الفصل الثاني

غرابة سياق نظم (التشبيه) وسياق نظم (الإستعارة)

يشتمل هذا الفصل على غرابة النظم من خلال غرض (التشبيه), وغرابة النظم من خلال غرض (الاستعارة)؛ لأنّها تشبيهٌ حُذفت أداته , ولهذا يكون هذا الفصل في مبحثين:

المبحث الأول؛ غرابة السياق في نظم (التشبيه):

تحصل الغرابة في هذا المبحث إمّا؛ بسبب استعمال التشبيه استعمالاً غريباً, أو مِن بُعْده المعنوي, المتضّمن عدّة وسائط لنصل بها إلى المعنى المقصود به, أو من خلال تشبيه الصور المتعددة بالصور المتعددة, وهذا ما يسمى بالتشبيه المركـّب .

التشبيه لغة: التمثيل , و هو مصدر مشتق من مادة (شبه)(1), فالتشبيه؛ والتمثيل بمعنى.

وقد ذهب البلاغيون إلى تعريف (التشبيه) اصطلاحاً مذاهب عدّة(2), بيد أنّ تعريفاتهم ـ كما يبدوـ تدور في فلك واحد, خلاصتها؛ أنّ التشبيه: مشاركة في أمر, أو أمور لأمر آخر, صفة واحدة , أو صفات متعدّدة , إلاّ أنّ التوافق في مجموعة الصفات , مختلف المعاني , والجهات ؛ أحبّ إلى البلاغيين من غيره .

وقد قُسِّم التشبيه إلى أقسام عديدة باعتبار طرفي التشبيه, ووجه الشـّبه(3), وقسّم العسكري وتابعه الرماني (ت/386) , ومن العصريين محمد أبوزهرة ... التشبيه باعتبار طرفيه إلى أربعة أقسام, كان النوع الثاني منها؛ ما لم تجرِ به العادة, إلى ما جرت به العادة(4)؛ فهو تشبيهٌ غريب غير مألوف؛ لأن (مالم تجرِ به العادة), يكون (مشبّهاً به), فهو أمرٌ غير متـّضح للذهن , فتحصل غرابة فيه, تؤثـِّر في النظم الذي يسبّب, غرابة السياق الكلـّي من خلال ذلك التشبيه في ما بعد. ومن ذلك قوله تعالى: ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الأَمْوالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ))(5).

بيّن هذا التشبيهَ الرمّاني بقوله: «فهذا تشبيهٌ, قد أخْرج ما لم تجرِ به عادة إلى ما قد جرت به, وقد اجتمعا في شبّه الإعجاب , ثم في التغيير بالانقلاب , وفي ذلك ؛ الاحتقار للدنيا , والتحذير من الإعتزاز بها والسكون إليها...»(6).

وعلى هذا المنحى , وجدتُ في (النهج) قول الإمام :

«... إنَّ لِبَني أُميَّةَ مِرْوَداً, يَجْرُون فِيه, وَلو قدِ اخْتَلَفوا في ما بَيْنَهم , ثُمَّ لَوْ كَادَتْهُمُ الضِّباعُ لَغَلَبتْهُمْ ...»(7).

رأى الرضي غرابة في هذا التشبيه, ولذلك فسّره بقوله : «وهذا من أفصح الكلام وأغربه, والمِرود هاهنا (مِفْعَل) من الإرواد, وهو الإمهال, والإنظار, فكأنّه(ع), شبّه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية, فإذا بلغوا منقطعها, انتقض نظامهم بعدها...»(8).

وهذا التشبيه, قد أُخرج (ما لم تجرِ به العادة) إلى (ما جرت به)، فاستعمال (المِرود) في معنى غير مألوف ـ المعنى الذي فسّره الرضي هو الغريب في التشبيه ـ لأنّ المعروف, بل المألوف هو أنّ: (المِرود) الميل(9)؛ الذي يُكتحل به, وهو الذي يسبق إلى الذهن, فأمّا استعماله بمعنى (المضمار) الذي تجري فيه خيل السباق, فهو؛ استعمال غريب, أثـّر في النظم, فنتج عن تأثيره سياق غريب في نظمه.

والمعنى الآخر المألوف في بيئة الكوفة آنذاك (للمِرود) هو: البكرة من حديد, أو حديدة تدور في اللجام(10), فلو احتملنا هذين المعنيين المألوفين, لسببا سياقين لم يكونا غريبين, لهذا التشبيه داخل نظمه.

ومثل هذا قوله (ع) حينما أراد أن يصف تنضيد ريش الطاووس, في (النهج): «...فَلَوْ رَمَيْتَ بِبَصرِ قلبِكَ... وفي تعليقِ كَبَائِسِ الُّلؤلؤِ الرَّطْبِ في عَسَالِيجِها وأَفْنَانِها...»(11).

قوله: (فلو رميت ببصر قلبك), (استعارة) وهي: تشبيهٌ مختصرٌ ولكنها أبلغ منه، وهذا المعنى من المعاني المبتكرة الغريبة, إذ إنّ المألوف, أن يُقال: (فلو رميت ببصرك), أي رأيت بعينك, أمّا أن يُجعل للقلب بصراً, وكأنَّ القلب هو الذي ينظر, فهذا هو المعنى الغريب في التشبيه, و مصدره (القرآن الكريم), فإنّه يستنطق البكيَّ الأبكم فيفتق لسانه بالبيان الساحر, فكيف يفعل بمن أعرض عن الدنيا وصفت نفسه, فكلامُه (ع) قبس من لغة الوحي والحديث الشريف, وهذا, كقوله ـ تعالى ـ : ((فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ))(12). وبُعد (الاستعارة) هذا سنشرحه في المبحث الثاني, وسنرى كيف يؤثر في سياقها غرابةً.

وقوله : (كبائس اللؤلؤ الرطب), قد شرح الرضي غريب هذا اللفظ بقوله: «كبائس اللؤلؤ الرطب؛ الكباسة: العِذْق, والعساليج: الغصون, واحدها عسلوج...»(13).

جرى التشبيه على غير العادة, فقد شبّه اللؤلؤ الرطب, بالتمر الرطب بقرينة الكباسة, والكباسة, لا تكون إلّا للتمر(14), واللؤلؤ الرطب, لا يُشبّه بشيء, وإنّما يُشبّه به الدمع, فالإمام أخرجه من هذه الدائرة الضيقة إلى استعمال غريب, جديد, لم يُعهد.

وشبيه بهذا تماماً قوله (ع) في (النهج), في دعاء استسقى به: «... اللّهُمَّ اسْقِنا ذُلَلَ السَّحائِبِ دُونَ صِعابِها...»(15).

وأكتفي بما فسّره الرضي حينما رأى غرابة في هذا النظم؛ بقوله: «وهذا الكلام العجيب الفصاحة, وذلك أنّه (ع) شبّه السُّحُبَ ذواتِ الرُعودِ والبوارِقِ, والرِّياحِ, والصواعِقِ بالإبل الصِّعابِ, التي تَقْمُصُ بِرِحالِها, وتَتَوقَّصُ بِرُكْبانِها, وشَبّه السحائِبَ الخاليةَ مِن تِلكَ الزَّوابِعِ بالإبِلِ الذُّلُلِ, التي تُحْتَلَبُ طَيِّعَةً, وتُقْتَعَدُ مُسْمِحَةً...»(16).

والتشبيه, بَعْد, من أصول التصوير البياني, ومصادر التعبير الفني, ففي تكامل الصورة, وتدافع المشاهد, والقدر الجامع لنظرة البلاغيين إلى التشبيه هو: التفنّن بإبراز الصورة الخارقة في تكوين الشكل بظلال غريب, وأزياء متنوعة, لم تقع بحسن مثل (التشبيه), فعند ضمّ بعضها للبعض الآخر تبدو محسوسة, متعارفة ذات قوة وصيغة متميزة, وهنا تكمن القدرة الإبداعية في تكييف الصورة ومن هذه الصورة؛ تنشأ الغرابة في التشبيه, ولاسيما؛ إذا خفي وجه الشبه.

