2

الكتاب ( 39 ) و من كتاب له عليه السّلام إلى عمرو بن العاص :

فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا اِمْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ يَشِينُ اَلْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ وَ يُسَفِّهُ اَلْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبْتَ فَضْلَهُ اِتِّبَاعَ اَلْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ إِلَى مَخَالِبِهِ وَ يَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ لَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ فَإِنْ يُمَكِّنِّي اَللَّهُ مِنْكَ وَ مِنِ اِبْنِ ؟ أَبِي سُفْيَانَ ؟ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وَ إِنْ تُعْجِزَا وَ تَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا أقول : رواه ( صفين نصر بن مزاحم ) مع اختلاف على نقل ابن أبي الحديد من عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص بن وائل شانئ محمّد و آل محمّد في الجاهلية و الاسلام ، سلام على من اتبع الهدى . أما بعد :

فانك تركت مروتك لا مرى‏ء فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه و يسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا كما قيل « وافق شن طبقه » ، فسلبك دينك و أمانتك و دنياك و آخرتك ، و كان علم اللَّه بالغا فيك ، فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما الليل دجا أو أتى الصبح يلتمس فضل سؤره و حوايا فريسته ، و لكن لا نجاة من القدر و لو بالحق أخذت لادركت ما رجوت ،

و قد رشد من كان الحق قائده ، فان يمكّن اللَّه منك و من ابن آكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله اللَّه من ظلمة قريش على عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ، و ان تعجزا أو

-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 15 : 98 و 99 .

[ 514 ]

تبقيا بعدي فاللَّه حسبكما و كفى بانتقامه انتقاما و بعقابه عقابا 1 .

« فانك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ » و المراد معاوية « ظاهر غيّه مهتوك ستره » .

في ( بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) و ( عقد ابن عبد ربه ) : ان معاوية حج ، فسأل عن امرأة يقال لها الدارمية الحجونية كانت امرأة سوداء كثيرة اللحم فأخبر بسلامتها ، فبعث إليها ، فجي‏ء بها ، فقال لها : كيف حالك يا ابنة حام ؟ قالت : بخير و لست لحام ، انما انا امرأة من قريش من بني كنانة ، ثم من بني أبيك . قال : صدقت ، هل تعلمين لم بعثت إليك ؟ قالت : لا . قال : بعثت إليك لا سألك علام أحببت عليّا و أبغضتني ، و علام واليته و عاديتني . قالت : أو تعفيني من ذلك . قال : لا أعفيك و لذلك دعوتك . قالت : فأما إذ أبيت فاني أحببت عليّا على عدله في الرعية ، و قسمه بالسوية ، و أبغضتك على قتالك من هو أولى بالامر منك ، و طلبك ما ليس لك ، و واليت عليّا على ما عقد له النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله من الولاية ، و واليته على حبه المساكين ، و اعظامه لأهل الدين ، و عاديتك على سفكك الدماء ، و شقك العصا .

قال : صدقت فلذلك انتفخ بطنك ، و كبر ثديك ، و عظمت عجيزتك . فقالت :

يا هذا بهند و اللَّه يضرب المثل في ذا لابي . فقال لها : هل رأيت عليّا ؟ قالت : أي و اللَّه . قال : كيف رأيته ؟ قالت : لم يفتنه الملك الّذي فتنك ، و لم تصقله النعمة الّتي صقلتك . قال : فهل سمعت كلامه ؟ قالت : نعم . قال : فكيف سمعته . قالت : كان و اللَّه كلامه يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صداء الطست . قال :

صدقت .

و فيهما : دخلت اروى بنت الحرث بن عبد المطلب على معاوية و هي

-----------
( 1 ) جاء في شرح ابن أبي الحديد 16 : 163 ، لكن لم يوجد في النسخة المطبوعة من وقعة صفين .

