مستدرك نهج البلاغة

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام  لما نزل كر بلاء وصلى فيها رفع إليه من تربتها فشمَّها ثم قال:

واهاً لك يا تربة,ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب – وهو يشير بيده ويقول ههنا ههنا – فقال له رجل:وما ذاك يا أمير المؤمنين؟فقال "ع" :ثقل لآل محمد ينزل ههنا,ويل لكم منهم,وويل لهم منكم,وويل لكم عليهم,ههنا مناخ ركابهم,ههنا موضع رحالهم,ههنا مراق دمائهم,كر بلاء ذات كرب وبلاء.

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام

جعل في يدك مفاتيح خزائنه بما أَذِنَ لك من مسألته,فمتى شئتَ استفتحت بالدعاء أَبوابَ نعمته,واستمطرتَ شآبيب رحمته,فلا يُقْنِطْك إِبطاءُ إجابته,فإن العطية على قدر النية,وربما أخَّرَت الإجابة ليكون ذلك أَعظم لأجر السائل,وأَجزل لعطاء الآمل,وربما سألت فلا تؤتاه,وأُتيت خيراً منه,أو صُرِف عنك بما هو خير لك,ورُبَّ أمرٍ قد طلبتَ فيه هلاكُ دينك لو أَوتيته.

ومِن دُعاءٍ له عَليه السَّلام  في الشدائد

اللهم كم من عدو انتضى علي سيف عُدْوَانه؛وشحذ لقتلي ظُبَةَ مُدْيته,وأرهف لي شَبَا حدِّه,ودافَ لي قواتل سمومه,وسدد نحوي صوائب سهامه,فنظرتَ عجزي عن الانتصار,فأيدتني بعونك,وشدت أيْدي[1]بنصرك,واَعليت كعبي عليه,ورددته حسيراً,قد عض على شواه,وآب موليا قد أَخفقت سراياه,وكم من باغ نصَبَ لي شرك مصائده,وضَبَا[2]إلي ضُبُوء السَّبعُ لطريدته,فلما رأَيتَ دغل سريرته رميته بحجره,ونكأته بمشْقَصِه[3],ورددت كيده في نحره,وقد كدتُ لولا رحمتك أَن يحل بي ما حل بساحته,فلك الحمد من مقتدر لا تغلب,وذي أَناة لا تعْجَل,اللهم وكم من سحائب مكروه جَلَّيْتَها,ونواشر رحمة نشَّرْتَها,وغواشي كرب فرَّجتها,وكم من ظن حسن حققت,وكم من صرعة أَقمت,ومن كُرْبَة نفَّسْت,ومسكنة حوَّلت,ومن نعمه خوَّلت,لقد سُئِلتَ فبذلت,ولم تسأل فابتدأْت,واستُمِيحَ فضلُك فما أَكديت أَبَيْتَ إلا إنعاماً وامتناناً.

ومنه

لم تُعَنْ في قدرتك ولم تشارَكْ في إلهيتك,ولا يبلغك بُعد الهمم,ولا ينالك غوص الفطن,ولا ينتهي إليك نظر الناظرين,ارتفعتْ عن صفة المخلوقين صفة قُدرتك,فلا ينتقص ما أردت أَن يزداد,ولا يزداد ما أَردت أَن ينتقص,ولا أَحد شهدك حين فطرت الخلق,ولا نِدَّ حضرك حين برأْت النفوس,كلت الألسن عن صفتك,وانحسرت العقول عن كنه معرفتك؛وكيف تدركك الصفات,أَو تحويك الجهات,وقد حارت في ملكوتك مذاهب التفكير وحسر عن إدراكك بصر البصير,وتواضعت الملوك لهيبتك,وعنت الوجوه لعزتك,وانقاد كل شيء لقدرتك,وخضعت الرقاب لسلطانك,فضَلَّ هنالك التدبير في تصاريف الصفات لك,فمن تفكر في ذلك رجع طرفه إليه حسيرا,وعقله مبهوتا مبهورا,فلك الحمد حمداً متواليا يدوم ولا يبيد,غير مفقود في الملكوت,ولا منتقص في العرفان, في الليل إذا أَدبر,وفي الصبح إذا أَسفر,بالغدو والآصال,والعشي والإبكار.

وَمِنْ كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام  أَشار به على عمر بن الخطاب في وقعة نهاوند

إنك إن أَشخصت أَهل الشام سارت الروم إلى ذراريهم,وإِن سَيَّرْت أَهل اليمن خلفت الحبشةَ على أَرضهم,وإن شخصْتَ أَنت من هذا الحرم انتقضت عليك الأرض من أَقطارها,حتى يكون ما تدع وراءَك أهم اليك مما قدامك,وإن العجم إذا رأوك عيانا قالوا هذا ملك العرب كلها,فكان أشد لقتالهم.وإنا لم نقاتل الناس على عهد نبيينا ولا بعده بالكثرة,بلا اكتب إلى الأمصار يشخص الثالث منهم,ويقيم الثلثان.فقال عمر:هذا هو الرأي.

وَمِنْ خُطْبَةٍ لهُ عَليه السَّلام  تعرف بالشقشقية العلوية

[ روى هذه الخطبة الشريف الرضي في النهج,ورواها غيره ممن تقدم على عصره,والروايات كلها متوافقة في المعنى وإن اختلفت في بعض الألفاظ,وقد آثرنا أن نذكر واحدة من الروايات التي لم تذكر في النهج, وهي ما رواه الصدوق في كتاب المعالي وكتاب العلل بإسناد معنعن إلى ابن عباس,قال:ذُكِرَتْ الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "ع" فقال ]:

والله لقد تقمَّصَها أخو تيم,وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى,ينحدر عني السيل,ولا يرقى إلي الطير,فسدلت دونها ثوبا,وطويت عنها كشحاً,وطفقت أّرتأي ما بين أن أصول بيد جَذَّاء؛أو أَصبر على طخية عمياء,يشيب فيها الصغير,ويهرم فيها الكبير,ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى الله,فرأيت أَن الصبر على هاتا أَحجى؛فصبرت وفي العين قذى؛وفي الحلق شجى؛أَرى تراثي نهباً.

حتى إذا مضى لسبيله,عقدها لأخي عديّ بعده,فيا عجباً!بينا هو يستقبلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته,فصيرها والله في حوزة خشناءَ,يخشن مسها,ويغلظ كلْمها,ويكثر العثار والاعتذار منها,فصاحبها كراكب الصعبة إن عنف بها خرم,وإن أسلس لها تقحم,فمني الناس بخبط وشماس,وتلون واعتراض,فصبرت على طول المدة,وشدة المحنة.

حتى إذا مضى لسبيله,جعلها في جماعة زعم أني منهم,فيا لله ولهم وللشورى,متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر؟فمال رجل لضغنه,وصغى آخر لصهره,وقام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه,وقام معه بنو أبيه يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع,حتى أَجهز عليه عمله فما راعني إِلا والناس كعرف الضبع,قد انثالوا علي من كل جانب.حتى لقد وُطِيءَ الحسنان,وشُقَّ عِطفاي,حتى إذا نهضت بالأمر,نكثت طائفة,وفسقت أُخرى,ومرق آخرون,كأنهم لم يسمعوا قول الله تبارك وتعالى :" تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" .

بلى – والله – لقد سمعوها,ولاكن احلولت الدنيا في أَعينهم,وراقهم زِبرجها.والذي فلق الحبة,وبرأ النسمة,لولا حضور الحاضر,وقيام الحجة,بوجود الناصر,وما أخذ الله تعالى على العلماء ألا يقروا على كظة ظالم,ولا سغب مظلوم,لأَلْقَيْتُ حبلها على غاربها,ولسقيت آخرَها بكأس أولها؛ولا لفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من حقبة عنز.

قال ابن عباس:وناوله رجل من أهل السواد كتابا فقطع كلامه وتناول الكتاب فقلت له:يا أمير المؤمنين لو اطَّرَدَتْ مقالتُك إلى حيث بلغت!فقال:هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

قال ابن عباس:فما أسفت على كلام قط كأسفي على كلام أمير المؤمنين,إذ لم يبلغ حيث أَراد. 

قال ابن الأثير في النهاية في مادة(شقشق):ومنه حديث علي في خطبة له: (تلك شقشقة هدرت ثم قرت الخ)ويروي له شعر فيه:

لساناً كشقشقة الأرجي         أو كالحسام اليماني الذكر

وقال في القاموس:الشقشقة شيء كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج,والخطبة الشقشقية العلوية لقوله "ع" لابن عباس – لما قال له لو اطردت مقالتُك من حيث أفضيت :يابن عباس,تلك شقشقة هدرت ثم قرت.

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام

 استصبحوا من شعلة مصباح واضح,وامتاحوا من عين صافية قد روقت من الكدر,فلو سلمتم الأمر لأهله سلمتم,ولو أَبصر تم باب الهدى رشدتم,اليمين والشمال مَضَلَّة,والطريق كتاب الله وآثار النبوة,ألا إن أبغض خلق الله إِلى الله لعبد وكله إلى نفسه.

