ما يحتاج الى التّوضيح و البيان من غربب ألفاظ هذه الرواية الّتي لم تتقدّم فى رواية الرضيّ فنقول و باللّه التّوفيق :
« الحميم » الماء الحارّ الشّديد الحرارة يسقى منه أهل النّار و عن ابن عبّاس لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها « و الغسّاق » بالتّخفيف و التّشديد ما يسيل من صديد أهل النّار و غسالتهم أو ما يسيل من دموعهم و « العلقم » شجر مرّ و يقال للحنظل و لكلّ شيء مرّ : علقم .
و السم « الزّعاق » وزان غراب هو الّذى يقتل سريعا ، و الماء الزّعاق الملح الغليظ لا يطاق شربه و « الدّهاق » وزان كتاب الممتلى و « الوهق » بالتحريك و يسكن الحبل يرى به في انشوطة فيؤخذ به الدابة و الانسان و « المدرعة » القميص و قوله « قذف الاتن » هو بضمتين جمع الاتان و هي الحمارة و التّشبيه بقذفها لكونها أشدّ امتناعا للحمل من غيرها أو لكونها أكثر قذفا لجلّها ، و « غيابات الكرى » بالضم جمع غيابة و غيابة كلّ شىء ما سترك منه و منه غيابات الجبّ ، و قال الجوهرى
-----------
( 1 ) أقول : حيث كانت النسخة مغلوطة جدا و بعضها لا يكاد يقرء ، صحّحت هذا الكلام الشريف عن نسخة البحار المطبوعة اخيرا ج 40 ص 345 و هكذا من البيان ما كان موجودا فى البحار « المصحح » .
[ 302 ]
الغيابة كلّ شيء تظلّ الانسان فوق رأسه مثل السّحابة و الغبرة و الظلمة و نحو ذلك ، و في بعض النسخ علالات الكرى بالضمّ أيضا جمع علالة بقية كلّشيء و الكرى النعاس و النّوم أى من يسرى باللّيل يعرضه في اليوم النّعاس لكنّه ينجلى منه بعد النوم فكذلك يذهب مشقة الطاعات بعد الموت هكذا قال العلامة المجلسيّ قدّس سره و قال الميداني « عند الصباح يحمد القوم السرى » يضرب للرجل يحتمل المشقّة رجاء الراحة و « العبقرى » الدّيباج و قيل البسط الوشية .
و قوله « و لو اعتصمت نفس بقلة » أى بعد قذف الشررة لو التجأت نفس إلى رأس جبل لا نضج تلك النفس « و هج النّار » بسكون الهاء أى اتقادها و حرّها و الضمير « فى قلّتها » راجع إلى النّفس و الاضافة للملابسة « و الخسىء » الصاغر و المبعد و « الأطمار » جمع طمر بالكسر و هو الثوب الخلق البالى و « السّفا » التراب الذي تسفيه الرّيح و كلّ شجر له شوك و ضمير سفاها راجع إلى الأرض بقرينة المقام .
و قوله « رويدا » أى قليلا و « الذّئاب » جمع الذّئب و الضمير راجع إلى الدّنيا أى كما تختطف الذئاب في الدّنيا و « الشّجون » الطرق و يقال الحديث ذو شجون اى يدخل بعضه في بعض قال العلامة المجلسىّ قدّس سرّه : و المراد بالتّناقض هنا عدم التناسب .
و قوله « إنّ رجلا من قطان المداين » قال المجلسىّ : يحتمل أن يكون مراده به معاوية بل هو الظاهر ، فالمداين جمع المدينة لا النّاحية الموسومة بذلك ، و المراد بعلوجه آباؤه الكفرة شبّههم في كفرهم بالعلوج و هو جمع علج بالكسر الرّجل من كفّار العجم هكذا في القاموس و « النّالة » جمع النّائل و هو العطاء كالقادة و القائد و « الدّهقان » بالضمّ و الكسر القوى على التصرّف مع عدّة و رئيس الاقليم معرّب ، و الضّمير في « منسوجه » راجع إلى الدّهقان قال المجلسيّ قدّس سرّه أو راجع إلى النّالة بتأويل أي ليس من عطايا دهقانه أو ممّا أصاب و أخذ منه ما نسجه الدهقان أو ما كان منسوجا من عطاياه .
و « تضمّخ » بالطّيب تلطخ به و « النّوافج » جمع نافجة معرّب نافة و « دبّ » الشيخ دبيبا مشى مشيا رويدا و الضمير فى « أرضه » إما راجع إلى
[ 303 ]
الشيخ أو إلى الرجل و « تضوّر » فلان من شدة الحمّى أى تلوّى و صاح و تقلّب ظهرا لبطن و « الضّرّ » بالضمّ سوء الحال و « القرم » شدّة شهوة اللحم و « العلقم » الحنظل و كلّشيء مرّ ، و إنّما شبّه ما يأكله من الحرام بالعلقم لسوء عاقبته و كثيرا ما يشبه الحرام في العرف بسمّ الحيّة و الحنظل .
