مقدّمة المؤلّف

بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه ربّ العالمين ، و الصلاة على محمّد و آله الطاهرين .

و بعد فإنّ علماء الإسلام الخاصّ منهم و العامّ ، و إن صنّفوا من الصّدر الأول في كلّ فنّ إلاّ أنّه لم يؤلّف أحد مثل كتاب الشريف الرضيّ هذا ، فإنّ أهمّية كلّ كتاب بمقدار فائدته ، و قيمته بقدر عائدته ، و لم يبلغ بكتابه هذا بعد كتاب اللّه تعالى كتاب ، فإنّه تاليه في الفصاحة و البلاغة ، و في الاشتمال على كلّ نصح و حكمة ، و لقد أجاد من قال فيه :

كتاب كأنّ اللّه رصّع لفظه
بجوهر آيات الكتاب المنزّل

حوى حكما كالدرّ ينطق صادقا
فلا فرق إلاّ أنّه غير منزل

1 و يأتي في العنوان ( 23 ) من الفصل الأوّل خبر أنّ ذعلبا لمّا أجابه أمير المؤمنين عليه السّلام سؤاله « هل رأيت ربّك ؟ » خرّ مغشيا عليه ، ثمّ قال : تاللّه ما سمعت بمثل هذا الجواب 2 و يأتي في خطبة المتّقين أنّ همّاما لمّا سمع

-----------
( 1 ) نقل البيتين الخوئي في ديباجة شرحه 1 : 80 .

( 2 ) بهج الصباغة : الفصل ( 1 ) العنوان ( 23 ) .

[ 18 ]

كلامه عليه السّلام في وصف أهل التّقوى صعق صعقة كانت نفسه فيها 1 .

و يأتي في العنوان ( 11 ) من الفصل الثلاثين أنّ قوله عليه السّلام : « إنّ الحقّ لا يعرف بالرّجال » و قوله عليه السّلام : « انظر الى ما قال ، و لا تنظر الى من قال » بلا قيمة 2 .

و قال الجاحظ : أجمعوا على أنّهم لم يجدوا كلمة أقلّ حرفا ، و لا أكثر ريعا ، و لا أعمّ نفعا ، و لا أحثّ على تبيين ، و لا أهجى لمن ترك التفهّم و قصّر في الافهام من قول علي عليه السّلام : « قيمة كل امرئ ما يحسنه » 3 .

و قال الخليل : أحثّ كلمة على طلب علم قول عليّ بن أبي طالب عليه السّلام : « قدر كلّ امرئ ما يحسن » 4 .

و قال الرضيّ في ( خصائصه ) : قوله عليه السّلام : « كلمة حقّ يراد بها باطل » في ردّ قول الخوارج : « لا حكم إلاّ للّه » أبلغ عبارة من أمر الخوارج لما جمعوا من حسن الاعتراء و الشّعار ، و فتح الإبطان و الإضمار 5 .

و قال أيضا فيه في قوله عليه السّلام : « لم يذهب مالك ما وعظك » : سبحان اللّه ما أقصر هذه الكلمة من كلمة ، و أطول شأو بدرها في مضمار الحكمة 6 و قال في ( نهج البلاغة ) في قوله عليه السّلام : « فلئن أمر الباطل لقديما فعل » : إنّ في هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان ، و إنّ

-----------
( 1 ) بهج الصباغة : الفصل ( 40 ) العنوان ( 13 ) .

( 2 ) بهج الصباغة : الفصل ( 30 ) العنوان ( 11 ) .

( 3 ) صرح الشارح في العنوان ( 16 ) من الفصل الثامن عشر أنّه نقله من كتاب البيان و التّبيين للجاحظ ، و أورد الجاحظ الحديث في 2 : 80 بلا كلام حوله .

( 4 ) نقله أبو علي الطوسي في أماليه 2 : 108 ، المجلس 17 باسناد عن خليل .

( 5 ) خصائص الأئمة للشريف الرضي : 88 .

( 6 ) المصدر نفسه .

[ 19 ]

حظّ العجب منه أكثر من حظّ العجب به ، و فيه مع الحال الّتي وصفنا زوائد من الفصاحة لا يقوم بها لسان ، و لا يطّلع فجّها إنسان ، و لا يعرف ما أقول إلاّ من ضرب في هذه الصناعة بحقّ ، و جرى فيها على عرق ، و ما يعقلها إلاّ العالمون 1 .

و قال في قوله عليه السّلام : « فإنّ الغاية أمامكم . . . » : إنّ هذا الكلام لو وزن بعد كلام اللّه سبحانه ، و بعد كلام رسوله صلّى اللّه عليه و آله بكلّ كلام لمال به راجحا ، و برّز عليه سابقا . فأمّا قوله عليه السّلام : « تخفّفوا تلحقوا » فما سمع كلام أقلّ منه مسموعا و لا أكثر محصولا ، و ما أبعد غورها من كلمة و أنقع نطفتها من حكمة 2 .

و قال في الخطبة ( 28 ) : لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزّهد في الدنيا و يضطرّ الى عمل الآخرة لكان هذا الكلام ، و كفى به قاطعا لعلائق الآمال ،

و قادحا زناد الاتّعاظ ، و الازدجار 3 .

و قال في الخطبة ( 80 ) : إذا تأمّل المتأمّل قوله عليه السّلام : « من أبصر بها بصرّته » وجد تحته من المعنى العجيب و الغرض البعيد ما لا تبلغ غايته ، و لا يدرك غوره ، و لا سيّما إذا قرن إليه قوله عليه السّلام : « و من أبصر اليها أعمته » فإنّه يجد الفرق بين أبصر بها و أبصر إليها واضحا نيّرا و عجيبا باهرا 4 .

و قال في قوله عليه السّلام : « لا تكن ممّن يرجو الآخرة بغير عمل . . . » : لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة و حكمة بالغة ، و بصيرة

-----------
( 1 ) نهج البلاغة 1 : 48 ، الخطبة ( 16 ) .

( 2 ) نهج البلاغة 1 : 58 ، الخطبة ( 21 ) .

قال الشريف في خصائص الأئمة : 87 بعد نقل قوله عليه السّلام : « تخفّفوا تلحقوا » : ما أقلّ هذه الكلمة و أكثر نفعها و أعظم قدرها و أبعد غورها و أسطع نورها .

( 3 ) نهج البلاغة 1 : 72 .

( 4 ) نهج البلاغة 1 : 131 .

[ 20 ]

لمبصر ، و عبرة لناظر مفكّر 1 .

إلى غير ذلك من كلماتهم في كلامه عليه السّلام ، ممّا لو استقصيت لصارت كتابا ، فللّه درّه في جمعه هذا الكتاب ، فكم اهتدي به من يوم تأليفه إلى يومنا هذا ، و كم يهتدى به إلى الأبد ، مع أنّه أتقن به لغة العرب ، و أمتن به قواعد الأدب ،

فشكر اللّه سعيه و أعطاه خير جزاء .

لكنّه عفا اللّه عنه لمّا كان متهالكا على نقل كلّ كلام فصيح منسوب إليه عليه السّلام ، لم يتفطّن أنّ الخصم قد يحتال و يزوّر على لسانه عليه السّلام بتزويق كلامه ، كما ترى ذلك في الخطبة ( 90 و 166 و 266 ) و في نقله الخطبة ( 6 ) لمّا أشير عليه بأن لا يتّبع طلحة و الزبير ، و قد تكلمنا عنها في موضعها 2 .

كما أنّه عفا اللّه عنه لمّا كان نظره في اختياره من كلامه عليه السّلام على الكلمة الفصيحة ، فقد يقتصر من نقل كلامه عليه السّلام على مثل الاقتصار على قوله تعالى : ( لا تقربوا الصلاة ) بدون ( و أنتم سكارى ) 3 كما تراه في الحكمة ( 467 ) ، و قد بحثناها في موضعها 4 .