ومِن دُعاء له عَليه السَّلام  عند الاستهلال

أيها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في فلك التبدير المتصرف في منازل التقدير آمنت بمن نور بك الظلم وأضاء بك البهم وجعلك آية من آيات سلطانه وامتهنك بالزيادة والنقصان والطلوع والأفول والانارة والكسوف في كل ذلك أنت له مطيع وإِلى إِرادته سريع سبحانه ما أَحسن ما دبر وأتقن ما صنع جعلك هلال شهر حادث لامر حادث جعلك الله هلال أمن وإيمان وسلامة وإِسلام هلال أمن من العاهات وسلامة من السيئات اللهم أهدى من طلع عليه وأزكى من نظر إليه.ثم صلى على النبي وآله عليهم الصلاة والسلام ودعا لنفسه.

وروي إِن هذا الدعاء من أدعية مولانا زين العابدين "ع" أَي مما كان يدعو به"ع" أو أن ذلك مما روي عنهما H  .

قال الشريف الرضي في النهج في كلام رواه عن أمير المؤمنين "ع" ويروي هذا الكلام عن النبي "ص" ولا عجب أن يشتبه الكلامان لان مستقاهما من ٌقَليب ومفرغهما من ذَنُوب[4].

وذكر في النهج أن من دعاء له "ع" : (اللهم صن وجهي باليسار…)وهو مذكور في ضمن دعاء مكارم الأخلاق من أدعية الصحيفة السجادية.

(وجاء إليه رجل) بصحيفة,فنظر فيها,ثم نظر إلى وجه الرجل فقال:إِن كنتَ صادقاً كافيناك,وإِن كنتَ كاذباً عاقبناك,وإن شئت أن قلت نقيلك أقلناك,فقال:بل تقيلني يا أمير المؤمنين,فلما أدبر قال "ع" :

أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها,أما إنكم لو قدمتم من قدم الله,وأخرتم من أخر الله,ما عال ولي الله,ولا طاش سهم من فرائض الله,ولا اختلف اثنان,ألا علم ذلك عندنا من كتاب الله,فذوقوا وبال ما قدمت أيديكم,وما الله بظلام للعبيد.

وعن الصادق جعفر بن محمد "ع" قال:قال أمير المؤمنين "ع" :

الحمد لله الذي لا مقدم لما أخر,ولا مؤخر لما قدم(ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى وقال):

أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها,لو كنتم قدمتم من قدم الله,وأخرتم من أخر الله,وجعلتم الولاية والوراثة حيث جعلها الله.ما عال ولي الله,ولا عال سهم من فرائض الله,ولا اختلف اثنان في حكم الله,ولا تنازعت الأمة في شيء من أمر الله,ألا وعندنا علمه من كتاب الله,فذوقوا وبال أمركم وما فرطتم فيما قدمت أيديكم وما الله بظلام للعبيد.وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

ومن خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام   

 (ذكر السيد جملا منها ونحن نضيف إليها من الرواية التي وقفنا عليها جملا أخرى)

الحمد لله الولي الحميد,الحكيم المجيد,الفعال لما يريد,خالق الخلق,ومنزل القطر,ومدبر الأمر,رب السماء والأرض,تواضع كل شيء لعظمته,واستسلم كل شيء لقدرته,وقر كل شيء قراره لهيبته,الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إِلا بإذنه,وأن يحدث شيء إلا بعلمه,نحمده على ما كان,ونستعينه من امرنا على ما يكون,ونستغفره ونستهديه,وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله,أرسله داعياً إلى الحق,وشاهداً على الخلق,يبلغ رسالات ربه كما أمره,لا متعدياً ولا مقصراً,وجاهد في الله أعداءه لا وانياً ولا ناكلا,ونصح له في عباده صابراً محتسباً,وقبضه الله إليه وقد رضي عمله,وتقبل سعيه,وغفر ذنبه,أوصيكم  عباد الله بتقوى الله,واغتنام طاعته.ما استطعتم في هذه الأيام الفانية,وإعداد العمل الصالح الجليل ما يُشْفي[5] به عليكم الموت,وآمركم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تكونوا تحبون تركها,والمبلية لأجسادكم وإن أحببتم تجديدها,فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلا,فكأنهم قد قطعوه وأفضوا إلى علم فكأنهم قد بلغوه,وكم عسى المجرى إلى الغاية أن يجري إليها حتى يبلغها,وكم عسى أن يكون بقاء من له يوم لا يعدوه,وطالب حثيث  من الموت يحدوه,فلا تنافسوا في عز الدنيا وفخرها,ولا تعجبوا بزينتها ونعيمها,ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها,فان عزها إلى انقطاع, ونعيمها إلى ارتجاع,وبؤسها إلى نفاد,وكل مدة فيها إلى منتهى,وكل حي فيها إلى بَلى,أو ليس لكم في آثار الأولين وفي آبائكم الماضين بصيرة وعبرة,ألم تروا إلى الأموات لا يرجعون,والى الاخلاف منكم لا يخْلُدُون,أو لستم ترون أهل الدنيا على أحوال شتى,فمن ميت يُبْكَى,وآخر يبشر وينهى,وطالب للدنيا والموت يطلبه,وغافل وليس بمغفول عنه,وعلى أثر الماضي ما يمضي الباقي.

ومنها

 ألا وإن هذا اليوم جعله الله لكم عيداً,وهو سيد أيامكم,وأفضل,أعيادكم,وقد أمركم الله في كتابه بالسعي فيه إلى ذكره,فلتعظم فيه رغبتكم,ولتخلص نيتكم,وأكثروا فيه من التضرع إلى الله,ومسألة الرحمة والغفران,وإِن فيه لساعةً مباركة,لا يسأل الله فيها عبدُ مؤمنٌ خيراً إلى أعطاه.

ومنها

إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب الله,ثم تعوذ "ع" وقرأ سوراً من القرآن ثم جلس جلسة (كلا و لا)[6] ثم قام وكان مما قال:

الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكل عليه ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، اللهم عذّب كَفَرَة أهل الكتاب والمشركين الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ، وخالِفْ بين كلمتهم وألْقِ الرعب في قلوبهم ، وأَنزل عليهم رِجزك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين ، اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم حيث كانوا من مشارق الأرض ومغاربها ، اللهم واغفر للمؤمنين والمؤمنات ، واجعل التقوى زادهم والجنة مآبهم, والأيمان والحكمة في قلوبهم وأَوْزِعْهُم أن يشكروا نعمتك ، وأَن يوفوا بعهدك ، إِله الحق وخالق الخلق ، آمين ،إن الله يأمر بالعدل والأحسان وإِيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، اذكروا الله فانه ذاكر لمن ذكره ، وسلوه فانه لا يخيب من دعاه.

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام

 الحمد لله الذي بعث محمداً منا نبياً,وبعثه إلينا رسولا,فنحن بيت النبوة,ومعدن الحكمة,وأَمان أهل الأرض,نجاة لمن طلب,ولن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق وصلة رحم.اسمعوا كلامي.وعوا منطقي,عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا الجمع تُنْتَضَى فيه السيوف وتخان فيه العهود,حتى تكونوا جماعة ويكون بعضكم أئمة لأهل الظلالة,وشيعة لأهل الجهالة.

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام

[ كلم به زياد بن النضر وشريح بن هاني وقد عقد لكل واحد منهما على ستة آلاف فارس ].

واعلما أن مقدمة القوم عيونهم,وعيون المقدمة طلائعهم,فإياكما أن تسأما عن توجيه الطلائع.ولا تسيرا بالكتائب إلا بتعبئة وحذر,وإِذا نزلتم فليكن معسكركم في أشرف المواضع,يكن ذلك لكم حصناً حصيناً.وإذا غشيكم الليل فحفوا العسكر بالرماح…وما أَقمتم فكذلك كونوا لئلا تصاب منكم غرة,واحرسا عسكركما بأنفسكما.ولا تذوقا نوماً إلا غراراً ومضمة,وليكن عندي خبركما كل يوم,فاني – ولا شيء إلا ما شاء الله – حثيث السير في أَثركما,ولا تقاتلا حتى أَقدم عليكما,إِلا أن تُبْدَءَا أو يأتيكما أمري إن شاء الله.فعليكما في حربكما بالتُّؤَدَة,وإياكما والعجلة,إلا أن تُمَكِّنَكُمَا فرصة بعد الأعذار والحُجَّة.

ومن خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام

 الحمد لله,أحمده وأستعينه وأستهديه وأُمن به وأَتوكل عليه,وأعوذ به من الضلالة والردى,من يهد الله فلا مضل له,ومن يضلل فلا هادي له,وأَشهد أَن لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له وأَشهد أَن محمداً عبده ورسوله,انتجبه لرسالته,واختصه لتبليغ أَمره فبلغ رسالة ربه,ونصح لامته,وأَدى الذي عليه.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله فان تقوى الله خير ما تواصى بها عباد الله,بها أُمِرْتم,وللطاعة خلقتم,فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه,فانه حذَّر بأساً شديداً,واعملوا في غير رياء ولا سمعة,فانه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل,ومن عمل مخلصاً له تولاه,وأَشْفِقوا من عذاب الله فانه لم يخلقكم عبثاً,ولم يترك شيئاً من أمركم سدى,قد سمى آثاركم,وعلم أَسراركم,وأحصى أعمالكم,وكتب آجالكم,فلا تغرنكم الدنيا فانها غرارة لاهلها,والمغرور من اغتر بها,وإِن الآخرة هي دار القرار,نسأل الله منازل الشهداء,ومرافقة الأنبياء ومعيشة السعداء.

