انصتوا لقولىمن كلام له قاله للخوارج و قد خرج إلى معسكرهم : أ كلّكم شهد معنا صفّين ؟ فقالوا : منّا من شهد و منّا من لم يشهد . قال : فامتازوا فرقتين ، فليكن من شهد صفّين فرقة ، و من لم يشهدها فرقة ، حتى أكلّم كلا منكم بكلامه . و نادى الناس : أمسكوا عن الكلام و أنصتوا لقولي و أقبلوا بأفئدتكم إليّ ، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها . ثم كلّمهم بكلام طويل ، من جملته أن قال : أ لم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة و غيلة ، و مكرا و خديعة :
[ 1 ] القصد : الاعتدال . جار : مال عن الصواب . [ 2 ] الغيب : ضد الحضور . أي : من حفظ لك حقك و هو غائب عنك . [ 141 ] إخواننا و أهل دعوتنا استقالونا و استراحوا الى كتاب اللّه سبحانه ، فالرأي القبول منهم و التنفيس عنهم ؟ فقلت لكم : هذا أمر ظاهره إيمان و باطنه عدوان ، و أوّله رحمة و آخره ندامة . فأقيموا على شأنكم و الزموا طريقكم و لا تلتفتوا إلى ناعق نعق : إن أجيب أضلّ و إن ترك ذلّ ؟ و قد كانت هذه الفعلة ، و قد رأيتكم أعطيتموها . و اللّه لئن أبيتها ما وجبت عليّ فريضتها ، و لا حمّلني اللّه ذنبها و و اللّه إن جئتها إني للمحقّ الذي يتّبع . و إنّ الكتاب لمعي ، ما فارقته مذ صحبته : فلقد كنّا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ، و إن القتل ليدور على الآباء و الأبناء و الإخوان و القرابات ، فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة إلا إيمانا و مضيّا على الحقّ و صبرا على مضض الجراح . و لكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزّيغ و الاعوجاج ، و الشبهة و التأويل . فإذا طمعنا في خصلة [ 1 ] يلمّ اللّه بها شعثنا و نتدانى بها إلى البقية فيما بيننا ، رغبنا فيها و أمسكنا عمّا سواها |