كما أنّه عفا اللّه عنه لكون مراجعته الى كتب العامّة و رواياتهم فقط ،

غالبا قد ينقل ما تكذّبه روايات الخاصّة كما تراه في الخطبة ( 57 ) ، و قد

-----------
( 1 ) نهج البلاغة 4 : 38 ، الحكمة ( 150 ) .

( 2 ) نهج البلاغة 1 : 181 ، الخطبة ( 90 ) شرحها في بهج الصباغة الفصل ( 30 ) العنوان ( 8 ) . و 2 : 80 ، الخطبة ( 166 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 29 ) العنوان ( 24 ) و 2 : 222 ، الخطبة ( 226 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 29 ) العنوان ( 26 ) و 1 : 41 ، الخطبة ( 6 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 31 ) العنوان ( 3 ) .

( 3 ) الآية بتمامها : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكارى حتّى تعلموا ما تقولون و لا جنبا إلاّ عابري سبيل حتى تغتسلوا و إن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحدكم من الغائط أو لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيّبا فامسحوا بوجوهكم و أيديكم إن اللّه كان عفوّا غفورا ) . النساء : 43 .

( 4 ) نهج البلاغة 4 : 107 ، الحكمة ( 467 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 29 ) العنوان ( 27 ) .

[ 21 ]

شرحناه في محلّه 1 .

كما أنّه عفا اللّه عنه قد ينسب إليه عليه السّلام ما لغيره ، كما تراه في الحكمة ( 289 ) فاتفقت الروايات على أنّه لابنه الحسن عليه السّلام 2 . و ما تراه في الحكمة ( 227 ) فاتفقت الروايات على أنّه عليه السّلام نقله عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ، و قد أوضحناهما في محلّهما 3 .

كما أنّه قد ينسب إليه عليه السّلام ما روي عنه عليه السّلام في المنام ، كما تراه في الحكمة ( 406 ) و قد بحثنا ذلك في محلّه 4 .

كما أنّه قد ينسب الشي‏ء إلى غير محلّه ، فقال في الكتاب ( 62 ) : و من كتاب له عليه السّلام إلى أهل مصر مع مالك الأشتر . مع أنّه روى الثقفي في ( غاراته ) ، و ابن قتيبة في ( خلفائه ) ، و الكليني في ( رسائله ) ، و ابن جرير الطبريّ في ( مستر شده ) أنّه كانت خطبة له عليه السّلام في التحريض على الجهاد لمّا فتحت مصر و قتل محمّد بن أبي بكر 5 .

كما أنّه قد يحرّف لعدم تدبّره أو لسقم نسخة مستنده ، فنقل في الكتاب ( 57 ) : « خرجت من حيي هذا » فإنه محرّف : « خرجت مخرجي هذا » . كما شرحناه في محلّه 6 .

و نقل في الحكمة ( 371 ) : « و الشرّ جامع لمساوي العيوب » فإنّه محرّف

-----------
( 1 ) نهج البلاغة 1 : 105 ، الخطبة ( 57 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 9 ) العنوان ( 15 ) .

( 2 ) نهج البلاغة 4 : 69 ، الحكمة ( 289 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 40 ) العنوان ( 15 ) .

( 3 ) نهج البلاغة 4 : 50 ، الحكمة ( 227 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 40 ) العنوان ( 5 ) .

( 4 ) نهج البلاغة 4 : 95 ، الخطبة ( 406 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 6 ) . العنوان ( 25 ) .

( 5 ) نهج البلاغة 3 : 118 ، الكتاب ( 62 ) شرحه في بهج الصباغة : الفصل ( 8 ) العنوان ( 15 ) ، و الغارات للثقفي 1 : 302 ،

و تاريخ الخلفاء و هو كتاب الإمامة و السياسة لا بن قتيبة 1 : 154 ، و كشف المحجّة لابن طاووس : 173 نقلا عن رسائل الكليني ، و المسترشد للطبري : 95 .

( 6 ) نهج البلاغة 3 : 114 ، شرحه في بهج الصباغة : الفصل ( 3 ) العنوان ( 7 ) .

[ 22 ]

» و البخل جامع لمساوي العيوب » ، كما نقله نفسه في الحكمة ( 378 ) 1 ، و نقل في الخطبة ( 63 ) : « و لا وقف به عجز عمّا خلق » ، فإنّ الظاهر أنّه محرّف « و لا 2 وقف به عجز عمّا لم يخلق » . و قد شرحنا الكل في موضعه 2 .

و نقل في الخطبة ( 49 ) : « فلا عين من لم يره تنكره ، و لا قلب من أثبته يبصره » ،

فإنّه محرّف « فلا قلب من لم يره ينكره ، و لا عين من أثبته تبصره » 3 و قد نقله بعضهم من الرواية 4 .

و قد صنّف قبل المصنّف جمع في خطبه عليه السّلام ، ذكرهم ( فهرست الشّيخ ) و ( فهرست النجاشي ) ، و منهم : إبراهيم بن الحكم الفزاري 5 ، و اسماعيل بن مهران 6 ، و زيد بن وهب 7 ، و عبد العظيم الحسني 8 ، و مسعدة بن صدقة 9 ،

و المدائني 10 ، و عبد العزيز الجلودي 11 ، إلاّ أنّ كتبهم لم تصل إلينا .

-----------
( 1 ) نهج البلاغة 4 : 87 ، الحكمة ( 371 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 60 ) العنوان ( 83 ) ، و 4 : 90 ، الحكمة ( 378 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 44 ) العنوان ( 6 ) .

( 2 ) نهج البلاغة 1 : 112 الخطبة ( 63 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 1 ) العنوان ( 5 ) .

( 3 ) نهج البلاغة 1 : 98 الخطبة ( 49 ) شرحها في بهج الصباغة : الفصل ( 1 ) العنوان ( 4 ) .

( 4 ) نقله ابن أبي الحديد في شرحه 1 : 292 .

( 5 ) الفهرست للطوسي : 4 .

( 6 ) الفهرست للنجاشي : 19 ، و الفهرست للطوسي : 11 .

( 7 ) الفهرست للطوسي : 72 ، و المعالم لابن شهر آشوب : 51 ، نقله الأردبيلي عن الاسترآبادي عن النجاشي أيضا ، لكن لم أجده في فهرست النجاشي ، و جامع الرواة 1 : 344 .

( 8 ) الفهرست للنجاشي : 173 .

( 9 ) الفهرست للنجاشي : 295 .

( 10 ) قال ابن النديم في الفهرست : انّ له كتاب خطب علي عليه السّلام . فهرست ابن النديم : 114 ، و أمّا فهرست الطوسي ففي بعض نسخه كتاب « الخونة » لأمير المؤمنين و بعض نسخه « الحوز » . فهرست الطوسي : 95 ، و في موضع آخر « الحروب » . فهرست الطوسي : 192 ، و امّا المعالم لابن شهر آشوب ففي بعض نسخه « الخولة » ، و بعضها الآخر « الولاء » لأمير المؤمنين ، المعالم : 136 .

( 11 ) الفهرست للنجاشي : 167 .

[ 23 ]

و أظنّ أنّ أوّل من صنّف فيها الحارث الأعور الّذي كان من خواصّه عليه السّلام ، و قال عليه السّلام له : « أما إنّه لا يموت عبد يحبّني فتخرج نفسه حتّى يراني حيث يحبّ ، و لا يموت عبد يبغضني فتخرج نفسه حتّى يراني حيث يكره » كما رواه الكشي 1 . و قال عليه السّلام له : أبشّرك يا حارث لتعرفني عند الممات و عند الصّراط و عند الحوض و عند المقاسمة . قال الحارث : و ما المقاسمة ؟

قال : « مقاسمة النار ، أقاسمها قسمة صحيحة ، أقول : هذا ولييّ فاتركيه ، و هذا عدوي فخذيه » . كما رواه أمالي الشّيخين 2 ، و قد نظم الحميريّ في قوله : يا حار همدان الأبيات المعروفة مضمون الخبرين 3 .

