المعنى :

كل ما في هذا المقطع تقدم أكثر من مرة ، و لذا نوجز ما أمكن ( و إياك و العجب بنفسك الخ ) . . تعوّذ من نفسك كما تتعوّذ من الشيطان ، و متى أعجبك شي‏ء منها فاعلم انك وقعت في حبائله . . و من أظهر فضله للناس مقتوه و ذموه ،

و من سكت و تواضع ظهر على حقيقته ، و استوفى حقه كاملا من الاحترام إن كان له أهلا ( و إياك و المنّ الخ ) . . اذا فعلت شيئا من الخير علم به الجميع ،

و عادت اليك ثماره . . و اذن فعلام الإعلان و التبجح و المنّ ؟ . ان المنّ سيئة لا تنفع معه حسنة ، و ان اضطررت و دعتك الحاجة الى التنويه بما فعلت فقل الحق و لا تزد عليه شيئا ، لأن الزيادة الكاذبة تفسد ما أصلحت ، و تهدم ما بنيت .

( و إياك و العجلة الخ ) . . لا تعجل فيما لا تخاف عليه الفوت ، و لا تتوان فيما يفوتك أخذه إن توانيت ( أو اللجاجة فيها اذا تنكرت ) ضمير « فيها »

[ 120 ]

يعود الى الأمور ، و كذلك الضمير المستتر في تنكّرت ، و المراد بتنكرت خفيت بدليل قوله بلا فاصل ( أو الوهن عنها اذا استوضحت ) و المعنى لا تتماد في طلب ما تجهل عاقبته ، و لا تتوان عما تعلم منفعته ( و إياك و الاستئثار بما الناس فيه أسوة ) أي سواء . . على الحاكم أن لا يرى نفسه سيدا ، و الناس عبيدا ، و أن يوفر لهم ما يحتاجون اليه في حياتهم ، و يساوي نفسه و أهله بأضعفهم ، كما قال الإمام في الخطبة 207 فإن اتخذ لنفسه شيئا دون الرعية فهو طاغية ، و عدو للّه و للانسانية .

( و التغابي عما تعنى به الى للمظلوم ) المراد ب « عما تعنى به » عما أنت مسؤول عنه أمام اللّه و الناس ، و المعنى ان حدثت أية مظلمة من موظف او غيره من الرعية ، و علمت بها و تجاهلت فأنت المسؤول عنها ، و المأخوذ بها ،

و المفتضح من أجلها دنيا و آخرة ( املك حمية أنفك ) دع الشموخ و التعالي على الناس لا لشي‏ء إلا لأنك والي ( و سورة حدّك ) املك نفسك عند الغضب ( و سطوة يدك ) كفها عن الأذى ( و غرب لسانك ) لا تطلقه يمينا و شمالا على غير هدى ( حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار الخ ) . . اهدأ بلا حراك عند الغضب . .

و لو اندفعت معه لتغلّب الهوى و الجهل على عقلك ، و عاقبت من لا ذنب له ،

و تكلمت بما يشين ، و تجاوزت الحدود ، و أمكنت عدوك من نفسك ، و تذكّر وقوفك بين يدي اللّه للحساب و الجزاء .