الصفحة 16
الجاحد وهو يعلم أنه حق قد استقرّ عنده، وقال تعالى: ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم)(1)..."(2).

وقال الإمام الصادق(عليه السلام): "لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا"(3).

قال الراغب الأصفهاني: والجحد في اللغة هو: نفي ما في القلب إثباتُه، واثبات ما في القلب نفيُه، قال عزّ وجلّ: ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم)(4)، يقال: جحد جحوداً وجحداً(5).

وقال ابن منظور: الجحد نقيض الاقرار، كالانكار والمعرفة، والجحود هو الانكار مع العلم(6).

ويؤيّد كل ذلك ويشرحه قوله تعالى: ( إنّ الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهدى...)(7).

وروي عن أبي بصير أنه قال للامام الصادق(عليه السلام): ما تقول فيمن شك في اللّه؟ فقال: "كافر يا أبا محمد"، قال: فشك في رسوله اللّه؟ فقال: "كافر"، ثم التفت إلى زرارة فقال: "إنما يكفر إذا جحد"(8).

قال العلاّمة المجلسي في شرحه لهذا الحديث:... الثاني من تلك الوجوده هو: أن يكون المراد أن الشك في أصول الدين مطلقاً إنما يصير سبباً للكفر بعد البيان وإقامة الدليل، ومن لم تتمّ عليه الحجّة ليس كذلك..."(9).

____________

1 - سورة النمل: 14.

2 - الشيخ الحر العاملي: وسائل الشيعة ج1 ب2 ح9.

3 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص388 ح19.

4 - سورة النمل: 14.

5 - الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن ص187.

6 - ابن منظور: لسان العرب ج2 ص182.

7 - سورة محمد: 25.

8 - الشيخ الكليني، الكافي ج2 ص399.

9 - الشيخ المجلسي: مرآة العقول ج11 ص183.


الصفحة 17

حديث شريف عن الإمام الكاظم(عليه السلام) ينهى عن استعمال العنف

ونختم هذا الفصل بالحديث الشريف الذي يبين علاقة أهل البيت(عليهم السلام) مع الآخر السلبي، والنهي عن استعمال العنف معه:

روي أن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسى بن جعفر، ويؤذيه إذا لقيه.

وكان قد قال له بعض حاشيته: دعنا نقتله، فنهاهم عن ذلك أشدّ النهي وزجرهم أشدّ الزجر.

ثم مضى راكباً حتى قصده في مزرعة له، فتواطأها بحماره، فصاح: لا تدس زرعنا، فلم يصغ إليه، وأقبل حتى نزل عنده فجلس معه وجعل يضاحكه.

وقال له: "كم غرمت على زرعك هذا؟".

قال: مائة درهم.

قال: "فكم ترجو أن تربح؟".

قال: لا أدري.

قال: "إنما سألتك كم ترجو؟".

قال: مائة أخرى.

قال: فأخرج ثلاثمائة دينار فوهبها لها.

فقام فقبل رأسه.

فلّما دخل المسجد بعد ذلك وثبت العمري فسلّم عليه وجعل يقول: (اللّه أعلم حيث يجعل رسالته)(1).

فوثب أصحابه عليه وقالوا: ما هذا؟

فشاتمهم.

وكان بعد ذلك كلما دخل موسى خرج يسلّم عليه ويقوم له.

فقال أبو الحسن موسى لحاشيته الذين أرادوا قتل العمري: "أيما كان خيراً: ما أردتم،

____________

1 - سورة الأنعام: 124.


الصفحة 18
أو ما أردت من أن أصلح أمره بهذا المقدار؟!"(1).

____________

1 - أبو الفرج الأصفهاني: مقاتل الطالبيين ص499 ـ 500، الخطيب البغداد: تاريخ بغداد ج13 ص27 ـ 32، الذهبي: ميزان الاعتدال ج4 ص201 ـ 202 وقال: إن صحّت فهذا غاية الحلم والسماحة.


