اللغة

قد مضى بيان طائفة من لغات هذا الكتاب في شرح المختار التاسع من هذا الباب ، أوّله قوله عليه السّلام : فأراد قومنا قتل نبيّه و اجتياح أصله و همّوا بنا الهموم الخ . ( ص 324 ج 17 ) .

( خبأ ) أى أخفى ، يقال : خبأ الشي‏ء ، من باب منع مهموزا ، و خبّأ مشدّدا أى ستره و أخفاه و في كثير من النسخ المطبوعة كانت الكلمة مشكولة بتشديد الباء و نسخة الرضيّ بتخفيفها كما اخترناها . ( ببلاء اللَّه ) أي بانعامه و إحسانه ، أو اختباره و امتحانه و لكن المناسب مع ما عندنا هو الانعام و الاحسان .

( هجر ) محرّكة اسم بلد مذكر مصروف و غير مصروف و النسبة إليه هاجريّ على خلاف القياس و من ذلك قولهم نبأ هاجريّ ، و هو في نسخة الرّضي مشكول مصروفا و غير مصروف معا ، ( مسدّده ) أي معلّمه ، ( النضال ) المراماة .

( ثلمه ) الثلم : الكسر و العيب ، و في عدّة من النسخ المطبوعة و غيرها : لم ينقصك ثلمه ، و لكن نسخة الرضيّ رضوان اللَّه عليه كانت : لم يلحقك ثلمه كما اخترناه . ( الطلقاء ) جمع الطليق و هو من اطلق بعد الأسرة .

( لقد حنّ قدح ليس منها ) مثل ، قال الميداني في فصل الحاء المهملة المفتوحة من مجمع الأمثال : حنّ قدح ليس منها ، القدح أحد قداح الميسر و إذا كان أحد القداح من غير جوهرة اخواته ثمّ أجاله المفيض خرج له صوت يخالف أصواتها يعرف به أنّه ليس من جملة القداح ، يضرب للرّجل يفتخر بقبيلة

[ 97 ]

ليس منها أو يتمدّح بما لا يوجد فيه ، و تمثّل به عمر حين قال الوليد بن عقبة بن أبى معيط : اقتل من بين قريش فقال عمر : حنّ قدح ليس منها ، و الهاء في منها راجعة إلى القداح . انتهى . قوله : أجاله المفيض يقال : أفاض أهل الميسر بالقداح أي ضربوا بها .

( ألا تربع ) ربع كمنع : وقف و انتظر و تحبّس و منه قولهم : اربع عليك أو على نفسك أو على ظلعك قاله في القاموس .

( و الظّلع ) بسكون اللاّم : العيب ، و بفتحها : العرج و الغمز ، و هو مصدر ظلع البعير كمنع أى غمز في مشيه ، و من أمثالهم : ظالع يعود كسيرا ، يعود من العيادة ، يضرب للضعيف ينصر من هو أضعف منه كما في مجمع الأمثال للميداني .

( الذّرع ) : الطاقة و الوسع و بسط اليد و ذرع الإنسان طاقته الّتي يبلغها ، و في آخر الدّعاء السابع من الصّحيفة السّجادية : فقد ضقت لما نزل بى يا ربّ ذرعا ، و في شرحها الموسوم برياض السالكين للعالم المتضلّع السيّد عليخان قدّس سرّه في ضيق الذّرع المناسب لقصورها نكات أدبيّة فراجع .

( التّيه ) : الضلال و التحيّر في المفاوز قال اللَّه تعالى : إنها محرَّمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض ، ( الرّواغ ) : كثير الميل ، يقال : راغ الرجل و الثعلب روغا و روغانا إذا مال و حاد عن الشي‏ء ، و يقال : فلان يروغ روغان الثعلب و من الأمثال فلان أروغ من الثعلب .

