحة 445
تواتروا به عن الصادقين من آبائه عليهم السلام، لصحة الحكم المعلوم بالتواتر إسناده إلى المعصوم في تبليغه المأمون في أدائه وقطع على بلوغه جملة ما تعبد به (1) من الشريعة، لوجود الحجة المعصوم المنصوب لتبليغ الملة وبيان ما لا يعلم إلا من جهته وإمساكه عن النكير فيما أجمعوا عليه وفقد فتياه بخلاف له أو زيادة فيه.

فن أراد الشريعة في حال الغيبة فالطريق إليها ما ذكرناه والحجة به قائمة، ولا معضل ولا مشكل إلا وعند العلماء من شيعته منه تواتر ولهم (2) على الصحيح منه برهان، من طلب ذلك ظفر به ظفر العلماء من شيعته، ومن عدل عنه ورغب عن الحجة مع لزومها له بتخويف شيعته، ووضوح الحق على جملة الشريعة (3) وقيام البرهان على جميعها، فالتبعة عليه لتقصيره عما وضح برهان لزومه له والمحنة بينهم وبين منكر ذلك.

وقد استوفينا ما يتعلق بهذا الفصل في كتاب العمدة ومسألتي الشافية والكافية، وأوضحنا عن ثبوت الحجة به، وأسقطنا ما يتعلق به من الشبه، فذكرها هاهنا يخرج عن الغرض، ومريده يجده هناك مستوفى.

(حكم تنفيذ الأحكام وإرشاد الضال وحقوق الأموال في حال الغيبة)

وأما تنفيذه صلى الله عليه وآله الأحكام وردع الجناة باليد العالية وإقامة الحدود وجهاد الأعداء، فساط (عنه) عليه السلام، لتقيه وقصور يده بإخافة الظالمين له وأعوانهم، ولا تبعة عليه في شئ من ذلك، لوقوف فرضه على التمكن منه باتفاق، بل التبعة فيه على مخيفه ومسبب ضعفه عن القيام بما جعل إليه تنفيذه مع التمكن منه، كسقوط ذلك عن كل نبي ووصي ومؤمن في حال الخوف والضعف عن القيام به، ولزوم التبعة

____________

(1) كذا في الأصل، وفي كشف القناع: " ما يعتد به ".

(2) في النسخة: " وهم ".

(3) في كشف القناع: " ووضوح الحق في جملة على جهله مواصل الشريعة وقيام ".

الصفحة 446
للمانع من ذلك بإخافته، إذ كان ذلك أجمع من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتعلق فرضها بالتمكن منها وعدم المفسدة، دون الحجة عليه السلام الممنوع من ذلك بالخوف والاضطرار.

وأما إرشاد الضال عن الحق إليه، فالأدلة على التكليف العقلي ثابتة، والتخويف من ترك النظر فيها حاصل، والبراهين على الحق من التكليف الشرعي قائمة، والتخويف من الاعراض ثابت ظاهر، وإن كان الحجة غائبا.

فمن ضل عن تكليف عقلي أو شرعي والحال هذه أتى من قبل نفسه ولم يجب على الإمام إرشاده، لكونه قادرا على النظر في أدلة المعارف ومستطيعا لتأمل (1) فتيا الشيعة وما يستند إليه من وجود الحجة المعصوم من ورائهم، وفرض النظر في ذلك مضيق عليه بالتخويف الشديد من تركه، فلو فعل كل مكلف ما يجب عليه منه لعلم ما يلزم من تكليفه عقلا وسمعا، ولما لم يفعل، فالحجة لازمة له، ولا عذر له في تقصيره عما يجب عليه علمه وعمله، وإن كان الإمام عليه السلام غائبا.

وأما حقوق الأموال الواجب حملها إليه، ففرض قبضها وتصرفها في وجوهها موقوف على تمكنه صلوات الله عليه وآله من ذلك، و (مع) عدم التمكين له التبعة على مسبب هذا المنع، ولا تبعة عليه، كما لا تبعة على من قبله من آبائه عليهم الصلاة والسلام ومن قبلهم من أنبياء الله وحججه صلوات الله عليهم، وفرض مكلف ذلك إخراج ما تعين عليه فرضه من الزكوات والفطرة وشطر الخمس إلى من يستحقه، وهم معروفون منصوص على أعيانهم وصفاتهم في الكتاب والسنة المعلومة بنقل آبائه عليهم السلام، فإن جهل حالهم سأل علماء العصابة عنهم أو حمل ما يجب عليه من الحقوق إليهم فيضعوه في مستحقيه، وعزل ما يستحقه الإمام صلوات الله عليه من الخمس والأنفال من جملة المال، وأحرزه وانتظر به التمكن من إيصاله إليه أو إلى من يأذن له قبضه، والوصية به إن خاف الفوت قبل ذلك، كسائر الحقوق المتعذر معرفة مستحقها بعينه، فإن ضعف عن

____________

(1) في الأصل: " التأمل ".