[ 515 ]

عجوزة كبيرة فقال لها : كيف كنت بعدنا ؟ فقالت : لقد كفرت يد النعمة ،

و اسأت لابن عمك الصحبة ، و تسميت بغير اسمك ، و أخذت غير حقك من غير دين كان منك ، و لا من آبائك ، و لا سابقة في الاسلام بعد أن كفرتم بالنبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ،

فأتعس اللَّه منكم الجدود ، و أضرع منكم الخدود ، ورد الحق إلى أهله ، و لو كره المشركون ، و كانت كلمتنا العليا ، و نبيّنا هو المنصور ، فوليتم علينا من بعده ،

و تحتجون بقرابتكم من النبيّ ، و نحن أقرب إليه منكم ، و أولى بهذا الأمر ، فكنا فيكم بمنزلة بني اسرائيل في آل فرعون ، و كان عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى ، فغايتنا الجنّة ، و غايتكم النار .

فقال لها عمرو بن العاص : كفّي أيتها العجوز الضالة ، و اقصري عن قولك من ذهاب عقلك ، إذ لا تجوز شهادتك وحدك . فقالت له : و أنت يا ابن النابغة تتكلم و امّك كانت أشهر امرأة تبغي بمكة ، و آخذهن الاجرة ، ادعاك خمسة نفر من قريش ، فسئلت امّك عنهم ، فقالت : كلّهم أتاني ، فانظروا أشبههم به ، فالحقوه ، فغلب عليك شبه العاص بن وائل ، فلحقت به .

و في ( مفاخرات ابن بكار ) : اجتمع عند معاويه عمرو و الوليد بن عقبة و عتبة ابن أبي سفيان و المغيرة فقالوا له : ان الحسن قد أحيا أباه و خفقت النعال خلفه إلى أن قال فقال لهم معاوية : اما إذ عصيتموني و بعثتم إليه ، فلا تمرضوا له في القول ، و اعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ، و لكن اقذفوه بحجره و قولوا له أبوك قتل عثمان و كره خلافة الخلفاء من قبله .

إلى أن قال : فقال معاوية له عليه السّلام : ان هؤلاء بعثوا إليك و عصوني . فقال :

سبحان اللَّه الدار دارك و الاذن فيها إليك ، و اللَّه ان كنت أجبتهم اني لاستحيي لك من الفحش ، و ان كانوا غلبوك اني لاستحيي لك من الضعف . إلى أن قال : يا معاوية ما هؤلاء شتموني و لكنك شتمتني فحشا ألفته ، و سوء رأي عرفت به ،

[ 516 ]

و خلقا سيئا شبت عليه ، و بغيا علينا و عداوة منك لمحمد و أهله . إلى أن قال :

قال عليه السّلام لهم : و أنشدكم اللَّه هل تعلمون ان أبي أول الناس ايمانا و انك يا معاوية و أبوك من المؤلفة قلوبهم تسترون الكفر و تظهرون الاسلام ،

و أنشدك اللَّه يا معاوية أتذكر يوما جاء أبوك على جمل أحمر و أنت تسوقه و أخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال : اللهم العن الراكب و القائد و السائق أتنسى يا معاوية الشعر الّذي كتبته إلى أبيك لما همّ أن يسلم تنهاه عن ذلك :

يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا
بعد الّذين ببدر أصبحوا فرقا

خالي و عمّي و عمّ الام ثالثهم
و حنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

و واللَّه لما أخفيت من أمرك أكثر ممّا أبديت ، و لما أراد النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله أن يكتب إلى بني خزيمة فبعث إليك و نهمك إلى أن تموت الخبر 1 .

« يشين الكريم بمجلسه ، و يسفّه الحليم بخلطته » في ( العقد الفريد ) : قال معاوية لجارية بن قدامة : ما كان أهونك على اهلك إذ سموك جارية ؟ فقال : ما كان أهونك على أهلك إذ سموك معاوية و هي الانثى من الكلاب قال : لا ام لك . قال : امّي ولدتني للسيوف الّتي لقيناك بها و هي في أيدينا . قال : انك لتهددني . قال : انك لم تصاحبنا قسرا ، و لم تملكنا عنوة ، و لكنك أعطيتنا عهدا و ميثاقا ، و أعطيناك سمعا و طاعة ، فان وفيت لنا و فينا لك ، و ان فزعت إلى غير ذلك فانا تركنا وراءنا رجالا شدادا و ألسنة حدادا . قال : لاكثر اللَّه أمثالك . قال جارية : قل معروفا ، فان شر الدعاء المحتطب .

و فيه : دخل خريم الناعم على معاوية ، فنظر إلى ساقيه ، فقال : أي ساقين لو أنهما على جارية . قال خريم : في مثل عجيزتك . قال معاوية :

-----------
( 1 ) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرحه 6 : 285 و 288 .

[ 517 ]

واحدة باخرى و البادي أظلم .

و في ( الأغاني ) : نظر معاوية إلى رجل في مجلسه فرأى فيه حسنا و شارة و جسما ، فاستنطقه فوجده سديدا ، فقال له : ممن أنت ؟ قال : ممن أنعم اللَّه عليه بالاسلام فاجعلني حيث شئت . قال : عليك بهذه الازد الطويلة العريضة الّتي لا تمنع من دخل فيها ، و لا تبالي من خرج منها . فغضب النعمان بن بشير و وثب من بين يديه و قال : أما و اللَّه انك ما علمت ليسي‏ء المجالسة لجليسك ،

عاق لزوارك ، قليل الرعاية لأهل الحرمة بك .

و في ( العقد ) : تكلم الناس عند معاوية في يزيد ابنه إذ أخذ له البيعة و سكت الاحنف ، فقال : مالك لا تقول أبا بحر . قال : أخافك ان صدقت ، و أخاف اللَّه ان كذبت .

و فيه : بينا معاوية جالس و عنده وجوه الناس إذ دخل رجل من أهل الشام ، فقام خطيبا فكان آخر كلامه أن سب عليّا عليه السّلام ، فأطرق الناس و تكلم الاحنف ، فقال : ان هذا القائل لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم ، فاتق اللَّه و دع عليّا ، فقد لقي ربه ، و كان و اللَّه المبرز سيفه ، الطاهر ثوبه ، الميمون نقيبته ، العظيم مصيبته ، فقال له معاوية : لقد أغضيت العين على القذى و قلت ما ترى ، و ايم اللَّه لتصعدن المنبر فتلعنه طوعا أو كرها . فقال له الأحنف : ان تعفني فهو خير لك ، و ان تجبرني فو اللَّه لا تجري فيه شفتاي ، و مع ذلك لأنصفنّك في القول و الفعل ، قال : ما أنت قائل ان أنصفتني . قال : أصعد المنبر و أقول : أيها الناس ان معاوية أمرني أن ألعن عليّا ، و ان عليّا و معاوية اختلفا فاقتتلا ، و ادعى كل واحد منهما انه بغي عليه و على فئته ، فاذا دعوت فأمنوا ، ثم أقول « اللهم العن ( أنت و ملائكتك و أنبيائك و جميع خلقك ) الباغي منهما على صاحبه لعنا كثيرا » ، لا أزيد على هذا حرفا ، و لا أنقص منه حرفا ، و لو كان فيه

[ 518 ]

ذهاب نفسي . فقال معاوية : اذن نعفيك .

« فاتبعت أثره و طلبت فضله اتباع الكلب » قد عرف أن في رواية نصر « فصرت كالذئب » 1 « للضرغام » أي : الأسد كالضيغم « يلوذ » أي : يلجأ « إلى مخالبه » في ( الصحاح ) : المخلب للطائر و السباع بمنزلة الظفر للإنسان .

« و ينتظر ما يلقي إليه من فضل » أي : زيادة « فريسته » في ( الصحاح ) : فرس الأسد فريسته و افترسها أي : دق عنقها ، و أصل الفرس هذا ، ثم كثر حتى صار كل قتل فرسا ، و أبو فراس كنية الأسد .

« فأذهبت دنياك » بكونك تابعا كالعبد لمعاوية « و آخرتك » .

و في ( المروج ) بعد ذكر جعل معاوية جعالة لقتل العباس بن ربيعة الهاشمي ، و تصدي رجلين من لخم لذلك ، و قتل أمير المؤمنين عليه السّلام لهما قال معاوية : قبّح اللَّه اللجاج ، ما ركبته قط الا خذلت . فقال عمرو بن العاص له المخذول و اللَّه اللخميان لا أنت . قال : اسكت أيها الرجل ، فليس هذا من شأنك .

