الخطبة ( 136 ) و من كلام له عليه السّلام :
لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً وَ لَيْسَ أَمْرِي وَ أَمْرُكُمْ وَاحِداً إِنِّي أُرِيدُكُمْ لِلَّهِ وَ أَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَأُنْصِفَنَّ اَلْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ وَ لَأَقُودَنَّ اَلظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ اَلْحَقِّ وَ إِنْ كَانَ كَارِهاً أقول : الأصل في هذا الكلام ما رواه ( الإرشاد ) : عن الشعبي عنه عليه السّلام حين تخلّف ابن عمر و سعد و أسامة و حسان و محمّد بن مسلمة عن بيعته ،
فقال الشعبي : لمّا توقف هؤلاء عن بيعته ، حمد اللّه و أثنى عليه ثم قال : أيّها النّاس إنّكم بايعتموني على ما بويع عليه من كان من قبلي ، و إنّما الخيار للناس 3 قبل أن يبايعوا ، فإذا بايعوا فلا خيار لهم ، و إنّ على الإمام الاستقامة و على الرعية التسليم ، و هذه بيعة عامّة من رغب عنها رغب عن دين الإسلام و اتّبع غير سبيل أهله ، و لم تكن بيعتكم إيّاي فلتة ، و ليس أمري و أمركم واحدا ،
و إنّي اريدكم للّه و أنتم تريدونني لأنفسكم ، و ايم اللّه لأنصحن للخصم
-----------
( 1 ) نهج البلاغة 2 : 211 ، شرح ابن أبي الحديد 11 : 8 ، شرح ابن ميثم 4 : 10 .
-----------
( 2 ) مضت آنفا .
-----------
( 3 ) قال العلاّمة المجلسي رحمه اللّه في البحار 32 : 33 ما لفظه : « إنّما الخيار » أي : بزعمكم و على ما تدّعون من ابتناء الأمر على البيعة .
[ 550 ]
و لأنصفن للمظلوم ، و قد بلغني عن سعد و ابن مسلمة و اسامة و عبد اللّه و حسّان امور كرهتها ، و الحقّ بيني و بينهم 1 .
و ما رواه الدينوري مرفوعا قال : لمّا قتل عثمان بقي النّاس ثلاثة أيّام بلا إمام ، و كان الذي يصلّي بالناس الغافقي ، ثم بايع النّاس عليّا عليه السّلام فقال : أيّها النّاس بايعتموني على ما بويع عليه من كان قبلي ، و إنّما الخيار قبل أن تقع البيعة ، فإذا وقعت فلا خيار ، و إنّما عليّ الاستقامة و على الرعية التسليم ، و إنّ هذه بيعة عامّة من ردّها رغب عن دين الإسلام و إنّها لم تكن فلتة 2 .
« لم تكن بيعتكم إيّاي فلتة » كما كانت بيعة أبي بكر ، كما صرّح به عمر .
ففي ( تاريخ اليعقوبي ) : استأذن قوم من قريش عمر في الخروج للجهاد فقال : قد تقدّم لكم مع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّي آخذ بحلاقيم قريش على أفواه هذه الحرّة ،
لا يخرجوا فيسللوا بالناس يمينا و شمالا . فقال له عبد الرحمن بن عوف : و لم تمنعنا من الجهاد ؟ فقال : لأن أسكت عنك فلا اجيبك خير لك من أن أجيبك .
ثم اندفع يحدّث عن أبي بكر حتّى قال : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرّها ، فمن عاد لمثلها فاقتلوه 3 .
و في ( الطبري ) : عن ابن عباس قال : حججنا مع عمر و إنّي لفي منزلي بمنى إذ جاءني عبد الرحمن بن عوف فقال : شهدت اليوم عمر و قام إليه رجل فقال : إنّي سمعت فلانا يقول : لو قد مات عمر لبايعت فلانا فقال عمر : إنّي لقائم العشيّة في النّاس احذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا النّاس أمرهم . فقلت له : إنّ الموسم يجمع رعاع النّاس و غوغاءهم ، و هم الذين يقربون من مجلسك و يغلبون عليه ، و أخاف أن تقول مقالة لا يعونها و لا
-----------
( 1 ) الإرشاد 1 : 243 244 ، بحار الأنوار 32 : 33 .
-----------
( 2 ) الأخبار الطّوال : 140 .
-----------
( 3 ) تاريخ اليعقوبي 2 : 157 158 .