( القصد ) : الاعتدال و الطّريق المستقيم ، ( غير مخبّر ) خبّره الشي‏ء و بالشي‏ء من باب التفعيل أعلمه إيّاه و أنبأه كأخبره و أخبر به ، ( استشهد ) أى قتل في سبيل اللَّه ، و كذا اشهد ، على صيغتى المجهول .

( تمجّها ) يقال مجّ الماء من فيها إذا ألقاه ، ( الطّول ) بالفتح فالسّكون :

الفضل ، ( عادىّ ) أى قديم ، قال الجوهرى في الصحاح : عاد قبيلة و هم قوم هود عليه السّلام و شي‏ء عادىّ أى قديم كأنّه منسوب إلى عاد .

و قال الشّيخ محمّد عبده : العادى الاعتيادىّ المعروف ، أقول : الصّواب ما

[ 98 ]

قدّمنا و هذا الوجه خطر ببالنا أيضا إلاّ أنّ مقابلته بالقديم منعنا عن ذلك ، و في رواية صبح الأعشى : و مديد طولنا .

( الرّمية ) المراد منها ههنا الصيد الّذي يرمي و هو كالمثل يضرب لمن يميل به عن الحقّ أغراضه الباطلة و أصله أنّ الرجل يقصد قصدا فيتعرّض له الصيد فيتبعه فيميل به عن قصده الأصلى .

( فلجوا عليهم ) أى ظفروا عليهم ، و الفلج : الظّفر ، و الفعل من بابى نصر و ضرب ، قال محمّد بن بشير :

كم من فتى قصرت في الرّزق خطوته
ألفيته بسهام الرّزق قد فلجا

و البيت من الحماسة ، ( الحماسة 436 من شرح المرزوقى ) ، و في الحديث السادس من باب في شأن إنّا أنزلناه في ليلة القدر و تفسير من اصول الكافي عن أبي جعفر عليه السّلام قال : يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنّا أنزلناه تفلجوا فو اللَّه إنها لحجّة اللَّه تبارك و تعالى على الخلق بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و انّها لسيّدة دينكم و انّها لغاية علمنا الحديث .

( صنائع ) جمع صنيعة ، قال الزمخشرى في أساس البلاغة : فلان صنيعتك و مصطنعك ، و اصطنعتك لنفسى ، قال الحطيئة :

فإن يصطنعنى اللَّه لا أصطنعكم
و لا اوتكم مالى على العثرات

و قال في القاموس : هو صنيعى و صنيعتى أى اصطنعته و ربّيته و خرّجته .

و الصنيعة أيضا هي ما يسدى من معروف أو يد إلى إنسان ، قال ابن مولى ليزيد بن حاتم :

و إذا صنعت صنيعة أتممتها
بيدين ليس نداهما بمكدّر

و البيت من الحماسة ، قال المرزوقي في الشرح : يقول : و إذا اتّخذت عند إنسان يدا و أزللت إليه نعمة فانّك لا تخدجها و لا تترك تربيتها لكنّك تكمّلها و تقوم بعمارتها مصونة من المنّ و التكدير صافية من الشوائب و التعذير .

( شباب ) جمع الشاب .

[ 99 ]

( شكاة ) الشكاة في الأصل : المرض ، و توضع موضع العيب و الذمّ كما في هذا البيت فمعناها العيب و النقيصة .

( ظاهر عنك ) أى زائل عنك و ينبو ، و لا يعلق بك ، قال ابن الأثير في النهاية :

و في حديث عائشة كان يصلّى العصر و لم يظهر فيى‏ء الشمس بعد من حجرتها أى لم يرتفع و لم يخرج إلى ظهرها ، و منه حديث ابن الزبير لما قيل له يا ابن النطاقين تمثّل بقول أبي ذؤيب : و تلك شكاة ظاهر عنك عارها ، يقال ظهر عنّى هذا العيب إذا ارتفع عنك و لم ينلك عنه شي‏ء أراد أنّ نطاقها لا يفضّ منه فيعيّر به و لكنّه يرفع منه و يزيده نبلا ، انتهى .