وَمِنْ خُطْبَةٍ لهُ عَليه السَّلام  في الدعوة إلى الجهاد

  إن الله أَكرمكم بدينه,وخلقكم لعبادته,فانصبوا أَنفسكم في أَداء حقه,وتنجّزوا موعوده,واعلموا ان الله جعل أَمراس الإسلام متينة,وعراه وثيقة,ثم جعل الطاعة حظ الانفس وغنيمة الاكياس عند تفريط العجزة,ونحن سائرون إن شاء الله,إلا من سَفِهَ نفسه,وتناول ما ليس له,وإلى جنده الفئة الطاغية الباغية,يقودهم ابليس ويبرق لهم ببارق تشويقه ويدلهم بغروره ,وأنتم أعلم بالحلال والحرام,فاستغنوا بما علمتم,واحذروا ما حذركم الله من الشيطان,وارغبوا فيما عند الله من الاجر والكرامة,واعلموا أن المسلوب من سلب دينه وأمانته,والمغرور من آثر الضلالة على الهدى,فلا أعرفن أحداً منكم تقاعس وقال في غيري كفاية,فان الذود إلى الذَّوْدِ إبل[7]والنصر من الله.

وَمِنْ كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام  عند نكث طلحة والزبير

أما بعد فان الله بعث محمداً "ص" للناس رحمة كافة,وجعله للعالمين رحمة,فصدع بما أمر وبلغ رسالات ربه فرمّ به الصدع,ورَتَق الفَتْق وأمَّن به السبل,وحقن به الدماء,وألف بين ذوي الاحَن الكامنة في الصدور, والضغائن الراسخة في القلوب,ثم قبضه الله إليه حميداً لم يقصر في الغاية التي اليها أدى الرسلة, ولا بلغ شيئاً كان القصد في التقصير عنه,وكان من بعده ما كان من التنازع في الأمر,فتولى أبو بكر وبعده عمر ثم تولى عثمان,فلما كان من أمره ما عرفتموه أتيتموني فقلتم بايَعْنَا فقبضت يدي فبسطتموها,ونازعتكم فجذبتموها,وتداككتم علي تداكَّ الابل الهيم على حياضها يوم الورود,حتى ضننت أنكم قاتليَّ وأن بعضكم قاتل بعض,فبسطت يدي فبايعتموني مختارين,وبايعني طلحة والزبير طائعين غير مكرَهْين,ثم لم يلبثا أن استأذناني في العمرة,والله يعلم أنهما أرادا الغَدْرَة,فجدّدْتُ عليهما العهد في الطاعة,وأن لا يبغيا للامة الغوائل,فنكثا بيعتي,ونقضا عهدي,فعجباً من انقيادهما للأَوَّلْين,وخلافهما لي,ولست بدون الرجلين,ولو شئت أن أقول لقلت:اللهم فاحكم عليهما بما صنعا في حقي وصغَّرا من أمري.

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام

لما تخلف عن بيعته سعد ومحمد بن مسلمة وحسان وأسامة بن زيد

أيها الناس,إنكم بايعتموني على ما بويع عليه من قبلي,وانما الخيار قبل البيعة,فإذا بايع الناس فلا خيار لهم,وإن على الامام الاستقامة,وعلى الرعية التسليم, وهذه بيعة عامة,من رغب عنها رغب عن دين الإسلام,واتبع غير سبيل أهله,ولم تكن بيعتكم إياي فلتة,وليس أمري وأمركم واحد,أريدكم لله وتريدونني لانفسكم,وايم الله لأنصحنَّ للخصم,ولأُنْصِفَنَّ للمظلوم,وقد بلغني عن سعد بن مسلمة واسامة وحسان أمور كرهتها,والحق بيني وبينهم!

وَمِنْ كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام  لما قدم الكوفة من البصرة

أما بعد,فالحمد لله الذي نصر وليَّه,وخذل عدوه,وأعز الصادق المحق,وأذل الكاذب المبطل,عليكم يا أهل هذا المصر بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبييكم الذين هم أولى بطاعتكم من المنتحلين القائلين:إلينا إلينا,يتفضلون بفضلنا,ويجاحدوننا أمرنا,وينازعوننا حقنا,ويدفعوننا عنه,وقد ذاقوا وبال ما اجترحوا,فسوف يلقَوْن غياً,ولقد قعد عن نصرتي منكم رجال,وانا عليهم عاتب زَارٍ,فاهجروهم وأسمعوهم ما يكرهون حتى يُعْتِبُونا,ونرى منهم ما نحب.

وَمِنْ كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام حين دخل البصرة وحرض أصحابه على الجهاد

عباد الله,انهَدُوا إلى هؤلاء القوم,منشرحةً صدورُكم,فانهم نكثوا بيعتي,وأخرجوا ابن حُنَيْفٍ عاملي,بعد الضرب المبرح,والعقوبة الشديدة,وقتلوا السيابجة[8]ومثلوا بحكيم بن جَبَلة العبدي,وقتلوا رجالا صالحين ثم تتبعوا من نجا يأخذونهم في كل حائط,وتحت كل رابية,فيضربون رقابهم صبراً,ما لهم,قاتلهم الله أنى يؤفكون!انهَدُوا إليهم وكونوا أشداء عليهم,والْقَوْهم صابرين محتسبين,قد وطنتم أنفسكم على الطعن الدعسيّ,والضرب الطِّلَحْفي,ومبارزة الأقران,واي امريء منكم أحس من نفسه رباطة جأش عند اللقاء ورأى من أحد إِخوانه فشلاً فليذبَّ عن أخيه الذي فضل عليه كما يذب عن نفسه,فلو شاء الله لجعله مثله.

وَمِنْ كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام  مع جمع من شيعته

كونوا في الناس كالنحل في الطير,ليس شيء من الطير الا وهو يستضعفها,ولو تعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك,خالطوا الناس بالالسنة والأبدان,وزايلوهم بالقلوب والأعمال[9],فان لكل امريءٍ ما اكتسب,وهو يوم القيامة مع من أحب.أما أنكم – يا معشر الشيعة – لم تروا ما تأملون حتى لا يبقى منكم على هذا اللأمر إِلى كالكحل في العين,وكالملح في الطعام,تَمْحَصُكم الفتن حتى لا تَبْقَى منكم إِلا عصابة لا تضرها الفتن شيئاً.

وَمِنْ كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام  في الاقتصاد

كم متعب نفسه مقتَّر عليه!وكم مقتصد في لطلب قد ساعدته المقادير!واعلموا علماً يقيناً أن الله عز وجل لم يجعل للعبد وإن اشتد جهده وعظمت حيلته وكثرت مكايده أن يسبق ما سُمِّي له في الذكر الحكيم,ولم يخل من العبد في[10]ضعفه وقلة حيلته أن يبلغ ما سمي له فيه,أيها الناس انه لن يزداد امرؤ نقيراً بحذقه,ولا ينقص امرؤ نقيراً لحمقه,فالعالم بهذا,العامل به,أعظم الناس راحة في منفعة,والعالم بهذا التنارك له أعظمهم شغلا في مضرة,وربَّ منعمٍ عليه مستدرجٍ بالاحسان إليه!وربَّ معذور في الناس مصنوع له!فأَبْقِ أيها الساعي من سعيك,وقصِّرْ من عجلتك,وانتبه من سِنَةِ غفلتك,وتفكر فيما جاء عن الله عز وجل على لسان نبيه "ص" واحتفظوا بهذه الحروف[11]السبعة فانها من قول أهل الحِجَى ومن عزائم الله في الذكر الحكيم,إِنه ليس لأحد أن يَلْقَى الله بخلَّةٍ من هذه الخلال:الشركِ بالله فيما افترض عليه,وإِشفاء غيظ بهلاك نفسه,أو إقرار بأمر يفعله غيره,أو يستنجح إلى مخلوق بإظهار بدعة في دينه,أو يسرهّ أن يحمده الناس بما لم يفعل,والمتجبر المختال,وصاحب الأبهة والزهو.

أيها الناس إن السباع همتها التعدي,وإِن البهائم همتها بطونها,وإن النساء همتهن الرجال,وإن المؤمنين مشفقون خائفون.

ومن خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام

 الحمد لله المختص بالتوحيد,المتقدم بالوعيد,الفعال لما يريد المحتجب بالنور دون خلقه,ذي الأفق الطامح,والعز الشامخ,والملك الباذخ,المعبود بالآلاء,رب الأرض والسماء.