الصفحة 19

العلاقة مع الآخر... والجهاد:

من أبرز المصاديق التي كانت ولا زالت محلاًّ للاعتراض على مسألة العلاقة مع الآخر، هي مسألة الجهاد في الإسلام، باعتبار أن هذا الحكم يتنافى مع حرية التفكير والمعتقد، ويعتبر المصداق البارز للعنف، وهو العائق الأساس أمام العلاقة مع الآخر.

ولا يمكن أن نصل إلى حقيقة نظر الشارع إلى موضوع الجهاد، قبل طرح مسألة "تمامية الحجّة" على طاولة الحوار.

وقد أشرنا في الفصل السابق "العلاقة مع الآخر... والعنف"، إلى العامل المشترك الذي يؤكد عليه أهل البيت(عليهم السلام) في كثير من الأحكام الشرعية، وهو "تمامية الحجة" ومن هذه الأحكام الشرعية هي مسألة "الجهاد"، التي اشترط فيها الشارع المقدس ـ وفقاً لمباني مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ـ تمامية الحجة التي لا يمكن أن تأتي إلاّ بواسطة المعصوم(عليه السلام)الذي يتمثل عند مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بالنبي والأئمة الاثني عشر صلوات اللّه عليهم أجمعين.

فقد روي أن عباد البصري لقي علي بن الحسين(عليه السلام) في طريق مكة، فقال له: يا علي بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحج ولينه، إنّ اللّه عز وجل يقول: (إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة يقاتلون في سبيل اللّه )الآية(1)، فقال علي بن الحسين صلوت اللّه عليه: "أتم الآية"، فقال: (التائبون العابدون الحامدون للّه السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود اللّه وبشّر المؤمنين)(2)، فقال علي بن الحسين(عليه السلام): "إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحج"(3).

____________

1 - سورة التوبة: 111.

2 - سورة التوبة: 112.

3 - الشيخ الكليني: الكافي ج5 ص22 ح1، الشيخ الطوسي: التهذيب ج6 ص134 ح225.


الصفحة 20
فإن هذه الصفات، بالأخص قوله تعالى: (والحافظون لحدود اللّه) لا يمكن أن يتصف بها كاملة إلاّ المعصوم(عليه السلام).

وروي عن بشير الدهان، عن الإمام الصادق(عليه السلام)، قال: قلت له: إنّي رأيت في المنام أني قلت لك: إن القتال مع غير الإمام المفترض طاعته حرام، مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فقلت لي: نعم هو كذلك، فقال أبو عبد اللّه(عليه السلام): "هو كذلك، هو كذلك"(1).

وروى أبو عمرو الزبيري أنه قال: قلت للإمام الصادق(عليه السلام): أخبرني عن الدعاء إلى اللّه والجهاد في سبيله، أهو لقوم لا يحلّ إلاّ لهم ولا يقوم به إلاّ من كان منهم أم هو مباح لكل من وحّد اللّه عزّ وجل وآمن برسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)؟ ومن كان كذا فله أن يدعو إلى اللّه عز وجل وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيل اللّه؟

فقال: "ذلك لقوم، لا يحلّ إلاّ لهم، ولا يقوم به إلاّ من كان منهم".

فقلت: من أولئك؟

فقال: "من قام بشرائط اللّه عز وجلّ في القتال والجهاد على المجاهدين فهو المأذون له في الدعاء إلى اللّه عزّ وجل، ومن لم يكن قائماً بشرائط اللّه عز وجل في الجهاد على المجاهدين فليس بمأذون له في الجهاد والدعاء إلى اللّه، حتى يحكم في نفسه بما أخذ اللّه عليه من شرائط الجهاد"...(2).

وسواء وافقنا من اعتمد على هذا الرأي في عدم جواز الجهاد بدون إذن الإمام المعصوم(عليه السلام) الذي بواسطته تكون الحجّة تامة والدعوة كاملة، أو خالفناه وقلنا بالرأي القائل بجواز الجهاد مع عدم وجود الإمام المعصوم; فإن العامل المشترك في القولين هو "تمامية الحجة" و"تمامية الدعوة"، والاختلاف يكون في المصداق الخارجي للتمامية، الذي هو على القول الأول لا يمكن بدون المعصوم، وعلى القول الثاني امكانه مع غير المعصوم.

