167 و من كلام له عليه السّلام بعد ما بويع بالخلافة

و قد قال له قوم من الصحابه : لو عاقبت قوما ممن أجلب على عثمان ؟

فقال عليه السلام :

يا إخوتاه ، إنّى لست أجهل ما تعلمون ، و لكن كيف لى بقوّة و القوم المجلبون على حدّ شوكتهم يملكوننا و لا نملكهم ؟ و ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم ، و التفّت إليهم أعرابكم ، و هم خلالكم ، يسومونكم ما شاءوا ، و هل ترون موضعا لقدرة على شى‏ء تريدونه ؟ و إنّ هذا الأمر أمر جاهليّة ، و إنّ لهؤلاء القوم مادّة ، إنّ النّاس من هذا الأمر إذا حرّك على أمور : فرقة ترى ما ترون ، و فرقة ترى مالا ترون ، و فرقة لا ترى هذا و لا ذاك .

فاصبروا حتّى يهدأ النّاس ، و تقع القلوب مواقعها ، و توخذ الحقوق مسمحة ، فاهدأوا عنّى ،

و انظروا ماذا يأتيكم به أمرى ، و لا تفعلوا فعلة تضعضع قوّة و تسقط منّة و تورث وهنا و ذلّة ،

و سأمسك الأمر ما استمسك ، و إذا لم أجد بدّا فآخر الدّواء الكىّ . أقول : الألف فى « يا إخوتاه » هى : المنقلبة عن ياء النفس . و أجلب عليه جمع . و شوكتهم قوّتهم . و العبدان بتشديد الدال . و تخفيفها و كسر العين و ضمّها : جمع عبد .

و التفت : انضمتّ و يسومونكم : يكلّفونكم . و مسمحة : مسهلة . و الفصل يدلّ على انّه عليه السلام كان مترصّدا للفرصة ، و التمكّن من القصاص على وجه الشرع فلم يمهل .

و روى : انّه عليه السلام جمع الناس و وعظهم ، ثم قال : ليقم قتلة عثمان ، فقاموا بأسرهم الاّ القليل ، و كان ذلك استشهادا منه على صدق قوله ، و الناس على حدّ شوكتهم ، و على انّه لا قدرة له على القصاص حينئذ . و قوله : فاذا لم أجد بدّا ، الى قوله : الكى ، اى : اذا لم يكن بدّا من القتال قاتلت ، و كنّى عنه : بالكى .

[ 353 ]