احمد على حسن البلاء,وفضل العطاء وسو ابغ النعماء,وعلى ما يدفع من البلاء,حمداً يستهل له العباد,وتنمو به البلاد.

واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,لم يكن شيء قبله,ولا يكون شيء بعده,وأشهد أن محمداً "ص" عبده ورسوله؛اصطفاه بالتفضيل,وهدى به من التضليل,واختصه لنفسه,وبعثه إلى خلقه,يدعوهم إلى توحيده وعبادته,والإقرار بربوبيته,والتصديق بنبيه,بعثه على حين فترة من الرسل,وصدْفٍ[12]عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث,فبلغ رسالاته,وجاهد في سبيله,ونصح لامته,وعبده حتى أتاه اليقين.

أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله العظيم,فان الله عز وجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون,والرزق من حيث لا يحتسبون,فتنجَّزُوا من الله موعوده,واطلبوا ما عنده بطاعته,والعمل بمحابّه[13]فانه لا يُدْرَكُ الخير إلا به,ولا يُنَال ما عنده إلا بطاعته,ولا تُكْلان فيما هو كائن إِلا عليه,ولا حول ولا قوة إلا به.

ومن خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام في يوم الأضحى

أوصيكم عباد الله بتقوى الله,وكثرةِ ذكر الموت,وأحذركم الدنيا التي لم يمَتَّعْ بها أحد قبلكم؛ولا تبقى لأحد بعدكم,فسبيل من فيها سبيل الماضين من أهلها,ألا وإنها قد تصرمت وآذنت بانقضاء وَتَنَكَّر معروفُها,واصبحت مدبرة مولية,تهتف بالفناء,وتصرخ بالموت,قد أمَرَّ ما كان منها حلواً,وتكدر ما كان منها صفواً,فلم تبق منها إلا شفافة كشفافة الإناء؛وجرعة كجرعة الإِداوة,لو تمززها الصَّدْيان لم تنقع غلته,فأزمعوا عباد الله على الرحيل منها؛وأَجْمعُوا متاركتها؛فما  من حي يطمع في بقاء ولا من نفس إلا وقد اذعنت للمنون,ولا يغلبنكم الامل؛ولا يطل عليكم الامد؛ولا تغتروا بالمنى,وخدع الشيطان.

تعبَّدُوا لله عباد الله أيام الحياة فوالله لو حننتم حنين الوَلِه العَجْلان؛ودعوتم دعاء الحمام,وجأرتم جؤار الرهبان؛وخرجتم إلى الله من الأموال والأولاد؛التماس القُرْبَة إليه في ارتفاع درجة,وغفران سيئة – أحصتها كتبته,وحفظها رسله – لكان قليلا فيما ترجون من ثوابه,وتخشَوْن من عقابه.وتالله لو إنماثت قلوبكم إنمياثاً,وسالت من رهبة الله عيونكم دماء,ثم عُمّرْتم عُمُرَ الدنيا على أفضل اجتهاد وعمل,ما جَزَتْ أعمالكم حقَّ نعمة الله عليكم,ولا استحققتم الجنة بسوى رحمة الله ومنّه عليكم.

ومنها

ألا وإن هذا اليوم يوم حرمته عظيمة,وبركته مأمولة؛والمغفرة فيه مرجوة؛فأكثروا ذكر الله,وتعرضوا لثوابه بالتوبة والإنابة؛والتضرع والخضوع,فانه يقبل التوبة من عباده,ويعفو عن السيئات,وهو الرحيم الودود.

ومنها

وأحسنوا العبادة,وأقيموا الشهادة؛وأرغبوا فيما كتب الله لكم,وأدوا ما افترض الله عليكم,وأمروا بالمعروف وانهَوْا عن المنكر,وأعينوا الضعيف,وانصروا المظلوم؛وخذوا فوق يد الظالم والمريب,وأحسنوا إلى نسائكم,وما ملكت أيمانكم,واصدُقُوا الحديث؛وأدوا الامانة؛وأوْفُوا بالعهد,وكونوا قوامين بالقسط؛وأوفوا المكيال والميزان,وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده,ولا تغرنكم الحياة الدنيا,ولا يغرنكم بالله الغَرُور.

ومن خُطبَةٍ لهُ عَليه السَّلام في يوم الفطر

الحمد لله لا مقنوطاً من رحمته؛ولا مستنكفا عن عبادته,الذي بكلمته قامت السموات,وقرت الارضون,وثبتت الجبال الرواسي,وجرت الرياح اللواقح,وسار السحاب في جو السماء,تبارك الله رب العالمين,إله قاهر قادر,ذل له المتعززون,وتضائل له المتكبرون,ودان له العالمون.نحمده بما حمد نفسه,وكما هو أهله,ونستعينه ونستغفره ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم ما تخْفِي الصدور,وما تُجِنُّ البحار؛وما تُوَاري الاسراب,وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار,لا تُوَارِي منه ظلمات,ولا تغيب عنه غائبة,وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين,ونستهدي الله بالهدى؛ونعوذ بالله من الظلال والردى.ونشهد أن محمداً عبده ورسوله ونبيه إلى الناس كافة,وأمينه على وحيه, وإنه بلغ رسالة ربه,وجاهد في الله المدبرين عنه,وعَبَده حتى أتاه اليقين,صلى الله عليه وآله.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي لا تبرح منه نعمة,ولا تفقد له رحمة,ولا تستغني عنه العباد,ولا تجزي نعمه الأعمال,الذي رغب في الآخرة,وزهَّد في الدنيا,وحذَّر المعاصي,وتعزَّز بالبقاء؛وتفرَّد بالعز والبهاء,وجعل الموت غاية المخلوقين,وسبيل الماضين,فهو معقود بنواصي الخلق.حتمٌ في رقابهم,ولا يعجزه لحوق هارب,ولا يفوته ناء ولا آيب،يهدم كل لذة،ويزيل كل بهجة،

عباد الله،إن الدنيا دار رضي الله لاهلها الفناء،وقدر عليهم بها الجلاء.فكل ما فيها نافذ،وكل من يسكنها بائد،وهي حلوة خَضِرَة رائقة نضرة قد زينت للطالب،ولاطت بقلب الراغب،يَطِّبيها[14]الطامع،ويحتويها الوجِل الخائف،فارتحلوا رحمكم الله منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد،ولا تطلبوا منها سوى الُبْلَغة[15]وكونوا كَسْفٍر نزلوا منزلا فتمتعوا منه بأدنى ظل،ثم ارتحلوا لشأنهم،ولا تمدوا أعينكم فيها إلى ما متع به المترفون،فان ذلك أخف للحساب،وأقرب من النجاة.

ألا وإن الدنيا قد تنكرت وأدبرت،وآذَنَتْ بوادع،ألا وإن الآخرة قد أقبلت ونادت باطلاع،أَلا وإِن المضمار اليوم وغداً السباق،ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار.أفلا تائب من خطيئته قبل هجوم منيته!أولا عامل لنفسه قبل اليوم فقره وبؤسه!جعلنا الله وإياكم ممن يخافه ويرجو ثوايه.

ألا وإن هذا اليوم يوم جعله الله عيداً،وجعلكم له أهلا،فاذكروا الله يذكركم،وادعوه يستجب لكم،واستغفروه يغفر لكم،وأدوا فطرتكم[16]فانها سنة نبيكم،وفريضة واجبة من ربكم،فليخرجها كل امرىء منكم من طّيب كسبه،طيبةً بذلك نفسُه،وتعاونوا على البر والتقوى،وأدوا فرائض الله عليكم فيما أمركم به من إقامة الصلوات المكتوبات،وأداء الزكوات وصيام شهر رمضان،وحج البيت الحرام،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،والاحسان إلى نسائكم وما ملكت أيمانكم،واتقوا الله فيما نهاكم عنه،واطيعوه في اجتناب قذف المحصنات،وإِيتاء الفواحش،وشرب الخمر،وبخس الميزان،ونقص الميكال،وشهادة الزور،والفرار من الزحف،عصمنا الله وإِياكم بالتقوى،وجعل الآخرة خيراً لنا ولكم من هذه الدنيا.

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام للمغيرة بن شعبة

هل لك يا مغيرة في الله!تأخذ سيفك فتدخل معنا في هذا الأمر ,تدرك من سبقك,وتسبق من معك,فاني أرى اموراً لا بد أن تُشْحَذَ لها السيوف,وتقطع لها الرؤوس,وقد أذنتُ لك أن تكون من أمرك على ما بدا لك.

ومن كَلامٍ لهُ عَليه السَّلام في البيعة

أنا أحق بهذا الأمر منكم,وأنتم أولى بالبيعة لي,أخذتم هذا الأمر من الأنصار,واحتججتم بالقرابة,فاعطوكم المقادة,وسلموا اليكم الامارة,ونحن اولى برسول الله "ص" حياً وميتاً,فأنصفونا إن كنتم تؤمنون,وإلا فبؤوا بالظلم وأنتم تعلمون.

