ائمّة العدل

عاد الإمام العلاء بن زياد الحارثي بالبصرة ،

و هو من أصحابه . فلما رأى سعة داره قال له :

ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا ؟ أما أنت اليها في الآخرة كنت أحوج ؟ و بلى ، إن شئت بلغت بها الآخرة : تقري فيها الضيف ،

و تصل فيها الرحم ، و تطلع منها الحقوق مطالعها [ 1 ] فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة فقال له العلاء : يا أمير المؤمنين ، أشكو اليك أخي عاصم بن زياد . قال : و ما له ؟

قال : لبس العباءة و تخلّى عن الدنيا . قال :

عليّ به . فلما جاء قال :

يا عديّ نفسه [ 2 ] لقد استهام بك الخبيث . أما رحمت أهلك و ولدك أ ترى اللّه أحلّ لك الطيّبات و هو يكره أن تأخذها ؟ أنت أهون على اللّه من ذلك [ 3 ] .

[ 1 ] أطلع الحق مطلعه : أظهره حيث يجب أن يظهر .

[ 2 ] عدي : تصغير عدو .

[ 3 ] في هذا الكلام بيان أن أطايب الدنيا لا تبعد الإنسان عن اللّه لطبيعتها ، و لكن لسوء القصد منها .

[ 134 ]

قال عاصم : يا أمير المؤمنين ، ها أنت في خشونة ملبسك و جشوبة مأكلك قال الإمام :

ويحك ، إني لست كأنت . إن اللّه فرض على أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيّغ بالفقير فقره [ 1 ] .