« ذكر المقتولين فى صفين »

قال المسعودى فى مروج الذهب : قتل بصفين سبعون ألفا من أهل الشام و من أهل العراق خمسة و عشرون ألفا و كان المقام بصفين مأة يوم و عشرة أيام و قتل بها من الصحابة ممن كان مع علىّ خمسة و عشرون رجلا منهم عمّار بن ياسر ابو اليقظان المعروف بابن سميّة .

و قال فى موضع آخر من كتابه : و قد تنوزع فى مقدار من قتل من أهل الشام و العراق بصفين فذكر أحمد بن الدورقى عن يحيى بن معين ان عدة من قتل بها من الفريقين فى مأة يوم و عشرة أيام ، مأة ألف و عشرة آلاف من الناس من أهل

[ 366 ]

الشام تسعون الفا و من أهل العراق عشرون الفا .

ثمّ قال : و نحن نذهب إلى أن عدد من حضر الحرب من أهل الشام بصفين أكثر ممّا قيل في هذا الباب هو خمسون و مأة ألف مقاتل سوى الخدم و الأتباع و على هذا يجب أن يكون مقدار القوم جميعا من مقاتل منهم و من لم يقاتل من الخدم و غيرهم ثلاثمأة ألف بل أكثر من ذلك لأن أقل من فيهم معه واحد يخدمه و فيهم من معه الخمسة و العشرة من الخدم و الأتباع و أكثر من ذلك . و أهل العراق كانوا في عشرين و مأة ألف مقاتل دون الاتباع و الخدم .

و اما الهيثم بن عدى الطائى و غيره مثل الشرقي ابن القطامي و أبي مخنف لوط ابن يحيى فذكروا ما قدمنا و هو أن جملة من قتل من الفريقين جميعا سبعون ألفا من أهل الشام خمسة و أربعون ألفا و من أهل العراق خمسة و عشرون ألفا فيهم خمسة و عشرون بدريا و ان العدد كان يقع بالقضيب و الاحصاء للقتلى في كل وقعة و تحصيل هذا يتفاوت لأن في قتلى الفريقين من يعرف و من لا يعرف و فيهم من غرق و فيهم من قتل فى البرّ فأكلته السباع فلم يدركهم الاحصاء و غير ذلك مما يعسر ما وصفنا . انتهى ما اردنا ذكره من مروج الذهب .

و قال نصر : في كتاب صفين : و اصيب من أهل شام خمسة و أربعون ألفا ، و اصيب بها من أهل العراق خمسة و عشرون ألفا .

أقول : لا خلاف في أن تلك الوقعة في صفين كانت وقعة عظمى و قد أكلت الحرب الفريقين و لا يخفى أن ضبط عدد المقتولين و احصائهم في مثل تلك الواقعة صعب جدّا فيتطرق فيه اختلاف لا محالة كما ترى تنازع النّاس في مقدار ما قتل من الفريقين فمن مقلل و مكثر . ففي كتاب صفين لنصر بن مزاحم المنقرى عن عمر قال حدّثني عبد اللّه بن عاصم الفايشي قال لما رجع علىّ عليه السّلام من صفين إلى الكوفة مرّ بالثورين يعنى ثور همدان سمع البكاء فقال ما هذه الاصوات ؟ قيل هذا البكاء على من قتل بصفين قال أما انى شهيد لمن قتل منهم صابرا محتسبا بالشهادة ، ثمّ مرّ بالفايشين فسمع الاصوات فقال مثل ذلك ، ثم مرّ بالشباميين فسمع رنّة شديدة و صوتا مرتفعا عاليا

[ 367 ]

فخرج اليه حارب بن الشرحبيل الشامى فقال علىّ عليه السّلام أيغلبكم نساؤكم ألا تنهونهن عن هذا الصياح و الرنين ؟ قال : يا أمير المؤمنين لو كانت دارا أو دارين او ثلاثا قدرنا على ذلك و لكن من هذا الحىّ ثمانون و مأة قتيل فليس من دار إلاّ و فيها بكاء أمّا نحن معاشر الرجال فانا لا نبكى و لكن نفرح لهم بالشهادة فقال علىّ عليه السّلام رحم اللّه قتلاكم و موتاكم .