حدود الضّريبةمن وصية كان الإمام يكتبها لمن يستعمله على الصدقات ، و هي تزخر بحنان الحاكم الأب على أبنائه ، و تصلح لأن تدخل في دستور الدولة المثالية التي يحلم بها صفوة الخلق إذا قدمت على الحيّ فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم ، ثم امض إليهم بالسكينة و الوقار حتى تقوم بينهم فتسلّم عليهم ، و لا تخدج بالتحية لهم [ 1 ] ، ثم تقول : عباد اللّه ، أرسلني اليكم وليّ اللّه و خليفته لآخذ منكم حقّ اللّه في أموالكم ، فهل للّه في أموالكم من حقّ فتؤدّوه إلى وليّه ؟ فإن قال قائل : لا فلا تراجعه . و إن أنعم لك منعم [ 2 ] فانطلق معه من غير أن تخيفه و توعده أو تعسفه أو ترهقه [ 3 ] فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضّة . فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلاّ بإذنه . فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلّط عليه و لا عنيف به ، و لا تنفّرنّ بهيمة و لا تفزّعنّها و لا تسوءنّ صاحبها فيها . و اصدع المال صدعين [ 4 ] ثم خيّره :
[ 1 ] أخدجت السحابة : قلّ مطرها . [ 2 ] أنعم لك منعم ، أي : قال لك : نعم . [ 3 ] تعسفه : تأخذه بشدة . ترهقه : تكلفه ما يصعب عليه . [ 4 ] أي : اقسمه قسمين . [ 163 ] فإذا اختار فلا تعرّضنّ لما اختاره . فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحقّ اللّه في ماله ، فاقبض حقّ اللّه منه . فإن استقالك فأقله [ 1 ] ، ثم اخلطهما ، ثم اصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق اللّه في ماله . |