التعطيل يوم الجمعة :

( و لا تسافر في يوم جمعة حتى تشهد الصلاة الخ ) . . لا يجب التعطيل في يوم الجمعة ، بل و لا يستحب أيضا إلا عند الصلاة فقط . . و بعدها يستحب العمل و طلب الرزق ، و هو تماما كالصلاة و سائر العبادات من حيث الأجر و الثواب ،

قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر اللّه و ذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون ، فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض و ابتغوا من فضل اللّه و اذكروا اللّه كثيرا لعلكم تعلمون 10 الجمعة .

أمر سبحانه بترك العمل عند النداء للصلاة و السعي الى ذكر اللّه . . و بعد أداء الصلاة على وجهها أمر بالسعي و تحصيل الرزق و سؤال اللّه من فضله عن طريق العمل ، و معنى هذا ان السعي يوم الجمعة من أجل الحياة مأمور به تماما كسائر الأيام ، بل هو عبادة تماما كالسعي الى الصلاة ، لأن الأمرين معا جاءا جنبا الى جنب في سياق واحد ، و كل منهما نسب الى اللّه : « فاسعوا الى ذكر اللّه . .

و ابتغوا من فضل اللّه » . و هنا تكمن عظمة الاسلام و حقيقة الإسلام حيث أمر بالعمل للمادة و الروح ، لأن الإنسان انسان بهما لا بإحداهما : المال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً 46 الكهف . .

بنون و مال و عبادة و سعي للحياة و للمعبد ، و الكل من اللّه و للّه ، و لا شي‏ء لقيصر .

[ 184 ]

( و خادع نفسك في العبادة ) اصرفها أو شكّكها فيما تهوى و تميل اليه ، و أغرها بالعمل الصالح ، و قل لها : هو خير لك و أبقى ( و ارفق بها و لا تقهرها الخ ) . .

إلا على الفرائض ، كالصلوات الخمس و الصيام و الحج و الزكاة ، و اترك لها الخيار فيما عدا ذلك ، و تقدم مثله في شرح الرسالة 51 و 52 ( و إياك أن ينزل بك الموت الخ ) . . إلا بشرط وثيق ، كما قال الإمام في هذه الرسالة بالذات ( و إياك و مصاحبة الفساق الخ ) . . فإن الصاحب معتبر بصاحبه ، أيضا كما قال في هذه الرسالة نفسها ( و احذر الغضب فإنه الخ ) . . جمرة الشيطان يوقدها في القلوب ،

ليخرج الناس عن دينهم و عقولهم . و في الحديث : « من كف غضبه ستر اللّه عورته » لأن العيوب تظهر ساعة الغضب .

[ 185 ]