اللّهمّ قد انصاحت جبالنا

من خطبة له في الاستسقاء ، و هي من الخطب التي تزخر بالعاطفة و الحنان ،

و بالتواضع لخالق الكون و هيبة الوجود :

اللهمّ قد انصاحت جبالنا [ 2 ] ، و اغبرّت أرضنا ، و هامت دوابّنا و تحيّرت في مرابضها و عجّت عجيج الثّكالى على أولادها ، و ملّت التردّد في مراتعها و الحنين إلى مواردها . اللهمّ فارحم أنين الآنّة ، و حنين

[ 1 ] سكك ، جمع سكة : الطريق المستوي .

[ 2 ] انصاحت : جفت أعالي بقولها و يبست من الجدب .

[ 192 ]

الحانّة اللهمّ فارحم حيرتها في مذاهبها و أنينها في موالجها [ 1 ] اللهم خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنين و أخلفتنا مخايل الجود [ 2 ] ،

فكنت الرجاء للمبتئس و البلاغ [ 3 ] للملتمس : ندعوك حين قنط الأنام و منع الغمام و هلك السوامّ [ 4 ] أن لا تؤاخذنا بأعمالنا و لا تأخذنا بذنوبنا ،

و انشر علينا رحمتك بالسّحاب المنبعق و الربيع المغدق و النبات المونق سحّا وابلا [ 5 ] تحيي به ما قد مات و تردّ به ما قد فات . اللهمّ سقيا منك محيية مروية ، تامّة عامة ، طيّبة مباركة ، هنيئة ، مريعة ، زاكيا نبتها ثامرا فرعها [ 6 ] ناضرا ورقها ، تنعش بها الضعيف من عبادك و تحيي بها الميت من بلادك . اللهمّ سقيا منك تعشب بها نجادنا [ 7 ] و تجري بها و هادنا و تخصب بها جنابنا [ 8 ] و تقبل بها ثمارنا و تعيش بها مواشينا و تندى بها أقاصينا [ 9 ] و تستعين بها ضواحينا من بركاتك الواسعة

[ 1 ] مداخلها في المرابض .

[ 2 ] مخايل ، جمع مخيلة ، كمصيبة ، و هي : السحابة تظهر كأنها ماطرة ثم لا تمطر .

و الجود : المطر .

[ 3 ] البلاغ : الكفاية .

[ 4 ] السوام : جمع سائمة و هي : البهيمة الراعية من الإبل و نحوها .

[ 5 ] سحّا : صبّا . الوابل : الشديد من المطر الضخم القطر .

[ 6 ] زاكيا : ناميا . ثامرا : آتيا بالثمر .

[ 7 ] النجاد جمع نجد ، و هو : ما ارتفع من الأرض .

[ 8 ] الجناب : الناحية .

[ 9 ] القاصية : الناحية أيضا ، و هي بمعنى البعيدة عنّا من أطراف بلادنا ، في مقابلة « جنابنا » .

[ 193 ]