[ 551 ]
يحفظونها فيطيروا ، و لكن امهل حتّى تقدم المدينة و تخلص بأصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فتقول فيعوا مقالتك . فقال : و اللّه لأقومن بها أوّل مقام أقومه بالمدينة .
قال ابن عباس : فلمّا قدمنا المدينة و جاء يوم الجمعة ، هجرت للحديث الذي حدثنيه عبد الرحمن إلى أن قال فقال عمر على المنبر : بلغني أن قائلا منكم يقول : لو قد مات عمر بايعت فلانا ، فلا يغرنّ امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، فقد كانت كذلك ، غير أن اللّه وقى شرّها ، و ليس فيكم من يقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر . و أنّه كان من خبره حين توفي النبيّ أنّ عليّا و الزبير و من معهما تخلفوا عنّا في بيت فاطمة ، و تخلّفت عنّا الأنصار بأسرها . . . 1 .
و قال الجاحظ : إنّ الرجل الذي قال : ( لو مات عمر لبايعت فلانا ) كان عمّار بن ياسر فإنّه قال : لو قد مات عمر لبايعت عليّا عليه السّلام 2 .
و روى ابن الهيثم بن عدي في كتابه كما نقل الفضل بن شاذان في ( إيضاحه ) و المرتضى في ( شافيه ) و الهيثم من مصنّفيهم كما ذكره المسعودي في أوّل ( مروجه ) 3 عن عبد اللّه بن عباس الهمداني ، عن سعيد بن جبير عن أبن عمر في خبر قال : أشهد أنّي كنت عند أبي يوما و قد أمرني أن أحبس النّاس عنه ، فاستأذن عليه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال أبي : دويبة سوء و لهو خير من أبيه . فأوحشني ذلك منه فقلت : يا أبة عبد الرحمن خير من أبيه ؟ فقال : و من ليس بخير من أبيه لا أمّ لك ايذن له . فدخل فكلّمه في الحطيئة و قد كان عمر حبسه في شعر قاله فقال له عمر إنّ في الحطيئة أودا فدعني اقوّمه بطول حبسه ، فألحّ عبد الرحمن عليه و أبى هو ، فخرج عبد الرحمن فأقبل
-----------
( 1 ) تاريخ الطبريّ 3 : 203 205 ، سنة 11 ، و النقل بتلخيص .
-----------
( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 2 : 25 .
-----------
( 3 ) مروج الذهب 1 : 71 .
[ 552 ]
عليّ أبي و قال : أ في غفلة أنت إلى يومك هذا عمّا كان من تقدم احيمق بني تيم عليّ و ظلمه لي ؟ فقلت : لا علم لي بذلك ، قال : فما عسيت يا بنيّ أن تعلم ؟ فقلت له :
و اللّه أحب إلى النّاس من ضياء أبصارهم ، قال : إنّ ذلك لكذلك على رغم أبيك ،
قلت : أ فلا تجلي عن فعله بموقف في النّاس تبيّن ذلك لهم ؟ قال : فكيف لي بذلك مع ما ذكرت إذا يرضخ رأس أبيك بالجندل . قال : ثمّ تجاسر و اللّه فما دارت الجمعة حتى قام خطيبا فقال : أيّها النّاس إنّ بيعة أبي بكر كانت فلتة ، وقى اللّه شرّها ، فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه 1 .
و عن مجالد بن سعيد قال : غدوت يوما إلى الشعبيّ إذ أقبل رجل من الأزد فجلس إلينا ، فأخذ الأزدي في ذكر أبي بكر و عمر ، فضحك الشعبي و قال :
لقد كان في صدر عمر ضبّ 2 على أبي بكر إلى أن قال بعد ذكر استغراب الأزدي لذلك فقال الشعبي له : فكيف تصنع بالفلتة التي وقى اللّه شرها ، أ ترى عدوّا يقول في عدوّ يريد ان يهدم ما بنى لنفسه في النّاس ، أكثر من قول عمر في أبي بكر ؟ فقال الأزدي : سبحان اللّه أنت تقول ذلك ؟ فقال : أنا أقوله قاله عمر على رؤس الأشهاد ، فلم أدعه . . . 3 .
و المفهوم من سوق الكلام و مقتضى المقام أنّ عمر كان ينكر أن يعقد إمامة ببيعة النّاس ، كما صنعت لأبي بكر و اعتقاده أنّ الامامة انّما يجب أن تكون إمّا بنص مفصل كما نصّ أبو بكر عليه ، أو مجمل كما صنع هو لعثمان .
