3الخطبة ( 26 ) من خطبة له عليه السّلام : إِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَ أَمِيناً عَلَى اَلتَّنْزِيلِ وَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ اَلْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ وَ فِي شَرِّ دَارٍ مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ وَ حَيَّاتٍ صُمٍّ تَشْرَبُونَ اَلْكَدِرَ وَ تَأْكُلُونَ اَلْجَشِبَ وَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَ تَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ اَلْأَصْنَامُ
-----------
----------- و سنن النسائي 8 : 72 75 بعدّة طرق ، و سنن ابن ماجه 2 : 851 ح 2547 ، و سنن الدارمي 2 : 173 ، و مسند أحمد 5 : 162 عن عائشة ، و في الباب عن الصادق عليه السّلام و جابر و ابن عمرو مسعود بن العجماء و سعيد بن المسيب . [ 155 ] فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ وَ اَلْآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ . أقول : الأصل فيه ما رواه ابن قتيبة في ( خلفائه ) ، و الكليني في ( رسائله ) ، و إبراهيم الثقفي في ( غاراته ) 1 ، و كون سببها سؤال الناس له بعد انقضاء أمر النهروان عن رأيه في أبي بكر و عمر و عثمان . قال الأوّل : دخل حجر بن عدي ، و عمرو بن الحمق ، و عبد اللّه بن وهب الراسبي عليه السّلام ، فسألوه عن الثلاثة ، فقال : إنّي مخرج إليكم كتابا أنبّئكم فيه ما سألتموني عنه ، فاقرأه على شيعتي ، فأخرج إليهم كتابا فيه : أمّا بعد ، فإنّ اللّه بعث محمّدا صلى اللّه عليه و آله نذيرا للعالمين ، و أمينأ على التنزيل ، و شهيدا على هذه الأمّة ، و أنتم يا معشر العرب على غير دين ، و في شرّ دار ، تسفكون دماءكم و تقتلون أولادكم ، و تقطعون أرحامكم ، و تأكلون أموالكم بينكم بالباطل ، فمنّ اللّه عليكم فبعث محمّدا صلى اللّه عليه و آله صلى اللّه عليه و آله و سلم إليكم . . . 2 و قال الثاني : كتب أمير المؤمنين عليه السّلام كتابا بعد منصرفه من النهروان و أمر أن يقرأ على الناس إلى أن قال بعث محمّدا صلى اللّه عليه و آله و أنتم معاشر العرب على شرّ حال ، يغذو أحدكم كلبه ، و يقتل ولده ، و يغير على غيره ، فيرجع و قد أغير عليه ، تأكلون العلهز و الهبيد ، و الميتة و الدم ، منيخون على أحجار خشن ، و أوثان مضلّة ، تأكلون الطعام الجشب ، و تشربون الماء الأجن ، تسافكون دماءكم ، و يسبي بعضكم بعضا 3 . و قال الثالث : خطب علي عليه السّلام بعد فتح مصر و قتل محمّد بن أبي بكر ، فقال : أمّا بعد فإنّ اللّه بعث محمّدا صلى اللّه عليه و آله نذيرا للعالمين ، و أمينا على التنزيل ،
-----------
-----------
----------- [ 156 ] و شهيدا على هذه الأمّة ، و أنتم معاشر العرب يومئذ على شرّ دين ، و في شرّ دار ، منيخون على حجارة خشن ، و حيّات صمّ ، و شوك مبثوث في البلاد ، تشربون الماء تلخبيث ، و تأكلون الطعام الخبيث ، تسفكون دماءكم ، و تقتلون أولادكم ، و تقطعون أرحامكم ، و تأكلون أموالكم بينكم بالباطل ، سبلكم خائفة ، و الأصنام فيكم منصوبة ، و لا يؤمن أكثركم باللّه إلاّ و أنتم مشركون ، فمنّ اللّه عزّ و جلّ عليكم بمحمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم ، فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم فعلّمكم الكتاب و الحكمة ، و الفرائض و السنن ، و أمركم بصلة أرحامكم و حقن دمائكم ، و صلاح ذات البين ، و أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها ، و أن توفوا بالعهد ، و