والنصّ الأدبي؛ الممتاز لا يُقصد إلى التشبيه بوصفه تشبيها فحسب, بل بوصفه حاجة فنية, تُبنى عليها جودة الصياغة والنظم, فهو وإن كان عنصراً أساسياً, يكسب النصَّ روعة واستقامة وتقريب فهم, إلاّ أنّه يبدو عنصراً ضرورياً لأداء المعنى المُراد من جميع الوجوه؛ لأنّ التشبيه تمثيلاً للصورة الكليّة وإثباتاً للخواطر, فهو أوقع في النفس, ولا سيما إذا أُريد به التأثير في الناس عن طريق الخطابة, أو الرسالة, أو الحِكمة, بطرق متعددة, منها: التهديد, والوعيد, والوصف, والترغيب الذي منه قوله تعالى:(( وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ))(17).

نرى من الوصف, و التشبيه في هاتين الآيتين من التراصف, وإثارة النفس نحو التعلّق بمن تتحقق فيه هذه الصفات, التي تطمئن إليها الروح, وتهشُّ لها النفس, ويتطلَّع إليها الفكر مع نقاء الصورة, ولُطف الاستدراج, ورقـّة الترغيب المتناهي. فقد وصف نساء أهل الجنـّة بحسن العيون الناظرة إلى أزواجها فحسب, عِفّةً, وخَفراً, وطهارةً وشبههنّ بالبيض المكنون على عادة العرب في وصف النساء, وتشبيه من اشتدّ حجابه وتزايد ستره, بأنّه في كُنٍّ عن التبرّج, ومنعة من الابتذال. وإلى هذا المعنى ذهب ابن ناقيا البغدادي (ت/485هـ) بقوله: «وهذا الكلام غاية في مناسبة الوصف, ومطابقته, وبلاغة معنى التشبيه, وموافقته.»(18).

بيد أنّي اتفق مع ابن ناقيا في ما قرره من مناسبة الوصف, ومطابقته, وأمّا (موافقته) فمناقِش فيه, إذ كيف يتفق قوله تعالى (وعندهم قاصرات الطرف عين) مع وصف النساء في الدنيا؟ أيحدث (الاتفاق) في تقريب المشبّه (نساء الجنّة) مع المشبّه به في الدنيا, وحُسن تلك النساء,لا يناسب حُسن نساء أهل الدنيا في شيء. فالتشبيه هنا غريب؛ لأنّه تشبيهٌ تقريبيٌّ, فلا يُعلم حُسن نساء أهل الجنة وجمالهن إلاّ هو العلاّم العليم فهو في مكنون علمه.

وَزدْ على هذا أنّه ـ سبحانه ـ لم يذكر هنا إلاّ سعة العيون, وقصر الطرف والبياض, وهذه إن اجتمعت في فتاة, لا يعني أنّها جميلة؛ لأنّ هناك من تكون هذه الصفات فيها, ولكنّها غير جميلة. لكنّ السياق الكلّي لنظم التشبيه هذا, دالٌّ على الحسن والجمال لهذه النساء, فهنّ واسعات العيون وبيض مكنون, كبيض النَّعام المصون من الغبار, وزيادةً على هذا, هناك آيات أخرى سبقت, أو فصّلت جمال هذه النساء, وكيف رغّب الله المؤمنين بهن(19).

وقوله : (بيض مكنون)؛ شبّه الجارية بالبيض بياضاً وملاسةً, وصفاءَ لونٍ, وهي أحسن منه, وإنّما تشبه الألوان.(كأنَّهنَّ) في اللون (بيض) للنّعام (مكنون)؛ مستور بريشه, لا يصل إليه غبار, ولونه؛ هو البياض في صفرة, وهو أحسن ألوان النساء, فهذه هي الصورة الكلّية في غرابة هذا النظم.

ومثل هذا ما جاء في (النهج) لغرض (التشبيه البليغ), الذي؛ بلغ درجة القبول الحسنة, أو الطيّب الحسن, فكلّما كان وجه الشبه قليل الظهور, يحتاج في إدراكه إلى إعمال فكر, كان ذلك أفعل في النفس, وأدعى إلى تأثـّرها, واهتزازها, لِمَا هو مركوز في الطبع, من أنّ الشيء إذا نِيل بعد الطلب له, والاشتياق إليه, ومعاناة الحنين نحوه, كان نيله أحْلى, وموقعه في النفس أجلّ وألطف, ولهذا قال القزويني: «والبليغ من التشبيه ما كان من هذا النوع, أعني البعيد لغرابته, ولأنّ الشيء إذا نِيل بعد الطلب له, والاشتياق إليه, كان نيله أحلى, وموقعه في النفس ألطف, وبالمسرّة أولى»(20).

وسُمّي هذا التشبيه بليغاً؛ لأنّ ذكر الطرفين فيه, يوهم اتحادهما, فيعلو المشبّه إلى مستوى المشبّه به, وهذه هي المبالغة في قوّة التشبيه, فكيف إذا فاضل بين الطرفين باستعمال غريب (لأفعل التفضيل)(21) فلا شكّ والحالة هذه في أنّ المشبّه يخفي المشبّه به, بل يفضله ـ بالمعنى التشبيهي ـ الأول, وفي هذا النوع من التشبيه تُحذف الأداة, ووجه الشّبه, من نحو قول الإمام (ع): «... وَاللهِ لابنُ أبي طالبٍ آنَسُ بالَمْوتُ مِن الطَّفلِ بِثَدْي أمّه, بل انْدَمَجْتُ عَلى مكنونِ عِلمٍ, لَو بُحْتُ بِهِ لاْضَطَرْبتُم اضطِرابَ الأرْشيةِ في الطَّويِّ البَعيِدة...»(22).

فقد فضّل الإمام حالة أُنسه على حالة أنس الطفل بثدي أمّه, وتأتي صور هذه الهيأة ـ المشبّه به ـ في الأنس على احتمالات في معناه.

الطرف الأول: ابن أبي طالب (المشبّه).

الطرف الثاني: حالة الاستئناس عند الطفل بثدي أمّه (المشبه به) وهو؛محذوف. كذلك حُذفت أداة التشبيه للمبالغة, ووجْهُ الشّبه.

وزاده ـ التشبيه البليغ ـ غرابة حينما استعمل (أفعل التفضيل) من فعل لا تفاوت فيه, (آنس ).

فقوله (آنس بالموت من الطفل بثدي أمّه), فيه غرابة منشؤها(المشبّه به) (هيأة الاستئناس), فهو يقول: (إنّي استأنس بالموت كاستئناس الطفل بثدي أمّه) بل أكثر من ذلك, وهذا الاستئناس يأتي على صور عدّة منها:

ـ شبّه أُنسه بالموت كأنس الطفل, فهو يتلذّذ بالموت كما يتلذّذ الطفل عند محالب أمّه.

ـ ويُحتمل أنَّه عنى بالموت (الأنس نفسه), كونه لا يخاف الموت, بل يجعله أنيساً له في وحدته. كمايكون أنيس الطفل ثدي أمِّه.

ـ ويُحتمل أن يكون الموت هو الراحة له, مّما أتعبه قومه, فيفزع إليه كما يفزع الطفل إلى ثدي أمِّه حينما يحصل له أذى, أو تعب.

