|
||||
|
الفصاحة والجمال |
|
|
|
|
|
لقد كان أصحابه (عليه السلام) - خصوصاً من كان منهم عارفاً بفنون الكلام - مغرمين بكلامه، منهم (ابن عباس) الذي كان - كما ذكر الجاحظ في (البيان والتبيين) - من الخطباء الأقوياء على الكلام (1) فإنه لم يكن يكتم عن غيره شوقه إلى استماع كلامه والتذاذه بكلماته (عليه السلام)، حتى أنه حينما أنشأ الإمام خطبته المعروفة بـ(الشقشقية) كان حاضراً فقام إلى الإمام (عليه السلام) رجل من أهل السواد - أي العراق - وناوله كتاباً، فقطع بذلك كلام الإمام، فقال ابن عباس: (يا أمير المؤمنين! لو اطّردت خطبتك من حيث أفضيت) فقال (عليه السلام): (هيهات! إنها شقشقة هدرت، ثم قرّت) ولم يطرد في كلامه ذاك، فكان ابن عباس يقول: (والله ما ندمت على شيء كما ندمت على قطعه هذا الكلام). وكان يقول في كتاب بعث به إليه الإمام (عليه السلام): (ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كانتفاعي بهذا الكلام)(2). وكان معاوية بن أبي سفيان - وهو ألد أعدائه - معترفاً بفصاحة وجمال أسلوبه: فقد أدبر محقن بن أبي محقن عن الإمام (عليه السلام) وأقبل على معاوية وقال له - وهو يريد أن يفرح قلبه الفائر بالحقد على الإمام (عليه السلام) -: جئتك من عند أعيا الناس! وكان هذا التملق من القبح بمكان لم يقبله حتى معاوية، فقال له: ويحك! كيف يكون أعيا الناس؟! فوالله ما سنّ الفصاحة لقريش غيره!
|
|
|
|
|
الهوامش: 1- البيان والتبيين، ج1، ص230. 2- نهج البلاغة، الرسائل، رقم22، ص140، ج15، من شرح النهج لابن أبي الحديد، ط أبو الفضل. |