لا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها ، و أن تعاطفوا و تبارّوا ، و تباذلوا و تراحموا ، و نهاكم عن التناهب ، و التظالم ، و التحاسد ، و التباغي ، و التقاذف ، و عن شرب الخمر ، و بخس المكيال ، و نقص الميزان ، و تقدم اليكم في ما يتلى عليكم أن لا تزنوا ، و لا تربوا ، و لا تأكلوا أموال اليتامى ظلما ، و أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلا 1 و لا تعثوا في الأرض مفسدين 2 و لا تعتدوا إنّ اللّه لا يحبّ المعتدين 3 و كلّ خير يدني إلى الجنّة و يباعد عن النار أمركم به ، و كلّ شرّ يدني إلى النار و يباعدكم عن الجنّة نهاكم عنه . . . 4 « إنّ اللّه » هكذا في ( المصرية ) ، و زاد ( ابن أبي الحديد ) 5 « تعالى »
-----------
-----------
-----------
-----------
----------- [ 157 ] و ( الخطّية ) « سبحانه » . « بعث محمّدا صلى اللّه عليه و آله و سلم » ، و الصواب : ( صلى اللّه عليه و آله ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطيّة ) 1 . « نذيرا للعالمين » إنّا أرسلناك شاهدا و مبشّرا و نذيرا 2 . « و أمينا على التنزيل » . . . اللّه أعلم حيث يجعل رسالته . . . 3 . « و أنتم معشر العرب على شرّ دين » في الأديان الباطلة ، قال المغيرة بن زرارة الأسدي ليزدجرد في القادسية : كان ديننا أن يقتل بعضنا بعضا ، و يغير بعضنا على بعض ، و أن كان أحدنا ليدفن ابنته و هي حيّة كراهة أن تأكل من طعامه 4 . و في ( معارف ابن قتيبة ) في عنوان أديان العرب في الجاهلية : كانت النصرانية في ربيعة و غسّان و بعض قضاعة ، و كانت اليهودية في حمير و بني كنانة و بني الحرث بن كعب و كندة ، و كانت المجوسية في تميم ، و منهم حاجب ابن زرارة ، و كان تزوّج ابنته ثمّ ندم ، و منهم الأقرع بن حابس ، و كانت الزندقة في قريش أخذوها من الحيرة ، و كان بنو حنيفة اتّخذوا في الجاهلية إلها من حيس ( أي : تمر يخلط بسمن و أقط ، و فيعجن شديدا ثمّ يندر منه نواه ) فعبدوه دهرا طويلا ، ثمّ أصابتهم مجاعة ، فأكلوه ، فقال رجل من بني تميم :
أكلت حنيفة ربّها 5 -----------
-----------
-----------
-----------
----------- [ 158 ] و في ( السبائك ) : ديانات العرب كانت متباينة مختلفة ، فصنف منهم قالوا بالدهر ، و صنف أقرّوا بالمبدأ و أنكروا المعاد ، و قالوا : . . . من يحيي العظام و هي رميم 1 ، و صنف عبدوا الأصنام ، و صنف عبدوا الملائكة ، و صنف عبدوا الجنّ ، و صنف يميل الى اليهودية ، و صنف إلى النصرانية ، و صنف إلى الصابئة ، و يعتقدون أنّ الكواكب فعّالة بأنفسها 2 . و روى ( سنن أبي داود ) : أنّ النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء ، فكان منها : نكاح اليوم . و الثاني : كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فستبضعي منه ، و يعتزلها زوجها و لا يمسّها أبدا حتّى يتبيّن حملها من ذلك الرجل الّذي تستبضع منه ، فإذا تبيّن حملها أصابها زوجها إن أحبّ ، و إنّما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد ، فكان هذا النكاح يسمّى نكاح الاستبضاع . و الثالث : يجتمع الرهط دون العشرة ، فيدخلون على المرأة كلّهم يصيبها ، فإذا حملت و وضعت و مرّ ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم ، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتّى يجتمعوا عندها ، فتقول لهم : قد عرفتم الّذي كان من أمركم ، و قد ولدت و هو ابنك يا فلان ، فتسمّي من أحبّت منهم باسمه ، فيلحق به ولدها . و الرابع : يجتمع الناس الكثير لا تمتنع ممّن جاءها ، و هنّ البغايا ، كنّ ينصبن على أبوابهنّ رايات يكن علما لمن أرادهنّ دخل عليهن ، فإذا حملت فوضعت ، جمعوا لها و دعوا لهم القافة ، ثمّ ألحقوا ولدها بالّذي يرون ، فالتاطه ، و دعي ابنه لا يمتنع من ذلك . -----------