ـ ويُحتمل أنَّه أراد بهذا التشبيه؛ إنّي لا أخاف الموت,لأنّي مؤمن, ولا يكون لغيري إذا قُضي لي, فهو من قوله ـ تعالى ـ : ((فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ))(23) كالطفل الذي قُضي له ثدي أمِّه, فلا يخاف أن يكون لغيره, فهو يقيناً له.

ـ ويُحتمل أنَّه أراد (باستئناسه بالموت)؛ ذهابه إلى الجنّة؛ لأنّه لَمّا ضربه ابن ملجم قال:« فُزْتُ وَرَبِّ الكعْبَةِ»(24). وفي الجنّة العطاء من دون تعب ولا مشقـّة, وهو كان في زمن قسْر وإقتار, وفي الآخرة تُرخى عداليها, فأحقّ بها أهلها, لا غيرهم, كما يكون عطاء الثديّ لبنه للطفل, فهو يحصل على كلّ شيء منه من دون كدٍّ ولا مشقـّة, بمجرد أن يلثمه.

وهذا المعنى والمعنى الذي يليه, هما ما عنيتهما ـ قبل قليل ـ حينما قلتُ: (في النصِّ الأدبي الممتاز...).

وقوله (اندمجتُ على مكنون علم)؛ أي:انطويتُ على علم, هو ممتنع لموجبه في المنازعة, وأنَّ ذلك العِلم, لا يُباح به, ولو باح به لاضطرب سامعوه كاضطراب الأرشية؛ وهي الحبال, والطوي: البئر البعيدة القعر.

والآن مع سياق النظم في هذا التشبيه, الذي بعُد فيه (وجه الشبه) بسبب احتمال الصور في داخل النظم. ولكن ما هو وجْه الشّبه بين (اضطراب الحبال في البئر العميقة), وبين(اضطراب سامعي علم الإمام)؟!!

قلتُ: الطّويّ؛ البئر المطوية بالحجارة(25).

ـ شبّه انطواءه على العلم، كانطواء البئر على الحجر الذي تُبطن به, يحفظها وتحفظه فالحجارة تمنع تسرّب ماء البئر، فكذلك علمه, يكعمه؛ لأنْ يعلن نفسه ليبايعه الناس.

ـ شبّه علمه الذي انطوى عليه كانطواء البئر على الماء, فكما أنَّ في الماء حياة, كان في العلم حياة النفوس. وعلى هذا يترتّب أمرٌ آخر, ذلك؛ أنَّه كما لا ينفد ماء البئر, فالعلم لا ينفد أيضاً؛ لأنَّ الساقي إذا أراد الماء, أدلى بدلوه في البئر بواسطة الرّشاء ليغرف منها, فكلّما غرف غرفة, عُوِض عنها في البئر(26), فكذلك العلم يتـّسع كلّما أُخذ منه كما قال هو في موضع آخر من (النهج): «فَكُلُّ وِعَاءٍ يَضِيقُ بِمَا جُعِلَ فِيه, إلاّ وِعَاءُ العِلمِ, فإنَّه يتَّسعُ بِهِ»(27).

ـ شبّه علمه العميق, بعمق البئر, وشبّه اهتزاز الحبال داخل هذه الآبار. باضطراب السامع لعلمه, إذ, لمّا كانت البئر عميقة, وفي نهاية الرّشاء كانت المغرفة, فإذا أسقطها الساقي في البئر, أحدثت اهتزازاً, لطول الرشاء الذي سبّبه عمْق البئر, واضطربت الحبال, وبدت قلقة, غير مستقرة, فكذلك السامع لحديثه (ع) لأنّ غوره عميق, فهو ذو علم لِمَا علّمه النبي (ص) قال: «عَلِيٌّ وُعَاءُ عِلْمِي...»(28), فالوصول إلى حقّ علمه أمر صعب, من طَلَبَهُ اضطرب, وقلق, لِما يسمعه منه, كالذي حدث مع الرشاء في البئر.

فالتشبيه هنا تشبيه عدّة صور بعدّة صور؛ الأولى شبّه انطواءه على العلم كانطواء البئر على الحجر, والثانية؛ العلم بالماء، فكما أنّ الماء أساس الحياة لقوله تعالى: ((وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ))(29) فكذلك العلم, فهو الحيوان للإنسان، والثالثة: شبّه الحجارة المانعة من تدفّق الماء, بنفسه, حينما تمنعه من التكلّم, والرابعة: شبّه البئر العميقة, بغور علمه, والخامسة: شبّه الواسطة ـ الحبل ـ بالسؤال, والسادسة: شبّه إعطاء الماء, بالإباحة بالجواب للسائل, والسابعة: شبّه؛ اهتزاز الرشاء، باضطراب السامع, فكلّها صفات تشبيهية, عرفناها من النظم هذا, وبمجموعها تنتج صورة شاملة للمعنى كلّه, ذلك: أني استأنس بالموت استئناس الطفل المتلذّذ بمحالب أمّه, وإنّي انطويت على علم, لو بحتُ به لاضطرب سامعوه اضطراب الأرشية في البئر العميق, ولم نصل إلى فهم السياق, إلّا بعد معرفة كلّ صورة, أَلا يُعَدّ هذا سياقاً غريباً في التشبيه؟

ومن التشبيه الغريب الذي يسبب غرابة في السياق الكلّي لنظمه ـ أي التشبيه البليغ ـ الذي يكون فيه وجْه الشّبه تخيّلاً, والمراد التخيّل؛ أن لا يمكن وجوده في المشبّه به, إلّا على تأويل(30), كما في قول القاضي التنوخي:

« وكأنَّ النجومَ بينَ دُجَاها سُنَنٌ لاحَ بَينهنَّ ابتداعُ»(31)

وجه الشبه فيه؛ الهيأة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض في جوانب شيء مظلم أسود، فهي: غير موجودة في المشبه إلاّ على طريق التأويل.

ومثل هذا التشبيه التشبيه في قول الإمام: «... فأَشْهَدُ أنَّ مَنْ شبَّهكَ بتَباينِ أَعْضاءِ خَلْقِكَ وتَلاحُمِ حِقَاق مَفَاصِلِهمِ المُحْتَجَبَةِ لِتَدْبيرِ حِكْمَتِك, لم يَعْقِد غَيْب ضَمِيرِه على مَعْرِفتِكَ, ولَمْ يُباشِرْ قَلْبَهُ اليقينُ بَأنَّهُ لا نِدَّ لَكَ, وكأنّه؛ لم يسمَعْ تبرُّؤَ التَّابعين عن المتبوعِينَ؛ يقولون: (تاللهِ إنْ كُنّا لفي ضَلالٍ مبينٍ؛إذ نُسوِّيكم بِربِّ العالمينَ..), كَذَبَ العادلِونَ بِكَ, إذ شبّهوكَ بأصْنأمِهِمْ, و نَحَلُوكَ حِليَةَ المَخلوقينَ, بأوْهامِهم, وجَزَّؤَكَ تَجْزِئَةَ المجسَّماتِ بخَواطِرِهِمْ...»(32).

قوله: (فأشهد من شبّهك... العالمين), فيه التفات بلاغي(33), وقوله: العادلون بك الذين جعلوا لك عديلاً ونظيراً(34).

لا وجود لوجه الشبه هنا إلاّ تأويلاً, وهناك خفاء لمعرفة (المشبّه به)؛ إذا قلنا.من شبّهك بالأسد, فإنّ المشبّه به هو (الأسد), ووجه الشبه: (الشجاعة)، والمشبّه؛ الضمير (كاف المخاطب).

فقوله: (من شبّهك بتباين...), فإنّ (تباين أعضائهم, وتلاحم حِقاق مفاصلهم) هو :المشبّه به. والحقيقةغير ذلك؛ لأنّ المشبّه به هو( الخلق) ـ تأويلاً ـ وإنّما جعل المشبَّه به (تباين الأعضاء, وتلاحم حِقاق مفاصلهم)؛ لأنّه في أثناء ذم المشبّه, والتنبيه على وجوه خطئه, وعرفنا ـ المشبّه به ـ(الخلق) من أنّ (تباين الأعضاء وتلاحمها) من صفات المشبّه به، وهما ملازمان للنظم, واجتماع المفردات المستلزم لظهور الحاجة إلى المنظوم (الخلق) والجامع بينهما. ويمتنع ـ اجتماع المفردات ـ ظهور دلالته على أنْ يتشبّه به الصانع المطلق, وعن تنزيه الإله عن التشبّه به, وإن كان تقدير الكلام: (من شبّهك بخلقك في أعضائهم المتباينة المتلاحمة...).

ومعنى السياق الكلّي في هذا النظم؛ أنّه (ع) شهد بأنّ المُجسِّم كافر, وأنّه لا يعرف الله, وأنّ مَن شبّه الله بالمخلوقين, ذوي الأعضاء المتباينة , والمفاصل المتلاحمة, لم يعرفْه, ولم يباشر قلبه اليقين, فإنّه؛ لا ندّ له, ولا مثل, ثم أكّد ذلك بآيات من كتابه ـ عز وجل ـ وهي قوله: ((فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ))(35). قال ـ سبحانه ـ ؛ قول الكفار في النار: وهم التابعون للذين أغووهم من الشياطين, وهم؛ (المتبوعون).

لقد كنّا ضالين, إذ سوّينا كم بالله ـ تعالى ـ وجعلناكم مثله، ووجْه الحجّة؛ أنّه ـ تعالى ـ قصّ علينا قصة منكرٍ على من زعم أنّ شيئاً من الأشياء يجوز تسويته بالباري(36), سبحانه, فلو كان الباري, جسماً مصوَّراً, لكان مشابهاً لسائر الأجسام المصورة(37). فلم يكن لإنكاره على من سواه, بالمخلوقات معنىً.

وأردف الإمام بقوله: (كذب العادلون)؛ أي: المثبتون لك نظيراً وشبيهاً, يعني الأجسام المشبهة, والمجسَّمة, إذ قالوا: إنّك على صورة آدم, فشبّهوك بالأصنام التي كانت الجاهلية تعبدها, وأعطوك حلية المخلوقين لمّا اقتضت أوهامّهم.

جاء هذا المعنى بسبب تأويل (المشبّه به) في قول الإمام هذا, فغرابة هذا النوع من التشبيه, أثـّرت في معنى السياق الكلـّي للنظم, فجاء غريباً.

لحظنا أنّ التشبيه البعيد الغريب ـ البليغ ـ إنّما كان مّما لا يُنتقل فيه من المشبّه إلى المشبّه به إلّا بعد إعمال فكر, لخفاء وجهه, وسبب خفائه أمران؛ أحدهما كونه كثير التفصيل, كما مرّ بنا في (الاستئناس بالثدي), و(اضطراب الأرشية), والثاني: من ندور حضور المشبّه في الذهن؛ إمّا عند حضور المشبّه, لِبُعْد المناسبة بينهما, كما في تشبيه (الخالق بالمخلوق), وإمّا مطلقاً لكونه «مركّباً خيالياً»(38)ـ أي التشبيه في النظم ـ وكلـّما كان النظم مركّباً من أمور أكثر كان التشبيه أبعد وأبلغ(39). كقول أبي طالب الرقي:

« وكأنَّ أجرامَ النجومِ لوامِعاً دُرَرٌ نُثْرنَ على بساطٍ أزرقِ »(40)

وعلى نحو من هذا التشبيه جاء قوله (ع) في (النهج): «....تَميدُ بأَهْلِها مَيَدانَ السَّفينَةِ, تَقْصِفُها العَواصِفُ في لُجَجِ البحارِ, فَمِنْهُمُ الغَرِقُ الوَبِقُ, ومِنهُم النَاجِي عَلى بُطونِ الأمْواجِ, تحْفِزُهُ الرِّياحُ بأذْيالِها, وتَحْمِلُه عَلى أهَوالِها, فَمَا غَرِق مِنْها, فلَيْسَ بِمُستدَركٍ, ومَا نَجَا مِنها, فَإلى مَهْلَكِ»(41).

تميد: تتحرّك, وتميل, والمَيَدان: حركة واضطراب(42), وتقصفها العواصف: تضربها بشدّة, ضرباً بعد ضرب(43), والعواصف: الرياح القوية(44), والوبـِق: الهالك(45), وتحفزه الرِّياح:تدفعه من خلفه(46).

ضرب الإمام للدنيا وأهلها, مثلاً عجيباً بقوله: (تميد بأهلها ميدان السفينة بأهلها) حال كونها (تقصفها) القواصف, وتصفقها (العواصف من الرياح) في (لجج البحار) الغامرات المتلاطمة التيار المتراكمة الزخّار.

فقد شبّه الدنيا بالسفينة التي في (اللجج) حال كونها تضربها الرياح الشديدة, وشبّه أهل الدنيا بأهل السفينة, وشبّه تقلباتها بأهلها بالهموم والأحزان, والغموم, والمِحن, بمَيدان السفينة واضطرابها بأهلها, وشبّه الأمراض والآلام والعِلل والأسقام, ونحوها من الابتلاءات الدنيوية الموجبة للهموم والأحزان, بالرياح العاصفة الموجبة لاضطراب السفينة, ووجه الشـّبه: أنّ راكبي السفينة في لجج البحار الغامرة, عند هبوب الريح العاصفة, والزعزع القاصفة, كما لا ينفكـّون من علز القلق, وغصص الجرض. كذلك أهل الدنيا لا ينفكـّون من مقاساة الشدائد وألم المضض.

وأيضاً؛ فكما أنّ راكبي السفينة, بعد ما انكسرت بالقواصف, صاروا إلى قسمين، قسم؛ (منهم الغَرِق الوَبِق)، أي: الهالك في غمار البحار, وقسم (منهم الناجي) من الغَرِق على بعض أخشاب السفينة, وألواحها على متون الأمواج المتلاطمة المتراكمة و(تحفزه) تدفعه من خلفه الرياح العاصفة والزعازع القاصفة بأذيالها من جنب إلى جنب، شبّهها بالحيوانات البحرية التي تضرب بذيلها, و(الذيل): مؤخر الحيوان, والضرب به ناتج عن تقلص وانبساط عضلاته, فالضرب به يكون بقوة؛ لأنّه وعاء تقلصات الجسم كلّه واجتماعها فيه(47), كذلك مؤخّرات الرياح؛ تقصف بقوة؛ لأنّها ناتجة عن تموِّجها, الذي يشـبه (التقلّص والانبساط) عند الحيوان, فتدفع قوّتها مجتمعة في آخرها(48).

وقوله: (تحمله على أهوالها)؛ تسوقه من رفْع إلى خفْض, ومن خفْض إلى رفْع, فكذلك أهل الدنيا, ينقسم إلى قسمين؛ أحدهما: الهالك عاجلاً بغمرات الآلام, وطوارق الأوجاع والأسقام, والثاني: الناجي بعد مكايدة تعب الأمراض, ومقاساة مرارة العلل.

وقوله: (فما غرق منها)، أي: فكما أنّ ما غرق من السفينة, وأراد به؛ (الغريق) من أهلها مجازاً, وقوله: (ليس بمستدرك), أي: ليس ممكن التدارك, وقوله: (ما نجي منها إلى مهلك), أي: الناجي من أهلها، فعاقبته إلى الهلاك. وإن عاش يسيراً, فكذلك أهل الدنيا من مات منهم لا يتدارك ولا يعود, ومَن كان بريئاً, بعد ما شُفي من مرضه, ونجا من الموت عاجلاً, فمآله إليه لا محالة آجلاً, وإن تراخى أمله قليلاً.