و امّا من دعا النّاس إلى بيعته كما أرادت قريش طلحة و الزبير و غيرهما في أيّامه أن يخرجوا من المدينة باسم الجهاد ، و كما خرج طلحة و الزبير في أيّام أمير المؤمنين عليه السّلام باسم العمرة إلى مكة ، و يدعو النّاس إلى
-----------
( 1 ) الإيضاح : 135 138 ، الشافي 4 : 126 129 ، الصراط المستقيم 3 : 302 ، و النقل بتصرّف و تلخيص .
-----------
( 2 ) الضبّ : الحقد ، نقول : أضبّ فلان على غلّ في قلبه ، أي أضمره . الصحاح 1 : 167 ، مادة : ( ضبب ) .
-----------
( 3 ) الإيضاح : 139 140 ، الشافي 4 : 126 129 ، و النقل بتصرّف .
[ 553 ]
بيعتهم كأبي بكر و يدل على ذلك قول ابن عوف له في رواية اليعقوبي 1 : لم تمنعنا من الجهاد ؟ و جواب عمر له : لا اجيبك خير لك ، و كما أراد عمّار في رواية الطبري 2 دعوة النّاس بعد موت عمر إلى أمير المؤمنين ، لعدم جرأته على ذلك في أيّام عمر فهو عند عمر أمر منكر ذو مفاسد كثيرة ، و إنّما كانت بيعة النّاس لأبي بكر كذلك فلتة و تصادفا و اتفاقا سلموا من عواقبها بأمور :
الأوّل : اجتماع الأنصار لمّا رأوا طمع قريش في الإمارة عليهم بمنعهم نبيّهم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن الوصيّة ، و تخلفهم عن جيش أكّد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بتجهيزه حتى لعن المتخلّف عنه فقالوا : لمّا رأوا ذلك إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لبث بضع عشرة سنة في قريش بمكّة فما آمن به أكثرهم ، و من آمن به منهم ما قدروا أن يمنعوه عن أعدائه ، و انّما استقامت العرب له طوعا و كرها بنصر الأنصار له ، فهم أولى بسلطانه من قريش الطامعين .
و الثاني : أنّ سعد بن عبادة رئيسهم كان مريضا ، فقال لابنه قيس : إنّي لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلّهم كلامي ، فكان يتكلّم سعد و يحفظ ابنه قوله و يسمعه النّاس 3 ، و لذا قال سعد لعمر لمّا قال اقتلوا سعدا : أما و اللّه لو أن لي بكم قوّة أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطارها و سككها زئيرا يحجرك و أصحابك ، و إذن لألحقنّك و اللّه بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع 4 .
و الثالث : أنّ بشير بن سعد الخزرجي ابن عمّ سعد بن عبادة حسده أن يصير أميرا ، فبادر إلى بيعة أبي بكر قبل الجميع حتّى قبل عمر ، فقال له الحبّاب بن المنذر : عققت عقاق أنفست على ابن عمّك الإمارة 5 .
-----------
( 1 ) تاريخ اليعقوبي 2 : 157 158 .
-----------
( 2 ) تاريخ الطبريّ 3 : 205 ، سنة 11 .
-----------
( 3 ) تاريخ الطبريّ 3 : 218 ، سنة 11 ، شرح ابن أبي الحديد 6 : 5 .
-----------
( 4 ) تاريخ الطبريّ 3 : 221 ، سنة 11 .
-----------
( 5 ) تاريخ الطبريّ 3 : 221 ، سنة 11 ، الإمامة و السياسة 1 : 9 .
[ 554 ]
و الرابع : أنّ الأوس كانوا منافسين للخزرج في الجاهليّة و الإسلام ،
فاغتنموا الفرصة لمّا رأوا عمل بشير ابن عم سعد معه ، فقال اسيد بن حضير رئيس الأوس لهم : و اللّه لئن وليتها الخزرج عليكم مرّة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ، و لا جعلوا لكم معهم فيها نصيبا أبدا ، فقوموا فبايعوا أبا بكر فقاموا إليه فبايعوه ، فانكسر على سعد و الخزرج ما كانوا أجمعوا من أمرهم 1 .