----------- [ 159 ] فلمّا بعث اللّه محمّد صلى اللّه عليه و آله و سلم هدم نكاح أهل الجاهلية كلّه إلاّ نكاح أهل الاسلام اليوم 1 . قلت : و من الثالث كان تكوّن عمرو بن العاص ، و من الرابع تكوّن زياد بن أبيه ، لكن معاوية الحقه بأبيه أبي سفيان عن هواه لا بطريقة الجاهلية عن حكم القافة ، و لا بسنّة الاسلام بكونه للفراش عبيد . « و في شرّ دار » قال المغيرة ليزد جرد : و أمّا منازلنا فإنّما هي ظهر الأرض 2 . « منيخون » أي : مقيمون ، و الأصل في الإناخة : إناخة الإبل على الأرض . « بين حجارة خشن و حيّات صمّ » و في ( الصحاح ) : الصمّة : الذكر من الحيّات 3 . و في ( السير ) : قال رجل : كنت بالبادية ، فرأيت ناسا حول نار فسألت عنهم ، فقالوا : صادوا حيّات فهم يشتوونها ، فأتيتهم فرأيت رجلا منهم قد أخرج حيّة من الجمر ليأكلها ، فامتنعت عليه ، فجعل مدّها ، فما صرفت بصري عنه حتّى صرع ، فمات . هذا ، و قال ابن قتيبة : جيء إلى المتوكل بأسود من بعض البوادي ، يأكل الأفاعي و هي حيّة ، يتلقّاها بالنهش من جهة رؤوسها ، و يأكل ابن عرس و هو حيّ ، يتلقاه بالأكل من جهة الرأس 4 . هذا ، و قال ابن أبي الحديد : قوله عليه السّلام : « بين حجارة خشن و حيّات صمّ » يحتمل المجاز أيضا ، و هو أحسن ، يقال للأعداء : حيّات ، و يقال للعدو : إنّه حجر
-----------
-----------
-----------
----------- [ 160 ] خشن المسّ ، إذا كان ألدّ الخصام 1 . قلت : المقام ليس بمقام مجاز ، فلا جواز له فضلا عن أحسنيته . ثمّ إطلاق الحيّة و الحجر ليس مختصّا بالعدو كما قال بل يطلقان على الولي أيضا ، فيطلقان على الرجل الشديد و ليّا أو عدوّا . « تشربون الكدر » فلم يكن عندهم صاف ، قال الجاحظ في ( بخلائه ) في عنوان شرب العرب : كان للعرب شرب مجدوح ، و هو إذا بلغ العطش منهم المجهود نحروا الإبل و تلقّوا دمائها بالجفان كيلا يضيع من دمائها شيء ، فإذا برد الدم ضربوه بأيديهم ، وجدحوه بالعيدان جدحا ، حتّى ينقطع فيعتزل ماؤه من ثفله ، كما يخلص الزبد بالمخيض و الجبن بالأنفحة ، فيتصافنون ذلك الماء ، و يبتلعون به حتّى يخرجوا من المفازة . قال : و لهم شرب غضّ و هو عصارة الفرث إذا أصابهم العطش في المفاوز 2 . و في ( بلدان الحموي ) : سلاح : ماء لبني كلاب شبكة ملحة لا يشرب منها أحد إلاّ سلح 3 . « و تأكلون الجشب » قال الجوهري : طعام جشب و مجشوب ، أي : غليظ و خشن ، و يقال : هو الّذي لا أدم معه 4 . سئل اعرابي : ما تأكلون و ما تعافون ؟ قال : نأكل ما دبّ وهبّ إلاّ أمّ حبين . فقال السائل : تهنئي أمّ حبين العافية . و قال المغيرة الأسيدي ليزدجرد : كنّا نأكل الخنافس و الجعلان
-----------
-----------
-----------
----------- [ 161 ] و العقارب و الحيّات 1 . قوله عليه السّلام في رواية الكليني : « تأكلون العلهز و الهبيد » 2 ، قال الجاحظ : العلهز : القردان ترضّ و تعجن بالدم 3 . و قال أبو عبيدة : الهبيد ، حبّ الحنظل زعموا أنّه يعالج حتّى يمكن أكله 4 . و الهبيد : كان طعام عمر في الجاهلية ، فقالوا : ذكر عمر خشونة مطعمه و ملبسه في صباه فقال : لقد رأيتني مرة و أختا لي نرعى على أبوينا ناضحا أي بعير السقي قد ألبستنا أمّنا نقبتها النقبة : قطعة من ثوب قدر السراويل ، يجعل لها حجزة محيطة من غير نيفق ، و يشدّ حجزة السراويل و زوّدتنا من الهبيد فنخرج بناضحنا ، فإذا طلعت الشمس ألقيت النقبة إلى أختي و خرجت أسعى عريانا ، فنرجع إلى أمّنا و قد جعل لنا لفيتة أي : ضربا من الطبيخ كالحساء من ذلك الهبيد فيا خصباه . ذكروا ذلك في غريب حديث عمر 5 . و لا بدّ أنّه عليه السّلام عرّض به حيث سألوه عنه و عن أخويه . و عدّ الجاحظ في ( بخلائه ) في طعام العرب غير العلهز و الهبيد أطعمة أخرى مذمومة منها : الغثّ ، و الدعاع ، و القدّ ، و العسوم ، و منقع البرم ، و القصيد ، و الحيّات ، و الستشهد لها بأبيات : كقول الشاعر :
-----------
-----------
-----------
-----------
----------- [ 162 ] لم يأكل الغث و الدعاع و لم و قول الشاعر : و لا أقوات أهلهم العسوم و قول الشاعر : من المشتوين القدّ في كلّ شتوة و قول الشاعر : و أنتم حلول تشتوون الأفاعيا 1 . و قال أيضا : القوامة : نحاتة القرون و الأظلاف ، و القرّة : الدقيق المختلط بالشعر ، كان الرجل منهم لا يحلق رأسه إلاّ و على رأسه قبضة من دقيق ، ليكون صدقة على الضرائك و طهورا له 2 . و قال الحموي : كان لقضاعة و لخم و جذام و أهل الشام صنم يقال له : الأقيصر ، و كانوا يحجّون إليه و يحلقون رؤوسهم عنده ، فكان كلّما حلق رجل منهم رأسه ألقى مع كلّ شعرة قرّة من دقيق و هي قبضة و كانت هوازن تنتابهم في ذلك الإبّان ، فإن أدركه الهوازني قبل أن يلقي القرّة على الشعر ، قال : أعطنيه يعني الدقيق فإنّي من هوازن ضارع ، و إن فاته أخذ ذلك الشعر بما فيه من القمل و الدقيق فخبزه و أكله . فقال معاوية الجرمي في أبيات :
أ لم تر جرما أنجدت و أبوكم 3 هذا ، و في ( شعراء ابن قتيبة ) : قال أبو عبيدة : دخلت على رؤبة بن العجّاج و هو يجيل جرذانا على النار ، فقلت : أتأكلها ؟ قال : نعم ، انّها خير من دجاجكم ،
-----------
-----------
----------- [ 163 ] إنّها تأكل البرّ و التمر 1 . « و تسفكون دماءكم » بغير الحقّ . « و تقتطعون أرحامكم » حتّى كانوا يقتلون أولادهم خشية إملاق ، و يئدون بناتهم لئلاّ تصير إلى قبيلة أخرى . « الأصنام » قال الجزري : قيل : الصنم ما كان له جسم أو صورة ، فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن 2 . « فيكم منصوبة » لكلّ قبيلة منهم صنم ، و لابن الكلبي كتاب في أصنام العرب ، و في ( سيرة ابن هشام ) : اللاّت بيت لثقيف و يعظّمونه تعظيم الكعبة . قال ضرار بن الخطاب الفهري : و فرّت ثقيف إلى لاتها 3 و فيه : قال ابن إسحاق : و اتّخذ أهل كلّ دار في دارهم صنما يعبدونه ، فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسّح به حين يركب ، فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجّه إلى سفره ، و إذا قدم من سفره تمسّح به ، فكان ذلك أوّل ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله ، فلمّا بعث اللّه تعالى رسوله محمّدا صلى اللّه عليه و آله بالتوحيد قالت قريش : أجعل الإلهة إلها واحدا إنّ هذا لشيء عجاب 4 . و قالوا : لمّا ولّت خزاعة أمر البيت ، و كان أوّل من ولي عمرو بن لحي ، بعث العرب على عبادة التماثيل ، و أكثر من نصب الأصنام حول الكعبة . و قالوا : كان ودّ لكلب بدومة الجندل ، و سواع لهذيل برها ، و نسر لحمير ،
-----------
-----------
-----------
----------- [ 164 ] و يغوث لهمدان ، و اللاّت لثقيف ، و العزّى لكنانة و قريش و مضر كلّها و بعض بني سليم ، و السعير لعنزة ، و عوص لبكر بن وائل . قال الأعشى :