أقول في بيانه : كانت امّ عبد اللَّه بن الزبير ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر و أراد ابن الزبير أنّ تعييره إيّاه بلقب امّه ليس عارا يستحيى منه إنّما هو من مفاخره لأنّه لقب لقبها به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و هو في الغار مع أبي بكر على ما قيل فراجع إلى السيرة النّبوية لابن هشام ( ص 486 ج 1 من طبع مصر 1375 ه ) و في الحماسة : قال سبرة بن عمرو الفقعسىّ و عيره ضمرة بن النهشلىّ كثرة إبله :

أعيرتنا ألبانها و لحومها
و ذلك عار يا ابن ريطة ظاهر

قال المرزوقى في الشرح : و ذلك عار ظاهر أى زائل ، قال أبو ذؤيب :

و عيّرها الواشون أنّى احبّها
و تلك شكاة ظاهر عنك عارها

و من هذا قولك : ظهر فوق السطح ، و قولك : جعلته منّى بظهر ، و قوله تعالى : اتّخذتموه وراءكم ظهريّا ، انتهى قول المرزوقي .

و أقول : صار هذا المصراع من البيت أعنى قول أبي ذؤيب و تلك شكاة الخ مثلا يضرب لمن ينكر فعلا ليس له ربط به و لا تعلّق له ، و البيت من قصيدة غرّاء تنتهى إلى ثمانية و ثلاثين بيتا يرثى بها نشيبة بن محرث أحد بني مومل ابن حطيط الهذلى منقولة كاملة في ديوان الهذليّين ( ص 21 من طبع مصر 1385 ه ) مطلعها :

[ 100 ]

هل الدّهر إلاّ ليلة و نهارها
و إلاّ طلوع الشمس ثمّ غيارها

أبى القلب إلاّ امّ عمرو و أصبحت
تحرّق ناري بالشّكاة و نارها

و عيّرها الواشون البيت .

و أبو ذؤيب هذا هو خويلد بن خالد بن محرز الهذلىّ شاعر مجيد مخضرم أدرك الجاهلية و الإسلام ، قدم المدينة عند وفاة النّبي صلى اللَّه عليه و آله فأسلم و حسن إسلامه روى عنه أنه قال : قدمت المدينة و لأهلها ضجيح بالبكاء كضجيح الحجيج أهلّوا بالإحرام ، فقلت : مه ؟ فقالوا : توفّى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله ، كما في معجم الادباء لياقوت ( ص 83 ج 11 من طبع مصر ) .

( الجمل المخشوش ) الّذي جعل في أنفه الخشاش و هو عويد يجعل في أنف البعير و نحوه يشدّ به الزمام ليكون أسرع لانقياده ، مشتقّ من خشّ في الشي‏ء إذا دخل فيه لأنّه يدخل في أنف البعير .

( الغضاضة ) : الذلّة و المنقصة ، ( المعوّقين ) أى المانعين عن القيام بنصرة الإسلام ( فربّ ملوم لا ذنب له ) مثل ، قال الميدانى في فصل الراء المضمومة من مجمع الأمثال : هذا من قول اكثم بن صيفي ، يقول : قد ظهر للناس منه أمر أنكروه عليه و هم لا يعرفون حجّته فهو يلام عليه و ذكروا أنّ رجلا في مجلس الأحنف بن قيس قال : لا شي‏ء أبغض إلىّ من التمر و الزبد فقال الأحنف : ربّ ملوم لا ذنب له انتهى كلام الميداني .

( الظّنّة ) بالكسر : التهمة ( المتنصّح ) أى المتكلّف بنصح من لا يقبل النصيحة و المبالغ فيه له .

و قد يستفيد الظّنّة المتنصّح ، مصراع بيت صدره : و كم سقت من آثاركم من نصيحة ، ( استعبار ) استعبر : جرت عبرته أى بكى .

