31

الحكمة ( 20 ) و قال عليه السّلام :

قُرِنَتِ اَلْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ وَ اَلْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ وَ اَلْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ اَلسَّحَابِ فَانْتَهِزُوا فُرَصَ اَلْخَيْرِ

-----------
( 1 ) راجع الهوامش ( 2 4 ) من الصفحة السابقة .

-----------
( 2 ) بحار الأنوار 18 : 98 .

-----------
( 3 ) بحار الأنوار 75 : 106 رواية 3 .

-----------
( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 18 : 101 .

[ 502 ]

أقول : و روى الشيخ في ( أماليه ) مسندا عن الرضا عليه السّلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : الهيبة خيبة و الفرصة خلصة و الحكمة ضالّة المؤمن فاطلبوها و لو عند المشرك تكونوا أحقّ بها و أهلها 1 .

و في ( الأغاني ) : قال دعبل : ما حسدت أحدا قط على شعر كما حسدت العتابي على قوله :

هيبة الإخوان قاطعة
لأخي الحاجات عن طلبه

فإذا ما هبت ذا أمل
مات ما أمّلت من سببه 2

قال ابن مهرويه : هذا سرقة العتابي من قول علي بن أبي طالب :

الهيبة مقرونة بالخيبة ، و الحياء مقرون بالحرمان ، و الفرصة تمرّ مرّ السّحاب .

حدّثني محمد بن داود عن محمد بن أبي الأزهر عن عيسى بن الحسن بن داود الجعفري عن أخيه عن علي بن أبي طالب بذلك 3 .

« قرنت الهيبة بالخيبة » قال ( ابن أبي الحديد ) : كانت العرب إذا أوفدت وافدا قالت له : إيّاك و الهيبة فإنّها خيبة ، و لا تبت عند ذنب الأمر و بت عند رأسه 4 . . . . و قال الشاعر :

من راقب الناس مات غمّا
و فاز باللذة الجسور 5

« و الحياء بالحرمان » في ( المعجم ) قال البلاذري : كانت بيني و بين عبيد اللَّه بن يحيى بن خاقان حرمة منذ أيام المتوكل ، و ما كنت أكلفه حاجة

-----------
( 1 ) أمالي الطوسي : 625 رقم 1290 ( بنياد بعثت ) .

-----------
( 2 ) ذكر التبيين ابن قتيبة في عيون الأخبار 3 : 120 .

-----------
( 3 ) الأغاني للأصفهاني 13 : 116 .

-----------
( 4 ) شرح ابن أبي الحديد 18 : 131 .

-----------
( 5 ) القائل هو سلم بن عمرو ، نهاية الأرب 3 : 81 .

[ 503 ]

لاستغنائي عنه ، فنالتني في أيّام المعتمد إضاقة ، فدخلت عليه و هو جالس للمظالم فشكوت إليه تأخّر رزقي و ثقل ديني و قلت : إنّ عيبا على الوزير حاجة مثلي في أيامه و غض طرفه عنّي . فوقّع لي بعض ما أردت و قال : إنّ حياءك المانع لك من الشكوى عن الاستبطاء . فقلت له : غرس البلوى يثمر الشكوى .

و انصرفت و كتبت إليه :

لحاني الوزير المرتضى في شكايتي
زمانا احّلت للجدوب محارمه

و قال لقد جاهرتني بملامة
و من لي بدهر كنت فيه اكاتمه

فقلت : حياء المرء ذي الدّين و التّقى
يقلّ إذا قلّت لديه دراهمه 1

و قال ( ابن أبي الحديد ) : قال الشاعر :

ليس للحاجات إلاّ
من له وجه وقاح

و لسان طرمذيّ
و غدوّ و رواح

فعليه السعي فيها
و على اللَّه النجاح 2

« و الفرصة تمرّ مرّ السحاب » قال ( ابن أبي الحديد ) : قال ابن المقفع : إنتهز الفرصة في إحراز المآثر ، و اغتنم الإمكان باصطناع الخير ، و لا تنتظر ما تعامل فتجازي عنه بمثله ، فإنّك إن عوملت بمكروه و اشتغلت ترصد المكافأة عنه قصر العمر بك عن اكتساب فائدة و اقتناء منقبة . . . 3 .

« فانتهزوا فرص الخير » أي : إغتنموها و لا تدعوها تفوت فتندموا .

-----------
( 1 ) معجم الأدباء لياقوت الحموي 5 : 100 في ترجمة أحمد بن يحيى البلاذري .

-----------
( 2 ) شرح ابن أبي الحديد 18 : 131 .

-----------
( 3 ) المصدر نفسه .

[ 504 ]