ومعنى النصّ الكلّي, أن أهل الدنيا كراكب السفينة في البحر, وقد مادت بهم, فمنهم الهالك على الفور, ومنهم من لا يتعجّل هلاكه, وتحمله الرياح ساعة, أو ساعات, ثم مآله إلى الهلاك أيضاً, فـ((كل نفس ذائقة الموت))(49).

وهذا المعنى لم يأتِ؛ إلاّ بعد شرح كلّ صورة تشبيهية على حدِّها, وبمجموع هذه الصور, نتج المعنى الإجمالي هذا. وهذا هو بُعد التشبيه المركّب, وتداخله مع التشبيه البليغ , أعطى سياقاً آخراً ذلك هو ؛ أنّ هذه التشبيهات, كلّ غرضها : التنفير عن الدنيا , والتنبيه على قرب زوالها , وتكدر عيشها , ومرارة حياتها, ليرغِّب بذلك كلّه إلى العمل للدار الآخرة, ولذلك, أكّد القول بقوله:

«عِبادَ اللهِ, الآنَ فاعْلَمُوا, والألْسُنُ مُطْلَقةٌ وَالأبْدَانُ صَحِيْحَةٌ وَالأعْضَاءُ لَدْنَةٌ...»(50).

ولو التفتنا إلى قوله: (تحفزه الرياح بأذيالها)، نجده غرضاً مجازياً, فإنّ الرياح لا تدفع, وإنّما؛ العمود القائم بين انخفاض الأرض، والغلاف الجوي هو: الذي يسبب هيجان الرياح, واندفاعها إلى مناطق أُخرى من الكرة الأرضية هو الذي يدفع(51). وبعقيدتنا أنّ الله هو: الذي يدفع الرياح، بملك يسوقها, ميكائيل (ع) .

فهذا تشبيه حُذفت أداته, وكذلك حُذف فيه وجْه الشـّبه, وتُنوسي فيه التشبيه, أليس هذا تشبيهاً غريباً؟! أثَّر في النظم, فجاء سياقه غريباً أيضاً هذا أولاً.

وثانياً: لمّا كان الكلام مجازاً وبُني على (التشبيه), كان استعارة؛ لأنّ؛ «كلّ مجاز يُبنى على التشبيه يسمى استعارة»(52).

وهذا ما سيعقده القسم الثاني من هذا الفصل. وأمثلة غرابة سياق التشبيه كثيرة في (النهج)(53).

 

***

 

المبحث الثاني؛ غرابة السياق في نظم (الاستعارة):

تكمن الغرابة هنا من خلال خفاء وجه الشّبه الاستعاري, وقد لا يظهر في الاستعارة, فيكون إلى الخفاء أقرب, وعن الإدراك أبعد, فيعدّونه من أحسن الاستعارات, وخفاؤهُ أوقع عند البلاغيين.

الاستعارة؛ لغةً: من قولهم استعار المال, طلبه عارية(54), وللبلاغيين عدّة تعريفات, قد تختلف في اللفظ والتعبير, لكنَّها تتحد في المعنى, والمدلول, بيد أنّهم؛ أطبقوا على أنّ الاستعارة اصطلاحاً: هي استعمال اللفظ في غير ما وقع له لعلاقة (المشابهة) بين المعنى المنقول عنه, والمعنى المستعمل فيه, مع (قرينة) صارفة عن إرادة المعنى الأصلي(55).

والاستعارة ليست إلاّ تشبيهاً مختصراً, لكنّها أكثر تخيّلا منه(56), لقياسها على الحذف المشعر بتناسي التشبيه, فمن شأنها أن تسقط ذكر المشبه من البيّن, وتطرحه, وتدعي له الاسم الموضوع للمشبّه به, كقولنا: (رأيتُ أسداً في المدرسة)، ونريد رجلاً شجاعاً, و(وردتُ بحراً زاخراً)، ونريد رجلاً كثير الجود, معطاء. فأصل الاستعارة في المثال الأول (رأيتُ رجلاً كالأسد), فحذفْتَ المشبّه لفظاً ـ رجلاً ـ وحذفْتَ الأداة ـ الكاف ـ وحذفْتَ وجه الشـّبه ـ الشجاعة ـ و ألحقْتَهُ بقرينة (المدرسة) لتدلَّ على أنّك تريد بالأسد شجاعاً, وكذلك في المثال الثاني. وقد نقلنا الحديث إلى المشبّه به لقصدنا أن نبالغ فيه, فنضع اللفظ بحيث يُخيّل أنّ معنا الأسد نفسه, أو البحر(57).

أمّا التشبيه فهو؛ على أصله لم يتغيّر عنه في الاستعمال(58). فتكون الاستعارة أبلغ(59) من التشبيه, إذ تبقى ألفاظه على حقيقتها فيه, فالاستعارة مجاز, وهو حقيقة, والمجاز أبلغ, فكل مجاز يُبنى على التشبيه يسمى (استعارة), غير أنّ المجاز لم يكن كلّه حسناً في كلام العرب, فقد جُعلت له شروط في الحسن,إن صادَفَها حسنتْ, وإلّا عُريت عن المعنى(60). والمجاز الذي تكون الاستعارة أعلى مراحله, هو الذي يفجّر اللغة, بعد أن يكون الخيال قد أمدّه بالوسائل المهمة, والعملية لهذا التفجير(61).

للاستعارة أركان ثلاثة, هي: مستعار منه (المشبّه به), ومستعار له (المشبّه), ومستعار (اللفظ المنقول)(62). وقد قُسمتْ الاستعارة إلى أقسام(63): منها استعارة (محسوس لمحسوس بوجه عقليّ), على نحو قوله ـ تعالى ـ ((وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ))(64), فالمستعار منه (كَشط الجلد)؛ وإزالته عن الشاة ونحوها, والمستعار له (إزالة الضوء عن مكان الليل), ومَلْقى ظله؛ وهما ـ الطرفان ـ حسِّيان, والجامع لهما مايعقل من ترتـّب أمر على آخر(65), وحصوله, عقيب حصوله, كترتـّب ظهور اللحم على (الكَشط), وظهور الظلمة على (كشف الضوء), فالترتيب عقلي.

فالاستعارة هنا واقعة؛ لأنّ المراد بالسلْخ لغةً ـ كَشط الجلد ـ والمراد به هنا عقلاً ـ إزالة الضوء ـ فالاستعارة محققة الوقوع عقلاً وحِسّاً؛ لأنّ مفهوم لفظ (السلخ) بعد صرفه عن معناه الحقيقي, لا يتجه إلى إيضاح أمر المستعار, وتجلّية حقيقته.

فهذا البعد في الخيال عن طريق التعبير المجازي في الاستعارة, هو الذي يولّد الغرابة فيها, أوّلاً, وفي النصّ: ثانياً, وفي السياق ثالثاً.

ومن استعارات هذا النوع أيضاً ما يبدو فيها الجامع غامضاً غريباً، لا يدركه أصحاب المدارك (من الخواص)؛ قول: كُثـِّير؛ يمدح عبد العزيز ابن مروان:

« غَمْرُ الرِّداءِ, إذا تَبسّمَ ضَاحِكاً غَلَقَت لِضحْكَتِه رِقابُ المال»(66)

غَمْر الرداء: كثير العطايا والمعروف.

استعار (الرداء) للمعروف؛ لأنّه يصون ويستر عِرْض صاحبه, كما يصون الرداء , ويستر ما يُلقى عليه, فنظر إلى المستعار له, وأضاف إليه (الغَمْر), وهو (القرينة), على عدم إرادة المعنى؛ ـ معنى الثوب ـ. فوصفه بـ(الغمر) الذي هو؛ وصْف المعروف لا الرداء, فهو من صفات المال, لا من صفات الثوب, فهذه الاستعارة, لا يظفر باقتطاف ثمارها إلاّ ذوو الفطر السليمة, والخبرة التامة.