وتمامية الحجة والدعوة في الجهاد، تخرج الموضوع من أساسه عن محاربة الفكر

____________

1 - الشيخ الكليني: الكافي ج5 ص27 ح2، الشيخ الطوسي: التهذيب ج6 ص134 ح226.

2 - الشيخ الكليني: الكافي ج5 ص13 ح1.


الصفحة 21
والعقيدة، لأن عدم قبول الدعوة مع تمامية الحجة لا يكون إلاّ عن عناد وحب للزعامات الدنيوية وأمور سياسية أخرى، لا تمت بالفكر والعقيدة بأي صلة.

وهذا البحث يعتمد في الأساس على العقل، ثم النقل، والمشهور عند مذهب أهل البيت(عليهم السلام) يذهب إلى عدم جواز الجهاد مع عدم وجود المعصوم(عليه السلام) الذي لا يمكن للدعوة والحجّة على الآخر أن تتم بدونه.

قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): "يا علي، لا تقاتلن أحداً حتى تدعوه إلى الإسلام، وايم اللّه لئن يهدي اللّه عز وجل على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي"(1).

____________

1 - الشيخ الكليني: الكافي ج5 ص28 ح4، الشيخ الطوسي: التهذيب ج6 ص141 ح240.


الصفحة 22

العلاقة مع الآخر... وفتاوى التكفير:

لم يباعد المسلمين فيما بينهم، ولم يمزق الأمة الإسلامية، ولم يسبب النفرة والتنافر بين المسلمين، إلاّ تلك الفتاوى التي تصدر بين الحين والآخر، تكفر المسلمين، وتمزّقم اشتاتاً متباعدين متباغضين.

العلاقة مع الآخر فيما بين المسلمين لا يقدّر لها النجاح ما لم نقف أمام هذه الفتاوى.

كانت هذه الفتاوى التكفيرية على مرّ العصور أكثر ما تكون أداة بيد الساسة الذين بيدهم زمام الأمور، يستعملونها لتمشية أغراضهم السياسية، ولم تكن مقتصرة على تكفير الشيعة، بل كانت تستعمل فيما بين سائر فرق المسلمين، وكانت تزهق أرواح الأبرياء بسبب هذه الفتاوى التي كانت للسياسة الدور الفاعل في تحريكها.

وما نشاهده في أيامنا هذه من حوادث إرهابية تحدث في العراق وباكستان و... ضد الشيعة، ليس هو إلاّ المصداق البارز لتأثير هذه الفتاوى على الواقع العملي الذي نعيشه.

إن فتاوى التكفير لا تستعملها إلاّ الفرق المتطرفة من بين فرق المسلمين، وهؤلاء هم الذي جرّوا الويلات على الإسلام والمسلمين على مرّ العصور، وكانوا السبب وراء الفتن الطائفية، ووراء العنف الذي يحدث بين المسلمين، والذي لا نشك أن أيادي أعداء الإسلام والمسلمين وراء كل هذه الفتاوى، لتجعل من المسلمين أمة متناحرة متنافرة ضعيفة، يمكن الاستيلاء على خيراتها وبركاتها بسهولة.

ولابدّ لأصحاب الكلمة ومن بيدهم زمام الأمور من المخلصين ممن يدعون إلى الوسطية في الإسلام ويريدون كل الخير لهذه الأمة، لابد لهم من عقد مؤتمرات مختصّة لمعالجة بادرة فتاوى التكفير والوقوف أمامها.


الصفحة 23

العلاقة مع الآخر... والسلفية:

هناك مفصل هام في هيكلية الذهنية السلفية، وهو:

1ـ انشداده إلى الماضي.

2ـ كرهه للحاضر.

3ـ خوفه من المستقبل.

فالزمن في الذهنية السلفية عبارة عن منحنى يبدأ من عهد النبوة، ثم ينحدر مع الأيام، ليصبح الأمس هو الأفضل على الاطلاق، والغد هو الأسوأ مقارنة بالماضي، واليوم هو مرحلة زمنية هي أسوأ من الماضي وأفضل من المستقبل.