و « الخضم » الأكل بأقصى الأضراس « و إقامة حدّ المرتدّ عليه » لانكاره بعض الضّروريات كما يشعر به ما تقدّم من قوله : و تبع بعد الحنيفية علوجه ، أو استحلاله دماء المسلمين إن كان المراد بالرّجل معاوية حسبما اشرنا إليه و « ضرب الثمانين » لشرب الخمر أو قذف المحصنة .
و قوله « و لأسدّن من جهله كلّ مسدّ » قال المجلسيّ قدّس سرّه : كناية عن إتمام الحجّة و قطع أعذاره أو تضييق الأمر عليه ، و قوله « أفلا رغيف » بالرفع و يجوز في مثله الرّفع و النّصب و البناء على الفتح و « القفار » بالفتح ما لا ادام معه من الخبز و أضيف إلى اللّيل و هو صفة للرّغيف و « إفطار معدم » بدل من رغيف ، و في بعض النسخ قفارا بالنّصب على الحال لليل إفطار معدم باللاّم الجارّة و إضافة ليل إلى الافطار المضاف إلى المعدم أى الفقير .
و « الاتّساق » الانتظام و « الوسق » ستّون صاعا و قوله « يكاد يلوى ثالث أيامه » لعلّه من لويت الحبل فتلته أى يلتفّ إحدى رجليه بالأخرى من شدّة جوعه و قوله « خامصا ما استطاعه » أى جائعا ما كان قادرا على الجوع و « القرّ » بالضمّ البرد و « عاوده » في مسألة مسألة مرّة بعد اخرى و « اوتغ » بالتاء المثناة و الغين المعجمة من الوتغ بالتحريك و هو الهلاك و « السّفه » الجهل و خفة الحلم .
و قوله « من كظمه » أى من قلّة كظمه للغيظ و قوله « لحرقة » عطف على قوله سفها ، و لمّا لم يكن الحرقة مثل السّفه من فعل الساب أتى باللاّم للتعليل و « أضنا » أفعل من أضناه المرض أثقله من ضنى ضنا من باب رضي أى مرض مرضا ملازما حتّى أشرف على الموت أى كاد يسبّني لحرقة كانت أمرض له من فقره الذى كان به
[ 304 ]
و يحتمل أن يكون الواو في و لحرقة للقسم و اللام فيها بالفتح أى و اللّه لحرقة في نار جهنّم أو في هذه الحديدة المحماة أمرض له من عدمه .
و قوله « من مقت رقيب » الظاهر أنّ المراد بالرّقيب هنا هو اللّه تعالى لأنّه من جملة أسمائه الحسنى و في الكتاب العزيز فلمّا توفّيتني كنت أنت الرّقيب عليهم و أنت على كلّ شيء شهيد و جملة « تنسخ » صفة أو حال من فاضحات أو من الأوزار قال تعالى إنّا كنّا نستنسخ ما كنتم تعملون أى نثبت ما كنتم تعملون أو نأخذ نسخته ، و قوله « فصبرا » الفاء للتفريع أى فاصبروا صبرا على دنيا تمرّ مع شدّتها مثل ليلة تنسلخ و تمضى مع أضغاث أحلامها ، و قوله « كم بين نفس » الاستفهام للتعجّب و الضمير في « خيامها » راجع إلى الجنة المعلومة بقرينة المقام و « الاصطراخ » الصياح الشديد .
و قوله « بلا صنع منا » قال العلامة المجلسيّ قدّس سرّه حال من مفعول أعجب أى اعجب مما صدر من طارق منّا من غير أن يكون منّا فيما فعله مدخل و « زملها » أى لفّها و قوله « أم نذر » لعلّ المراد كفارة النذر و « الزّقم » اللقم الشديد و الشرب المفرط و الضمير في « املاكها » راجع إلى القطان أى معتقدة بأنى أملكها ، و يحتمل رجوعه إلى الأقاليم أى مذعنة بأنى أملك الأقاليم و ليس لهم فيها حقّ .
و « اللّوك » العلك و هو دون المضغ قال العلاّمة المجلسيّ قدّس سرّه و قبحه يدلّ على قبح العلك بطريق أولى و على قبح السلب أيضا بغير انتفاع بطريق أولى لأنّ النفس قد تنازع السلب فى صورة الانتفاع بخلاف غيرها كما قيل .