 

الباب الثاني:  باب المختار من كتب مولانا أمير المؤمنين "ع" إلى أعدائه وأمراء بلاده

[ باب المختار من كتب مولانا أمير المؤمنين "ع" إلى أعدائه وأمراء بلاده ويدخل في ذلك ما اختير من عهوده إلى عماله ووصاياه لأهله وأصحابه)

ومن كتاب له عَليه السَّلام  إلى بعض مواليه

أما بعد,فان ما بيدك من المال قد كان له اهلٌ قبلك,وهو صائر إِلى أهلٍ له بعدك,وإِنما لك منه ما مهَّدْتَ لنفسك,فآثِر نفسك على صلاح ولدك,فإنما أنت جامع لأحد رجلين:إما رجل عمِلَ فيه بطاعة الله فسعد بما شقيت,وإما رجل عمل بمعصية الله فشقي بما جمعت له,وليس من هذين أحد باهل أن تؤثره على نفسك وتحمل له على ظهرك,فارج لمن مضى رحمة الله,وثق بمن بقي برزق الله.

ومن كتاب له عَليه السَّلام  إلى الاشتر

صِل من قطعك؛وأَعْطِ مَنْ حرمك,واعفُ عمن ظلمك.وأحسِنْ إلى من أساء اليك.وقل الحق ولو على نفسك.

ومن كتاب له عَليه السَّلام  إلى معاوية ومن قِبَلَهُ من قريش

أما بعد,فان لله عباداً آمنوا بالتنزيل وعَرَفوا التأويل[17]وتفقهوا في الدين,وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم,وأنتم إذ ذاك أعداء رسول الله,مجمعون على حرب المسلمين,مكذبون بالكتاب المبين,حتى إذا أراد الله إعزاز دينه,وإظهار رسوله,ودخلت العرب في دينه أفواجاً,وأسلمت هذه الأمة طوعاً أو كرهاً,كنتم ممن دخل في هذا الدين,إمَّا رغبة وإمَّا رهبة,على حين فاز أهل السبق بسبقهم,وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم,فلا يجدر بمن ليست له مثل سوابقهم في الدين ولا مثل فضائلهم في الإسلام أن ينازعهم الأمر الذي هم أهله,ولا ينبغي لمن كان له عقل أن يجهل قدره,ولا أن يعدو طوره ولا أن يشقي نفسه بالتماس ما ليس له,وإن أولى الناس بهذه الأمة قديماً وحديثاً أقربُها من رسول الله "ص"  وأعلمها بكتاب الله وأفقهها في دين الله,وأولها إسلاماً,وأفضلها جهاداً,وأشدها بتحمل أمور الرعية اضطلاعاً,فاتقوا الله الذي إليه تُرْجَعُون,ولا تَلْبِسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون,ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه "ص" وحَقْنِ دماء هذه الأمة,فان قبلتم أصبتم رشدكم,وإن أبيتم إلا الفرقة وشق عصا[18]هذه الأمة,فلن تزدادوا من الله إلا بعداً,ولن يزداد الرب عليكم إلا سخطاً.

ومن كتاب له عَليه السَّلام  إلى عماله

أدِقُّوا أقلامكم,وقاربوا بين سطوركم,واحذفوا من فضولكم,واقصدوا قصد المعاني,وإياكم والاكثار,فان أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار(3).  

ومن كتاب له عَليه السَّلام إلى زياد وشريح

أما بعد فاني قد أمّرت عليكما مالكا,فاسمعا له وأطيعا,فانه ممن لا يخاف رهقه ولا سقاطه ولا بطؤه عمّا الاسراع إليه أحزم, ولا إسراعه إلى ما البطؤ عنده أَمثل,وقد أمرته بمثل الذي أَمرتكما به:أَن لا يبدأ القوم حتى يلقاهم,فيدعوهم ويُعْذِرَ إليهم.

ومن كتاب له عَليه السَّلام

 أَستهدي الله عز وجل بالهدى,وأَستعينه على التقوى,ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله "ص" ,والقيام عليكم بحقه,والتنفيذ لسنته,والنصح لكم بالغيب والشهادة,وقد بعثت اليكم قيسَ بنَ سعد بن عُبَادةَ أَميراً فوازروه وكانفوه,وأعينوه على الحق,وقد أمرته بالحسان إلى محسنكم,والشدة على مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم,وهو ممن أرضى هديه,وأَرجو صلاحه ونصيحته,اسأل الله عز وجل لنا ولكم عملاً زاكياً,وثواباً جزيلاً,ورحمة واسعة,والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ومن عهدٍ له عَليه السَّلام  لمحمد بن أبي بكر حين ولاه مصر

أَمره بتقوى الله والطاعة له في السر والعلانية وخوف الله عز وجل في الغيب والشهادة وباللين على المسلمين وبالغلظة على الفجرة والعدل على أَهل الذمة وبانصاف المظلوم وبالشدة على الظالم وبالعفو عن الناس والاحسان ما استطاع,وأمره أن يدعو من قِبَلَه إلى الطاعة والجماعة,فان لهم في ذلك من العاقبة وعظيم المثوبة ما لا يقدرون قدره ولا يعرفون كنهه,وأمره أن يَجْبِيَ الأرض على ما كانت تُجْبَى عليه من قبل,لا ينتقص منه ولا يبتدع فيه,ثم يقسمه بين أهله على ما كانوا يقتسمون عليه من قبل,وأن يُلِينَ لهم جناحه,ويواسي بينهم في مجلسه ووجهه,وليكن القريب والبعيد عنده في الحق على سواء,وامره أن يحكم بين لناس بالحق وأن يقوم بالقسط ولا يتبع الهوى ولا يخاف في الله عز وجل لومة لائم فان الله جل ثناؤه مع من اتقى وآثر طاعته وأمره على من سواه[19].

ومِن كتِابٍ له عَليه السَّلام  إلى الاشعث بن قيس وكان عاملا لعثمان على أذرَبيجان

أما بعد,فلولا هَنَاتُ كنّ فيك لكنت المقدَّم في هذا الأمر,ولعل أمرك يحمل بعضه بعضاً إن اتقيتَ الله.إن عملك ليس لك طُعْمَة,ولكنه أمانة,وإن في يديك مالاً من أموال الله وأنت من خزان الله عليه حتى تسلِّمَ إِلي,ولعلي أن لا أكون شر ولاتك لك إن استقمت,ولا قوة إِلا بالله.

ومن كتاب له عَليه السَّلام  بعد التحكيم

من عبد الله أمير المؤمنين إِلى زيد بن حصين وعبد الله بن وهب ومن معهما من الناس,أما بعد فان هذين الرجلين الذين ارتضينا حكمهما قد خالفا كتاب الله,واتبعا أَهواءَهما بغير هدى من الله,فلم يعملا بالسنة,ولم ينفذا للقرآن حكما,فبرئ الله ورسوله والمؤمنون منهما,فإذا بلغكم كتابي هذا فأقْبِلُوا,فانا سائرون إلى عدونا وعدوِّكم,ونحن على الأمر الأول الذي كنا عليه,والسلام.

ومن كتاب له عَليه السَّلام  إلى محمد بن أبي بكر

أما بعد فقد جائني كتابك تذكر فيه أن ابن العاص قد نزل بأداني أرض مصر في لِجبٍ[20] من جيشه,وإن من كان بها على مثل رأيه قد خرج إليه وخروج من يرى رأيه إليه خير لك من إقامتهم[21]عندك,فحصِّنْ قريتَك,واضمم اليك شيعتك,واندب إلى القوم كنانة بن بشر المعروف بالنصيحة والنجدة والبأس,فاني نادب اليك الناس على الصعب والذلول[22] ,فأصبر لعدوّك,وامش على بصيرتك,وقاتلهم على نيتك,وإن كانت فئتك أقلَّ الفئتين فان الله قد يعز القليل ويخذل الكثير,وقد قرأت كتاب الفاجِرَيْن المتحاّبَيْن في عمل المعصية,فلا يَهْلكَ إرعادهُما وإبراقهما,وأجبهما إن كنت لم تجبهما بما هما أهله,فانك تجد مقالاً ما شئت[23] والسلام.

ومن وصِيةٍ له عَليه السَّلام لمعقل بن قيس

اتق الله يا معقل ما استطعت,فانها وصية الله للمؤمنين,ولا تبغّ على أهل القبلة,ولا تظلم أهل الذمة,ولا تَكَبَّرْ,فان الله لا يحب المتكبرين.

ومن كتاب له عَليه السَّلام إلى زياد بن حفصة

أما بعد,فقد بلغني كتابك,وفهمت ما ذكرت من أمر الناجي وإخوانه,فلله سعيكم,وعلى الله جزاؤكم,فأبشروا بثواب من الله خيرٍ من الدنيا التي يقتل الجهال أنفسهم عليها,وحسب عدوكم خروجهم من الهدى إلى الضلال,وردُّهم الحقَّ،ولجَاجُهم في الفتنة،فذرهم وما يفترون،ودعهم في طغيانهم يعمهون،فكأنك بهم– عن قليل – بين أسير وقتيل،فأقْبِلوا إلينا مأجورين،فقد أطعتم وسمعتم،وأحسنتم البلاء،والسلام.

وَمِنْ كتاب لهُ عَليه السَّلام  إلى ابن عباس وهو في البصرة

من عبد الله أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس،سلام عليك،فاني أحمد الله اليك،أما بعد،فان مصر قد فتحت ومحمد بن أبي بكر قد استشهد،فعند الله نحتسبه وندخره،وقد كنت قمت بالناس وأمرتهم بغياثه،ودعوتهم سراً وجهراً وعوداً وبدءاً،فمنهم من أتى كارهاً،ومنهم من اعتلّ كاذباً،فأسأل الله أن يريحني منهم عاجلاً،ولو لا طمعي عند لقاء عدوي في الشهادة لا حببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوماً واحداً،عزم الله لنا ولك على الرشد والتقوى،انه على كل شيء قدير.

[ أقول:روي هذا الكتاب في النهج برواية أخرى تختلف مع هذه الرواية وإن أصح الروايتين عندنا هي رواية النهج ولكنا حرصنا على جمع كل ما ينسب إلى مولانا أمير المؤمنين ذكرنا هذه الرواية ].

وَمِنْ كَتاب لهُ عَليه السَّلام  إلى معقل بن قيس

أَما بعد فالحمد لله على تأييد أوليائه وخذلان أَعدائه،جزاك الله والمسلمين خيراً،فقد أَحسنتم البلاء،وقضيتم ما عليكم،وسل عن أَخي بني ناجية،فان بلغك أَنه استقر في بلد من البلدان،فسر إليه حتى تقتله أَو تنفيه،فانه لا يزال للمسلمين عدواً وللقاسطين ولياً ما بقي،والسلام.

وَمِنْ وصية لهُ عَليه السَّلام إلى الحسن "ع"

أُوصيك أَي بني بتقوى الله،وإِقَامِ الصلاة لوقتها،وإيتاء الزكاة عند محلها،وحسن الوضوء،فانه لا صلاة إِلا بطهور،ولا تقبل صلاة من مانع الزكاة،وأُوصيك بغفر الذنب،وكظم الغيظ،وصلة الرحم،والحلم عند الجهل،والتفقه في الدين،والتثبت في الأمر،والتعهد للقرآن،وحسن الجوار،والامر بالمعروف والنهي عن المنكر،واجتناب الفواحش.

وَمِنْ كَتاب لهُ عَليه السَّلام  إلى حذيفة بن اليمان "رضي الله عنه"

سلام عليك،أَما بعد،فأني قد وليتك ما كنت عليه،فاْجَمعْ اليك ثقاتَك ومن أَحببت ممن ترضى دينه وأَمانته،واستعن بهم على أَعمالك،وإني آمرك بتقوى الله وطاعته،في السر والعلانية،وأَحذّرك عقابه في المغيب والمشهد،وأَتقدم اليك بالاحسان إلى المحسن،والشدة على المعاند،وآمرك بالرفق في أُمورك،والعدل في رعيتك،وإِنصاف المظلوم،وحسن السيرة ما استطعت،واخفض لرعيتك جناحَك،وواس بينهم في مجلسك،وليكن القريب والبعيد عندك في الحق سواء،ولا تخَفْ في الله لومة لائم،فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

وَمِنْ كَتاب لهُ عَليه السَّلام  أَرسله إلى حذيفة ليقرأه على الناس

أَما بعد،فان الله اختار الإسلام ديناً لنفسه وملائكته ورسله،إحكاماً لصنعه،ونظراً منه لعباده،وخص به من أَحبه من خلقه،فبعث إليهم محمداً "ص"  ،فعلمهم الكتاب والحكمة إِكراماً لهذه الامة،أَدبهم لكي يهتدوا وجمعهم لئلا يتفرقوا،وفقههم لئلا يجوروا،فلما قضى ما كان عليه مضى إلى رحمة ربه محموداً حميداً،ثم إن بعض المسلمين أَقاموا بعده رجلين رضُوا بهما،وحمدوا سيرتهما،ثم وَلَّوْا بعدهما الثالث فاحدث أَحداثاً وجدت بها عليه الأمة.أَلا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة نبيه،والنصح بالمغيب والمشهد،وقد وَلَّيْتُ أموركم حذيفةَ بنَ اليمان،وهو ممن أَرتضي هداه،وارجوا صلاحه،وقد أَمرته بالإحسان إلى محسنكم،والشدة على مريبكم.

وَمِنْ كَتاب لهُ عَليه السَّلام إلى بعض النساء[24]

أَما بعد،فانك خرجت من بيتك تطلبين أَمراً كان عنك موضوعاً،ثم تزعمين أَنك تريدين الاصلاح بين الناس،فخبريني،ما للنساء وقود العساكر؟ولعمري إِن الذي عرّضك للبلاء وحملك على المعصية،لأعظمُ ذنباً،وما غضبتُ حتى أَغضبتِ،ولا هِجْتُ حتى هيَّجْتِ،فاتقي الله وارجعي إلى منزلك،وأَسلبي عليك سترك،والسلام.

وَمِنْ وصيةٍ لهُ عَليه السَّلام لإبنه الحسن "ع"

يا بني،لا فقر أَشد من الجهل،ولا عُدْمَ أعدم من عدم العقل،ولا وحشة أَوحش من العُجْبِ،ولا حسب كحسن الخلق،ولا ورع كالكف عن محارم الله،ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله.

يا بني،العقل خليل المرء،والحلم وزيره،والصبر من خير جنوده.

يا بني،إن من البلاء الفاقة،وأَشد من ذلك مرض البدن،وأَشد من ذلك مرض القلب،وإن من النعم سعة المال،وأَفضل من ذلك صحة البدن،وأَفضل من ذلك تقوى القلوب.

يا بني،للمؤمن ثلاث ساعات:ساعة يناجي فيها ربه،وساعة يحاسب فيها نفسه،وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها،فيما يحل ويجمل،وليس للمؤمن بدمن أَن يكون شاخصاً في ثلاث:مرمة لمعاش،أَو خطوة لمعاد،أَو لذة في غير محرم.

وَمِنْ كَتاب لهُ عَليه السَّلام

أَمر جماعة من أَصحابه أَن يقرؤوه على شيعته،بين لهم ما يقوله فيما سألوه عنه.

أَما بعد،فان الله بعث محمداً "ص" نذيراً للعالمين،وأَميناً على التنزيل،وشهيداً على هذه الأمة،وأنتم يا معشر العرب على غير دين،في شر دار،تسفكون دماءكم،وتقتلون أولادكم،وتقطعون أرحامكم،وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل،فمنَّ الله عيكم فبعث محمداً إليكم بلسانكم،فعلمكم الكتاب والحكمة والفرائض والسنة،وأمركم بصلة الأرحام وحقن الدماء،وإصلاح ذات البين،وأن تؤدوا الأمانات وتوفوا بالعهد،ونهاكم عن الظلم والبغي وشرب الحرام،وبخس المكيال والميزان.وكلَّ خير يبعدكم عن النار قد حضكم عليه،وكل شر يبعدكم عن الجنة قد نهاكم عنه،فلما استكمل "ص" مدته من الدنيا توفاه الله مشكوراً سعيُه،مرضياً عملُه،مغفوراً ذنبُه،شريفاً عند الله نُزُلُه،فلما مضى تنازع المسلمون الأمر بعده،فوالله ما كان يُلْقَى في روعي،ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر عني،فما راعني الا إقبال الناس على أبي بكر واجفالهم اليه،فأمسكت يدي،ورأيت أني أحق بمقام محمد في الناس،فلبثت بذلك ما شاء الله،حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام،يدعون إلى محو دين محمد وملة إِبراهيم،فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهلَهُ أن أرى في الإسلام ثلماً وهدماً،تكون المصيبة به أعظم من فوت ولاية أمركم التي هي متاع أيام قلائل،ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب،فبايعت أبا بكر عند ذلك ونهضت معه في تلك الأحداث حتى زهق الباطل وكانت كلمة الله هي العليا وإِن رَغِمَ الكافرون[25]فصحِبْتُه مناصحاً،وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً،فلما احتُضِرَ بعَثَ إلى عمر فولاه،فسمعنا وأطعنا وبايعنا وناصحنا،فلما احتُضرَ قلت في نفسي ليس يصرف هذا الأمر عني،فجعلها شورى وجعلني سادس ستة،فما كانوا لولاية أحد منهم بأكرهَ منهم لولايتي،لانهم كانوا يسمعونني وأنا أحاج أبا بكر وأقول:يا معشر قريش أنا أحق بهذا الأمر منكم ما كان منا من يقرأ القرآن ويعرف السنة،فخشوا إن وليت عليهم أن لا يكون لهم في هذا الأمر نصيب،فصرفوا الأمر عني لعثمان،وأخرجوني منها رجاء أن يتداولوها،حين يئسوا أن ينالوها،ثم قالوا:هلم فبايع عثمان وإلا جاهدناك،فبايعت مستكرهاً وصبرت محتسباً،وقال قائلهم:إنك على الأمر لحريص،فقلت لهم:أنتم أحرص،أما أنا فقد طلبت ميراث ابن أبي وحقه،وأنتم دخلتم بيني وبينه،تصرفون وجهي دونه،أللهم إني أستعين بك على قريش،فانهم قطعوا رحمي وصغّروا عظيم منزلتي وفضلي,وأجمعوا على منازعتي حقأً كنت أولى به منهم,ثم قالوا:اصبر كمداً,وعش متأسفاً,فنظرت فإذا ليس معي إِلا أهل بيتي,فاغضيت عيني على القذى,وتجرعت ريقي على الشجى,وصبرت من كظم الغيض على أمرَّ من العلقم طعماً,وآلمَ للقلب من حرِّ الحديد,حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتوه,ثم جئتموني تبايعونني فأبْيتُ عليكم وأبيتم علي,ثم ازدحمتم علي حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض,أو أنكم قاتليَّ,وقلتم:لا نجد غيرك,ولا نرضى إلا بك,فبايعنا لا نفترق ولا نختلف,فبايعتكم ودعوتم الناس إلى بيعتي فمن بايع طائعاً قبلت منه,ومن أبى تركته,فأول من بايعني طلحة والزبير ولو أبيا ما أكرهتهما,كما لم أُكره غيرهما,فما لبثا إلا يسيراً حتى قيل لي قد خرجا متوجهين إلى البصرة في جيش,ما منهم رجل إلا وقد أعطاني الطاعة,وسمح لي بالبيعة,فقاموا على عمالي وخزان بيوت أموالي,وعلى أَهل مصرً كلهم في طاعتي,فشتتوا كلمتهم,وأفسدوا عليَّ جماعتهم,ثم وثبوا على شيعتي فقتلوا طائفة منهم غدراً,وطائفة صبراً,وقد أدال الله منهم,فبعداً للقوم الظالمين.