ودليلهم على ذلك بعض الروايات التي لا تخلو من مناقشة في السند والدلالة، نطوي عنها صفحاً، لخروجها عن موضوع بحثنا هذا.

وهذه الهيكلية، بالأخص (كرههم للحاضر) جعلت منهم أناساً منغلقين على أنفسهم، لا يتعاملون مع الواقع العملي بمرونة، وجعلت علاقتهم مع الآخر من أسوأ العلاقات من بين فرق المسلمين.

فلا نشاهد في معاملتهم مع الآخر المسلم ممن يخالفهم الرأي، إلاّ الشدّة والعنف الذي يصل في كثير من الأحيان إلى التكفير والاخراج من الشريعة، وبالأخص في الأماكن التي لهم فيها وجود وقدرة وقوة، تجد الآخر ممن خالفهم الرأي يواجه أنواع العنف والارهاب الفكري، يظلم كل يوم، مما يجعل الكثيرين منهم يكتمون معتقدهم ويعملون بالتقية.

وتجد غضب السلفيين أشدّ ما انصبّ على الشيعة، الذين سمّوهم بالرافضة ومجوس هذه الأمة، ويرى فريق من السلفيين أن الشيعة أكفر من اليهود والنصارى، وهناك فتاوى تكفيرية واضحة.

وكذلك اشتد غضبهم على سائر الفرق الإسلامية التي لها مشتركات مع الشيعة، وكلما كانت مشتركات الفرق الاسلامية مع الشيعة أكثر كلما كان غضب السلفيين عليهم أشد،

الصفحة 24
بالأخص الصوفية الذين يشكلون نسبة معتنى بها من بين المسلمين، والفرق الإسلامية التي تعتقد بالزيارة والتوسل، الذين عبّر عنهم السلفيون بالقبوريين، وأخرجوهم من الدين.

وأخيراً، فإن الفكر المتجدد لم يسلم من غضب السلفيين، حتى أنهم أخرجوهم من الدين واعتبروهم كفاراً ملحدين.

كل ذلك، يرجع إلى أنهم أغلقوا أبواب التفكير على أنفسهم، غافلين أو متغافلين عن أنه إذا كان أقرب الناس إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) قد اختلف في فهم مدلولات تعاليم الإسلام إلى درجة الاقتتال والتذابح، أفلا يبرر لنا ذلك شرعاً أن نختلف، وأن يعذر بعضنا بعضاً نتيجة لهذا الاختلاف، ونحن على بعد 1400 سنة من عصر النبوة.


الصفحة 25

العلاقة مع الآخر... ومكارم الأخلاق:

لا يخفى على أحد أهمية ترسيخ أصول مكارم الأخلاق في المجتمع ودورها في العلاقة مع الآخر، وذلك لأنه لا يمكن بدون مكارم الأخلاق أن نضمن الاستمرار في العلاقة مع الآخر، بالأخص في عصرنا الحاضر الذي ابتعدت مجتمعاتنا كل البعد عن المعنويات والأخلاقيات، وجعلت جلّ اهتماماتها بالماديات.

وكلما استطعنا أن ننشر أصول مكارم الأخلاق في مجتمعنا، ونجعل المعنويات والأخلاقيات من الأمور الضرورية التي تتعايش معها مجتمعاتنا، كلما استطعنا أن نضمن العلاقة مع الآخر واستمرارها في أرفع مستوياتها.

وسنشير إلى بعض روايات مكارم الأخلاق مما لها صلة بالعلاقة مع الآخر، المروية عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام):

1 ـ الاهتمام بأمور المسلمين

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): "من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم"(1).

2 ـ العلاقة مع الآخر

1 ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): "عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة، وحضور الجنائز; إنه لابدّ لكم من الناس، إنّ أحداً لا يستغني عن الناس حياته، والناس لابدّ لبعضهم من بعض"(2).