الصفحة 447
ذلك، حمله إلى المأمون من فقهاء الطائفة ليحكم فيه بما شرع له، وأي الأمرين فعل برأت ذمته مما وجب من حقوق الأموال.

(رد من قال: لا حاجة إلى الحجة)

وليس لأحد أن يقول: فإذا كان التكليف العقلي والسمعي ثابتا، والطريق إليهما واضحا في زمان الغيبة، فلا حاجة بالمكلفين فيها إلى الحجة، لصحة التكليف من دونه، وهذا ينقض قولكم بوجوب الحاجة إليه في كل حال.

لأنا قد بينا قبح التكليف العقلي من دون الرئاسة، لكونها لطفا في فعل الواجب وترك القبيح، وقولنا الآن بإمكان العلم بالتكليف العقلي في حال الغيبة منفصل من حصول اللطف برئاسة الغائب بغير شبهة على متأمل، ولزوم التكليف به لعدوه ووليه في زمان الغيبة لا يقتضي القدح في وجوب وجوده، لأن تقدير عدمه يقتضي سقوط تكليفها أو ثبوته من دون اللطف، وكذلك قد بينا أن العلم بوصول المكلف إلى جملة التكليف الشرعي لا يمكن مع عدم الحجة المنصوص لحفظه وإن علم أحكاما كثيرة، لتجويزه بقاء أكثر ما كلفه من الشرعيات لم يصل إليه، فكيف يعترض علينا لقولنا بلزوم التكليفين في زمان الغيبة وإمكان العلم بهما، فيقال ذلك مقتض للاستغناء عن الإمام مع وقوف التكليفين على وجوده وإن كان غائبا عليه السلام لولا غفلة الخصم.

(رد من قال: لا حاجة إلى ظهور الحجة)

وليس لأحد أن يقول: فإذا كنتم معشر القائلين بإمامة الحجة بن الحسن عليهما السلام حال الغيبة عندكم كحال الظهور في إزاحة العلة في التكليفين عقلا وسمعا، بل قد رجحتم الغيبة في بعض المواضع على الظهور، فلا حاجة بكم خاصة إلى ظهوره، ولا وجه لتمنيكم ذلك ورغبتكم إلى الله تعالى فيه.

لأنا وإن كانت علتا مزاحة في تكليفنا على ما وضح برهانه، فني ظهور الحجة على الوجه الذي نص عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فوائد كثيرة، وتكاليف تتعين

الصفحة 448
بظهوره ومنافع حاصلة بذلك ليس شئ منها حاصلا في حال الغيبة.

لأنه عليه السلام يظهر لزوال دول الظالمين المخيفين لشيعته وذراري آبائه عليهم السلام، ورفع جورهم بعدله وإبطال أحكام أهل الضلال بحكم الله والسيرة بالملة الإسلامية التي لم يحكم بجملتها منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله.

ومنها: الأمر بكل معروف، والنهي عن كل منكر، وجهاد الكفار، مع سقوط ذلك أجمع عنا في حال الغيبة، وهذه أحكام تثبت، وحقوق تظهر، وقبائح ترتفع، وتكاليف تتعين بظهوره ليست حاصلة في حال غيبته.

ومنها: زوال الخوف عن شيعته وذرية آبائه عليه السلام بظهور سلطانه، وارتفاع التقية بدولته، وسهولة التكليف الشرعي ببيانه، وسقوط كلفة النظر الشاق في الأدلة الموصلة إليه في حال غيبته.

ومنها: براءة الذمم من الحقوق الواجبة له في الأموال المتعذر إيصالها إليه في زمان الغيبة.

ومنها: ظهور الدعوة إلى جملة الحق في المعارف والشرائع بظهوره، والفتيا بذلك والعمل بها في جميع الأرض مع ارتفاع ذلك في حال الغيبة.

