روى أبو جعفر الطبري في التاريخ ص 395 ج 3 طبع مصر 1357 أنّ عمرو بن العاص كان ممّن يحرض على عثمان و يغرى به و لقد خطب عثمان يوما في أواخر خلافته فصاح به عمرو بن العاص اتق اللّه يا عثمان فإنك قد ركبت نهابير و ركبناها معك فتب إلى اللّه نتب فناداه عثمان و إنّك ههنا يا ابن النابغة قملت و اللّه جبّتك منذ تركتك من العمل فنودى من ناحية اخرى تب إلى اللّه و نودى من اخرى مثل ذلك و أظهر التوبة يكف النّاس عنك قال : فرفع عثمان يديه مدا و استقبل القبلة فقال : اللهم اني أول تائب إليك و رجع منزله و خرج عمرو بن العاص حتى نزل منزله بفلسطين فكان يقول : و اللّه إن كنت لألقى الراعى فاحرّضه عليه . و كذا نقل تأليبه على عثمان على التفصيل و التطويل في ص 392 فراجع .
[ 326 ]
و في ص 392 منه : كان عمرو بن العاص على مصر عاملا لعثمان فعزله عن الخراج و استعمله على الصّلاة و استعمل عبد اللّه بن سعد على الخراج ثمّ جمعهما لعبد اللّه بن سعد فلما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان فأرسل إليه يوما عثمان خاليا به فقال : يا ابن النابغة ما أسرع ما قمل جرّبان جبّتك إنّما عهدك بالعمل عاما أوّل أتطعن عليّ ؟ و تأتيني بوجه و تذهب عني بآخر و اللّه لو لا أكلة ما فعلت ذلك .
فقال عمرو : إنّ كثيرا ممّا يقول النّاس و ينقلون إلى ولاتهم باطل فاتق اللّه يا أمير المؤمنين في رعيتك ، فقال عثمان : و اللّه لقد استعملتك على ظلعك و كثرة القالة فيك ، فقال عمرو : قد كنت عاملا لعمر بن الخطّاب ففارقني و هو عني راض فقال عثمان : و أنا و اللّه لو آخذتك بما آخذك به عمر لاستصمت و لكنّي لنت عليك فاجترأت علىّ أما و اللّه لأنا أعز منك نفرا في الجاهلية و قبل أن ألى هذا السلطان فقال عمرو : دع عنك هذا فالحمد للّه الذي أكرمنا بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و هذانا به قد رأيت العاص بن وائل و رأيت أباك عفان فو اللّه للعاص كان أشرف من أبيك ، فانكسر عثمان و قال : ما لنا و لذكر الجاهلية ، و خرج عمرو و دخل مروان فقال : يا أمير المؤمنين و قد بلغت مبلغا يذكر عمرو بن العاص أباك ؟ فقال عثمان : دع هذا عنك من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه .
فخرج عمرو من عند عثمان و هو محتقد عليه يأتي عليّا مرة فيؤلّبه على عثمان و يأتى الزّبير مرة فيؤلبه على عثمان و يأتى طلحة مرة فيؤلّبه على عثمان و يعترض الحاج فيخبرهم بما أحدث عثمان ، فلمّا كان حصر عثمان الأوّل خرج من المدينة حتّى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها السبع فنزل في قصر له يقال له العجلان و هو يقول العجب ما يأتينا عن ابن عفان فبينا هو جالس في قصره ذلك و معه ابناه محمّد و عبد اللّه و سلامة بن روح الجذامي إذ مرّ بهم راكب فناداه عمرو من أين قدم الرّجل ؟ فقال : من المدينة قال : ما فعل الرّجل ؟ يعني عثمان ، قال :
تركته محصورا شديد الحصار ، قال عمرو : أنا أبو عبد اللّه قد يضرط العير و المكواة في النّار فلم يبرح مجلسه ذلك حتّى مرّ به راكب آخر فناداه عمرو ما فعل الرجل ؟
[ 327 ]
يعني عثمان ، قال : قتل ، قال : أنا أبو عبد اللّه إذا حككت قرحة نكأتها ان كنت لأحرّض عليه حتّى أني لأحرّض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل .
فقال سلامة بن روح : يا معشر قريش إنّه كان بينكم و بين العرب باب وثيق فكسرتموه فما حملكم على ذلك ؟ فقال : أردنا أن نخرج الحق من حافرة الباطل و أن يكون النّاس في الحق شرعا سواء .
و كانت عند عمرو اخت عثمان لأمّه ام كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ففارقها حين عزله .