كان الإمام ( ع ) يزود كل واحد من الجباة و السعاة في أموال الصدقة يزوده بالتعليمات التالية :
[ 448 ]
1 أن يكون أمينا مخلصا ، لا يستبيح للدولة و الرعية حقا من حقوقها .
و عبّر الإمام عن ذلك بتقوى اللّه ، لأنها الأساس لكل خلق كريم بخاصة الأمانة و الإخلاص .
2 أن يكون مع الذي في ماله الحق هينا ليّنا لأن الدولة للجميع و رعايتهم و توفير الأمن و العدل لكل فرد ، و العامل فيها أجير مؤتمن يتحمل التبعات ،
و يؤاخذ اذا أساء استعمال المهنة و الوظيفة . و هذا ما أراده الإمام بقوله : ( و لا تروعنّ مسلما الخ ) . .
3 أن لا يأخذ أكثر من الحق المفروض ، لأن التجاوز بغي و عدوان .
4 أن لا ينزل ضيفا على أحد ، فليس كل الناس يملكون أسباب الضيافة ،
أو يسعهم أن يطردوا الضيف و يصارحوه بعجزهم .
5 أن لا يدع مجالا للنقد و الملاحظة عليه بقول أو فعل ، و ان يكون في تحيته و جميع حركاته مبشرا لا منفرا .
( فإن قال قائل : لا ) حق للّه في مالي ( فلا تراجعه ) لأن الزكاة في الإسلام عبادة تماما كالصوم و الصلاة ، و لا واسطة بين اللّه و عباده ، و لا يجوز لمخلوق أن يتكلم باسم الخالق ، و يقيم نفسه وكيلا عنه فيما يعود الى عبادته تعالى و الإخلاص له ( و ان أنعم الخ ) . . صاحب المال و قال ، عليّ للّه حقّ فيما وهب و أعطى ، فاذهب معه الى أمواله التي فيها الحق ، و عامله كأخ متواضع ، لا كمتسلط أو نظير ، لأنه هو الشريك الأكبر و الذي كدح و ناضل . و تجدر الإشارة إلى أن الإمام لا يوصي الجابي بذلك حرصا على تحصيل المال ، بل لأن موظف الدولة يجب أن يكون وديعا و رقيقا مع أصحاب العلاقات ، تماما كما يجب أن يكون أمينا و نزيها ، فإن تقاعس عن خدمة الناس ، و أضفى من وظيفته على نفسه هيبة و هالة وجب أن يعاقب بما هو أهل له .
( و اصدع المال صدعين الخ ) . . إقسم المال الذي فيه حق اللّه نصفين ،
و اجعل الخيار لصاحبه في أحدهما ، ثم اقسم النصف الذي تركه شطرين ، و افعل ما فعلت في المرة الأولى ، و هكذا حتى يبقى مقدار ما في ماله من الحق ، فاقبضه ،
و هلم به الينا ، و ان شاء أن يستأنف و يعيد القسمة من جديد فاستجب لمشيئته شريطة أن لا يقع النقص و الاجحاف في حق اللّه ، فيختص المالك بالسليم ، و يعطيك السقيم .
[ 449 ]
( و لا توكل بها إلا ناصحا شفيقا الخ ) . . ضمير « بها » يعود ماشية الصدقات .
و الإمام يوصي بها و بالرفق في الحيوان على وجه العموم ، فلا يرهقه في المسير و لا الحمل و الركون ، و لا يحرم الصغير من لبن أمه ، و تجب مراعاة الهزيل و المريض بما يستدعيه ضعفه و مرضه ، و لا يجار عليه إذا تلكأ في السير . قال رسول اللّه ( ص ) : للدابة على صاحبها خصال ست : أن يبدأ بعلفها إذا نزل ،
و يعرض عليها الماء إذا مر به ، و لا يضرب وجهها ، و لا يقف على ظهرها إلا في سبيل اللّه ، و لا يحمّلها فوق طاقتها ، و لا يكلفها من المشي إلا ما تطيق .
[ 450 ]