ولولا غرابة هذه الاستعارة لَمَا غُمض معنى سياقها, الذي غَرُب في ما بعد على البلاغيين أنفسهم, فاضطربوا في تحديد نوع هذه الاستعارة, فمنهم من أطلق عليها؛ «استعارة مجردة»(67) وآخر سمّاها «استعارة خاصية»(68)، وثالث سمّاها على أنواع الأصول فالأصل الأول ـ عنده ـ هو: أخذ الشـّبه الاستعاري من «الحسيّ إلى العقليّ»(69).

ولهذا الاضطراب عينه سأكتفي بذكر الغرض البلاغي من دون تحديد نوع الاستعارة فيه, مطبِّقا ما جاء منها على ما وجدتُه في (النهج).

فمن هذه الإستعارة قول الإمام علي (ع): «أيُّها النَّاسُ, شُقـّوا أَمْواجَ الفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاة, وعَرِّجُوا عَنْ طَريقِ الُمنافَرَةِ, وَضَعُوا تِيجَانَ الُمفاخَرَةِ. أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجناحِ, أوْ استَسْلَم فأرَاحَ...»(70).

المنافرة: من نفر, إذا ابتعد أو تفرّق عنه والفخر: التمدّح(71), والمفاخرة: أن يذكر كلّ واحد من الرجلين مفاخره, وفضائله, وقديمه؛يتحاكما إلى الثالث.

وهذه من أحسن الاستعارات التي تضمّنت مناسبة بين المستعار والمستعار منه ـ سمّيت استعارة مجرّدة أو... كما مرّ ـ ... .

قوله: (شقـّوا أمواج الفتن بسفن النجاة) يعني: قد تتضاعف الفتن, وتترادف, فحسن تشبيهها بأمواج البحر المضطربة جاء من أنّه, لمّا كانت السفن الحقيقية تـُنجي من أمواج البحر, حسُن أن يستعار لفظ (السفن) لِما يُنجي من الفتن.

شبّه الفتنة بالبحر المتلاطم, فلذلك استعار له لفظ (الأمواج), وكنّى بها عن حركة الفتنة وقيامها, ووجه المشابهة ظاهر الاشتراك بين (البحر) وبين(الفتنة) عند هيجانيهما, في كونهما سبباً لهلاك الخائفين, واستعار بـ(سفن النجاة) لكلّ ما يكون وسيلة إلى الخلاص من الفتنة وقيامها, من مهادنة, وحيلة منجية, وصبر.

ووجْهُ المشابهة؛ كون كلّ منهما وسيلة إلى السلامة, إذ حدّد الطرق المذكورة؛ طرق النجاة من ثوران الفتنة, والهلاك فيها. كما أنّ السفينة سبب للخلاص من أمواج البحر. وأرى أيضاً؛ أنّه أراد بقوله (سفن النجاة): أهل بيته, لأن بهم ينجّى من الدنيا ومظلاّتها.

كما قال النبي: «مَثَلُ أهل بيتي؛ كسفينة نوح مَن ركبها نَجَا, ومَن تخلَّف عنها غَرِق»(72). وقوله: (وعَرِّجوا عن طريق المنافرة), عرّج: أقام, والتعريج: الإقامة على الشيء, يُقال: عرّج فلان على المنزل؛ إذا حَبس(73) نفسه عليه, فالتقدير: (عَرِّجوا على الاستقامة, منصرفين عن المفاخرة).

وقوله: (وضعوا تيجان المفاخرة), استعار لفظ (التاج)؛ لأنّه مّما يعظم به قدر الإنسان, فقد أمر؛ بالتزام طريق آخر, ذلك: هو ترك المفاخرة فإنّها تهيِّج الأضغان, فتورث الأحقاد, وبذلك, توجب قيام الفتنة.

ولمّا كان أكبر ما ينتهي إليه أرباب الدنيا من المفاخرة؛ هو لبس التيجان, فهي رمز إمرة الملوك والخلافة, وكانت الأصول الشريفة, والأبواب الكريمة والقينات الحسنة, هي أسباب الافتخار الدنيوي, ومنشؤه, كانت المشابهة بينها, وبين (التيجان)؛ حاصلة, فاستعار لفظها لها, وأمر بوضعها.

وأرى أيضاً في قوله: (وضعوا تيجان المفاخرة)؛ هو قلب, قُصد به المبالغة, والقصد هذا؛ هو: ضعوا تيجان المفاخرة عن رؤوسكم, واطرحوها أرضاً, فبئس تاج الفخر هذا, فكأنّه يقول: (طأطؤا رؤوسكم تواضعاً, ولاترفعوها بالمفاخرة إلى حيث تصيبها تيجانها).

وقوله: (أفلح من نهض بجناح) أي: مات؛ شبّه الميت المفارق للدنيا بطائر نهض عن الأرض, بجناحه، ويُحتمل أن يريد بذلك: (أفلح من اعتزل العالم وساح في الأرض) منقطعاً عن تكاليف الدنيا، كما يطير الطائر ويسيح في الأرض، و يُحتمل؛ أيضاً أن يريد: (أفلح من نهض في طلب الرئاسة بناصر ينصره، وأعوان يجاهدون بين يديه). وعلى هذه الاحتمالات تنطبق اللفظة الثانية (أو استسلم فأراح)، أي: أراح نفسه باستسلامه.

فقد أشار (ع) إلى أنّه كيف ينبغي أن يكون حال المتصدي لهذا الأمر، وكيف يكون طريق فوزه بمقاصده، و النجاة له، فحكم بالفوز لمن (نهض بجناح) واستعار لفظ (الجناح) للأعوان، والأنصار، ووجه الشـّبه. تخيّلاً، ذلك أنّ (الجناح) لمّا كان محل القدرة على الطيران، و كانت الأعوان و الأنصار؛ بهم القوة على النهوض إلى الحرب، والطيران في ميدانها، لا جرم أن حصلت المشابهة، فاستـُعير لهم لفظ (الجناح)، و حكم بالنجاة للمستسلم عند عدم (النجاح)، فكلاهما ـ النهوض والاستسلام ـ يشملهما الفلاح.

وهنا تنبيه على قلّة ناصره, والأوْلى عندي؛ أنّه أراد أن يقول: (ليس الأمر كما ذكرتم, بل الصواب عندي في ما يفعل ذوو الرأي في هذا الأمر, فأمّا أن يكون ذا جناح فينهض به, ويفوز بمطلوبه, أو لا يكون؛ فيستسلم, وينقاد, فينجو بنفسه من تعب الطالب).

رأينا كيف بَعُد التأويل الاستعاري في هذا النظم بعدّة وسائط ـ احتمالات المعنى في النصّ ـ أليس لهذا التأرجح التأويلي للمعنى الاستعاري في النظم الكلّي للنصّ غرابةً في سياقه؟!

ومن الاستعارات التي خفى فيها وجه الشـّبه, ما وجدتـُه في كلامه (ع) في (النهج) حينما قال: «....ألاَ وإنَّ الخَطايا خَيْلٌ شُمُسٌ, حُمِلَ عَليْها أهْلُها وخُلِعتْ لُجُمُها, فَتَقَحَّمَتْ بِهِمْ في النَّار...»(74).

الخطايا: جمع خطيئة. وهي: الذنب(75), شُمُس: جمع شموس, وهي: من (شَمَسَ), ـ كنصر ـ أي: منع ظهره من أن يركب(76), ولُجُمُها: جمع لجام, وهو عنان الدابّة الذي تـُلجم به(77), وتقحّمت به في النار: أردتـْه فيها(78).

