انا كأحدكممن خطبة رائعة له لمّا أريد على البيعة بعد قتل عثمان : دعوني و التمسوا غيري فإنّا مستقبلون أمرا له وجوه و ألوان ، لا تقوم له القلوب و لا تثبت عليه العقول [ 4 ] و إن الآفاق قد أغامت و المحجّة قد تنكّرت [ 5 ] ، و اعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، و لم أصغ إلى [ 1 ] استأثر بالشيء : استبدّ به و خصّ نفسه به . أي : انه استبد فأساء الاستبداد و كان عليه أن يخفف منه فلا يؤذيكم . [ 2 ] أي : لم ترفقوا في جزعكم و لم تقفوا عند الحد الأولى بكم . و كان عليكم أن تقتصروا على الشكوى و لا تذهبوا في الإساءة الى درجة القتل . [ 3 ] أي : و للّه حكمه في المستأثر و هو عثمان . و في الجازع و هو أنتم . [ 4 ] لا تصبر له و لا تطيق احتماله . [ 5 ] أغامت : غطيت بالغيم . المحجة : الطريق . تنكرت : تغيّرت علائمها فصارت مجهولة ، و ذلك أن الأطماع كانت قد تنبهت في كثير من الناس على عهد الخليفة الثالث بما نالوا من تفضيلهم بالعطاء ، فلا يسهل عليهم فيما بعد أن يكونوا في مساواة مع غيرهم ، فلو تناولهم العدل انفلتوا منه و طلبوا الفتنة طمعا في نيل رغباتهم ، و أولئك هم أغلب الرؤساء و الوجهاء في القوم ، فإن أقرّهم الإمام على ما كانوا عليه من الامتياز فقد أتى ظلما ، و هو عدوّ الظلم . و الناقمون على عثمان قائمون على المطالبة بالعدل : إن لم ينالوه تحرّشوا للفتنة فأين الطريق للوصول الى الحق على أمن من الفتن ؟ و قد كان بعد بيعته ما توقّع حدوثه قبلها . [ 95 ] قول القائل و عتب العاتب . و إن تركتموني فأنا كأحدكم و لعلّي أسمعكم و أطوعكم لمن ولّيتموه أمركم ، و أنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا |