اين العمالقة

من خطبة خطب الإمام بها الناس بالكوفة و هو قائم على حجارة نصبها له جعدة بن هبيرة المخزومي ، و عليه مدرعة من صوف و حمائل سيف ليف ، و في رجليه نعلان من ليف :

أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه الذي ألبسكم الرياش و أسبغ عليكم المعاش . فلو أن أحدا يجد إلى البقاء سلّما ، أو لدفع الموت سبيلا ،

لكان ذلك سليمان بن داود عليه السلام ، الذي سخّر له ملك الجنّ و الإنس ، مع النبوّة و عظيم الزّلفة . فلمّا استوفى طعمته و استكمل

[ 1 ] يقال « تطاوحت به النوى » أي : ترامت . احتبلهم : أوقعهم في حبالته . المقدار :

القدر . يقول : لقد صرتم في متاهة لا يدع الضلال لكم سبيلا إلى مستقرّ من اليقين ، فأنتم كمن رمت به داره و قذفته . و انتم مقيّدون للهلاك لا تستطيعون منه خروجا .

[ 2 ] الهام : الراس . و خفة الرأس كناية عن قلة العقل .

[ 144 ]

مدّته ، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت ، و أصبحت الديار منه خالية ،

و المساكن معطّلة ، و ورثها قوم آخرون . و إنّ لكم في القرون السالفة لعبرة أين العمالقة و أبناء العمالقة أين الفراعنة و أبناء الفراعنة أين أصحاب مدائن الرّسّ الذين قتلوا النبيّين و أطفأوا سنن المرسلين ،

و أحيوا سنن الجبّارين أين الذين ساروا بالجيوش ، و هزموا بالألوف ،

و عسكروا العساكر ، و مدّنوا المدائن