وهذه فوائد عظيمة لها ورغبنا إلى الله تعالى في ظهوره لنفوز بها، ونكون من أنصاره عليها، فنحظى بثواب نصرته، ونسر بنفوذ حكم الله وظهور عدله عليه السلام.

(مسألة طول الغيبة وطول عمر الحجة)

وأما طول الغيبة وتراخي الزمان بها، فلثبوت الواجب لها، واستمراره من إخافة الظالمين، وإصرارهم على الظلم والعزم على استيصال الحجة، وإذا كان ماله وجبت الغيبة مستمرا حسن لذلك استمرارها، وكانت التبعة على موجب ذلك دون الحجة المضطر إليها.

وأما طول العمر وبقاء الشباب مع كونه خلافا للعادات، فلا قدح به، لكونه مقدورا للقديم سبحانه وشائعا في حكمة، وإنما يفعل منه من طول وقصر وشيخوخة

الصفحة 449
وتبقية شباب ما يقتضي المصلحة فعله، لكون ذلك موقوفا على مقدوره تعالى المعلوم حسن جميعه وتعلقه بمقدوره تعالى بغير شبهة على موحد.

وإنما استبعد ذلك ملحد يضيف التأثيرات إلى الطبائع أو الكواكب، فأما من أثبت صانعا قادرا لنفسه فشبهته في ذلك ساقطة، ولم يبق إلا استبعاده في العادة مع المنع من خرق العادات لغير الأنبياء عليهم السلام، وكلا الأمرين ساقط:

أما استبعاده في العادة، فالمعلوم خلافه.

لإجماع الأمة على طول عمر نوح عليه السلام، وأنه عاش ألفا ومائتين، وقد نطق القرآن بنبوته في قومه داعيا ألف سنة إلا خمسين عاما، ولا شبهة في وجوده حيا قبل الدعوة وبعد الطوفان.

وأجمع العلماء بالنقل على كون الخضر عليه السلام حيا باقيا إلى الآن، وهو على ما وردت الروايات به من ولد الثاني (1) من ولد نوح عليه السلام، ويكفي كونه صاحبا لموسى بن عمران عليه السلام باقيا إلى الآن.

وقد تواتر الخبر وأجمع أهل السيرة على طول عمر لقمان الحكيم عليه السلام، وأنه عاش عمر سبعة أنسر، وفيه يقول الأعشى، شعر:


لنفسك أن تختار سبعة أنسرإذا ما مضى نسر خلوت إلى نسر
فعمر حتى خال أن نسورهخلود وهل تبقى النفوس على الدهر
وقال لأدناهن إذ حل ريشههلكت وأهلكت ابن عاد وما تدري (2)

وإنما اختلفوا في عمر النسر، ففيهم من قال: ألف سنة، وفيهم من قال: خمس مائة سنة، وأقل ما روي: أن عمر السبعة الانسر الذي عاشه لقمان ألف وخمسون ومائة سنة.

وقد تناصرت الروايات بطول عمر سلمان الفارسي رضي الله عنه، وأنه لقي من لقي المسيح عليه السلام، وعاش إلى خلافة عمر بن الخطاب.

____________

(1) كذا في النسخة.

(2) كنز الفوائد: 249، المعمرون: 4 - 5، إكمال الدين 2: 559.

الصفحة 450
ونقل الكل من أصحاب الحديث أو من تثبت بنقله الحجة من الفرق المختلفة أخبار المعمرين ودونوا أشعارهم وأخبارهم.

فمن ذلك: عمرو بن حممة الدوسي، عاش أربع مائة سنة حاكما على العرب، وهو ذو الحلم الذي يقول فيه الملتمس اليشكري، شعر:


لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصاوما علم الانسان إلا ليعلما (1)

وهو القائل:


كبرت وطال العمر حتى كأننيسليم أفاع ليله غير مودع
فما الموت أفناني ولكن تتابعتعلي سنون من مصيف ومربع
ثلاث مئين قد مررن كواملاوها أنا هذا أرتجي مر أربع (2)

ومنهم: الحارث بن كعب بن عمرو بن وعلة بن خالد بن مالك بن أدد المذحجي، وكان من حكماء العرب وفصحائهم، وهو القائل، شعر:


أكلت شبابي فأفنيتهوأمضيت بعد دهور دهورا
ثلاثة أهلين صاحبتهمفبادوا وأصبحت شيخا كبيرا
عسير القيام قليل الطعاـم قد ترك الدهر خطوى قصيرا
أبيت أرعى نجوم السماأقلب أمري بطونا ظهورا (3)

ومنهم: المستوغر، وهو عمرو بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد بن (4) مناة بن تميم بن مربن أد بن طلحة (5) بن إلياس بن مضر.