حلفت بمائرات حول عوص و مناة بالمشلّل لغسّان و الأوس و الخزرج ، و كان هبل لقريش خاصة على ظهر الكعبة ، و أساف و نائلة على الصفا و المروة . و عن ( تهذيب الأزهري ) : الدوّار : صنم كانت العرب تنصبه يجعلون موضعا حوله يدورون به ، و اسم ذلك الصنم و الموضع الدوّار . و منه قول امرىء القيس :
فعنّ لنا سرب كأنّ نعاجه 1 و في ( القاموس ) : الضمار ككتاب : صنم عبده العبّاس بن مرداس و رهطه 2 ، و رضا : صنم كان لطيّ ، و به سمّي جدّ زيد الخيل : عبد رضا 3 ، و سواع : بالضم و الفتح و قرأ به الخليل صنم عبد في زمن نوح عليه السّلام ، فدفنه الطوفان ، فاستشاره إبليس فعبد و صار لهذيل 4 . و في ( المعجم ) : لمّا قتلت بنو أسد حجرا ، و خرج ابنه امرؤ القيس في طلب ثأره ، مرّ بتبالة و بها صنم للعرب تعظّمه يقال له : ذو الخلصة ، فاستقسم عنده بقداحه ، و هي ثلاثة : الأمر و الناهي و المتربّص ، فأجالها فخرج الناهي ، فجمعها و كسرها و ضرب بها وجه الصنم ، و قال : مصصت بظر أمّك ، لو قتل أبوك ما نهيتني ، و قال :
لو كنت يا ذا الخلص الموتورا
----------- ----------- ----------- ----------- [ 165 ] لم تنه عن قتل العداة زورا ثم خرج فظفر ببني أسد ، و قتل قاتل أبيه و أهل بيته ، و ألبسهم الدروع البيض محماة و كحّلهم بالنار . و يقال : إنّه ما استقسم عند ذي الخلصة بعدها أحد بقدح حتّى جاء الاسلام و هدم . و قالوا : كان لأهيب بن سماع صنم يقال له : راقب ، و استعان به الحرث المصطلقي في حربه ، فعقر له عقيرة ليستخيره في أمره ، فسمع منه صوتا هائلا ، فصار سبب هدايته ، و له قصّة طويلة . و في ( أسد الغابة ) كان عمرو بن الجموح الأنصاري سيّدا من سادات بني سلمة ، و كان قد اتّخذ في داره صنما من خشب يقال له : مناف ، يعظّمه و يطهّره ، فلمّا أسلم فتيان بني سلمة ، كانوا يدخلون بالليل على صنمه فيحملونه ، و يطرحونه في بعض حفر بني سلمة ، و فيها عذر بني سلمة منكّسا على رأسه ، فإذا أصبح عمرو قال : و يلكم من عدا على إلهنا هذه الليلة ؟ ثمّ يغدو فيلتمسه ، فإذا وجده غسله و طيّبه ، ثمّ يقول : و اللّه لو أعلم من يصنع بك هذا لأخزينّه . يفعلون به ذلك كلّ ليلة ، فلمّا ألحّوا عليه جاء بسيفه فعلّقه عليه ، ثمّ قال له : إن كان فيك خير فهذا السيف معك . فلمّا أمسى عدوا عليه و أخذوا السيف من عنقه ، ثمّ أخذوا كلبا ميّتا فقرنوه معه بحبل ثمّ ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر الناس ، و غدا عمرو يبتغيه حتّى وجده مقرونا بكلب فأبصر رشده ، و كلّم من أسلم من قومه ، فأسلم و قال :
تاللّه لو كنت إلها لم تكن 1 و في ( حلية أبي نعيم ) عن أبي رجاء العطاردي : بعث النبيّ صلى اللّه عليه و آله و نحن على ماء لنا ، و كان لنا صنم مدوّر ، فحملناه على قتب ، و انتقلنا من ذلك الماء إلى
----------- [ 166 ] غيره ، فمررنا برملة ، فانسلّ الحجر فوقع في رمل فغاب فيه ، فلمّا رجعنا إلى الماء فقدنا الحجر ، فرجعنا في طلبه ، فإذا هو في رمل قد غاب فيه فاستخرجناه . فقلت : إنّ إلها لم يمنع من تراب يغيب فيه لإله سوء ، و إنّ العنز لتمنع حياها بذنبها . فكان ذلك أوّل إسلامي ، فرجعت إلى المدينة ، و قد توفي النبيّ صلى اللّه عليه و آله 1 . و قالوا : كان لسعد العشيرة صنم يقال له : فرّاض ، و يقال لسادنه : ابن وقشة ، و كان له رئي يخبره بما يكون ، فأتاه فقال له : « اسمع العجب العجاب ، بعث أحمد بالكتاب ، بمكّة لا يجاب » . فحكى ابن وقشة ذلك لرجل من قومه ، فلمّا سمع الرجل بخروج النبيّ صلى اللّه عليه و آله قام الى الصنم فحطّمه ، ثمّ أتى النبيّ صلى اللّه عليه و آله فأسلم ، و قال :