ثم نظرت بعد ذلك في أهل الشام فإذا هم أعراب[26] واحزاب أهل طمع جفاة طغام تجمعوا من كل أوب,ممن ينبغي أن يؤدَّب,ويولَّى عليه,ويؤخذ على يديه,ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار,ولا من التابعين لهم باحسان,فسرت إليهم,ودعوتهم إلى الجماعة والطاعة,فأبوا إلا شقاقا ونفاقا,ونهضوا في وجوه المهاجرين والانصار والتابعين,ينضحونهم بالنبل,ويشجرونهم بالرماح,فهنالك نهضت إليهم فقاتلتهم,فلما عضَّهم السلاح,ووجدوا الم الجراح,رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها,فنبأتكم أنهم ليسوا باصحاب دين ولا قرآن,وإِنما رفعوها خديعة ومكيدة,فامضوا على قتالهم,فأتهمتموني,وقلتم:اْقبَلْ منهم,فانهم إن أجابوا إلى ما في الكتاب جامعونا,على ما نحن فيه من الحق,وإن أبَوْا كان أعظم لحجتنا عليهم,فقبلتُ منهم,وخفَّفْتُ عنهم,وكان صلحي بينهم على رجلين حَكَمَيْن,يحييان ما أحيا القرآن ويميتان ما امات القرآن,فاختلف رأيهُمَا,وتفرَّق حكمهما,ونبذا حكم القرآن,وخالفا ما في الكتاب,واتبعا هواهما بغير هدى من الله,فجنبهما الله السداد,واهوى بهما في غمرة الضلال,وكانا أهل ذلك فانخزلت عنا فرقة,فتركناهم ما تركونا,حتى إذا عاثوا في الأرض مفسدين,وقتلوا المؤمنين,أتيناهم فقلنا لهم:ادفعوا لنا قَتَلَةَ إخواننا,فقالوا:كلَنا قتلهم,وكلنا استحللنا دماءهم ودماءكم,وشدَّتْ علينا خيلهم ورجالهم,فصرعهم الله مصارع الظالمين.

ثم أمرتكم أن تمضوا من فوركم إلى عدوكم فانه افزع لقلوبهم,وأنهك لمكرهم,وأهتك لكيدهم,فقلتم:كلَّت أذرعُنا وسيوفنا,ونفدت نبالنا,ونصَلَتْ أسنة رماحنا,فأْذن لنا فلنرجع حتى نستعد بأحسن عدتنا,وإِذا رجعنا زدتَ في مُقَاتلتنا عِدَّةَ من هَلَكَ منا ومن قد فارقنا,فان ذلك قوة منا على عدونا,فأقبلتم حتى إذا أظللتم على الكوفة أمرتكم أن تلزموا معسكركم,وتضموا قواصِيَكُم وتتواطنوا على الجهاد,ولا تكثروا زيارة أولادكم ونسائكم,فان ذلك يُرِّقُ قلوبكم وَ يَلْويَكُم,فنزلت طائفةٌ منكم معي منذرة,ودخلت طائفة منكم مصر عاصية,فلا من نزل معي صبر فثبت,ولا من دخل المصر عاد إلي .

ولقد نظرت إلى عسكري وما فيه معي منكم إلا خمسون رجلا,لله آباؤكم!ما تنتظرون؟ أما ترون إلى اطرافكم قد انتقصت,والى مصركم قد افتتح,فما بالكم تأفكون؟الا إِن القوم قد اجتمعوا وجدوا وتناصحوا وانكم تفرقتم واختلفتم وتغاششتم,فأنتم – إِن اجتمعتم – تسعدون,فأيقظوا رحمكم الله نائمكم,وتحرّفوا لحرب عدوكم,إنما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء:من أسلم كرهاً,وكان لرسول الله حربا,أعداء السنة والقرآن,وأهل الاحزاب,ومن كانت بوائقه تتقى,وكان عن الدين منحرفاً,وأكلة الرُّشا,وعبيد الدنيا والبدع والاحداث,لقد نمي إلي ان ابن الباغية لم يبايع معاوية حتى شرط عليه أن يأتيه اتاوة هي أعظم مما في يديه من سلطانه,فصفِرَتْ يدُ هذا البائع دينَه بالدنيا,وترِبَتْ يدُ هذا المشتري نُصرة غادر فاسق بأموال الناس[27]وإَن منهم لمن شرب فيكم الخمر,أو جُلِد حداً في الإسلام,فهؤلاء قادة القوم,ومَنْ تركت ذكر مساويه منهم شرٌّ وأضَرُّ,وهؤلاء الذين لَوْ وُلو عليكم لأظهروا فيكم الغضب والفخر والتسلط بالجبروت والفساد في الأرض,ولَتبِعوا الهوى وما حكموا بالرشاد,وأنتم على ما فيكم من تخاذل وتواكل خير منهم وأهدى سبيلا,فيكم الحكماء والعلماء والفقهاء وحملة القرآن والمتهجدون بالأسحار والعبَّاد والزهاد في الدنيا وعمّار المساجد وأهلُ تلاوة القرآن.أفلا تسخطون وتنقمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم والأرذال والأشرار منكم,اسمعوا قولي إذا قلت,وأَطيعوا أَمري إذا أَمرت,واعرفوا نصيحتي إذا نصحت,واعتقدوا حزمي إذا حزمت,والتزموا عزيمتي إذا عزمت,وانهضوا لنهوضي,وقارعوا من قارعت,فان عصيتموني لا ترشدوا.

خذوا للحرب أَهبتها,واعدوا التهيؤ لها,فانها قد وقدت نارها,وعلا سناها,وتجرد لكم الظالمون كيما يطفئوا نور الله ويقهروا عباد الله,ألا إِنه ليس اولياء الشيطان –من أَهل الطمع والجفاء – بأولى من الجد في غيهم وضلالهم وباطلهم من أهل النزاهة والحق والاخبات بالجد في حقهم وطاعة ربهم ومناصحة امامهم,إِني والله لو لقيتهم وحيداً منفرداً وهم في أهل الأرض إِن باليت بهم أو استوحشت منهم,اني – في ضلالهم الذي هم فيه والهدى الذي انا عليه – لعلى بصيرة ويقين وبينة من ربي,وإني للقاء ربي لمشتاق,ولحسن ثوابه لمنتظر راج,ولكنَّ أَسفاً يعتريني وجزعاً يريبني,ما ان يلي هذه الأمة سفهاؤها وفجارها,فيتخذون مال الله دولا,وعباد الله خَوَلا,والصالحين حربا,والقاسطين حزبا,وايم الله لولا ذلك ما أَكثرت تأليبكم وتحريضكم,ولتركتكم,فو الله اني لعلى الحق,وإني للشهادة لمحب,أنا نافرٌ بكم إن شاء الله فانفروا خفافا,وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله,إن الله مع الصابرين.

ومِن كِتابٍ له عَليه السَّلام إلى فرقة من الخوارج

أما بعد,فان هذين الرجليْنِ الخاطئيْن اللذيْن ارتضيتموهما حَكمين قد خالفا كتاب الله,واتبعا هواهما بغير هدى من الله,فلم يعملا بالسنة,ولم ينفذا للقرآن حكما,فبريء الله منهما ورسوله,وصالح المؤمنين,فإذا بلغكم كتابنا هذا فأقْبِلوا إلينا,إِنا سائرون إلى عدونا وعدوكم,ونحن على الأمر الذي كنا عليه,والسلام.