قال : و ان لم يكن رحم اللَّه اللخميين و لا أراه يفعل ذلك قال : ذلك و اللَّه أضيق لحجتك ، و أخسر لصفقتك . قال عمرو : قد علمت ذلك ، و لو لا مصر و ولايتها لركبت المنجاة ، فانّي أعلم أن عليّا على الحق ، و أنا على الباطل . فقال معاوية :

مصر و اللَّه أعمتك ، و لو لا مصر لالفيتك بصيرا 2 .

و في ( المروج ) : مات عمرو سنة ( 43 ) و له تسعون سنة ، و في أبيه و كان من المستهزئين بالنبيّ نزلت إنّ شانئك هو الأبتر 3 ، و خلف عمرو من العين ثلاثمائة و خمسة و عشرون ألف دينار ، و ألفى ألف درهم ، و ضيعته

-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 16 : 163 .

-----------
( 2 ) مروج الذهب 3 : 20 .

-----------
( 3 ) الكوثر : 3 .

[ 519 ]

المعروفة بالرهط قيمتها عشرة آلاف ألف درهم ، و فيه يقول ابن الزبير الأسدي :

ألم تر أن الدهر أخنت صروفه
على عمرو السهمي تجبي له مصر

فلم يغن عنه حزمه و احتياله
و لا جمعه لما أتيح له الدهر 1

و في ( تاريخ اليعقوبي ) : لما حضر عمرو الوفاة نظر إلى ماله ، فرأى كثرته ، فقال : يا ليته كان بعرا ، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة أصلحت لمعاوية دنياه و أفسدت ديني ، آثرت دنياي و تركت آخرتي ، عمي علي رشدي حتى حضرني أجلي ، كأني بمعاوية قد حوى مالي و أساء فيكم خلافتي .

و توفي سنة ( 43 ) ليلة الفطر ، فاستصفى معاوية ماله ، فكان أول من استصفى مال عامل ، و لم يكن يموت لمعاوية عامل إلاّ شاطر ورثته ماله ، و كان يكلم في ذلك ، فيقول هذه سنّة سنّها عمر 2 .

و ذكروا أن معاوية قال يوما لجلسائه : ما أعجب الأشياء ؟ فقال كل واحد شيئا ، فقال عمرو : أعجب الأشياء أن المبطل يغلب المحق و عرّض بغلبة معاوية في امره معه عليه السّلام فقال معاوية : بل أعجب الأشياء أن يعطى الانسان ما لا يستحق ، و كان لا يخاف عرض بعمرو في أخذه مصر منه .

« و لو بالحق أخذت أدركت ما طلبت » في ( تاريخ الطبري ) : قال النضر بن صالح العبسي : كنت مع شريح بن هاني في غزوه سجستان ، فحدثني أن عليّا عليه السّلام أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص . قال : قل له إذا لقيته : ان عليّا يقول لك « ان أفضل الناس عند اللَّه عزّ و جلّ من كان العمل بالحق أحب إليه و ان نقصه و كرثه من الباطل و ان حسن إليه و زاده يا عمرو انك و اللَّه لتعلم أين

-----------
( 1 ) مروج الذهب 3 : 23 .

-----------
( 2 ) تاريخ الطبري 2 : 222 .

[ 520 ]

موضع الحق ، فلم تجاهل ان أوتيت طمعا يسيرا كنت به للَّه و لأوليائه عدوّا ،

فكان و اللَّه ما أوتيت قد زال عنك ، فلا تكن للخائنين خصيما و لا للظالمين ظهيرا ، اما أني أعلم بيومك الّذي أنت فيه نادم و هو يوم وفاتك ، تمنى انك لم تظهر لمسلم عداوة ، و لم تأخذ على حكم رشوة » . قال شريح : فبلغته ذلك ،

فتمعر وجهه ثم قال : متى كنت أقبل مشورة علي أو انتهي إلى أمره أو اعتد برأيه ؟ فقلت له : و ما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك و سيّد المسلمين بعد نبيّهم مشورته ، فقد كان من هو خير منك أبو بكر و عمر يستشير انه و يعملان برأيه . فقال : ان مثلي لا يكلم مثلك . فقلت له : و بأي أبويك ترغب عني أبأبيك الوشيظ أم بامك النابغة ؟ فقام عن مكانه 1 .