تبعت رسول اللّه إذ جاء بالهدى 2 و قالوا : كان لبني عذرة صنم يقال له : حمام ، و كان في بني هند بن حزام ، و سادنه رجل منهم يقال له : طارق . فلمّا بعث النبيّ صلى اللّه عليه و آله سمعوا منه صوتا يقول : يا بني هند بن حزام ، ظهر الحقّ و أودى حمام ، و دفع الشرك الإسلام ، ففزعوا . ثم سمعوا بعد أيّام صوتا يقول : يا طارق بعث النبيّ الصادق بوحي
-----------
----------- [ 167 ] ناطق . صدع صادع بأرض تهامه ، لناصريه السلامه ، و لخاذليه الندامه . هذا الوداع منّي إلى يوم القيامه . ثمّ وقع الصنم لوجهه . فأتى زمل العذري و نفر من قومه إلى النّبيّ صلى اللّه عليه و آله و أخبروه بما سمعوا . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : ذاك كلام مؤمن من الجنّ . فأسلموا 1 ، و قال زمل :
إليك رسول اللّه أعملت نصّها و قالوا : كان لجهينة صنم ، فرأى سادنه في النوم من يقول : تقشّعت الظلماء ، و سطع الضياء ، و بعث خاتم الأنبياء . أقبل حقّ فسطع ، و دمغ باطل فانقمع . فكسر الصنم و لحق بالنبيّ صلى اللّه عليه و آله ، و قال :
شهدت بأنّ اللّه حقّ و أننّي فبعثه النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى قومه ، فأسلموا إلاّ رجلا منهم كذّبه ، فقال له : أمرّ اللّه عيش الأكذب منّي و منك ، و أبكم لسانه ، و أكمه إنسانه . فما مات حتّى عمي و افتقر و أبكم 2 . و في ( الأسد ) : كان لأحمر بن سواء السدوسي صنم يعبده ، فألقاه في بئر ثمّ أتى النّبي صلى اللّه عليه و آله فبايعه 3 . و فيه : كان اسم راشد بن حفص ظالما ، و قيل : غاويا . فسمّاه النبيّ صلى اللّه عليه و آله راشدا ، و كان سادن صنم بني سليم الّذي يدعى سواعا فكسره 4 . و في ( المناقب ) : أنّه لمّا فتح النبيّ صلى اللّه عليه و آله مكّة كان فيها ثلاثمائة و ستون صنما بعضها مشدود ببعض بالرصاص ، فأنفذ أبو سفيان من ليلة مناة إلى
-----------
-----------
-----------
----------- [ 168 ] الحبشة ، و منها إلى الهند فهيّؤوا لها دارا من مغناطيس ، فتعلّقت في الهواء إلى أيّام محمود بن سبكتكين ، فلمّا غزاها أخذها و كسرها ، و نقلها إلى اصفهان و جعلت تحت مارّة الطريق 1 . و في ( كامل الجزري ) في فتح مكّة : و كان على الكعبة ثلاثمائة و ستّون صنما ، و كان بيد النّبي صلى اللّه عليه و آله قضيب ، فكان يشير به إلى الأصنام و هو يقرأ . . . جاء الحقّ و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا 2 ، فلا يشير إلى صنم منها إلاّ سقط لوجهه 3 . و في ( تاريخ بغداد ) للخطيب : عن أبي مريم قال : قال عليّ عليه السّلام : انطلق بي النّبي صلى اللّه عليه و آله إلى الأصنام ، فقال : اجلس ، فجلست إلى جنب الكعبة ، ثمّ صعد النبيّ صلى اللّه عليه و آله على منكبي ، ثمّ قال : انهض بي إلى الصنم ، فنهضت به ، فلمّا رأى ضعفي تحته ، قال : اجلس ، فجلست و أنزلته عنّي ، و جلس لي النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، ثمّ قال لي : يا علي اصعد إلى منكبي ، فصعدت على منكبيه ، ثمّ نهض بي النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، فلمّا نهض بي خيّل لي أنّي لو شئت نلت السماء ، و صعدت على الكعبة ، و تنحّي النّبيّ صلى اللّه عليه و آله فألقيت صنمهم الأكبر صنم قريش ، و كان من نحاس موتّدا بأوتاد من حديد إلى الأرض ، فقال لي النبيّ صلى اللّه عليه و آله : عالجه ، فعالجته ، فما زلت أعالجه و النبيّ صلى اللّه عليه و آله يقول : إيه إيه إيه ، فلم أزل أعالجه حتّى استمكنت منه ، فقال : دقّه فدقتته ، و كسرته و نزلت 4 .