عاش ثلاث مائة، وأدرك أول الإسلام، وروي أنه مات قبل ظهور النبي صلى الله عليه وآله، وهو القائل، شعر:

____________

(1) المعمرون والوصايا: 58.

(2) كنز الفوائد: 250، المعمرون والوصايا: 58.

(3) كنز الفوائد: 251، المعمرون والوصايا: 124، الأمالي للمرتضى 1: 232 - 233.

(4) في الأمالي للمرتضى: " زيد مناة ".

(5) في الأمالي: " طابخة بن الياس ".

الصفحة 451

ولقد سئمت من الحياة وطولهاوعمرت من عدد السنين مئينا
مائة أتت من بعدها مائتان ليوازددت من عدد الشهور سنينا
هل ما بقي إلا كما قد فاتنايوم يكرو ليلة تحدوها (1)

ومنهم: دويد بن زيد بن نهد بن (2) سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن مالك ابن مرة بن مالك بن حمير.

عاش أربع مائة سنة وستا وخمسين سنة، وهو القائل، شعر:


اليوم يبنى لدويد بيته..........................

إلى قوله، شعر:


لو كان للدهر بلى أبليتهأو كان قرني واحدا كفيته (3)

ومن قوله، شعر:


ألقى علي الدهر رجلا ويداوالدهر ما أصلح يوما أفسدا

يفسد ما أصلحه اليوم غدا (4)

ومنهم: زهير بن جناب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف ابن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير، عاش مائتي سنة، وواقع مائتي وقعة، لا وكان سيدا مطاعا شريفا في قومه، ويقال: كانت فيه عشر خصال، لم يجتمعن في غيره من أهل زمانه: كان سيد قومه، وشريفهم، وخطيبهم، وشاعرهم، ووافدهم إلى الملوك، وطبيبهم، وكاهنهم، وفارسهم، وله البيت فيهم، والعدد منهم. وله حكم ووصايا وأشعار مشهورة. فمن قوله، شعر:


لقد عمرت حتى ما أباليأحتفي في صباحي أو مسائي

____________

(1) المعمرون: 12 - 14، الأمالي للمرتضى 1: 234، كمال الدين 2: 561.

(2) في الأمالي: " نهد بن زيد بن ليث بن سود ".

(3) المعرون والوصايا: 26، أمالي المرتضى 1: 236 - 237.

(4) كنز الفوائد: 250، المعمرون والوصايا: 25، الأمالي 1: 237.

الصفحة 452

وحق لمن أتت مائتان عاماعليه أن يمل من الثواء (1)

ومنهم: ذو الإصبع العدواني، واحمه حرثان بن محرث بن الحارث بن ربيعة بن وهب بن ثعلبة بن ظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن عدوان، وكان شاعرا فصيحا ومن حكماء العرب، عاش مائة سنة وسبعين سنة، وفي رواية أبي حاتم أنه عاش ثلاث مائة سنة، ومن حسن شعره:


لا يبعدن عهد الشباب ولالذاته ونباته (2) النضر
هزئت أثلية أن (3) رأت هرميوأن انحنى لتقادم ظهري
أكاشر ذا الطعن (4) المبين عنهموأضحك حتى يبدو الناب أجمع
وأهدنه بالقول هدنا ولو يرىسريرة ما أخفي لبات يفزع (5)

ومنهم: الربيع بن ضبع الفزاري، روي أنه دخل على عبد الملك بن مروان، فقال له: يا ربيع أخبرني عما أدركت من العمر ورأيت من الخطوب الماضية؟ فقال: أنا الذي أقول، شعر:


ها أنا ذا آمل الخلود وقدأدرك عقلي ومولدي حجرا

فقال عبد الملك: قد رويت هذا من شعرك وأنا صبي، يا ربيع لقد طلبك جد غير عاثر ففصل لي عمرك، فقال عشت مائتي سنة في فترة عيسى عليه السلام وعشرين ومائة في الجاهلية وستين في الإسلام، وهو القائل، شعر:


إذا كان الشتاء فأدفئونيفإن الشيخ يهدمه الشتاء
وأما حين يذهب كل قرفسر بال خفيف أو رداء

____________

(1) المعمرون والوصايا: 34، الأمالي 1: 238 - 241.