2 ـ قال معاوية بن وهب للإمام الصادق(عليه السلام): كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا من خلطائنا من الناس ممّن ليسوا على أمرنا؟

____________

1 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص131 ح5.

2 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص464 ح1.


الصفحة 26
فقال(عليه السلام): "تنظرون إلى أئمتكم الذين تقتدون بهم، فتصنعون ما يصنعون، فواللّه إنهم ليعودون مرضاهم، ويشهدون جنائزهم، ويقيمون الشهادة لهم وعليهم، ويؤدّون الأمانة إليهم"(1).

3 ـ قال أبان بن تغلب: قلت لأبي عبد اللّه(عليه السلام): إنّي أقعد في المسجد فيجيء الناس فيسألوني، فإن لم أجبهم لم يقبلوا منّي، وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء عنكم، فقال لي: "انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك"(2).

4 ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): "صلّوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم..."(3).

3 ـ العفو

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): "ألا أُخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك، وأن تصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء اليك، وإعطاء من حرمك، وفي التباغض الحالقة، ولا أعني حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين"(4).

2 ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): "العفو عن القدرة من سنن المرسلين وأسرار المتقين، وتفسير العفو: أن لا تلزم صاحبك فيما أجرم ظاهراً، وتنسى من الأصل ما أصبت منه باطناً، وتزيد على الإحسان إحساناً"(5).

3 ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام) لعبد اللّه بن جندب: "يابن جندب، صِل من قطعك، واعط من حرمك، وأحسن إلى من أساء إليك، وسلّم على من سبّك، وأنصف من خاصمك، واعف عمن ظلمك كما أنت تحب أن يعفى عنك"(6).

4 ـ قال الإمام علي بن الحسين السجاد(عليه السلام) في قول اللّه عز وجل: (فاصفح الصفح

____________

1 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص464 ح4.

2 - الشيخ الكشي: رجال الكشي ج2 ص622 ح62.

3 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص174 ح11.

4 - الشيخ المفيد: الأمالي ص180 ح2.

5 - مصباح الشريعة ص334.

6 - الشيخ الحسن بن علي الحراني: تحف العقول ص225.


الصفحة 27
الجميل)(1)، قال: "العفو من غير عتاب"(2).

5 ـ قال الإمام علي بن موسى الرضا(عليه السلام): "ما التقت فئتان قط إلاّ نصر أعظمهما عفواً"(3).

6 ـ قال الإمام علي بن الحسين السجاد(عليه السلام): "إذا كان يوم القيامة جمع اللّه تبارك وتعالى الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثمّ ينادي مناد: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم عنق من الناس، فتتلقاهم الملائكة، فيقولون: وما كان فضلكم؟ فيقولون: كنّا نَصِل من قطعنا، ونعطي من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، قال: فيقال لهم: صدقتم، ادخلوا الجنة"(4).

4 ـ مداراة الناس

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): "أمرني ربي بمداراة الناس، كما أمرني بإقامة الفرائض"(5).

2 ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): "أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس، وأحزم الناس أكظمهم غيظاً"(6).

3 ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): "جاء جبرئيل إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا محمد، ربك يقرؤك السلام ويقول لك: دارِ خلقي"(7).

5 ـ التودد إلى الناس

1 ـ قال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): "رأس العقل بعد الإيمان باللّه: التودّد إلى الناس، واصطناع الخير إلى كلّ برّ وفاجر"(8).

2 ـ قال الإمام الباقر(عليه السلام): "صانع المنافق بلسانك، وأخلص ودّك للمؤمن، وإن جالسك

____________

1 - سورة الحجر: 85.

2 - الشيخ الصدوق: الأمالي ص276 ح14.

3 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص88 ح8.

4 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص88 ح4.

5 - الشيخ الصدوق: معاني الأخبار ص385 ح20.

6 - الشيخ محمد بن علي الفتال النيسابوري: روضة الواعظين ص380.

7 - الشيخ الكليني: الكافي ج2 ص95 ح2.

8 - الشيخ الصدوق: عيون أخبار الرضا(عليه السلام) ج2 ص35 ح77.