-----------
-----------
-----------
----------- و الخوارزمي في مناقبه : 71 ، و ابن أخي تبوك في مسنده ( منتخبه ) : 429 ح 5 ، و الجويني في فرائط السمطين 1 : 249 ح 193 ، عن أبي مريم ، و في الباب عن أبي هريرة و جابر بن عبد اللّه ، و جمع بعض طرقه الأخرى الهيثمي في مجمع الزوائد 6 : 23 ، و ابن شهر آشوب في مناقبه 2 : 135 . [ 169 ] و في ( الطبقات ) : لمّا أراد النبيّ صلى اللّه عليه و آله السير إلى الطائف بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة الدوسي يهدمه ، و أمره أن يستمدّ قومه و يوافيه بالطائف ، فخرج سريعا إلى قومه فهدم ذا الكفين ، و جعل يحش النار في وجهه و يحرقه و يقول :
يا ذا الكفين لست من عبّادكا 1 و فيه : لمّا و فد خولان على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و أسلموا قال لهم : ما فعل عمّ أنس صنم لهم قالوا : بشرّ و عرّ ، أبدلنا اللّه به ما جئت به ، و لو قد رجعنا إليه هدمناه ، فلمّا رجعوا فلم يحلّوا عقدة حتّى هدموه 2 . و في ( انساب البلاذري ) : و من سرايا النبيّ صلى اللّه عليه و آله سرية خالد بن الوليد بعد فتح مكّة لهدم العزّى ببطن نخلة ، و سريّة عمرو بن العاص لهدم سواع برهاط من بلاد هذيل في شهر رمضان سنة ثمان 3 . و فيه : و من سرايا النبيّ صلى اللّه عليه و آله سريّة علي عليه السّلام لهدم الفلس صنم طيّ ، و كان مقلّدا بسيفين أهداهما إليه الحارث بن أبي شمر ، و هما مخذم و رسوب ، و فيهما يقول علقمة : مظاهر سربالي حديد عليهما فأتى بهما النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم 4 . هذا و في ( الطبري ) : أنّ جذيمة الأبرش اتّخذ صنمين يقال لهما :
-----------
-----------
-----------
----------- [ 170 ] الضيزنان ، و مكانهما بالحيرة معروف ، و كان يستسقي بهما ، و يستنصر بهما على العدو ، فغزا أيادا ، فبعثوا قوما ، فسقوا سدنة الصنمين الخمر و سرقوهما ، فبعثوا إلى جذيمة : إنّ صنميك أصبحا فينا ، زهدا فيك و رغبة فينا ، فإن أوثقت لنا أن لا تغزونا رددناهما إليك . . . 1 . و رووا عن هشام الكلبي في قصّة أساف و نائلة : أنّ أسافا كان رجلا من جرهم يقال له : أساف بن يعلى ، و أنّ نائلة كانت بنت زيد من جرهم ، و كان يتعشّقها بأرض اليمن ، فأقبلا حاجّين فدخلا الكعبة ، فوجدا غفلة من الناس و خلوة في البيت ، ففجر بها في البيت فمسخا ، فأصبحوا فوجدوهما مسخين فوضعا عند الكعبة ليتّعظ بهما الناس ، فلمّا طال مكثهما و عبدت الأصنام عبدا معها . فكانوا ينحرون و يذبحون عندهما إلى أن كسرهما النبيّ صلى اللّه عليه و آله يوم الفتح في ما كسر من الأصنام . . . 2 و لكن في خبر عن مسعدة أنّهما كانا شابّين صبيحين ، و كان بأحدهما تأنيث ، و كانا يطوفان بالبيت فصادفا من البيت خلوة ، فأراد أحدهما صاحبه ، ففعل ، فسخهما اللّه تعالى ، فقالت قريش : لو لا أنّ اللّه رضي أن يعبد هذان معه ما حوّلهما عن حالهما 3 . « و الاثام بكم معصوبة » أي : مشدودة ، يقال : عصب رأسه بعصابة . كانوا يزنون ، و يشربون ، و يسرقون ، و يقامرون ، قال ابن قتيبة في ( شعرائه ) : إنّه لمّا رحل الأعشى و هو ابن قيس قتيل الجوع إلي النبيّ صلى اللّه عليه و آله في صلح الحديبية ، فسأله أبو سفيان عن وجهه الّذي يريد ، فقال : أردت محمدا . قال : إنّه يحرم
-----------
-----------
----------- [ 171 ] عليكم الخمر ، و الزنا ، و القمار . قال : أمّا الزنا فقد تركني و لم أتركه ، و أمّا الخمر فقد قضيت منها و طرا ، و أمّا القمار فلعلّي أصيب منه عوضا . . . 1 . و قالوا : ان عمرو بن كلثوم ، و زهير بن جناب ، و عامر ملاعب الأسنّة ممّن غضبوا فشربوا خمرهم صرفا حتّى ماتوا . و قيل لحنظلة بن الشرقي : ما أدنى آثامك ليلة الدير ؟ قال : نزلت بديرانية ، فأكلت عندها طفشليا أي : مرقا بلحم خنزير ، و شربت من خمرها ، و زنيت بها ، و سرقت كأسها و مضيت . و جعل عمرو بن لحي الخزاعي فتح باب الكعبة و غلقه إلى أبي غبشان الخزاعي ، فباعه أبو غبشان من قصيّ ببعير و زقّ خمر ، فقال شاعر :