و روى الكليني و الصدوق باسنادهما عن أبي اسحاق السبيعي عن الحارث أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام خطب خطبة بعد العصر فعجب الناس من حسن صفته و ما ذكره من تعظيم اللّه تعالى . قال أبو إسحاق : فقلت للحارث :

أو ما حفظتها ؟ قال : كتبتها قال السبيعيّ فأملأها علينا الحارث من كتابه . . .

ثمّ زيد بن وهب الّذي كان من أصحابه عليه السّلام أيضا 4 .

و قد شرح الكتاب جمع كثير ، من أراد الوقوف عليها فليراجع ( الذريعة ) 5 ، و لكن أبسطها و أمتنها ( شرح ابن أبي الحديد ) ثمّ ( شرح ابن ميثم ) ،

ثمّ ( شرح الخوئي ) و لكن لم يكن أحد منها جامعا مع أنّ الأخير غير تام ، فإنّه

-----------
( 1 ) أخرجه الكشّي اختيار معرفة الرجال : 88 ، و ابن شهر آشوب في المناقب 3 : 223 عن الحارث ، و أخرجه الكليني في الكافي 2 : 132 ح 5 ، و أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره عنه البحار 6 : 199 ح 52 عن عباية الأسدي .

( 2 ) أخرجه المفيد في أماليه : 3 ح 3 المجلس ( 1 ) ، و أبو جعفر الطوسي في أماليه 2 : 238 المجلس ( 12 ) ، و الطبري في بشارة المصطفى : 4 و الإربلي في كشف الغمة 2 : 38 و الديلمي في إرشاد القلوب : 297 .

( 3 ) نقل الأبيات في ذيل الحديث في المصادر المذكورة و البيت بتمامه :

يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن أو منافق قبلا


( 4 ) الكافي 1 : 141 ح 7 ، و التوحيد للصدوق : 31 ح 1 .

( 5 ) الذريعة لآقا بزرك الطهراني 14 : 113 160 .

[ 24 ]

إلى الخطبة ( 228 ) . و أمّا شرح الراوندي المسمّى ( منهاج البراعة ) كما يفهم من ( طرائف ابن طاووس ) 1 ، فلم يوجد منه إلاّ نسخ في بعض المكتبات ، و منها نسخة في المكتبة الرضوية كشرح أبي الحسن الكيذري الّذي ينقل عنه كثيرا ابن ميثم ، و منها في الشقشقيّة في كتاب رجل من أهل السواد 2 ، فلم يوجد إلاّ في بعض المكتبات ، و منها نسخة في المكتبة الأميريّة ، و هو جمع بين شرح الراوندي و شرح البيهقي كما نقل 3 .

و ( شرح ابن أبي الحديد ) و إن ادّعى أنّه تاريخيّ أدبيّ إلاّ أنّ فيه معايب ،

ففي بعض الموارد يفرط في نقل التاريخ حتى يمكن أن يجعل ما نقل تاريخا مستقلا ، و كان عليه أن يقتصر على المقدار المناسب للعنوان ، و في بعض الموارد لا ينقل شيئا أصلا ، كما أنّه في الأدب كذلك قد يفرط و قد يفرّط ، بل ينقل كثيرا ما لا ربط له أصلا ، كما ترى عند شرحه لقوله عليه السّلام في الإخبار عن الخوارج : « كلاّ و اللّه انّهم نطف في أصلاب الرجال و قرارات النساء » 4 .

و قد يغفل عن شي‏ء في محلّه و يذكره في غيره ، كما تراه في أوّل فصل الجمل في قوله عليه السّلام : « ربّ عالم قد قتله جهله ، و علمه معه لا ينفعه » 5 .

و له أوهام كثيرة ، فنسب الخطبة ( 39 ) الى كونه في غارة النّعمان مع أنّه كان في قتل محمّد بن أبي بكر 6 ، و نسب الخطبة ( 29 ) إلى كونه في غارة

-----------
( 1 ) الطرائف لابن طاووس 2 : 483 .

( 2 ) شرح ابن ميثم 1 : 269 .

( 3 ) قال الكيذري نفسه في مقدّمة شرحه 1 : 87 انّه استفاد من هذين الشّرحين .

( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 1 : 428 447 شرح الخطبة ( 59 ) .

( 5 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 287 288 شرح الحكمة ( 107 ) ، و بهج الصباغة : الفصل ( 31 ) العنوان ( 1 ) .

( 6 ) شرح ابن أبي الحديد 1 : 213 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 34 ) العنوان ( 6 ) .

[ 25 ]

الضحّاك مع أنّه كان بعد النهر في الشخوص إلى معاوية 1 ، و نسب الكتاب ( 36 ) إلى كونه في غارة بسر مع أنّه كان في غارة الضحّاك 2 ، كما أوضحنا ذلك في فصل الغارات ، و نسب قوله عليه السّلام في الثاني من فصل غريب النهج « هذا الخطيب الشحشح » إلى أنّه قاله في صعصعة ، مع أنّه قاله في رجل من أهل الجمل من أصحاب عائشة ، كما بيّنّاه في الفصل السّتين 3 . و له تفسيرات باطلة كما ستقف عليها في المطاوي كرارا .

و هو و إن نقل في شرحه أشياء حسنة و ذكر فيه أمورا مهمّة ، إلاّ أنّه لم يراع المناسبة في الغالب .

و أمّا ابن ميثم فمذاقه مذاق الفلاسفة ، يرتكب كثيرا تأويلات غير صحيحة و يعلّل بعلل عليلة ، كما في شرحه لقوله عليه السّلام : « و أنا لكم وزيرا خير لكم منّي أميرا » 4 ، و يخبط كثيرا في فهم المراد ، كما في شرحه لقوله عليه السّلام في الخطبة ( 104 ) : « و ايم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم » 5 .

مع قلّة اطّلاعه على التاريخ فيخبط فيه ، كما ترى ذلك عند شرحه لقوله عليه السّلام مشيرا إلى الكوفة في الخطبة ( 47 ) : « ما أراد بك جبّار سوءا » 6 ،

و عند شرحه لقوله عليه السّلام في الخطبة ( 217 ) : « أدركت و تري من بني عبد مناف

-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 1 : 153 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 34 ) العنوان ( 5 ) .

( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 56 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 34 ) العنوان ( 12 ) .

( 3 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 355 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 60 ) العنوان ( 64 ) .

( 4 ) شرح ابن ميثم 2 : 385 شرح الخطبة ( 90 ) ، و بهج الصباغة الفصل ( 30 ) العنوان ( 8 ) .

( 5 ) شرح ابن ميثم 3 : 36 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 9 ) العنوان ( 28 ) .

( 6 ) شرح ابن ميثم 2 : 124 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 9 ) العنوان ( 14 ) .

[ 26 ]

و أفلتني أعيان بني جمح » 1 . و عند شرحه لقوله عليه السّلام في الخطبة القاصعة :

« و إنّ فيكم من يطرح في القليب . . . » 2 .

و أغرب في شرح قوله عليه السّلام في الكتاب ( 28 ) : « منّا النبيّ و منكم المكذّب » 3 ، و شرح قوله عليه السّلام في الكتاب ( 58 ) : « فمن تمّ على ذلك » 4 ، و شرح قوله عليه السّلام : « من أعمام و أخوال » في الكتاب ( 64 ) 5 ، و شرح قوله عليه السّلام في الكتاب ( 62 ) : « الذي قد شرب فيكم الحرام و جلد حدّا في الإسلام » 6 . و قد ذكرنا الكل في مواضعه .

