الصفحة اللاحقةالصفحة السابقة

شبكة الإمامين الحسنين (ع)للتراث الإسلامي

 

 

أدبُ

الأَمثال والحِكَم

 

 خمسمائة مثلٍ وحكمةٍ من الشعر العربي تماثل

خمسمائة قولٍ من أقوال الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)

  

تأليف

طالب السنجري

  


 (هويّة الكتاب)

 

المؤلّف : طالب السنجري

الناشر  : انتشارات الشريف الرضي ـ قم

عدد الصفحات : 136 صفحة وزيري

سنة الطبع : 1422هـ.ق. ـ 1380ش

الطبعة : الثانية

الطباعة : مؤسّسة الطبع التابعة للآستانة الرضويّة المقدّسة

السعر : 6500 ريال

عدد الطبوع : 1000 نسخة

 


 الصفحة 5

 

تصدير

 الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمّد بن عبد الله الذي أُوتي جوامع الكلم، وعلى أهل بيته الطيّبين الطاهرين الذين أُوتوا الحكمة وعلم الكتاب (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).

وبعد..

 تُعَدّ الأمثال السائرة والحِكَم الدائرة على الألسنة علامة تحكي لون حضارة كلّ أُمّة، وتعبّر عن مدى ارتباطها بالمعاني الإنسانيّة الموروثة، وتصف مضامين هذه المعاني ما تنطوي عليه من قيم وأهداف.

 إنّ العبارات الحِكَميّة التي جَرَت في حياة الناس، مَثَلاً يُذكر ويُستشَهد به.. إنّما هي خلاصة تجارب أجيال من الناس، صاغوها وبَلْوَروها من خلال حوادث الزمان ووقائع الأيّام.

فهي تستبطن ـ لذلك ـ نظرة أُمّة‌ إلى الحياة، ورأيها في تفصيلات الاجتماع ومظاهر الأخلاق, مُعبَّراً عن ذلك كلّه بأدوات لغويّة موصولة بوسائل حياة الناس وبأساليب عيشهم.

 وكان للعرب ـ كما للأُمم الأُخرى ـ نصيب وافر من الأمثال والعبارات التي تنطق بحكمة الحياة, صاغوها ـ في إطار المناخ الإسلاميّ ـ من خلال تجارب الحياة اليوميّة, ومن خلال الاستهداء برؤية الرجال الإلهيّين الكبار.

وحملت اللُّغة‌ـ شعراً ونثراً ـ ذخيرة


 الصفحة 6

 

واسعة من الأمثال والحكم عبر القرون، ونالت حظّاً من التداول اليوميّ في البيئات العلميّة وغير العلميّة.. كلّ بمقتضى ثقافته ونوع همومه ومنحى أهدافه.

 إنّ هذا التداول للمَثَل والاستشهاد بالحكمة فيما يستدعي ذلك من المناسبات ـ وهي كثيرة ـ لَيشير إلى ارتباطٍ بيّنٍ بالموروث, ويعني انتماءً إلى القيم المعرفيّة والأخلاقيّة التي صاغها عقلها وروحها المعنويّ.

 وقد امتاز المَثَل ـ شأنه في هذا شأن العبارة الحكميّة ‌ـ بالإيجاز والتركيز.

كما امتاز بالوضوح والبيان.. وبما يحمل من خبرة حياتيّة تمسّ الجوهر الإنسانيّ في الصّميم, ممّا يسهّل تداوله وتنقّله, ويجعله ميسوراً للحفظ والتذكّر والاستشهاد والفهم والتأثير.

 وحَفِظ الشعر العربيّ ـ وكان يُسمّى (ديوان العرب) ـ طائفة كبيرة من الصياغات المَثَليّة والحكميّة التي طالما ردّدتها الألسنة على طول التاريخ.

وعُنِي غير قليل من الشعراء بهذا الضرب من الشعر فأكثرَ مَن أكثر, وأقَلَّ منهم من أقَلّ.