(2) في النسخة: " وبيانه ".

(3) في النسخة: " هربت أثلية إذا ".

(4) كذا في الأصل، وفي الأمالي والبحار: " الضغن ".

(5) الأمالي للمرتضى 1: 244 - 251.

الصفحة 453

إذا عاش الفتى مائتين عامافقد ذهب المسرة والفتاء (1)

ومنهم: عبد المسيح بن بقيلة، واسمه ثعلبة بن عمرو بن قيس بن حيان، عاش ثلاث مائة سنة وخمسين سنة، وأدرك الإسلام فلم يسلم وكان نصرانيا، وبنى له قصرا بالحيرة، وعاش إلى خلافة عمر، ولما نزل خالد بن الوليد بالحيرة صالحه على مائة ألف درهم، فقال في ذلك، شعر:


أبعد المنذرين أرى سوا ماتروح بالخورنق والسدير
تحاماه فوارس كل قوممخافة ضيغم على الزئير

إلى قوله:


نؤدي الخرج بعد خراج كسرىوخرج من قريظة والنضير
كذاك الدهر دولته سجالفيوم من مساة أو سرور (2)

ومنهم: النابغة الجعدي، واسمه قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ويكنى أبا ليلى، وأدرك الإسلام فأسلم، وهو القائل، شعر:


تذكرت والذكرى تهيج على الهوىومن حاجة المحزون أن يتذكرا
نداماي عند المنذر بن محرقأرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا (3)
كهول وفتيان كأن وجوههمدنانير مما شيف في أرض قيصرا

وله أيضا:


لبست أناسا فأفنيتهموأفنيت بعد أناس أناسا
ثلاثة أهلين أفنيتهموكان الله هو المستاسا

يعني: المستعاض، وله:

____________

(1) إكمال الدين 2: 549 - 550، الأمالي للمرتضى 1: 253 - 255، المعمرون: 8: 10.

(2) الأمالي للمرتضى 1: 260 - 262.

(3) في الأمالي: " أقفرا ".

الصفحة 454

ولقد شهدت عكاظ قبل محلهافيها وكنت أعد مفتيان
والمنذر بن محرق في ملكهوشهدت يوم هجائن النعمان
وعمرت حتى جاء أحمد بالهدىوقوارع تتلى من القرآن (1)

ومنهم: أكثم بن صيفي الأسدي، عاش ثلاث مائة سنة وثلاثين سنة، وأدرك النبي صلى الله عليه وآله وآمن به قبل أن يلقاه، وله أحاديث كثيرة وحكم، وهو القائل، شعر:


وإن امرءا قد عاش تسعين حجةإلى مائة لم يسأم العيش جاهل
مضت مائتان بعد عشر وفازها (2)وذلك من عد الليالي قلائل (3)

ومنهم: صيفي بن رباح، عاش مائتي سنة وسبعين سنة، لا ينكر من عقله شئ، وهو في بعض الروايات ذو الحلم الذي يقول المتلمس اليشكري فيه البيت السالف (4).

ومنهم: ضبيرة بن سعد بن سهم بن عمرو، عاش مائتي سنة وعشرين سنة ولم يشب، وأدرك الإسلام ولم يسلم، ومات أسود الشعر صحيح الأسنان، فرثاه ابن عمه قيس بن عدي فقال، شعر:


من يأمن الحدثان بعدضبيرة السهمي ماتا
سبقت منيته المشيبفكان ميتته افتلاتا
فتزودوا لا تهلكوامن دون أهلكم خفاتا (5)

ومنهم: شريح بن هاني بن نهيك بن دريد بن سلمة، أدرك الإسلام، وقتل في ولاية الحجاج، وهو القائل، شعر:


قد عشت بين المشركين أعصراثمة أدركت النبي المنذرا

____________

(1) الأمالي للمرتضى 1: 263 - 266.

(2) في الكمال للصدوق: " خلت مائتان غير ست وأربع ".

(3) كنز الفوائد: 249، المعمرون: 14 - 25، إكمال الدين 2: 570.

(4) إكمال الدين 2: 570، الوصايا: 146.

(5) الغيبة للطوسي: 81 " إكمال الدين 2: 565، المعمرون 25.