و من العجب أنّه مع عدّه نفسه من الفلاسفة يأتي باللّجاج ، ففي كثير من تلك الموارد ترى أنّ ابن أبي الحديد قال : إنّ الراونديّ خبط فيها ، و انّه استهزأ به لعدم اطّلاعه على التاريخ ، و مع ذلك أصرّ على متابعة الراونديّ ، فلو كان الراوندي وقف على ما خطّئ فيه لرجع ، كما أنّه تبع الكيذري في أوهامه .

و ( شرح الخوئي ) ليس فيه سوى الإكثار من الأخبار الضعيفة ، مع اقتصاره على ما ورد من طريقنا الّذي لا يكون حجّة على غيرنا ، مع قلّة اطّلاعه على التاريخ ، فتبع ابن ميثم في كثير من خبطاته المتقدّمة .

فرأيت أن أكتب بعون اللّه تعالى شرحا جامعا فيه من التاريخ و الأدب و الأخبار القويّة و الآثار الّتي تكون حجّة بقدر الحاجة ، و في محلّ يكون فيه مناسبة ، مع ذكر مدارك عناوين الكتاب بقدر الوسع .

-----------
( 1 ) شرح ابن ميثم 4 : 51 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 31 ) العنوان ( 11 ) .

( 2 ) شرح ابن ميثم 4 : 319 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 6 ) العنوان ( 42 ) .

( 3 ) شرح ابن ميثم 4 : 440 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 7 ) العنوان ( 11 ) .

( 4 ) شرح ابن ميثم 5 : 196 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 29 ) العنوان ( 25 ) .

( 5 ) شرح ابن ميثم 5 : 211 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 8 ) العنوان ( 8 ) .

( 6 ) شرح ابن ميثم 5 : 203 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 29 ) العنوان ( 29 ) .

[ 27 ]

و أمّا الشّراح المتقدّمون فلم يقفوا في كثير منها على مداركها أصلا ،

و في يسير منها لم يقفوا غالبا إلاّ على بعضها .

و اقتصرت في شرح الفقرات من الإعراب و اللّغة و التفسير على المشكلات التي تحتاج إلى ذلك ، لا في كلّ فقرة كما فعله بعضهم لكونه لغوا ، كما أنّه ذكرت اللغة عند كلّ فقرة و كلمة ، و لم أجمعها بعد العنوان كما فعل الشّرّاح لئلاّ يكون الفهم في محلّ الحاجة صعبا .

و ذكر ابن ميثم في أوّل كتابه مقدارا من مباحث علم البيان و تبعه الخوئي ، و هو لغو ، فتجنّبته لأنّه صنّف في ذاك الفنّ كتب ، فكان عليهما حيث ذكرا مباحث البيان أن يذكرا مباحث الصّرف و النّحو و اللّغة .

و ليس دأبي دأب أكثر الشّرّاح يذكر اللاحق ما قاله السابق في صورة الإنشاء منه ، فانه نوع سرقة ، فما كان من غيري أنسبه إليه ، و ما فيه بلا نسبة فهو منّي . و حيث إنّ ترتيب المصنّف للكتاب بالخطب و الكتب و الكلمات القصار ترتيب لفظيّ أحببت ترتيبه بالمعنى ، فجمعت ما يكون راجعا الى التوحيد مثلا في موضع ، و ما يكون راجعا إلى النّبوّة في موضع ، و إلى الإمامة في موضع ، و هكذا كلّ موضوع ، و هاك تفصيل فصولها :

الأوّل : في التوحيد ، و فيه ( 53 ) عنوانا .

الثاني : في خلق السماء و الأرض و الشمس و القمر و النجوم و العرش و الكرسي و فيه ( 6 ) عناوين .

الثالث : في خلق الملائكة ، و فيه ( 3 ) عناوين .

الرابع : في خلق آدم عليه السّلام ، و فيه ( 4 ) عناوين .

الخامس : في النبوّة العامّة ، و فيه ( 9 ) عناوين .

السادس : في النبوّة الخاصّة ، و فيه ( 47 ) عنوانا .

[ 28 ]

السابع : في الإمامة العامّة ، و فيه ( 34 ) عنوانا .

الثامن : في الإمامة الخاصة ، و فيه ( 33 ) عنوانا ، و في أواخرها كلامه عليه السّلام في الشقشقيّة 1 و في دفن سيّدة النساء 2 و في فدك 3 .

التاسع : في إخباره عليه السّلام بالملاحم و ما يقع في المستقبل ، و فيه ( 37 ) عنوانا .

العاشر : في علمه عليه السّلام و صفحه و مكارم أخلاقه ، و فيه ( 6 ) عناوين .

الحادي عشر : في تفسيراته عليه السّلام للآيات و غيرها ، و فيه ( 7 ) عناوين .

الثاني عشر : في قضاياه عليه السّلام ، و فيه عنوانان .

الثالث عشر : في أجوبته التمثيليّة و أدب السّؤال و الجواب ، و فيه ( 10 ) عناوين .

الرابع عشر : في زهده و إعراضه عن الدنيا و عدله و تواضعه و ذكر الحقوق ، و فيه ( 15 ) عنوانا .

الخامس عشر : في التزامه عليه السّلام بالحقّ و العدل و حثّه عليهما قولا و عملا ،

و فيه ( 8 ) عناوين .

السادس عشر : في أدعيته عليه السّلام ، و فيه ( 9 ) عناوين .

السابع عشر : في عجائب خلقه تعالى ، و فيه ( 3 ) عناوين .

الثامن عشر : في العلوم ، مذمومها و ممدوحها ، و فيه ( 25 ) عنوانا .

التاسع عشر : في إرشاد الثاني ( عمر ) في مصالح الاسلام ، و فيه عنوانان .

-----------
( 1 ) العنوان ( 30 ) من الفصل الثامن .

( 2 ) العنوان ( 31 ) من الفصل الثامن .

( 3 ) العنوان ( 32 ) من الفصل الثامن .

[ 29 ]

العشرون : في حبّه و بغضه ، و فيه عنوانان .

الحادي و العشرون : في شجاعته عليه السّلام و مهابته و مناعته ، و فيه ( 4 ) عناوين .

الثاني و العشرون : في أوليائه و أعدائه ، و فيه ( 12 ) عنوانا .

الثالث و العشرون : في عتاباته لعمّاله و غيرهم ، و فيه ( 11 ) عنوانا .

الرابع و العشرون : في حلفه و تقيّته ، و فيه ( 3 ) عناوين .

الخامس و العشرون : في شكايته من أهل عصره ، و فيه ( 6 ) عناوين .

السادس و العشرون : في نقص الناس و اختلافهم و عجائب قلوبهم و صفات أراذلهم ، و فيه ( 9 ) عناوين ، و منها قوله عليه السّلام لمن سأله أن يعظه 1 .

السابع و العشرون : في القضاء و القدر و فيه عنوانان .

الثامن و العشرون : في الجامع لأمر الدين و الدنيا ، و فيه ( 8 ) عناوين ،

و منها وصيته عليه السّلام لابنه الحسن عليه السّلام 2 و عهده للأشتر لمّا ولاّه مصر .

التاسع و العشرون : في ما يتعلّق بعمر و عثمان ، و فيه ( 27 ) عنوانا .

الثلاثون : في بيعته عليه السّلام ، و فيه ( 15 ) عنوانا .

الحادي و الثلاثون : في وقعة الجمل ، و فيه ( 15 ) عنوانا .

الثاني و الثلاثون : في وقعة صفين ، و فيه ( 12 ) عنوانا .

الثالث و الثلاثون : في وقعة النهروان ، و فيه ( 10 ) عناوين .

الرابع و الثلاثون : في الغارات ، و فيه ( 12 ) عنوانا .