 وعرف تاريخ الأدب العربيّ رجالاً عُنوا بالحكمة وصياغة المثل عناية  خاصّة, من أبرزهم زهيرُ بن أبي سُلمى، من الجاهليّين, وأبو العَتاهِيَة وأبو الطيّب المتنبّي وسواهما من الإسلاميين. هذا, إلى جوار طائفة أُخرى من الشعراء المتأخّرين.

 وغالباً ما كان هؤلاء الشعراء ينظرون, لدى صياغة المثل الشعريّ والحكمة ‌إلى نصوص القرآن الكريم, وإلى أقوال رسول الله (صلّى الله عليه وآله), وما صدر منه من جوامع الكلم.

 كما ينظرون إلى كلمات أهل البيت (عليهم السّلام)، وبخاصّة ما نطق به سيّد البلغاء الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) .

 ولا غَرْو, فإنّ النبيّ وأهل بيته (صلوات الله عليهم) هم السادة الهداة الذين آتاهم الله من العلم الحقّ ما لم يؤتِ أحداً من العالمين, وهم الناطقون عن الله (جلّ جلاله)، الأدلاّء لقوافل البشر.

 وقد لاحظ مؤرّخو الأدب ونقّاد الشعر أنّ جُلّ الحكمة في الشعر العربيّ مَدِين للإمام أمير المؤمنين, فيما استُلهم من كلامه الموجز المركّز البليغ الذي يكاد يبلغ حدّ الإعجاز.

 ولقد تجلّى في كلام الإمام (عليه السّلام) التعبير عن عمق الحقائق الوجوديّة, وعن جوهر المشاعر والمعاني الإنسانيّة.. مُجَلَّلاً بالصدق والحقّ, فيّاضاً بالأُسلوب البياني الرائع الأخّاذ, ممّا لا تجد له في البيان العربيّ كلّه ـ بعد


 الصفحة 7


كلام رسول الله (ص) ـ من نظير.

 أوليس الإمام (عليه السّلام) هو القائل ـ يحكي عن خبرته الواقعيّة العميقة بالتاريخ وبالإنسان ـ :

 (إنّي وإنْ لم أكن عُمّرتُ عمر مَن كان قبلي, فقد نظرتُ في أعمالهم وفكّرت في أخبارهم, وسِرت في آثارهم.. حتّى عُدْت كأحدهم. بل كأني ـ بما انتهى إليّ من أُمورهم ـ قد عُمّرتُ مع أوّلهم إلى آخرهم.. فعرفت صفو ذلك من كدره, ونفعه من ضرره)(1).

 إنّ هذه الظاهرة المستمرّة في الاستقاء من النّبع العَلَويّ.. قد بعثت مؤلّفين, في القرون الماضية, للنصّ على الأخذ من هذه العين الصافية, مقارِنين بين حكمة الشعر ومصدرها من كلام الإمام.

 ويأتي هذا العمل الذي نقدّمه الآن في ضمن هذا السّياق؛ إذ صِيرَ فيه إلى إيراد خمسمائة بيت من الشعر مقرونة بمصدرها العَلَويّ, أو بما يمكن أن تكون قد استلهمته أو تأثّرت به من عبارات أمير المؤمنين (عليه السّلام).

 ولعلّ في هذا العمل ما يقدّم ـ للناشئة خاصّة وللقرّاء عامّة ـ من المعرفة والثقافة ما ينفع في التواصل مع حقائق الحياة, وفي التلبّس بما تكتنزه من مضامين صالحة بانية, وفي التدرّب على استخدام الحكمة الأصيلة والمثل الشعريّ في لغة الحياة اليوميّة. كلّ ذلك من أجل أن يتّسع في حياة الأُمّة هذا اللون المركّز من المعنى، الذي نتمنّى أن يؤهِّل لمزيد من الارتباط العقليّ والقلبي والعمليّ بالحقّ (عزّ وجلّ) وبأوليائه المقدّسين. (واللهُ يقولُ الحقَّ وَهُوَ يَهدِي الْسَّبِيلَ)(2).

