من الخطبة ( 99 ) و منها :
وَ ذَلِكَ زَمَانٌ لاَ يَنْجُو فِيهِ إِلاَّ كُلُّ مُؤْمِنٍ نُوَمَةٍ إِنْ شَهِدَ لَمْ يُعْرَفْ وَ إِنْ غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ أُولَئِكَ مَصَابِيحُ اَلْهُدَى وَ أَعْلاَمُ اَلسُّرَى لَيْسُوا بِالْمَسَايِيحِ وَ لاَ اَلْمَذَايِيعِ اَلْبُذُرِ أُولَئِكَ يَفْتَحُ اَللَّهُ لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ وَ يَكْشِفُ عَنْهُمْ ضَرَّاءَ نِقْمَتِهِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ سَيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُكْفَأُ فِيهِ
-----------
( 1 ) عيون الصدوق 2 : 177 .
-----------
( 2 ) البحار 100 : 365 .
[ 200 ]
اَلْإِسْلاَمُ كَمَا يُكْفَأُ اَلْإِنَاءُ بِمَا فِيهِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ اَللَّهَ قَدْ أَعَاذَكُمْ مِنْ أَنْ يَجُورَ عَلَيْكُمْ وَ لَمْ يُعِذْكُمْ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَكُمْ وَ قَدْ قَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَ إِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ 1 8 23 : 30 قال الشريف قوله عليه السّلام « كل مؤمن نومة » أراد به الخامل الذكر القليل الشر ،
و « المساييح » جمع مسياح ، و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم و « المذاييع » جمع مذياع ، و هو الذي إذا سمع لغيره بفاحشة أذاعها و نوّه بها ،
و « البذر » جمع بذور ، و هو الذي يكثر سفهه و يلغو منطقه . أقول : و رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في ( غريبه ) مع اختلاف يسير 2 .
( و منها ) هكذا في ( المصرية ) 3 و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) 4 ( منها ) و هو الصحيح و إن كان العطف فيه لكونه ثانيا صحيحا .
« و ذلك زمن » هكذا في ( المصرية ) 5 و الصواب : زمان كما في الثلاثة 6 .
« لا ينجو فيه الا كل مؤمن نومة » في ( نهاية ابن الأثير ) : في حديث عليّ عليه السّلام « انه ذكر آخر الزمان و الفتن ثم قال : خير أهل ذلك الزمان كل مؤمن نومة » النومة بوزن الهمزة ، الخامل الذي لا يؤبه له ، و قيل الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر و أهله ، و قيل النومة بالتحريك الكثير النوم ، و أما الخامل الذي لا يؤبه به ، فهو بالتسكين ، فمن الاول حديث ابن عباس قال لعليّ عليه السّلام : ما النومة ؟
-----------
( 1 ) المؤمنون : 30 .
-----------
( 2 ) غريب الحديث 2 : 145 ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
-----------
( 3 ) نهج البلاغة 1 : 198 ، من الخطبة رقم 103 .
-----------
( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 7 : 109 ، و ابن ميثم ( الطبع الحجري ) : 156 ، هكذا .
-----------
( 5 ) نهج البلاغة 1 : 198 ، من الخطبة رقم 103 .
-----------
( 6 ) شرح ابن أبي الحديد 7 : 109 ، و ابن ميثم ( الطبع الحجري ) : 156 ، هكذا .
[ 201 ]
قال : الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شيء 1 .
« ان شهد لم يعرف و ان غاب لم يفتقد » هو تفسير للمراد من « النومة » .
و عن الصادق عليه السّلام : طوبى لعبد نومة ، عرف الناس فصاحبهم ببدنه و لم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه ، فعرفهم في الظاهر و لم يعرفوه في الباطن .
« أولئك مصابيح الهدى » المصباح : السراج . « و أعلام السرى » في ( النهاية ) :
في حديث جابر قال له : ما السّرى يا جابر ؟ أي : ما أوجب مجيئك في هذا الوقت « السرى » : السير بالليل 2 .
« ليسوا بالمساييح » في ( النهاية ) : في الخبر « لا سياحة في الاسلام » ساح في الأرض يسيح سياحة : إذا ذهب فيها ، و أصله من السيح ، و هو الماء الجاري المنبسط على الأرض ، أراد مفارقة الأمصار ، و قيل أراد الذين يسيحون في الأرض بالشرّ و النميمة و الإفساد بين الناس ، و منه حديث عليّ عليه السّلام « ليسوا بالمساييح البذر » أي : الذين يسعون بالشرّ و النميمة ، و قيل : هو من التسييح في الثوب ، و هو أن يكون فيه خطوط مختلفة 3 .