الخامس و الثلاثون : في مقتله و وصاياه عليه السّلام ، و فيه ( 8 ) عناوين .

السادس و الثلاثون : في الموت ، و فيه ( 34 ) عنوانا ، و في آخرها

-----------
( 1 ) العنوان ( 8 ) من الفصل السادس و العشرين .

( 2 ) العنوان ( 2 ) من الفصل الثامن و العشرين .

[ 30 ]

« سبحانك خالقا و معبودا » 1 .

السابع و الثلاثون : في ذمّ الدنيا و فنائها ، و فيه ( 43 ) عنوانا .

الثامن و الثلاثون : في القيامة و الجنّة و النّار ، و فيه ( 22 ) عنوانا .

التاسع و الثلاثون : في ما يجب على العبد لربّه ، و فيه ( 18 ) عنوانا .

الأربعون : في الاسلام و الايمان و التقوى و الكفر و النّفاق ، و فيه ( 30 ) عنوانا .

الحادي و الأربعون : في القرآن ، و فيه ( 13 ) عنوانا .

الثاني و الأربعون : في العبادات و المعاملات و الخير و الشرّ ، و فيه ( 31 ) عنوانا .

الثالث و الأربعون : في مكارم الأخلاق ، و فيه ( 27 ) عنوانا .

الرابع و الأربعون : في ذمائم الصفات و محامدها ، و فيه ( 33 ) عنوانا .

الخامس و الأربعون : في آداب المعاشرة ، و فيه ( 10 ) عناوين .

السادس و الأربعون : في الأصدقاء ، و فيه ( 14 ) عنوانا .

السابع و الأربعون : في التّعازي و التّهاني ، و فيه ( 6 ) عناوين .

الثامن و الأربعون : في آداب الحرب ، و فيه ( 16 ) عنوانا .

التاسع و الأربعون : في ذمّ الشام و مدح الكوفة ، و فيه عنوانان .

الخمسون : في الأنصار و طوائف قريش و تميم و الشعراء ، و فيه ( 4 ) عناوين .

الحادي و الخمسون : في الاستسقاء و الأضحيحة ، و فيه ( 4 ) عناوين .

الثاني و الخمسون : في الأقبال و الإدبار ، و فيه ( 5 ) عناوين .

الثالث و الخمسون : في الفتن و الشبه و البدع ، و فيه ( 7 ) عناوين .

-----------
( 1 ) العنوان ( 34 ) من الفصل السادس و الثلاثين .

[ 31 ]

الرابع و الخمسون : في العقل ، و فيه ( 8 ) عناوين .

الخامس و الخمسون : في القلوب ، و فيه ( 5 ) عناوين .

السادس و الخمسون : في الحقائق ، و فيه ( 14 ) عنوانا .

السابع و الخمسون : في الفقر ، و فيه ( 4 ) عناوين .

الثامن و الخمسون : في النّساء ، و فيه ( 7 ) عناوين .

التاسع و الخمسون : في إبليس ، و فيه ( 3 ) عناوين .

الستون : في موضوعات مختلفة ، و فيه ( 104 ) عناوين .

ثم إنّ النّسخ المطبوعة من النهج أحسنها نشر مطبعة الاستقامة المشتملة على الأرقام في أبوابه الثلاثة ، و مع ذلك فهي مشحونة من التصحيف في العناوين و المتون و المواضع ، كما يظهر من تطبيقها على نقل ابن أبي الحديد و ابن ميثم و على النسخ الخطيّة المصححّة ، و منها عندي نسخة مؤرّخة بسنة ( 1075 ) و إن كان ناشرها قال : تمتاز هذه عن المطبوعات السابقة بتمام العناية بضبطها و تصحيحها ، فقد سقط منها قول المصنّف بعد الخطبة ( 19 ) : يريد عليه السّلام أنّه أسر في الكفر مرّة و في الإسلام مرّة ، و أمّا قوله عليه السّلام : « دلّ على قومه السّيف » : فأراد به حديثا كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة غرّ فيه قومه و مكر بهم حتّى أوقع بهم خالد ، و كان قومه بعد ذلك يسمّونه عرف النار ، و هو اسم للغادر عندهم 1 . و بعد الخطبة ( 46 ) و ابتداء هذا الكلام مروي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و قد قفّاه أمير المؤمنين عليه السّلام بأبلغ كلام و تمّمه بأحسن تمام من قوله : « و لا يجمعهما غيرك » إلى آخر الفصل 2 . و بعد قوله : و من كلام له عليه السّلام في الخطبة ( 133 ) ، و قد وقعت مشاجرة بينه و بين

-----------
( 1 ) في شرح ابن أبي الحديد 1 : 97 كلّه ، و شرح ابن ميثم 1 : 322 بعضه .

( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 1 : 276 ، و لكن شرح ابن ميثم 2 : 121 خال منه .

[ 32 ]

عثمان فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان : أنا أكفيكه . فقال أمير المؤمنين عليه السّلام للمغيرة 1 .

و سقط منها قوله في الخطبة ( 89 ) : روى مسعدة بن صدقة . . . 2 ،

و خلطت الحواشي بالمتن ، ففيها في آخر الخطبة ( 13 ) و في رواية أخرى :

« بلادكم أنتن بلاد اللّه تربة ، أقربها من الماء ، و أبعدها من السماء ، و بها تسعة أعشار الشرّ ، المحتبس فيها بذنبه ، و الخارج بعفو اللّه ، كأنّي أنظر الى قريتكم هذه قد طبّقها الماء حتّى ما يرى منها إلاّ شرف المسجد كأنّه جؤجؤ طير في لجّة بحر » 3 . فليس في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) أثر منه ، و إنّما أخذه بعض المحشّين من نقل ابن ميثم في رواية طويلة أخذ المصنّف منها كلامه ، فيها ذاك الكلام 4 .

و فيها في الحكمة ( 480 ) و هي آخر الحكم : قال الرضي : يقال حشمه و أحشمه إذا أغضبه ، و قيل أخجله ، و احتشمه طلب ذلك له ، و هو مظنّة مفارقته 5 .

و بعد الحكمة ( 479 ) قال الرضيّ : لأنّ التكليف مستلزم للمشقّة ، و هو شرّ لازم عن الأخ المتكلّف له ، فهو شرّ الإخوان 6 .

و ليس واحد منهما كلام الرضيّ ، بل من حواش مختلطة لخلو ( ابن أبي

-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 2 : 171 ، و شرح ابن ميثم 3 : 163 .

( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 2 : 138 ، و شرح ابن ميثم 2 : 322 .

( 3 ) الزيادة في شرح ابن أبي الحديد 1 : 83 كلّها ، و في شرح ابن ميثم 1 : 290 بعضها .

( 4 ) الزيادة في شرح ابن ميثم عقيب الخطبة ، و ليس في الرواية الطويلة أثر منها .

( 5 ) لا يوجد في شرح ابن أبي الحديد 4 : 529 ، و أمّا شرح ابن ميثم 5 : 467 فقال فيه بعد أصل الحكمة : « حشمه أحشمه بمعنى أغضبه ، و قيل أخجله » . و لم ينسبه إلى الرّضيّ .

( 6 ) لا يوجد في شرح ابن أبي الحديد 4 : 529 ، و شرح ابن ميثم 5 : 467 .

[ 33 ]

الحديد و ابن ميثم و الخطية ) من الكلامين ، و لأنّ الرضي رضى اللّه عنه أجلّ من أن يتكلّم بمثل ذاك الكلام الساقط المذكور فيهما ، و لأنّه لا يفسّر إلاّ المشكل ، لا مثله .