 مجمع البحوث الإسلاميّة

في العَتَبة الرضويّة المقدّسة‌ـ مشهد

ــــــــــــــــــــ

(1) من وصيّته لولده الحسن (عليهما السّلام). ينظر: نهج البلاغة 393 ـ 394 ، ط. صبحي الصالح ، الأُولى. بيروت 1387هـ / 1967م.

(2) سورة الأحزاب: 4.


 الصفحة 8

 المقدّمة

 الحمد لله ربّ العالمين, والصلاة والسلام على سيّدنا النبيّ الأمين محمّد صلّى الله عليه وعلى آله آل الله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وبعد:

 هذه مجموعة هادفة من شعر الأمثال والحكم، ضمّتها بطون الكتب، أردتها أن تكون ينبوعاً فيّاضاً بالمعنى المعبّر, والمفردة الهادفة, وقد ماثلت هذه الأمثال والحكم الشعريّة أقوالاً قصاراً من غرر أقوال عليٍّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) فجاءت بهيّةً زاهية ذات ضياء باهر مفيض، ونسق وأصداء من الولاء الصادق للحقّ, وذات مضامين واضحة لا تعقيد فيها, وجوهر نضير يأسر القلوب.

وكم يحتاج ناشئة اليوم إلى هكذا مَعين ينتهلون منه الأدب الجمّ والحكمة المتعالية, بعد أن أضناهم طول المسير على دروب الثقافة الجاهلية المعاصرة.

ولا يفوتني قبل أن أترك القارئ إلى مطالعة هذه الأمثال، بما يتقدّمها من تصدير قويم لمجمع البحوث الإسلامية، أن أتقدم بالشكر الوافر إلى مدير المجمع الشيخ علي أكبر الإلهي الخراساني، والأخ الفاضل المعاون الثقافي محمد رضا مرواريد على اهتمامهم وجميل رعايتهم للمشاريع الثقافية، واستقبالهم برضا وغبطة لكلّ مشروعٍ ثقافي له في سوح المعارك الفكرية والثقافية‌ أثر بنّاء وتأثير فاعل والحمدُ لله ربّ العالمين.

 طالب السنجري


 الصفحة 9

 ملاحظ:

ـ لدى الأخذ من (نهج البلاغة) اعتمدت هذه الرموز:

 ط: باب الخطب

 ح: الكلمات القصار

 ك: الكتب

 ـ حين يُحال على شرح (نهج البلاغة) فهو لابن أبي الحديد.

 ـ لم يُشَر إلى مصدر بعض الأشعار؛ لأنّها أُوردت اعتماداً على الذاكرة.

 ـ رُتّب الشعر وفق الحرف الأوّل من البيت, ووضعنا فهرساً في آخر الكتاب للأشعار على حرف الرّويّ مشفوعاً باسم الشاعر والمصدر.


  

الصفحة 10

  


 الصفحة 11

 

 حرف الألف

 

 [1] أَبَتْ هممي تسيغُ الماءَ صفواً         إذا ما الذّلُّ حـامَ على الزُّلالِ

 يذكّرنا الشاعر بقولٍ لعليٍّ (ع): (ما دفع أمرأً كهمّته, ولا وضعه كشهوته)(1).

  [2] ابدأ بنفسِك فانْهَها عن غيِّها             فإذا انتـهتْ عنهُ فأنتَ حكيمُ

 هذا المعنى ناظرٌ إلى قول عليٍّ (ع):

 (من نصب نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره, وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه, ومعلّم نفسه ومؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم النّاس ومؤدّبهم)(2).

 [3] أُبدي التجلُّد للعدوِّ ولو دَرَى            بتململي لقد اشتفى أعدائي

 قال علي (ع): (الصبر يرغم الأعداء)(3).