و الخامس : أن أمير المؤمنين عليه السّلام و بني هاشم كانوا مشتغلين بتجهيز النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و لم يحضر أحد منهم السقيفة ، و لو حضروا كيف يعقل أن يحاجّ أبو بكر مع الأنصار و يقول لهم في مقابل نصرتهم له : إنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمّا بعث عظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخصّ اللّه المهاجرين الأوّلين من قومه بتصديقه ، و المواساة له ، و الصبر معه على شدّة أذى قومه و تكذيبهم له ؟
و كيف يمكن لعمر أن يقول لهم : و اللّه لا ترضى العرب أن يؤمروكم و نبيّها من غيركم ، و لكن العرب لا تمتنع أن تولّي أمرها من كانت النبوّة فيهم ،
و من ذا ينازعنا سلطان محمّد و إمارته و نحن أولياؤه و عشيرته إلاّ مدل بباطل 2 .
فلمّا أخرجوا أمير المؤمنين عليه السّلام بعد قهرا إلى بيعتهم قال عليه السّلام لهم : لا ابايعكم و أنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و تأخذوه منّا أهل البيت غصبا ، ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم ، لمّا كان محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منكم ؟ فأعطوكم المقادة و سلّموا إليكم الإمارة ، فإذن أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار ، نحن أولى برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيّا و ميّتا ، فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ،
و إلاّ فبوؤا بالظلم و أنتم تعلمون . و حتّى إنّ بشير بن سعد الذي كان أوّل من
-----------
( 1 ) المصدر نفسه 3 : 221 222 ، سنة 11 .
-----------
( 2 ) الإمامة و السياسة 1 : 7 8 .
[ 555 ]
بايع أبا بكر ، حتّى قبل عمر ، لمّا سمعه عليه السّلام قال لأبي بكر و عمر نحن أحقّ بهذا الأمر لأنّا أهل البيت إلى آخر ما مر قال له عليه السّلام : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا عليّ قبل بيعتها لأبي بكر ، ما اختلفت عليك ، فقال عليه السّلام له : أفكنت أدع الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في بيته لم أدفنه و أخرج انازع بسلطانه .
و كذلك لمّا كان عليه السّلام يخرج بفاطمة ليلا إتماما للحجّة لسؤال الأنصار النصرة ، كانوا يقولون لها : يا بنت رسول اللّه قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، و لو أنّ زوجك و ابن عمّك سبق قبل أبي بكر ما عدلنا عنه ، فتقول عليها السّلام لهم : ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، و لقد صنعوا ما اللّه حسيبهم 1 .
و لمّا دعا عمر بالحطب و قال : و الذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنها على من فيها ، وقفت فاطمة عليها السّلام على بابها و قالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جنازة بين أيدينا و قطعتم أمركم بينكم 2 .
و السادس : أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان وتر قريش ، فلم يرضوا أن ينتقل الأمر إليه عليه السّلام ، و لم يكن فيهم أنفسهم من يتصديه بشخصه لكون أكثرهم من الطلقاء و المؤلفة ، و كون إسلام أبي بكر أقدم من إسلامهم حتّى من إسلام عمر ، و كونه ذا سياسة زائدة مع طبيعة لينة ، و صيرورة مصاحبته للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الغار سببا لاشتهاره و مستمسكا للتلبيس به على العامّة ، و كون بنته عايشة التي لم تكن في السياسة و الجلارة دون أبيها في بيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ،
و بواسطتها زيد على مصاحبة غاره أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له بالصلاة في مرض موته ، و بهما تمسّك عمر في تقديمه . و قد وصف عمر بغض قريش له عليه السّلام كبغض الثور لجازره ، فقال يوما لابن عباس : أنتم أهل النبيّ و بنو عمّه فما
-----------
( 1 ) المصدر نفسه 1 : 12 .
-----------
( 2 ) المصدر نفسه .
[ 556 ]
تقول منع قومكم عنكم ؟ قال : لا أدري و اللّه ما أضمرنا لهم إلاّ خيرا ، قال : اللهمّ غفرا ان قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة و الخلافة ، فتذهبوا في السماء شمخا و بذخا ، و لعلكم تقولون إنّ أبا بكر كان أوّل من أخّركم ، أما إنّه لم يقصد ذلك و لكن حضر أمر لم يكن بحضرته أحزم مما فعل ، و لو لا رأي أبي بكر فيّ لجعل لكم من الأمر نصيبا ، و لو فعل ما هناكم مع قومكم أنّهم ينظرون إليكم نظر الثور إلى جازره .