إذا افتخرت خزاعة في قديم و قالوا : كان سبب الفجار الثاني من الفجار الأربعة أنّ فتية من قريش قعدوا إلى امرأة من بني عامر بن صعصعة بسوق عكاظ ، و عليها برقع ، و هي في درع فضل ، فأعجبهم ما رأوا من هيئتها ، فسألوها أن تسفر عن وجهها ، فأبت عليهم ، فأتى أحدهم من خلفها ، فشدّ ذيلها بشوكة إلى ظهرها ، و هي لا تدري ، فلمّا قامت تقلص الدرع عن دبرها ، فضحكوا و قالوا : منعتنا النظر إلى وجهها ، فقد رأينا دبرها . فنادت المرأة يا آل عامر فتثاور الناس ، و وقع يوم الفجار الثاني . و قصة ذات النحيين التي يضرب بها المثل ، و يقال : أشغل من ذات النحيين . معروفة : كانت امرأة من تيم اللّه بن ثعلبة تبيع السمن ، فأتاها خوّات بن جبير الأنصاري ليبتاع منها سمنا ، فلم ير عندها أحدا فطمع فيها و ساومها ،
----------- [ 172 ] فحلّت نحيا ، فنظر إليه ، ثمّ قال : أمسكيه حتّى أنظر إلى غيره فأمسكته . و قال : حلّي نحيا آخر ، ففعلت و نظر إليه ، فقال : أريد غير هذا ، امسكيه شرد بعيري . ففعلت ، فلمّا شغلت يديها ساورها ، فلم تقدر على دفعه حتّى قضى ما أراد و هرب ، فقال :
شغلت يديها إذ أردت خلاطها ثمّ أسلم و شهد بدرا ، فقال له النبيّ صلى اللّه عليه و آله : كيف شراؤك يا خوّات ؟ و تبسّم . فقال : رزق اللّه خيرا ، و أعوذ باللّه من الحور بعد الكور 1 . و في رواية قال له النبيّ صلى اللّه عليه و آله : ما فعل بعيرك أشرد عليك ؟ فقال : أمّا منذ عقله الإسلام فلا 2 . و خوّات هذا هو الّذي شهد حفر الخندق ، و كان في ذاك الوقت لم يحلّ الإفطار في ليالي شهر رمضان بعد صلاة العشاء و النوم فنام ليلة و لم يفطر ، فانتبه و قد حرم عليه الأكل ، و لمّا أصبح و حفر غشي عليه ، فرقّ له النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم ، و أنزل تعالى به : . . . و كلوا و اشربوا حتّى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر . . . 3 . و لألفهم و اعتيادهم بالآثام سألت هذيل النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم أن يحلّ لهم الزنا ، فقال حسّان : سالت هذيل رسول اللّه فاحشة و سألت بنو عمرو بن عمير من ثقيف و بنو المغيرة من مخزوم
-----------
-----------
----------- [ 173 ] النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم أن يحلّ لهم الربا ، فنزلت كما في ( أسباب نزول الواحدي ) آية : و ذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه و رسوله . . . 1 . هذا ، و في ( الكافي ) عن الباقر عليه السّلام : إنّ ناسا أتوا النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بعدما أسلموا ، فقالوا : يا رسول اللّه أيؤخذ الرجل منّا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه ؟ فقال لهم النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم : من حسن إسلامه و صحّ يقين إيمانه لم يأخذه اللّه تعالى بما عمل في الجاهلية ، و من سخف إسلامه ، و لم يصحّ يقين إيمانه أخذه اللّه تعالى بالأوّل و الآخر 2 . قلت : و مصداق الأوّل خوّات المتقدّم صاحب ذات النحيين ، و مصداق الثاني المغيرة بن شعبة ، غدر في جاهليته بجمع فقتلهم و أخذ أموالهم ، و صار في إسلامه سببا لتصدي الرجلين الأجنبيين لخلافة النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم ، و صار سببا لا ستلحاق معاوية زيادا به ، و استخلافه ابنه السكّير القمّير ، كما أنّ جمعا أسلموا لو كانوا بقوا على شركهم كانوا أهون عذابا ، و هم الّذين عملوا مع أهل بيت نبيّهم ما عملوا . . . و لا يزيد الظالمين إلاّ خسارا 3 . |