 [4] أبقى الضغائنَ آباءٌ لنا سَلفوا           فلن تبيـدَ وللآبـاءِ أبنـاء

 قال علي (ع): (مودّة الآباء قرابةٌ بين الأبناء, والقرابة أحوج إلى المودّة من المودّة‌ في القرابة, فالقربى محتاجةٌ ‌إلى المودّة, والمودّة مستغنيةٌ عن القرابة)(4).

ـــــــــــــــــــ

(1) الغرر: 6 / 114.

(2) شرح نهج البلاغة: ‌18 / 220.

(3) الغرر: 1 / 196.

(4) شرح نهج البلاغة: ‌19 / 214.


الصفحة 12

 

 وفي البيت دلالة على المعنى الآخر الذي يقابل المودّة وهي الغلّ والضغائن.

 [5] أترجو الخُلدَ في دارِ التفاني        وأمنَ السِّرب في خُطَطِ الأماني

 قال علي (ع): (إنّما خُلقتم للبقاء لا للفناء, وإنّكم في دار بُلغة,‌ ومنزل قلعة)(1).

 [6] أجدُ الجفاءَ على سواكَ مروءةً        والصَّبرَ إلاّ في نـواكَ جميلا

 قال علي (عليه السّلام): مؤبّناً رسول الله (ص) حين وقف على قبره الشريف:

 (إنّ الصبر لجميلٌ إلاّ عنك, وإنّ الجزع لقبيحٌ إلاّ عليك, وإنّ المصاب بك لجليل, وإنّه قبلَك وبعدك لجلل)(2).

 [7] أَجْملْ إذا حاولتَ في طلـبٍ         فالجـَدُّ يغني عنكَ لا الجِدُّ

 الجدّ, بالفتح: الحَظّ. وبالكسر: السعي والنشاط.

 قال علي (ع): (ما أدرك المجد من فاته الجَدّ)(3).

 وقال (ع): (التشمّر للجِدّ من سعادة الجَدّ)(4).

 [8] أُحبُّ الفتى ينفي الفواحشَ سمعُهُ         كأنَّ بــه عن كلِّ فاحشةٍ وقرا

 قال علي (ع): (ما أفحش كريم قطّ)(5).

 [9] اُحبُّ من الإخوانِ كلَّ مُواتــــي           وكلَّ غضيضِ الطَّرفِ عن عثراتي

قال عليّ (ع): (خير الإخوان من لم يكن على إخوانه مستقصياً)(6).

 [10] احذرْ مودّةَ ماذقٍ        شابَ المرارةَ بالحلاوة

 قال علي (ع): (شرُّ إخوانك الغاشُّ المداهن)(7).

 [11] احذرْ عدوَّك مـرّةً          واحذرْ صديقَكَ ألفَ مرّة

 قال علي (ع): (إن استنمت إلى ودودك فأحرز له من أمرك، واستبق له من سرّك ما لعلّك أن تندم عليه وقتاً ما)(8).

 [12] أحسنْ إلى الناس تستعبدْ قلوبَهمْ          فطـالما اسـتعبدَ الإنسانَ إحسانُ


 الصفحة 13

 

 قال علي (ع): (عجبت لمن يشتري العبيد بماله فيعتقهم كيف لا يشتري الأحرار بإحسانه فيسترقّهم)(1).

 [13] احفظْ لسانَكَ أيُّها الإنسانُ         لا يلدغَنّك إنّه ثعبـــانُ

 قال علي (ع): (زلّة اللّسان أنكى من إصابة السِّنان)(2).

 [14] أخاكَ أخاكَ إنّ من لا أخاً له         كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاحِ

 قال عليّ (ع): (أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان)(3).

 [15] أخاكَ أخاكَ فهو أجلُّ ذخرٍ          إذا نابَتْكَ نـائبةُ الزمـانِ

 قال علي (ع): (جمال الإخوّة إحسان العشرة, والمواساة مع العسرة)(4).

 [16] أخلِقْ بذي الصَّبرِ أن يحظى بحاجته         ومُدْمِنُ القَرعِ للأبوابِ أن يلــجا

 

الصفحة اللاحقةالصفحة السابقة