استعار لفظ (الخيل) للخطايا, ثم وصفها بالوصف المنفِّر, وهو الشموس؛ والهيأة المانعة لذي العقل من ركوبها, وهي كونها مع شموسها مخلوعة اللّجم, ووجه الاستعارة, هو: لمّا كانت الفرس الشموس التي خلع لجامها؛ تقحّم براكبها المهالك, وتجري به على غير نظام, فكذلك الخطايا, لمّا جرى به ركوبها على غير نظام الشريعة الإسلامية, فخلع بذلك لجام الأوامر الشرعية, وحدود الدين, ولا جرم, كانت غايته من ركوبه لها من أن تتقحّم به أعظم موارد الهلاك, وهي: نار جهنم, فخفاء الشـّبه الاستعاري من لطيف الاستعارة وأولاها.

ومثل هذا أيضا قوله (ع): «... ألاَ وَإنَّ التَّقْوَى مَطَايا ذُلُلٌ, حُمِل عَلَيْها أَهْلُها, وأُعطوا أَزِمَّتَها, فأَوْرَدَتْهم الجَّنةَ...»(79).

استعمل لفظ (المطايا) بالوصف الحسن, الموجب للميل إليها, وهو؛ كونها ذلُلاً, وبالهيأة التي ينبغي للراكب, وهو أخذ الزِّمام, وأشار بالأزِمَّة إلى حدود الشريعة, التي يلزمها صاحب التقوى, ولا يتجاوزها. ولمّا كانت المطّية الذلول, من شأنها أن تتحرك براكبها على وفق النظام الذي ينبغي, ولا يتجاوز الطريق المستقيم, بل يصرفها بزمامها, فتسير به على مهْل وتؤودّة, فيصل بها إلى المقاصد, كذلك التقوى, فسهولة طريق السالك إلى الله بالتقوى, وراحته عن جموح الهوى به في موارد الهلكة, يشبه ذلـّة المطية.

وحدود الله التي بها يملك التقوى, ويستقر عليه, يشبه أزمّة المطايا التي بها تُملَك, وكون التقوى موصلاً لصاحبه بسلامة إلى السعادة الأبدية, التي هي أسْمى المطالب, يشبه غاية سير المطيّ الذلول براكبها. والاستعارة في الموضعين استعارة لفظ المحسوس للمعقول, ثم أنّ هنا طريقين مركوبين مسلوكين, طريق الخطايا, وطريق التقوى, ذكر بعدهما أنّهما (حق), و(باطل) فكأنّه قال: وهما: حقّ وهو التقوى, وباطل وهو الخطايا.

ومن نافلة القول: أقول: إنّ في هاتين الاستعارتين, تقابلاً وتطابقاً بين بعض ألفاظهما من جهة, وبين معنى السياق الكلّي لنظميهما من جهة أخرى. ففي الأولى ـ تقابل المفردات ـ قابل (الخطايا) بـ(التقوى) و(الخيل) بـ(المطايا), و(الشمس) بـ(الذلل), وطابق (خلعت لجمها) مع (أعطوا أزمَّتها) و(تقحمت) بـ(أوردت) وقابل (النار) بـ(الجنة).

وفي الثانية ـ مقابلة النظم ـ قابل معنى النظم في الاستعارة الأولى, بمعنى النظم في الاستعارة الثانية, فتداخل الأغراض في نصّ واحد, غرابة ٌ في سياق النظم الكلّي للنصّ.

لحظنا ؛ أنّ في هاتين الاستعارتين خفاءاً وبُعْداً في التشبيه الاستعاري مّما رقا بهما السياق إلى الغرابة, وقد يبدو وجه الشبه, إلاّ أنّ خفاءه أوقع عند البلاغيين, وكلّما ازدادت الاستعارة خفاءً ازدادت حسنا ورونقاً وهذا هو مجراها الواسع المطّرد(80), في خفي تأويل المستعار, بتخيّله, أو بالإشارة إليه, فكيف إذا حُذف وجه الشبه نهائياً, وبَعُدت القرائن, وهذا ما وجدتـُه في (النهج).

قال الإمام (ع): «العَيْنُ وِكَاءُ السّتَه...»(81).

فهي: من غريب الاستعارات, وعجيبها, ولهذا شرح غريبها الرضي بقوله: «وهذه من الاستعارات العجيبة, كأنّه شبّه السّته بالوعاء, والعين بالوكاء, فإذا أُطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء...»(82).

السّته: «الأست, وهو العجز, وقد يراد حلقة الدبر»(83).

والآن لننظركيف يجعل حذْف وجه الشبه أو خفاؤه, وبُعْد القرائن معاني عدّة لهذه الحكمة, ومن هذه المعاني ما يأتي:

ـ إنّ الشخص إذا حُفظ من خلفه, لم يُصب من أمامه في الأغلب, فكأنّه وعاء الحياة والسلامة, إذا حُفظ حَفَظَنا, والعين الباصرة وكاءِ ذلك الوعاء, أي: رباطه؛ لأنّها تـُلِحظ ما عساه يصل إليه, فتنسيه العزيمة لدفعه, والتوقـِّي منه, فإذا أحمِل الإنسان إلى مؤخّرات أحواله أدركه العطب.

ـ ويُحتمل أن يكون كلامه تمثيلاً لفائدة العين في حِفْظ الشخص مّما قد يعرض عليه من خلفه, وإنّها لا تختلف عن فائدتها في حِفْظه مّما يستقبله من أمامه وإرشاده إلى وجوب التبصّر في مضنّات الغفلة.

ـ لمّا شبّه (الأست) ـ السّه ـ بالشِكوة, أو القِربة, ثم حذف المشبّه به ـ القربة ـ وأبقى لوازمه, وهو الوكاء: أي الصمام. ثم عقد تشبيهاً بليغاً, بين (العين) وبين (الوكاء), فقال: (العين وكاء السّته), كان المعنى: أنّ العين اليقظانة تُشْبه الصمّام, أو السدّاد الذي تُقفل به القربة, فيمتنع ما فيها من الخروج, فيقظة العين تمنع ما يخرج من الأست.

هذه الاحتمالات؛ جاءت من خفاء وجه الشبه الاستعاري, الذي أثـّر في سياق معنى النظم, فجاء معناه محتملاً أيضاً, بل غريباً, ولكنّ الذي يكون له مقام, مقام الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع), أيقول هذا الكلام أو مثله؟!!

لابدّ من أن نحمله على محمل غير ما ذُكر في الاحتمالات الثلاثة الأُوَل, فيكون هو المحمل اللائق بمقامه (ع) فلا شكّ من أنّ هناك معنى عميقاً, ذلك هو: (أنّ النوم ينقضُ الوضوء)؛ لأنّ العين, إذا نعست, ضعف حكْم الأست, وانسدادها, فيخرج منها الريح, فينتقض الوضوء.

بحسبي هذه الأمثلة في غرابة السياق المتأتية من خفاء, أو حذف الشبه الاستعاري, ومثلها كثير في (النهج)(84).

وفي هذه الاستعارات ألفاظٌ تشبيهية دوّرها المجاز, لوجود قرينة خدمته فصرفت عنه المعنى الحقيقي إلى معنى استعاري, عُبّر عنه بأسلوب بلاغي مهذّب, صريح فكيف إذا أريد التعبير إلى أفعال خسيسة, أو أفعال مكروهة السّمع, فلابدّ من أن يُعبّر عن هذه الأفعال بأسلوب آخر من أساليب علم (البيان), ولعلّ أسلوب الكناية من بين هذه الأساليب, هو الأسلوب الوحيد الذي يستطيع به المرء ترك التصريح إلى التلميح, وهذا ما سنراه في المبحث الأول من الفصل القادم, إن شاء الله.