و أيضا زادت في ما نقل كلاما للمصنّف من الأوّل إلى الآخر جملة : « قال الرضيّ » مع أنّه ليس كلام المصنّف حتّى يجعل جزء النهج ، و إنّما هو إنشاء الشرّاح : ابن أبي الحديد و ابن ميثم و غيرهما ، فالخطيّة خالية منها ، و ابن ميثم غالبا يقول : قال السيّد ، و ابن أبي الحديد يعبّر مختلفا 1 .

و خلطت في عهده عليه السّلام للأشتر لمّا ولاّه على مصر في الكتاب ( 53 ) حواش مأخوذة من رواية ( تحف العقول ) للعهد ، بالمتن ، منها : « و ليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه اللّه من ذلك إلاّ بالاهتمام و الاستعانة باللّه ، و توطين نفسه على لزوم الحقّ و الصبر عليه في ما خف عليه أو ثقل » خلطه بين « و لكلّ على الوالي حقّ بقدر ما يصلحه » و « فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك » 2 .

و منها : « و إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد و ظهور مودّة الرعيّة ، و انّه لا تظهر مودّتهم إلاّ بسلامة صدورهم » خلطه بين « فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك » و « و لا تصحّ نصيحتهم إلاّ بحيطة على ولاة أمورهم » 3 .

و منها : « رياضة منك لنفسك و رفقا برعيتّك » خلطه بين « فإنّ في ذلك » و « أعذارا تبلغ به حاجتك » 4 .

فإنّ النهج كان خاليا من الفقرات الثّلاث بدليل خلوّ ( ابن أبي الحديد و ابن

-----------
( 1 ) ذكر اسم مصنّف الكتاب من قبل النّسّاخ و الرّاوين أمر شائع في الكتب القديمة .

( 2 ) شرح ابن ميثم 5 : 150 خال من هذه القطعة ، لكن توجد في شرح ابن أبي الحديد 4 : 127 ، و كذلك في تحف العقول :

132 .

( 3 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 128 ، و شرح ابن ميثم 5 : 151 ، و كذلك في تحف العقول : 133 .

( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 145 ، و شرح ابن ميثم 5 : 174 بفرق يسير في تحف العقول : 145 .

[ 34 ]

ميثم و الخطية ) منها ، و إن فرض كونها من كلامه عليه السّلام و جزء العهد 1 .

و قدّمت و أخّرت و حرّفت العناوين عن مواضعها ، ففي ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) العنوان « و من كلام له عليه السّلام قاله لعبد اللّه بن العبّاس و قد جاءه برسالة من عثمان ، و هو محصور . . . » قبل العنوان « و من كلام له عليه السّلام اقتصّ فيه ذكر ما كان منه عليه السّلام بعد هجرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله . . . » 2 . و إن كان الراوندي قال في شرحه و تاريخ فراغه منه ( 556 ) : ذاك العنوان زيادة من نسخة كتبت على عهد المصنف 3 . و في ( المصرية ) العنوان الأوّل تحت الرقم ( 235 ) و الثاني تحت الرقم ( 231 ) .

و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) العنوان « إنّ هذه القلوب تملّ » بعد العنوان « أوضع العلم ما وقف على اللسان » 4 ، و في ( المصرية ) بالعكس ،

الأوّل الحكمة ( 91 ) و الثاني الحكمة ( 92 ) .

كما أنّها قد تجعل جزء العنوان عنوانا مستقلاّ ، ففي ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) الحكمة ( 95 ) من رقم ( المصريّة ) جزء الحكمة ( 94 ) منه 5 ، و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) الحكمة ( 123 ) من رقم ( المصرية ) جزء الحكمة ( 122 ) منه 6 ، و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) « طوبى لمن ذكر المعاد » الحكمة ( 44 ) من المصريّة جزء « يرحم اللّه خباب بن الارت »

-----------
( 1 ) مع ما ذكرت لا يبقى وجه لنسبة هذه الألفاظ إلى الأخذ من تحف العقول .

( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 3 : 286 ، 288 ، و شرح ابن ميثم 4 : 322 ، 324 . و هما الخطبتان 234 ، 238 .

( 3 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 282 ، و شرح ابن ميثم 5 : 286 ، و هما الحكمتان 91 ، 92 .

( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 283 ، و شرح ابن ميثم 5 : 287 .

( 5 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 301 ، و شرح ابن ميثم 5 : 306 .

( 6 ) في شرح ابن ميثم 5 : 265 جمعهما ، و في شرح ابن أبي الحديد 4 : 263 شرحهما معا فقط ، لكن فصّل بينهما بقوله :

« و قال عليه السّلام » .

[ 35 ]

الحكمة ( 43 ) 1 ، و لم تكتف ( المصرية ) بالخلط ، بل زادت فقرتين من الثاني في الأوّل أيضا .

كما أنّها قد تفعل بالعكس ، فتجعل المستقلّ جزءا ، ففي ( المصرية ) « إنّ الدنيا و الآخرة عدوّان متفاوتان » جزء الحكمة ( 103 ) « و رئي عليه عليه السّلام إزار خلق مرقوع » . و في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) مستقلّ ليس جزءه 2 .

كما أنّها نقلت أشياء تفرّد بنقلها من النهج ابن أبي الحديد ، و نبّهت على ذلك بجعلها بين قوسين ، لكنّها و همت في محلّ نقلها منها : « الغنى الأكبر اليأس عمّا في أيدي الناس » ، ففي ( ابن أبي الحديد ) هو بعد الحكمة ( 333 ) ،

و ( المصرية ) جعلته بعد الحكمة ( 341 ) .

و منها : « المسؤول حرّ حتّى يعد » فإنّه في ( ابن أبي الحديد ) قبل الحكمة ( 334 ) ، و ( المصرية ) جعلته الحكمة ( 336 ) 3 .

و منها قوله عليه السّلام : « نعم الطيب المسك » ، و قوله : « ضع فخرك » جعلتهما ( المصرية ) الحكمة ( 397 ) و ( 398 ) مع أنّهما في ( ابن أبي الحديد ) قبل ( 393 ) 4 .

و ما جعلته المصريّة ( 389 ) هو في ( ابن أبي الحديد ) قبل ( 386 5 ، و ما جعلته ( 339 ) و ( 400 ) هما في ( ابن أبي الحديد ) بعد ( 396 ) 6 ، الى غير ذلك من تحريفاتها .

و لو أردنا استقصاء ما فيها من التصحيف و التحريف و التغيير

-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 285 286 ، و شرح ابن ميثم 5 : 292 .

( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 394 .

( 3 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 395 .

( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 421 ، 424 .

( 5 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 419 .

( 6 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 427 ، 428 ، 430 .

[ 36 ]

و التبديل و الزيادة و النقصان لطال الكلام ، حيث إنّه قلّ عنوان منها من أوّلها إلى آخرها لم يكن بمحرّف ، و منها كلام المصنّف في آخر الكتاب ، فلم يكن بعد الحكمة ( 480 ) كما في ( المصرية ) ، بل بعد ( 462 ) 1 ، كما ستقف عليه في ذكر اختلاف نسخ النهج 2 .

ثم ( إنّ ) نسخ النهج كانت مختلفة من الصّدر الأوّل . قال ( ابن ميثم ) بعد خطبة همّام المذكورة تحت الرقم ( 188 ) من المصريّة : من هاهنا اختلفت نسخ النهج ، فكثير منها تكون هذه الخطبة فيها أوّل المجلّد الثاني منه بعد الخطبة المسمّاة بالقاصعة ، و يكون عقيب كلامه للبرج بن مسهّر الطائي قوله عليه السّلام :

« الحمد للّه الذي لا تدركه الشّواهد و لا تحويه المشاهد » ، و كثير من النسخ تكون هذه الخطبة فيها متّصلة بكلامه عليه السّلام للبرج بن مسهّر ، و تتأخّر تلك الخطبة فتكون بعد قوله : « و من كلام له عليه السّلام و هو يلي غسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله » و يتصل ذلك إلى تمام الخطبة المسمّاة بالقاصعة ، ثمّ يليه قوله : « باب المختار من كتب أمير المؤمنين و رسائله » ، و عليه جماعة الشّارحين ، كالامام قطب الدين أبي الحسن الكيذري ، و الفاضل عبد الحميد بن أبي الحديد ، و وافقتهم هذا الترتيب لغلبة الظنّ باعتمادهم على النسخ الصحيحة 3 .