الصفحة 455

وبعده صديقه وعمرا(ويوم مهران ويوم تسترا)
والجمع من صفينهم والنهراهيهات ما أطول هذا عمرا (1)

ومنهم: الحارث بن مضاض الجرهمي (2)، عاش أربع مائة سنة، وأدرك الإسلام ولم يسلم، وقتل يوم حنين، وهو القائل، شعر:


حرب عوان ليتني فيها جدع.........................

وإذا كان ما ذكرناه من أعمار هؤلاء معلوما لكل سامع للأخبار، وفيهم أنبياء صالحون وكفار معاندون وفساق معلنون، سقط دعوى خصومنا كون عمر الغائب خارقا العادة، لثبوت أضعاف ما انتهى إليه من المدة لأبرار وفجار.

على أن خرق العادة على غير الأنبياء عليهم السلام إنما يمنع منه المعتزلة وإخوانها الخوارج إذا تكاملت فيه شروط المعجز، وطول عمر الحجة عليه السلام خارج عن قبيل الإعجاز بغير شبهة، لانفصاله من دعواه، بل هو مستحيل (3)، لأن تأخر الدعوى ومضي العمر الخارق للعادة لا يؤثر شيئا، لوجوب تقدم الدعوى بخرق العادات المفعول للتصديق عقيبها، وتقدم الدعوى بطول العمر لا يجدي شيئا، لتعريها من برهان صحته، ولوقوعها على ما لم يحصل إلا بعد أزمان.

اللهم إلا أن يجعل جاعل طول عمره عليه السلام مدة معلومة دلالة على صدقه بعد مضي الزمان الذي أخبر به، غير أن هذا المعجز من قبيل الإخبار بالغائبات دون طول العمر.

أو يجعل جاعل ظهوره عليه السلام بعد طول المدة شابا قويا معجزا، فيصح ذلك، إلا أنه مختص بزمان ظهوره دون زمان غيبته.

وبعد، فلو سلمنا أن طول عمر الغائب عليه السلام المدة التي بلغها أحد من

____________

(1) كمال الدين: 558.

(2) راجع ترجمته في تذكرة الخواص: 365، المعمرون: 8.

(3) كذا.

الصفحة 456
ذكرناه من المعمرين وأضعافها خارقا للعادة على ما اقترح علينا، وأنه من قبيل الإعجاز، لم يقدح ذلك في شئ مما قدمناه، لجواز ظهور المعجز عندنا على الأبرار، فضلا عن الحجج والصالحين حسب ما دللنا عليه في ماضي كتابنا هذا وأوضحناه.

(كيف يمكن معرفة الحجة عند ظهوره)

فإن قيل: فهب أنكم تعلمون تخصيص حجة الإمامة في هذا الزمان بابن الحسن عليه السلام، فكيف لمن ظهر له من خاصته في زمان الغيبة بمعرفته ولجميع شيعته وغيرهم حين الظهور العام.

قيل: لا بد في حال ظهوره الخاص والعام من معجز يقترن به ليعلم الخاص والعام من شيعته وغيرهم عند تأمله كونه الحجة بعينه، إذ كان النص المتقدم من الكتاب والسنة والاعتبار العقلي دلالة على إمامته وتخصيص الحجة على الجملة، ولا طريق لأحد من المكلفين منها إلى تعينه، وكذلك وجب ظهور المعجز مقترنا بظهوره عليه السلام.


الصفحة 457


(مسائل التكليف الشرعي)





الصفحة 458

الصفحة 459

مسألة: (في تقسيم التكليف الشرعي)

التكليف الشرعي على ضربين: أفعال، وتروك.

والأفعال على ضروب اثني عشر: الصلاة، وحقوق الأموال، والصوم، والحج، والزيارات، والوفاء بالعهود والوعود والنذور، والوفاء بالإيمان، وتأدية الأمانة، والكفارات، والوصايا، وأحكام الجنائز، وما يلزم من العبادة في فاعل الحسن (1) والقبح والمصر (2) عليهما.

والتروك على ضروب أربعة:

مآكل: كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، وكل محرم من الأغذية.

ومشارب: كالخمر، والفقاع، وكل محظور من الأشربة.

ومدركات: كالأغاني، والملاهي، وكل قبيح من الأصوات.

ومناكح: كالزنا، واللواط، وكل وطئ محرم.

والأفعال تنقسم إلى مفروض ومسنون، والتروك كلها قبيحة.

وقد فصلنا أحكام هذه العبادات في كتاب التلخيص، إذ كان بذلك أولى من هذا الكتاب المقصور على المعارف.