( لبّث قليلا يلحق الهيجا حمل ) هذا المثل قريب من قولهم : لبّث رويدا يلحق الداريّون ، و حمل بالتحريك هو ابن بدر رجل من قشير و فيه يقول قيس ابن زهير العبسى :

[ 101 ]

و لكنّ الفتى حمل بن بدر
بغى و البغى مرتعه وخيم

و هذا البيت للعبسى من أبيات الحماسة ( الحماسة 147 من شرح المرزوقى ) و من أبيات الأمالي للقالى ص 261 ج 1 ، و في السيرة النّبوية لابن هشام ص 287 ج 1 .

و قول حمل يضرب به مثلا للتهديد بالحرب .

و روى الميدانى في مجمع الأمثال في فصل الضاد المفتوحة هكذا : ضحّ رويدا يدرك الهيجا حمل ، و قال : ضحّ رويدا هذا أمر من التضحية أى لا تعجل في ذبحها ثمّ استعير في النهى عن العجلة في الأمر ، و يقال : ضحّ رويدا لم ترع أى لم تفزع و يقال ضحّ رويدا يدرك الهيجا حمل ، يعنى حمل بن بدر ، قال زيد الخيل :

فلو أنّ نصرا أصلحت ذات بينها
لضحّت رويدا عن مطالبها عمرو

و لكنّ نصرا ارتعت و تخاذلت
و كانت قديما من خلايقها الغفر

أى المغفرة ، نصر و عمروا بناقعين و هما حيّان من بني أسد ، انتهى قول الميداني .

و في الباب الثالث و العشرين فى ما جاء من الأمثال من أوّله لام من جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكرى : لبّث رويدا يلحق الهيجا حمل ، أى انتظر حتّى يتلاقى الشّبان ، و الهيجا يقصر و يمدّ ، و حمل اسم رجل ، انتهى كلام أبي هلال .

و كما اختلف في ضبط هذا المثل على ما قدّمنا كذا اختلف في حمل فذهب غير واحد إلى أنه ابن بدر كما دريت و في الإصابة و اسد الغابة أنه حمل ابن سعدانة قال في الأوّل : حمل بن سعدانة بن حارثة الكلبي وفد على النّبي صلى اللَّه عليه و آله و عقد له لواء و هو القائل : لبّث قليلا يدرك الهيجا حمل ، و شهد مع خالد مشاهده كلّها و قد تمثّل بقوله سعد بن معاذ يوم الخندق حيث قال :

لبّث قيلا يدرك الهيجا حمل
ما أحسن الموت إذا حان الأجل

و في اسد الغابة : البث قليلا الخ و قال : شهد صفّين مع معاوية ، و اللَّه تعالى أعلم .

[ 102 ]

ثمّ إنّ الهيجاء في نسختنا الّتي قوبلت على نسخة الرضى ممدودة ، و يجب أن تقرأ في البيت مقصورة ليستقيم الوزن .

( مرقل ) أى مسرع ، و الارقال ضرب من السير السريع ، ( جحفل ) أى جيش عظيم ، ( قتامهم ) أى غبارهم ، ( ساطع ) اى منتشر ، ( نصالها ) قال في القاموس :

النّصل و النصلان حديدة السهم و الرمح و السيف ما لم يكن له مقبض جمعه أنصل و نصول و نصال ، و نصل السهم فيه : ثبت ، و في بعض النسخ نضالها بالمعجمة يقال ناضل عنه إذا دفع و لكن الصحيح ههنا بالمهملة و في صدر الكتاب بالمعجمة كما في نسخة الرضى رضوان اللَّه عليه ، قال أبو العيال الهذلى في أبيات لما حصر هو و أصحابه ببلاد الروم في زمن معاوية كتبها إلى معاوية فقرأه معاوية على الناس كما في ديوان الهذليين ( ص 255 من طبع مصر ) :

فترى النّبال تعير في أقطارنا
شمسا كأنّ نصالهنّ السنبل

و ترى الرّماح كأنّما هي بيننا
أشطان بئر يوغلون و نوغل