( فاعتبروا بحال ولد اسماعيل و بني إسحق الخ ) . . اسماعيل ابن ابراهيم الخليل ( ع ) من هاجر ، و إسحق ابنه من سارة ، و إسرائيل هو يعقوب بن اسحق ابن ابراهيم ، أما سبب تسمية يعقوب بإسرائيل فقد أوضحته التوراة في سفر التكوين ، الإصحاح 32 ، و هو أن اللّه دخل في ذات ليلة على يعقوب ، و تصارع معه حتى الفجر ، فما استطاع أحدهما أن يغلب الآخر ، و عندئذ منح اللّه يعقوب لقب اسرائيل اعترافا بمقدرته ، لأن اسرائيل في اللغة العبرية يعني « مصارع اللّه » .
و لإسرائيل هذا 12 ولدا ، و هم : شمعون و راؤبين و لاوي و يهوذا و يساكر و زبولون و جاد و أشيرودان و نفتالي و بنيامين و يوسف الصدّيق . و هؤلاء و أولادهم و أحفادهم كلهم ما عدا يوسف مجرمون و قتلة الأنبياء بشهادة التوراة و الانجيل و القرآن . . و بدأ إجرامهم أول ما بدأ بمحاولة لقتل أخيهم يوسف ، لأنه طاهر و نبيل ، ثم حاولوا قتل عيسى و محمد ، و ما بين المحاولتين قتلوا و رجموا الكثرة الكاثرة من الأنبياء و المرسلين ( انظر انجيل لوقا الإصحاح 13 و آيات القرآن الكريم ) .
و المدهش أنهم كانوا يقتلون أنبياء اللّه تقربا الى اللّه بزعم انه هو الذي أمرهم بقتل الناس حتى النساء و الأطفال ، و بحرق المدن و القرى و تدميرها ما عدا الذهب و النحاس ( انظر التوراة سفر يشوع الإصحاح 6 و غيره ) . قال الاستاذ علي
[ 143 ]
الدالي في مقال نشرته « جريدة الجمهورية المصرية » تاريخ 18 مايو أيار 1972 :
« ان اليهودي في القرن العشرين الذي بقر بطون الحبالى في دير ياسين هو نفس اليهودي الذي كان قبل المسيح ينتشر عدوه بالمنشار نصفين من شعر رأسه إلى أسفله ، و هو نفس اليهودي الذي فتح بطون الأبرياء المسيحيين في قبرص أيام الرومان ، و تحزم بامعائهم ليفاخر العالم بقوته ، و يثبت تفوقه في الانتقام المروع » .
ثم استشهد « الدالي » بنص نقله عن كتاب التلمود : « نحن شعب اللّه المختار . .
نحن البشر على الصورة التي تركزت في مخيلة اللّه . . و غيرنا لا يبصر إلا موضع قدميه . . و قد شاءت الطبيعة أن نسود العالم و نسيطر عليه بأسره . . فيجب أن تكون مطامعنا واسعة ، و حاستنا خارقة ، و ظمأنا للانتقام حارا و مستعرا » .
أما دين محمد ( ص ) فيقول : « أيها الناس ان ربكم واحد ، و ان أباكم واحد ، كلكم من آدم ، و آدم من تراب ، و ان أكرمكم عند اللّه أتقاكم ، ليس لعربي على عجمي فضل ، و لا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى » .
ان العنصرية الإجرامية هي دين اليهود و مبدأهم و شعارهم بنص التوراة و التلمود أي الكتابين المقدسين عند اليهود . . و ما من ريب ان هذه الروح الصهيونية تحمل في طبيعتها السبب الكافي للقضاء عليها . . و بهذا نطق القرآن و التوراة ، فلقد جاء في سفر التثنية من التوراة الاصحاح 28 ما نصه بالحرف الواحد : « يجعلك الرب الخطاب لشعب اسرائيل منهزما أمام أعدائك ، تخرج عليهم من طريق واحد ، و في سبع طرق أمامهم ، و تكون قلقا في جميع ممالك الأرض ، و تكون جثتك طعاما لجميع طيور السماء و وحوش الأرض » .
أما دولة اسرائيل و الاعتراف بها كأمر واقع فهي في علم اللّه الذي قال :
« فلا يغررك تقلبهم في البلاد . كذّبت قبلهم قوم نوح و الأحزاب من بعدهم و همت كل أمة برسولهم ليأخذوه و جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب 5 غافر » .
( فما أشد اعتدال الأحوال ، و أقرب اشتباه الأمثال ) . المراد بالاعتدال التناسب ، و بالاشتباه المشابهة ، و المعنى ان أحوال المسلمين اليوم تشبه أحوال بني اسرائيل من قبل من حيث التشتت و التفرق ، و الذل و نكد العيش ، و تسلط البعيد و تحكمه في المقدّرات و المصير . . و قول الإمام : « الأكاسرة و القياصرة »
[ 144 ]
يشير الى الذين حكموا اليهود و فعلوا بهم الأفاعيل كبختنصر و الفرس و الرومان . .
و حذر الإمام أن يصيب المسلمين ما أصاب بني اسرائيل ، و من قبله وعظ و حذر رسول اللّه و القرآن . . و ما أفاد الوعظ و التحذير .
( فالأحوال مضطربة الى مشنونة ) . الكلام مستأنف ، و المراد به العرب ، فالأحوال أحوالهم ، و الأيدي أيديهم ، و الكثرة كثرتهم بدليل قوله :
« بنات موءودة ، و أصنام معبودة . . و غارات مشنونة » . و القصد المقارنة و المشابهة من حيث الذم و القبح بين جاهلية العرب و عنصرية اليهود .
( فانظروا الى مواقع النعم عليهم الخ ) . . ضمير « عليهم » يعود للعرب ،
و المراد بالرسول محمد ( ص ) الذي دعا دعوة العدل و المساواة ، فسخر منه و من دعوته الطواغيت لا لشيء إلا لأنه جعل الآلهة إلها واحدا . . و لكنه صمد و أصر على كلمة « لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه » فحاولوا أن يثنوه بالحسنى ، فعرضوا عليه المال و السلطان ، فسخر منهم و مضى في دعوته ، فاضطهدوه و نكلوا به ،
فما زاده ذلك إلا ثباتا و ايمانا ، و عندئذ حاصروه و أحكموا الحصار عليه و على أسرته ثلاث سنوات ، فلم يعبأ . . و لما أعيتهم الحيل تآمروا على اغتياله ، فأعمى اللّه أبصارهم عنه ، و هاجر من بينهم الى المدينة ، فتبعوه بعدّتهم و عددهم ،
فانتصر عليهم بإذن اللّه .
و باسمه قضى المسلمون على ملك كسرى ، و حرروا المستعمرات من حكم قيصر و وصلوا الى حدود الهند و الصين و جنوب فرنسا ، و بفضله أعطوا شرق الأرض و غربها فيضا من العلوم و الحضارة . . ثم انقسمت الخلافة ، و تعددت الممالك الاسلامية ، و مع هذا بقي للمسلمين شأن و كيان مدة ألف عام أو تزيد ، و لا أدري هل يعود المسلمون كما كانوا خير أمة أخرجت للناس تؤمن باللّه و رسوله قولا و عملا ؟ .