و السابع : أنّ قريشا كانوا أهل دنيا ، و كانوا يريدون الإمارة و السلطنة ،
و كانوا علموا أنّه إن تصدّى أمير المؤمنين عليه السّلام للأمر لم يجعله إلاّ في المعصومين من عترته ، فجعلوه في أبي بكر و هو نظيرهم ليردّه إليهم ،
و ليكون لهم به سبب يدعونه ، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام في كتاب كتبه ليقرأ على النّاس لمّا سألوه عن الثلاثة و قد رواه ابن قتيبة و الثقفي و غيرهما :
و جعلني عمر سادس ستّة فما كانوا لولاية أحد منهم بأكره منهم لولايتي ،
لأنّهم كانوا يسمعونني و أنا احاج أبا بكر و أقول : يا معشر قريش أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ما كان منّا من يقرأ القرآن و يعرف السنّة ، فخشوا إن وليت عليهم ألا يكون لهم في هذا الأمر نصيب ، فتابعوا إجماع رجل واحد حتّى صرفوا الأمر منّي لعثمان ، فأخرجوني منها رجاء أن يتداولوها حين يئسوا أن ينالوها ، ثمّ قالوا لي : هلم فبايع و إلاّ جاهدناك . فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا . . . 1 .
و رووا عن جندب خبرا طويلا و أنّه عليه السّلام قال لجندب لمّا قال له عليه السّلام : ادع النّاس إلى نفسك : لا يجيبني من المائة واحد ، سأخبرك أنّ النّاس إنّما ينظرون إلى قريش فيقولون هم قوم محمّد و قبيلته ، و أما قريش في ما بينها
-----------
( 1 ) الإمامة و السياسة 1 : 155 ، الغارات للثقفيّ 1 : 307 308 .
[ 557 ]
فيقولون إنّ آل محمّد يرون لهم على النّاس بنبوّته فضلا ، يرون أنّهم أولياء هذا الأمر دون قريش و دون غيرهم من النّاس ، و أنّهم إن ولّوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا ، و متى كان في غيرهم تداولته قريش بينها ، لا و اللّه لا يدفع النّاس هذا الأمر إلينا طائعين أبدا . . . 1 .
و الثامن : أن معين أبي بكر كان مثل عمر تلك الحوزة الخشناء ، التي يغلظ كلمها ، و يخشن مسّها ، و لولاه لمّا تم الأمر له ، و قد صرّح النظام بأن عمر هو الذي جعل أبا بكر خليفة . فتارة كان عمر يخاصم الحباب بن المنذر بأنّه من ينازعنا سلطان محمّد و نحن عشيرته ، و اخرى يقول : اقتلوا سعدا قتله اللّه .
و يقوم على رأسه و يقول : لقد هممت أن أطأك حتى يندر عصوك ، و اخرى يقول في الزبير لمّا خرج بالسيف من عند بني هاشم : عليكم بالرجل فخذوه .
فوثبوا عليه و أخذوا السيف منه ، و انطلقوا به فبايع . و يدعو بالحطب على باب أهل البيت و يقول : و الذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنّها ، فقيل له إنّ فيها فاطمة . فقال : و إن ، فخرج الهاشميون غيره عليه السّلام فبايعوا . و اخرى يقول لأبي بكر مرة بعد مرة : ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة يعني أمير المؤمنين عليه السّلام فيرسل أبو بكر قنفذا بأنّ خليفة النبيّ يدعوك فيقول عليه السّلام :
سريعا كذب على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، فيجيء عمر بنفسه مع جماعة إلى الباب . و مع أنّ فاطمة عليها السّلام تصيح : يا أبه يا رسول اللّه ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطاب و ابن أبي قحافة فانصرف عدّة منهم لأنّ قلوبهم كادت تتصدّع و أكبادهم تتفطّر من بكاء فاطمة عليها السّلام و كلامها لم يكترث عمر بذلك و بقي مع عدّة حتّى أخرج أمير المؤمنين عليه السّلام و مضى به إلى أبي بكر و يقول له عليه السّلام : إن لم تبايع و اللّه الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك ، و كان عليه السّلام يصيح مخاطبا للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم : يا
-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 9 : 57 58 .
[ 558 ]
ابن ام ان القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني . . . 1 فلم يخلّه حتّى أخذ منه البيعة .
و اخرى يقول للعبّاس لمّا قال هو و أبو بكر له بإشارة المغيرة عليهما ،
أن يجعلا له سهما في الأمر فيضعف عليّ لكون العباس عم النبيّ إي و اللّه و اخرى إنّا لم نأتكم حاجة منّا إليكم ، و لكنّا كرهنا أن يكون الطعن منكم في ما اجتمع عليه العامّة ، فيتفاقم الخطب بكم و بهم فانظروا لأنفسكم .