« و المذاييع البذر » في ( النهاية ) في ذاع : في حديث عليّ عليه السّلام في وصف الأولياء « ليسوا بالمذاييع البذر » المذاييع جمع مذياع من أذاع الشيء إذا أفشاه ، و قيل أراد الذين يشيعون الفواحش ، و هو بناء مبالغة . و في « بذر » في حديث فاطمة عليها السّلام عند وفاة النبيّ قالت لعائشة : « إني إذن لبذرة » البذر الذي يفشي السرّ و يظهر ما يسمعه ، و منه حديث عليّ عليه السّلام « ليسوا بالمذاييع البذر » جمع بذور ، و يقال : بذرت الكلام بين الناس
-----------
( 1 ) النهاية 5 : 131 ، ( نوم ) .
-----------
( 2 ) النهاية 2 : 364 ، ( سرى ) .
-----------
( 3 ) النهاية 2 : 432 ، ( يسح ) .
[ 202 ]
كما تبذر الحبوب » أي : أفشيته و فرّقته 1 .
و في ( الكافي ) عن الباقر عليه السّلام قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : يا معشر من أسلم بلسانه و لم يسلم بقلبه لا تتّبعوا عثرات المؤمنين ، فإنه من تتبّع عثرات المسلمين تتبّع اللّه عثراته ، و من تتبّع اللّه عثراته يفضحه 2 .
« أولئك يفتح اللّه لهم أبواب رحمته ، و يكشف عنهم ضرّاء نقمته » في ( الكافي ) عن الباقر عليه السّلام : إن اللّه ليدفع بالمؤمن من الواحد عن القرية الفناء .
و عن الصادق عليه السّلام : قيل له إذا نزل العذاب بقوم يصيب المؤمنين ؟ قال : نعم و لكن يخلصون بعده 3 .
« أيها الناس سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الاسلام كما يكفأ الإناء بما فيه » في ( النهاية ) : في الحديث « لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفىء ما في إنائها » هو تفتعل من « كفأت القدر » إذا كببتها لتفرغ ما فيها ، يقال « كفأت الإناء و أكفأته » إذا كببته و إذا أملته . و هذا تمثيل لإمالة الضرّة حقّ صاحبتها من زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها 4 .
« أيها الناس إنّ اللّه » هكذا في ( المصرية ) 5 و الصواب : ( ان اللّه تعالى ) كما في الثلاثة 6 « قد أعاذكم من أن يجور عليكم » و ما ربك بظلام للعبيد 7 ، إنّ اللّه لا يظلم الناس شيئا و لكنّ الناس أنفسهم يظلمون 8 ، و ما أصابكم من
-----------
( 1 ) النهاية 2 : 174 و 1 : 110 .
-----------
( 2 ) الكافي 2 : 355 ، 4 .
-----------
( 3 ) الكافي 2 : 247 ، 1 و 3 .
-----------
( 4 ) نهج البلاغة 1 : 198 ، من الخطبة رقم 103 .
-----------
( 5 ) النهاية 4 : 182 ، ( كفأ ) .
-----------
( 6 ) شرح ابن أبي الحديد 7 : 110 ، و ابن ميثم ( الطبع الحجري ) : 156 ، هكذا .
-----------
( 7 ) فصلت : 46 .
-----------
( 8 ) يونس : 44 .
[ 203 ]
مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير 1 .
« و لم يعذكم من أن يبتليكم » أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا و هم لا يفتنون . و لقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الذين صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين 2 .
« و قد قال جل من قائل : إنّ في ذلك لآيات و إن كنّا لمبتلين 3 » و الآية التي ذكرها عليه السّلام في سورة المؤمنون و الآية بعد ذكر قصة نوح . فقوله تعالى : ان في ذلك إشارة إلى ما ذكر في قصة نوح ، قال تعالى : خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا 4 و بلوناهم بالحسنات و السيّئات لعلّهم يرجعون 5 .
« قال الشريف » هكذا في ( المصرية ) 6 و ليس في ( الخطية المصححة ) أصلا و بدله ( ابن أبي الحديد ) بقول : « قال الرضي » و لعله إنشاء منه 7 .
( قوله عليه السّلام « و كل مؤمن نومة » أراد به الخامل الذكر القليل الشر ) لو قيل « الذي لا يعرف الشر » كان أحسن .
( و المساييح : جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم ) قد عرفت أن الأصل فيه سيح الماء أو تسييح الثوب .
( و البذر : جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه و يلغو منطقه ) قال ابن أبي
-----------
( 1 ) الشورى : 30 .
-----------
( 2 ) العنكبوت : 2 و 3 .
-----------
( 3 ) المؤمنون : 30 .
-----------
( 4 ) الملك : 2 .
-----------
( 5 ) الاعراف : 168 .
-----------
( 6 ) نهج البلاغة 1 : 198 ، من الخطبة رقم 103 .
-----------
( 7 ) شرح ابن أبي الحديد 7 : 110 .
[ 204 ]
الحديد : بذور كصبور الّذي يذيع الأسرار ، و ليس كما قال الرضي 1 .
قلت : قد عرفت أنه من « بذرت الكلام كما تبذر الحبوب » ، و حينئذ فما قاله المصنف ليس بذلك البعد . هذا و لو كان المصنف نقل هذا في فصل غريبه كان أنسب .