ومن كتاب له عَليه السَّلام إلى أبي موسى الاشعري

أما بعد,فانك امرؤ ضلَّك الهوى,واستدرجك الغرور,فاستقل الله يقْلك عثرتك,فان من استقال الله أقاله,وإن أحبَّ عباده إليه المتقون.

ومن كتاب له عَليه السَّلام إلى معاوية

أما بعد,فقد جاءني كتابك تذكر انك لو علمت وعلمنا ان الحرب تبلغ ما بَلَغَتْ لم يجنها بعضُنا على بعض,وإِنا وإياك في غاية لم نبلغها بعد.

وأَمَّا طلبك إِليَّ الشام فاني لم أكن أعطيك اليوم ما منعتك امس,واما استواؤنا في الخوف والرجاء فانك لست امضى على الشك مني على اليقين,وليس أهل الشام بأحرصَ من أهل العراق على الآخرة,وأما قولك إنا بنو عبد المطلب فكذلك,ولكن ليس اميَّةُ كهاشم,ولا حربٌ كعبد المطلب,ولا أبو سفيان كأبي طالب,ولا المهاجر كالطليق,ولا المحق كالمبطل,وفي أيدينا فضل النبوة التي قَتَلْنا بها العزيز,وبِعْنا بها الحر.

ومن كتاب له عَليه السَّلام إليه أيضاً

 أما بعد,فقد جاءني منك كتاب امريء ليس له بصر يَهْذيه,ولا قائد يرشده,دعاه الهوى فاجابه,وقاده فاستقاده,وزعمت أنه إنما افسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان,ولعمري ما كنتُ إلا رجلا من المهاجرين,أوردت كما اوردوا,وأصدرت كم أصدروا,وما كان الله ليجمعهم على ضلال,ولا ليضربهم بالعمى,وما أمَرْتُ فتلزمني خطيئةُ عثمان,ولا قتلت فيلزمني قصاص القاتل.

و أما قولك إن أهل الشام هم الحكماء على الناس,فهات رجلا من قريش الشام يقول في الشورى أو تَحِلُّ له الخلافة,فان سمَّيْت كذبك المهاجرون والانصار,والا أتيتك من قريش الحجاز.

وأما قولك ندفع إليك قتلة عثمان,فما أنت وعثمان!إنما أنت رجل من بني أمية,وبنو عثمان أولى بعثمان منك,فان زعمت انك أقوى على ذلك فادخل في الطاعة,ثم حاكم القوم إليَّ.و أما تمييزُك بين الشام والبصرة,وذِكْركَ طلحة والزبير,فلعمري ما الأمر هناك إلا واحد,إنها بيعة عامة,لا يستثنى فيها الخيار ولا يستأنف فيها النظر,و أما فضلي في الإسلام وقرابتي من رسول الله وشرفي في قريش فلعمري لو استطعتَ دفعه لدفعتَه.

ومن كتاب له عَليه السَّلام  أرسله مع جرير بن عبد الله البَجَلي إلى معاوية

أما بعد, فان بيعتي في المدينة لَزِمـْك وأنت بالشام,ولم يكن للشاهد أن يختار,ولا للغائب أن يرد,و إنما الشورى للمهاجرين و الأنصار فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما كان ذلك لله رضا,فإن خرج منهم خارج ردوه إلى ما خرج منه,فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين,و أولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً.

وان طلحة والزبير بايعاني بالمدينة ثم نقضا بيعتهما,فكان نقضهما كردتهما,فجا هدتهما بعدما أَعذَرْتُ إليهما,حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون,فادخُل فيما دخل فيه المسلمون,فان أحبَّ أمورك إلى العافية إلا أن تتعرض للبلاء,وقد أكثرت الكلام في قتلى عثمان,فادخل في الطاعة,ثم حاكم القوم إليَّ أحملك و إياهم على كتاب الله,فأما التي تريدها فهي خِدْعَةُ الصبي عن اللبن,ولعمري لئن نظرتَ بعقلك دون هواك لتجدَنيِّ ابرأ الناس من دم عثمان,واعلم يا معاوية انك من الطلقاء الذين لا تحِلُّ لهم الخلافة ولا تعقد معهم الإمامة,ولا تعرض فيهم الشورى,وقد بعثت إليك  والى من قبلك جرير بن عبد الله,وهو من أهل الإيمان والهجرة والسابقة,فبايع,ولا قوة إلا بالله.

ومن كتاب له عَليه السَّلام  إلى الاشعث بن قيس

وكان يومئذ باذربيجان عاملا لعثمان وقد روى السيد شيئاً منه في النهج:

أما بعد,فلولا هَنات كنَّ فيك كنت المقدم في هذا الأمر قبل الناس,ولعل أمراً يحمل بعضه بعضا ان اتقيت الله,وقد كان من بيعة الناس إِياي ما قد بلغك,وكان طلحة والزبير أول من بايعني ثم نقضا بيعتي على غير حدث,وأخرجا أم المؤمنين إلى البصرة,فسرتُ اليهما من المهاجرين والانصار,فدعوتهما إلى أن يرجعا إلى ما خرجا منه فأبيا,فبالغت في الدعاء,وأحسنت في اللقاء,وان عملك ليس لك بطُعْمة,ولكنه أمانة في عنقك,والمال مال الله,وأنت من خزّاني عليه,حتى تسلمه إليَّ – إن شاء الله – وعليَّ أن لا أكون شرَّ وُلاتِك.

ومن كتاب له عَليه السَّلام إلى جرير بن عبد الله البجلي وكان على ثغر همدان عاملا لعثمان مع زفر بن قيس

أما بعد,فان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم,وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وماله من دونه من ولي,ثم اني اخبرك عنا وعمن سرنا إِليهم من جمع طلحة والزبير عند نكثهما بيعتهما,وما صنعا بعاملي عثمان بن حنيف,إِني هبطت من المدينة بالمهاجرين والانصار,حتى إذا كنتُ ببعض الطريق بعثت إلى الكوفة الحسن ابني وعبد الله ابن عمي العباس وعمار بن ياسر وقيس بن سعد ابن عبادة،فاستنفرتهم فاجابوا،وسرت بهم حتى نزلت بظهر البصرة فأعذرتُ في الدعاء،واقلت في العثرة،وناشدتهم عقد بيعتهم فأبوا الا قتالي،فاستعنت الله عليهم،فقُتلِ من قتل،وولوا مدبرين،فسألوني ما كنت دعوتهم إليه قبل اللقاء،فقبلت العافية،ورفعت عنهم السيف،واستعملت عليهم عبد الله بن عباس،وبعثت اليك زفر بن قيس،فاسأله عنا وعنهم.


[1] الايْد:القوة.

[2] ضبَا:اشتد في الأثر.

[3] المشقص:النصل العريض والسهم السديد.

[4] القليب:البئر.والذنوب:دلو من الدلاء.

[5] يشفي بضم الياء:يشرف ويقبلْ.

[6] أي جلسة خفيفة.

[7] أي القليل إلى القليل كثرة ونصر.

[8] قوم صالحون كانوا بالبصرة وكان بيدهم بيت المال.

[9] أي اعملوا خيرا مما يعملون وان كنتم في الخلقة أشباههم.

[10] في هنا بمعنى مع.

[11] الحروف:الخصال.

[12] صدف:بُعْد.

[13] العمل بمحابه أي الأمور التي يحبها.

[14] يطبيها بتشديد الطاء:أي يصاحبها حتى تقتله.

[15] البلغة:الكفاف.

[16] أي زكاة فطركم.

[17] أي تفقهوا معاني القرآن ومراميه.

[18] شق العصا كناية عن التفريق وإذا كان من معاني العصا الجماعة لم يكن في الكلام كناية بل حقيقة.

(3) لقد عمل عمر بن عبد العزيز في مدته بأمر الإمام فامر بالقصد في طوامير الأوراق ودقة الأقلام لئلا يضيع مال المسلمين فيها سدى وهو أمر تجهله الدول القائمة الآن فيشتد إسرافها.ولا يعتذر لكثرة الورق ورخصة اليوم.(سيد الأهل).

[19] هذا الكلام إِخبار عن كتاب وليس نصّ كتاب فليعرف.

[20] الجيش اللجب:الضخم.

[21] وهذا رأي الإمام السديد لأنهم إِن بقوا ظلوا مخذلين أو عيونا.

[22] أي على أنواع مختلفة من الابل.

[23] أي أنك تجد فيهما من الصفات السيئة ما يساعدك على كثرة القول فيهما.

[24] إلى عائشة.

[25] في هذا يبين الامام A أن سبب رضاه ببيعة أبي بكر يرجع إلى ارتداد العرب واضطرار أبي بكر لحربهم وهو أشرف ما يعمله إنسان.

[26] أعراب :أي جفاة.

[27] هذا دعاء عليه من الإمام بخلوّ اليد ولصوقها بالتراب.