و أيضا لمّا قدم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و قد كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ولاّه المدينة لم يبايع كما في ( سقيفة الجوهري ) أبا بكر أيّاما ، ثم أتى بني هاشم و قال : أنتم الظهر و البطن و الشعار دون الدثار و العصا دون اللحا إلى أن قال : فولاّه أبو بكر الجند الذي استنفرهم إلى الشام ، فقال عمر لأبي بكر : أتولّي خالدا و قد حبست عليك بيعتة . و قال لبني هاشم ما قال ، ما أرى أن توليه و ما آمن خلافه ، فولّى أبو بكر أبا عبيدة و يزيد بن أبي سفيان و شرحبيل بن حسنة و انصرف عن خالد 2 .
ثم ما ذكرنا من ميل قريش إلى أبي بكر رغبة عن أمير المؤمنين عليه السّلام ،
و قيام عمر بتلك الامور لإتمام بيعة أبي بكر ، هو معنى قول عمر في خطبته في الفلتة : ( و ليس منكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ) ، إلاّ أنّك عرفت الحقيقة و أنّ قطع الأعناق إلى أبي بكر لبيعته ، كان على أنحاء منها : تسابق عمر و أبي عبيدة للبيعة لتواطئهما معه بردّها اليهما ، و منها سبقة بشير بن سعد حسدا لابن عمّه سعد بن عبادة أن ينال الإمارة ثمّ جميع الأوس حسدا أن ينالها خزرجي ، ثم بيعة باقي طوائف قريش من مخزوم و زهرة و اميّة و غيرهم طمعا أن ينالوها بواسطته ، و ثمّ بيعة بني هاشم بإحراق البيت و ضرب
-----------
( 1 ) الأعراف : 150 .
-----------
( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 2 : 58 59 ، السقيفة للجوهريّ : 52 53 .
[ 559 ]
الأعناق لو لم يبايعوا و باقي النّاس بالإكراه .
فرووا عن البراء بن عازب في خبر قال : و إذا قائل يقول : القوم في سقيفة بني ساعدة ، و إذا قائل آخر يقول : قد بويع أبو بكر . فلم ألبث و إذ أنا بأبي بكر قد أقبل و معه عمر و أبو عبيدة و جماعة من أصحاب السقيفة ، و هم محتجزون بالأزر الصنعائيّة لا يمرّون بأحد إلاّ خبطوه ، و قدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أنكر . . . 1 .
ثم بيعة أمير المؤمنين لم تكن محتاجة إلى قطع الأعناق إليه ، بل كانت الأعناق تتقطّع دونها ، فتداكّوا عليه تداك الإبل الهيم يوم ورودها ، قد أرسلها راعيها و خلعت مثانيها ، و أقبلوا إليه إقبال العوذ المطافيل على ولدها ، حتّى كاد أن يقتل بعضهم بعضا ، و حتّى شق عطفاه و حتى وطىء الحسنان عليهما السّلام و كان يقبض يده فيبسطوها ، و يكفها فيجاذبوها بدون غرض نفساني ، بل و كان يقبض يده فيبسطوها ، و يكفها يجاذبوها بدون غرض نفساني ، بل لكونه أقرب النّاس إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حيّا و ميّتا ، و أعلم النّاس بكتابه و سنّته ، و سوابقه التي لم يشاركه فيها أحد .
ثمّ إنّ عمر و إن قال في خطبته : « فمن عاد إلى مثل بيعة أبي بكر فاقتلوه » 2 ، و أراد بذلك أن تبقى الخلافة فيهم و لا تنتقل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام ، فيتداولونها بينهم من يد إلى يد ككرة اللعب فقد عرفت أنّه خطب بما خطب لمّا سمع ان عمّارا قال أنه يبايع عليّا عليه السّلام إن مات عمر إلاّ ان النّاس لمّا رأوا أن من عيّنه عمر في شوراه و هو عثمان ، سار فيهم بما سار ،
خافوا أن يسير باقي أهل شوراه حقيقة ( طلحة و الزبير و سعد ) بما عاملهم به عثمان ، فبادروا إلى أمير المؤمنين عليه السّلام بتلك الكيفيّة ، و قد كان عمّار قال لهم :
رأيتم سيرة عثمان بالأمس ، فإن لم تنظروا لأنفسكم تقعون في مثله ، فخاب
-----------
( 1 ) شرح ابن أبي الحديد 1 : 219 .
-----------
( 2 ) الإيضاح : 135 138 ، الشافي 4 : 126 129 .
