لو لا تخمة الظّالم و جوع المظلوممن خطبة له معروفة بالشقشقية : إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه [ 3 ] ، و قام معه بنو أبيه يخضمون مال اللّه خضمة الإبل نبتة الربيع [ 4 ] ، ألى أن أجهز عليه [ 1 ] تقضمها : تكسرها بأطراف أسنانها . [ 2 ] الهمز و الغمز : الوقيعة ، أي : لم يكن فيّ عيب أعاب به . [ 3 ] يشير إلى عثمان . نافجا حضينه : رافعا لهما ، و الحضن : ما بين الإبط و الكشح . يقال للمتكبر : جاءنا نافجا حضينه . و يقال مثله لمن امتلأ بطنه طعاما . [ 4 ] الخضم : الأكل مطلقا ، أو بأقصى الأضراس . [ 136 ] عمله و كبت به بطنته ، فما راعني إلاّ و الناس ينثالون عليّ [ 1 ] من كل جانب ، حتى لقد وطيء الحسنان [ 2 ] و شقّ عطفاي [ 3 ] ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم [ 4 ] . فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ، و مرقت أخرى ، و قسط آخرون [ 5 ] كأنهم لم يسمعوا كلام اللّه حيث يقول : « تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين » بلى ، و اللّه لقد سمعوها و وعوها ، و لكنهم حليت الدنيا في أعينهم و راقهم زبرجها [ 6 ] . أما و الذي فلق الحبّة و برأ النسمة ، لو لا حضور الحاضر [ 7 ] و قيام الحجّة بوجود الناصر ، و ما أخذ اللّه على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم و لا سغب مظلوم [ 8 ] ، لألقيت حبلها على غاربها [ 9 ] ، و لسقيت آخرها بكأس أولها ، و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز .
[ 1 ] البطنة : البطر و الأشر و التخمة و الإسراف في الشبع . كبت به ، من كبا الجواد إذا سقط لوجهه . ينثالون : يتتابعون مزدحمين . [ 2 ] ولداه الحسن و الحسين . [ 3 ] شق عطفاه : خدش جانباه من الاصطكاك . [ 4 ] ربيضة الغنم : الطائفة الرابضة من الغنم . [ 5 ] الناكثة : أصحاب الجمل . و المارقة : أصحاب النهروان من الخوارج . القاسطون : الجائرون ، و هم أصحاب صفين . [ 6 ] الزبرج : الزينة من وشي أو جوهر . [ 7 ] يقصد من حضر لبيعته ، و لزوم البيعة لذمة الإمام بحضوره . [ 8 ] الكظة : ما يعتري الآكل من امتلاء البطن بالطعام ، و المراد استئثار الظالم بالحقوق . السغب : شدة الجوع ، و المراد منه هضم حقوق المظلوم . [ 9 ] الغارب : الكاهل ، و الكلام تمثيل للترك و إرسال الأمر . [ 137 ] |