الواقعة الثالثة

و هذه الواقعة انما كتبت باشارة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ، و في أثناء الاشارة استخار الحقير من النبيّ صلوات اللّه و سلامه عليه فى أنه يلقب نفسه المسكين أو الحقير فاختار لى الحقير و أشار به .

رأى هذا الحقير مرّة كأنه يأكل الكعبة المعظمة زادها اللّه شرفا و كان الكعبة تمطر من هذا الحقير و في أثناء ذلك صار الحقير الكعبة و بمقتضى الحكمة الربانية ظهر هذا الحقير على سطحها و ظهر عند ذلك أيضا روح النبيّ صلى اللّه عليه و على آله و سلم مع أرواح جميع الأنبياء صلوات اللّه عليهم على سطح الكعبة المعظمة ثمّ إن الأرواح الشريفة النبوية نزلت كلّها من السطح باذن اللّه تعالى سوى روح نبينا محمّد صلّى اللّه عليه و على آله و سلم ، ثمّ بعد ذلك أوحى اللّه تعالى إلى الأنبياء عليهم السّلام أن هذه كعبتي طوفوا حول كعبتي ، فطاف الأنبياء كلّهم عليهم السلام ، ثمّ أوحى اللّه إليهم أن آمنوا به و اسجدوا فقالوا كلّهم : آمنا باللّه و سجدوا حول الكعبة و الكعبة في الوسط .

ثمّ بعد ذلك رأي كأنّ الحقّ سبحانه و تعالى من التشبيه و التعطيل بيده عصا ضرب بها سطح الكعبة المعظمة ، فصارت شجرة كأنها تمطر منها كلمة لا إله إلاّ اللّه .

ثمّ ظهر من حيطان الكعبة أيد لا يعلم عددها إلاّ اللّه تعالى و قد التزم بكلّ يد منها نبيّ من الأنبياء و يقول : أنا النبيّ الفلاني حتّى أن نوحا عليه السّلام ملتزم بيد منها يقول : أنا النوح النبىّ ، و كلّ منهم يقول مشيرا نحوى يا برهان قد جعلك اللّه مشيرا فاعمل أعمال الأنبياء و الأولياء ، و كذا الأولياء رحمهم اللّه على ما ذكرنا و هذه الأيدى باذن اللّه تعالى يجذب بعضها المتعلق بها إليها و بعضها يقطع رأس المتعلق بها و يرميه ثمّ بعد ذلك خرج هذا الحقير من تلك الصورة و ظهر باذن اللّه تعالى و هو سبحانه فوق رأسه كرحمته تعالى عن التكيّف و التمثيل ، و روح النبىّ صلّى اللّه عليه و على

[ 330 ]

آله جالس متمكن ، انتهى كلامه هبط مقامه .

أقول : يا أهل المعرفة و الايمان و العلم و الأيقان و ذوى الفطن الثاقبة ، انظروا إلى مقالات هذه الطايفة و عقايد اخوان عبدة الأوثان و الصائبة كيف زيّن لهم أعمالهم الشيطان و صدّهم عن السبيل .

ثمّ انظروا إلى هذيانات هذا الجاهل السفيه النجس المرتكس في أحداثه و الملحد المغتذى من أرواثه ، كيف ارتقي مرتقى صعبا دحضا ، و ادّعى تارة رفعا و اخرى خفضا ، و خبط خبطة عشواء ، و ركب ركاب الجاهلية الجهلاء .

فوا عجبا عجبا من تلبيسات ابليس و تدليسات النفس و طول باع الشيطان فى فنون الاغواء و الاضلال ، و قوّة تصرّفه فى أوهام الجهال ، و من شدّة تصاريف قوّة المتخيّلة و سعة مجال القوّة المتوهّمة كيف نسجت على ألسنتهم نسيجات العنكبوت و حيّرتهم فى ظلمات الجهل و الغياهب ، و اغرقتهم فى بحر لجىّ يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض و من لم يجعل اللّه له نورا فما له من نور ، نعوذ باللّه من فساد الاعتقاد و الانحراف عن السّداد و الالحاد فى المبدء و المعاد بمحمّد و آله الأمجاد .