[ 560 ]
أمل عمر و بطل ما دبّر في مدة ، لكن آل الأمر إلى انقطاعه بقيام طلحة و الزبير ،
لكونهما من شورى عمر ، ثمّ قيام معاوية لكونه والي عمر و لقد كان عمر يتأوّه شديدا حيث يفكّر و يدبّر ألا يدع يرجع الأمر إليه عليه السّلام يوما ، فيحصل له بسط يد فيوضح الأمر للناس ، و يحصل له شيعة فرأى أن ذلك لا يحصل له بتمامه ، فكان يتمنّى تارة حياة أبي عبيدة الذي كان أبو بكر يقول للناس :
« بايعوا عمر أو أبا عبيدة » و هما يقولان : « كيف نقدمك » ، و اخرى حياة سالم مولى أبي حذيفة ، و هو من أعوانه و أعوان صاحبه يوم السقيفة .
ثم إنّ من المضحك أن سيف بن عمر الذي طريق الطبري الغالبي إليه ( السري عن شعيب عنه ) و طريقه النادر ( عبيد اللّه عن عمر عنه ) أنكر المتواتر من عدم بيعة سعد بن عبادة مع أبي بكر فقال ببيعته ، و أنّ الفلتة تأمّل سعد أوّلا فقال : لمّا قام الحبّاب و انتضى سيفه ، حامله عمر فضرب يده فندر السيف فأخذه ، و وثبوا على سعد و تتابع القوم على البيعة ، و بايع سعد و كانت فلتة كفلتات الجاهلية ، قام أبو بكر دونها 1 .
و كيف أراد سيف ستر كون بيعة أبي بكر فلتة و قد ضرب بها المثل ؟
ففي ( أدباء الحموي ) : انفلت ليلة في مجلس الصاحب بن عباد صوت من بعض الحاضرين ، و الصاحب في الجدل فقال : كانت بيعة أبي بكر فخذوا في ما أنتم فيه 2 .
قوله عليه السّلام في رواية ( أخبار طوال ) أبي حنيفة الدينوري و ( إرشاد ) المفيد : و إنّ هذه بيعة عامّة من ردّها أو ( من رغب عنها ) رغب عن دين الإسلام 3 .
-----------
( 1 ) تاريخ الطبريّ 3 : 223 ، سنة 11 .
-----------
( 2 ) معجم الأدباء 6 : 217 .
-----------
( 3 ) الأخبار الطوال : 140 ، الإرشاد 1 : 243 .
[ 561 ]
قال عليه السّلام ذلك لأنّها كانت بمنزلة بيعة الأنصار للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة العقبة ،
و بيعة المؤمنين له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تحت الشجرة .
و قال اليعقوبي : لمّا بايعوا عليّا عليه السّلام قام عقبة بن عمرو فقال : من له يوم كبيعة الرضوان و الإمام الهدى الذي لا يخاف جوره ، و العالم الذي لا يخاف جهله 1 .
هذا و في ( تذكرة ) سبط ابن الجوزي : ذكر صاحب كتاب ( عقلاء المجانين ) ، عن أبي هذيل العلاف قال : سافرت مع المأمون إلى الرقة فبينا أنا أسير في الفرات إذ مررنا بدير فيه مجنون يتكلّم بالحكمة إلى أن قال : قال أبو الهذيل قال ذاك المجنون لي : أخبرني عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هل أوصى ؟ قلت : لا .
قال : فكيف ولّي أبو بكر مجلسه من غير وصيّة ؟ فقلت : اختاره المهاجرون و الأنصار و رضي به النّاس ، فقال : كيف اختاره المهاجرون و قد قال الزبير لا ابايع الاّ عليّا و كذا العباس ، و كيف اختاره الأنصار و قد قالوا : منّا أمير و منكم أمير و ولوا سعد بن عبادة و قال عمر اقتلوا سعدا قتله اللّه و كيف تقول رضي به النّاس و قد قال سلمان الفارسي ( كرديد نكرديد ) ، فوجئت عنقه ، و قال أبو سفيان لعليّ عليه السّلام : مد يدك ابايعك ، و ان شئت ملأتها خيلا و رجالا ، ثم قعد بنو هاشم عن بيعة أبي بكر ستة أشهر ، فأين الإجماع ؟ و لمّا قتل عثمان جاء المسلمون و الصحابة ارسالا إلى عليّ ليبايعوه ، فلم يفعل حتى قالوا : و اللّه لئن لم تفعل لنلحقنّك بعثمان ، فأخبرني أيما آكد من ضرب سعدا و وجاء عنق سلمان كمن جاء النّاس إليه يكرهونه على البيعة معه ؟ قال أبو الهذيل فلم أحر جوابا و سقط في يدي ، فحدثت المأمون حديثه فاستطرفه و بقي زمانا يستعيده منّي 2 .
