المقام الاول في تحقيق معنى الرّياء و السّمعة

فنقول : إنّ الرّياء هو ترك الاخلاص بملاحظة

[ 325 ]

غير اللّه فيه و أصله من الرّؤية كأنه لا يعمل إلاّ إذا رأى النّاس و رأوه ، و السّمعة بالضمّ كالرّياء إلاّ أنّها تتعلّق بحاسّة السّمع و الرّياء بحاسّة البصر .

و عن الفارابي في ديوان الأدب يقال : فعل ذلك رياء و سمعة إذا فعل ذلك ليراه النّاس و يسمعوا به .

و قال الغزالي في إحياء العلوم : الرّياء مشتقّ من الرّؤية ، و السّمعة مشتقّة من السّماع و إنّما الرّياء أصله طلب المنزلة في قلوب النّاس بايرائهم خصال الخير الا أنّ الجاه و المنزلة تطلب في القلب بأعمال سوى اللّه ، و اسم الرّياء مخصوص بحكم العادة بطلب المنزلة في القلوب بالعبادات و إظهارها ، فحدّ الرّياء هو إرادة العباد بطاعة اللّه ، فالمرائي هو العابد ، و المرائى هو النّاس المطلوب رؤيتهم بطلب المنزلة في قلوبهم ، و المرائى به هو الخصال التي قصد المرائي إظهارها ، و الرّياء قصد إظهار ذلك .

أقول : و الأولى ما ذكرناه ، لكونه شاملا للعبادات و غيرها فعلا و تركا حسبما تعرفه في الأقسام الآتية ، و ما ذكره مختصّ بفعل العبادات فقط فلا يعمّ .