و في ( الصحاح ) الوشيظ : لفيف من الناس ليس أصلهم واحدا .

« فان يمكني اللَّه » هكذا في ( المصرية ) و هو غلط ، و الصواب : « فان يمكن اللَّه » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) 2 « منك و من ابن أبي سفيان » قد عرفت أن في رواية نصر « و من ابن آكلة الأكباد » 3 . « أجزكما بما قدّمتها » .

و في ( صفين نصر ) : قال جابر الأنصاري : و اللَّه لكأني أسمع عليّا عليه السّلام يوم الهرير بعد ما طحنت رحا مذحج فيما بيننا و بين عك و لخم و جذام و الأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي يقول : حتى متى نخلي بين هذين الحيين إلى أن قال جابر لا و الّذي بعث محمّدا صلّى اللَّه عليه و آله بالحق ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق اللَّه السماوات و الأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب عليّ عليه السّلام . انه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب 4 .

-----------
( 1 ) تاريخ الطبري 4 : 50 ، سنة 37 .

-----------
( 2 ) كذا في شرح ابن أبي الحديد 16 : 161 ، لكن في شرح ابن ميثم 5 : 85 ، « و ان يمكني اللَّه » .

-----------
( 3 ) شرح ابن أبي الحديد 16 : 163 .

-----------
( 4 ) وقعة صفين : 477 .

[ 521 ]

« و ان تعجزاني » هكذا في ( المصرية ) أخذ من ( ابن أبي الحديد ) ،

و الصواب : « و ان تعجزا » كما في ( ابن ميثم ) 1 « و تبقيا فما امامكما شر لكما » .

في ( صفين نصر ) : عن أبي برزة الأسلمي انهم كانوا مع النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله ،

فسمعوا غناء ، فتشرفوا له ، فقام رجل فاستمع له و ذاك قبل أن يحرم الخمر فأتاهم ثم رجع فقال : هذا معاوية و عمرو بن العاص يجيب أحدهما الآخر و هو يقول :

يزال حواري تلوح عظامه
زوى الحرب عنه ان يحس فيقبرا

فرفع النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يديه فقال : اللهم اركسهم في الفتنة ركسا ، اللهم دعهم إلى النار دعا 2 .

و في ( تفسير القمي ) في قوله تعالى : يوم يدعّون إلى نار جهنم دعّا 3 مر النبيّ بعمرو بن العاص و الوليد بن عقبة و هما في خالط يشربان و يغنيان بهذا البيت في حمزة لما قتل :

كم من حواري تلوح عظامه
وراء الحرب أن يجر فيقبرا

فقال : اللهم العنهما ، و اركسهما في الفتنة ركسا ، و دعهما إلى النار دعا 4 .

و في ( صفين نصر ) : دخل زيد بن أرقم على معاوية ، فاذا عمرو جالس معه على السرير ، فلما رأى ذلك زيد جاء حتى رمى بنفسه بينهما ، فقال له عمرو : أما وجدت لك مجلسا الا أن تقطع بيني و بينه ؟ فقال زيد : ان النبيّ غزا غزوة و أنتما معه ، فرآكما مجتمعين ، فنظر إليكما نظرا شديدا ، ثم رآكما اليوم

-----------
( 1 ) لفظ شرح ابن أبي الحديد 16 : 161 ، و شرح ابن ميثم 5 : 85 ، مثل المصرية .

-----------
( 2 ) وقعة صفين : 219 .

-----------
( 3 ) الطور : 13 .

-----------
( 4 ) تفسير القمي 2 : 332 .

[ 522 ]

الثاني و اليوم الثالث كل ذلك يديم النظر إليكما ، فقال في اليوم الثالث : إذا رأيتم معاوية و عمرو بن العاص مجتمعين ففرقوا بينهما ، فانهما لن يجتمعا على خير 1 .

و في ( العقد ) : جلس عبادة بن الصامت بين عمرو و معاوية و ذكر سببه ، فقال : بينا نحن نسير في غزوة تبوك إذ نظر إليكما تشيران و أنتما تتحدثان ، فالتفت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله إلينا و قال : إذا رأيتموهما اجتمعا ففرقوا بينهما ،

فانهما لا يجتمعان على خير .