-----------
( 1 ) تاريخ اليعقوبيّ 2 : 179 .
-----------
( 2 ) تذكرة الخواصّ : 60 62 ، و نقله الشارح بتصرّف .
[ 562 ]
« و ليس أمري و أمركم واحدا إنّي اريدكم للّه » في ( تاريخ اليعقوبي ) : لمّا بويع عليّ عليه السّلام قام صعصعة بن صوحان فقال له عليه السّلام : و اللّه لقد زينت الخلافة و ما زانتك ، و رفعتها و ما رفعتك ، و لهي إليك أحوج منك إليها .
و قام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقال له عليه السّلام : ما أصبنا لأمرنا هذا غيرك ، و لا كان المنقلب إلاّ إليك ، و لئن صدقنا أنفسنا فيك لأنت أقدم النّاس ايمانا ، و أعلم النّاس باللّه و أولى المؤمنين بالرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، لك ما لهم و ليس لهم ما لك .
و قام ثابت بن قيس خطيب الأنصار فقال له عليه السّلام : و اللّه لئن كانوا تقدموك في الولاية فما تقدموك في الدين ، و لقد كانوا و كنت لا يخفى موضعك و لا يجهل مكانك ، يحتاجون إليك فيما لا يعلمون و ما احتجت إلى أحد مع علمك .
و قام الأشتر فقال : أيّها النّاس هذا وصيّ الأوصياء ، و وارث علم الأنبياء ، العظيم البلاء ، الحسن العناء ، الذي شهد له كتاب اللّه بالإيمان ، و رسوله بجنّة الرضوان ، من كملت فيه الفضائل ، و لم يشك في سابقته و علمه و فضله الأواخر و الأوائل 1 .
« و أنتم تريدوني » هكذا في ( المصرية ) 2 ، و الصواب : ( تريدونني ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم 3 و الخطيّة ) .
« لأنفسكم » قال عمّار للناس قبل بيعتهم له عليه السّلام : أيّها النّاس رأيتم سيرة عثمان بالأمس ، فان لم تنظروا لأنفسكم تقعون في مثله .
« أيّها النّاس أعينوني على أنفسكم ، و ايم اللّه لأنصفن المظلوم من ظالمه »
-----------
( 1 ) تاريخ اليعقوبيّ 2 : 179 .
-----------
( 2 ) نهج البلاغة 2 : 26 .
-----------
( 3 ) كذا في شرح ابن أبي الحديد 9 : 31 ، و لكن في شرح ابن ميثم 3 : 164 « تريدوني » أيضا .
[ 563 ]
هكذا في ( المصرية ) 1 ، و الصواب : زيادة كلمة ( من ظالمه ) و كونها حاشية خلطت بالمتن ، لعدم وجودها في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) 2 .
« و لأقودن الظالم بخزامة » الخزامة : حلقة من شعر تجعل في وترة أنف البعير يشد بها الزمام قال الجوهري : و يقال لكل مثقوب مخزوم ، و الطير كلّها مخزومة لأن وترات انوفها مثقوبة 3 .
« حتّى اورده منهل » المنهل : موضع الورود على الماء .
« الحقّ و إن كان كارها » في ( تاريخ اليعقوبي ) : بايع النّاس عليّا عليه السّلام إلاّ ثلاثة من قريش ، مروان بن الحكم و سعيد بن العاص و الوليد بن عقبة و كان لسانهم فقال : يا هذا إنّك وترتنا جميعا أما أنا فقتلت أبي يوم بدر صبرا ، و أما سعيد فقتلت أباه يوم بدر حربا ، و أما مروان فشتمت أباه و عبت على عثمان حين ضمّه إليه ، فبايعنا على أن تضع عنّا ما أصبنا ، و تعفي لنا عمّا في أيدينا و تقتل قتلة صاحبنا . فغضب عليّ عليه السّلام و قال : أمّا ما ذكرت من وتري إيّاكم فالحقّ و تركم ، و أما قتلي قتلة عثمان ، فلو لزمني اليوم قتلهم لزمني غدا قتالهم ، و أما وضعي عنكم ما أصبتم ، فليس لي أن أضع حقّ اللّه ، و أمّا إعفائي عمّا في أيديكم فما كان للّه و للمسلمين فالعدل يسعكم 4 .