ووجهة وجوب الفرائض: كون فعلها لطفا في واجبات العقول واجتناب قبائحها وقبح (3) تركها، لأنه ترك لواجب.

وجهة الترغيب في المسنون: كونه لطفا في مندوبات العقول، ولم يقبح تركه كما لا يقبح ترك ما هو لطف فيه.

وجهة قبح التروك: كون فعلها مفسدة، ووجب تركها، لأنه ترك لقبيح، وقلنا

____________

(1) كذا في النسخة.

(2) في الأصل: " المضر ".

(3) في النسخة: " وقبيح ".

الصفحة 460
ذلك، لأنه لا بد لما وجب أو قبح أو رغب فيه من وجه له كان كذلك لولاه لم يكن ما وجب أولى بالوجوب من القبح أو الترغيب حسب، ولا ما قبح أولى بالقبح من الحسن.

وإذا كان لا بد من وجه، لم يخل أن يكون الأمر والنهي على ما قالته المجبرة، أو كونها شكرا لنعمته تعالى على ما ذهب إليه بعض المتكلمين، أو الترك على ما قاله أبو علي، أو الفعل على ما نقوله.

ولا يجوز أن يكون الأمر والنهي، لأنه متى لم يكن للفعل صفة لها يحسن تعلق الأمر به أو النهي عنه كان الأمر والنهي عبثا، ولم يكن المنهي عنه أولى بالنهي من الأمر به ولا المأمور به أولى بالأمر من النهي عنه.

ولأنها فرع لصدق المدعى، وصدقه موقوف على النظر في معجزه، ولا داعي إلى ذلك إلا خوف المفاسد في ما ينهى عنه وفوت المنافع في ما يأمر به، فينبغي حصول صفتي المصلحة والمفسدة فيما يدعو إليه وينهى عنه قبل أمره ونهيه الكاشف عن كونهما كذلك.

ولأن الأمر الشرعي متناول للفرض والنفل، والشئ الواحد لا يجوز أن يقتضي إيجابا لشئ وترغيبا في غيره، ولأن مجرد الأمر والنهي لا يخصص المأمور ولا المنهي بوقت دون وقت، - ولا بوجه دون وجه، ولا بصفة دون أخرى، وهذه صفة العبادات الشرعية، قبحت تعلقها بالمصالح، المخصصة لها بالأوقات والصفات والشروط.

ولا يجوز كون الوجه فيها شكرا لنعمه تعالى، لأن حقيقة الشكر هي الاعتراف بالنعمة والعزم على تعظيم فاعلها، وليست الشرعيات من ذلك في شئ.

ولأن شكره تعالى يعم المكلفين والأزمان على كل حال، والشرعيات يختص مكلفا ويسقط عن آخر، ويجب على صفة يختص الفاعل ويقبح من دونها، ويسقط مع صفة له ويجب بارتفاعها.

ولأنها ينقسم إلى فرض ونفل وحرام، والمقتضي الواحد لا يجوز أن يقتضي إيجابا وندبا وقبحا.

ولا يجوز أن يكون الترك هو المراعى في العبادات والقبائح الشرعيات، لأن الإشارة والتعيين والنص والترغيب والتزهيد والزجر يوجه إلى الصلاة والزكاة والحج والزنا

الصفحة 461
والربا وشرب الخمر دون تركها، ولو كان الترك هو المقصود في التكليفين، لوجب تخصص ذلك أجمع به دون الفعل، فثبت (1) في كتابي العمدة والتلخيص.

والعلم بهذا التكليف فرع للمعارف التي أسلفناها، لوقوف العلم به على صدق النبي صلى الله عليه وآله، الموقوف على خرق العادة المسند كونه معجزا دالا على الصدق إلى تخصصها بمقدور القديم تعالى، لجواز القبيح على من عداه وتقدم العلم بحكمته ليأمن من الناظر تصديق....


    إلى هنا تم ما في النسخة الوحيدة لهذا الكتاب، وبذلنا
قصارى جهدنا في تصحيحها مع رداءة خطها وكثرة أخطائها،
نرجو أن نكون وفقنا لتقديم نص صحيح إلى قرائنا الأعزاء، وإن
وجد فيه خطأ فنحن في انتظار التنبيه عليه، والعفو، فإن العفو عند
كرام الناس مقبول.
                                                فارس

____________

(1) كذا في الأصل، ولعل الصحيح: " تبينته ".