***

الهوامش

(1) ينظر: القاموس (ش/ب/5):1148.

(2) ينظر: الكامل للمبرد: 2/766, و(نقد الشعر): 122, و(النكت في إعجاز القرآن): 74, و(إعجاز القرآن): 699, و(العمدة): 1/286, و(مفتاح العلوم): 177.

(3) ينظر: الإيضاح:2/ 335 ـ 355.

(4) ينظر: الصناعتين: 246ـ 248 , و(النكت في إعجاز القرآن): 76, و(القرآن المعجزة الكبرى): 220ـ 221.

(5) الحديد/20.

(6) النكت: 76.

(7) شرح النهج: 20/182, رويت موثـّقة النسبة ومقيّدة, للإمام في: (مشكاة الأنوار):411, و(المستطرف):2/219.

(8) شرح النهج: 20/182.

(9) القاموس المحيط (ر/و/د): 271.

(10) ينظر: المصدر نفسه.

(11) شرح النهج: 9/278, رويت هذه الخطبة موثـّقة للإمام في: (ربيع الأبرار): 1/211, و(النهاية): 1/27, 2/140, 3/238.

(12) الحج: 46.

(13) شرح النهج: 9/279.

(14) ينظر:القاموس المحيط: (ك/ب/س):527.

(15) شرح النهج: 20/229. رواها ابن الأثير موثقة للإمام في (النهاية), (ذ/ل/ل): 2/166.

(16) شرح النهج: 20/229.

(17) الصافات/48 ـ 49.

(18) الجمان في تشبيهات القرآن: 242.

(19) ينظر: نزهة القلوب: 5، 192, و(تفسير الجلالين): 592, و(تفسير القرآن الكريم) لابن شبّر: 447.

(20) الإيضاح: 2/384.

(21) بحثنا غرابة (افعل التفضيل) في الفصل الثالث من الباب الثاني (غرابة الاشتقاق).

(22) شرح النهج: 1/213, رويت هذه الخطبة موثقة النسبة للإمام, ينظر: (المحاسن و المساوئ): 2/139, و(الاحتجاج): 1/127, و(التذكرة): 137.

(23) النحل: 61.

(24) الإمام علي بن أبي طالب: 187.

(25) ينظر: شرح النهج: 1/ 213.

(26) ينظر: في ذلك (الفيزياء في الأواني المستطرقة):87.

(27) شرح النهج: 19/25. قيّدها الآمدي للإمام في (الغرر): 239.

(28) ينظر: ما قاله النبي في هذا الشأن في: (المناقب للخوارزمي):52، 58، و(كفاية الطالب): 70، 93، 242، و(ينابيع المودة): 97, و(الرياض): 2/210, و(مائة منقبة): 142, و(المقتل): 1/36, و(تاريخ ابن كثير): 6/219, و(كنز العمال): 6/157, و(كنوز الحقائق): 188.

(29) الأنبياء: 30.

(30) ينظر:أسرار البلاغة:210.

(31) خاص الخاص: 56, و(المطول): 315, و(المعاهد): 180.

(32) شرح النهج: 6/413, الآية: 94 ـ 98, من سورة الشعراء, مصادر هذه الخطبة في الفصل الأول من هذا الباب (غرابة سياق المقابلة).

(33) هذا كقوله تعالى: (مالك يوم الدين, إياك نعبد), الفاتحة/ 3 ـ 4؛ لأن قبله (...فحجّتُهُ بالتدبير ناطقةٌ, ودلالتُهُ على المبدع قائمة), (شرح النهج):6/410.

(34) ينظر: القاموس المحيط (ع / د / ل):948.

(35) الشعراء/94 ـ 98.

(36) ينظر: تفسير الجلالين: 491, و(تفسير القرآن الكريم): 371.

(37) ينظر: فلسفتنا: 287.

(38) الإيضاح: 2/377.

(39) ينظر: الإيضاح: 2/378.

(40) ينظر: ترجمة الشاعر في(يتيمة الدهر):1/244 ـ 245, والبيت في (المطول): 336, و(الجامع): 292, و(نهاية الإرب): 1/33, و(نثارالأزهار): 141, و(أنوار الربيع): 455, 687... .

(41) شرح النهج:10/176, رواها الآمدي موثـّقة ومقيّدة للإمام في (الغرر): 87 .

(42) ينظر: القاموس المحيط (م/ي/د): 303.

(43) ينظر: المصدر نفسه (ق/ص/ف): 780.

(44) ينظر: م. ن. (ع/ص/ف): 773.

(45) ينظر: م. ن. (و/ب/ق): 854.

(46) ينظر: م. ن. (ح/ف/ز): 472.

(47) ينظر: هذا المعنى في (الفقريات واللافقريات): 199.

(48) ينظر: هذا المعنى في (تموّج الماء من الهواء): 72.

(49) آل عمران/185.

(50) شرح النهج: 10/176.

(51) اثر الغلاف الجوي على الأنهار والبحار والمحيطات: 111.

(52) جواهر البلاغة: 304.

(53) ينظر:شرح النهج: 6/127/2, 7/78/6, 16/289/6... .

(54) ينظر: القاموس المحيط: (ع/و/ر): 416.

(55) ينظر: قواعد الشعر: 46, و(الوساطة بين المتنبي وخصومه): 41, و(الرسالة الموضحة): 29, و(نقد الشعر): 55, و(فن الشعر): 176, و(بديع القرآن): 19, و(المصباح): 61, و(جواهر البلاغة): 303.

(56) ينظر: العمدة: 1/470, و(نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز): 115, و(حسن التوسل): 126.

(57) ينظر: أسرار البلاغة: 223.

(58) ينظر: النكت في إعجاز القرآن: 85.

(59) ينظر: معترك الأقران: 1/284.

(60) ينظر: مفتاح العلوم: 69.

(61) ينظر: اللغة الشعرية في الخطاب النقدي العربي: 66.

(62) ينظر: جواهر البلاغة: 304.

(63) ينظر: الإيضاح: 2/426.

(64) يس/37.

(65) ينظر: الإيضاح: 2/427.

(66) ديوانه: 72.

(67) الإيضاح: 2/432.

(68) جواهر البلاغة: 329.

(69) أصول البيان العربي: 98.

(70) شرح النهج: 1/213, سبقت مصادر هذه الخطبة في (غرابة سياق التشبيه), (استئناس الطفل بثدي أمه).

(71) ينظر: القاموس المحيط: (ن/ف/ر), (ف/خ/ر): 451, 423.

(72) حلية الأولياء:3/306, و(المعجم الكبير):34/12, و(المستدرك على الصحيحين): 3/151, و(مجمع الزوائد):9/168, و(الصواعق المحرقة): 186, و(كنز العمال): 6/216.

(73) ينظر:القاموس المحيط (ع/ر/ج): 194.

(74) شرح النهج:1/272, تقدم توثيق النص في: غرابة السياق بالرغم من وضوح ألفاظه.

(75) ينظر: القاموس المحيط:(خ/ط/أ):50.

(76) ينظر: المصدر نفسه (ش/م/س):511.

(77) ينظر: م. ن. (ل/ج/م):1066.

(78) ينظر : م. ن. (ق/ح/م):1057.

(79) شرح النهج:1/272, الخطبة نفسها.

(80) ينظر: الطراز: 3/345.

(81) شرح النهج: 20/186, قد رواها قبل الرضي المبرد موثقة النسبة للإمام, ينظر: (المقتضب): 1/34, وقد رواها الرضي في (مجازات الآثار النبوية): 208, أيضاً.

(82) شرح النهج: 20/186.

(83) مجمع البحرين (س/ت/5): 2/336.

(84) ينظر: شرح النهج: 4/12/5, 4/33/6 ـ 7، 5/168/1 .