قلت : و المفهوم منه أنّ نسخته لم تكن كنسخة ابن أبي الحديد و نسخة

-----------
( 1 ) كما في شرح ابن أبي الحديد 4 : 506 ، و شرح ابن ميثم 5 : 460 .

( 2 ) يأتي في الصفحات الآتية من المقدمة .

( 3 ) شرح ابن ميثم 3 : 413 ، و خطبة همّام رقمها ( 191 ) و القاصعة رقمها ( 190 ) و قوله للبرج رقمه ( 182 ) و قوله « الحمد للّه الذي » رقمه ( 183 ) و كلامه عند غسل الرسول صلّى اللّه عليه و آله رقمه ( 233 ) بأرقامنا . و ما قاله ابن ميثم : « هذه الخطبة » أراد به خطبة همّام و : « تلك الخطبة » يعني بها خطبة « الحمد للّه الّذي » . و في شرحّي الكيذري و ابن أبي الحديد و بالتّبع شرح ابن ميثم جاء كلامه عليه السّلام للبرج بلا فاصل قبل خطبة همّام ، ثم بفاصل كلامه عند غسل الرسول صلّى اللّه عليه و آله ، ثمّ بعده بلا فاصل خطبة « الحمد للّه الذي » . ثم بعده بفاصل خطبة القاصعة ، ثمّ بعده بفاصل باب الكتب .

[ 37 ]

الكيذري ، فتبعهما لما قاله من غلبة ظنّه باعتمادهما على النسخ الصحيحة ،

لكن ذلك منه عجيب ، فصرّح في مواضع من كتابه بأنّ نسخته من النهج بخطّ مصنّفه ، و منها في القاصعة ، فقال في قوله عليه السّلام : « و لا لزمت الأسماء معانيها » :

« و في نسخة الرّضي » برفع الأسماء 1 .

و قال أيضا في قوله : « لا يدرى أ من سني الدنيا » ، ففي نسخة الرّضيّ « يدري » بالبناء للفاعل 2 .

و منها في الخطبة ( 188 ) في الفقرة : « و كان ليلهم في دنياهم نهارا » ، و في نسخة الرّضيّ بخطّه « كأنّ » ، و التّرجيح إنّما يعقل بين نسخ غير المصنّف ،

و أمّا المصنّف فلا يعقل التّرجيح بينه و بين غيره 3 .

و في شرح الراوندي خطبة همّام قبل الخطبة ( 181 ) : « الحمد للّه المعروف من غير رؤية ، الخالق من غير منصبة » 4 ، و في نسختنا خطبة همّام بعد القاصعة ، كما قاله ابن ميثم أوّلا 5 .

و كيف كان ، فوجه الاختلاف ظاهرا أنّ المصنّف كتب النهج في نسخ متعددة ، و زاد و نقص و قدّم و أخّر في النّسخ الأخيرة ، حسب شأن المصنّفين في ما لو كتبوا نسخا من كتاب ، فلو فرض أنّ مصنّفا كتب كتابه مائة مرّة لغيّر في كلّ من المائة بحسب ما يراه أحسن ، و يشهد لما قلنا أنّ ابن أبي الحديد قال في العنوان : « و قال عليه السّلام و قد جاءه نعي الأشتر » الحكمة ( 443 ) :

يقال : إنّ الرضي ختم كتاب نهج البلاغة بهذا الفصل ، و كتبت به نسخ متعددة ،

-----------
( 1 ) شرح ابن ميثم 4 : 275 .

( 2 ) شرح ابن ميثم 4 : 247 .

( 3 ) شرح ابن ميثم 4 : 209 .

( 4 ) شرح الراوندي كما في سائر النسخ .

( 5 ) مرّ آنفا .

[ 38 ]

ثمّ زاد عليه إلى أنّ و في الزيادات التي نذكرها فيما بعد 1 .

و قال في العنوان « ربّ مفتون بحسن القول فيه » ، الحكمة ( 462 ) : و اعلم أنّ الرضي قطع كتاب نهج البلاغة على هذا الفصل ، و هكذا وجدت النسخة بخطّه ، و قال : « و هذا حين انتهاء الغاية بنا » إلى « و نعم الوكيل ، نعم المولى و نعم النّصير » 2 .

و قال ابن ميثم في الحكمة ( 462 ) : قال السيّد : و هذا حين انتهاء الغاية بنا الى قطع المختار من كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه ،

حامدين للّه سبحانه على ما منّ به من توفيقنا لضمّ ما انتشر من أطرافه و تقريب ما بعد من اقطاره ، و تقرّر العزم كما شرطنا أوّلا على تفضيل أوراق من البياض في آخر كلّ باب من الأبواب ، ليكون لاقتناص الشارد و استلحاق الوارد ، و ما عساه أن يظهر لنا بعد الغموض و يقع الينا بعد الشذوذ ، و ما توفيقنا إلاّ باللّه ، عليه توكّلنا ، و هو حسبنا و نعم الوكيل .

أقول : إنّه رضوان اللّه عليه بلغ في اختيار كلامه عليه السّلام إلى هذه الغاية و قطعه عليها ، ثمّ كتبت على عهده زيادة من محاسن الكلمات ، إمّا باختياره هو أو بعض من كان يحضره من أهل العلم . و تلك الزيادة تارة توجد خارجة عن المتن و تارة موضوعة فيه ملحقة بمنقطع اختياره ، و روي أنّها قرئت عليه و أمر بالحاقها بالمتن ، و أوّلها : « و قال عليه السّلام : الدنيا خلقت لغيرها و لم تخلق لنفسها » 3 .

و قال الراوندي بعد كلامه عليه السّلام في الاستغفار ، الحكمة ( 417 ) : قال السيّد :

-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 478 .

( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 506 .

( 3 ) شرح ابن ميثم 5 : 461 .

[ 39 ]

و هذا حين انتهاء الغاية بنا إلى أن قال و ذلك من رجب سنة أربعمائة ،

و الحمد للّه و صلاته على رسوله محمّد و آله و سلامه .

ثمّ قال الراوندي : زيادة من نسخة كتبت على عهد المصنّف رحمه اللّه قال عليه السّلام : « الدّنيا خلقت لغيرها و لم تخلق لنفسها » ، ثمّ ذكر العناوين إلى « إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه » 1 .

و قال أيضا في كلامه عليه السّلام الّذي قاله لعبد اللّه بن عباس برقم ( 238 ) :

زيادة في نسخة كتبت على عهد المصنّف 2 .

و قال في الخطبة ( 237 ) : و كان في نسخة بغدادية زيادة و هي : « و من خطبة له عليه السّلام يذكر فيها آل محمّد عليهم السّلام إلى و رعاته قليل » ثمّ قال : و قد مضى مثل ذلك في ما تقدّم ، و زاد الرّاوندي في بيان المصنّف في الشّقشقيّة كما يأتي فيها 3 .

و في ( ابن ميثم ) في آخر الباب الأوّل : هذا آخر الخطب و الأوامر ، و يتلوه المختار من الكتب و الرسائل ، إن شاء اللّه تعالى بعونه و عصمته و توفيقه و هدايته 4 .

