افضل النّاس و شرّهم

من كلام له لما اجتمع الناس عليه و شكوا مما نقموه على عثمان بن عفان ، و سألوه أن يخاطب الخليفة الثالث و يستعتبه لهم . فدخل عليه فقال :

إن الناس ورائي ، و قد استسفروني بينك و بينهم [ 2 ] . و اللّه ما أدري ما أقول لك ما أعرف شيئا تجهله و لا أدلك على شي‏ء لا تعرفه .

إنك لتعلم ما نعلم ، ما سبقناك إلى شي‏ء فنخبرك عنه ، و لا خلونا بشي‏ء فنبلغكه ، و قد رأيت كما رأينا و سمعت كما سمعنا . . . فاللّه اللّه في نفسك فإنك و اللّه ما تبصّر من عمى ، و إنّ الطرق لواضحة . فاعلم أن أفضل عباد اللّه عند اللّه إمام عادل هدي و هدى . و إنّ شرّ الناس عند اللّه إمام جائر ضلّ و ضلّ به . و إني سمعت رسول اللّه ( ص ) يقول : « يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر و ليس معه نصير و لا عاذر ، يلقى في نار جهنّم فيدور فيها كما تدور الرحى ، ثم يرتبط في قعرها و إني أنشدك اللّه أن لا تكون إمام هذه الأمّة المقتول ، فإنه كان يقال : يقتل في هذه الأمّة إمام يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة ، و يلبس أمورها عليها ،

[ 1 ] التأسي ، هنا : الاعتبار بالمثال المتقدم .

[ 2 ] استسفروني : جعلوني سفيرا و وسيطا .

[ 93 ]

و يثبّت الفتن فيها ، فلا يبصرون الحق من الباطل ، يموجون فيها موجا و يمرجون فيها مرجا [ 1 ] ، فلا تكوننّ لمروان سيّقة [ 2 ] يسوقك حيث شاء بعد جلال السنّ و تقصّي العمر