و « العراقة » بالضمّ العظم إذا أكل لحمه و الضمير في « بها » راجع الى العراقة و في « أجذمها » إلى الدّنيا أو العراقة بأدنى الملابسة ، و في هذه الفقرة من المبالغات في التنفّر و النكير ما لا يتصوّر فوقها ، و كذا في الحنظلة التى مضغها
[ 305 ]
ذو السقم فيشتمها أى يسبّها نفرة عنها و قال المجلسىّ أى لفظها بغضا و عداوة لها فلفظه مع اختلال ذائقته يدلّ على كمال مرارته و ملفوظه أقذر من ملفوظ غيره لمرارة فيه و لتوهّم سراية مرضه أيضا ، انتهى .
أقول : لا دلالة في شتمها على لفظها كما فى نسخة البحار ، و يحتمل أن يكون يشتمها من تحريف النساخ و يكون الأصل يسمها أى يأكلها على مرارتها مأخوذا من المسمّ وزان مسنّ و هو الذى يأكل ما قدر عليه كما فى القاموس و لعلّ قوله : على فؤادى يؤيّد ذلك فانّ ذا السّقم إذا ابتلع الحنظلة يؤثّر مرارتها في باطنه و يفسد معدته و امعائه ، و التخصيص بذى السّقم لأن صحيح المزاج لا يلوك الحنظلة و لا يلقمها .
و « عكمت » المتاع شددته بثوب و المراد بالطى ما يطوى فيه الشىء أى المطوى على الشيء و « المهر » ولد الفرس .
و قوله « أريه السّها و يرينى القمر » قال المجلسىّ أى انّى فى وفور العلم و دقّة النّظر ارى الناس خفايا الامور و هم يعاملون معى معاملة من يخفى عليه أوضح الامور عند إرادة مخادعتى قال الزّمخشري فى مستقصى الأمثال : اريها السّها و ترينى القمر ، السّها كوكب صغير خفىّ فى بنات النعش و أصله أنّ رجلا كان يكلّم امرأة بالخفى الغامض من الكلام و هى تكلّمه بالواضح البين ، فضرب السها و القمر مثلا لكلامه و كلامها يضرب لمن اقترح على صاحبه شيئا فأجابه بخلاف مراده قال الكميت :
شكونا إليه خراب السواد
فحرّم علينا لحوم البقر
فكنّا كما كان من قبلنا
أريها السها و ترينى القمر
الضمير فى إليه راجع إلى الحجاج بن يوسف شكى إليه أهل السواد خراب السواد و ثقل الخراج فقال : حرمت عليكم ذبح الثيران ، أراد بذلك أنها إذا لم تذبح كثرت و اذا كثرت كثرت العمارة و خفّ الخراج ، انتهى .
و قوله « ءامتنع اه » الاستفهام للتعجّب أو الانكار أى انّى لكمال زهدى أمتنع
[ 306 ]
من أحد وبرة ساقطة من ناقة فكيف أبتلع إبلا رابطة فى مربطها لملاكها و « القلوص » الشابة من النوق و قيل القلوص بفتح القاف من الابل الباقية من السير خصّها بالذكر لأنّ الوبر الساقط من الابل حين السير أهون عند صاحبها من السّاقط من الرابطة و منه يظهر فايدة قيد الرّبط في الأخير .
و قوله « ادبيب العقارب من وكرها التقط » قال الجوهرى : كلّما مشى على وجه الأرض دابّة و دبيب أى ألتقط العقارب الكبيرة التي تدبّ من وكرها أى جحرها مجازا فانّها إذا أريد أخذها من جحرها كان أشدّ لذعا شبّه عليه السّلام بها الأموال المحرّمة المنتزعة من محالها لما يترتّب على أخذها من الهلكات الاخروية .
و قال بعض الأفاضل : الدّبيب مصدر دبّ من باب ضرب إذا مشى ، و هو مفعول التقط و في الكلام مجاز يقال : دبّ عقارب فلان علينا أى طعن في عرضنا ، فالمقصود ءأجعل عرضى فى عرضة طعن الناس طعنا صادقا لا افتراء فيه و كان طعنهم صدقا و ناشيا عن وكره و محلّه لأنّ أخذ الرّشوة الملفوفات إذا صدر عن التارك لجميع الدّنيا للاحتراز عن معصيته فى نملة من السفاهة بحيث لا يخفى ، انتهى .
و « الرّقش » بالضمّ جمع الرّقشاء و هي الأفعي سمّيت بذلك لترقيش في ظهرها و هي خطوط و نقط و « الارتباط » شدّ الفرس و نحوه للانتفاع به ، و قوله « تنحتها المعاصي » هو من النّحت برى النّبل و نحوه استعارة و في بعض النسخ تنتجها أى تفيدها و تثمرها و باللّه التوفيق .