و في ( الخطيّة ) « و الحمد للّه كثيرا » ، و ليس في ( ابن أبي الحديد ) شي‏ء أصلا 5 ، كما أنّ في ( المصرية ) « و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد النبي الامّيّ و على آله مصابيح الدّجى و العروة الوثقى و سلّم تسليما كثيرا » ، كما أنّ بين ( ابن أبي الحديد ) و ( ابن ميثم ) اختلافات ، فممّا تفرّد به ابن أبي الحديد نقله

-----------
( 1 ) قال الراوندي : و ليس فيه قوله : « زيادة من نسخة كتبت . . . » شرح الراوندي 3 : 435 ، شرح الحكمة ( 480 ) .

( 2 ) ليس هذا من كلام الراوندي ، بل نقله في هامش الشرح 2 : 352 عن هامش نسخة خطية من نهج البلاغة .

( 3 ) لا توجد هذه الخطبة في شرح الراوندي أصلا .

( 4 ) شرح ابن ميثم 4 : 337 .

( 5 ) شرح ابن أبي الحديد 3 : 293 .

[ 40 ]

ضمن عنوان الخطبة ( 52 ) عن الرضيّ : و قد تقدّم مختارها برواية ، و نذكر ما يذكره هاهنا برواية أخرى لتغاير الروايتين 1 .

و مما تفرّد به أيضا نقل الخطبة الأخيرة برقم ( 239 ) : « و اللّه مستأديكم شكره . . . » بعد الخطبة ( 218 ) : « قد أحيا عقله » 2 .

و تفرّد في جعل « و نعم القرين الرضا » أوّل الحكمة ( 4 ) آخر الحكمة ( 3 ) 3 ،

و جعل « و من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه » آخر الحكمة ( 5 ) أوّل ( 6 ) 4 ،

و جعل الحكمة ( 17 ) بعد ( 11 ) 5 ، و جعل الحكمة ( 92 ) قبل ( 91 ) 6 ، و جعل جزء الحكمة ( 127 ) : « و لا حاجة للّه في من ليس للّه في ماله و نفسه نصيب » مستقلاّ 7 ، و جعل الحكمة ( 154 ) بعد ( 151 ) 8 ، و جعل ( 155 ) و ( 156 ) بعد ( 188 ) 9 ، و جعل ( 157 ) بعد ( 184 ) 10 ، و جعل كلاّ من : « و من لم يعط قاعدا لم يعط قائما » و « و الدهر يومان » ، و هما جزء الحكمة ( 396 ) : « المنية و لا الدّنية » ، مستقلاّ 11 .

و تفرّد أيضا بنقل عناوين في أواخر الباب الثالث ، مرّ بعضها و يأتي

-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 1 : 331 .

( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 3 : 42 ، 47 .

( 3 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 240 ، و جعل ابن أبي الحديد صدر الحكمة الثالثة و ذيل الثالثة مع صدر الرابعة رابعة و ذيلها الخامسة .

( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 243 .

( 5 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 246 ، 247 .

( 6 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 282 .

( 7 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 303 .

( 8 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 316 .

( 9 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 318 ، 319 .

( 10 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 319 .

( 11 ) شرح ابن أبي الحديد 4 : 427 ، 428 .

[ 41 ]

باقيها في آخر الكتاب 1 ، و يأتي في العنوان ( 12 ) من الفصل الأربعين تصريح ابن ميثم بتفرّد ( ابن أبي الحديد ) بنقل الفقرة : « و منه ما يكون عواريّ في القلوب » 2 ، و تفرّد أيضا بنقل القطعة : « و اللّه ما تنقم منّا قريش . . . » في الخطبة ( 33 ) ، و يأتي بحثها في موضعه 3 .

و ممّا تفرّد به ( ابن ميثم ) عدم نقل كلام المصنّف في آخر الشقشقيّة ،

و عدم نقل ما في الخطبة ( 5 ) من ( لما ) إلى ( بالخلافة ) و عدم نقل كلام المصنّف في الخطبة ( 39 و 42 و 68 و 163 ) و الحكمة ( 81 ) 4 .

و تفرّد في الخطبة ( 89 ) في زيادة في العنوان ، كما يأتي في محله 5 ،

و تفرّد في جعل ( و منها ) الثانية في الخطبة ( 26 ) مستقلاّ ، فقال بدل ( و منها ) :

و من خطبة له عليه السّلام يذكر فيها عمرو بن العاص 6 .

و تفرّد بعدم ذكر الكتاب ( 40 ) : « أمّا بعد فقد بلغني عنك أمر . . . » رأسا 7 .

و جعل ( ابن ميثم و الخطيّة ) من الحكمة ( 2 ) إلى ( 6 ) تحت عنوان واحد 8 ، و جعلا الحكمة ( 44 ) جزء ( 43 ) 9 ، و جعلا الحكمة ( 343 ) بعد

-----------
( 1 ) بهج الصباغة : خاتمة الكتاب .

( 2 ) بهج الصباغة : الفصل ( 40 ) العنوان ( 12 ) ، و شرح ابن ميثم 4 : 194 ، أقول : ما زاد ابن أبي الحديد 3 : 215 هذه الفقرة في أصل الخطبة لكن شرحها عند الشرح 3 : 216 .

( 3 ) شرح ابن أبي الحديد 1 : 176 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 8 ) العنوان ( 2 ) .

( 4 ) شرح ابن ميثم 1 : 251 ، 276 ، و 2 : 99 ، 107 ، و 3 : 313 ، و 5 : 281 ، و كلام الرضي في شرح ابن ميثم 2 : 191 .

( 5 ) شرح ابن ميثم 3 : 322 ، و بهج الصباغة : الفصل ( 1 ) العنوان ( 8 ) .

( 6 ) في شرح ابن ميثم 2 : 27 أيضا « و منها » .

( 7 ) موضعه في شرح ابن ميثم 5 : 87 ، و ليس فيه .

( 8 ) شرح ابن ميثم 5 : 238 .

( 9 ) شرح ابن ميثم 5 : 265 .

[ 42 ]

الحكمة ( 341 ) 1 ، و جعلا الحكمة ( 142 ) و ( 143 ) جزء ( 141 ) بزيادة حرف عطف في أوّلهما 2 ، إلى غير ذلك ممّا تفرّد به كل من ابن أبي الحديد و ابن ميثم ،

لو أريد استقصاؤه لطال الكلام .

ثم لو اتّفقا في شي‏ء على خلاف نسخنا يكون ما في نسخنا تصحيفا قطعا لصحّة نسخهما دون نسخنا ، و أمّا لو تفرّد كلّ واحد منهما فيشكل الترجيح ، و لا يبعد ترجيح نقل ابن ميثم لما عرفت من كون نسخته بخطّ المصنّف ، و إن كان هو رجّح عند خطبة همّام ترتيب نسخة ابن أبي الحديد 3 ،

و لأن كثيرا ممّا تفرّد بزيادته يبعد اختيار الرضيّ له لعدم كونه بتلك البلاغة .

و الإشكال إنّما هو في ما لو وافقت نسخنا أحدهما ، و أمّا لو خالفتهما كما في الحكمة ( 2 6 ) على ما عرفت فلا اعتبار بها لكونها على خلاف ما ، من قبيل الإجماع المركّب .

هذا و لكون شرحي على صوغ بهج على ما منّ اللّه تعالى ، سمّيته ببهج الصباغة في شرح نهج البلاغة . قال ابن دريد : يقال : أبهجني هذا الأمر و بهجني ، إذا سرّك 4 .

-----------
( 1 ) جعل ابن ميثم الحكمتين ( 343 ، 344 ) حكمة واحدة أوردها بعد الحكمة ( 341 ) ، شرح ابن ميثم 5 : 409 ، 410 .

( 2 ) شرح ابن ميثم 5 : 319 .

( 3 ) شرح ابن ميثم 3 : 413 .

( 4 ) جمهرة اللغة لابن دريد 1 : 215 .

[ 43 ]