اسفلكم اعلاكممن كلام له لما بويع بالمدينة : ألا و إنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّكم صلى اللّه عليه و سلّم [ 1 ] . و الذي بعثه بالحقّ لتغربلنّ غربلة و لتساطنّ سوط القدر [ 2 ] حتى يعود أسفلكم أعلاكم و أعلاكم أسفلكم ، و ليسبقنّ سابقون كانوا قد قصّروا ، و ليقصرنّ سبّاقون كانوا قد سبقوا . و اللّه ما كتمت وشمة [ 3 ] و لا كذبت كذبة ألا و إنّ الخطايا خيل شمس [ 4 ] حمل عليها أهلها و خلعت لجمها فتقحّمت بهم في النار ألا و إنّ التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها و أعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة . حقّ و باطل ، و لكلّ أهل هلك من ادّعى و خاب من افترى و من أبدى صفحته للحقّ هلك [ 5 ] . و كفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره . فاستتروا في بيوتكم و أصلحوا ذات بينكم ، و التوبة من ورائكم و لا يحمد حامد إلاّ ربّه ، و لا يلم لائم إلاّ نفسه [ 1 ] ان بلية العرب التي كانت محيطة بهم يوم بعث محمد هي بلية الفرقة و التباعد و العصبية و ظلم القوي للضعيف و الغني للفقير . فتلك الحالة التي هي مهلكة للأمم قد صاروا اليها بعد مقتل عثمان . [ 2 ] لتغربلنّ : لتقطعنّ من . ساط ، من السوط ، و هو أن تجعل شيئين في القدر و تضربهما بيدك حتى يختلطها و ينقلب أعلاهما أسفلهما و أسفلهما أعلاهما . [ 3 ] الوشمة : الكلمة . [ 4 ] شمس ، جمع شموس ، و هو الجامح الذي يمنع ظهره أن يركب . [ 5 ] من أبدى صفحته للحق ، أي : من كاشف الحق مخاصما له مصارحا له بالعداوة . [ 97 ] |